logo
بغداد تطالب أنقرة بزيادة الإطلاقات لمواجهة "أصعب سنة مائية"

بغداد تطالب أنقرة بزيادة الإطلاقات لمواجهة "أصعب سنة مائية"

شفق نيوزمنذ 3 أيام
أكد وزير الموارد المائية، عون ذياب، يوم الأحد، أن العراق يمر بأصعب سنة مائية لم تشهدها البلاد منذ عقود مضت بسبب شح الأمطار وقلة الإيرادات من دول أعالي المنبع، مشدداً على الحاجة الملحة لزيادة الإطلاقات المائية لمواجهة التحديات المائية، خاصة مع تفاقم آثار التغير المناخي.
جاء ذلك خلال لقائه سفير الجمهورية التركية لدى العراق، أنيل بورا إنان، وركز خلاله على التحديات المائية الحرجة التي يواجهها العراق، وآليات تفعيل التعاون الثنائي لتأمين احتياجاته من مياه نهري دجلة والفرات.
وأوضح ذياب في بيان ورد لوكالة شفق نيوز، الإجراءات التي اتخذتها وزارة الموارد المائية للتكيف مع حالة الجفاف بتنفيذ حملة كبرى لإزالة التجاوزات بمختلف أشكالها ومنع الزراعة الصيفية والاكتفاء بتأمين مياه الري لأغراض البستنة وزراعة بعض المحاصيل وتأمين المياه الخام لمحطات الإسالة.
وشدد ذياب على ضرورة المحافظة على الحد الأدنى للجريان البيئي للنهر وحمايته من التلوث، والحفاظ على بيئة شط العرب من خلال خفض نسبة التراكيز الملحية، علاوة على إنعاش الأهوار والحفاظ على إرثها البيئي والأيكولوجي.
من جانبه، أعرب السفير التركي، بحسب البيان، عن استعداد بلاده لتبادل الخبرات وتقديم الدعم الفني، وتنفيذ مشاريع سدود حصاد المياه بتقنيات متطورة.
كما أشاد السفير بكفاءة الشركات التركية وقدرتها على الإسهام في مشاريع البنى التحتية العراقية وتطبيق بنود الاتفاقية الإطارية الموقعة بين البلدين مؤخراً.
وأكد السفير التركي، نقل المشاكل والتحديات التي تواجه قطاع الموارد المائية في العراق نتيجة شح المياه إلى حكومته في أنقرة.
كما قدم السفير التركي، وفق البيان، التعازي للشعب العراقي أجمع والمواساة لأسر شهداء وجرحى فاجعة الكوت.

