logo
كثرة المتعلمين ربما تُسقط الحضارة الغربية .. مؤرخ أميركي يتنبأ بالفوضى المقبلة

كثرة المتعلمين ربما تُسقط الحضارة الغربية .. مؤرخ أميركي يتنبأ بالفوضى المقبلة

الجزيرةمنذ 4 أيام
في صيف عام 2010، نشر بيتر تورشين، عالم البيئة الروسي المولد الذي قرر التحول إلى مؤرخ، تنبؤًا غريبًا ومثيرًا في مجلة "نيتشر" العلمية. استند الرجل في ورقته البحثية إلى مجموعات بيانات ونماذج رياضية تبدو غامضة، مدعيًا أن المجتمع الأميركي سيشهد موجة دراماتيكية من التوتر السياسي والاجتماعي في وقت ما حوالي عام 2020. مرّ كلام تورشين مرور الكرام على دوائر السياسة وصناع القرار، ولم يُعره أحد اهتمامًا يُذكر.
بعد 10 سنوات وبضعة أشهر، وفي يناير/كانون الثاني 2021، وبينما كانت قنابل الغاز تتساقط في ساحة "لافاييت" بقلب العاصمة الأميركية واشنطن، مستهدفة أنصار الرئيس الأميركي الخاسر في الانتخابات حينها دونالد ترامب ، الذين كانوا يحاصرون مبنى الكابيتول (مقر الكونغرس)، فيما عُرف بتمرد السادس من يناير، بدا تحذير تورشين نبوءةً صادقة بشكل مخيف.
تورشين لم يعتبر نفسه نبيًا يوحى إليه، لكن المتابعين رأوا صعود ترامب تأكيدًا لما قاله، ورأوا في اقتحام مبنى الكابيتول اعترافًا بمصداقية الأدوات التحليلية والنماذج الرياضية التي استخدمها للتنبؤ. إنه عالم، وما يمارسه هو العلم الذي أطلق عليه اسم "ديناميكيات التاريخ" (Cliodynamics)، وهو تخصص يتعامل مع التاريخ باعتباره نظامًا فيزيائيًا، يخضع للرياضيات، وتحكمه دورات، وتؤثر فيه حلقات التغذية الراجعة، وتميزه نقاط التحول.
فقد قال تورشين في مقابلة عام 2023 مع بودكاست "التبسيط العظيم" (The Great Simplification): "إننا الآن في وضع حساس للغاية.. إن فردًا واحدًا فقط يُمكنه دفع المسار إما إلى حرب أهلية فوضوية، وإما إلى الإصلاح والتجديد".
لكن إذا كان تورشين قد تنبأ بهذه القلاقل، فماذا عن تنبؤاته الأخرى؟ والسؤال الأهم، هل يسير التاريخ بهذه الدقة الرياضية بالفعل؟ وإن كان كذلك، فما الذي نحتاج أن نعرفه عن أدواته؟ وهل يمكننا استخدامها للتنبؤ بمستقبلنا أيضًا؟
إعلان
تورشين وصعود ترامب وانهيار الحضارة
يمثل بيتر تورشين، عالم العلوم المعقدة ورائد علم "الكليوديناميكس"، الذي صاغ المصطلح عام 2003 لأول مرة، شخصية محورية في مجال تخصصه الذي يُعنى بفهم الديناميكيات التاريخية للمجتمعات والدول.
يصف تورشين الشخصيات -مثل دونالد ترامب- بأنهم نماذج كلاسيكية لما يطلق عليها "النخب المضادة"، من حيث كونهم أفرادا يتمتعون بامتيازات عالية في مجتمعاتهم، لكن طموحاتهم تُحبَط بسبب تضخم النخب السياسية التقليدية، مما يدفعهم إلى التطرف وتعبئة الجماهير الذين يميلون إلى القوميات الوطنية لتحدي النظام القائم.
كما ينظر إلى هذه " الشعبوية" التي يمثلها ترامب تحت شعار "أميركا أولا"، كنتيجة مباشرة لعدم المساواة في الثروة وتضخم النخب المسيطرة، وهي عوامل يسلط نموذج "الكليوديناميكس" الضوء عليها كمحركات للتفكُك المجتمعي والاضطرابات السياسية.
وفقًا لتورشين، يُعد صعود شخصيات مثل ترامب ظاهرة ليست في ذاتها السببَ الجذري لعدم الاستقرار، بل إن هذا الصعود عَرَضٌ للمحركات الهيكلية الكامنة في المجتمع. يمثل ترامب نموذجًا "للنخب المضادة" التي تَظهر نتيجة للإفراط في إنتاج النخبة وإفقار الجماهير، والتي تستغل السخط الشعبي وعدم المساواة في الثروة لتحدي النظام القائم، فالولايات المتحدة تمر حاليًا "بمرحلة ممتدة من الانهيار المنهجي"، وتبدو فيها المعارك الانتخابية مجرد "معركة واحدة في حرب مستمرة" حيث تسعى النخب المضادة إلى إزاحة "الدولة العميقة" المتجذرة.
ومع ذلك، فإن نجاح هذه النخب المضادة ليس مضمونًا، وقد تؤدي التوترات الأيديولوجية والشخصية داخل تحالفاتهم إلى تفككها. ويستدل على ذلك بالسوابق التاريخية، فالخروج من هذه الأزمات غالبًا ما ينطوي على عنف شديد، وحروب أهلية، وثورات، وفقدان كبير للأرواح، وتدهور اجتماعي واسع النطاق، مما يؤدي إلى "إعادة ضبط" الدورة المجتمعية.
في كتابه "أزمنة النهاية" (End Times) المنشور عام 2023، بعد نهاية فترة ولاية ترامب الأولى، وقبل فوزه على الرئيس السابق جو بايدن ، يستخدم تورشين فترة ترامب لتوضيح كيف تتجلى الضغوط البنيوية الديموغرافية الكامنة في السياسة المعاصرة، حيث تستغل النخبة المظالم الشعبية والمشاعر القومية واليمينية المتنامية لتحقيق طموحاتها في السلطة، وبالتالي تحقيق أهداف ومشاريع سياسية متطرفة.
أما مستقبلا، فيتوقع تورشين أن تستمر الاضطرابات ما لم تُتخذ إجراءات لمعالجة الأسباب الهيكلية الكامنة في سياسات السلطة، والتي يترأسها أمثال ترامب بكل ما يمثّل من ممارسات ليست مألوفة، في حين يعتمد المستقبل على مدى إدراك النخب الحالية للمخاطر النظامية، وهل ستتخذ إجراءات استباقية لإعادة التوازن المجتمعي، أم أنها ستواصل خلق الضغوطات التي ستؤدي إلى مزيد من الاضطرابات، وربما إلى انهيار الحضارة كما نعرفها.
المسار الغريب لبيتر تورشين
يتميز المسار الفكري لتورشين بغرابة منهجه، تمامًا كنظرياته. وُلد في الاتحاد السوفياتي عام 1957، وهو ابن عالم الكمبيوتر المنشق فالنتين تورشين، وهاجر إلى الولايات المتحدة في سبعينيات القرن الماضي.
في الأصل، درس تورشين ليكون عالم أحياء ورياضيات، وبنى مسيرته المهنية في نمذجة ديناميكيات أعداد الحشرات. ولكن في حوالي عام 2000، مر بما يسميها "أزمة منتصف العمر الفكرية"، فانطلق نحو السؤال الطموح: لماذا تنهار المجتمعات؟
