
تقرير: هيغسيث شارك معلومات حساسة حول اليمن مع زوجته ومحاميه عبر «سيغنال»
نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية عن مصادر قولها، أمس الأحد، إن وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث نشر معلومات حساسة عن غارات اليمن، عبر مجموعة دردشة أخرى.
وأضافت الصحيفة أن المعلومات التي نشرها هيغسيث عبر تطبيق «سيغنال» تضمنت جداول الغارات التي تستهدف الحوثيين باليمن، مشيرة إلى أن مجموعة الدردشة التي نشر بها وزير الدفاع هذه المعلومات ضمّت زوجته وشقيقه ومحاميه «إضافة إلى نحو عشرة أشخاص من دائرته الشخصية والمهنية».
ونقلت «نيويورك تايمز» عن «أربعة أشخاص مطّلعين على هذه المحادثة»، أن وزير الدفاع نشر جداول الرحلات الدقيقة للطائرات التي كان مقرراً أن تضرب أهدافاً للمتمردين الحوثيين في اليمن، «وهي في الأساس خطط الهجوم نفسها التي شاركها في اليوم نفسه على مجموعة سيغنال أخرى».
وكشفت «نيويورك تايمز» أن هيغسيث أفشى هذه المعلومات الحساسة قبل تأكيد تعيينه وزيراً للدفاع، واستخدم هاتفه الخاص في التعامل معها وليس الحكومي. وقالت الصحيفة إن هيغسيث نشر معلومات الضربات ضد الحوثيين، في الوقت نفسه تقريباً الذي شارك فيه هذه المعلومات عبر مجموعة الدردشة الأخرى التي سرّبتها مجلة «أتلانتيك».
وقالت «نيويورك تايمز» إنّ زوجة الوزير، وهي صحافية وموظفة سابقة في قناة «فوكس نيوز»، لا تعمل في وزارة الدفاع، في حين أن شقيق هيغسيث ومحاميه يشغلان مناصب فيها. وأضافت الصحيفة: «لكن ليس واضحاً لماذا قد يحتاج أيٌّ منهما إلى أن يكون مطّلعاً على الضربات الوشيكة ضد الحوثيين في اليمن».
ووفقاً للصحيفة، حذّر مسؤولون في «البنتاغون» الوزير، قبل أيام قليلة، من أنه يجب ألّا يناقش معلومات متعلقة بالضربات في اليمن عبر «سيغنال»، وهي خدمة رسائل مشفرة تُعدّ أقل أماناً من القنوات الرسمية المستخدمة عادة للبيانات الحساسة. ولم يعلّق «البنتاغون»، مساء الأحد، على هذه المعلومات. ونقلت الصحيفة عن مسؤول كبير رفض الإفصاح عما إذا كان هيغسيث قد شارك معلومات مفصلة حول الأهداف، لكنه قال إنه لم يحصل أي خرق للأمن القومي.
وفي تعليق على هذه المعلومات الجديدة، اتهم الناطق باسم «البنتاغون» شون بارنيل صحيفة «نيويورك تايمز» بأنها «وسيلة إعلام تكره دونالد ترمب».
وأكد: «لم تنشر معلومات سرية في محادثات عبر (سيغنال)»، دون توفير مزيد من التفاصيل.
وأمس الأحد أيضاً، نشر جون أوليوت، الناطق السابق باسم هيغسيث في «البنتاغون» مقال رأي لاذعاً جداً وصف فيه «شهراً من الفوضى العارمة في البنتاغون». وكتب أوليوت: «اعتاد الرئيس دونالد ترمب مساءلة كبار الموظفين لديه، لذا من الصعب توقع أن يبقى وزير الدفاع بيت هيغسيث في منصبه لفترة طويلة».
