
معهد فلسطين لأبحاث الأمن القومي ينظم ملتقى حواري لنخبة من الفاعلين في المشهد الاقتصادي والسياسي الفلسطيني
ناقش الحضور بعمق التحديات الاقتصادية الراهنة، واستعرضوا رؤى استراتيجية لتعزيز الصمود في وجه التحديات التي يفرضها الاحتلال.
وشارك في الندوة الحوارية معالي وزير الاقتصاد الوطني، المهندس محمد العامور، والخبير الاقتصادي البارز الدكتور نصر عبد الكريم، إلى جانب ممثلين عن الغرف التجارية والصناعية، وأكاديميين من مختلف الجامعات الفلسطينية، وممثلين عن جمعيات حماية المستهلك، والمؤسسات البحثية الرائدة مثل معهد ماس، ونخبة من الاقتصاديين الفلسطينيين وجمعية الاقتصاديين الفلسطينيين. وأدارتها الباحثة في معهد فلسطين سهيلة ابو غوش.
من جانيه، رحب مدير عام معهد فلسطين اللواء حابس الشروف بالحضور مؤكداً على اهمية مثل هذا النوع من اللقاءات للبحث في وسائل وسبل النهوض بالاقتصاد الفلسطيني لمواجهة التحديات التي يفرضها الاحتلال الاسرائيلي على الشعب الفلسطيني.
افتتح الوزير المهندس محمد العامور مداخلته بتشخيص للتحديات الهيكلية التي واجهت الحكومات الفلسطينية المتعاقبة، مؤكداً أن الحكومة التاسعة عشرة تواجه ضغوطاً غير مسبوقة تستدعي إعادة تقييم المسارات الاقتصادية الراهنة.
واستعرض الوزير مبادرات الوزارة لتعزيز البيئة الاستثمارية، بما في ذلك تطوير البيئة القانونية والتشريعية، وإطلاق البوابة الإلكترونية للأعمال، وتعديل نظام الشركات غير الربحية، واستكمال قانون المنافسة الذي سيبدأ تنفيذه في أكتوبر 2025. كما سلط الضوء على جهود الوزارة في إعادة هيكلة قانون هيئة الاستثمار وتحديد القطاعات ذات الأولوية التنموية ومراجعة آليات الحوافز للمستثمرين.
وشدد الوزير على أهمية دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، مؤكداً التزام الحكومة بمنح أفضلية للمنتجات الوطنية في العطاءات العامة بنسبة 15%.
من جانبه، قدم الخبير الاقتصادي الدكتور نصر عبد الكريم تحليلاً نقدياً للمشهد الاقتصادي الفلسطيني، مشيراً إلى أن فعالية السياسات الحكومية يجب أن تقاس بالنتائج الواقعية. وأوضح أن الأزمة الاقتصادية الحالية، التي تتجلى في تفشي البطالة وارتفاع نسب الفقر وغلاء المعيشة، هي نتاج لتراكمات في النموذج الاقتصادي الفلسطيني القائم على الاستيراد المفرط والاعتماد على سوق العمل الإسرائيلي، مما يقوض الاستقلالية الاقتصادية. واقترح الدكتور نصر ضرورة تضمين سياسات واضحة ضمن الموازنة العامة لدعم الابتكار والمشاريع الصغيرة والمتوسطة، وإنشاء صندوق وطني لمعالجة بطالة الخريجين، وانتقد تهميش قطاعي الزراعة والصناعة، داعياً إلى تبني سياسات إحلال للواردات من المنتج الوطني لتعزيز الإنتاج المحلي.
وفي مداخلة تحليلية، أشار الدكتور محمد عودة إلى عمل الوزارات الفلسطينية ضمن أطر قطاعية منفصلة، مما يمنع تكامل السياسات ويُفشل خلق دورة اقتصادية وطنية متكاملة، موصياً بضرورة المواءمة بين السياسات القطاعية.
