logo
حركة «حسم» ومشروع الإخوان المسلح

حركة «حسم» ومشروع الإخوان المسلح

الدستور٠٥-٠٧-٢٠٢٥
كانت «حسم»، التابعة للجناح المسلح للإخوان، تجسيدًا حقيقيًا وفاعلًا لأفكار وأدبيات حسن البنا وسيد قطب، وامتدادًا للتنظيم السرى المسلح، الذى أسسه البنا فى أربعينيات القرن الماضى، وتورط فى العديد من العمليات الإرهابية، ولا يمكن اعتبارها نقطة تحول فى تاريخ الجماعة، سواء على المستوى المنهجى الفكرى، أو على المستوى التنظيمى والحركى.
ثمة عوامل ساعدت فى بلورة حركة «حسم»، فكريًا وتنظيميًا، لا سيما أنها قامت على بقايا الحركات الإخوانية المسلحة التى تشكلت عقب ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣، مثل «العقاب الثورى» و«ولع»، و«كتائب حلوان» وغيرها من حركات جماعة الإخوان.
اعتماد حركة «حسم» على عدة دراسات فكرية طرحتها الجماعة عقب سقوط حكمها، وعبرت بوضوح عن الخط الفكرى للتنظيم الإخوانى، مثل: دراسة «فقه الاختبار والمحنة»، التى قدمها مفتى الإخوان الدكتور عبدالرحمن البر، وكتاب «فقه المقاومة الشعبية»، ويعتبر دراسة فقهية وشرعية لتوظيف العنف المسلح لخدمة الجماعة فى مواجهة النظم السياسية الحاكمة، وكتاب «دليل السائر ومرشد الحائر»، وكتاب «كشف الشبهات.. عما وقع فيه الناس من اختلافات».
فضلًا عن وثيقة «رد الاعتداء على الحركة الاسلامية»، التى كتبها سيد قطب، وتم تسريبها من داخل السجن قبل إعدامه، ودعا فيها إلى ضرورة هدم الدولة المدنية لإقامة الدولة الإسلامية، وهى فكرة تتفق تمامًا مع نظرية «النكاية والإنهاك»، التى طرحها كتاب «إدارة التوحش»، الذى يعتبر أهم المرجعيات الفكرية لتنظيم القاعدة وتنظيم داعش.
جميع هذه الدراسات أصلت فكريًا وشرعنت للعمل المسلح، تحت ما يمسى بـ«فقه دفع الصائل»، و«الفئة الممتنعة»، وإباحة دماء قوات الجيش والشرطة، وتكفيرها، والاعتداء على مؤسسات الدولة، والعمل على إسقاط النظام السياسى.
وفى أحد لقاءاته عبر فضائية «مكملين» الإخوانية، أكد القيادى الإخوانى مجدى شلش، أنّ اللجنة الشرعية داخل الإخوان عكفت عقب ٣٠ يونيو، وعلى مدار عدة أشهر، وقدمت مجموعة من الدراسات فى مقدمتها كتاب «فقه المقاومة الشعبية»، للتأصيل الفكرى والشرعى لتلك المرحلة الحرجة من تاريخ جماعة الإخوان، وأنه كان على رأس تلك اللجنة الدكتور محمد كمال، المسئول المباشر عن الجناح المسلح.
وشدّد «شلش»، خلال لقائه، على أنّ «السلمية ليست ثابتًا من ثوابت الإخوان»، وأنّ «شعار سلميتنا أقوى من الرصاص تغيّر الآن وأصبح سلميتنا أقوى بالرصاص».
كما كشف عن أنّ هذه الدراسات تم توزيعها على شباب القواعد التنظيمية للجماعة، وأن أكثر من ٨٥٪ من عناصر الإخوان، يؤيدون العمل المسلح لمواجهة النظام السياسى المصرى.
كان لعملية تأسيس ما يسمى بـ«معسكرات الطلائع»، التى فككتها الأجهزة الأمنية المصرية، فى عدة مناطق صحراوية، الفضل فى تدريب وتأهيل حركة «حسم»، إذ كانت «معسكرات طلائع»، بمثابة النواة الحقيقية لتكوين ما يسمى بـ«التنظيم المسلح»، والنقل النوعية والتحول فى استراتيجية العمل المسلح داخل الإخوان، والانتقال من خانة العشوائية والهواة، إلى خانة الاحترافية والتدريب بشكل كامل على طرق استخدام السلاح، وفك وتركيب المتفجرات، وطريقة تصنيعها، واستخدام التقنيات الحديثة ووسائل التواصل الحديثة فى عمليات الرصد والتتبع والمراقبة للأهداف المرادة.
تأسست «معسكرات الطلائع»، فى إطار التطوير للهيكل التنظيمى والتعبوى للجناح المسلح داخل الإخوان، وهى عبارة عن أجنحة مسلحة تم توطينها فى المناطق النائية والصحراوية، بهدف تدريب أكبر عدد ممكن من شباب الجماعة، وتدريبهم على فنون القتال والاغتيالات، تحت مسمى «التربية الجهادية» أو «مشروع الجهاد المقدس».
