
تقرير: سالم بن بريك وقرارات إنقاذ الريال اليمني والتعافي الاقتصادي
خلفية الأزمة
قبل تولي بن بريك منصبه، كان الاقتصاد اليمني يعيش واحدة من أسوأ مراحله:
• سعر الصرف وصل إلى 2899 ريال للدولار في بعض المناطق.
• التضخم تجاوز 80% في أسعار المواد الغذائية.
• العجز في الموازنة بلغ مستويات قياسية نتيجة توقف صادرات النفط وانخفاض الإيرادات العامة.
• تدهور حاد في الخدمات الأساسية، خاصة الكهرباء والغاز.
تحركات ميدانية
منذ لحظة عودته إلى عدن في مايو 2025، كسر رئيس الوزراء نمط العمل الحكومي التقليدي عبر النزول الميداني المباشر. قام بزيارات مفاجئة لوزارات حيوية، والتقى مسؤولي الكهرباء والنفط والغاز، وعقد اجتماعات متكررة مع محافظ البنك المركزي. مشهد رئيس الوزراء وهو يتفقد مصافي عدن أو يترأس اجتماعات طارئة لبحث أزمة الوقود والكهرباء، نقل رسالة واضحة بأن الحكومة انتقلت من مرحلة الأقوال إلى الأفعال.
قرارات مالية حاسمة
في يونيو، أطلقت الحكومة حزمة إصلاحات مالية جذرية شملت وقف أي إصدار نقدي جديد، وإغلاق شركات الصرافة المخالفة، وتفعيل أدوات الدين العام، وتشديد الرقابة على السوق المصرفي، ورفع كفاءة تحصيل الإيرادات من المنافذ. هذه الإجراءات انعكست سريعاً على سعر الصرف، فتراجع الدولار من نحو 2899 ريال إلى 1617 ريال، مما أعطى الأسواق إشارة قوية بجدية الحكومة في حماية العملة.
إصلاحات الطاقة والغاز
تحرك رئيس الوزراء سريعاً لمعالجة أزمة الكهرباء عبر ضخ كميات إسعافية من الوقود للمحطات وتوفير شحنات إضافية بدعم خارجي، مع توجيه خطط لتنويع مصادر الطاقة. أما في ملف الغاز المنزلي، فتم رفع الحصص المخصصة للمحافظات وإنشاء مخزون استراتيجي وتشديد الرقابة لمنع الاحتكار.
مشاريع استراتيجية وتنموية
لم تقتصر خطوات الحكومة على المعالجات العاجلة، بل امتدت إلى مشاريع استراتيجية كإعادة تشغيل مصافي عدن وتحويلها إلى منطقة حرة. وفي أغسطس، ترأس سالم بن بريك اجتماعاً حكومياً أقر إجراءات لتسريع استكمال مشروع إعادة تأهيل ميناء الاصطياد السمكي وملحقاته في عدن بتمويل ألماني عبر البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة، بهدف رفع الإنتاجية وتحسين الوضع الاقتصادي للسكان وتعزيز الأمن الغذائي. المشروع شمل تأهيل المبنى الإداري، وتوريد معدات مخبرية لمراقبة جودة الأسماك، وتدريب مئات المستفيدين، واستكمال الدراسات الفنية لتطوير البنية التحتية للميناء.
الرقابة على الأسواق وضبط الأسعار
مع تحسن سعر الصرف، شدد رئيس الوزراء على ضرورة انعكاس ذلك مباشرة على حياة المواطنين، خصوصاً في أسعار الأسماك والمنتجات الزراعية. أطلقت الحكومة بالتنسيق مع وزارتي الزراعة والصناعة حملات رقابية مكثفة على الأسواق، وإصدار نشرات شبه يومية للأسعار، وضبط أي ممارسات احتكارية. وفي خطوة نوعية، أصدر مجلس الوزراء في 12 أغسطس قراراً يحظر استخدام العملات الأجنبية بديلاً عن الريال اليمني في المعاملات التجارية والخدمية، مؤكداً التزامه بفرض السيادة النقدية.