وسارعت المعارضة الديمقراطية إلى التعليق. وطلب جاك ريد، عضو لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ من المفتش العام في «البنتاغون»، تضمين تحقيقه الادعاءات الأخيرة. وقال، في بيان: «في حال تأكّد هذا الحادث سيشكل مثالاً جديداً مقلقاً على الازدراء الكامل للوزير هيغسيث بالقوانين والبروتوكولات التي ينبغي على كل المسؤولين الآخرين في الجيش احترامها».
وبعد الحادث الأول الذي عُرف بـ«سيغنال غيت»، دافع دونالد ترمب عن الوزراء المعنيين. وأكد مستشار الأمن القومي الأميركي مايك والتس أنه يتحمل «المسؤولية»؛ لأنه هو الذي أنشأ مجموعة الدردشة هذه. وذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» أن مجموعة الدردشة الجديدة أنشأها هيغسيث شخصياً، قبل أن يتولى مهامه الوزارية.
والأسبوع الماضي، علّقت مهام ثلاثة مسؤولين كبار في «البنتاغون»، على أثر تسريبات لم تحدد طبيعتها. وأمس الأحد، ردّ المسؤولون المعنيّون، وهم دارين سيلنيك نائب مدير مكتب هيغسيث، والمستشاران دان كالدويل وكولين كارول، وأصدروا بياناً اتهموا فيه الوزارة بـ«تشويه سُمعتهم بهجمات لا أساس لها». وكتب الثلاثة، على مواقع التواصل الاجتماعي: «حتى الآن، لم يجرِ إخبارنا بالسبب المحدد الذي يجعلنا نخضع للتحقيق، وما إذا كان التحقيق جارياً، وما إذا كان هناك تحقيق حول حصول تسريبات».

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صحيفة سبق
منذ 13 ساعات
- صحيفة سبق
"وعود بلا وصول".. المساعدات تصل إلى المعابر ولا يحصل عليها الجياع في غزة
في مشهد يتكرر بمرارة في قطاع غزة، يقف السكان الجياع على أعتاب كارثة إنسانية، ينتظرون بصيص أمل يصلهم عبر قوافل المساعدات، التي أعلنت إسرائيل عن تخفيف حصارها عليها، فبعد ثلاثة أيام من هذا الإعلان، لم يصل سوى القليل، إن وجد، من الغذاء والوقود والدواء الذي يحتاج إليه الفلسطينيون بشدة، وتكمن المشكلة في أن هذه المساعدات، على الرغم من وصول عشرات الشاحنات منها إلى معبر كرم أبو سالم الخاضع للسيطرة الإسرائيلية، لا تزال حبيسة المستودعات على الجانب الغزي، وذلك بسبب مخاوف الأمم المتحدة من عمليات النهب، مما يعمّق معاناة أهالي القطاع الذين يعيشون تحت وطأة حظر إسرائيلي دام شهرين على الإمدادات الأساسية، ما يطرح تساؤلات جدية حول فعاليّة هذا التخفيف في ظل التهديدات الإسرائيلية بشن هجوم بري واسع النطاق قد يزيد الوضع تعقيدًا. ويصف رياض الحوسري، شاب في الخامسة والعشرين من عمره يسكن مدينة غزة، الواقع المؤلم بقوله : "اليوم سنأكل في الغالب العدس أو المعكرونة. نأكل وجبة واحدة في وقت متأخر من بعد الظهر. إنها وجبة واحدة ولا توجد غيرها"، وهذه الشهادة ليست سوى جزء صغير من لوحة المعاناة الكبيرة التي يعيشها سكان القطاع، حيث بات الحصول على أبسط مقومات الحياة تحديًا يوميًا، وفقًا لصحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية. وحذرت لجنة من الخبراء المدعومين من الأمم المتحدة من أن سكان غزة