إلا أن الأجهزة الأمنية المصرية قضت على هذا المشروع بشكل مبكر جدًا، وأجهضت فكرة تكوين تلك الخلايا والأجنحة المسلحة، من خلال عملية تفكيك تلك المعسكرات، والقضاء على عدد كبير من عناصرها، وإلقاء القبض على بعضهم، والعثور على بعض الأوراق التنظيمية، وخطط تلك المعسكرات ومصادر تمويلها، ومخازن تسليحها التى كانت تحت ما سمى بـ«مزارع الموت»، مثل مزرعة الإسكندرية ومزرعة البحيرة.
سعت «معسكرات الطلائع» إلى تشكيل عدد من الحركات المسلحة المتعددة بهدف تشتيت وإرباك الأجهزة الأمنية المصرية، وكان من ضمن الدورات التدريبية التى تلقتها عناصر «معسكرات الطلائع»، دورة «مقاومة الاستجواب»، التى هدفت إلى تهيئة العناصر نفسيًا للتعامل مع التحقيقات الأمنية حال وقوعها فى قبضة الأجهزة الأمنية والاستخبارات.
شكلت «معسكرات الطلائع» هيكلًا تنظيميًا، متكاملًا، من حيث الاختصاص، والأدوار المنوطة بتدريب وتأهل العناصر، فشملت: لجنة «الدعم المركزى»، ومهمتها توفير جميع أوجه الدعم اللوجستى للحركة المسلحة، وفقًا لاحتياجاتها المرحلية، و«اللجنة الشرعية»، ومهمتها إعداد البرامج والدورات الشرعية اللازمة لتأصيل العمليات النوعية المسلحة، وترسيخ الأفكار والمفاهيم الجهادية، والعمليات الانتحارية لدى عناصر التنظيم، ولجنة «الوحدات الإدارية»، ومهمتها إعداد قواعد البيانات المختلفة للتنظيم، والتأكد من اتباع عناصر حركة حسم إجراءات الأمن والسلامة.
يضاف إلى ذلك لجنة «الرصد والمعلومات»، وهى لجنة معنية بجميع المعلومات عن العناصر والكيانات المطلوب استهدافها، ورصدها، سواء كانت شخصيات سياسية أو عسكرية، أو شرطية، أو قضائية، أو إعلامية، أو منشآت حيوية هامة.
فضلًا عن لجنة «العمليات والتنفيذ»، وتتولى تنفيذ العمليات المسلحة، ضد الأهداف المرصودة، وتضم عدة خلايا فرعية على النحو التالى: خلية «التدريب»، وخلية «التصنيع»، وخلية «التسكين» المعنية بتجهيز المقار التنظيمية، وغرف العمليات، وعقد اللقاءات التنظيمية وإخفاء الأسلحة والأدوات المستخدمة فى العمليات الإرهابية، وخلية «التزوير» المكلفة باستخراج أوراق تحقيق الشخصية المزيفة لعناصر التنظيم، وخلية «التخزين» المكلفة بتدبير وإعداد معسكرات التدريب.
كان من العوامل التى ساعدت فى بلورة حركة «حسم»، واستمرارية وجودها هو دعمها المستمر من تنظيم «القاعدة»، لا سيما فى ظل وجود علاقة تاريخية بين الإخوان وقاعدة بن لادن، منذ مرحلة المرشد محمد حامد أبوالنصر، والمرشد مصطفى مشهور.
وقد تجلى ذلك فى العديد من المظاهر، أهمها قيام المنصات الجهادية المحسوبة على تنظيم القاعدة، بالتعاون مع الإخوان فى بث حملة ممنهجة ضد «التجنيد الإجبارى» بالجيش المصرى، وتوثيقها بأدلة وفتاوى شرعية ضالة ومنحرفة عن النهج الصحيح، لقيادات تنظيم القاعدة والسلفية الجهادية.
كما ساند جناح الإخوان المسلح، تنظيم «القاعدة» فى قضية هشام عشماوى، بشكل كبير، إذ بث فيلمًا وثائقيًا تحت عنوان «الواحات.. الكمين القاتل»، تضمن تفاصيل ومعلومات هامة عن معركة «الواحات البحرية»، التى وقعت أحداثها عند منطقة الكيلو ١٣٥ بطريق الواحات بالصحراء الغربية، فى ٢٠ أكتوبر ٢٠١٧، ونفذها تنظيم «المرابطون» بقيادة عشماوى المحسوب على تنظيم القاعدة.
تبنى الفيلم أطروحات كتاب «فقه المقاومة الشعبية»، التى سطر صفحاتها قيادات الجناح المسلح، وسردوا فيه خطوات وطريقة تشكيل الخلايا النوعية، التى ليست من الضرورة أن تعمل بشكل مباشر مع التنظيم، إلا أنها تدور فى فلكه، وتنفذ أوامره بما يشبه فكرة «الذئاب المنفردة».
احتفى قيادات الإخوان، خلال الفيلم بهشام عشماوى، الذى وصفوه بـ«قائد المقاومة»، ووصفوا شريكه عماد عبدالحميد، بـ«الشهيد القائد»، واعتبارهما أحد رموز الجماعة الذين واجهوا الدولة المصرية، كما أثنوا على التكفيرى عمر رفاعى سرور، مفتى القاعدة فى ليبيا، ووصفوه بـ«الشهيد المجاهد».
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