تعزيز السيادة الاقتصادية
في اجتماع مجلس الوزراء بتاريخ 13 أغسطس، أُجري تقييم شامل للإجراءات الرقابية على الأسعار، وتم التشديد على استدامة التحسن الاقتصادي، وضمان أن استقرار سعر الصرف ليس هدفاً بحد ذاته بل وسيلة لتخفيف الأعباء المعيشية. المجلس أكد أن هذه الخطوات تأتي ضمن مواجهة الحرب الاقتصادية الحوثية، وأشاد بدعم الأشقاء في السعودية والإمارات، داعياً لتوسيع الشراكات مع المانحين لتثبيت مكاسب الاستقرار.
المعركة مع الحوثيين
أدركت الحكومة أن الإصلاح الاقتصادي لا ينفصل عن مواجهة الحرب الاقتصادية التي يشنها الحوثيون، فأصدرت قرارات تبطل أي إجراءات مالية لهم، وواجهت العملة المزورة، وسعت دبلوماسياً للضغط عليهم في ملف النفط والموانئ.
تصريحات مباشرة
في أكثر من مناسبة، شدد رئيس الوزراء سالم صالح بن بريك على أن التحسن في سعر الصرف 'ليس خبراً اقتصادياً فقط، بل فرصة لرد الاعتبار لجيوب المواطنين'. وأكد أن الأمن الغذائي أولوية مطلقة، وأن المضاربة والاحتكار 'خصمان سنواجههما بكل الوسائل القانونية'. وفي حديثه للتجار والمستوردين، قال: 'الأسعار يجب أن تنخفض فوراً، ولا مبرر لبقائها مرتفعة. انخفاض سعر الصرف ليس رقماً نظرياً، بل يجب أن يشعر به المواطن في حياته اليومية'، مضيفاً: 'ليس مقبولاً أن يكون سعر مزاد الجملة في مواقع الإنزال منخفضاً، بينما سعر التجزئة في المدن والقرى مضاعفاً. وجهت بضبط الفارق بين الجملة والتجزئة حتى تصل المنتجات للمستهلك بسعرها العادل'.
كما شدد على أن الحكومة لن تسمح بأن يظل المواطن أسير جشع بعض التجار، وأن فرق الرقابة ستضاعف جهودها ولن تتهاون مع أي مخالفات، مؤكداً أن كل جهة أو فرد يحاول الالتفاف على القرارات لتحقيق مكاسب غير مشروعة 'سيُحاسب وفق القانون ودون أي استثناء'.
ردود الفعل الشعبية
أحدثت هذه الإجراءات والقرارات حالة ارتياح شعبي كبير، خصوصاً مع بدء ملاحظة انخفاض أسعار بعض السلع الأساسية في الأسواق. امتلأت منصات التواصل الاجتماعي برسائل دعم لرئيس الوزراء وفريقه، وكتب ناشطون أن 'ما يحدث اليوم هو بداية معركة اقتصادية حقيقية لاستعادة كرامة المواطن'. واعتبر آخرون أن هذه الخطوات 'تعكس جدية الحكومة في مواجهة الفساد والمضاربة، وإعادة الثقة بين المواطن والدولة'. في الشارع، عبّر مواطنون عن ارتياحهم لعودة بعض الخدمات وتحسن إمدادات الكهرباء والغاز، معتبرين أن أي تحسن اقتصادي يجب أن يترجم سريعاً إلى تغير ملموس في معيشة الناس. هناك من شبّه هذه الجهود بـ'عملية إنقاذ لاقتصاد كان على حافة الانهيار'، مؤكدين أن دعم المواطنين للحكومة في هذه المرحلة أمر ضروري لاستمرار الزخم وتحقيق المزيد من النتائج.
تحليل الخبراء
يرى خبراء الاقتصاد أن القرارات الأخيرة، خاصة وقف الطباعة وضبط سوق الصرف وحظر التعامل بالعملات الأجنبية في المعاملات الداخلية، تمثل إجراءات سيادية نادرة الحدوث في السياق اليمني، وهي قادرة على إعادة بناء الثقة بالعملة الوطنية إذا ترافقت مع سياسات اقتصادية متكاملة. ويشير الخبراء إلى أن التركيز على مشاريع استراتيجية كإعادة تأهيل ميناء الاصطياد، وإعادة تشغيل المصافي، وتوسيع الاستثمار في الطاقة، يمكن أن يوفر مصادر دخل جديدة ويقلل من الاعتماد على النفط الخام كمصدر رئيسي للإيرادات.
