logo
من «الانكفاء» لـ«الحوار».. «تحالف الساحل» يختبر استقلاله في مواجهة «إيكواس»

من «الانكفاء» لـ«الحوار».. «تحالف الساحل» يختبر استقلاله في مواجهة «إيكواس»

تم تحديثه الثلاثاء 2025/5/27 11:13 ص بتوقيت أبوظبي
بعد أشهر من التصعيد والقطيعة، سجّل المشهد الإقليمي في غرب أفريقيا تحولا لافتا مع انعقاد أول لقاء مباشر بين تحالف دول الساحل ومفوضية الإيكواس، منذ أزمة الانسحاب.
اللقاء الذي جرى في العاصمة المالية باماكو، بدا ظاهريا كمصافحة دبلوماسية، لكنه في العمق كشف عن معادلة جديدة في هندسة العلاقات داخل غرب أفريقيا.
وفي الاجتماع الذي انعقد يوم الخميس في باماكو، عقد وزراء خارجية دول تحالف الساحل (AES) لقاءً مباشراً مع رئيس مفوضية الإيكواس، في إطار مشاورات أولية تمهّد لانطلاق مفاوضات رسمية بين الطرفين.
وقد ناقش الجانبان جملة من القضايا ذات الاهتمام المشترك، من بينها التعاون الأمني، الجوانب السياسية والدبلوماسية، والمسائل القانونية والتنموية، في ظل انسحاب دول تحالف الساحل من الإيكواس مطلع هذا العام.
وأسفر الاجتماع عن اعتماد محضر مشترك يتضمّن خلاصات النقاشات وتوصيات لإطلاق المفاوضات المستقبلية، مع تأكيد الطرفين على أهمية الحفاظ على مكتسبات التكامل الإقليمي، وعلى رأسها حرية تنقل الأشخاص والبضائع. كما عبّر الجانبان عن قلقهما المشترك إزاء تدهور الوضع الأمني، واتفقا على ضرورة تعزيز التعاون في مكافحة الإرهاب.
واعتبر محللون سياسيون في أحاديث منفصلة مع "العين الإخبارية"، أن الاجتماع لم يكن مناسبة للتراجع عن الانسحاب بقدر ما كان محاولة لإعادة صياغة العلاقة بين الطرفين.
فوزراء خارجية الدول الثلاث قدموا تقريرا إلى رئيس التحالف يوضح نتائج اللقاء مع مفوضية الإيكواس، وهو ما يعكس نشوء هيكل تفاوضي من داخل التحالف، للتعامل مع الهيئة الإقليمية كطرف نِدّي، لا كمنظمة أم.
الانكفاء ومسارات بديلة
ورغم تأكيد الجانبين على التعاون العاجل لمكافحة الإرهاب، فإن الاجتماع ارتكز على ركيزتين واضحتين: استكمال ترتيبات الانسحاب، والنظر في صيغة مستقبلية جديدة للتعاون.
صيغة لا تعيد الدول المنسحبة إلى بيت الطاعة الإقليمي، بل تحافظ على تماسكها كتحالف مستقل.
وهو ما أشار إليه الخبير السياسي الفرنسي أوليفييه ديسبوا، من معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية IRIS، في حديث مع "العين الإخبارية".
ويرى ديسبوا أن "الإيكواس باتت اليوم كيانا متصدعا، غير قادر على التكيف مع التغيرات السياسية المتسارعة في المنطقة، خصوصا في ظل الموجة الانقلابية التي طالت مالي وبوركينا فاسو والنيجر، حيث فضّلت هذه الدول الانكفاء على ذاتها وتشكيل مسارات بديلة بدلًا من الرضوخ لضغوط العقوبات والتدخلات".
وأضاف "عندما تتحول المنظومة الإقليمية إلى أداة عقابية تُستخدم بإملاءات خارجية، فإنها تفقد مشروعيتها لدى الشعوب والنخب السياسية، وهو ما حصل تحديدا في ملف النيجر بعد الانقلاب الأخير"
بديل فعّال أم هروب للأمام؟
وبالنسبة للباحثة الفرنسية لورانس مونييه من مركز مؤسسة البحث الاستراتيجي، فإن "تحالف دول الساحل (AES) لا يزال في مراحله الأولى".
مستدركة "إلا أن التحالف يعكس طموحا واضحا لطرح نموذج بديل يتميز بقدر أكبر من المرونة والاستقلالية في مواجهة الإرهاب، من خلال الاعتماد على الجيوش الوطنية بدلا من القوات الأجنبية أو بعثات حفظ السلام التي أثبتت محدودية فعاليتها على الأرض".