يواجهون خطرًا حرجًا من المجاعة بسبب الحصار الإسرائيلي، وتوقعت اللجنة أن يعاني عشرات الآلاف من الأطفال سوء التغذية الحاد إذا استمرت القيود، وعلى الجانب الآخر، ردت إسرائيل بأن هذا التقرير يستند إلى بيانات وافتراضات خاطئة، نافيةً دقة التقديرات. وفي مطلع مارس، أعلنت إسرائيل منع دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، وبرر المسؤولون الإسرائيليون هذه القيود بأنها تهدف إلى الضغط على حركة حماس للموافقة على شروط إنهاء الحرب وتحرير الرهائن المتبقين في القطاع، وهذا التبرير يضع حياة المدنيين على المحك، ويجعل المساعدات الإنسانية ورقة مساومة في صراع سياسي معقد. وعلى الرغم من إعلان إسرائيل عن مرور عشرات الشاحنات المحملة بالإمدادات عبر معبر كرم أبو سالم، إلا أن الواقع على الأرض يشير إلى صعوبة بالغة في إيصال هذه المساعدات إلى مستحقيها، ويبرر مسؤول أممي، فضل عدم الكشف عن هويته، عدم قدرة الأمم المتحدة على نقل الشاحنات من المعبر إلى المستودعات داخل غزة جزئيًا بمخاوف من عمليات النهب، وهذا التأخير يعكس تحديات لوجستية وأمنية كبيرة تعترض طريق توزيع المساعدات، ويضع علامات استفهام حول الآليات المتبعة لضمان وصول الإغاثة إلى الأيدي التي تحتاج إليها، خصوصًا في ظل التهديدات المستمرة بشن هجوم بري واسع النطاق قد يزيد من تفاقم الأوضاع الإنسانية، فهل ستجد هذه المساعدات طريقها إلى الجوعى حقًا، أم ستبقى حبيسة التحديات؟


صدى الالكترونية
منذ يوم واحد
- صدى الالكترونية
ترامب يكشف ما دار بينه وبين بوتين بشأن ميلانيا
أجري الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، اتصال هاتفي استمر لأكثر من ساعتين مع نظيره الأميركي دونالد ترامب، أمس الأثنين. وكشفت شبكة 'سكاي نيوز' أن بوتين خلال ذلك الاتصال أخبر نظيره الأميركي أن السيّدة الأولى ميلانيا، تحظى باحترام كبير في بلاده. وتابعت الشبكة أن الرئيس الأميركي سأل: ماذا عني؟ فأجاب بوتين: لا، ميلانيا تعجبهم أكثر'، مضيفة أن الرئيس الأمريكي شدد على أن البلاد محظوظة بسيدة أولى 'مخلصة وعطوفة'. وأفادت صحيفة نيويورك تايمز سابقا أن ميلانيا نادرا ما تظهر في البيت الأبيض، فقد قضت أقل من 14 يوما في المجمل بالبيت الأبيض منذ تنصيب ترامب في 20 يناير. وأشارت الصحيفة أن ترامب بنفسه تولي عددا من مهامها، بما في ذلك اختيار ديكور مقر البيت الأبيض، وتزيين حديقة الورود، واستقبال مجموعات الزوار في الجناح الشرقي، واستضافة فعاليات شهر تاريخ المرأة. اقرأ أيضا:


Independent عربية
منذ يوم واحد
- Independent عربية
جولة ترمب الخليجية تضع إسرائيل في خانة "الصديق المهمش"