هاشتاغز

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

رواية مجلس مصر.. ليوناردو شاشا
رواية مجلس مصر.. ليوناردو شاشا

موقع كتابات

timeمنذ ساعة واحدة

  • موقع كتابات

رواية مجلس مصر.. ليوناردو شاشا

ليوناردو شاشا، كاتب إيطالي أو بالأحرى كاتب صقلي يكتب بالإيطالية، لأن البطل الرئيسي لرواياته، والمكان المركزي لتحقيقاته دائما هو هذه الجزيرة غير المفهومة لأولئك الذين لا تعود أصولهم إليها. أرض خصبة مأهولة بالسكان، كانت موضع رغبات متعاقبة لليونانيين والقرطاجيين والرومان والبيزنطيين والعرب والنورمان والفرنسيين والأراجونيين والإسبان والبييمونتيين. ولم تحصل صقلية، التي تتمتع بموقع استراتيجي في البحر الأبيض المتوسط، على الاستقلال قط، الأمر الذي لم يمنعها من تطوير هوية فريدة من نوعها. تعتمد الزراعة المزدهرة فيها على تفاوتات اجتماعية كبيرة. صقلية التي تسودها الجريمة المنظمة بالتواطؤ الضمني من جانب المؤسسات الإيطالية، التي قضت على طبقة النبلاء وامتيازاتها؛ فقد قاوم اليسوعيون ومحاكم التفتيش هناك أفضل من أي مكان آخر، الأمر الذي حال دون ظهور المجتمع المدني لفترة طويلة. تسعى أعمال شاشا الأدبية إلى التحدث عن صقلية، وبالتالي عن فهمها. في 'مجلس مصر'، وهي رواية تاريخية تدور أحداثها في نهاية القرن الثامن عشر، يتساءل شاشيا عن التحرر المستحيل للهياكل السياسية في الجزيرة، وبشكل أكثر عمومية، عن مجموعة الأساطير التي استند إليها تنظيمها الاجتماعي. لم يخترق التنوير صقلية إلا بشكل ضعيف، ولم يزدهر هناك. وبعد عقود من الزمن، أثناء توحيد شبه الجزيرة الإيطالية، منح حكام صقلية من آل بوربون لذوي القمصان الحمر مجتمعا ريفيا عتيقا يؤمن بالخرافات. وقد تطرق جوزيبي توماسي دي لامبيدوزا – قبل سنوات قليلة من نشر رواية مجلس مصر – في روايته 'الفهد' إلى المعتقدات الخرافية التي كان يتبناها المجتمع الصقلي عشية تحرير غاريبالدي له. يعود بنا شاشيا إلى ما قبل ما تحدث عنه أمير لامبيدوزا (جوزيبي توماسي دي لامبيدوزا)، قبل وقت قصير من الثورة الفرنسية بالتحديد، التي كان من المفترض أن يؤدي صداها إلى تصلب كبير لحكم آل بوربون في نابولي. حاولت إدارة نائب الملك كاراتشولو إجراء تحديث خجول، وللقيام بذلك، كان عليها أن تكسر الهياكل النبيلة المحافظة المرتبطة بامتيازاتها. عرض الأب فيلا (الشخصية الرئيسية في الرواية)، على نائب الملك وحليفه