منحته دراسته وخلفيته المتنوعة منظورًا متعدد التخصصات، من خلاله، يرى المجتمعات البشرية كأنظمة معقدة قابلة للتحليل الكمي، وهو يتولى حاليا منصب أستاذ بجامعة كونيتيكت الأميركية، كما تركز اهتماماته البحثية على منحنيات التطور التاريخي، وعلم الاجتماع التاريخي الكلي، والتحليل الكمّي للتغيرات الاجتماعية على المدى القريب والبعيد.
وقد نشر كثيرًا من المقالات في مجلات علمية محكّمة، بالإضافة إلى تأليفه بضعة كتب، أحدثها كتاب "أزمنة النهاية" عام 2023، وهو أيضا يُدير مشروعا يستهدف توفير بنية تحتية لجمع وتحليل البيانات التاريخية للأمم بشكل منهجي، مما يدعم النتائج التجريبية التي تستشرف تلك التغيرات والتطورات التي تحدث في المجتمعات، كما يدعم عبر قاعدة بياناته الضخمة إمكانية تطبيق هذا المنهج الكمي على التاريخ الإنساني.
يقول تورشين: "كان التاريخ هو التخصص الوحيد الذي لم يُحلل رياضيًا". وبناء على المبادئ الدقيقة لعلم التعقيد (Complexity science)، بدأ تورشين بناء نماذج للإمبراطوريات والثورات بالطريقة التي قد يرسم بها عالم الأحياء خرائط لديناميكيات المفترس والفريسة.
كانت النتيجة هي علم الكليوديناميكس، الذي يمكن ترجمته إلى الديناميكيات الكلية للتاريخ، وهو نهجٌ يعتمد على البيانات والمحاكاة لرصد إيقاعات التاريخ، بالاعتماد على سجلاتٍ تمتد لآلاف السنين. قد تكون تواريخ الحروب، أو سجلات الأجور، أو الإيرادات الضريبية، أو إحصاءات جرائم قتل سياسية، كل هذا يغذّي الآلة بأنماطٍ متوالية تُمكن العالم من رصدها والتنبؤ بمستقبلها. وأشارت النتائج إلى استنتاجٍ مثير: تمر المجتمعات بموجاتٍ -يمكن توقعها إلى حدٍ ما- من النمو، وعدم المساواة، وعدم الاستقرار، والانهيار.
تستند نظريات تورشين إلى إرث فكري عميق، حتى لو لم تُصغ بنفس الطريقة أو تستخدم ذات الأدوات. ففي القرن 14 الميلادي، قدم ابن خلدون في كتابه "المقدمة" إحدى أقدم النظريات حول صعود الحضارات وانهيارها بشكل دائري.
فقد رأى ابن خلدون أن الدول تنشأ في رحم العصبية (أي التماسك الاجتماعي)، وتزدهر مع الرخاء، ثم تبدأ بالاضمحلال عندما يقوّض الترف وحدة الجماعة، وهي أفكار تتناغم مع نموذج تورشين حول فائض النخب وتفاقم البؤس الاجتماعي.
وحديثًا، رصد مفكرون -مثل أرنولد توينبي- إيقاع التحدي والاستجابة في الحضارات، بينما طوّر عالم الاجتماع السياسي جاك غولدستون نظرية ديموغرافية بنيوية في التسعينيات، حدَّد فيها الضغوط السكانية وتزاحم النخب كعوامل تؤدي إلى الثورات، وهي الأسس التي يستند إليها تورشين صراحةً.
حتى جوزيف تاينتر، الذي ربط في دراساته حول انهيار المجتمعات المعقدة، بين فشل المجتمعات والعوائد المتناقصة على التعقيد المؤسسي، سبق تورشين في تحذيراته.
لقد سعى هؤلاء المفكرون، عبر قرون وثقافات متعددة، إلى كشف الآليات الخفية التي تحكم صعود الحضارات وسقوطها، وهو التقليد الفكري الذي يحييه تورشين اليوم من خلال النماذج الرياضية، والبيانات التاريخية.
خلافًا للمفكرين التاريخيين السابقين عليه، قدم تورشين علم الديناميكيات التاريخية الذي يهتم بتطبيق التحليل الإحصائي حيال التطور التاريخي للمجتمعات. ويفعل ذلك من خلال دمج علم الاجتماع التاريخي الكلي، بما يحوي من تمثلات ثقافية وسياسية واقتصادية، مع البيانات الرياضية للعمليات الاجتماعية طويلة الأمد. كل ذلك بهدف اكتشاف مبادئ ومرتكزات عامة تفسر عمل وتطور تلك المجتمعات عبر التاريخ. ومن خلال هذه الطريقة، يجعل من التاريخ علمًا تحليليًا يتجاوز السرديات والتأريخ الجامد، ليختبر الفرضيات بدقة مقابل البيانات التجريبية، ومن ثم يتنبأ بالتطورات التي ستحدث مستقبلا.
هكذا يُعيد علم الكليوديناميكس تعريف الهدف من البحث التاريخي، من حيث وصف الأحداث الماضية، ومسبّباتها، مستندا إلى بنك بيانات ضخم، ومن ثم ينتقل إلى تحديد الآليات الكامنة التي يمكن أن تتنبأ بالتطورات المجتمعية المستقبلية، كما يسعى إلى "قوانين تاريخية" عالمية، وإن كان ذلك مع التحفظات بهدف مراعاة تباينات التطور الثقافي والسلوكي للمجتمعات، وللإجابة أيضا على أسئلة مثل: لماذا تحدث التطورات بطريقة نمطية؟ وماذا قد يحدث بعد ذلك في ظل ظروف مماثلة؟ هذا الطموح التنبؤي له تداعيات عميقة على صنع سياسات الأنظمة الحاكمة، كما له تداعيات حول سؤال: لماذا تصعد هذه الأنظمة من الأساس؟ وكيف نتجنب صعودها؟
لقد أظهرت تطبيقات الكليوديناميكس قدرتها على تفسير أحداث تاريخية سابقة، مثل انهيار الإمبراطورية الرومانية والثورات الأوروبية الصاعدة في القرنين 17 و19، وحتى الثورة المصرية عام 2011، من خلال تحليل كمي للبيانات التاريخية لتلك المجتمعات.
كما استطاع تورشين تقديم رؤى حول "قصص النجاح" التاريخية، حيث تمكنت مجتمعات مثل الولايات المتحدة خلال العصر التقدمي، وهي فترة امتازت بالإصلاح السياسي (1897 – 1920)، وبريطانيا في فترة حركة الميثاقية، وهي كذلك حركة قادتها الطبقة العاملة من أجل الإصلاح السياسي في البلاد بين عامي 1838 و1848، كما في روسيا خلال إصلاحات ألكسندر الثاني بداية من عام 1961؛ تمكنت هذه المجتمعات من تجنب الثورات الكبرى وأحداث العنف من خلال سياسات إصلاحية استباقية.
كما يُعد "بنك بيانات سيشات" أداة البحث الرئيسية لدى مدرسة تورشين، حيث تُجمع البيانات التاريخية التجريبية لاختبار التنبؤات النظرية حول استشراف التطورات الاجتماعية بما يشمل صعود وانهيار وتأزم المجتمعات، كذلك كيفية تفادي أو تأجيل أو الخروج من تلك الانهيارات، بالإضافة إلى معالجة الضغوطات التي تواجهها.
كما يساعد "سيشات" في الإجابة على أسئلة رئيسية حول تطور المجتمعات البشرية المعقدة، ودورات الضغوط الاجتماعية، وسبب خروج بعض المجتمعات من الأزمات سالمة بينما تعاني أخرى. لكن، إلى أي أسس ومرتكزات نظرية تستند إليها مدرسة تورشين وعلم الكليوديناميكس؟
