
ترامب يصعّد الحرب التجارية ويرفع رسوم الصلب إلى 50% وسط توتر متجدد مع الصين
في خطوة أثارت توتراً جديداً في العلاقات التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ، يوم الجمعة، مضاعفة الرسوم الجمركية على واردات الصلب من 25% إلى 50%، في قرار قال إنه يهدف إلى دعم صناعة الصلب الوطنية.
جاء إعلان ترامب خلال خطاب ألقاه أمام عمال مصنع في ولاية بنسلفانيا، حيث أشاد بالشراكة بين شركة "يو إس ستيل" الأمريكية و"نيبون ستيل" اليابانية، مؤكداً أن هذه الرسوم "ستوفر ضمانة أكبر لصناعة الصلب الأمريكية"، وأضاف: "لن يفلت أحد من ذلك".
وفي منشور عبر منصته "تروث سوشال"، أوضح ترامب أن القرار سيدخل حيز التنفيذ اعتباراً من يوم الأربعاء 4 يونيو/حزيران المقبل، مشيراً إلى أن "صناعتَي الصلب والألمنيوم في الولايات المتحدة تشهدان تعافياً غير مسبوق".
منذ بداية ولايته الرئاسية الثانية في يناير/كانون الثاني 2025، كثف ترامب من فرض الرسوم الجمركية على حلفاء وخصوم الولايات المتحدة على حد سواء، متبنياً نهجاً حمائياً أكثر تشدداً. وشملت التعرفات الجديدة قطاعات الصلب والألمنيوم والسيارات.
وتعهد ترامب بالحفاظ على شركة "يو إس ستيل" تحت السيطرة الأمريكية، مؤكداً عدم حدوث أي تسريحات للعمال أو تعاقدات خارجية بموجب الشراكة مع الشركة اليابانية.
القرار الأميركي قوبل برد فعل سلبي في بكين، حيث اتهم ترامب الصين بـ"انتهاك" اتفاق لخفض التصعيد الجمركي، كان قد أُبرم مؤخرًا، وقال إنه يتوقع محادثة قريبة مع الرئيس الصيني شي جينبينغ.
وكان البلدان قد اتفقا في مايو/أيار على تعليق الزيادات الجمركية لمدة 90 يوماً بعد محادثات في جنيف، لكن ترامب قال في منشوره: "الصين انتهكت الاتفاق معنا بالكامل"، دون تقديم تفاصيل إضافية.
وأكد وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت في مقابلة مع "فوكس نيوز" أن المحادثات مع الصين "متعثرة بعض الشيء"، بينما أرجع مراقبون فشل المفاوضات إلى تباطؤ الصين في إصدار تراخيص تصدير المعادن النادرة، التي تعتبر ضرورية لصناعة السيارات والرقائق الإلكترونية.
صحيفة "وول ستريت جورنال" ذكرت أن الصين لم تلتزم بمتطلبات استئناف صادرات المعادن النادرة، مما أثار غضب واشنطن، في حين أشار ممثل التجارة الأمريكي إلى أن العجز التجاري مع الصين ما زال مرتفعاً، و"لا يظهر أي تغيير كبير في سلوك بكين".
تصاعدت الإجراءات الانتقامية بين البلدين، حيث سبق للصين أن خفضت رسومها الجمركية من 125% إلى 10%، بعد أن أعلنت واشنطن خفض رسومها مؤقتاً من 145% إلى 30%، في محاولة لتهدئة الأوضاع، لكن التصعيد عاد من جديد بعد إعلان ترامب الأخير.
في هذه الأثناء، كشف ممثل التجارة الأمريكي عن محادثات مكثفة تجريها واشنطن مع شركاء تجاريين آخرين مثل الاتحاد الأوروبي وماليزيا وفيتنام، وأكد أن اليابان والولايات المتحدة تحرزان تقدماً نحو اتفاق تجاري جديد، بحسب وكالة "كيودو".
من جهتها، أعلنت وكالة الإحصاء الكندية أن اقتصاد كندا نما بنسبة 2.2% في الربع الأول من عام 2025، بسبب زيادة الصادرات، في محاولة استباقية قبل دخول الرسوم الجمركية الأمريكية على السلع الكندية حيز التنفيذ. وكانت كندا قد ردت سابقاً برسوم مضادة على البضائع الأمريكية.
في تطور آخر، أصدرت محكمة تجارية أمريكية حكماً يقضي بأن الرئيس ترامب تجاوز سلطاته في فرض رسوم جمركية شاملة باستخدام صلاحيات اقتصادية طارئة، وعلّق الحكم مؤقتاً بانتظار الاستئناف. لكن الحكم أبقى على الرسوم المفروضة على قطاعات محددة مثل الصلب والسيارات.
