
مجوعون منهكون.. أطباء بغزة يعيشون على محاليل لإنقاذ المصابين
على وجوه الأطباء ترتسم ملامح إرهاق شديد، ناتج عن التجويع الإسرائيلي الممنهج والحصار الخانق المفروض على قطاع غزة، ضمن حرب إبادة جماعية تشنها تل أبيب منذ 22 شهرا.
ويواصل الأطباء العمل لساعات طويلة داخل غرف العمليات، مدفوعين بواجبهم الإنساني، تحت وطأة حصار حوّل رغيف الخبز إلى وجبة نادرة، وجعل السكر والبروتينات أغلى من الذهب، بحسب ما قاله أطباء للأناضول.
ومؤخرا، حذر برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة من أن ثلث سكان غزة (من أصل نحو 2.4 مليون فلسطيني) لم يأكلوا منذ أيام عدة.
ووصف الوضع الإنساني بأنه غير مسبوق في مستويات الجوع واليأس.
فيما تؤكد الأمم المتحدة أن غزة بحاجة إلى مئات شاحنات المساعدات الإنسانية يوميا لإنهاء المجاعة التي تعانيها جراء الحصار والإبادة الجماعية.
وترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 إبادة جماعية بغزة، تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.
وخلّفت الإبادة الإسرائيلية 61 ألفا و430 شهيدا فلسطينيا و153 ألفا و213 جريحا، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 9 آلاف مفقود، ومئات آلاف النازحين، ومجاعة قتلت 217 شخصا، بينهم 100 طفل حتى الأحد.
وفي الثاني من مارس/آذار الماضي أغلقت إسرائيل معابر غزة أمام المساعدات الإنسانية والإغاثية والطبية، بينما تتكدس على حدودها آلاف الشاحنات؛ مما تسبب بتفشي مجاعة بلغت مستويات كارثية.
محمد الطيب (33 عاما)، أخصائي طب وجراحة العيون، قال للأناضول إنه يعمل منذ 7 سنوات.
لكن العامين الأخيرين كانا الأصعب، لا سيما منذ مارس الماضي، حيث عاش الطيب وزملاؤه تجويعا ممنهجا طال كل مواطني غزة.
وأضاف: نعمل بشكل مضاعف بسبب استهداف منتظري المساعدات، في إشارة إلى إطلاق الجيش الإسرائيلي النار على فلسطينيين أثناء انتظارهم مساعدات إنسانية شحيحة.
والأحد، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية أن مستشفيات استقبلت 35 قتيلا و304 جرحى من منتظري المساعدات خلال 24 ساعة، ما رفع الإجمالي إلى 1778 قتيلا و12 ألفا و894 جريحا منذ 27 مايو/أيار الماضي.
وتابع الطيب: رواتبنا تصل كل شهرين أو ثلاثة كسلفة بالكاد تغطي سعر الطحين.
وأفاد بأن العمليات الجراحية تضاعفت من عملية واحدة شهريا قبل الحرب إلى ثلاث يوميا الآن، معظمها تستغرق من ساعة إلى 3 ساعات.
ومع وجبة طعام واحدة في اليوم، قال الطيب: خسرت 10 كيلوغرامات منذ مارس/آذار الماضي.
وأردف: أذهب للمستشفى سيرا على الأقدام عدة كيلومترات، ولا أجد سكرا أو بروتينات، حتى النساء الحوامل والأطفال محرومون من الغذاء اللازم.
مدير مستشفى العيون عبد السلام صبّاح قال للأناضول إن الواقع صعب ومرير بالنسبة للطواقم الطبية والإدارية على حد سواء.
وتابع: الأطباء يسقطون مغشيا عليهم في غرف العمليات بسبب الإرهاق ونقص الغذاء، ونعطيهم محاليل وريدية (سوائل طبية) ليستمروا في عملهم.
ومضى قائلا إن أغلب الموظفين يأتون للعمل وبطونهم فارغة، ولا يتلقون سوى وجبة واحدة في اليوم.
فيما قال رئيس قسم التخدير بالمستشفى منذ 25 عاما الطبيب إياد أبو كرش: إن العمل مع سوء التغذية وقلة الطعام أدى إلى إرهاق شديد للطواقم، خاصة مع مضاعفة ساعات العمل على مدار الساعة.
وزاد أبو كرش للأناضول أن طبيعة العمليات الدقيقة، التي تتعلق بإنقاذ البصر أو الحياة، تتطلب تركيزا عاليا وطاقة كبيرة، لكن وجبتنا متواضعة.