تاريخ العالم يتسق مع نظرياته
"في الوقت الحاضر، قد تواجه الحضارة الغربية المصير ذاته نظرًا لوجود علامات واضحة على أزمات متنوعة، مثل اتساع فجوة التفاوتات الاقتصادية والانقسامات السياسية والصراعات العنيفة، فضلًا عن الكوارث البيئية. ويَعتبر بعض المتابعين أن ما يحدث مؤشر على أزمات عالمية متعددة تُشكل تهديدًا خطيرًا، ربما يكون وجوديًّا للمجتمعات المعاصرة".. هكذا وصف بيتر تورشين، تنبؤاته حول تصدّعات الحضارة الغربية، في مقال نشرته مجلة "نيو ساينتيست" في ديسمبر/كانون الأول 2023.
يطبق تورشين إطاره المفاهيمي على سياقات تاريخية مختلفة، مثل فرنسا في القرن 14 الميلادي، والحرب الأهلية الإنجليزية بين عامي 1642-1651، وتمرد تايبينغ في الصين عام 1850، وروسيا ما قبل الثورة البلشفية عام 1917، ويرسم أوجه تشابه متعددة مع المناخ الحالي في الولايات المتحدة. ففي الحرب الأهلية الإنجليزية، أسهمت عوامل مثل تضخم النخب الدينية والعسكرية، وتدهور الأوضاع الاقتصادية للشعب، وضعف السلطة الملكية، في تأجيج الصراع الذي أدى إلى انهيار النظام القائم.
ومن أبرز الأمثلة في أبحاث بيتر تورشين هي الصين في أواخر عهد أسرة تشينغ، حيث أدى ازدهار التعليم إلى واحد من أدمى الصراعات في تاريخ البشرية، وهي ثورة تايبينغ (1850-1864).
في صميم هذه الأزمة كان نظام امتحانات الخدمة المدنية، وهو نظام بيروقراطي عمره قرون، كان يختار المسؤولين على أساس الجدارة العلمية الكونفوشيوسية. ومع تزايد عدد السكان في القرنين الثامن عشر وأوائل التاسع عشر، استثمرت المزيد من العائلات في تعليم النخبة، مما أغرق النظام بعدد هائل من المرشحين الطامحين. لكن عدد المناصب الرسمية بقي ثابتا نسبيا، مما أدى إلى فائض من الطامحين النخبويين المحبطين، وهم رجال تلقوا تدريبا نخبويا ولديهم طموحات عالية، لكنهم وجدوا أنفسهم بلا طريق نحو السلطة أو المكانة.
يصف تورشين هذا الخلل بما يسميه "فائض النخب"، ويعتبره عاملا أساسيا في زعزعة الاستقرار. كثير من هؤلاء المتعلمين المحبطين أصبحوا راديكاليين مؤدلجين، وانضموا إلى الحركات المناهضة لأسرة تشينغ أو حتى قادوها. أحدهم كان هونغ شيوتشوان، الذي كان مرشحا خاسرا في امتحانات الدولة قبل أن يعيد تعريف هويته ليصبح "أخًا ليسوع المسيح"، وقاد ثورة تايبينغ التي أسفرت عن مقتل أكثر من 20 مليون شخص. في نموذج تورشين لم تكن هذه الانتفاضة دينية أو سياسية فحسب، بل كانت حتمية بنيويًّا بمجرد أنْ تجاوز فائض النخب قدرة النظام على الاستيعاب.
شهدت أوروبا في العصور الوسطى ديناميكية مشابهة، لا سيما في إنجلترا وفرنسا خلال القرنين الرابع عشر والخامس عشر. ففي إنجلترا، أدّى السلام الطويل إلى نشوء جيل من النبلاء والفرسان لم تعد هناك حاجة إلى خدماتهم العسكرية. ومع انخفاض عدد الحروب وفرص المناصب في البلاط الملكي، وجد أبناء النبلاء الأصغر سنًّا أنفسهم مهمّشين، فاتجه كثير منهم إلى الحروب الخاصة، أو افتعال الفوضى، أو الانضمام إلى الفصائل المتنافسة. بلغ التوتر ذروته في صراعات مثل حرب الوردة، وهي حرب أهلية نخبوية طويلة بين أسرتَيْ لانكاستر ويورك.
وفي فرنسا خلال الفترة ذاتها، حدّ تركّز السلطة الملكية تحت حكم آل فالوا من نفوذ أمراء الإقطاع، رغم تزايد أعدادهم. وقد انفجر الغضب بين هؤلاء النبلاء المهمّشين في انتفاضات عنيفة مثل ثورة الجاكوري، ثم أسهم في إذكاء نيران حروب فرنسا الدينية لاحقا. في كلا البلدين، أصبحت الهرمية الاجتماعية ثقيلة في قمتها: عدد كبير من النخب، مقابل عدد محدود من المناصب النخبوية المتاحة. وتكمن بصيرة تيرتشين في أن ما حدث لم يكن فشلا أخلاقيا أو مجرد مصادفة، بل نتيجة نظامية ناجمة عن تفاعلات ديموغرافية ومؤسسية تراكمت عبر الزمن.
ما يربط بين هذه اللحظات التاريخية وغيرها هو الضغط الناتج عن تجاوز أعداد الطموحين لعدد الفرص المتاحة، حين تُنتج المجتمعات عددا من الأفراد ذوي التطلعات النخبوية يفوق قدرة النظام على استيعابهم. هؤلاء الطامحون المحبطون يتحولون إلى ما يسميه تورشين النخب المضادة، وهم الأشخاص الذين يمتلكون التعليم، والعلاقات، والضغائن الكافية لتنظيم الاضطرابات السياسية.
سواء في الصين في القرن التاسع عشر أو إنجلترا في القرن الخامس عشر، فإن هذه الديناميكيات تخلق تصدعات في النظام السياسي يمكن أن تنفجر في شكل ثورة، أو تمرد محدود أو حرب أهلية. وتكمن مساهمة تورشين في إظهار أن مثل هذه الأحداث ليست انفجارات عشوائية، بل تتبع إيقاعات بنيوية يمكن ملاحظتها وقياسها، وفي بعض الحالات يمكن التنبؤ بها.
كما يستشهد تورشين باقتحام مبنى الكابيتول في 6 يناير/كانون الثاني 2021 كحدث يؤكد جوانب مماثلة من تنبؤاته، فقد كان الاقتحام بمثابة مشهد ختامي لفترة رئاسية مليئة بعدم احترام المؤسسات الأميركية، والتفاف السُلطة والقرار حول شخص ترامب النرجسي. وما يُمكن ملاحظته أكثر هو تجلي هذه الممارسات والسلوكيات في الفترة الرئاسية الحالية لترامب.
وتُعد الولايات المتحدة دراسة حالة مركزية، تقدم الأبحاث أيضًا أمثلة محددة للإفراط في إنتاج النخب وعواقبه في دول غربية أخرى مثل كندا وأستراليا. في أستراليا، ورغم تشجيع التعليم العالي، يذهب حوالي نصف الأجور في جامعاتها الكبرى للأكاديميين فقط، بينما يواجه العديد من الخريجين ديونًا كبيرة، مما يشير إلى مشكلات تتعلق بالإفراط في إنتاج النخب، وهي إشكالية أساسية في التفاف الثروة حول نخبة بعينها.
أما كندا، التي تتمتع بأعلى نسبة من العمال ذوي التعليم العالي في مجموعة الدول الصناعية السبع، فتعاني بشكل متناقض من انخفاض الإنتاجية، وعدم تطابق كبير بين المهارات الأكاديمية ومتطلبات سوق العمل، وأدى ذلك إلى ارتفاع معدل البطالة بين الشباب ، وهو ما اعتبره بنك كندا "حالة طوارئ اقتصادية".
