
وليد أبو سليمان: مشروع قانون اصلاح المصارف هو بداية مسار ونجاحه يعتمد على التزام فعلي بالشفافية والمحاسبة والعدالة
اشار الخبير الاقتصادي وليد ابو سليمان الى ان مشروع قانون "إصلاح وضع المصارف وإعادة تنظيمها" يأتي في لحظة مفصلية من عمر الأزمة اللبنانية الممتدة منذ أواخر 2019. أربعة أعوام من الجمود والضبابية، انهارت خلالها الثقة، تبخّرت أكثر من 90 مليار دولار من أموال المودعين، وانكمش القطاع المصرفي إلى أقل من نصف حجمه من دون أي مسار قانوني أو دستوري واضح يُحدّد من خسر، من ربح، ومن يجب أن يُحاسب.
واعتبر ابو سليمان في تصريح لـ "النشرة"، بان "المشروع المعروض اليوم على النقاش التشريعي، لا شك في كونه إطاراً ضرورياً لوضع حد لحالة الانكار والمماطلة. لكنه، رغم أهميته، لا يمكن أن يُمرر دون تصويب ثلاث نقاط جوهرية: إنصاف المودعين، تحديد المسؤوليات، ومنع إعادة إنتاج النموذج الفاشل ذاته. الخسائر والتوزيع العادل: من يدفع الفاتورة؟".
واردف "تشير أرقام مصرف لبنان إلى أن الفجوة بين الموجودات والالتزامات في القطاع المالي تتجاوز 72 مليار دولار. حتى اللحظة، لم يُعتمد أي إطار رسمي لتوزيع هذه الخسائر. ما تم فعليًا هو تحميل الجزء الأكبر منها للمودعين من خلال القيود غير القانونية (capital controls de facto) و"الهيركات المقنّعة" على سحوباتهم بالليرة أو الدولار المصرفي. وفي دولةٍ تحترم العدالة الاقتصادية، يبدأ الإصلاح من حيث انتهت الأزمة: تحديد من استفاد، من هرّب، من أدار، ومن أخفى. لا يمكن اختزال المعالجة بقانون تقني يُعيد ترقيم التوازنات. بل ينبغي أن يكون مدخلاً حقيقيًا لمحاسبة شفافة، تبدأ بمصرف لبنان وتنتهي بالمصارف التجارية، مرورًا بالسلطة التنفيذية التي غطّت السياسات النقدية لعقود".
وسال "المودعون: الحلقة الأضعف أم العمود الفقري؟ وهناك ما يُقارب 850 ألف مودع في المصارف اللبنانية، أكثر من 80% منهم يمتلكون أقل من 50 ألف دولار في حساباتهم. ومع ذلك، فقد تعرض الجميع ،من صغار المودعين إلى الطبقة المتوسطة للغبن نفسه: لا إمكانية للسحب الحر، لا تعويض، ولا حتى جدول زمني واضح للاسترداد. من هنا، لا يمكن أن يكون أي مشروع "إصلاح" دون ضمانات صريحة تحفظ هذه الحقوق. وفي هذا السياق، أقترح ما يلي:
1. ضمان استرداد الودائع الأقل من 100 ألف دولار كاملة خلال فترة لا تتعدى 3 سنوات، عبر صندوق مدعوم بأصول المصارف ومصرف لبنان، يُموّل تدريجياً من الأرباح المستقبلية للمصارف القابلة للاستمرار.
2. إصدار سندات حقوق للمودعين الكبار (فوق 100 ألف دولار)، تُربط بأداء المصارف بعد إعادة الهيكلة، أو تُستبدل بحصص ملكية، وفق نماذج مطبقة في أيسلندا وقبرص.
3. تجميد مؤقت للأصول العقارية والمصرفية للمساهمين الكبار والإدارات السابقة حتى إجراء جردة شفافة لأصولهم، وتحقيق قضائي في التحويلات المشبوهة بعد تشرين 2019.
ولفت الى ان عدد المصارف التجارية الفاعلة في لبنان بلغ 63 مصرفًا قبل الأزمة. لا يمكن منطقياً إبقاء هذا العدد مع تراجع الناتج المحلي إلى نحو 20 مليار دولار، وانخفاض حجم التسليفات بأكثر من 75%. الحل يكون في تقليص العدد إلى 15–20 مصرفاً قابلاً للاستمرار، بناءً على معايير رأس المال، الإدارة الرشيدة، والشفافية. ولذلك أدعو إلى أن تتضمن الخطة:
• دمج المصارف الضعيفة أو تصفيتها بطريقة عادلة تُحفظ فيها حقوق المودعين أولاً، قبل المساهمين.
• إعادة رسملة القطاع المصرفي عبر استثمارات أجنبية مشروطة بإصلاحات هيكلية، وليس عبر ضخ المال العام.
• فصل الدور الرقابي عن التنفيذي في مصرف لبنان، وإنشاء لجنة مصرفية مستقلة على غرار العديد من الدول الناشئة.
وراى بان مشروع القانون هو بداية مسار لا نهاية بحد ذاته. نجاحه يعتمد على التزام فعلي بالشفافية والمحاسبة والعدالة، لا بمجرد إعادة الترتيب الداخلي لأوراق النظام المنهار. واستطرد "اللبنانيون تعبوا من التسويات. يريدون عدالة. يريدون أجوبة. ويريدون دولة لا تتواطأ مع القوي على حساب الأضعف. إذا أقرّ القانون بروح إصلاحية حقيقية، فهو سيكون حجر الأساس لنهوض جديد. أما إذا أقرّ كغطاء سياسي لتمرير الخسائر من فوق رؤوس المودعين، فهو مجرّد نسخة جديدة من الأزمة ذاتها، ولكن بعنوان مختلف".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

