logo
"دبلوماسية التجارة لا المعونة".. إستراتيجية أميركية جديدة في أفريقيا

"دبلوماسية التجارة لا المعونة".. إستراتيجية أميركية جديدة في أفريقيا

الجزيرة٢٧-٠٧-٢٠٢٥
تشهد السياسة الأميركية تجاه أفريقيا تحولا مهما، يتجلى في إطلاق إستراتيجية جديدة تستبدل نموذج "المعونة" بنهج يرتكز على "الدبلوماسية التجارية". وتأتي هذه السياسة في ظل إدارة الرئيس دونالد ترامب الثانية، التي تعيد ترتيب أولويات العلاقات الخارجية على أساس مصالح واشنطن الاقتصادية والتجارية.
ونشر مركز الجزيرة للدراسات ورقة تحليلية بعنوان " دبلوماسية التجارة لا المعونة.. الإستراتيجية الأميركية الجديدة والسيادة الاقتصادية بأفريقيا" للباحث النيجيري حكيم ألادي نجم الدين تناولت دلالات خفض أميركا مساعداتها لأفريقيا مع فرض رسوم جمركية جديدة على الصادرات الأفريقية، وما يعنيه ذلك من أن العلاقات الأميركية الأفريقية قد تتغير وفق أجندات الرئيس ترامب، فأفريقيا لم تعد مجرد متلقّ للمساعدات، بل "شريكا" في التجارة والاستثمار وإنعاش الشركات الأميركية.
وقد أطلقت وزارة الخارجية الأميركية هذه الرؤية رسميا في مايو/أيار 2025 على لسان مسؤول الشؤون الأفريقية تروي فيتريل الذي شدد في منتدى بأبيدجان على ضرورة تعزيز الروابط التجارية مع أفريقيا في سياق جديد أكثر نفعية بالنسبة للمصالح الأميركية.
تراجع في المساعدات التقليدية
وتراجعت مكانة المساعدات الأميركية التقليدية في السياسة الجديدة، رغم أن أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى كانت لسنوات ثاني أكبر مستفيد من ميزانيات الوكالة الأميركية للتنمية الدولية ؛ إذ حصلت على 40% من ميزانيتها، خصوصا في مجالات الصحة ومكافحة الفقر والأوبئة.
ومن الأدوات الإستراتيجية للمشاركات الأميركية في أفريقيا أيضا "مؤسسة الولايات المتحدة للتنمية الأفريقية"، التي تأسست عام 1980 للاستثمار المباشر في الشركات الشعبية الأفريقية ورواد الأعمال الاجتماعيين. إضافة إلى "قانون النمو والفرص في أفريقيا" (AGOA)، والذي سُن عام 2000 بهدف معلن متمثل في السماح لدول أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى المؤهلة بدخول السوق الأميركية معفاة من الرسوم الجمركية لأكثر من 1800 منتج.
وعلى الرغم من أهمية هذه البرامج، تعرضت للانتقاد بسبب فرضها شروطا تتعلق بالحوكمة والاقتصاد، ما اعتُبر تدخلا في السيادة الوطنية للدول الأفريقية.
وتُحمّل الدراسة برامج المساعدات الأميركية مسؤولية إدامة "التبعية الاقتصادية"، إذ غالبا ما تُصمم هذه البرامج بما يخدم المصالح الأميركية ويُضعف قدرة الدول الأفريقية على تبني سياسات تنموية وطنية. كما أن مبادرات كـ"قانون النمو والفرص في أفريقيا" واجهت انتقادات بسبب عدم شمولها دولا عديدة، وعدم استفادة الاقتصادات الصغيرة بسبب الشروط الصارمة المفروضة.
تركز الإستراتيجية الجديدة على 6 محاور رئيسة، أبرزها:
الدفع بالتجارة والاستثمار بدلا من المعونة.
إعطاء القطاع الخاص دورا محوريا في التنمية.
تنشيط "الدبلوماسية التجارية" وتقييم سفراء أميركا في أفريقيا بناءً على نجاحهم التجاري.
تشكيل "فرق صفقات" في السفارات الأميركية لرصد الفرص التجارية وربط الشركات الأميركية بالشركاء الأفارقة.