يرى تورشين أن الفترة منذ سبعينيات القرن العشرين شهدت تضخما هائلا في التعليم، فقد تزايدت أعداد الشهادات الجامعية والعليا بشكل كبير، دون أن يواكب ذلك توفر وظائف ذات مكانة عالية، مما أدى إلى إيجاد فائض من النخب المحبطة. ويتزامن هذا مع ما يسميه "مضخة الثروة"، حيث أدت زيادة الإنتاجية إلى إثراء النخب، في حين ظلت الأجور على حالها بالنسبة لمستويات المعيشة وغلاء الأسعار، مما ترك الغالبية متخلّفة عن ركب الثراء. ويحذر تورشين من أن هذه الأنماط تزيد من احتمالات التفكك السياسي، حتى لو كان توقيت الانفجار الفعلي غير قابل للتنبؤ.
نموذج تورشين يفسر صعود زهران ممداني في نيويورك
في هذا السياق، يمكن اعتبار صعود زهران ممداني في سباق رئاسة بلدية نيويورك لعام 2025 نتيجة بنيوية للقوى نفسها التي وثّقها تورشين. فقد شكّل صعوده السريع، من مرشح بعيد بنسبة 1% في فبراير/شباط إلى فوزه في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي بنسبة 56%، دليلا على تصاعد المشاركة السياسية من قِبل مجموعات جديدة تمّت تعبئتها سياسيا.
وتشمل هذه المجموعات الناخبين الشباب من حملة الشهادات الجامعية، وكثير منهم يمتلكون مؤهلات أكاديمية دون آفاق مهنية حقيقية -وهم مثال واضح على النخب الفائضة التي تحدث عنها تورشين- وقد التفّوا حول برنامج ممداني الذي يدعو إلى تجميد الإيجارات، والمواصلات المجانية، وزيادة الضرائب على الأثرياء. وبلغة تورشين فإن هؤلاء يمثلون طامحين نخبويين لم تتحقق تطلعاتهم عبر القنوات التقليدية للسلطة أو الاقتصاد.
أما قاعدة دعم ممداني الشعبية فقد تكونت بالأساس من طلاب الجامعات المرموقة وخريجيها، والمجتمعات المهاجرة في الولايات المتحدة، ونشطاء من الطبقة المهنية المثقفة، وهي مجموعات تحمل طموحات نخبوية وتركّز على التغيير البنيوي للنظام. ويعكس دعمهم له ما وصفه تورشين بغضب الخاسرين، وهم أفراد يمتلكون مؤهلات أو تطلعات نخبوية لكنهم مستبعدون من الدوائر النخبوية التقليدية.
وبالنسبة للعديد من الناخبين من أصول جنوب آسيوية، أو المسلمين، أو التقدميين في ظل صعود اليمين، شكّلت حملة ممداني بوابتهم إلى المشهد السياسي، فهي تتناغم مع رؤاهم بشأن الثروة وتوزيعها ومواقفهم المناهضة للمؤسسة. وتعكس تعبئة هذه المجموعات الفائض من النخب الواعية سياسيا التي تسعى إلى منافذ بديلة للتأثير والتمثيل.
إن الهجوم المضاد من قِبل رجال الأعمال، والنخب السياسية التقليدية، وحتى حملات التشويه والإسلاموفوبيا ضد ممداني، كلها تُعد أمثلة حية على ما يتحدث عنه تورشين، إذ يشير الرجل إلى أن المنافسة الشديدة بين النخب، سواء كانت من أجل دعم رجال أعمال ضد آخرين أو ضد الجماهير، أو الحصول على التأييد، أو فرض الهيمنة الأيديولوجية، غالبا ما تؤدي إلى تفكك التماسك السياسي وتغذية الاستقطاب.
وفي مدينة نيويورك، تعكس حالة القلق في الأوساط الاقتصادية والانقسامات داخل الحزب الديمقراطي كيف أن النخب التقليدية تقاوم أي فرصة وصول للوافدين الجدد إلى مراكز صنع القرار، مما يسهم في حالة من عدم الاستقرار السياسي. في حالة النخب العتيقة المناهضة لممداني، ظهر ذلك بجلاء خلال الأسبوع الماضي عندما قرر أندرو كومو، المرشح الديمقراطي الخاسر أمام زهران في الانتخابات التمهيدية، الترشح مستقلا على منصب العمدة، فهذه النخب لن تتوقف عن القتال حتى النهاية.
إضافات تورشين النظرية
لم تكن إضافة تورشين تتعلق بالأدوات فحسب، بل بالأفكار أيضًا. وتُعد النظرية البنيوية الديموغرافية (SDT) مساهمة تورشين الأساسية، وهي إطار مفاهيمي لفهم الضغوط الاجتماعية طويلة الأمد التي يمكن أن تؤدي إلى الاحتجاجات والثورات والحروب الأهلية، وغير ذلك من أحداث جماعية تؤدي إلى انهيار الدول والحضارات. تفترض هذه النظرية أن المجتمعات البشرية المعقدة تتكون من ثلاثة مكونات رئيسية متفاعلة وهي: السكان، والنخب، والدولة، وينشأ عدم الاستقرار من خلال شبكة التفاعلات المتبادلة بين هذه المكونات.
تُظهر النظرية أن مؤشرات اجتماعية متباينة، مثل الأجور، والديون، ومستويات التعليم، ترتبط وتتفاعل مع بعضها، بل وتساهم في عدم الاستقرار السياسي. على سبيل المثال، يؤدي النمو السكاني السريع في الدول إلى التوسع الحضري وزيادة الاستهلاك، بما يضغط على الأجور ويزيد من إمكانية تعبئة الجماهير لعدم كفاية هذه الأجور لمتطلبات العيش الجديدة والمُتجددة، بفعل العيش في زمن الاستهلاك.
في الوقت نفسه، يمكن أن يؤدي انخفاض الأجور للعامة إلى زيادة إيرادات النخب، بما يُسبب وفرة باهظة لدى تلك النخب، تساعد على زيادة المنافسة والصراع داخلها، وهو ما يُسبب عدم استقرار نظام الحكم.
هذا الصراع، بالإضافة إلى استياء الشعب من الفجوات الطبقية التي تظهر وتتضح في كل التمظهرات العمرانية والاستهلاكية، يُضعف سلطة الدولة ويزيد من ضائقتها المالية الرسمية، بما يخلق حلقة مفرغة تؤدي إلى تآكل الثقة وزيادة الانقسامات المُجتمعية وحدوث الاضطرابات، وهذا يعني أن الحفاظ على الاستقرار السياسي والأمن المجتمعي يتطلب نهجًا شموليًا يراعي المساواة بين كل هذه المكونات.
وتُظهر أعمال بيتر تورشين الأخرى مسارًا ثابتًا لتطوير نظرياته وتحسينها من خلال تطبيقها على سياقات تاريخية متنوعة وتجميع البيانات التجريبية، مثل الديناميكيات التاريخية: لماذا تنهض الدول وتسقط؟ (2003)، وهو عمل تأسيسي سابق يقدم نماذج رياضية لشرح العمليات التاريخية، وهو بمثابة مقدمة عامة لأهداف وطرق علم الكليوديناميكس.