عاجل.. خيبة أمل تنظيم إسطنبول.. قوافل الإغاثة المصرية تقضى على أكاذيب «الإخوان»
عاجل.. خيبة أمل تنظيم إسطنبول.. قوافل الإغاثة المصرية تقضى على أكاذيب «الإخوان»

الدستور

timeمنذ 14 ساعات

  • الدستور

عاجل.. خيبة أمل تنظيم إسطنبول.. قوافل الإغاثة المصرية تقضى على أكاذيب «الإخوان»

بينما كان جناح جماعة الإخوان الإرهابية فى إسطنبول يعمل ليل نهار على سيناريو إشعال موجة غضب شعبى ضد الدولة المصرية عبر تحميلها زورًا المسئولية عن «حصار غزة»، وتبرئة الاحتلال الإسرائيلى- انهارت تلك المحاولات مع دخول قوافل المساعدات المصرية إلى القطاع بجهود مصرية خالصة، أسفرت عن وصول الشاحنات المحملة بالمواد الغذائية والطبية إلى أهالى القطاع. ولم ينسف دخول المساعدات المصرية قطاع غزة دعاية الإخوان الكاذبة فقط، بل أدخل عناصر «الإرهابية» فى حالة من الارتباك، وكشف عن فشل رهاناتهم المتكررة على قدرتهم على تنفيذ سيناريو انتقامى ضد الدولة والشعب المصرى، الذى أسقط حكم الجماعة فى ثورة ٣٠ يونيو عام ٢٠١٣، وغياب قدرتها على إحداث التأثير المطلوب، بعيدًا عن لجانها الإلكترونية على مواقع التواصل الاجتماعى. الجماعة حاولت تحميل مصر مسئولية «حصار غزة» لنشر الفوضى لم يكن فشل الإخوان فى الاستثمار السياسى لمعاناة غزة مجرد انتكاسة إعلامية، بل مثل سقوطًا رمزيًا مدويًا، بعد أن أثبتت التجربة الأخيرة أن الجماعة لم تعد تملك التأثير الشعبى، ولا أدوات الحشد، ولا حتى الخطاب المقنع، وأن مشروع «ميدان» و«تيار التغيير»، الذى تم تفعيله فى الفترة الأخيرة، لا يختلف فى جوهره عن النهج الفاشل للجماعة الأم. وإذا كان دخول شاحنات المساعدات المصرية إلى غزة قد أنهى عمليًا رواية «التواطؤ»، فإنه أيضًا فضح حدود «مشروع إسطنبول»، الذى بات يتآكل من الداخل، مع كل تجربة فاشلة. وكانت خطة جماعة الإخوان، عبر ما يعرف بـ«حركة ميدان» و«تيار التغيير فى إسطنبول»، تقوم على استراتيجية إعلامية وتنظيمية تسعى لتحريك احتجاجات على الأرض وفى الخارج، خصوصًا أمام السفارات المصرية فى أوروبا، بالتزامن مع حملة تحريض إلكترونية مكثفة، لكن التطورات الميدانية، خاصة دخول المساعدات عبر معبر رفح، حطمت كل ما حاول الإخوان بناءه من سرديات وخطط تهدف إلى استعادة حالة الفوضى، وتنفيذ «خطة الإنهاك والإرباك» لمؤسسات الدولة. ومنذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة فى ٧ أكتوبر ٢٠٢٣، بدأت جماعة الإخوان، عبر منصاتها الناشطة من إسطنبول، فى بث سردية ممنهجة حول «تواطؤ القاهرة» فى إغلاق المعبر، ومنعها إدخال المساعدات لأهالى القطاع، رغم علم العالم أجمع بأن المعبر مفتوح من الجانب المصرى، ومغلق من الجانب الفلسطينى. وفى ذلك الإطار، ضخت مواقع إلكترونية، وقنوات محسوبة على التنظيم الإخوانى، مثل: «وطن» و«مكملين»، وحسابات أخرى تابعة لحركة «ميدان»، على مدار الأسابيع الماضية، محتوى يحث الفلسطينيين على انتقاد الدور المصرى. فى المقابل، أعلنت الدولة المصرية عن إرسال عشرات الشاحنات من المساعدات الإنسانية لأهالى غزة، ومع دخول أولى القوافل