بيْد أن الرهان هنا يبقى- بحسب الباحثة الفرنسية- على "القدرة الذاتية، والرسالة التي يريد التحالف إيصالها وهي: نستطيع حماية أنفسنا دون وصاية، لكن ذلك يبقى مشروطا بإصلاح داخلي عميق وتنسيق فعّال بين الدول الثلاث، وهذا ليس مضمونا في ظل الهشاشة الأمنية والضغوط الاقتصادية".
اختبار الاستقلال ومخاطر الانعزال
التحالف الجديد يروّج لاستراتيجية قائمة على السيادة الكاملة في القرار الأمني والعسكري، مع خطوات فعلية في طرد بعض القوات الأجنبية، ومراجعة الاتفاقيات مع شركات خارجية، كما حصل مؤخرًا في قطاع النفط بالنيجر.
وهنا، تساءلت الباحثة السياسية الفرنسية:" هل تملك هذه الدول الإمكانيات البشرية والمادية اللازمة لقيادة المرحلة القادمة؟.
واتفق الخبيران مونييه و ديسبوا، على أن هذا النموذج يمكن أن يشكّل حالة "مختبرية" لمفهوم الاستقلال الاستراتيجي في أفريقيا، لكنه أيضا يحمل في طياته مخاطر الانعزال وضعف التنسيق مع الفاعلين الدوليين.
نهاية النفوذ الإقليمي؟
ورأت مونييه أن الانفصال التدريجي عن الإيكواس، والانفتاح المحتمل على حلفاء جدد مثل روسيا أو تركيا، يُظهر أن تحالف الساحل يعيد رسم خارطة التحالفات في غرب أفريقيا، ويضع الإيكواس أمام اختبار وجودي حقيقي.
في المقابل، قال أوليفييه ديسبوا: "نحن أمام تحول عميق، قد لا يكون كاملاً بعد، لكنه بالتأكيد يؤذن بنهاية مرحلة وبداية أخرى، عنوانها الأبرز: منظومات بديلة تقودها دول الجنوب، لأجل الجنوب، وبمعزل عن الشمال".
نفوذ متآكل
وخلال السنوات الأخيرة، يقول مراقبون إن الإيكواس "بدت عاجزة عن تقديم حلول فعّالة أمام تعقيدات الأوضاع في دول الساحل"، خصوصا بعد الانقلابات العسكرية المتكررة في مالي (2020 و2021)، بوركينا فاسو (2022)، والنيجر (2023
وأثار تمسك الإيكواس بفرض العقوبات والتلويح بالتدخل العسكري حفيظة أنظمة ما بعد الانقلابات، التي رأت في هذه السياسات انحيازا للأنظمة السابقة ومساسا بالسيادة الوطنية.
وهو ما تطرق له الخبير الأفريقي الفرنسي ديدييه بيرتون، من معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية IRIS، في حديث لـ"العين الإخبارية".
وقال بيرتون إن "الإيكواس فقدت بشكل ملحوظ قدرتها على الوساطة، وتحولت إلى أداة ضغط إقليمي تعكس مصالح قوى خارجية أكثر مما تعبّر عن إرادة شعوب المنطقة".
تحديات وطموحات
ورأى بيرتون أنه من هذا السياق، انبثق تحالف الساحل الأفريقي الجديد كنواة جديدة تتبنى مقاربة مغايرة في مكافحة الإرهاب، ترتكز على الجيوش الوطنية لا على التدخلات الأجنبية أو بعثات الأمم المتحدة، التي فشلت في الحد من تمدد الجماعات المتطرفة.
مضيفا «السؤال ليس فقط عن السيادة، بل عن القدرة. هذه الدول أظهرت إرادة سياسية، لكن غياب الموارد والتنسيق يجعل من الصعب تحقيق أمن شامل دون دعم خارجي أو بديل استراتيجي».
واعتبر أن «الفرصة الوحيدة لبقاء التحالف حيويا تكمن في بناء تحالفات بديلة مع قوى مثل روسيا أو الصين، وهو ما بدأت بعض العواصم تجربته فعلا"
ورغم ما تحمله تجربة ائتلاف الساحل الأفريقي الجديد من طموحات، إلا أن نجاحها سيظل مرهونا بقدرة الدول الأعضاء على تنسيق الجهود بشكل فعلي، وتجاوز الصعوبات الاقتصادية، وتعزيز ثقة الشعوب المحلية.
كما يبقى اختبار الميدان، لا سيما في مواجهة الجماعات المتطرفة، هو المعيار الحقيقي لمدى فاعلية هذا التكتل. بحسب الخبير نفسه.
aXA6IDgyLjIyLjIwOC4xOTAg
جزيرة ام اند امز
FR