التوترات التجارية بين واشنطن وبكين ليست جديدة، لكنها تجددت منذ عودة ترامب إلى البيت الأبيض، حيث تبنى سياسة اقتصادية أكثر عدوانية تجاه الصين وشركاء آخرين، مدفوعاً بهدف تعزيز التصنيع الأمريكي وتقليص العجز التجاري.
وتبقى الأنظار متجهة إلى تطورات المفاوضات القادمة بين البلدين، في وقت تتزايد فيه المخاوف من اندلاع "حرب تجارية" جديدة قد تهدد الاستقرار الاقتصادي العالمي.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الأيام
منذ 5 ساعات
- الأيام
أزمة طلاب هارفارد الأجانب: الخوف والقلق ومعركة من أجل حرية التعليم الأكاديمي
EPA ترفرف رايات هارفارد القرمزية الشهيرة فوق مبان الحرم الجامعي خلال أسبوع التخرج. ففي الوقت الذي كان يُفترض فيه أن يحتفل آلاف الطلاب بتخرجهم، يجد الطلاب الأجانب أنفسهم وسط عاصفة من التوتر السياسي والمعارك القانونية وغموض عميق بشأن مستقبلهم في الولايات المتحدة. بذلت إدارة ترامب جهوداً واسعة لمنع جامعة هارفارد من تسجيل طلاب أجانب، متهمة إياها بتشجيع معاداة السامية، وانتهاك القوانين الفيدرالية، وعدم الامتثال لشروط برنامج تأشيرات الطلاب. وقد ألغت وزارة الأمن الداخلي اعتماد هارفارد ضمن برنامج الطلاب والزوار الأجانب، ما يعني عملياً حرمانها من استضافة طلاب أجانب. وقالت قاضية فيدرالية في بوسطن يوم الخميس إنها ستصدر أمراً بوقف تنفيذ هذا الحظر مؤقتاً، ما منح هارفارد مهلة قصيرة. في المقابل، منحت إدارة ترامب الجامعة مهلة 30 يوماً لتقديم مستندات وأدلة تثبت تعاونها مع مطالب الحكومة. تصاعد الضغوط من البيت الأبيض شهد يوم التخرج هذا الأسبوع في هارفارد مظاهر احتجاج رمزية، حيث ارتدى الطلاب زهوراً بيضاء تضامناً مع زملائهم الأجانب. وعلى عكس العام الماضي، عندما واجه قادة الجامعة انتقادات بسبب طريقة تعاملهم مع الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين، قوبل الرئيس آلان جاربر بتصفيق حار لدفاعه عن الجامعة. لكن الضغوط من واشنطن تتصاعد. فقد أعلن وزير الخارجية ماركو روبيو أن الولايات المتحدة ستبدأ بإلغاء تأشيرات بعض الطلاب الصينيين ضمن حملة أوسع تستهدف الطلاب الأجانب في جميع أنحاء الولايات المتحدة. وعلى الرغم من أن القرار لا يقتصر على هارفارد، إلا أنه يزيد من حالة الخوف وعدم اليقين في الحرم الجامعي. وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد طالب جامعة هارفارد مؤخراً بتسليم معلومات عن طلابها الأجانب، قائلاً: "نريد قائمة بأسماء هؤلاء الطلاب الأجانب وسنحدد ما إذا كانوا يشكلون خطراً. البعض سيكون جيداً على الأرجح، وأعتقد أنه في حالة هارفارد سيكون هناك الكثير من السيئين. كما أن لديهم مشكلة خطيرة في معاداة السامية، وهذا يجب أن يتوقف فوراً." "نُعامَل كأدوات في صراع سياسي" BBC ماتياس إيسمان، طالب دنماركي بالنسبة للطلاب مثل ألفريد ويليامسون، وهو طالب دنماركي في جامعة هارفارد، فإن هذه الإجراءات تمسهم شخصياً. يقول: "نُستخدم كأدوات في لعبة لا نتحكم فيها. نحن عالقون بين إدارة الجامعة والبيت الأبيض." ماتياس إيسمان، طالب دنماركي آخر يدرس الماجستير في الإدارة العامة، عبّر عن خيبة أمله قائلاً: "لقد عشت في أمريكا ثلاث مرات، وكنت أشعر بالترحيب دائماً، حتى الآن. لا زلت أؤمن بأمريكا، وأعتقد أن الأمور ستتغير، لكن عندما يُقال لي إن الجامعة التي استضافتني لم يعد مسموحاً لها بذلك، فمن الصعب البقاء." حلم في مهب الريح BBC خالد إمام، وهو زميل تدريسٍ مصري يبلغ من العمر 30 عامًا في كلية كينيدي بجامعة هارفارد بالنسبة لخالد إمام، وهو زميل تدريس مصري يبلغ من العمر 30 عاماً في كلية كينيدي بجامعة هارفارد، فإن قرارات الإدارة تمس حلماً طالما راوده. قال للبي بي سي: "في مايو أيار 2024 حصلت على درجة الماجستير في الإدارة العامة من هارفارد. لم يكن الطريق سهلاً، لكنني اخترت هارفارد لجودة التعليم والتزامها بالقيادة العامة." بعد التخرج، بقي خالد كزميل تدريسي في هارفارد ساعياً لنقل المعرفة التي يكتسبها إلى الشرق الأوسط. وأثناء عطلته الصيفية الحالية في مصر لزيارة عائلته، وجد نفسه فجأة في حالة من عدم اليقين بشأن مستقبله في جامعة هارفارد، " عندما سمعت عن قرار الإدارة بحظر قبول الطلاب والباحثين الأجانب، شعرت بإحباط شديد. وحتى الآن، لا أعلم ما إذا كان بإمكاني العودة لمواصلة عملي." حرية التعليم الأكاديمي تحت التهديد BBC أستاذ العلوم الحكومية في هارفارد ستيف ليفيتسكي يقول أستاذ العلوم الحكومية في هارفارد ستيف ليفيتسكي إن اتهامات الإدارة ما هي إلا مبررات سياسية، "ما نشهده هو محاولة منهجية لإضعاف استقلال التعليم الأكاديمي." ويؤكد أن مستوى معاداة السامية في هارفارد أقل من المعدلات العامة في الولايات المتحدة، بما في ذلك مؤسسات كبرى مثل الحزب الجمهوري، "لا يوجد دليل موثوق على انتشار معاداة السامية في الجامعة." "خسارة لأمريكا أيضًا" BBC نيكولا فاون، طالب دراسات عليا فرنسي نيكولا فاون، وهو طالب دراسات عليا فرنسي، قرر هو الآخر مغادرة الولايات المتحدة عائداً إلى أوروبا مع أسرته. قال: "جئنا إلى هنا ونحن نفكر في البقاء، لكن الوضع أصبح غير مستقر للغاية." مضيفاً: "نعرف طلاباً قرروا بالفعل عدم الالتحاق بهارفارد بسبب حالة عدم اليقين." يعتقد فاون أن مهاجمة مؤسسة مثل هارفارد قد يُرضي شريحة من الناخبين الأمريكيين، لكنه يرى أن هذه السياسة ستُضر بمكانة البلاد على المدى البعيد، حيث تعتمد الولايات المتحدة منذ فترة طويلة على جذب المواهب العالمية. أبعد من هارفارد تتجاوز التداعيات حدود حرم الجامعة في كامبريدج. إذ يساهم الطلاب أجانب بما يُقدّر بــ 40 مليار دولار سنوياً في الاقتصاد الأمريكي. وفي جامعة هارفارد، يشكلون حوالي 25 بالمئة من إجمالي الطلاب، وتزيد النسبة في بعض البرامج الدراسية العليا. وأشار البروفيسور ليفيتسكي إلى أن الأمر لا يتعلق بهارفارد فقط، بل بمستقبل التعليم والديمقراطية أمريكا. محذراً من أن السماح للحكومة بمعاقبة الجامعات لأسباب سياسية يمثل سابقة خطيرة. وبينما تستمر المعركة القانونية، ينتظر العديد من الطلاب مصيرهم. عبدالله شهيد سيال، طالب باكستاني ورئيس اتحاد الطلاب في الجامعة، قال: "لم أجد وقتاً بعد للتفكير في خطة بديلة. في هذه اللحظة لا أحد يعرف ما إذا كنا سنتمكن من العودة إلى هارفارد أو حتى أمريكا في الفصل الدراسي المقبل."