واختتمت الجلسة بمجموعة من التوصيات الاستراتيجية التي تهدف إلى تعزيز الصمود الاقتصادي وترسيخ الكيانية الفلسطينية، مع التركيز بشكل خاص على السياسات الوطنية الفاعلة:
إعادة هيكلة السياسات الاقتصادية نحو الاكتفاء الذاتي: بما يضمن ضرورة تقليص الاعتماد المفرط على الواردات، التي تشكل حالياً حوالي 70% من الاستهلاك الفلسطيني. ودعت إلى تبني سياسات وطنية استراتيجية تركز على إحلال الواردات وتنمية القطاعين الزراعي والصناعي كأولوية قصوى. هذا التحول يهدف إلى تعزيز الأمن الغذائي وتحقيق السيادة الاقتصادية، مما يقلل من التبعية الاقتصادية ويقوي النسيج الاقتصادي الوطني. دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة كقاطرة للتنمية: شددت التوصيات على أهمية تخصيص مخصصات مالية واضحة للمشاريع الصغيرة والمتوسطة ضمن الموازنة العامة للدولة. كما دعت إلى تحفيز هذه المشاريع من خلال سياسات وإعفاءات ضريبية مستدامة، بهدف تمكينها من النمو والتوسع، نظراً لدورها المحوري في خلق فرص العمل وتحريك عجلة الاقتصاد. تنسيق وتكامل السياسات الحكومية: أبرزت الجلسة الحاجة الملحة إلى تحقيق الانسجام والتكامل بين الخطط والسياسات القطاعية لمختلف الوزارات. فبدلاً من العمل في جزر منعزلة، يجب أن تتبنى الحكومة نهجاً تنسيقياً يضمن تحقيق دورة اقتصادية وطنية متكاملة تشمل قطاعات حيوية مثل المياه والطاقة والأراضي، مما يعظم الأثر الإيجابي للجهود الحكومية. إنشاء صندوق وطني لمعالجة بطالة الخريجين: في مواجهة التحدي المتزايد لبطالة الخريجين، أوصت الجلسة بإنشاء صندوق مشترك يجمع بين مساهمات الحكومة والقطاع الخاص. هذا الصندوق، الذي ينطلق من مبدأ المسؤولية الاجتماعية، سيهدف إلى توفير الدعم والفرص اللازمة لدمج الخريجين في سوق العمل، مما يسهم في استثمار الطاقات الشبابية وتقليل الأعباء الاجتماعية.
وأكد المتحاورون أن الاقتصاد الفلسطيني وعلى الرغم من سياسات الاحتلال الا انه يمتلك مقومات الصمود والنمو، وأن تبني نهج 'تنمية بالرغم من الاحتلال' ليس مجرد شعار، بل هو خيار وطني استراتيجي ومُلح لمواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية المتزايدة، وتعزيز الكيانية الفلسطينية في ظل الظروف الراهنة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


معا الاخبارية
منذ 38 دقائق
- معا الاخبارية
آلاف الإسرائيليين يتظاهرون مطالبين بعودة الأسرى ووقف الحرب
تل أبيب- معا- تظاهر آلاف الإسرائيليين، مساء اليوم الست، في ساحة "المختطفين" بتل أبيب، مطالبين بوقف الحرب والتوصل إلى اتفاق يعيد الأسرى في قطاع غزة. وتأتي المظاهرات بالتزامن مع عودة وفد المفاوضات الإسرائيلي من قطر، بعد تلقي رد حركة حماس الأخير بشأن مقترح وقف إطلاق النار. وقالت وسائل إعلام عبرية، إن التجمع جاء وسط أجواء من خيبة الأمل والتوتر، حيث عبّرت عائلات الإسرى عن قلقها العميق من مصير أبنائها المحتجزين في غزة. وشهدت المظاهرة مشاركة الأسير الذي أطلق سراحه في الصفقة الماضية أور ليفي، الذي أمضى 491 يوما في قبضة حماس. وقال بصوت مرتجف: "أنا إنسان حر الآن! ولكن هناك من لا يزال هناك... مقيدون، جوعى، خائفون، وينتظرون". وأكد أن المعاناة في الأسر لا يمكن تصورها: "كنت تحت الأرض، بلا نور، بلا سماء، فقط خوف دائم. هناك من ينتظر الخلاص الآن". في مواقع أخرى من تل أبيب، تظاهر محتجون أمام مقر وزارة الجيش في الكرياه، وشارع كابلان، وميدان "هبيما"، مطالبين بإعادة جميع الأسرى فورا. وانطلقت العائلات في مسيرة باتجاه السفارة الأمريكية، داعين إلى تدخل دولي أكبر. عيناف تسينغاوكر، والدة الأسير متان، أعربت عن غضبها قائلة: "هذا اليوم 659 منذ خطف أحبائنا. سمعنا مجددا عن تعثر المفاوضات. إذا انهارت، سينهار متان أيضًا... لم أعد أعرف ماذا حل به". على الصعيد السياسي، غادر وفد التفاوض الإسرائيلي الدوحة الخميس، واصفا رد حماس على مقترح التهدئة بـ"المخيب للآمال". ورغم مغادرة الوفد، أوضح مسؤولون إسرائيليون أن المفاوضات لم تنهار، لكنها تمر بمرحلة حرجة، تتطلب "قرارات صعبة". المبعوث الأمريكي الخاص للشرق الأوسط، ستيف وايتكوف، أعلن عن سحب الطاقم الأمريكي من الدوحة أيضا "لإجراء مشاورات إضافية". واتهم حماس بعدم الجدية، قائلاً: "الرد الأخير يُظهر غياب النية الحقيقية لوقف إطلاق النار. رغم جهود الوسطاء، حماس لم تتصرف بحسن نية". وفي المقابل، قال مصدر في حماس لوكالة "رويترز" إن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق، لكنه أشار إلى أن "العقبة حالياً من الجانب الإسرائيلي". وأكد أن حماس تصر على بند يمنع إسرائيل من استئناف القتال بعد 60 يوما من التهدئة، حتى لو لم يتم التوصل إلى اتفاق نهائي.