المصرية إلى القطاع، التى نقلت وسائل الإعلام صورها على الهواء مباشرة، تسابقت الفصائل الفلسطينية على تقديم الشكر للقاهرة على مواقفها وجهودها الداعمة للشعب الفلسطينى وحقوقه، ما أسقط الخطاب الإخوانى، وأفشل مخططات لجانه الإلكترونية التى بدأت فى محاولة التراجع والتهرب من ادعاءات الجماعة طوال مدة حملتها الكاذبة. وأدى إعلان القاهرة عن إرسال المساعدات إلى غزة لحالة من التخبط بين قيادات حركة «ميدان» وما أصبح يعرف بـ«تيار التغيير» داخل جماعة الإخوان فى إسطنبول. وشهد الاجتماع، الذى انعقد، أمس الأول عبر تطبيق Zoom، بين قيادات «ميدان» ومجموعة العمل الإعلامى فى الخارج، مشادات كلامية حادة، بعد أن تبيّن أن كل جهود الحشد أمام السفارات الأوروبية لم تلق أى صدى شعبى حقيقى، وأن الصور التى تم تداولها للوقفات كانت تعبر عن تجمعات هشة وغير مؤثرة. وخلال الاجتماع، تصاعدت حدة المشادات بين قيادات الجماعة، إلى درجة اتهام أحد أعضاء الإخوان، خلال تعليق عبر حساب وهمى، للقيادى يحيى موسى، وهو العقل المدبر لحركتى «حسم» و«ميدان»، بأنه «يريد توريط الإخوان فى معركة مفتعلة ضد مصر»، وأنه «فشل فى تحقيق خطة الجماعة فى ابتزاز الدولة المصرية للإفراج عن عناصر الجماعة بالسجون». وأيضًا، وجه عضو آخر اتهامًا لـ محمد منتصر- المتحدث باسم الإخوان سابقًا والقيادى بحركة «الكماليون» وحركة «ميدان»– قال فيه إن «الخطاب التحريضى ضد مصر أتى بنتائج عكسية، وإن الشارع العربى لم يعد يتفاعل مع نداءات الجماعة». النجاح المصرى أفشل «طوفان الأمة» وكشف إخفاق «تيار التغيير» بعد نجاح مصر فى إدخال المساعدات لقطاع غزة، تجلى ارتباك الجماعة الإرهابية والاتهامات المتبادلة بين قيادتها فى تغيير نبرة الحسابات الإخوانية على منصات التواصل الاجتماعى، حيث توقف بعض القنوات عن استخدام لغة التحريض المباشر ضد مصر، واستبدالها بتركيز الحديث عن معاناة أهالى القطاع. ومن بين أهم الأدوات التى استخدمها الإخوان للتحريض ضد الدولة المصرية كانت قناة «طوفان الأمة» على تطبيق «تليجرام»، وهى منصة مغمورة، ظهرت فجأة لنشر «فيديو مفبرك» عن اقتحام شابين مقر الأمن الوطنى بقسم المعصرة، وبعدها، بدأت القناة فى بث بيانات مفبركة بهدف إشعال «الغضب الشعبى» فى مصر. ومن المعروف حاليًا أن إدارة القناة تتم من تركيا، ويشرف عليها فريق إعلامى محسوب على حركة «ميدان» الإخوانية، ولكن مع بدء دخول المساعدات، تراجع الزخم والتفاعل مع القناة بشكل واضح، وانخفض عدد المنشورات عليها، ما يعكس الفشل الواضح فى السيطرة على رواية الجماعة الإرهابية، ويوضح مدى تآكل قدرة التنظيم على التأثير الجماهيرى، حتى من داخل فضاء الإنترنت، الذى كان سابقًا أهم أدواته. ويمثل ذلك ضربة قوية لما يعرف بـ«تيار التغيير» داخل جماعة الإخوان، الذى تشكل فى أعقاب الانقسام التنظيمى الكبير فى عام ٢٠١٥، بعد عزل القيادى محمد كمال، وتشكيل جبهة أخرى بقيادة محمد منتصر، كاستجابة ظاهرية لفشل الجماعة فى إدارة معركتها بعد سقوط حكم المرشد فى مصر عام ٢٠١٣. وروج ذلك التيار لنفسه باعتباره