وفي كتابه "الحرب والسلام والحرب.. صعود وسقوط الإمبراطوريات" (2006)، يستكشف تورشين ديناميكيات الدول الإمبراطورية ودور الحرب والتعاون في تطور المجتمعات. أما في كتاب "الدورات العلمانية"، فيدرس الدورات الديموغرافية البنيوية طويلة الأمد في المجتمعات ما قبل الصناعية، ويقدم أدلة تجريبية على الطبيعة الدورية للديناميكيات التاريخية.
كما يقدم في كتابه "عصور الفتنة.. تحليل بنيوي ديموغرافي للتاريخ الأميركي" (2017)، تحليلا مفصلا لتاريخ الولايات المتحدة من منظور النظرية البنيوية الديموغرافية، ويُظهر دورتين من الارتفاع الحاد في مؤشر الإجهاد السياسي، بينما يقدم في كتابه "فهم الماضي" إحصائيات تاريخية واسعة، مؤكدًا على الأساس التجريبي والنظري لعلم الكليوديناميكس.
يركز بيتر تورشين على أمثلة تاريخية مثلما حدث في فرنسا، بهدف توضيح دورات الازدهار والانهيار المجتمعي. ففي القرن 13 الميلادي، كانت الدولة الفرنسية مزدهرة، لكنها شهدت انهيارًا في خمسينيات القرن 14. كان هذا الانهيار مدفوعًا بصراعات داخلية بين الفصائل النخبوية، بالإضافة إلى النزاعات مع الإنجليز، مما أدى إلى مذابح متبادلة استمرت حتى معركة أجينكور الشهيرة عام 1415. تبع ذلك فترة ثانية من الانهيار حتى عام 1453، حيث بقي الجنود الإنجليز في فرنسا لنهب ما تبقى من ثروات الدولة.
خلال هذه الفترة، انخفض عدد سكان فرنسا إلى النصف تقريبًا، ليصل إلى حوالي 10 ملايين نسمة، ما أدى إلى انخفاض عدد النبلاء، أي النخبة الرأسمالية بالمفهوم الحديث، بمقدار ثلاثة أرباع، مما أتاح المجال المجتمعي لبداية دورة جديدة من الاستقرار والنمو مرة أخرى، حيث إن الزيادة السكانية مع ارتكاز الثروة بيد نخبة قليلة، بالإضافة إلى تصارعها فيما بينها حول هذه الثروة، فضلا عن الصراع مع الإنجليز أو أي قوى خارجية، تُضعف الدولة وتمهد الطريق إلى انهيارها.
يؤكد هذا التطور في كتابات تورشين وتعدد النماذج التي يرصدها، استمراريته في البحث عن التكامل النظري. ففي "الديناميكيات التاريخية" وضع الأساس النظري، وقدم "الدورات العلمانية" بهدف التحقق التجريبي، ثم طبق "عصور الفتنة" النظرية على تاريخ الولايات المتحدة، وأخيرًا قام في "أزمنة النهاية" بتوليف هذه النتائج لجمهور كبير، ما يوضح الالتزام بتوليد الفرضيات، والاختبار، والنشر العام، ويعزز من ادعاء أهمية علم الكليوديناميكس وتأثيره على صناعة السياسات التي تحكم المجتمعات والدول معًا.
لكنه لم يسلم من الانتقادات
شهد علم الكليوديناميكس دعمًا متزايدًا في المجتمع العلمي خلال العقدين الأخيرين، مما أدى إلى إطلاق مجلته الأكاديمية الخاصة " Clio Dynamics: The Journal of Quantitative History and Cultural Evolution " في عام 2010.
لكن، ورغم الدعم، انتقد العديد من المؤرخين والباحثين من ذوي التخصصات المتباينة، نظريات وكتابات تورشين ومدرسته النظرية، وغالبًا ما كانت ردود أفعالهم سلبية تجاه التغطية الصحفية الشعبية المثيرة التي حظيت بها أعماله. ويشبّه الكثيرون منهم أسلوب تورشين بالتنجيم! كما تشمل مخاوفهم من صحة البيانات لفترات زمنية واسعة، وإمكانية حصر الأحداث التاريخية في سرد دوري مادي محض، ولذلك هو يلقى مقاومة من المتخصصين لنماذج تخصصاتهم، والذين لا يؤمنون بحتمية تكرار التاريخ لذاته، والذين قد ينظرون إلى "النظريات الكبرى للتاريخ" بتشكك بسبب الإخفاقات السابقة. في المقابل، يجادل المؤيدون بأن النموذج البنيوي الديموغرافي قد أثبت قدرته على تقديم تفسيرات جيدة لحالات تاريخية كثيرة من التمرد والثورة.
برزت تجربة تورشين مع استقبال تنبُئه في عام 2010، حول الاضطرابات التي ستحدث في الولايات المتحدة، والتي لم تحظ باهتمام كبير إلا بعد أحداثٍ مثل 6 يناير/كانون الثاني 2021. يشير هذا النمط إلى "مشكلة كاساندرا"، ما يعني تجاهل التحذيرات الدقيقة في البداية، ليس من التشكك الأكاديمي فحسب، ولكن أيضًا من تردد نفسي أو سياسي في مواجهة الحقائق غير المريحة حول هشاشة المجتمعات وقابليتها للانهيار والتفكك.
ورغم ادعاءاته العلمية، يحمل علم الكليوديناميكس دلالة معيارية قوية، كما يوفر أدوات للمجتمعات لتجنب الانهيار، مما يشير إلى ضرورة أخلاقية كامنة للعمل على منع الكوارث، إذ تمنح تلك الأدوات ونتائجها فرصا لتجنب -أو على الأقل تأجيل- الحروب الأهلية والثورات والانهيارات المجتمعية، كما تتضمن التحديات والاتجاهات المستقبلية للمجال اكتساب قبول أوسع، وتحسين النماذج، وتعزيز "بنك بيانات سيشات". كذلك، يهدف علم الكليوديناميكس إلى توفير رؤى سياسية لتجنب أو تخفيف الأزمات المستقبلية، بما يشير إلى أن المجتمعات يمكن أن تخرج من أزماتها سالمة "نسبيًا" من خلال إجراءات حازمة وموحدة من قبل النخب الحاكمة والإصلاحات السياسية.
في النهاية، قدم بيتر تورشين مساهمات جوهرية في العلوم الاجتماعية من خلال ريادته لعلم الكليوديناميكس وتطويره للنظرية البنيوية الديموغرافية. ويبرز عمله المتجذر في خلفية متعددة التخصصات، إمكانية تطبيق المنهج العلمي على دراسة المجتمعات البشرية، ويسعى إلى تحديد الأنماط والدورات المتكررة التي تفسر صعود الحضارات وسقوطها.
لا يدّعي تورشين معرفة كيفية إيقاف الثورة القادمة التي قد تُسقط حضارة ما، لكنّ لديه أفكارًا لما قد يأتي بعد تلك الثورة. فالمساءلة الديمقراطية، وإعادة توزيع الثروات، وضبط النخب، هي العوامل التي يراها في المجتمعات التي نجت من الانهيار. ولكن، قد تكمن موهبة تورشين الحقيقية في كيفية إعادة صياغة الزمن نفسه. وفي مواجهة صخب عناوين الأخبار المتلاحقة، يقدم تورشين رؤية بعيدة المدى، إذ يرى القرون لا السنوات، ويحلل الأنماط التاريخية، ولا ينقد السياسات الآنية.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