نشعر بإجهاد شديد ودوخة وصداع أثناء العمل، هكذا بدأت الطبيبة مها ضبان حديثها عن تأثير نقص الغذاء على صحتهم وأدائهم.
وتابعت ضبان: كما أن ضربات القلب أصبحت أسرع، وفقدت 8 كيلوغرامات من وزني، والحصار حرمنا من الفيتامينات والبروتينات.
أجسادنا تحتاج لتغذية، وبدونها لن أستطيع أن أقدم نفس الطاقة في إنقاذ المرضى، كما ختمت الطبيبة الفلسطينية.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 34 دقائق
- الجزيرة
التجويع ونفاد الأدوية بغزة يحوّلان صيدلية الدكتور محمد إلى "بسطة"
غزة- على الرصيف المقابل لصيدليته التي أقامها بين المناطق المدمرة في مدينة غزة ، يجلس الدكتور محمد منصور بجانب طفله الذي يعرض قطعا من الحلويات والمقرمشات للبيع. على مدار 30 عاما من امتهان الصيدلة، لم يمر على الدكتور محمد أسوأ من هذه الأيام التي فرغت فيها صيدليته من الأدوية بسبب منع قوات الاحتلال الإسرائيلي دخولها إلى قطاع غزة ، ولم يعد قادرا على توفير الأدوية التي يتكرر طلبها من مسكنات ومضادات حيوية وتلك المخصصة للأمراض المزمنة. يوما بعد آخر يزداد الحال سوءا على جميع الفئات في القطاع، مما دفع محمد إلى البحث عن مصدر دخل بديل لطفله وافتتاح "بسطة". غزة بلا أدوية خلال الحرب على غزة دمر جيش الاحتلال الصيدلية التي كان يعمل بها الدكتور محمد، وفقد مصدر دخله على غرار المئات من الصيادلة بعدما طال التدمير معظم صيدليات محافظات القطاع. فلجأ إلى تجميع بعض الأدوية التي كانت متوفرة، وأنشأ "كشكا" كصيدلية بديلة لاستكمال مهمته في بيعها. مع اشتداد الحصار الإسرائيلي على غزة وإغلاق جميع المعابر منذ مطلع مارس/آذار الماضي، بدأت تشح الأدوية شيئا فشيئا، وطرأ ارتفاع على أسعارها تجاوز 300%، وثمن بعض الأصناف فاق ذلك بكثير. ولم تعد الأدوية المطلوبة للمرضى بشكل يومي متاحة، لا سيما المخصصة لتسكين الآلام وعلاج الالتهابات، والأمراض المزمنة. يقول منصور إن شح الأدوية زاد من معاناة السكان في قطاع غزة، و"لم نعد نجد ما يسكن آلام المرضى، وتصلنا حالات تعاني من التهابات حادة ولا تتوفر المضادات الحيوية لمداواتها، بينما تردت الحالة الصحية لأصحاب الأمراض المزمنة الذين اعتادوا الحصول على أدويتهم بشكل منتظم ودون انقطاع". يصعب عليه الحال الذي أوصلته إليه الحرب "البشعة" وأجبرته أن يجلس بجانب طفله لمساعدته في بيع القليل مما يعرض، ويتردد عليه المارة الذين بات معروفا بينهم ليسألوه "بكم هذا يا دكتور؟". سابقة خطيرة "كنت في صيدليتي أقدم للمرضى الأدوية التي يحتاجونها، ونوفر لهم ما يساعدهم على الشفاء، ولكن اليوم أصبحنا في الشارع واستبدلنا الأدوية ببعض قطع الحلوى"، يقول الدكتور محمد الذي يشعر بغصة بعدما اضطر زملاؤه لعرض ما تبقى لديهم من أدوية على "بسطة" في الأسواق العامة بعدما دمر جيش الاحتلال صيدلياتهم. ويخشى من استمرار منع دخول الأدوية لأكثر من مليوني فلسطيني في غزة، مما يهدد حياة الآلاف منهم خاصة المصابين بأمراض مزمنة والبالغ عددهم 350 ألفا. ويستغرب من الصمت المطبق على الحال الذي يصعب وصفه عندما لا يجد من يتألم مسكّنا يخفف عنه أوجاعه، وذلك في سابقة لم تمر عليه على مدار العقود الخمسة التي عاشها في القطاع. وحذرت وزارة الصحة بغزة من أن الأوضاع الصحية والإنسانية وصلت إلى مستويات كارثية مع استمرار منع