تركيز الاستثمارات على مشاريع البنية التحتية واحتواء نفوذ منافسي واشنطن في القارة، وخاصة الصين.
السعي لإصلاح مبادرة "قانون النمو والفرص في أفريقيا" لتكون قائمة على تبادل المنافع والمعاملة بالمثل.
ماذا تعني الإستراتيجية الجديدة للسيادة الاقتصادية الأفريقية؟
قد تكون الإستراتيجية الأميركية الجديدة جهدا حقيقيا للتراجع الأميركي عن تعاملاتها القديمة، والتحول إلى الشراكة مع الدول الأفريقية.
الإستراتيجية تتماشى مع رغبة أفريقيا في الاعتماد على الذات بدلا من انتظار المساعدات لتلبية احتياجاتها التنموية.
تركيز الإستراتيجية الجديدة على النمو الذي يقوده القطاع الخاص قد يسهم في تحقيق الاستقلال الاقتصادي على المدى الطويل.
الاستثمارات الأميركية في مشاريع البنية التحتية قد تصنع تحولا إيجابيا لأفريقيا بما يعزز مكانتها التنافسية في الأسواق العالمية.
تدعو الإستراتيجية الأميركية إلى التعاون مع الحكومات الأفريقية بشأن إصلاحات السوق، بما قد يُحسّن بيئة الأعمال العامة ويجذب استثمارات متنوعة ويعزز التنافس بين القوى العالمية لصالح أفريقيا.
فرص
يرى الباحث أن الإستراتيجية الجديدة قد تُتيح فرصة لأفريقيا لتحقيق مزيد من الاعتماد على الذات إذا ما نجحت الدول الأفريقية في:
فرض شروطها الوطنية في التفاوض مع واشنطن.
استخدام التنافس الدولي (الصيني- الأميركي) لصالحها.
التركيز على تنمية القطاعات الإنتاجية وبناء صناعات محلية قادرة على الاستفادة من فرص التجارة.
ثمة تناقض في الخطاب الأميركي؛ فمن جهة، تتحدث الإستراتيجية عن شراكة متكافئة، ومن جهة أخرى، تُبقي واشنطن على ممارسات تعكس عقلية فوقية، مثل حظر السفر على مواطني دول أفريقية بزعم الأمن، وخفض ميزانية المساعدات، وتعزيز التدخل غير المباشر في الشؤون الداخلية عبر تمويل منظمات مدنية محددة.
كما تشير إلى خشية من أن تتحول الإستراتيجية الجديدة إلى مجرد أداة لتعزيز النفوذ الأميركي في مواجهة الصين، لا لتحقيق تنمية حقيقية في القارة.
احتمال أن تُعيد واشنطن إنتاج علاقات تبعية جديدة تحت شعار التجارة، عبر تركيزها على القطاعات ذات الربح السريع، وتوجيه الاستثمارات نحو مصالحها الخاصة من دون مراعاة أولويات التنمية المحلية في أفريقيا، مثل الزراعة والتعليم والخدمات الاجتماعية.
خاتمة
خلصت الدراسة إلى أن "الدبلوماسية التجارية" الأميركية الجديدة تمثل تحولا لافتا في السياسة الأميركية تجاه أفريقيا، وقد تمنح الدول الأفريقية فرصة تاريخية لإعادة رسم علاقاتها الخارجية على أساس المصالح المتبادلة، شرط أن تُحسن استخدام موقعها التفاوضي وتصرّ على حماية سيادتها الاقتصادية.
لكنها في الوقت ذاته، تُحذر من خطر استبدال التبعية للمساعدات بتبعية تجارية واستثمارية، خاصة في ظل تركز القرار الأميركي في مصالح "أميركا أولا"، ما يجعل من هذا التحول أقرب إلى "إعادة تغليف" السياسات القديمة بمصطلحات جديدة، بدلا من بناء شراكة قائمة على الندية والاحترام المتبادل
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ترامب يدعو لضم جميع دول الشرق الأوسط لاتفاقيات أبراهام
ترامب يدعو لضم جميع دول الشرق الأوسط لاتفاقيات أبراهام