اعتاد الرؤساء الأميركيون التوقف في إسرائيل خلال زياراتهم الشرق الأوسط، لكن هذه المرة قرر دونالد ترمب كسر هذا التقليد عبر السفر إلى ثلاث دول خليجية، من دون أن يسافر إلى إسرائيل، مما أثار قلقاً واسعاً في الأوساط الإسرائيلية الرسمية والدوائر المقربة من تل أبيب في واشنطن. وفي الضفة الأخرى، مدَّ الرئيس الأميركي غصن الزيتون لإيران، لكنه هدد بالخيار العسكري في حال رفضت التوصل إلى اتفاق في شأن برنامجها النووي، وفي المشهد المكتمل لما بعد جولة ترمب، بدت إيران وإسرائيل الطرفين الأكثر تضرراً منها. التصريح الذي استفز خامنئي على رغم أن ترمب أبدى انفتاحه على التصالح مع إيران، فإن خطاباته في الخليج لم تخل من مشاكسات، وأبرزها المقارنة بين الخليج وإيران، التي بدا أنها أثارت حفيظة المرشد الإيراني علي خامنئي، وتحديداً عندما قال الرئيس الأميركي في خطابه من الرياض إن "هناك دولاً تجعل من الصحراء واحات خضراء، وأخرى تجعل من واحاتها صحاري"، في إشارة إلى تراجع إيران تحت نظامها الحالي. وفي كلمة أول من أمس لم يخرج المرشد الإيراني علي خامنئي عن نسق مهاجمة واشنطن، إذ علق على كلام ترمب قائلاً إنه "لا يستحق الرد"، واعتبر تصريحه بأنه يستخدم القوة لتحقيق السلام "كذبة"، واصفاً تصريحات الرئيس الأميركي خلال زيارته الشرق الأوسط بأنها مدعاة لـ"الخزي" للمتحدث وللشعب الأميركي، وأن نموذج التقدم الذي يطرحه ترمب للدول العربية "محكوم بالفشل". وبالنظر إلى مواقف إسرائيل وإيران، الصديق والعدو التقليديين في ضوء زيارة ترمب، بدا كلاهما معزولاً من مشهد المنطقة الكبرى الذي تصدرته الصفقات الاقتصادية الضخمة المبرمة بين أميركا ودول الخليج الثلاث السعودية وقطر والإمارات، وركزت وسائل الإعلام الدولية في تغطيتها على عزلة إسرائيل وإيران، مشيرة إلى تغير ديناميكيات القوى في الشرق الأوسط. إسرائيل "على الهامش" عنونت "نيويورك تايمز" تقريرها بعد الزيارة، "ترمب يتجاهل نتنياهو في جولة الخليج"، وأشارت إلى أن الرئيس الأميركي يعيد تشكيل السياسة الخارجية الأميركية المتجذرة في الشرق الأوسط منذ عقود من دون إسرائيل، مستشهدة بالاتفاق المفاجئ لوقف العمليات العسكرية في اليمن، الذي نُظر إليه على أنه يحمي المصالح الأميركية من دون اكتراث بالمصالح الإسرائيلية، ورفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا على رغم مخاوف إسرائيل تجاه حكومة أحمد الشرع، التي دفعتها إلى قصف مواقع سورية مئات المرات منذ ديسمبر (كانون الأول) 2024، ويعكس تجاهل إسرائيل بحسب المحللين تضاؤل أهميتها لدى دوائر صنع القرار في إدارة ترمب الثانية. وكتبت "نيويورك تايمز" "كثيراً ما تمتعت إسرائيل بمكانة خاصة في صلب السياسة الخارجية الأميركية في المنطقة في العقود الأخيرة، في عهد رؤساء أميركيين من كلا الحزبين"، مشيرة إلى أن نتنياهو، الذي ظل في الحكم معظم العقدين الماضيين، كان لاعباً أساساً في النقاشات الخاصة بالشرق الأوسط، حتى عندما كان يُغضب نظراءه الأميركيين أحياناً". ولا توجد مؤشرات إلى أن الولايات المتحدة تتخلى عن علاقاتها التاريخية مع إسرائيل، أو أنها ستوقف دعمها العسكري والاقتصادي لها، ونفى ترمب أي تهميش لها. ومع ذلك كشفت جولته الأخيرة على مدى خمسة أيام في الشرق الأوسط عن أن "إسرائيل ونتنياهو أصبحا خارج نطاق الاهتمام"، بحسب الصحيفة الأميركية، مشيرة