الاحتلال إدخال الإمدادات الطبية الطارئة، وانهيار معدلات الأدوية والمستهلكات الطبية الذي انعكس بشكل كبير على مجمل الخدمات التخصصية خاصة مرضى السرطان والقلب. وأوضحت الوزارة في بيان لها أن 47% من قائمة الأدوية الأساسية، و65% من المستهلكات الطبية رصيدها صفر. وعبّرت عن خشيتها من حدوث انتكاسات خطيرة تهدد حياة المرضى المزمنين لغياب المتابعة الطبية وعدم توفر الأدوية، مشددة على أن استمرار العدوان الإسرائيلي يعني انهيار ما تبقى من خدمات صحية في القطاع. ودفع التجويع الدكتور محمد أن يذهب إلى مصيدة الموت في منفذ زيكيم شمالي غزة بحثا عن الطعام لأبنائه، ويقول "لم أتخيل يوما أن يصل بنا الحال بالذهاب إلى الموت بأنفسنا، ولكن الحرب لم تبق لنا شيئا لنأكله، وحينما وصلت هناك شاهدت أهوالا من التدافع على المساعدات حتى الموت، وحالة من القتل العشوائي الذي يمارسه الجيش الإسرائيلي ضد المجوعين". وغابت عن أرفف الصيدلية المكملات الغذائية التي كانت مخصصة لمرضى سوء التغذية والحوامل، حيث إن 650 ألف طفل، و60 ألف حامل معرضون للخطر بسبب سوء التغذية، حسب آخر إحصائية صادرة عن وزارة الصحة في غزة. ويأمل الدكتور محمد أن تضع الحرب أوزارها، ويعود لبناء صيدليته الخاصة ويوفر جميع الأدوية للمرضى، وأن تختفي مشاهد التجويع التي أنهكت جسده كما بقية الفلسطينيين في غزة.


الجزيرة
منذ 3 ساعات
- الجزيرة
التجويع والنزوح وغياب التشخيص المبكر.. ثالوث يفاقم مرضى السرطان في غزة
أمام غرفة عيادة الأورام داخل مجمع ناصر الطبي، تجمّع عشرات المرضى بانتظار الدخول للطبيب المعالج، وكان بينهم سيدة يبدو عليها ملامح الشحوب والتعب والهزال، وآثار العلاج الكيميائي، ذهبت إليها للتعرف على طبيعة مرضها. بمجرد سؤالها عن حالها، انفجرت السيدة أمل الجد (32 عاما) بالبكاء وهي تصف إصابتها بورم خبيث في غمد العصب المحيطي، وغياب العلاج والعناية الطبية، والغذاء الصحي داخل قطاع غزة لمرضى السرطان. في شهر أبريل/نيسان 2024، جاء المخاض للسيدة أمل ورزقت بطفلة، وبعدها ولمدة عام كامل بدأت تشكو من آلام شديدة في أسفل الجهة اليسرى من جسدها ولم ينجح الأطباء خلال تلك الفترة من تشخيصها بشكل دقيق بسبب غياب المعدات الطبية، وتعرضها للنزوح أكثر من 6 مرات، وعدم توفر مستشفى متخصص في قطاع غزة لمرضى السرطان، بعد تدمير جيش الاحتلال الإسرائيلي لمستشفى الصداقة التركي "مركز غزة للسرطان"، وخروجه عن الخدمة منذ الأيام الأولى للحرب. بعد التشخيص المتأخر لحالة أمل، دخلت في أتون معركة جديدة للبحث عن العلاج في مدينة تتعرض لأشرس حرب عرفها التاريخ الحديث، أحد أهم أهدافها المنظومة الصحية والمستشفيات. بكثير من الحسرة تقول أمل لـ"الجزيرة نت": "رزقت بطفلتي الأولى بعملية قيصرية وكانت فرحتنا كبيرة بهذه المولودة لكن اكتشاف المرض سرق الفرحة، ونال من جسدي، وانعكس على الحالة الصحية والنفسية لابنتي". تضيف أمل "بعد الاكتشاف المتأخر لإصابتي بالسرطان بدأت البحث عن الأطباء المتخصصين وكانت وجهتي الأولى مستشفى غزة الأوروبي، ولكن بعد اقتحام جيش الاحتلال له في مايو/أيار 2025، توقفت الخدمة المقدمة لنا على قلتها لفترة من الزمن". خلال فترة انقطاع العناية الطبية لمرضى السرطان بعد خروج مستشفى غزة الأوروبي عن الخدمة، تفاقمت الحالة الصحية لأمل، وبدأت