"دبلوماسية التجارة لا المعونة".. إستراتيجية أميركية جديدة في أفريقيا
"دبلوماسية التجارة لا المعونة".. إستراتيجية أميركية جديدة في أفريقيا

الجزيرة

timeمنذ 16 دقائق

  • الجزيرة

"دبلوماسية التجارة لا المعونة".. إستراتيجية أميركية جديدة في أفريقيا

تشهد السياسة الأميركية تجاه أفريقيا تحولا مهما، يتجلى في إطلاق إستراتيجية جديدة تستبدل نموذج "المعونة" بنهج يرتكز على "الدبلوماسية التجارية". وتأتي هذه السياسة في ظل إدارة الرئيس دونالد ترامب الثانية، التي تعيد ترتيب أولويات العلاقات الخارجية على أساس مصالح واشنطن الاقتصادية والتجارية. ونشر مركز الجزيرة للدراسات ورقة تحليلية بعنوان " دبلوماسية التجارة لا المعونة.. الإستراتيجية الأميركية الجديدة والسيادة الاقتصادية بأفريقيا" للباحث النيجيري حكيم ألادي نجم الدين تناولت دلالات خفض أميركا مساعداتها لأفريقيا مع فرض رسوم جمركية جديدة على الصادرات الأفريقية، وما يعنيه ذلك من أن العلاقات الأميركية الأفريقية قد تتغير وفق أجندات الرئيس ترامب، فأفريقيا لم تعد مجرد متلقّ للمساعدات، بل "شريكا" في التجارة والاستثمار وإنعاش الشركات الأميركية. وقد أطلقت وزارة الخارجية الأميركية هذه الرؤية رسميا في مايو/أيار 2025 على لسان مسؤول الشؤون الأفريقية تروي فيتريل الذي شدد في منتدى بأبيدجان على ضرورة تعزيز الروابط التجارية مع أفريقيا في سياق جديد أكثر نفعية بالنسبة للمصالح الأميركية. تراجع في المساعدات التقليدية وتراجعت مكانة المساعدات الأميركية التقليدية في السياسة الجديدة، رغم أن أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى كانت لسنوات ثاني أكبر مستفيد من ميزانيات الوكالة الأميركية للتنمية الدولية ؛ إذ حصلت على 40% من ميزانيتها، خصوصا في مجالات الصحة ومكافحة الفقر والأوبئة. ومن الأدوات الإستراتيجية للمشاركات الأميركية في أفريقيا أيضا "مؤسسة الولايات المتحدة للتنمية الأفريقية"، التي تأسست عام 1980 للاستثمار المباشر في الشركات الشعبية الأفريقية ورواد الأعمال الاجتماعيين. إضافة إلى "قانون النمو والفرص في أفريقيا" (AGOA)، والذي سُن عام 2000 بهدف معلن متمثل في السماح لدول أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى المؤهلة بدخول السوق الأميركية معفاة من الرسوم الجمركية لأكثر من 1800 منتج. وعلى الرغم من أهمية هذه البرامج، تعرضت للانتقاد بسبب فرضها شروطا تتعلق بالحوكمة والاقتصاد، ما اعتُبر تدخلا في السيادة الوطنية للدول الأفريقية. وتُحمّل الدراسة برامج المساعدات الأميركية مسؤولية إدامة "التبعية الاقتصادية"، إذ غالبا ما تُصمم هذه البرامج بما يخدم المصالح الأميركية ويُضعف قدرة الدول الأفريقية على تبني سياسات تنموية وطنية. كما أن مبادرات كـ"قانون النمو والفرص في أفريقيا" واجهت انتقادات بسبب عدم شمولها دولا عديدة، وعدم استفادة الاقتصادات الصغيرة بسبب الشروط الصارمة المفروضة. تركز الإستراتيجية الجديدة على 6 محاور رئيسة، أبرزها: الدفع بالتجارة والاستثمار بدلا من المعونة. إعطاء القطاع الخاص دورا محوريا في التنمية. تنشيط "الدبلوماسية التجارية" وتقييم سفراء أميركا في أفريقيا بناءً على نجاحهم التجاري. تشكيل "فرق صفقات" في السفارات الأميركية لرصد الفرص التجارية وربط الشركات الأميركية بالشركاء الأفارقة. تركيز الاستثمارات على مشاريع البنية التحتية واحتواء نفوذ منافسي واشنطن في القارة، وخاصة الصين. السعي لإصلاح مبادرة "قانون النمو والفرص في أفريقيا" لتكون قائمة على تبادل المنافع والمعاملة بالمثل. ماذا تعني الإستراتيجية الجديدة للسيادة الاقتصادية الأفريقية؟ قد تكون الإستراتيجية الأميركية الجديدة جهدا حقيقيا للتراجع الأميركي عن تعاملاتها القديمة، والتحول إلى الشراكة مع الدول الأفريقية. الإستراتيجية تتماشى مع رغبة أفريقيا في الاعتماد على الذات بدلا من انتظار المساعدات لتلبية احتياجاتها التنموية. تركيز الإستراتيجية الجديدة على النمو الذي يقوده القطاع الخاص قد يسهم في تحقيق الاستقلال الاقتصادي على المدى الطويل. الاستثمارات الأميركية في مشاريع البنية التحتية قد تصنع تحولا إيجابيا لأفريقيا بما يعزز مكانتها التنافسية في الأسواق العالمية. تدعو الإستراتيجية الأميركية إلى التعاون مع الحكومات الأفريقية بشأن إصلاحات السوق، بما قد يُحسّن بيئة الأعمال العامة ويجذب استثمارات متنوعة ويعزز التنافس بين القوى العالمية لصالح أفريقيا. فرص يرى الباحث أن الإستراتيجية الجديدة قد تُتيح فرصة لأفريقيا لتحقيق مزيد من الاعتماد على الذات إذا ما نجحت الدول الأفريقية في: فرض شروطها الوطنية في التفاوض مع واشنطن. استخدام التنافس الدولي (الصيني- الأميركي) لصالحها. التركيز على تنمية القطاعات الإنتاجية وبناء صناعات محلية قادرة على الاستفادة من فرص التجارة. ثمة تناقض في الخطاب الأميركي؛ فمن جهة، تتحدث الإستراتيجية عن شراكة متكافئة، ومن جهة أخرى، تُبقي واشنطن على ممارسات تعكس عقلية فوقية، مثل حظر السفر على مواطني دول أفريقية بزعم الأمن، وخفض ميزانية المساعدات، وتعزيز التدخل غير المباشر في الشؤون الداخلية عبر تمويل منظمات مدنية محددة. كما تشير إلى خشية من أن تتحول الإستراتيجية الجديدة إلى مجرد أداة لتعزيز النفوذ الأميركي في مواجهة الصين، لا لتحقيق تنمية حقيقية في القارة. احتمال أن تُعيد واشنطن إنتاج علاقات تبعية جديدة تحت شعار التجارة، عبر تركيزها على القطاعات ذات الربح السريع، وتوجيه الاستثمارات نحو مصالحها الخاصة من دون مراعاة أولويات التنمية المحلية في أفريقيا، مثل الزراعة والتعليم والخدمات الاجتماعية. خاتمة خلصت الدراسة إلى أن "الدبلوماسية التجارية" الأميركية الجديدة تمثل تحولا لافتا في السياسة الأميركية تجاه أفريقيا، وقد تمنح الدول الأفريقية فرصة تاريخية لإعادة رسم علاقاتها الخارجية على أساس المصالح المتبادلة، شرط أن تُحسن استخدام موقعها التفاوضي وتصرّ على حماية سيادتها الاقتصادية. لكنها في الوقت ذاته، تُحذر من خطر استبدال التبعية للمساعدات بتبعية تجارية واستثمارية، خاصة في ظل تركز القرار الأميركي في مصالح "أميركا أولا"، ما يجعل من هذا التحول أقرب إلى "إعادة تغليف" السياسات القديمة بمصطلحات جديدة، بدلا من بناء شراكة قائمة على الندية والاحترام المتبادل