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

من «الانكفاء» لـ«الحوار».. «تحالف الساحل» يختبر استقلاله في مواجهة «إيكواس»
من «الانكفاء» لـ«الحوار».. «تحالف الساحل» يختبر استقلاله في مواجهة «إيكواس»

العين الإخبارية

timeمنذ 3 أيام

  • العين الإخبارية

من «الانكفاء» لـ«الحوار».. «تحالف الساحل» يختبر استقلاله في مواجهة «إيكواس»

تم تحديثه الثلاثاء 2025/5/27 11:13 ص بتوقيت أبوظبي بعد أشهر من التصعيد والقطيعة، سجّل المشهد الإقليمي في غرب أفريقيا تحولا لافتا مع انعقاد أول لقاء مباشر بين تحالف دول الساحل ومفوضية الإيكواس، منذ أزمة الانسحاب. اللقاء الذي جرى في العاصمة المالية باماكو، بدا ظاهريا كمصافحة دبلوماسية، لكنه في العمق كشف عن معادلة جديدة في هندسة العلاقات داخل غرب أفريقيا. وفي الاجتماع الذي انعقد يوم الخميس في باماكو، عقد وزراء خارجية دول تحالف الساحل (AES) لقاءً مباشراً مع رئيس مفوضية الإيكواس، في إطار مشاورات أولية تمهّد لانطلاق مفاوضات رسمية بين الطرفين. وقد ناقش الجانبان جملة من القضايا ذات الاهتمام المشترك، من بينها التعاون الأمني، الجوانب السياسية والدبلوماسية، والمسائل القانونية والتنموية، في ظل انسحاب دول تحالف الساحل من الإيكواس مطلع هذا العام. وأسفر الاجتماع عن اعتماد محضر مشترك يتضمّن خلاصات النقاشات وتوصيات لإطلاق المفاوضات المستقبلية، مع تأكيد الطرفين على أهمية الحفاظ على مكتسبات التكامل الإقليمي، وعلى رأسها حرية تنقل الأشخاص والبضائع. كما عبّر الجانبان عن قلقهما المشترك إزاء تدهور الوضع الأمني، واتفقا على ضرورة تعزيز التعاون في مكافحة الإرهاب. واعتبر محللون سياسيون في أحاديث منفصلة مع "العين الإخبارية"، أن الاجتماع لم يكن مناسبة للتراجع عن الانسحاب بقدر ما كان محاولة لإعادة صياغة العلاقة بين الطرفين. فوزراء خارجية الدول الثلاث قدموا تقريرا إلى رئيس التحالف يوضح نتائج اللقاء مع مفوضية الإيكواس، وهو ما يعكس نشوء هيكل تفاوضي من داخل التحالف، للتعامل مع الهيئة الإقليمية كطرف نِدّي، لا كمنظمة أم. الانكفاء ومسارات بديلة ورغم تأكيد الجانبين على التعاون العاجل لمكافحة الإرهاب، فإن الاجتماع ارتكز على ركيزتين واضحتين: استكمال ترتيبات الانسحاب، والنظر في صيغة مستقبلية جديدة للتعاون. صيغة لا تعيد الدول المنسحبة إلى بيت الطاعة الإقليمي، بل تحافظ على تماسكها كتحالف مستقل. وهو ما أشار إليه الخبير السياسي الفرنسي أوليفييه ديسبوا، من معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية IRIS، في حديث مع "العين الإخبارية". ويرى ديسبوا أن "الإيكواس باتت اليوم كيانا متصدعا، غير قادر على التكيف مع التغيرات السياسية المتسارعة في المنطقة، خصوصا في ظل الموجة الانقلابية التي طالت مالي وبوركينا فاسو والنيجر، حيث فضّلت هذه الدول الانكفاء على ذاتها وتشكيل مسارات بديلة بدلًا من الرضوخ لضغوط العقوبات والتدخلات". وأضاف "عندما تتحول المنظومة الإقليمية إلى أداة عقابية تُستخدم بإملاءات خارجية، فإنها تفقد مشروعيتها لدى الشعوب والنخب السياسية، وهو ما حصل تحديدا في ملف النيجر بعد الانقلاب الأخير" بديل فعّال أم هروب للأمام؟ وبالنسبة للباحثة الفرنسية لورانس مونييه من مركز مؤسسة البحث الاستراتيجي، فإن "تحالف دول الساحل (AES) لا يزال في مراحله الأولى". مستدركة "إلا أن التحالف يعكس طموحا واضحا لطرح نموذج بديل يتميز بقدر أكبر من المرونة والاستقلالية في مواجهة الإرهاب، من خلال الاعتماد على الجيوش الوطنية بدلا من القوات الأجنبية أو بعثات حفظ السلام التي أثبتت محدودية فعاليتها على الأرض". بيْد أن الرهان هنا يبقى- بحسب الباحثة الفرنسية- على "القدرة الذاتية، والرسالة التي يريد التحالف إيصالها وهي: نستطيع حماية أنفسنا دون وصاية، لكن ذلك يبقى مشروطا بإصلاح داخلي عميق وتنسيق فعّال بين الدول الثلاث، وهذا ليس مضمونا في ظل الهشاشة الأمنية والضغوط الاقتصادية". اختبار الاستقلال ومخاطر الانعزال التحالف الجديد يروّج لاستراتيجية قائمة على السيادة الكاملة في القرار الأمني والعسكري، مع خطوات فعلية في طرد بعض القوات الأجنبية، ومراجعة الاتفاقيات مع شركات خارجية، كما حصل مؤخرًا في قطاع النفط بالنيجر. وهنا، تساءلت الباحثة السياسية الفرنسية:" هل تملك هذه الدول الإمكانيات البشرية والمادية اللازمة لقيادة المرحلة القادمة؟. واتفق الخبيران مونييه و ديسبوا، على أن هذا النموذج يمكن أن يشكّل حالة "مختبرية" لمفهوم الاستقلال الاستراتيجي في أفريقيا، لكنه أيضا يحمل في طياته مخاطر الانعزال وضعف التنسيق مع الفاعلين الدوليين. نهاية النفوذ الإقليمي؟ ورأت مونييه أن الانفصال التدريجي عن الإيكواس، والانفتاح المحتمل على حلفاء جدد مثل روسيا أو تركيا، يُظهر أن تحالف الساحل يعيد رسم خارطة التحالفات في غرب أفريقيا، ويضع الإيكواس أمام اختبار وجودي حقيقي. في المقابل، قال أوليفييه ديسبوا: "نحن أمام تحول عميق، قد لا يكون كاملاً بعد، لكنه بالتأكيد يؤذن بنهاية مرحلة وبداية أخرى، عنوانها الأبرز: منظومات بديلة تقودها دول الجنوب، لأجل الجنوب، وبمعزل عن الشمال". نفوذ متآكل وخلال السنوات الأخيرة، يقول مراقبون إن الإيكواس "بدت عاجزة عن تقديم حلول فعّالة أمام تعقيدات الأوضاع في دول الساحل"، خصوصا بعد الانقلابات العسكرية المتكررة في مالي (2020 و2021)، بوركينا فاسو (2022)، والنيجر (2023 وأثار تمسك الإيكواس بفرض العقوبات والتلويح بالتدخل العسكري حفيظة أنظمة ما بعد الانقلابات، التي رأت في هذه السياسات انحيازا للأنظمة السابقة ومساسا بالسيادة الوطنية. وهو ما تطرق له الخبير الأفريقي الفرنسي ديدييه بيرتون، من معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية IRIS، في حديث لـ"العين الإخبارية". وقال بيرتون إن "الإيكواس فقدت بشكل ملحوظ قدرتها على الوساطة، وتحولت إلى أداة ضغط إقليمي تعكس مصالح قوى خارجية أكثر مما تعبّر عن إرادة شعوب المنطقة". تحديات وطموحات ورأى بيرتون أنه من هذا السياق، انبثق تحالف الساحل الأفريقي الجديد كنواة جديدة تتبنى مقاربة مغايرة في مكافحة الإرهاب، ترتكز على الجيوش الوطنية لا على التدخلات الأجنبية أو بعثات الأمم المتحدة، التي فشلت في الحد من تمدد الجماعات المتطرفة. مضيفا «السؤال ليس فقط عن السيادة، بل عن القدرة. هذه الدول أظهرت إرادة سياسية، لكن غياب الموارد والتنسيق يجعل من الصعب تحقيق أمن شامل دون دعم خارجي أو بديل استراتيجي». واعتبر أن «الفرصة الوحيدة لبقاء التحالف حيويا تكمن في بناء تحالفات بديلة مع قوى مثل روسيا أو الصين، وهو ما بدأت بعض العواصم تجربته فعلا" ورغم ما تحمله تجربة ائتلاف الساحل الأفريقي الجديد من طموحات، إلا أن نجاحها سيظل مرهونا بقدرة الدول الأعضاء على تنسيق الجهود بشكل فعلي، وتجاوز الصعوبات الاقتصادية، وتعزيز ثقة الشعوب المحلية. كما يبقى اختبار الميدان، لا سيما في مواجهة الجماعات المتطرفة، هو المعيار الحقيقي لمدى فاعلية هذا التكتل. بحسب الخبير نفسه. aXA6IDgyLjIyLjIwOC4xOTAg جزيرة ام اند امز FR

