logo
قادة عسكريون وأمنيون سابقون بإسرائيل: حرب غزة عبثية وتكبدنا الخسائر

قادة عسكريون وأمنيون سابقون بإسرائيل: حرب غزة عبثية وتكبدنا الخسائر

الجزيرةمنذ 3 أيام
رغم تمسك حكومة الاحتلال الإسرائيلي بخيار اجتياح قطاع غزة وتوسيع العملية العسكرية فيها، تتصاعد الأصوات التحذيرية من داخل المنظومة الأمنية والعسكرية السابقة في إسرائيل ، مشيرة إلى أن الحرب فقدت مشروعيتها، وباتت عبئا سياسيا وأمنيا واقتصاديا يهدد استقرار الدولة.
وحذّر عدد من كبار القادة العسكريين والأمنيين السابقين في إسرائيل من استمرار الحرب، واصفين إياها بـ"العبثية" ومؤكدين أن الدولة العبرية تدفع ثمنا فادحا على مختلف المستويات من دون تحقيق أي إنجاز يُذكر.
وضمت قائمة المنتقدين رؤساء سابقين لأجهزة الأمن والاستخبارات، من بينهم رؤساء سابقون للموساد والشاباك و"أمان" والشرطة، إضافة إلى قادة أركان سابقين مثل موشيه يعالون ودان حالوتس وداني ياتوم وعامي أيالون وعاموس مالكا وأوري ساغي.
وضمت القائمة كذلك رئيس الشاباك الأسبق نداف أرغمان، وقائد الشرطة الأسبق شلومو أهرونيشكي، وآخرين ممن شكلوا في السابق نواة صناعة القرار الأمني والعسكري في إسرائيل.
وأكد هؤلاء القادة، في تصريحات مشتركة نقلتها وسائل إعلام إسرائيلية، أن الحرب التي تجاوزت عامها الأول فشلت في تحقيق أهدافها، بل ألحقت أضرارا إستراتيجية بإسرائيل، وقالوا "نحن على أعتاب هزيمة. هذه الحرب لم تعد مبررة، بل قادت الدولة إلى فقدان أمنها وهويتها".
وشددوا على أن الإنجازات التي حققتها إسرائيل في بداية الحرب "دُفنت" لاحقا بفعل غياب الأهداف السياسية الواضحة، مشيرين إلى أن الجبهة الداخلية تتكبد خسائر مستمرة، بينما أصبح الجيش يعمل داخل بيئة معقدة تشبه حروب العصابات التي لم ينجح أي جيش في العالم في حسمها.
نختبئ خلف أكاذيب
وقال أحدهم: "ما يراه العالم هو صنيعة أيدينا.. نحن نختبئ خلف أكاذيب اخترعناها، ومع الأسف فإن الرأي العام الدولي أدرك منذ زمن أن هذه ليست الصورة الحقيقية"، مضيفا أن مواصلة القتال لم تعد تُفضي إلى نصر، بل تعمّق الأزمة وتشوّه صورة إسرائيل على الساحة الدولية.
وفي السياق نفسه، اعتبر القائد السابق للفيلق الجنوبي والكليات العسكرية يتسحاق بريك أن الجيش أخفق في تنفيذ وعود رئيس أركانه لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ، والتي تعهد فيها بـ"هزيمة حماس ، وتحرير الأسرى، واحتلال غزة، بل وإقامة نظام حكم جديد فيها".
وقال بريك إن عدد القتلى الإسرائيليين منذ إطلاق هذه الوعود تجاوز 60 جنديا، إلى جانب أعداد كبيرة من الجرحى، مؤكدا أن إسرائيل لم تنجح في تحقيق أي من أهدافها، بل خسرت تعاطف العالم، تماما كما كان قد حذر قبل شهور.
ولم يخفِ بريك غضبه مما وصفه بـ"التمسك الأعمى بالوهم"، مهاجما بشدة رئيس الحكومة نتنياهو ووزراءه المتطرفين، وقال: "بن غفير وسموتريتش يريدان بناء مستوطنات في غزة، ونتنياهو يريد فقط البقاء في الحكم بأي ثمن، حتى لو كان ذلك على حساب المصلحة القومية لإسرائيل".
أما رئيس شعبة التخطيط السابق في الجيش نمرود شيفر، فعبّر عن قلقه من الخطاب المتطرف السائد في الحكومة، قائلا: "هناك وزراء يتحدثون بوضوح عن ضرورة التجويع والتدمير والتهجير.. في غزة هناك مجاعة، وربما مجاعة حادة، والمسؤول عن ذلك هي إسرائيل بصفتها صاحبة السيادة الفعلية على الأرض".
ومن جانبه، رأى محلل الشؤون السياسية في قناة "12" أمنون أبراموفيتش أن الحرب فقدت مشروعيتها منذ زمن، وقال إن "المخطوفين ليسوا أولوية للحكومة، ولو لم تتحول الحرب إلى أداة سياسية، لكان الواقع مختلفا تماما".
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