إلى سعي ترمب إلى اتفاقات تهدئة وسلام تتعلق بإيران واليمن، وعقد صفقات تجارية تقدر بتريليونات الدولارات مع دول الخليج. وقال السفير الإسرائيلي السابق لدى الولايات المتحدة إيتمار رابينوفيتش، إن "الإحساس العام هو أن هناك تحولاً في الانتباه وتغيراً في المصالح نحو دول الخليج، حيث المقدرات المالية"، مضيفاً أن ترمب يبدو وكأنه فقد اهتمامه بالعمل مع نتنياهو على وقف الحرب في غزة، بسبب "شعوره بعدم جدوى ذلك"، في ضوء تمسك نتنياهو و"حماس" بموقفهما، مما جعل الوضع ميؤوساً منه. التفاوض "المقلق" مع إيران التوجه الترمبي الآخر الذي يقلق إسرائيل متعلق بإيران، فقد كرر مراراً خلال جولته رغبته في التوصل إلى اتفاق مع طهران في شأن برنامجها النووي، وقال في قطر إن المفاوضات مع إيران "جادة للغاية" لإرساء سلام طويل الأمد معها، مما قد ينهي الصراع الأميركي – الإيراني منذ نحو أربعة عقود. وهذه السياسة المنفتحة على إيران تأتي على النقيض من محاولات نتنياهو لدفع إدارة ترمب إلى دعم إسرائيل أو المشاركة معها في شن ضربات عسكرية ضد إيران، ومع ذلك، فقد لوح ترمب بخيار شن ضربات واسعة النطاق تستهدف البرنامج النووي الإيراني في حال لم توافق طهران على اتفاق جديد. وعلى رغم أن ترمب لم يشرك نتنياهو في قرارات مهمة في شأن الشرق الأوسط، إذ فاجأه في المكتب البيضاوي مثلاً بقرار التفاوض مع إيران، فإن المتحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي، عمر دستري، نفى وجود خلاف جوهري بين البلدين، مشيراً إلى زيارتين قام بهما نتنياهو للبيت الأبيض خلال الأشهر الماضية، وقول ترمب "نحن على الجانب نفسه في كل القضايا" مع إسرائيل. وفي وقت سابق من هذا الشهر، فاجأ ترمب العالم بإعلانه اتفاقاً مفاجئاً لوقف لإطلاق النار مع الحوثيين في اليمن، على رغم استمرارهم في إطلاق الصواريخ على إسرائيل، ونجحت إدارته بعد أيام في تأمين إطلاق سراح إيدن ألكسندر، آخر رهينة أميركي حي في غزة بالتواصل المباشر مع "حماس"، من دون إشراك إسرائيل. وقال المستشار السابق لنتنياهو، نداف شتراوخلر، إن رئيس الوزراء لا يزال يحتفظ بعلاقة مع ترمب، لكنها مختلفة عن علاقاته مع رؤساء أميركيين سابقين، مشيراً إلى أنه "مع بايدن، كان بإمكان نتنياهو تأجيل القرارات، أما مع ترمب فتُتخذ القرارات فوق رأس نتنياهو، وهذا تغيير يقلق كثراً في إسرائيل". "الاستغناء" عن إسرائيل ليس مستحيلاً جاءت عناوين الصحف الإسرائيلية والعالمية مشوبة بالقلق والتساؤلات حول مستقبل إسرائيل في الحسابات الأميركية في شأن الشرق الأوسط. وسادت عبارات من قبيل "ترمب يتجاوز إسرائيل واستياء بصمت"و "إهانات ترمب: ماذا يعني تراجع مكانة نتنياهو العالمية لمستقبله السياسي؟" و"البيت الأبيض يشير إلى الإحباط من نتنياهو" و"جولة ترمب الشرق أوسطية تترك نتنياهو على الهامش مجدداً". وكتبت "نيويورك تايمز"، "لا يبدو أن ترمب في الوقت الحالي سيُغير مساره، على رغم تأكيد مستشاريه أن علاقته بنتنياهو لا تزال قوية، إذ لم يعد