بديلًا شبابيًا أكثر مرونة وحداثة، معتمدًا على خطاب دعائى يقوم على المظلومية من جهة، والمراجعة التنظيمية من جهة أخرى، لكن سرعان ما تبيّن أن التيار ليس سوى امتداد لخط الجماعة التقليدى، تحت مسميات جديدة، وشعارات أكثر مرونة. وفى حين ادعى «تيار التغيير» تبنى نهج سياسى سلمى، كشفت الوقائع الأخيرة عن تورطه المباشر فى إعادة تأسيس وتوجيه حركتى «حسم» و«لواء الثورة»، عبر رموزه فى الخارج، وعلى رأسهم يحيى موسى، الطبيب الهارب فى تركيا، الذى أصبح المسئول الفعلى عن الملفات الأمنية واللوجستية للجماعة منذ ٢٠١٤. أما محمد منتصر، المتحدث السابق باسم الجماعة، فكان الواجهة الإعلامية التى تولت مهمة تبرير كل تحركات التيار، حتى المسلحة منها، باعتبارها «دفاعًا عن الشرعية». ويعد مشروع «ميدان»، الذى أعلن عنه مؤخرًا من إسطنبول، النسخة الأحدث من محاولات «تيار التغيير» تصدير نفسه كرافعة سياسية جديدة للجماعة فى الخارج، إذ جمع المشروع بين وجوه شابة وبعض من الكوادر الإعلامية الهاربة، وشبكات إلكترونية موجهة، بهدف تنفيذ خطة تحريضية ضد الدولة المصرية، تتضمن دعوات للتظاهر، وحملات تضليل إعلامى، وتحريك الرأى العام الغربى عبر سفارات ومراكز ضغط. وفى واقع الأمر، لم تكن حركة «ميدان» سوى واجهة أخرى لمخططات التنظيم الدولى للإخوان، إذ وُضعت تحت إدارته المنصات الرقمية المرتبطة بالحشد الإلكترونى، مثل «طوفان الأمة»، فضلًا عن تواصله الوثيق مع جهات معروفة بتسهيل الدعم المالى واللوجستى لجماعة الإخوان، خاصة فى تركيا وقطر. ورغم محاولاته تقديم نفسه بوجه مدنى، فإن خلفية أفراده، وسوابقهم التنظيمية، تشير بوضوح إلى تورطهم فى دعم العنف. وسرعان ما اصطدم مشروع «ميدان» بواقع قاسٍ، يتمثل فى تراجع تأثير الجماعة داخل الشارع المصرى، بل وحتى فى أوساط الجاليات بالخارج، حيث لم تجد دعوات الجماعة للتظاهر إلا استجابة محدودة وهشة، كما ظهر مؤخرًا فى الوقفات أمام السفارات فى أوروبا، التى قوبلت بلا مبالاة إعلامية وشعبية، ووصفتها مصادر داخل الجماعة بأنها «نقطة تحول فى فقدان التأثير». الخيبة فى ملف غزة لم تكن سوى الحلقة الأخيرة فى سلسلة من الإخفاقات التنظيمية، التى باتت تعمّق الانقسام داخل تيار التغيير نفسه، وقد تؤدى حالة الارتباك والتخبط لدى قيادات «الإرهابية» فى تركيا إلى مطالبات متصاعدة من القواعد بعزل كل من: محمد منتصر ويحيى موسى، مع مراجعة النهج التحريضى، بعد أن أضحى عبئًا على من تبقى من الجماعة فى المهجر. وأمام ذلك الانكشاف، تواجه جماعة الإخوان و«تيار التغيير» معضلة وجودية، بين مراجعة أدواتها الخطابية والتنظيمية، أو المضى قدمًا فى خطاب المؤامرة والإنكار. وتميل المؤشرات الحالية إلى ترجيح السيناريو الثانى، خاصة بعد أن بدأ بعض قيادات التنظيم الحديث مجددًا فى الحديث عن «خيانة من داخل الفصائل»، و«تواطؤ إعلامى دولى مع القاهرة»، فى محاولة يائسة لحفظ ماء الوجه، خاصة بعد أن فقد مشروع الإخوان من إسطنبول فعاليته، واتضح أمام الجميع- حتى داخل قواعد التنظيم نفسها- أن أدواته أصبحت مستهلكة ومفضوحة وفاشلة.