الكاردينال إيرولدي فرصة لقطع أغلال صقلية. بعد اكتشاف مخطوطة عربية غير مفهومة للعلماء المحليين، استدعى إيرولدي هذا الكاهن المالطي حتى يتمكن من تحديد القيمة الحقيقية للعمل. اغتنم فيلا الفرصة لتحسين ظروفه المعيشية البائسة، وادعى أنه فك رموز مخطوطة تاريخية ذات قيمة عالية: وثيقة قادرة على دحض ادعاءات نبلاء صقلية. لقد كان الكاهن يكذب، ذلك أن المخطوطة كانت تتحدث عن حياة نبي الإسلام محمد. ولكن لكي يرتقي، كان عليه أن ينخرط في عمليات تزوير عالية المستوى. أتاح العمل الطويل في إعداد الوثيقة لفيلا الفرصة للاندماج في الطبقة العليا لمجتمع باليرمو. سمح فيلا لنفسه، بحذر، أن يتم شراؤه، من قبل النبلاء الذين أرادوا رؤية أسمائهم تظهر في الوثيقة العربية المزورة: اعتقد المجتمع الراقي أن الوثيقة كانت صحيحة، واعتقد أيضا أن فيلا باعتباره مترجِما، يستطيع أن يشير إليهم هنا أو هناك في الوثيقة دون تحريفها في العمق. لقد كانت صقلية بالفعل مملكة تسويات المصالح الذاتية. وفي بلاط نائب الملك، ثم في بلاط فرديناند الثالث ملك نابولي، مَنَحَت الوثيقة المزورة مكانة مرموقة للغاية لفيلا. بدلاً من كشف القصة بطريقة خطية، قام شاشا بتكثيف وقت الرواية في فصول قصيرة، غالبا ما تكون حوارا. الشخصيات، باستثناء فيلا والمحامي الشاب دي بلاسي، ليس لديها أهمية كبيرة، إنها تظهر لتوضح حالة القوى في باليرمو، لتقدم بفضل التسهيلات التي يسمح بها الخيال، صورة واقعية للوضع الاجتماعي والسياسي. الوضع في صقلية. ليس هذا العمل مجرد رواية تاريخية، بالمعنى المبتذل للكلمة (مليئة بالمغامرة والفوضى)، إنه يستخدم الأدوات الروائية لمساءلة التاريخ. يبدأ النص قبل وقت قصير من وفاة ديدرو، حيث لم يصبح عصر التنوير بعد سلاحا فكريا لقوة معادية. وينتهي عندما يغامر جنرال الثورة بونابرت بدخول إيطاليا، مما أثار، بسبب حروبه المنتصرة، تصلب الأنظمة الأوروبية النبيلة. قبل عام 1789، كان النظام في نابولي قادراً، من دون مخاوف دبلوماسية ومخاوف عائلية كبرى، على إضعاف القيود الدينية، فقمع محاكم التفتيش، وطرد اليسوعيين، وكسر نفوذ النبلاء لصالح المجتمع المدني الناشئ والمستنير. في ظل هذه الظروف، مكّن تزوير فيلا من إضعاف طبقة النبلاء. رافقت حركة إصلاحية خجولة صعود الكاهن في المجتمع الباليرمي. بمجرد أن اشتعلت النيران في باريس، وتبعتها فرنسا، لم يعد حكم آل بوربون في نابولي قادرا على ترك الكنيسة