الرئيس يتعامل مع إسرائيل على أنها الدولة التي لا غنى عنها في الشرق الأوسط"، مشيرة إلى أنه بالنسبة إلى إسرائيل ونتنياهو فإن لهذا التحول تبعات بعيدة المدى، لكنه حتى الآن لم يتفاعل معه رئيس الوزراء الإسرائيلي عبر تغيير نهجه في الحكم أو طريقة تعامله مع الصراعات التي تخوضها بلاده مع "حماس" وإيران وسوريا واليمن. ونشرت "واشنطن بوست" مقالة بعنوان "في الشرق الأوسط، ترمب يُهمّش إسرائيل من دون أن يساعد غزة"، إذ أشارت إلى أن ترمب ركز على صفقات تجارية وعسكرية كبرى مع حلفائه الخليجيين، في حين همّش رئيس الوزراء الإسرائيلي حليفه التقليدي وفتح قنوات مع خصوم تل أبيب مثل إيران وسوريا. وأشارت "واشنطن بوست" إلى أن تهميش نتنياهو في الجولة الأخيرة تكرر في خطوات سابقة مثل بدء المحادثات النووية مع إيران، والتفاوض مع "حماس" من دون علم إسرائيل، ولفتت إلى تقرير "رويترز" الذي أفاد بأن ترمب يدرس تقديم عرض للسعودية يتيح لها الوصول إلى التكنولوجيا النووية المدنية، من دون شرط إقامة علاقات مع إسرائيل الذي وضعه الرئيس السابق جو بايدن. وأثارت هذه الخطوات بحسب الصحيفة تساؤلات كثير من الإسرائيليين عما إذا ستصبح بلادهم "الحليف التالي الذي قد يتخلى عنه رئيس كانت تُعتبر علاقته بإسرائيل، قبل أشهر قليلة فقط، الأقوى في التاريخ الأميركي"، وقال السفير الإسرائيلي الأسبق لدى واشنطن، مايكل أورين، "الأمر مقلق". كذلك وصف المستشار السابق لنتنياهو، الباحث في المجلس الأطلسي، شالوم ليبنر، المزاج العام في إسرائيل بأنه "ذعر تام"، وكتب الدبلوماسي الأميركي المخضرم الذي عمل مبعوثاً في الشرق الأوسط لدى رؤساء ديمقراطيين وجمهوريين، دينيس روس، أن المخاوف الإسرائيلية حيال المفاوضات النووية وغيرها من التهديدات "لم تُؤخذ في الاعتبار، أو إن أُخذت فهي تُهمّش". ورجح روس بأن الأصوات داخل إدارة ترمب التي تنادي بتقليص التدخل العسكري الأميركي في الشرق الأوسط باتت هي الأقوى، وأن أولوية ترمب هي تأمين استثمارات خليجية بمليارات الدولارات، مضيفاً، "ترمب يرى المصلحة الأميركية من منظور مالي وتجاري، لا جيوسياسي أو أمني، وربما يعتبر أنه يقدم ما يكفي لإسرائيل بمنحها 4 مليارات دولار سنوياً كمساعدات عسكرية". تعزيز مكانة الدول العربية عنونت "وول ستريت جورنال" بأن "جولة ترمب في الشرق الأوسط تعزز مكانة الدول العربية على حساب إسرائيل"، مشيرة إلى أن الزيارة قلّصت مركزية التحالف الأميركي – الإسرائيلي الذي استمر عقوداً، مما يثير تساؤلاً عما إذا كان ذلك يمثّل تحولاً إستراتيجياً، أم أنه مجرد مناورة موقتة؟ وأشارت الصحيفة إلى العلاقة الشخصية بين ترمب ونتنياهو التي كثيراً ما اتسمت بالتوتر، إذ لم ينسَ ترمب تهنئة نتنياهو العلنية لبايدن بعد فوزه في انتخابات 2020، حسبما ذكر مقربون من الرئيس، ونقلت عن محللين رأيهم بأن الخلافات الحالية تتعلق بأجندة ترمب، لا بتحوّل جذري في السياسة الأميركية. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وقال خبير الشرق الأوسط في مجلس العلاقات الخارجية بواشنطن ستيفن كوك، إن "الخلافات حقيقية والتوتر حقيقي، لكن الناس يبالغون كثيراً في أهمية استبعاد إسرائيل من جدول الزيارة، فنتنياهو التقى ترمب مرتين أخيراً، والاتصالات بين القيادات الإسرائيلية والأميركية لا تزال مستمرة". وبالنسبة إلى دول الخليج فإن هذا التحول الموقت لصالحها يُعد تطوراً مرحباً به، وقال أستاذ شؤون الخليج والعالم العربي في جامعة الكويت، بدر السيف، "كثيراً ما ظن بعضهم في الخليج أن الطريق إلى أميركا لا يمر إلا عبر إسرائيل، اليوم نرى نافذة مفتوحة يمكننا من خلالها الوصول مباشرة إلى واشنطن، لقد أصبح لدينا وصول مباشر إلى الرجل الأول، وهو يصغي". وفي جلسة استماع لمجلس الشيوخ الخميس الماضي، قال مرشح ترمب لمنصب مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى جويل رايبورن إن "دول الخليج أصبحت الشريك المفضل... ورحلة الرئيس تثبت أن الوقت قد حان لتوسيع علاقاتنا في الخليج، ليس فقط على المستوى الأمني، بل الاقتصادي أيضاً". ودفعت مواقف حكومة نتنياهو المتشددة الكاتب الأميركي توماس فريدمان إلى القول إن "هذه الحكومة الإسرائيلية ليست حليفتنا"، وأشار في مقالة استبقت جولة ترمب إلى أن نتنياهو اعتقد أنه يستطيع استغلال ترمب، لكن الأخير أربكه بالمفاوضات المستقلة مع "حماس" وإيران والحوثيين. وخاطب فريدمان الرئيس ترمب قائلاً، "نادراً ما أيدت المبادرات التي اتخذتها منذ وصولك إلى البيت الأبيض، باستثناء ما يتعلق بالشرق الأوسط. زيارتك المرتقبة المنطقة ولقاؤك زعماء السعودية والإمارات وقطر، من دون نية لزيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، توحي بأنك بدأت تدرك حقيقة جوهرية: هذه الحكومة الإسرائيلية الحالية تتصرف بطرق تُهدد المصالح الأميركية الجوهرية في المنطقة، نتنياهو ليس صديقنا". وأثنى فريدمان على سياسة ترمب وقال، "كونك لم تسمح لنتنياهو بأن يهيمن على قراراتك كما فعل مع رؤساء أميركيين سابقين، يُحسب لك، ويؤكد أهمية حماية البنية الأمنية التي أرساها أسلافك في المنطقة". جولة "لا تبشر بالخير" لإسرائيل عنونت مجلة "بوليتيكو" بأن "جولة ترمب الخليجية لا تُبشّر بالخير لإسرائيل"، مشيرة إلى أن نتنياهو فضل خسارة كامالا هاريس متوقعاً أن يحصل من ترمب على حرية أكبر في التعامل مع غزة، لكن الحسابات تغيرت، فعلى رغم أن نتنياهو حصل على هامش أوسع في غزة، فإن ترمب لا يتفق معه على كثير من الملفات الأخرى، وجولة ترمب الحالية تُبرز هذا التباعد. من جانبه، رفض السفير الأميركي الجديد لدى إسرائيل، مايك هاكابي، القول إن واشنطن تتجاهل مخاوف إسرائيل، وقال في مقابلة قبل أكثر من أسبوع لقناة تلفزيونية إسرائيلية إن "الولايات المتحدة ليست ملزمة بأخذ إذن من إسرائيل" للتوصل إلى وقف إطلاق النار مع الحوثيين، لكنه عاد ليخفف من حدة تصريحاته عبر تغريدة عبر حسابه على منصة "إكس"، حين انتقد تقارير إعلامية وصفها بـ"المتهورة وغير المسؤولة" حول خلاف بين ترمب ونتنياهو.