القناة الثالثة والعشرون
منذ ساعة واحدة
- القناة الثالثة والعشرون
جوزاف عون "بين النهرين".. والسلاح على "خطيّن"!
يَزور رئيس الجمهورية جوزيف عون، الأحد، العراق على رأس وفد وزاري، حيث يلتقي الرئيس عبد اللطيف رشيد ورئيس الوزراء محمد شياع السوداني. وسيشكر العراق على دعمه للبنان، خصوصًا عبر الفيول المُقدّم لتشغيل معامل الكهرباء، والمساعدات المالية الأخيرة، ومنها 20 مليون دولار أعلنها السوداني خلال القمة العربية. عون سيبحث أيضًا ملفات تسديد كلفة استيراد الفيول بموجب اتفاق 2021، وإعادة إعمار ما دمرته الحرب الإسرائيلية، إضافة إلى اقتراح إنشاء "صندوق عربي لإعادة الإعمار"، وسبل توسيع التعاون الاقتصادي. ويُعقد مؤتمر صحفي مشترك في ختام الزيارة. نزع سلاح المخيمات... قرار لا رجوع عنه في سياق آخر، ورغم اعتراضات الفصائل الفلسطينية على آلية تسليم السلاح، أكدت مصادر مطلعة لـ "الجديد" أن قرار نزع السلاح داخل المخيمات قد اتُّخذ ولن يُتراجع عنه، باعتباره قرارًا سياديًا. العملية ستبدأ من مخيمات بيروت وتصل لاحقًا إلى الجنوب، وتسير على مسارين: أمني بقيادة الجيش عبر محادثات تقنية مع الفصائل، وإنساني بإشراف لجنة الحوار اللبناني-الفلسطيني برئاسة السفير رامز دمشقية. ومن المقرر عقد اجتماع للجنة الأسبوع المقبل لمتابعة تنفيذ الجدول الزمني وضمان حقوق الفلسطينيين داخل الدولة. انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News


تيار اورغ
منذ ساعة واحدة
- تيار اورغ
جوزاف عون "بين النهرين".. والسلاح على "خطيّن"!
يَزور رئيس الجمهورية جوزيف عون، الأحد، العراق على رأس وفد وزاري، حيث يلتقي الرئيس عبد اللطيف رشيد ورئيس الوزراء محمد شياع السوداني. وسيشكر العراق على دعمه للبنان، خصوصًا عبر الفيول المُقدّم لتشغيل معامل الكهرباء، والمساعدات المالية الأخيرة، ومنها 20 مليون دولار أعلنها السوداني خلال القمة العربية. عون سيبحث أيضًا ملفات تسديد كلفة استيراد الفيول بموجب اتفاق 2021، وإعادة إعمار ما دمرته الحرب الإسرائيلية، إضافة إلى اقتراح إنشاء "صندوق عربي لإعادة الإعمار"، وسبل توسيع التعاون الاقتصادي. ويُعقد مؤتمر صحفي مشترك في ختام الزيارة. نزع سلاح المخيمات... قرار لا رجوع عنه في سياق آخر، ورغم اعتراضات الفصائل الفلسطينية على آلية تسليم السلاح، أكدت مصادر مطلعة لـ "الجديد" أن قرار نزع السلاح داخل المخيمات قد اتُّخذ ولن يُتراجع عنه، باعتباره قرارًا سياديًا. العملية ستبدأ من مخيمات بيروت وتصل لاحقًا إلى الجنوب، وتسير على مسارين: أمني بقيادة الجيش عبر محادثات تقنية مع الفصائل، وإنساني بإشراف لجنة الحوار اللبناني-الفلسطيني برئاسة السفير رامز دمشقية. ومن المقرر عقد اجتماع للجنة الأسبوع المقبل لمتابعة تنفيذ الجدول الزمني وضمان حقوق الفلسطينيين داخل الدولة.

المدن
منذ ساعة واحدة
- المدن
وزير الزراعة لـ"المدن": ملف "القنّب" في مراحله الأخيرة
أكد وزير الزراعة الدكتور نزار هاني في حديث إلى "المدن" أن تشكيل الهيئة الوطنية لتنظيم زراعة القنب الهندي بات في مراحله الأخيرة، وأنه مدرج على جدول التعيينات الحكومية بانتظار استكمال اللجنة المختصة وضع المواصفات اللازمة. وفيما يتعلق بالعائدات الاقتصادية المتوقعة من المشروع، أوضح هاني أن تقديرات الإيرادات تراوح بين مليار وثلاثة مليارات دولار سنويًا وفق دراسات مختلفة، لافتًا إلى أن الأولوية قد لا تكون للتصدير بالضرورة، إذ ينتظر عدد من شركات الأدوية بدء الزراعة لاستخدام زيت القنب في تصنيع الأدوية محليًا، إلى جانب تطوير صناعات تعتمد على ألياف القنب ومنتجات الكتلة الحيوية. وأشار إلى وجود توقعات تشير إلى استهلاك محلي واسع لهذه المنتجات. وأضاف الوزير أن الهيئة ستكون مسؤولة عن تعيين مدير عام وفريق عمل إداري يُرفع اقتراحهم إلى مجلس الوزراء، فضلًا عن وضع كافة الأطر التنظيمية اللازمة لعمليات الترخيص والرقابة والتصنيع والمتابعة الميدانية. كما أكد على دور المؤسسات البحثية اللبنانية والدولية التي أجرت دراسات مكثفة حول خصائص نبتة القنب وأفضل الأصناف التي تلائم البيئة اللبنانية. للإطلاع أكثر يكمن الضغط على