سوريا: إعادة هيكلة اقتصادية سرية بقيادة شقيق الرئيس وشخصيات غامضة
سوريا: إعادة هيكلة اقتصادية سرية بقيادة شقيق الرئيس وشخصيات غامضة

أهل مصر

timeمنذ 21 ساعات

  • أهل مصر

سوريا: إعادة هيكلة اقتصادية سرية بقيادة شقيق الرئيس وشخصيات غامضة

بعد أسابيع من سيطرة المعارضة السورية على دمشق، تكشف رويترز أن القيادة السورية الجديدة تعمل سرًا على إعادة هيكلة اقتصاد البلاد المثقل بالفساد والعقوبات، تحت إشراف مجموعة من الشخصيات التي لا تزال هوياتها مخفية تحت أسماء مستعارة. وتقدر أصول اللجنة التي تقود هذه المهمة بأكثر من 1.6 مليار دولار، تم جمعها من مصادرة أموال وحصص في شركات تابعة لتكتلات كانت تسيطر عليها مقربون من نظام الأسد السابق. ويقود هذه العملية الشقيق الأكبر للرئيس السوري الجديد أحمد الشرع، حازم الشرع، بينما يرأس اللجنة السرية شخص يدعى "أبو مريم الأسترالي"، والذي كشفت رويترز أن اسمه الحقيقي هو إبراهيم سكرية، وهو مواطن أسترالي من أصل لبناني مدرج على قائمة بلاده للأفراد الخاضعين لعقوبات بتهم تمويل الإرهاب. عملية سرية وخيارات محدودة لم تعلن الحكومة السورية الجديدة عن وجود هذه اللجنة أو عملها للرأي العام، على الرغم من أن مهمتها قد تؤثر على حياة جميع السوريين. ووفقًا لمصادر مطلعة، فإن حجم الفساد في عهد الأسد ترك خيارات محدودة للإصلاح الاقتصادي. وقد قررت اللجنة التفاوض لاستعادة الأموال التي تحتاجها البلاد بشدة وفرض سيطرتها على الأنشطة الاقتصادية الأساسية، بدلًا من مقاضاة رجال الأعمال المتورطين في الكسب غير المشروع أو مصادرة شركاتهم بشكل مباشر. واستند تحقيق رويترز إلى مقابلات مع أكثر من 100 من رجال الأعمال والوسطاء والسياسيين والدبلوماسيين والباحثين، بالإضافة إلى وثائق تتضمن سجلات مالية ورسائل بريد إلكتروني ومحاضر اجتماعات وتسجيل شركات جديدة. تكديس السلطة الاقتصادية على مدار سبعة أشهر، أجرت اللجنة مفاوضات مع أغنى رجال الأعمال السوريين، بعضهم يخضع لعقوبات أميركية. كما أحرزت تقدمًا في الاستحواذ على مجموعة من الشركات التي كانت تدار من داخل قصر الأسد. وقد أثارت هذه المنهجية، التي تتضمن إشراك أقارب الرئيس وشخصيات غامضة، قلق عدد من رجال الأعمال والدبلوماسيين والمحللين الذين يخشون من استبدال نخبة بأخرى في السلطة. وأعلن الرئيس الشرع في 9 يوليو عن إنشاء صندوق سيادي تابع للرئاسة، يشرف عليه شقيقه حازم الشرع. كما كشف عن إنشاء صندوق تنمية برئاسة أحد المقربين من حازم. وقد توصلت رويترز إلى أن حازم الشرع وسكرية هما من حررا النص النهائي لتعديلات قانون الاستثمار، على الرغم من عدم شغل أي منهما منصبًا حكوميًا معلنًا. من إدلب إلى دمشق: "حاكم الظل" في المصرف المركزي يعتمد الدور البارز للجنة في فك رموز الاقتصاد السوري على النفوذ الذي كان يتمتع به أعضاؤها في إدلب، المعقل السابق لهيئة تحرير الشام، التي كانت تُعرف سابقًا باسم جبهة النصرة، الذراع السورية لتنظيم القاعدة. وقد أسست هيئة تحرير الشام هياكل مالية وإدارية خاصة بها بعد انفصالها عن تنظيم القاعدة عام 2016، بما في ذلك شركة النفط "وتد" وبنك الشام. ووفقًا لرويترز، فإن الشخص الذي يقف وراء دخول هيئة تحرير الشام إلى قطاع الأعمال هو "أبو عبد الرحمن"، وهو خباز سابق تحول إلى قائد عسكري بارز، كشفت رويترز أن اسمه الحقيقي هو مصطفى قديد. وقد أقام قديد مكتبه في الطابق