تصريحات منسوبة لوزير الخارجية الأميركي تشعل الجدل بالسودان.. فما حقيقتها؟
تصريحات منسوبة لوزير الخارجية الأميركي تشعل الجدل بالسودان.. فما حقيقتها؟

الجزيرة

timeمنذ 3 ساعات

  • الجزيرة

تصريحات منسوبة لوزير الخارجية الأميركي تشعل الجدل بالسودان.. فما حقيقتها؟

تداولت حسابات وصفحات محلية سودانية على المنصات الرقمية، أمس السبت 26 يوليو/تموز الجاري، تصريحات منسوبة لوزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، تفيد بعدم وجود دور سياسي مستقبلي للأطراف المتحاربة في البلاد، ما أثار تفاعلا وجدلا واسعين. وبحسب منشورات متداولة في مجموعات يتابعها مئات الآلاف على موقع فيسبوك، فإن روبيو أكد -وفق زعمها- استبعاد الشركاء السياسيين للفصائل المتحاربة من العملية السياسية التي ستعقب التوصل إلى اتفاق سلام في البلاد. لكن، هل أدلى ماركو روبيو بالفعل بهذه التصريحات؟ وما مصدرها الأصلي؟ وهل نشرتها أي جهة رسمية أو وسائل إعلام موثوقة؟ واشنطن تحسم موقفها شاركت حسابات و صفحات رقمية في نشر نص ما قيل إنها تصريحات لروبيو، باللغتين العربية والإنجليزية، وجاء فيها -بحسب الادعاء- أنه "لا يوجد أي مشروع سياسي جديد غير الاتفاق الإطاري الذي سبق اندلاع الحرب"، مضيفا: "لدينا الآلية التي تضمن تنفيذ ذلك". وقد أثارت التصريحات المنسوبة جدلا واسعا على منصات التواصل، إذ اعتبرها البعض تحولا لافتا في موقف واشنطن تجاه أطراف النزاع، وإشارة إلى توجه دولي لرفض مشاركة العسكريين في أي ترتيبات انتقالية مستقبلية. في المقابل، رأى آخرون أن ما ينسب لروبيو يمثل تدخلا مرفوضا في شؤون السودان، مؤكدين أن "القرار يظل بيد السودانيين وحدهم". لكن في خضم هذا الجدل، تساءل مستخدمون عن مدى صحة هذه التصريحات، خاصة أنها لم تحظ بأي تغطية إعلامية من وسائل الإعلام العالمية أو العربية، ولم تصدر على لسان مسؤول أميركي منذ بداية الحرب التي اندلعت في فجر 15 أبريل/نيسان 2023. تصريح مفبرك وأجرت وكالة "سند" للرصد والتحقق الإخباري بشبكة الجزيرة بحثا موسعا حول التصريحات المزعومة لوزير الخارجية الأميركي بشأن مستقبل العملية السياسية في السودان وتبين أنها "مفبركة". ولم ترد التصريحات التي أطلقتها حسابات سودانية على لسان روبيو، سواء كان ذلك من خلال الموقع الرسمي للوزارة ، أو حسابه الرسمي على منصة "إكس"، كما لم تنقلها أي وسيلة إعلامية موثوقة. يذكر أن المبعوث الرئاسي الأميركي للشرق الأوسط وأفريقيا، مسعد بولس، صرح مؤخرا أن الصراع في السودان لن يُحسم عسكريا، مؤكدا أن الطريق الوحيد لإنهاء الحرب هو الحوار والتسوية الشاملة.

ترامب يُدخل الإعلام الأميركي بمعضلة.. كيف يغطي أخبار رئيس يتهم سلفه بالخيانة؟
ترامب يُدخل الإعلام الأميركي بمعضلة.. كيف يغطي أخبار رئيس يتهم سلفه بالخيانة؟