حالتها الصحية تتراجع، لتظهر عليها ملامح الهزال، وعدم القدرة على الحركة. بعد الانقطاع عن العلاج، انتقلت أمل لمتابعة حالتها داخل مجمع ناصر، لكن لتكدس المرضى في المستشفى الوحيد، وقلة عدد الأطباء، لم تتوفر لها الرعاية المطلوبة لمريض السرطان. إلى جانب كل ذلك، لم تجد أمل أيا من الأصناف التي أوصى الأطباء بتناولها بسبب المجاعة التي تضرب قطاع غزة، ما تسبب في مزيد من تدهور حالتها الصحية. استئصال للكلى ذات المعاناة التي عايشتها أمل من مرضى السرطان، كان لرائد حماد وجه آخر منها أشد قسوة بفعل استئصال الأطباء الكامل لكليته اليمنى المصابة بالسرطان منذ عام 2016، وعدم شفائه من المرض رغم ذلك. جاءت الحرب وحماد (51 عاما) لا يزال يعاني من مرض السرطان، ليزيد من سوء حالته الصحية لعدم توفر العلاج والنظام الغذائي اللازم لمرضه. يقول حماد لـ"الجزيرة نت": "تم وضع نظام غذائي من قبل الأطباء يتناسب مع حالتي منها تناول الخضروات بكثرة ولكن الحرب ونقص المواد الغذائية تسبب في تدهور صحتي مع تراجع في الوزن وتعب وإرهاق وآلام في المفاصل خاصة مع غياب الطعام والنزوح المتكرر واستهداف المنظومة الصحية في قطاع غزة". أجرى الأطباء لحماد تحويلة طبية لاستكمال علاجه خارج قطاع غزة، عبر منظمة الصحة العالمية، لكنه ينتظر ورود اسمه على قوائم السفر الطويلة والوحيدة عبر معبر كرم أبو سالم. وتعكف المنظمة الأممية على إجلاء فئات من المرضى من ذوي الحالات المستعصية ومنهم مصابو مرضى السرطان بشكل محدود. خيبة أمل داخل خيمة من النايلون في منطقة المواصي غرب مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة، تكابد مريضة سرطان الثدي فايزة أبو صبحة، آلامها الشديدة لعدم توفر العلاج والرعاية الصحية، إضافة إلى نظام غذائي متكامل يساعدها على تجاوز أيام المرض الثقيلة. بعد 8 أشهر من شكوى الستينية فايزة وجود ندبة صغيرة في الثدي اكتشف الأطباء أنه ورم سرطاني يستلزم استئصال الجزء المصاب فقط، لكن غياب الأجهزة الطبية الخاصة بمرضى السرطان، استدعى استئصال الثدي بكامله. خضعت فايزة كما تروي لـ"الجزيرة نت" لعملية استئصال كاملة للثدي على أمل القضاء على تفشي السرطان في جسدها داخل مستشفى غزة الأوروبي، ولكن النتائج لم تأت كما أراد الأطباء لها. تقول أبو صبحة "بعد الاستئصال مازال السرطان في جسدي، ولا أمل في الشفاء التام طالما بقيت في قطاع غزة، حيث لا غذاء، أو رعاية صحية، أو مكان ملائم للعيش والنوم". أوضاع كارثية أكد رئيس اللجنة الطبية العليا لطب الأورام في قطاع غزة الدكتور زكي الزقزوق، أن الوضع الصحي لمرضى السرطان في القطاع بات سيئا للغاية، ووصل إلى مستوى لم يشهده منذ عقود بسبب حرب الإبادة الإسرائيلية المستمرة. وقال الزقزوق -استشاري أمراض الأورام- لـ"الجزيرة نت": "مريض السرطان يجب أن يتلقى علاجه في الوقت المناسب، لكن عددا كبيرا من المرضى في قطاع غزة لم يتمكنوا من الحصول على العلاج، ما أدى إلى وفاة الكثير منهم، بفعل النزوح المستمر منذ أكثر من عام ونصف، وفقدان الرعاية الطبية، إضافة إلى الإخلاءات المتكررة، ما فاقم من معاناتهم". وبيّن أنه بعد خروج "مركز غزة للسرطان" عن الخدمة بفعل اقتحامه وتدميره من قبل جيش الاحتلال، قامت وزارة الصحة بإنشاء قسم أورام في مستشفى غزة الأوروبي، إلا أن إخلاء المستشفى الأوروبي