الجزيرة

timeمنذ 26 دقائق

  • الجزيرة

ترامب يدعو لضم جميع دول الشرق الأوسط لاتفاقيات أبراهام

دعا الرئيس الأميركي دونالد ترامب جميع دول الشرق الأوسط للانضمام إلى اتفاقيات التطبيع مع إسرائيل ، قائلا إن ذلك سيضمن السلام في المنطقة، حسب تعبيره، بينما تستمر حرب الإبادة والتجويع الإسرائيلية في قطاع غزة بدعم واشنطن. وكتب ترامب في منشور على مواقع التواصل الاجتماعي، اليوم الخميس، "الآن وقد مُحقت الترسانة النووية التي صنعتها إيران، من المهم جدا عندي أن تنضم جميع دول الشرق الأوسط إلى اتفاقيات أبراهام". وأعلن وزراء ومسؤولون إسرائيليون في الآونة الأخيرة أن إسرائيل تتطلع إلى توسيع نطاق التطبيع وإبرام اتفاقيات مع دول عديدة عربية وإسلامية. ونقلت وكالة رويترز عن 5 مصادر قولها إن إدارة ترامب تجري أيضا في الوقت الحالي مباحثات نشطة مع أذربيجان ، لضمها هي ودول أخرى حليفة في آسيا الوسطى إلى اتفاقيات أبراهام، على أمل تعميق العلاقات القائمة أصلا مع إسرائيل. ومنذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، يشن جيش الاحتلال الإسرائيلي -بدعم أميركي- حرب إبادة على سكان قطاع غزة، أسفرت حتى الآن عن استشهاد أكثر من 61 ألف فلسطيني وإصابة أكثر من 152 ألفا، وتشريد سكان القطاع كلهم تقريبا، وسط دمار لم يسبق له مثيل منذ الحرب العالمية الثانية ، وفقا لما وثقته تقارير فلسطينية ودولية.

انسحاب حزب الله وحركة أمل من اجتماع الحكومة وتسرب تفاصيل الورقة الأميركية
انسحاب حزب الله وحركة أمل من اجتماع الحكومة وتسرب تفاصيل الورقة الأميركية

الجزيرة

timeمنذ 29 دقائق

  • الجزيرة

انسحاب حزب الله وحركة أمل من اجتماع الحكومة وتسرب تفاصيل الورقة الأميركية

بحثت الحكومة اللبنانية في اجتماعها، اليوم الخميس، الورقة الأميركية المتعلقة باتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل والتي تتضمن جدولا زمنيا لنزع سلاح حزب الله. وأفادت مراسلة الجزيرة في بيروت بانسحاب الوزيرين المحسوبين على حزب الله و حركة أمل من الاجتماع الذي عقد بعد ظهر اليوم واستمر عدة ساعات. ورفض حزب الله موقف الحكومة التي قررت في اجتماعها السابق -أول أمس الثلاثاء- تكليف الجيش اللبناني بوضع خطة لحصر السلاح بيد الدولة قبل نهاية العام الجاري وعرضها على مجلس الوزراء قبل نهاية الشهر الجاري. وقالت كتلة حزب الله البرلمانية إن "تبني رئيس الحكومة الورقة الأميركية انقلاب على تعهدات التزم بها بالبيان الوزاري"، ورأت أن "التسرع المريب للحكومة ورئيسها بتبني مطالب واشنطن مخالفة ميثاقية ويضرب اتفاق الطائف". ودعت الكتلة الحكومة اللبنانية لتصحيح "ما انزلقت إليه من تلبية للطلبات الأميركية التي تصب بمصلحة العدو". تفاصيل الورقة الأميركية وقالت وكالة رويترز إنها حصلت على نسخة من جدول أعمال الحكومة اللبنانية اليوم، تتضمن تفاصيل الورقة التي قدمها المبعوث الأميركي توم براك لنزع سلاح حزب الله على ضوء اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل. ووفقا للوكالة، فإن المرحلة الأولى من الخطة الأميركية تتضمن إصدار الحكومة اللبنانية بيانا خلال 15 يوما تلتزم فيه بنزع سلاح حزب الله تماما بحلول 31 ديسمبر/كانون الأول 2025، على أن تلتزم إسرائيل في هذه الفترة بوقف العمليات العسكرية برا وبحرا وجوا. وفي المرحلة الثانية، تبدأ السلطات اللبنانية خلال 60 يوما تنفيذ خطة نزع السلاح، وتعتمد الحكومة خطة تفصيلية لانتشار الجيش اللبناني بهدف حصر السلاح بيد الدولة. وفي المقابل، تبدأ إسرائيل عملية الانسحاب من 5 تلال تحتلها في جنوب لبنان وتفرج عن الأسرى اللبنانيين بالتنسيق مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر. أما المرحلة الثالثة فيفترض أن تنسحب فيها إسرائيل خلال 90 يوما من آخر موقعين من تلك المواقع الخمس، وأن يبدأ توفير التمويل اللازم لإزالة الأنقاض في لبنان وترميم البنى التحتية تمهيدا لإعادة الإعمار. وفي وقت سابق، قال وزير الإعلام اللبناني بول مرقص في مقابلة مع الجزيرة إن الورقة الأميركية ستخضع للتدقيق وإن للحكومة الحق في التعديل عليها. وأضاف مرقص أن من الممكن أن يرفع الجيش مقترحات لتمكينه من تنفيذ الخطة التطبيقية لحصر السلاح بيد الدولة. من ناحية أخرى، قال عضو المجلس السياسي في حزب الله غالب أبو زينب إن كل خطوط الحوار بالنسبة للحزب مفتوحة، مبينا أن قرار الحكومة هو الذي "تجاوز كل المسائل التي كانت رهن الحوار". من جهته، قال عضو البرلمان عن حزب القوات اللبنانية نزيه متى للجزيرة إن اكتمال السيادة يتم بتسليم السلاح للجيش وصون الحدود، حسب تعبيره. ويسري وقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل منذ 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، لكن الجيش الإسرائيلي يواصل تنفيذ عمليات تجريف وتفجير بجنوب لبنان ويشن غارات شبه يومية. ولا تزال القوات الإسرائيلية تحتل 5 تلال لبنانية كانت قد سيطرت عليها خلال العدوان الذي تحول إلى حرب واسعة في 23 سبتمبر/أيلول 2024، مما أسفر عن أكثر من 4 آلاف قتيل ونحو 17 ألف جريح.