والنبلاء لمصيرهما. إن سقوط فيلا، الذي لا يقاوم تزييفُهُ العينَ العلمية، أمر لا مفر منه. ومع ذلك، فإن عار هذا الأب لم يعد في المستوى الأول من الأهمية. إن موهبة شاشا حاضرة في حركة عميقة تؤثر على المستوى الأول والمستوى الثاني للرواية، إلى حد قلب موقعهما. في الجزء الأول من الرواية، ما المجتمع الليبرالي الصغير في باليرمو إلا مسرح للفاعل الرئيسي وخداع المخطوطة العربية. يسلط المؤلف الضوء على الصراع بين المَلَكية ونبلائها الصقليين. إن تطور الظروف التاريخية يؤثر على بناء الرواية ويقلب المشهد. سرعان ما لم يعد الكاهن الماكر محل اهتمام القصة، حيث تصالح الملك والنبلاء تحت التهديد الفرنسي. تغير القصة وجهة النظر وتحل شخصية ثانوية، المحامي دي بلاسي، ممثل النخب الليبرالية والبرجوازية، محل الأب. يروي الجزء الثاني من الرواية فشل مؤامرته الثورية، وتعذيبه – البغيض – وإعدامه، أمام أعين الأب فيلا، ليصبح مرة أخرى تفصيلا غير مهم وضعيف كما كان في البداية. ليست الشخصيات هي الأهم. إن مصير فيلا، الشخصية الكوميدية، ومصير دي بلاسي، الشخصية المأساوية، مهمان أكثر من شخصيتيهما. إنهما ليسا موضوعا القصة، بل شيئان، حركهما شاشيا لتوضيح فترة رئيسية في تاريخ صقلية. تكمن قوة الرواية في رسوخها التاريخي، وفي قدرتها على مساءلة مصير الجزيرة. ضعفها، الذي هو جوهري في رواية الأطروحة، هو جعل الحبكة وسيلة للتفكير السياسي التاريخي. نجح تشاؤم المؤلف الساخر في إحياء الرواية، دون رفعها فوق الإنتاج الأدبي الشائع. أعتقد أنه من الخطأ تقييم العمل من الناحية الفنية فقط. الأدب، بالنسبة لشاشا، ليس عملا حرا، بل هو سلاح، وسيلة لمحاربة عصره. هكذا تحدث فيلا عن مالطا – وعن صقلية، أو تحدث شاشا من خلال هذا الوسيط -: 'عن طريق البحر، يسمح للخيال بالاقتراب من أسطورة العالم الإسلامي وأسطورة العالم المسيحي: كما فعلت أنا، كما عرفت كيف أفعلها… قد يروي البعض القصة، وأنا أروي الأسطورة'. من خلال لعبة المرايا، يشكك شاشا في تاريخ صقلية، وقاعدة الافتراءات التي استندت إليها ادعاءات النبلاء بالأمس، وإنكار المافيا اليوم. إن مثل هيمنة طبقة النبلاء، كمثل هيمنة رجال الأعمال في الجريمة المنظمة، تستمر كلاهما من خلال الأساطير، والأساطير التي يعتقد المتقاعس المذنب أنها حقيقية. يرد شاشا على الخيال بخيال آخر: التاريخ متنكر في ثوب رواية، ضد رواية متنكرة في ثوب التاريخ.