دفعهم لإنشاء قسم آخر في مجمع ناصر الطبي، لكنه متواضع للغاية بسبب غياب المعدات والأسرة. وبحسب الزقزوق فإن مريض السرطان بحاجة إلى رعاية خاصة تشمل العناية المركزة، والمضادات الحيوية، والعلاج الكيميائي، والإشعاعي، والبيولوجي، لكن غياب هذه الخدمات أدى إلى فقدان حياة العديد منهم. وحول الأعداد، بيّن الزقزوق أن ما يقرب من 12 ألف مريض سرطان في قطاع غزة لا يتوفر لهم العلاج المطلوب، مع زيادة ملحوظة في أعداد الإصابات خلال الحرب، حيث يتم تشخيص الكثير منهم في مراحل متأخرة جدا، بينما لا يتمكن آخرون من اكتشاف إصابتهم بسبب غياب وسائل التشخيص. وأضاف أن مرضى السرطان بحاجة إلى غذاء صحي ومتوازن، يشمل الحليب والفواكه والخضراوات والهواء النقي، لكن هذه المتطلبات الأساسية غائبة في قطاع غزة منذ قرابة عام ونصف، وهو ما يفاقم تدهور حالتهم، خاصة أن العلاج الكيمائي يضعف مناعتهم. وقال إنه لا توجد إحصاءات دقيقة بسبب الوضع الراهن الذي تعاني منه وزارة الصحة، لكن من المؤكد أن الوفيات ارتفعت نتيجة نقص العلاج، مشيرا إلى نجاحهم قبل الحرب في علاج بعض الحالات مثل سرطان الثدي. وكشف الطبيب الفلسطيني أن أكثر السرطانات شيوعا في القطاع هي سرطان الثدي، القولون، الرئة، والبروستاتا، إضافة إلى زيادة ملحوظة في تسجيل حالات سرطان الأنف البلعومي وسرطانات العقد اللمفاوية خلال الحرب. وشدد على ضرورة إرسال قوافل طبية متكاملة من أجل إنقاذ مرضى السرطان في غزة الذين يستغيثون طلبا للعلاج، وإدخال المعدات اللازمة للتشخيص، ووضع آلية لدعم مباشر للعلاج الكيمائي بجميع أنواعه. انتكاسات خطيرة بدوره، أكد مدير الإغاثة الطبية في قطاع غزة، بسام زقوت، أن واقع مرضى السرطان في القطاع صعب جدا، خاصة بعد خروج مستشفى غزة الأوروبي و"مركز غزة للسرطان" عن الخدمة، مشيرا إلى أن أعداد المرضى تتجاوز 12 ألف مريض، يتلقى بعضهم العلاج في مستشفى الحلو شمال القطاع. وأوضح زقوت في حديثه لـ"الجزيرة نت" أن الإمكانيات الطبية المتاحة غير كافية بسبب عدم سماح الاحتلال بدخول الأدوية الأساسية، موضحا أن بعض المرضى تعرضوا لانتكاسات خطيرة في حالتهم الصحية نتيجة توقف جرعات العلاج الكيمائي. وأضاف أن متابعة المرضى تتم من قِبل ما تبقى من الأطباء المتخصصين، لكنّ هناك نقصا حادا في الكوادر الطبية. وقال إن شريحة كبيرة من هؤلاء المرضى تحتاج للعلاج خارج قطاع غزة، إلا أن الاحتلال يمنع سفرهم، مما أدى إلى وفاة عدد منهم، بينما يعاني آخرون من تدهور مستمر في حالتهم الصحية. ولفت إلى أن المجاعة أثرت بشكل بالغ على مرضى السرطان الذين يعانون أساسا من ضعف المناعة، إذ يحتاجون إلى بروتينات وعناية خاصة غير متوفرة حاليا، مشيرا إلى أن نسبة كبيرة منهم تعاني من فقر الدم، وضعف عام، وشحوب، وهزال، بسبب عدم حصولهم على الغذاء المناسب. وذكر أن المعاناة في قطاع غزة طالت جميع الفئات، مضيفا أن الدعم النفسي للمرضى غير متوفر بالشكل المطلوب، إذ تقتصر الجهود الحالية على بعض الجلسات المحدودة التي لا تكفي، مؤكدا على ضرورة وضع برامج شاملة لتقديم الدعم النفسي الكامل لمرضى السرطان. تدمير ممنهج من جانبه، أكد أمجد الشوا نائب مفوض عام الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان ومدير شبكة المنظمات الأهلية، أن الاحتلال الإسرائيلي دمر بشكل