الجزيرة

timeمنذ 7 ساعات

  • الجزيرة

ترامب يُدخل الإعلام الأميركي بمعضلة.. كيف يغطي أخبار رئيس يتهم سلفه بالخيانة؟

وجدت وسائل الإعلام الأميركية نفسها فجأة أنها إزاء معضلة تتعلق بالتعامل المهني الصحيح مع التصريحات المفاجئة للرئيس دونالد ترامب ، خلال خطاباته وحديثه للصحافة والتي يهاجم فيها رؤساء أميركيين سابقين. وتناول معهد بوينتر الأميركي -في تقرير مطول- هجوم ترامب الأسبوع الفائت على الرئيس الأسبق باراك أوباما واتهامه بالخيانة، وزعمه بأنه حاول التلاعب بانتخابات الرئاسة عامي 2016 و2020، بعد سؤال صحفيين عن تطورات قضية جيفري إبستين المتهم بارتكاب جرائم جنسية والتي حاول ترامب التهرب من الإجابة عن علاقته بها. وتساءل المعهد عن مسؤولية وسائل الإعلام، عندما يطلق الرئيس الحالي ادعاءات لا أساس لها من الصحة بشأن رئيس سابق، لا سيما عندما يكون هدفها تشتيت الانتباه. ويرى تقرير بوينتر -الذي أعده الصحفيان توم جونز وريك إدوندز- أن مزاعم ترامب التي وصفها بالفاحشة عن أوباما كانت واضحة في نواياها، تجاه صرف انتباه الأميركيين عن قضية إبستين. وبينما وصف مكتب أوباما ادعاءات ترامب بالسخيفة واعتبرها محاولة ضعيفة لتشتيت الانتباه، جاء هذا الردّ بعد تمهيد أشار فيه المكتب إلى تدفق متواصل للمعلومات المضللة وما وصفه بالهراء من البيت الأبيض منذ تولّي ترامب. وفي الوقت نفسه، أشار التقرير إلى أن ترامب قادر على تنفيذ تهديداته بملاحقة أوباما أو أي شخص آخر قد يكون في مرمى نيرانه، منوها إلى أنه لا يمكن تجاهل أو استبعاد تصريحات الرئيس باعتبارها مجرد محاولة لتغيير مسار الأخبار. واستشهد تقرير المعهد بما كتبه الصحفي مايكل شميدت في صحيفة نيويورك تايمز، بأن ترامب في ولايته الحالية أقوى بكثير مما كان عليه خلال ولايته الأولى (عام 2016) لافتا إلى أنه محاط بمساعديه وأعضاء حكومته الذين يبدون مستعدين لتنفيذ أكثر نزعاته غضبا واستبدادا. ويشير الصحفي شميدت إلى أن وزارة العدل تضم في صفوفها العليا موالين لترامب، اثنان منهم محاموه، وجميعهم يبدون استعدادا لتنفيذ أجندته الشخصية، مضيفا أن "الجهود الرامية لاستهداف كبار المسؤولين بالإدارات السابقة تبدو وكأنها تكتسب زخما". خيارات الإعلام إزاء التصريحات المثيرة ويستعرض المعهد الأميركي خيارات وسائل الإعلام من اتهام ترامب رئيسا أسبق بالخيانة، ويقول "كان الرد عدم إعطاء ترامب منبرا لتضخيم كل هذيانه وأكاذيبه". لكن الحجة المضادة لذلك -وفق "بوينتر"- كانت أن عدم إظهار خطابه الملتوي يعد بمثابة حماية له بطريقة ما، من خلال تحرير خطاباته وحذف الأجزاء الجامحة منها، وبهذا ستجعل وسائل الإعلام ترامب يبدو أكثر كفاءة وتأهيلا. وبحسب المعهد، هناك نظام إعلامي محافظ لا يكتفي بعرض كل ما يقوله ترامب ويفعله، بل يضفي عليه الشرعية أيضا، ويستشهد بما كتبته مؤسسة "ميديا ماترز" Media Matters عن قناة "فوكس نيوز" الأربعاء الماضي، حيث ذكرت اسم أوباما أكثر من 3 مرات مقارنة باسم إبستين، منذ أن أصدرت مديرة الاستخبارات الوطنية تولسي غابارد تقريرها الذي يتهم أوباما بالخيانة أيضا. وبينما يثور ترامب على أوباما وأي شخص آخر، يلخص "بوينتر" الخيارات أمام وسائل الإعلام إما بتجاهل الأمر أو تغطيته بالكامل، أو -وهو ما ينبغي عليها فعله- وضعه في سياقه الصحيح. تغطية ترامب لغز إعلامي وقد ظلت تغطية تصريحات ترامب وأنشطته لغزا إعلاميا منذ أن أصبح رئيسا للمرة الأولى (عام 2016). ومنذ ذلك الحين، سواء رئيسا أو رئيس سابقا أو مرشحا رئاسيا، فهو شخصية بارزة ومهمة وجديرة بالتغطية الإخبارية. ترامب وأعضاء إدارته يريدون الاحتفال هذا الصيف بما يعتبرونه إنجازات، لكن بدلا من ذلك، كل ما يريد الجميع الحديث عنه هو إبستين. بواسطة داشا بيرنز- موقع بوليتيكو ووفق المعهد، كانت الحاجة في بعض الأوقات إلى إظهار كل ما يقوله ترامب، في التجمعات والمؤتمرات الصحفية والاجتماعات العامة والمقابلات، لأن الأمريكيين كانوا بحاجة إلى رؤية ما يقوله وما يفكر فيه. لكن، في الوقت الحالي، يبدو أن هذا السياق يشير بوضوح إلى أن ترامب مصمم على صرف انتباه الجميع عن قضية إبستين، وإلى أن تصريحاته لا تستند إلى حقائق. الرئيس غاضب من تغطية "إبستين" وفي مقالها المعنون بـ"الرئيس غاضب بشكل واضح: البيت الأبيض محبط من التغطية المكثفة لقضية إبستين" كتبت الصحفية داشا بيرنز، من موقع "بوليتيكو" أن ترامب وأعضاء إدارته يريدون الاحتفال هذا الصيف بما يعتبرونه إنجازات، ولكن -بدلا من ذلك- كل ما يريد الجميع الحديث عنه هو إبستين. وقال أحد كبار المسؤولين بالبيت الأبيض "عندما تعمل 12 إلى 15 ساعة يوميا لحل مشاكل حقيقية، ثم تشغّل التلفزيون وترى الناس يتحدثون عن إبستين فهذا أمر محبط" لافتاً إلى أن هذا هو تفكير الرئيس ترامب. لكن صحيفة "وول ستريت جورنال" نشرت خبرا الأربعاء الماضي، يفيد بإبلاغ وزارة العدل ترامب -في مايو/أيار الماضي- أن اسمه مدرج ضمن أسماء عديدة في ملفات إبستين. بواسطة بول فارهي - مجلة ذى أتلانتك وتابعت الصحيفة أن المدعية العامة بام بوندي أبلغت الرئيس في الشهر ذاته أن اسمه يظهر عدة مرات. ومع ذلك، فإن السياق غير معروف، وإن وجود اسم ترامب في الملفات لا يعني بالضرورة ارتكابه أي مخالفات. وواصل مسؤولون في البيت الأبيض الهجوم على الصحيفة، حيث قال مدير الاتصالات في البيت الأبيض ستيفن تشيونغ "هذه قصة أخرى من الأخبار الكاذبة، تماما مثل القصة السابقة التي نشرتها وول ستريت جورنال" والتي تحدثت عن توجيه رسالة ذات مضمون جنسي ضمن هدية عيد ميلاد إبستين الخمسين، الأمر الذي نفاه ترامب، وتسبب برفع دعوى قضائية ضد "وول ستريت جورنال". وأشار المعهد إلى المقال الأخير للكاتب المخضرم بول فارهي في مجلة "ذي أتلانتيك" بعنوان "حملة ترامب لسحق وسائل الإعلام". وكتب فارهي يقول "إن المراهنة ضد ترامب لن تكون حكيمة، ففي الأشهر الستة الأولى من توليه منصبه، حقق سلسلة من الانتصارات في حملته لمعاقبة الصحافة وتقويضها". ونقل عن مارتي بارون المحرر السابق لصحيفة واشنطن بوست قوله "تواجه الصحافة المستقلة في الولايات المتحدة ما واجهته وسائل الإعلام بالعديد من البلدان الأخرى التي لديها طغاة طموحون".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store