ياسامع الأصوات .. السلامة المدنية في العراق
ياسامع الأصوات .. السلامة المدنية في العراق

موقع كتابات

timeمنذ ساعة واحدة

  • موقع كتابات

ياسامع الأصوات .. السلامة المدنية في العراق

في كل بقاع العالم، تُعد السلامة المدنية ركيزة أساسية لحماية المجتمعات من ويلات الكوارث، سواء كانت طبيعية أو بشرية. وبينما ترسم الدول المتقدمة لوحة متكاملة من الجاهزية والابتكار في هذا المجال، يواجه العراق تحديات فريدة، تُلقي بظلالها على قدرته على تحقيق المعايير العالمية. إن فاجعة حريق ( مول الكوت ) في محافظة واسط، التي حصدت أرواحًا وتسببت في خسائر فادحة، لا تُعد مجرد حادث عابر، بل هي مرآة تعكس الفجوة الكبيرة بين تطلعات السلامة المدنية في العراق وواقعها المؤلم، لتكون بمثابة دعوة صريحة لإعادة تقييم شاملة وخطوات إصلاحية جذرية. في الدول المتقدمة، يُعد الإطار القانوني والمؤسسي لقطاع السلامة المدنية صلبًا ومترابطًا. تُسن قوانين ولوائح صارمة تحدد بوضوح صلاحيات ومسؤوليات جميع الجهات المعنية، من الحكومات المركزية إلى السلطات المحلية والقطاع الخاص وحتى الأفراد. تتوافر هيئات متخصصة ذات هياكل تنظيمية فعالة وتنسيق عالٍ بين مختلف الأجهزة (الشرطة، الإسعاف، المطافئ، الجيش، منظمات المجتمع المدني)، مما يضمن استجابة موحدة وفعالة للأزمات. على النقيض، يواجه العراق تحديات في هذا الجانب. فمديرية الدفاع المدني، التابعة لوزارة الداخلية، تبذل جهودًا مضنية، لكنها تعمل ضمن إطار قانوني قد يحتاج إلى تحديث شامل لمواكبة التحديات الحديثة وأفضل الممارسات الدولية. كما أن التنسيق بين الأجهزة المختلفة، على الرغم من التحسن الملحوظ في بعض المجالات، لا يزال يفتقر إلى الانسجام المطلوب في أوقات الكوارث الكبرى. يظل دور القطاع الخاص والمجتمع المدني في دعم هذه الجهود محدودًا، مما يضع عبئًا كبيرًا على عاتق الجهاز الحكومي. يُضاف إلى ذلك ضعف الرقابة الحكومية في تطبيق قوانين ومعايير السلامة، وهو ما تجلى بوضوح في فاجعة واسط؛ فالتقارير الأولية ألمحت إلى أن المول كان يعمل بدون تراخيص كاملة أو موافقات رسمية، وأن صاحب المشروع ربما تجاهل متطلبات السلامة الأساسية، بما في ذلك مخارج الطوارئ وأنظمة إخماد الحريق. هذا يشير بوضوح إلى أن آليات التفتيش والمتابعة من قبل الجهات الحكومية المعنية لم تكن فعالة بما يكفي لمنع كارثة كهذه من الحدوث. تتبنى الدول المتقدمة نهجًا شاملاً لإدارة الطوارئ يتكون من أربع مراحل متكاملة: التخفيف، الاستعداد، الاستجابة، والتعافي. يُركز على التخفيف من المخاطر عبر التخطيط الحضري المقاوم للكوارث، وتحديث قوانين البناء، وإدارة المخاطر. أما الاستعداد، فيشمل أنظمة الإنذار المبكر، والتدريبات الدورية، وتخزين الإمدادات، وحملات التوعية العامة. في مرحلة الاستجابة، تتميز هذه الدول بفرق إنقاذ مدربة ومجهزة، ومراكز عمليات طوارئ متطورة، وخطط إخلاء وإيواء محكمة. وأخيرًا، تُركز مرحلة التعافي على إعادة الإعمار، والدعم النفسي، واستخلاص الدروس المستفادة. في العراق، يميل التركيز بشكل كبير نحو مرحلة الاستجابة للكارثة (إطفاء الحرائق، عمليات الإنقاذ المباشرة)، وهو أمر حيوي بلا شك. ومع ذلك، لا تزال مراحل التخفيف والاستعداد بحاجة إلى اهتمام أكبر. فتطبيق معايير البناء الصارمة، ووضع خطط إخلاء تفصيلية على مستوى المدن، وتطوير أنظمة إنذار مبكر فعالة وشاملة، لا تزال تمثل تحديات كبيرة. فاجعة واسط خير دليل على ذلك؛ فلو كانت هناك خطط واضحة للتخفيف من المخاطر (مثل استخدام مواد بناء غير قابلة للاشتعال، وتصميم المبنى بمخارج طوارئ كافية وواضحة)، ولو كان هناك استعداد كافٍ (مثل أنظمة