ممنهج منظومة حقوق الإنسان، وانتهك بشكل صارخ القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، من خلال استهدافه المباشر للقطاع الصحي ومنع دخول الأدوية والطواقم الطبية إلى قطاع غزة. وقال الشوا في حديث لـ"الجزيرة نت": إن "المرضى في غزة يحرمون من حقهم الأساسي في تلقي العلاج، في ظل خروج معظم المستشفيات عن الخدمة، وكان آخرها مستشفى الصداقة التركي (مركز غزة للسرطان) الذي تعرض للتدمير الكامل، ما فاقم معاناة المرضى، وأدى إلى وفاة العديد منهم يوميا بسبب نقص الرعاية الصحية". وأشار إلى أن حرمان المدنيين من العلاج يعد جريمة ضد الإنسانية، ويعكس مستوى الانهيار الأخلاقي للمجتمع الدولي بصمته عن هذه الانتهاكات المتواصلات. وبين أن الواقع الصحي في غزة يمثل كارثة إنسانية بكل المقاييس، ويشكل جريمة مكتملة الأركان بحق المرضى الذين أصبحوا في حكم المحكومين بالإعدام نتيجة الحصار ومنع الإخلاء الطبي. وشدد على ان الأطراف الدولية مطالبة بتحمل مسؤولياتها القانونية والإنسانية عبر التحرك الفوري لتأمين الإخلاء الطبي العاجل للمرضى، وتوفير مساحات آمنة لعلاجهم، وضمان إدخال الأجهزة والمعدات الطبية الضرورية. واعتبر أن حرمان المدنيين من العلاج يعد جريمة ضد الإنسانية، ويعكس مستوى الانهيار الأخلاقي للمجتمع الدولي بصمته عن هذه الانتهاكات المتواصلة.


الجزيرة
منذ 8 ساعات
- الجزيرة
مليون طفل بغزة محرومون من التعليم ويكابدون الجوع والصدمات النفسية
كشف المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، فيليب لازاريني، عن حرمان نحو مليون طفل في قطاع غزة من التعليم وإصابتهم بأزمات نفسية عميقة، وسط استمرار الحصار والهجمات الإسرائيلية. وقال لازاريني في منشور على منصة "إكس" إن 100 طفل على الأقل توفوا في غزة بسبب سوء التغذية والجوع، وفقا لمؤسسة إنقاذ الطفل الدولية. وأشار إلى وجود ما لا يقل عن 17 ألف طفل غير مصحوبين بذويهم أو منفصلين عنهم. وفي السابع من أغسطس/آب الجاري، قالت منظمة " هيومن رايتس ووتش" الحقوقية الدولية إن الهجمات الإسرائيلية على المدارس في قطاع غزة ستساهم في تعطيل التعليم لسنوات عديدة، "إذ سيتطلب إصلاحها وإعادة بنائها الكثير من الموارد والوقت، مع ما يترتب على ذلك من آثار سلبية كبيرة على الأطفال وأولياء الأمور والمعلمين". ويوم الثلاثاء، أعلنت وزارة الصحة بغزة ارتفاع حصيلة وفيات التجويع الإسرائيلي المتواصل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، إلى 227 فلسطينيا بينهم 103 أطفال، بعد وفاة 5 أشخاص، بينهم طفلان، خلال 24 ساعة. ومنذ الثاني من مارس/آذار تغلق إسرائيل جميع المعابر المؤدية إلى غزة، مانعة دخول أي مساعدات إنسانية، مما أدخل القطاع في حالة مجاعة، رغم تكدس شاحنات الإغاثة على حدوده، والسماح بدخول كميات محدودة لا تلبي الحد الأدنى من احتياجات المجوعين. وذكر لازاريني أن أكثر من 40 ألف طفل قتلوا أو أصيبوا جراء القصف والغارات الجوية الإسرائيلية، بحسب اليونيسيف. وتابع: "يبقى الأطفال أطفالا، ولا ينبغي لأحد أن يصمت حين يموتون أو يحرمون بوحشية من مستقبلهم، أينما كانوا، بما في ذلك في غزة". وبدعم أميركي، ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 إبادة جماعية بغزة تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.