عبّر
منذ 6 ساعات
- عبّر
ترامب يسخر من فيديو صفع ماكرون وينصحه: 'أغلق الباب'
أثار مقطع فيديو وثق لصفع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من قبل زوجته بريجيت، لحظة وصولهما إلى فيتنام، مطلع الأسبوع الماضي، موجة واسعة من التفاعل والجدل عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، بعد أن ظهرت حركة بدت كصفعة وجهتها السيدة الأولى إلى زوجها عند باب الطائرة. الفيديو، الذي وثقته وكالة أسوشيتد برس، أظهر ماكرون واقفًا داخل الطائرة لحظة فتح الباب، قبل أن تمتد يد – يُعتقد أنها تعود إلى زوجته بريجيت – وتلمس وجهه بشكل سريع، في حركة فُسّرت من قِبل البعض على أنها صفعة مفاجئة. ورغم عدم وضوح وجه السيدة الأولى في اللقطة، لاحظ المتابعون أن بريجيت لم تمسك بذراع ماكرون أثناء نزولهما من الطائرة، واكتفت بالإمساك بحافة السلم، ما زاد من تأجيج التكهنات حول خلاف محتمل بين الزوجين. ماكرون يرد: 'مجرد مزاح بين زوجين' في محاولة لاحتواء الجدل، نفى الرئيس الفرنسي وجود أي توتر في العلاقة مع زوجته، موضحًا للصحافيين أن ما حدث هو فقط: 'مزاح معتاد بيني وبين بريجيت، لا يجب تضخيم الأمور.' كما أضاف أن علاقتهما قوية ومبنية على الثقة والاحترام، واصفًا تداول اللقطة بأنه 'خروج عن السياق'. ترامب يدخل على الخط بسخرية لاذعة من جانبه، لم يفوّت الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب الفرصة للتعليق بطريقته المعتادة. وخلال مؤتمر صحفي في البيت الأبيض، سُئل عما إذا كان لديه نصيحة لماكرون، فأجاب: 'كان عليك إبقاء باب الطائرة مغلقاً!' 'لم تكن لحظة موفقة على الإطلاق… لكني تحدثت مع ماكرون، وأكد لي أنهما بخير. مع ذلك، لا أعرف تمامًا ما الذي حدث بينهما.' وتُعد هذه المزحة نموذجًا جديدًا من تصريحات ترامب الساخرة التي غالبًا ما تُثير الجدل في الأوساط السياسية والإعلامية.


المغرب اليوم
منذ 10 ساعات
- المغرب اليوم
ما هو «الشرق الأوسط الجديد»... الحقيقي هذه المرة؟!
لم يبقَ في عالمنا العربي إعلاميٌّ أو محلّلٌ سياسي، أو دخيلٌ على المهنتين، إلا وحاضر ودبّج مقالات على مرّ العقود الأخيرة عن «الشرق الأوسط الجديد». غير أنَّ الشرق الأوسط الذي نراه اليوم حالة مختلفة عما كنا نسمعه، مضموناً وظروفاً. منطقتنا صارت، مثل حياتنا ومفاهيمنا السياسية - الاجتماعية، خارج الاعتبارات المألوفة. بل يجوز القول إنها باتت مفتوحة على كل الاحتمالات. وهنا لا أقصد البتة التقليل من شأن نُخبنا السياسية أو الوعي السياسي لشعوبنا، أو قدرة هذه الشعوب على التعلّم من أخطائها... والانطلاق - من ثم - نحو اختيار النهج الأفضل... إطلاقاً! اليوم، نحن وأرقى شعوب الأرض وأعلاها كعباً في الممارسة السياسية المؤسساتية في زورق واحد. كلنا نواجه تعقيدات وتهديدات متشابهة. ولا ضمانات أن «تعابير» كالديمقراطية والحكم الرشيد في دول ذات تجارب ديمقراطية راسخة، كافية إذا ما أُفرغت من معانيها، لإنقاذ مجتمعات هذه الدول مما تعاني منه... وسنعاني منه نحن. بالأمس، سمعت من أحد الخبراء أنَّ الاستخدام الواسع لتقنيات «الذكاء الاصطناعي» في مرافق أساسية يومية من حياة البشر ما عاد ينتظر سوى أشهر معدودة. هذا على الصعيد التكنولوجي، ولكن على الصعيد السياسي، انضمت البرتغال قبل أيام إلى ركب العديد من جاراتها الأوروبيات في المراهنة عبر صناديق الاقتراع على اليمين العنصري المتطرف، مع احتلال حزب «شيغا» الشعبوي شبه الفاشي المرتبةَ الثانية في الانتخابات العامة الطارئة، خلف