فلسطين أون لاين
منذ 38 دقائق
- فلسطين أون لاين
مقتل 3 جنود إسرائيليين وإصابة آخرين في كمين مركب للقسام بخان يونس
قتل ثلاثة جنود إسرائيليون وأصيب آخرون، مساء اليوم السبت، في كمين مركب نفذته كتائب القسام الذراع العسكري لحركة حماس، في بلدة عبسان الكبيرة شرقي مدينة خان يونس، جنوب قطاع غزة. وأفادت منصات إعلامية للمستوطنين، بأن مقاومين خروجوا من فتحة نفق وألصقوا عبوة ناسفة على ناقلة جند إسرائيلية من طراز "نمر"، وفجروها. وذكرت المنصات الاستيطانية، بأن الانفجار أدى إلى مقتل جنديين وإصابة ثالث بجروح خطيرة. من جانبه، قال موقع "حدشوت بزمان" العبري، إن الانفجار استهدف ناقلة جند أثناء تنفيذ مهمة ميدانية في جنوب القطاع، مرجحًا أن يكون ناجمًا عن عبوة ناسفة زرعت في مسار الآلية. وأشار الموقع إلى أن الانفجار أسفر عن سقوط قتلى وجرحى في صفوف القوة العسكرية، دون الكشف عن أعداد دقيقة، في ظل استمرار التكتم الرسمي وفرض الرقابة العسكرية على تفاصيل الحادث. في المقابل، أعلنت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، مسؤوليتها عن تنفيذ العملية، مؤكدة أنها استهدفت ناقلتي جند بعبوتي "العمل الفدائي" المتطورة، تم وضعهما بدقة داخل قمرتي القيادة، ما أدى إلى احتراق الناقلتين بالكامل ومقتل طاقمهما. وأضافت القسام أنها استهدفت ناقلة جند ثالثة بقذيفة "الياسين 105"، ما أدى إلى تدميرها، مشيرة إلى أنها رصدت لاحقاً حفاراً عسكرياً إسرائيلياً يقوم بمحاولة دفن الآليات المدمرة لإخماد النيران، كما رُصد هبوط مروحيات عسكرية إسرائيلية لإجلاء القتلى والجرحى من الموقع المستهدف. ويأتي هذا الحادث ضمن سلسلة من العمليات التي تتعرض لها القوات الإسرائيلية في قطاع غزة، في ظل استمرار المواجهات والمعارك الميدانية التي أوقعت خسائر متزايدة في صفوف جنود الاحتلال خلال الأسابيع الأخيرة. المصدر / فلسطين أون لاين


فلسطين أون لاين
منذ 38 دقائق
- فلسطين أون لاين
تقرير غاز ورصاص وإهانة.. مأساة "يوم النساء" في "مصائد الموت"
غزة/ يحيى اليعقوبي: خرجت ماريا شيخ العيد، كغيرها من النساء اللواتي غادرن خيام النزوح، متجهات إلى مركز المساعدات الأمريكي، أو ما بات يُعرف شعبيًّا باسم "مصائد الموت"، لكثرة المجازر المرتكبة فيه، على أمل أن يحظين بمعاملة "رحيمة" نظرًا لخصوصية حالتهن كنساء، لكن الواقع كان امتدادًا لمآسي الرجال والشباب، بل ربما أكثر قسوة. سارت ماريا مسافات طويلة بين تلال رملية وأبنية مدمرة، حتى أنهكها التعب قبل الوصول. ثم وقفت في طابور طويل تحت لهيب الشمس، تتصبب عرقًا في انتظار طرود لم تصل، ليُفاجأ الجميع بوجود بضع طرود فقط في ساحة المركز، لم تكفِ سوى لعدد قليل من السيدات. وعندما طُلب منهن العودة، فوجئن بعناصر الشركة الأمريكية يرشون الناس بغاز الفلفل، ويطلقون الرصاص عشوائيًّا. حاولت