الثاني من مصرف سوريا المركزي في اليوم التالي لسقوط دمشق، وأصبح يُعرف بـ"حاكم الظل" الذي يتمتع بسلطة رفض قرارات الحاكم الرسمي للمصرف. إبراهيم سكرية: من قائمة العقوبات إلى قيادة الاقتصاد السوري كشف تحقيق رويترز أن "أبو مريم"، رئيس اللجنة الاقتصادية، هو إبراهيم سكرية. وقد غادر سكرية مدينة بريزبن الأسترالية في عام 2013 قبل يوم واحد من قيام شقيقه أحمد بتفجير شاحنة ملغومة في سوريا. وشقيقه الآخر عمر حُكم عليه بالسجن في أستراليا بتهمة إرسال أموال لجبهة النصرة. وتؤكد الحكومة الأسترالية أن إبراهيم سكرية لا يزال خاضعًا للعقوبات. مفاوضات وصفقات مثيرة للجدل عند وصولها إلى دمشق في ديسمبر، استقرت اللجنة مبدئيًا في فندق "فور سيزونس"، حيث أُزيل قسم المشروبات الكحولية لاستضافة الشيوخ وعقد الاجتماعات الخاصة. ومع مرور الوقت، انتقلت اللجنة إلى مكاتب كان يستخدمها في السابق رجال أعمال بارزون في نظام الأسد. قررت اللجنة عدم مقاضاة رجال الأعمال المشتبه بتحقيقهم أرباحًا غير مشروعة، مفضلة إبرام صفقات تسمح لهم بالعودة للعمل داخل سوريا مقابل التنازل عن جزء من أصولهم. ويشير مصرفي مطلع على المحادثات إلى أن حكام سوريا الجدد ليسوا "فيدل كاسترو"، بل هم "أقرب إلى مكيافيلي". وبموجب هذه الاتفاقات، بدأت القيادة السورية الجديدة في تفكيك اقتصاد عهد الأسد، الذي كان موزعا في معظمه بين رجال أعمال نافذين سيطروا على قطاعات رئيسية. وقد تمكنت اللجنة من إحراز تقدم كبير، فبات ما لا يقل عن نصف إمبراطورية الشركات التي تأسست في عهد الأسد، والتي كانت تعرف باسم "الجروب"، تحت سيطرة اللجنة، بما في ذلك شركة الاتصالات الرئيسية سيريتل. إعادة تسمية الشركات و"المدن المصهورة" استأنفت بعض من أكبر شركات "الجروب" نشاطها ولكن تحت أسماء جديدة. على سبيل المثال، تحولت شركة الطيران الخاصة الوحيدة في سوريا "أجنحة الشام" إلى كيان جديد يُعرف باسم "فلاي شام" بموجب تسوية مع مالكها عصام شموط، الذي تخلى عن 45% من أسهمه ودفع 50 مليون دولار مقابل حصانته من الملاحقة القضائية. كما أبرم بعض من أكبر أقطاب الأعمال في سوريا اتفاقات مع اللجنة. فقد سلّم سامر فوز، الذي فرضت عليه واشنطن عقوبات بتهمة التربح من إعادة إعمار سوريا، حوالي 80% من أصوله التجارية التي تُقدر قيمتها بين 800 مليون إلى مليار دولار. وسلم محمد حمشو، الذي تدير عائلته أنشطة تشمل إنتاج الكابلات والصناعات المعدنية والإلكترونيات، نحو 80% من أصوله التجارية التي تُقدّر قيمتها بأكثر من 640 مليون دولار. هذه الاتفاقات أثارت غضب عدد كبير من السوريين الذين كانوا يأملون في رؤية شخصيات بارزة مرتبطة بالأسد خلف القضبان، مما أدى إلى اندلاع احتجاجات محدودة. التحديات والآمال المستقبلية مع رفع الحكومة الأميركية للعقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا، تتسارع وتيرة الوعود الاستثمارية. فقد قاد وزير الاستثمار السعودي وفدًا تجاريًا إلى سوريا لحضور مؤتمر استثماري يُتوقع أن يطرح فرصًا استثمارية تصل قيمتها إلى ستة مليارات دولار. ومع اقتراب التسويات، بدأ بعض أعضاء اللجنة في تقلّد مناصب عامة، في إطار جهودهم لإضفاء الطابع الرسمي على عملهم الذي كان يتم في الخفاء. وقد بدأ العمل على تغيير لقب "شيخ" الذي كان أعضاء اللجنة يُنادون به بعضهم بعضا إلى لقب "الأستاذ"، مع توجيهات بارتداء البزّات الرسمية وإخفاء المسدسات.