اختراق مدن محصّنة وهجمات نوعية.. الإرهاب يربك الساحل الأفريقي
اختراق مدن محصّنة وهجمات نوعية.. الإرهاب يربك الساحل الأفريقي

العين الإخبارية

time١٦-٠٥-٢٠٢٥

  • العين الإخبارية

اختراق مدن محصّنة وهجمات نوعية.. الإرهاب يربك الساحل الأفريقي

تغيرات تشهدها منطقة الساحل الأفريقي بسبب تمدد أنشطة التنظيمات الإرهابية. وقال خبراء سياسيون إن الهجوم الواسع الذي شنته جماعات إرهابية على مدينة جيبو شمال بوركينا فاسو، ثم على مدينة دياباغا الحدودية، يعد نقطة تحول خطيرة في الصراع القائم بين الدولة والجماعات الإرهابية في منطقة الساحل، ويعكس فشلًا تكتيكيًا لاستراتيجية الاحتواء العسكري التي تعتمدها بوركينا فاسو وشركاؤها الإقليميون في كبح تمدد "جماعة نصرة الإسلام والمسلمين" وتنظيم داعش الإرهابيين في الصحراء الكبرى. هجمات "عميقة" مع فجر 11 مايو/أيار الجاري، اجتاح المئات من المقاتلين المتطرفين مدينة جيبو، أحد معاقل الجيش البوركيني، مستخدمين الدراجات النارية والآليات الثقيلة في هجوم خاطف، نجحوا خلاله في اختراق التحصينات، وقتلوا جنودًا ومدنيين، قبل أن يتقدموا لاحقًا نحو مدينة دياباغا قرب الحدود مع النيجر وبنين. والهجوم، الذي وصفته مصادر عسكرية بأنه "الأكثر جرأة" منذ شهور، لم يكن مجرد عملية تقليدية، بل حمل طابعًا استراتيجيًا جديدًا من حيث نقل المعركة إلى عمق المناطق المحصّنة، وفرض حصار كامل على المدن، مما أدى إلى تعطيل شبكات الاتصالات ونهب الأسواق ومراكز التموين. تصعيد أم تفكك؟ يطرح هذا الهجوم تساؤلات جدية: هل فقدت قوات بوركينا فاسو وحلفاؤها في تحالف دول الساحل (AES) القدرة على احتواء التهديد؟ وهل نشهد بداية تصاعد تنافسي جديد بين تنظيمي القاعدة (جماعة نصرة الإسلام والمسلمين) وداعش في الصحراء الكبرى؟ الاستراتيجية انهارت والتهديد يتعاظم من جانبه، رأى الباحث السياسي الفرنسي باتريك كورنو، المتخصص في الحركات الإرهابية الأفريقية، لـ"العين الإخبارية" إن هجوم جيبو ودياباجا "دليل واضح على انهيار نظرية الحزام الأمني التي تبنتها الحكومة البوركينية بدعم من موسكو، حيث فشلت في منع تسلل المقاتلين من مالي والنيجر نحو العمق البوركيني". وأضاف أنه: "نشهد مرحلة جديدة من التمرد، تتسم بتكتيكات التفاف ومباغتة، تدار عبر غرف عمليات إقليمية مترابطة، ما يعني أن الجماعات المسلحة لم تعد تتحرك بشكل عشوائي، بل وفق منطق عسكري متكامل." ودعا الباحث السياسي الفرنسي السلطات في بوركينا فاسو إلى اتخاذ أعلى درجات اليقظة وتبني استراتيجيات جديدة في مكافحة الإرهاب حتى لا تتكرر مأساة هجوم جيبو ودياباجا. أما الباحث الإفريقي في شؤون الساحل، الدكتور ساديو كاندي، من جامعة باماكو، فيرى في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أن تصاعد العنف ناتج أيضًا عن "صراع نفوذ محتدم بين تنظيمي القاعدة وداعش في المنطقة". وقال إن "كل تنظيم يحاول إثبات تفوقه العملياتي على الآخر، مما يُدخل المدنيين في دائرة انتقامية مرعبة"، مشيرا إلى أن مناطق مثل جيبو ودياباجا تحولت إلى ساحة لتصفية الحسابات الإرهابية". وأكد كاندي أن الحل لا يمكن أن يكون عسكريًا فقط، قائلاً: "دون خطة تنموية متزامنة، وإعادة دمج للمتطوعين المحليين في آليات الدولة، سنظل ندور في حلقة مفرغة من الفوضى". من الدفاع إلى الهجوم الذكي في ضوء التصعيد الحالي، يرى الباحث الإفريقي في شؤون الساحل أن دول الساحل بحاجة إلى استراتيجية بديلة قائمة على، مناورات إقليمية مشتركة بدل انتشار دفاعي ثابت، وكذلك تعزيز استخبارات المجتمع المحلي واختراق شبكات الدعم اللوجستي للجماعات الإرهابية، وإعادة هيكلة قوى الدفاع الشعبي (VDP) لتكون قوة استباقية لا رد فعلية. كما دعا كاندي إلى خلق مشاريع إنمائية عاجلة في المناطق الحدودية لكسب السكان ضد الإرهابيين. aXA6IDgyLjI3LjIxMy4xOTQg جزيرة ام اند امز CH

انفتاح ماكرون على سوريا.. إعادة تموضع في مشهد معقد أم رسالة للداخل؟
انفتاح ماكرون على سوريا.. إعادة تموضع في مشهد معقد أم رسالة للداخل؟