ماريا الاحتماء خلف مبنى مدمر، لكن إحدى الرصاصات أصابتها في الرأس عند الساعة الثالثة من عصر الخميس. بصعوبة، تمكنت النساء المرهقات من حملها إلى مشفى الصليب الأحمر غرب مواصي رفح، ليفجع والدها الحاج أبو نعيم، الذي كان قد ودّع شقيقه قبل يوم إثر قصف على خيمة نزوح، وقبل أشهر ودّع ابنته الأخرى شهيدة. فقد جديد كانت ملاك (20 عامًا) وشقيقها سليمان (6 أعوام) ينتظران والدتهما بكيس من المساعدات يسد رمق المجاعة التي تعيشها العائلة منذ استشهاد والدهم، لكنها عادت إليهم في كفن. يقول الحاج أبو نعيم: "حين سمعت ماريا عن تخصيص يوم للنساء، ذهبت كونها أرملة شهيد، على أمل إحضار طعام لأطفالها الصغار. لكنها قُتلت برصاصة أحدثت فتحة كبيرة في الرأس، حسب شهود العيان، ما يدل على أنها من قناص أو دبابة". ويضيف لصحيفة "فلسطين": "قبل أسبوع، جمعت أولادي وطلبت منهم ألا يذهبوا لمراكز المساعدات، وقلت لهم: إذا امتنع الناس، سيتلقى الاحتلال والشركة الأمريكية صدمة. لكنها ذهبت رغم ذلك، وظل أولادها ينتظرونها على الطريق، وحين علموا باستشهادها، أغمي عليهم من الصدمة". وبعد دفنها يوم الجمعة، عاد الأب إلى خيمته، لكن أبناءها ظلوا في المقبرة يبكون على قبرها. ماريا، التي عاشت ظروفًا مادية صعبة، تبرعت لها جمعية بشقة قبل الحرب بعام، لكن الاحتلال دمّرها. ومنذ استشهاد زوجها في خيمة نزوح بخان يونس، عاشت مع أطفالها في عزلة وقهر، حتى رحلت في سعيها الأخير خلف طعام لم يصل. مسنّة حاصرتها الدبابة أما الحاجة "أم إسماعيل" (64 عامًا) فلم يمنعها كِبر سنها من التوجه إلى مركز المساعدات، ظنًّا منها أن يوم النساء سيكون مختلفًا. انطلقت صباح الخميس من منطقة الإقليمي نحو "الشاكوش" غرب رفح، وسارت مشيًا على الأقدام لساعات، لكنها عادت بخفي حنين، محملة بآلام الجسد وخيبة الأمل. تقول لصحيفة "فلسطين": "وقفنا في طوابير طويلة، ولم نرَ سوى أربعة طرود حصلت عليها عشر نساء. ثم طلبوا منا المغادرة. وعندما اعترضنا، رشّونا بغاز الفلفل. احترق جسد ابنة شقيقي، وغابت الرؤية، وبدأ إطلاق الرصاص. سقطت النساء أرضًا من الخوف والتعب". رغم الألم، عادت الحاجة إلى خيمتها لتعد طعامًا، ثم رجعت عصرًا مجددًا إلى المركز مع نساء العائلة، لكنها فوجئت بإطلاق نار من دبابة تجاههن. احتمين خلف البيوت المدمرة ولوّحن بأكياس الطحين الفارغة للدبابة، في محاولة للنجاة، بينما بقيت ابنة أخيها محاصرة لساعتين حتى تمكنت من العودة. تصف تلك اللحظات بأنها "إهانة وذل"، وتقول: "ذهبت لإحضار طعام لي ولزوجي، لا نملك شيئًا نأكله، ولم أتخيل أن أُذل بهذه الطريقة". وتتوالى تنديدات المنظمات الحقوقية الدولية بالجرائم المرتكبة في مراكز المساعدات المدعومة أمريكيًا وإسرائيليًا، والتي أسفرت عن استشهاد أكثر من 900 فلسطيني أثناء بحثهم عن لقمة تسد رمقهم. المصدر / فلسطين أون لاين