لكنهم في الوقت نفسه يحذرون من أن هذه المكاسب لا تزال هشة، إذ يمكن أن تتأثر سلباً بانتكاسات أمنية أو سياسية، أو بتأخر الدعم الخارجي الضروري لتغطية العجز وتمويل مشاريع البنية التحتية. ويرى بعضهم أن معركة ضبط الأسعار أصعب من استقرار سعر الصرف، لأنها تتطلب تنسيقاً محكماً بين الحكومة والقطاع الخاص والسلطات المحلية، إضافة إلى حملات رقابية مستمرة. كما يشددون على ضرورة خلق بيئة استثمارية آمنة وجاذبة، لأن أي انتعاش اقتصادي حقيقي لن يكون ممكناً دون عودة النشاط الاستثماري وفتح فرص العمل أمام المواطنين.
الخلاصة
أربعة أشهر من العمل المكثف وضعت الاقتصاد اليمني على مسار مختلف: تحسن سعر الريال، تراجع أسعار بعض السلع، تحرك مشاريع استراتيجية كميناء الاصطياد ومصافي عدن، وتشديد الرقابة على الأسواق. ورغم بقاء تحديات كبرى أبرزها الحرب الاقتصادية الحوثية وتراجع الإيرادات النفطية، فإن ما تحقق يمثل خطوة متقدمة في معركة استعادة الاستقرار والسيادة الاقتصادية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


اليمن الآن
منذ 13 دقائق
- اليمن الآن
توحيد العملة قريباً.. انهيار اقتصادي غير مسبوق للحوثيين يكشفه خبير اقتصادي
اخبار وتقارير توحيد العملة قريباً.. انهيار اقتصادي غير مسبوق للحوثيين يكشفه خبير اقتصادي السبت - 16 أغسطس 2025 - 11:58 م بتوقيت عدن - نافذة اليمن - خاص قال الصحفي والخبير الاقتصادي ماجد الداعري في حديثه لقناة "بلقيس" إن مليشيا الحوثي تعيش اليوم أسوأ وضع اقتصادي منذ سنوات، نتيجة الالتفاف الدولي الداعم للحكومة الشرعية وبدء تعافي الوضع الاقتصادي وتحسن قيمة العملة الوطنية، مقابل استمرار العقوبات الأمريكية والحظر على موانئهم. وأشار الداعري إلى أن نجاح الحكومة وإجراءات البنك المركزي في تجفيف الكثير من مصادر التمويل بالعملات الصعبة، من خلال منع المصارفة والتحويلات الأجنبية من الصرافات لأكثر من ألفي دولار إلا للحالات المرضية والعلاجية، وحصر سقف تحويلات البنوك على خمسة آلاف دولار بنفس الضوابط والشروط المحدودة، سيجبر الحوثيين على العودة للتفاوض الاقتصادي والموافقة على طلب إنهاء الانقسام النقدي وتوحيد قيمة صرف العملة المحلية لأول مرة، حيث لم تعد نتائج الأوضاع الاقتصادية تسير لصالحهم كما كان من قبل. وأوضح الداعري أن منع دخول السلع والبضائع من مناطق سيطرة الحوثيين مرتبط بإجراءات الحكومة وتقييمها لحاجة السوق، ومدى إمكانية إيجاد بدائل قانونية، بما يضمن عدم تعميق الانقسام النقدي والسياسي والجغرافي في بلد واحد وفق رؤية الحكومة الشرعية المعترف بها دوليًا. وأضاف أن عقوبات البنك المركزي مستمرة ومتزايدة بحق الصرافات المخالفة، بما يشمل الملاحقات الأمنية، وهو مؤشر إيجابي لضمان عدم عودة المضاربات بالعملة، وأن الفترة المقبلة ستشهد تحسناً أكبر في الأسعار وقيمة الصرف نتيجة عودة الثقة الدولية بالحكومة، وقرب استئناف تعهد المانحين بعد نجاح