حلمي النمنم: الإخوان ضد مفهوم الوطن.. والبنا لا يؤمن بفكرة الوطن
حلمي النمنم: الإخوان ضد مفهوم الوطن.. والبنا لا يؤمن بفكرة الوطن

الدستور

timeمنذ يوم واحد

  • الدستور

حلمي النمنم: الإخوان ضد مفهوم الوطن.. والبنا لا يؤمن بفكرة الوطن

أكد الدكتور حلمي النمنم، وزير الثقافة الأسبق، أن جماعة الإخوان الإرهابية قامت على فكر يرفض مفهوم الوطن، مشيرًا إلى أن مؤسس الجماعة حسن البنا صرح بأن الأمة الإسلامية تشمل أي مكان يوجد فيه مسلم، وهو ما يعكس رفضهم لفكرة الدولة الوطنية وحدودها الجغرافية. وأوضح النمنم، خلال استضافته ببرنامج "ستوديو إكسترا" المُذاع عبر فضائية "إكسترا نيوز"، أن هذا الطرح يعادي بشكل مباشر مفهوم الانتماء للوطن، مضيفًا أن تفكير الجماعة على المدى البعيد كان سيؤدي إلى إشعال الكثير من الفتن داخل المجتمعات. ونوه إلى أن وعي الشعب المصري كان حائط الصد الأول في مواجهة هذا المشروع الفكري الخطير، الذي يستهدف وحدة الدولة وتماسكها، مشددًا على أن الجماعة لطالما وضعت مصالحها الأيديولوجية فوق مصلحة الوطن.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store