إنذار مبكر فعالة وتدريبات على الإخلاء)، لكانت الخسائر أقل بكثير. هذه الفاجعة أظهرت أن الاستجابة جاءت متأخرة وأن قدرة الدفاع المدني على التعامل مع هذا الحجم من الحريق كانت محدودة بسبب نقص المعدات الحديثة والمتخصصة لمثل هذه الأبنية الشاهقة والمزدحمة. تعتمد الدول المتقدمة بشكل كبير على التكنولوجيا والابتكار في جميع جوانب السلامة المدنية. تُستخدم أنظمة المراقبة المتقدمة، وشبكات الاتصال المرنة، وأنظمة المعلومات الجغرافية لتحليل البيانات وتقييم الأضرار، بالإضافة إلى الطائرات بدون طيار (الدرونز) لتقديم المساعدة. يساهم البحث والتطوير المستمر في إنتاج معدات إنقاذ وإغاثة متطورة. في المقابل، يعاني العراق من فجوة تكنولوجية واضحة. على الرغم من وجود بعض المبادرات لتبني تقنيات حديثة مثل الكاميرات الحرارية، إلا أن النقص في التمويل يحد من القدرة على تحديث المعدات والبنية التحتية التكنولوجية بالسرعة المطلوبة. العديد من المعدات لا تزال قديمة أو غير كافية لمواجهة التحديات المتزايدة، مما يؤثر على كفاءة الاستجابة. في حادثة واسط، على الرغم من الجهود البطولية لفرق الدفاع المدني، تشير التقارير إلى أنهم واجهوا صعوبة في التعامل مع الحريق بسبب افتقارهم إلى المعدات اللازمة لإنقاذ المحاصرين في الطوابق العليا أو للسيطرة السريعة على النيران التي انتشرت بسرعة مذهلة، وهو ما يؤكد هذه الفجوة. بصفتها دولة تعيش في منطقة متقلبة وتواجه تحديات بيئية متزايدة مثل التصحر والفيضانات، يواجه الدفاع المدني العراقي تحديات فريدة. نقص التمويل، تآكل المعدات، وحاجة الكوادر إلى تدريب مستمر ومتخصص، كلها عوامل تعيق التطور. كما أن آثار الصراعات، من الألغام إلى المتفجرات غير المنفجرة، تضع عبئًا إضافيًا على عاتق هذا الجهاز الحيوي. يُضاف إلى ذلك ما ذُكر آنفًا من ضعف الرقابة الحكومية في تطبيق معايير السلامة، الأمر الذي يؤثر سلبًا على البنية التحتية ويجعلها أكثر عرضة للحوادث، وفاجعة واسط نموذج حي لذلك. المطالبات بإقالة المسؤولين وتوقيف بعض الضباط بعد الفاجعة تشير إلى وجود خلل في سلسلة القيادة والمساءلة، وهو ما يختلف عن الدول المتقدمة التي تكون فيها المسؤوليات محددة بدقة وآليات المساءلة واضحة. ومع ذلك، تكمن الفرص في الإرادة السياسية المتزايدة لتعزيز القدرات، والدعم الدولي الذي يتلقاه العراق في تدريب الكوادر وتجهيزها، بالإضافة إلى الوعي المجتمعي المتنامي بأهمية السلامة. لكي يضاهي العراق مستوى الدول المتقدمة، يتطلب الأمر: زيادة الاستثمار وتخصيص ميزانيات كافية لتحديث شامل للمعدات والبنية التحتية، وتطوير الإطار القانوني ليكون أكثر شمولية ومرونة، وبناء القدرات البشرية من خلال برامج تدريب مكثفة ومستمرة للكوادر في جميع مجالات إدارة الطوارئ، وتفعيل الرقابة الحكومية لضمان تطبيق معايير السلامة بصرامة، وتحويل التركيز من الاستجابة فقط إلى الوقاية والتخفيف والاستعداد، وتبني التكنولوجيا والاستفادة القصوى من أحدث التقنيات لتعزيز الكفاءة، وتعزيز الشراكة المجتمعية وتفعيل دور القطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني في جهود السلامة، وأخيرًا، التعاون الدولي للاستفادة من الخبرات والتجارب العالمية في مجال إدارة الكوارث. إن بناء نظام سلامة مدنية قوي ومرن في العراق ليس ترفًا، بل ضرورة حتمية لحماية أمن المواطنين ومستقبل البلاد. فاجعة واسط ليست سوى تذكير مؤلم بأن التقاعس عن معالجة هذه التحديات له ثمن باهظ يدفع بالأرواح والممتلكات. وبينما تبدو الفجوة كبيرة، فإن الإصرار على التغيير والتعاون المشترك يمكن أن يحول التحديات إلى فرص لبناء مستقبل أكثر أمانًا للعراق.