الحكومة في الإيفاء بالالتزامات المرتبطة ببرنامج الإصلاح الاقتصادي. كما أكد الداعري أن نجاح اللجنة الوطنية لتنظيم وتمويل الواردات في تغطية احتياجات التجار المستوردين بالدولار وفق الصرف الجديد سيؤدي إلى وصول السلع قريباً إلى الأسواق بأسعار أقل مما هي عليه الآن. وتوقع الداعري أن المرحلة المقبلة ستشهد تحسناً أكبر لسعر الصرف مرتبطاً بتحسن مالية الدولة ومواردها المالية الموعودة، التي سيتم تجميع الكثير منها في البنك المركزي الصامد، رغم الضغوط الرافضة لبعض الإجراءات التنظيمية والعقابية. وشدد الداعري على ضرورة تكاتف المجتمع مع المؤسسات الحكومية لمراقبة وضبط الأوضاع، والتفاعل مع قرارات الحكومة لمعاقبة كل المخالفين، لضمان استمرار الاستقرار الاقتصادي وتعزيز الثقة بالعملة الوطنية. الاكثر زيارة اخبار وتقارير تحول استراتيجي أمريكي تجاه اليمن. اخبار وتقارير صور ورعب جنوب صنعاء.. بنت شابة تقيّد شقيقتين وتلقيهن في حفرة بالمطبخ أثناء . اخبار وتقارير سيول جارفة وأمطار غزيرة تضرب تعز.. تضرر منازل وانهيارات صخرية وممتلكات في خ. اخبار وتقارير كشف جديد.. أمريكا تدعم العليمي والمعبقي بخطوات جريئة لـ"سحق" الحوثيين اقتصا.


اليمن الآن
منذ 13 دقائق
- اليمن الآن
خبير اقتصادي يتحدث عن التفات دولي لدعم الحكومة وانهيار لدى الحو ثيين
كريتر سكاي: خاص تحدث الخبير الاقتصادي ماجد الداعري عن وجود التفات دولي كبير لدعم الحكومة الشرعية وقال الداعري في تغريدة له على حائط صفحته الرسمية بمنصة اكس: الحوثيون يعيشون اليوم في أسوأ وضع اقتصادي،بفعل الالتفات الدولي الداعم للحكومة وبدء تعاف الوضع الاقتصادي وتحسن قيمة العملة،مقابل إستمرار العقوبات الامريكية والحظر ع موانئهم واختتم بالقول: ونجاح إجراءات البنك المركزي في تجفيف كثير من مصادر تمويلهم بالعملات الصعبة بمنع المصارفة والتحويلات الأجنبية


اليمن الآن
منذ 43 دقائق
- اليمن الآن
قيادي جنوبي يتحدى الحكومة اليمنية إلزام مارب توريد عائداتها للبنك المركزي بالعاصمة
قيادي جنوبي يتحدى الحكومة اليمنية إلزام مارب توريد عائداتها للبنك المركزي بالعاصمة وكالة المخا الإخبارية اعتبر القيادي السابق في المجلس الانتقالي الجنوبي، فضل الجعدي، أن نجاح الحكومة في إلزام محافظة مأرب بتوريد عائداتها إلى البنك المركزي في العاصمة عدن، سيمثل إنجازاً اقتصادياً كبيراً يسهم في دعم الخزينة العامة. وقال الجعدي في منشور على صفحته بموقع "فيس بوك": "إذا استطاعت الحكومة إلزام مأرب بالتوريد إلى البنك المركزي بعدن، فذلك سيكون إنجازاً كبيراً جداً في مسار الإصلاحات الاقتصادية، وسيساهم بشكل استثنائي في رفد الخزينة بما ينعكس على تحسن سعر الريال أمام العملات الأخرى، وستكون ضربة معلم غير عادية. ويمتنع سلطان العرادة من توريد إيرادات محافظة مارب إلى البنك المركزي بعدن، مجسدا بذلك نظام الحكم الذاتي خصوصا بعد رميه التوجيهات الرئاسية عرض لحائط.