التحالف الديمقراطي (يمين الوسط)، وقبل الحزب الاشتراكي الحاكم سابقاً. تقدُّم «شيغا» في البرتغال، يعزّز الآن حضور الشعبويين الفاشيين الذي تمثله في أوروبا الغربية قوى متطرفة ومعادية للمهاجرين مثل: «الجبهة الوطنية» في فرنسا، و«فوكس» في إسبانيا، و«إخوان إيطاليا» في إيطاليا، وحزب «الإصلاح» (الريفورم) في بريطانيا، وحزب «الحرية» في هولندا، وحزب «البديل» في ألمانيا. ثم إنَّ هذه الظاهرة ليست محصورة بديمقراطيات أوروبا الغربية، بل موجودة في دول عدة في شرق أوروبا وشمالها، وعلى رأسها المجر. وبالطبع، ها هي ملء السمع والبصر في كبرى الديمقراطيات الغربية قاطبةً... الولايات المتحدة! في الولايات المتحدة ثمّة تطوّر تاريخي قلّ نظيره، لا يهدد فقط الثنائية الحزبية التي استند إليها النظام السياسي الأميركي بشقه التمثيلي الانتخابي، بل يهدد أيضاً مبدأ الفصل بين السلطات. هذا حاصل الآن بفعل استحواذ تيار سياسي شعبي وشعبوي واحد، في فترة زمنية واحدة، على سلطات الحكم الثلاث: السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية والسلطة القضائية، يضاف إليها «السلطة الرابعة» - غير الرسمية - أي الإعلام. ولئن كان الإعلام ظل عملياً خارج الهيمنة السياسية، فإنه غدا اليوم سلاحاً أساسياً في ترسانة التيار الحاكم بسبب هيمنة «الإعلام الجديد»، والمواقع الإلكترونية، و«الذكاء الاصطناعي»، و«أوليغارشي» ملّاك الصحف والشبكات التلفزيونية، ناهيك من وقف التمويل الحكومي لإعلام القطاع العام. وما لا شك فيه أن مؤسسات هؤلاء، بدءاً من رووبرت مردوخ (فوكس نيوز) وانتهاء بإيلون ماسك (إكس) ومارك زوكربرغ (ميتا) وجيف بيزوس (الواشنطن بوست)... هي التي تصنع راهناً «الثقافة السياسية» الأميركية الجديدة وربما المستقبلية، بدليل أن نحو 30 من وجوه إدارة الرئيس دونالد ترمب جاؤوا من بيئة «فوكس نيوز» ونجومها الإعلاميين. في هذه الأثناء، يرصد العالم التحولات الضخمة في المشهد الأميركي بارتباك وحيرة. الحروب الاقتصادية ليست مسألة بسيطة، وكذلك، لا تجوز الاستهانة بإسقاط سيد «البيت الأبيض» كل المعايير التي تحدد مَن هو «الحليف» ومَن هو «العدو»... ومَن هو «الشريك» ومن هو «المنافس»! ولكن، في ضوء التطوّرات المتلاحقة، يصعب على أي دولة التأثير مباشرة في أكبر اقتصادات العالم وأقوى قواه العسكرية والسياسية. ولذا نرى الجميع يتابع ويأمل ويتحسّب ويحاول - بصمت، طبعاً - إما إيجاد البدائل وإما التقليل من حجم الأضرار الممكنة. أما عن الشرق الأوسط والعالم العربي، بالذات، فإننا قد نكون أمام مشاكل أكبر من مشاكل غيرنا في موضوع اختلال معايير واشنطن في تحديد «الحليف» و«العدو». ذلك أن الولايات المتحدة قوة كبرى ذات اهتمامات ومصالح عالمية. وبناءً عليه، لا مجال للمشاعر العاطفية الخاصة، وأيضاً لا وجود للمصالح الدائمة في عالم متغيّر الحسابات والتحديات. في منطقتنا، لواشنطن علاقة استراتيجية راسخة مع إسرائيل التي تُعد «مركز النفوذ» الأهم داخل كواليس السلطة الأميركية ودهاليزها، والتي تموّل «مجموعات ضغطها» معظم قيادات الكونغرس ومحركي النفوذ. ثم هناك تركيا، العضو المهم في حلف شمال الأطلسي «ناتو»، والقوة ذات الامتدادات الدينية والعرقية والجغرافية العميقة والمؤثرة في رسم السياسات الكبرى. وأخيراً لا آخراً، لإيران أيضاً مكانة كبيرة تاريخياً في مراكز الأبحاث الأميركية كونها - مثل تركيا - «حلقة» في سلسلة كيانات الشرق الأوسط، ولقد أثبتت الأيام في كل الظروف أن غاية واشنطن «كسب» إيران لا ضربها.