بسبب حرية التعبير.. صحيفة طلابية بجامعة أميركية تقاضي إدارة ترامب
بسبب حرية التعبير.. صحيفة طلابية بجامعة أميركية تقاضي إدارة ترامب

الجزيرة

timeمنذ ساعة واحدة

  • الجزيرة

بسبب حرية التعبير.. صحيفة طلابية بجامعة أميركية تقاضي إدارة ترامب

رفعت صحيفة طلابية في جامعة ستانفورد دعوى قضائية على إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تتهمها بانتهاك حقوق الطلاب الأجانب في حرية التعبير من خلال التهديد بترحيلهم لكتابتهم مقالات تعدها "معادية للولايات المتحدة أو لإسرائيل". وقالت صحيفة ستانفورد ديلي وطالبان لم تحدد هويتاهما في الدعوى القضائية أمام محكمة اتحادية في كاليفورنيا ضد وزير الخارجية ماركو روبيو ووزيرة الأمن الداخلي كريستي نويم إن الطلاب الأجانب في الجامعة الواقعة في مدينة بالو ألتو بولاية كاليفورنيا أحجموا عن كتابة مقالات عن الصراع في الشرق الأوسط خشية اعتقالهم واحتجازهم وترحيلهم. وجاء في الدعوى القضائية أن "هذا الخوف يتعارض مع الحرية الأميركية… يقف تعديلنا الأول حصنا ضد الحكومة التي تنتهك حقا لا يمكن انتزاعه للتفكير والتعبير عن الرأي". وقال متحدث باسم جامعة ستانفورد إن الصحيفة منظمة مستقلة وإن الجامعة ليست طرفا في الدعوى القضائية. وحاولت إدارة ترامب ترحيل طلاب عبروا عن آراء داعمة للفلسطينيين، ووصفتهم بأنهم معادون للسامية ومتعاطفون مع متطرفين، وقالت إن وجودهم في البلاد يتعارض مع السياسة الخارجية الأميركية. وأمر قضاة بالإفراج عن بعض الطلاب الذين اعتقلتهم الإدارة الأميركية واحتجزتهم من دون توجيه اتهامات لهم. وقالت صحيفة ستانفورد ديلي في دعواها القضائية إن الإدارة دفعت كتّابها الأجانب إلى ممارسة الرقابة الذاتية لتجنب استهدافهم. ودفعت بأن تهديدات الإدارة تمنعهم من "الانخراط في ممارسات التعبير عن الرأي التي يكفلها القانون مثل حضور الاحتجاجات، واستخدام شعارات معينة، والتعبير علنا عن آرائهم الحقيقية بالسياسة الخارجية الأميركية وإسرائيل وفلسطين". وطلبت الصحيفة من المحكمة إصدار حكم ينص على أن الدستور الأميركي يمنع الحكومة من ترحيل الأجانب بسبب انخراطهم في حرية التعبير.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store