العين الإخبارية

time٠٨-٠٥-٢٠٢٥

  • العين الإخبارية

انفتاح ماكرون على سوريا.. إعادة تموضع في مشهد معقد أم رسالة للداخل؟

تم تحديثه الخميس 2025/5/8 06:10 م بتوقيت أبوظبي بلغة محايدة، حاول الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، صياغة سياسة جديدة لبلاده «تعكس تحولاً محسوبًا تجاه الأزمة السورية وتسعى لإعادة تموضع باريس في المشهد الإقليمي المعقّد». هكذا رأى خبراء سياسيون فرنسيون متخصصون في الشأن السوري، تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال لقائه بالرئيس السوري أحمد الشرع، والتي قالوا إنها محاولة من ماكرون، للخروج من ثنائية «النظام مقابل المعارضة»، واعتماد نهج أكثر «احتواءً»، يكون السوريون في القلب منه، بصرف النظر عن انتماءاته السياسية أو الطائفية. وكان ماكرون شدد خلال لقائه الرئيس السوري، على ضرورة «حماية جميع السوريين، بكافة اتجاهاتهم وانتماءاتهم السياسية والدينية»، في عبارة حملت في طياتها رسائل متعددة الأبعاد، سياسية وأخلاقية في آنٍ معًا، لاسيما في توقيتها وسياقها. وفيما أكد ضرورة «ملاحقة ومحاكمة مرتكبي» أعمال العنف ضدّ الدروز في مايو/أيار الجاري، و«مرتكبي المجازر» بحق العلويين في مارس/آذار الماضي، رد الشرع قائلا إن «سلامة المواطنين السوريين هي أولويتنا القصوى، وقد أكدنا ذلك للرئيس ماكرون اليوم». رسالة مزدوجة ويقول الخبير الفرنسي في السياسات الشرق أوسطية جان كريستوف نوفال، والباحث في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية IRIS في حديث لـ«العين الإخبارية»: إن ماكرون «بهذه العبارة يوجه رسالة مزدوجة: داخليًا، بالالتزام بخطاب حقوق الإنسان الشامل، دون تمييز بين الطوائف أو الفصائل. وخارجيًا، بإرسال بإشارة إلى الحكومة الانتقالية السورية وأنصارها من تركيا، مفادها أن فرنسا لم تعد ترى الصراع السوري بصيغة أبيض وأسود». نوفال، أضاف: «العبارة تحمل أيضًا تلميحًا إلى القلق الفرنسي من استمرار التهميش الذي يتعرض له بعض مكونات الشعب السوري، سواء من أنصار النظام السوري السابق، او الحالي أو الأكراد»، مشيراً إلى أن ماكرون يحاول أن يتموضع كراعٍ محايد لحل شامل، لا كطرف منحاز». وتابع: «رسالة ماكرون هي اعتماد نهج أكثر احتواءً، يضع المواطن السوري في قلب الاهتمام، بصرف النظر عن انتماءاته السياسية أو الطائفية». فيما يرى فريدريك بيشون، الباحث المتخصص في الشأن السوري، أن لقاء ماكرون مع الشرع «يعكس تحولًا في السياسة الفرنسية تجاه سوريا»، مشيرًا إلى أن الرئيس الفرنسي سعى من خلال هذا اللقاء إلى «لعب دور الوسيط في إعادة إعمار سوريا، خاصة في ظل تراجع الدور الأمريكي بالمنطقة». ويعتبر بيشون في حديث لـ«العين الإخبارية»، أن فرنسا التي تحاول استغلال الفراغ الدبلوماسي لتعزيز نفوذها، اتخذت خطوة نحو الانفتاح الدبلوماسي، لكن ذلك قد يكون على حساب مبادئها وقيمها. ويرى الباحث المتخصص في الشأن السوري، أن «هذا اللقاء قد يكون خطوة نحو إعادة بناء العلاقات مع سوريا»، محذرا «من تجاهل ماضي الشرع المرتبط بجماعات متطرفة، مما قد يثير تساؤلات حول مصداقية فرنسا في مكافحة الإرهاب». هل يمكن أن توازن فرنسا؟ وتابع: «يبقى السؤال المطروح: هل يمكن لفرنسا أن توازن بين مصالحها الاستراتيجية ومبادئها الأخلاقية في تعاملها مع الملف السوري؟». إلا أن المؤرخ والمتخصص في الشرق الأوسط جان بيير فيليو رأى في حديث لـ«العين الإخبارية» أن «هذا اللقاء سيرتد سلبًا على صورة باريس»، مضيفًا: «ماكرون يغامر بشرعيته السياسية داخليًا، ويضعف الموقف الأخلاقي لفرنسا خارجيًا»، على حد قوله. aXA6IDgyLjI2LjIxMC45MSA= جزيرة ام اند امز FR

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store