نقد العقل العربي والهولوكوست السوري: السويداء نموذجًا
نقد العقل العربي والهولوكوست السوري: السويداء نموذجًا

موقع كتابات

timeمنذ ساعة واحدة

  • موقع كتابات

نقد العقل العربي والهولوكوست السوري: السويداء نموذجًا

في لحظة تاريخية حرجة، وبين دخان المعارك وجراح الذاكرة، يعود محمد عابد الجابري ليقف أمامنا، لا كمفكر نقدي فقط، بل كصوت صارخ في برية الهلاك العربي. ثلاثيته الشهيرة: القبيلة، والغنيمة، والعقيدة، لم تكن توصيفًا لماضٍ سحيق، بل كانت ، وما تزال ، خارطة ذهنية لكل الخراب الممتد من المحيط إلى الخليج . والسويداء اليوم، تلك المدينة التي حملت على كتفيها تراث الموحدين الدروز، تتحول إلى ساحة اختبار قاسية لهذه البنية العقلية التي ما زالت تحكمنا . فحين تُستدعى القبيلة لا بوصفها رابطة اجتماعية أو ذاكرة مجتمعية، بل كأداة قمع وقتل، تتحول إلى قوة فوضى لا تعرف قانونًا ولا تعترف بحق . وما نشهده في السويداء هو استدعاء مقصود وممنهج لهذه البنية، عبر تسليح جماعات متطرفة تحت لافتة 'الفزعة العشائرية'، بينما الواقع يكشف عن تحريك منظم لمليشيات ذات طابع داعشـي، تتبع لهيئة تحرير الشام بزعامة الجولاني، تحت غطاء محلي أو تسويغ مناطقي . إن القبيلة هنا تتحول من درعٍ اجتماعي إلى خنجرٍ طائفي يُشهر في وجه مكون أصيل من مكونات الهوية السورية، في أبشع مشهد للتواطؤ بين السلاح والعصبية . ومن رحم هذه العصبية تولد الغنيمة . ليست غنيمة حرب فحسب، بل غنيمة وجود، وغنيمة جغرافيا، وغنيمة سلطة فوق الأنقاض . تُعامل السويداء لا بوصفها منطقة متمردة، بل باعتبارها 'أرضًا سائبة' يُعاد تشكيلها سياسيًا وطائفيًا بالقوة . إن ما يطمح إليه الجولاني وداعموه ليس فقط إخماد أصوات المعارضة، بل فتح الطريق لهيمنة فكرية، مذهبية على منطقة نأت بنفسها طيلة سنوات عن الطائفية، وبقيت تقاوم مشاريع الأسلمة السياسية سواء من النظام أو من الجماعات المسلحة . الغنيمة هنا ليست ماديات، بل روح المكان، وقرار أهله، واستقلالهم الهوياتي والسياسي، الذي يراد سحقه . أما العقيدة، فتدخل هذا المشهد لا كإيمان خاص أو معتقد شخصي، بل كأداة تكفير وإقصاء . يُمارس على الدروز اليوم إرهاب رمزي وجسدي مزدوج، يبدأ بالتشهير وينتهي بالإذلال العلني عبر حلق لحى وشوارب الشيوخ في مشهد مُهين ومدروس، يهدف إلى تحطيم الهيبة المعنوية للطائفة بأكملها . هذا لا ينتمي لأي صراع سياسي، بل يعيدنا إلى منطق 'الفتح' الذي لا يرى في المختلف إلا عدوًا أو عبدًا، ولا في الطائفة إلا ضلالًا يجب تصحيحه بالقوة، أو إبادته إن اقتضى الأمر . لقد تحولت العقيدة ، كما وصفها الجابري ، من أداة للسمو إلى وسيلة للقتل الممنهج، ومن مبدأ أخلاقي إلى فتوى تبرر سفك الدم . وسط كل هذا، يقف الإعلام العربي صامتًا، متواطئًا، أو منشغلًا بتزييف الصورة . تُمارس أكبر جريمة تطهير طائفي منذ سنوات، لكن دون كاميرات، ودون ضجة، ودون إدانة. لا حديث عن قطع الكهرباء، ولا عن منع الماء، ولا عن الحصار الغذائي والطبي . لا صور للقتلى، ولا لأجساد الشيوخ التي أُهينت، وكأن هناك قرارًا غير مكتوب بأن ما يجري في السويداء لا يستحق أن يكون خبرًا . الإعلام الطائفي منحاز للمجرم، أما الليبرالي فيلوذ بالصمت، ربما لأنه لا يعرف من الضحية، أو لأنه خائف من أن يُتّهم بـ'الاصطفاف الطائفي' إن قال الحقيقة . إن ما يحدث في السويداء ليس مجرد اشتباك، بل علامة دامغة على أن العقل العربي لم يخرج بعد من كهف الجابري. ما زال رهين القبيلة التي تقتل، والغنيمة التي تُنهب، والعقيدة التي تُكفّر . الفشل في تجاوز هذه البنية لم يعد ثقافيًا أو فكريًا فقط، بل صار جريمة دموية بحق شعوبنا.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store