فرنسا تفتح تحقيقا بتهديدات حاخام للرئيس ماكرون
فرنسا تفتح تحقيقا بتهديدات حاخام للرئيس ماكرون

الجزيرة

timeمنذ 13 دقائق

  • الجزيرة

فرنسا تفتح تحقيقا بتهديدات حاخام للرئيس ماكرون

فتحت النيابة العامة في باريس ، اليوم الجمعة، تحقيقا بشأن تصريحات هدد فيها حاخام إسرائيلي الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في مقطع فيديو نشر على موقع يوتيوب. وقالت النيابة العامة الفرنسية إنها فتحت تحقيقا "بشأن تهديدات بالقتل ضد رئيس الجمهورية"، وهاجم الحاخام ديفيد دانيال كوهين الذي يبدو أنه يعيش في إسرائيل، ماكرون بسبب عزمه الاعتراف بدولة فلسطين. واعتبر الحاخام الذي تحدث بالفرنسية في الفيديو ومدته 37 دقيقة، أن ماكرون سيكشف عبر الاعتراف المقرر في سبتمبر/أيلول المقبل عن "معاداته العميقة للسامية" ويطلق "إعلان حرب على الرب". وأضاف "يجب على هذا الرئيس الفرنسي أن يعلم أن من مصلحته أن يجهّز نعشه، وسيريه الرب معنى أن يكون وقحا إلى هذه الدرجة وأن يدلي بتصريحات ضد الرب".

حماس كسرت الأسطورة وغيّرت الخريطة
حماس كسرت الأسطورة وغيّرت الخريطة

الجزيرة

timeمنذ 43 دقائق

  • الجزيرة

حماس كسرت الأسطورة وغيّرت الخريطة

تعد المقاومة في غزة، وفلسطين عامة، نتاجا طبيعيا لوجود الاحتلال الذي بدأ في فلسطين مع مطلع القرن العشرين، بأشكال مختلفة، وعبر أسماء وتنظيمات وهبّات شعبية متنوعة. وبعد حدوث النكبتين في فلسطين: (1948، 1967)، لم تقف تلك المقاومة، بل أخذت أشكالا أكثر تنظيما ودقة، في العمل الفدائي الفلسطيني ضد وجود الاحتلال. واستمر النضال الفلسطيني دون توقف لسنوات عديدة، وإن اختلفت أشكاله بين مرحلة وأخرى، حتى جاءت الانتفاضة الأولى 1987، والتي استمرت حوالي سبعة أعوام، واكبتها موجة من العمليات الاستشهادية علق عليها رئيس وزراء دولة الاحتلال إسحاق رابين قائلا: "لا أستطيع أن أوقف شخصا يريد أن يموت".. وقد دخلت تلك الانتفاضة/ الثورة القاموس العربي، والغربي، وأصبحت كابوسا يطارد الاحتلال.. فكان لا بد من احتوائها. وهكذا، فيما كان الوفد الفلسطيني يفاوض في مدريد، للحصول على أفضل ثمرة للانتفاضة، كانت كواليس النرويج وغرفها المغلقة تشهد مفاوضات سرية بين منظمة التحرير وبين الاحتلال، لتخرج علينا في سبتمبر/ أيلول 1993، بما عرف باسم "إعلان المبادئ لاتفاقيات أوسلو"، والذي تخلت فيه المنظمة عن فكرة الكفاح المسلح، وقبلت الاعتراف بشرعية الاحتلال، وتعديل ميثاقها، تحت عناوين المرحلية، والتكتيك، وخذ وطالب.. وهكذا. الأخطر في اتفاقيات أوسلو، أن صاحب الحق، وهو الفلسطيني، يعطي المحتل ما لا يستحق، ويعترف بشرعيته في فلسطين. ومما جاء ضمن بنودها، أنه تم الاتفاق على الذهاب إلى انتخابات فلسطينية عام 1996، يتم من خلالها اختيار رئيس السلطة الفلسطينية، وأعضاء المجلس التشريعي. في تلك الانتخابات، توافق الاجتهاد السياسي لدى حركتي حماس والجهاد، على مقاطعة الانتخابات باعتبارها من إفرازات أوسلو.. فلم تشارك أي من الحركتين فيها. وقد تم انتخاب الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، رحمه الله، رئيسا للسلطة الفلسطينية. وبعد عقد من الزمان، شهد حالات من الرخاء والشد بين فصائل المقاومة، وخاصة الإسلامية منها، وبين السلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية، تمت الدعوة إلى انتخابات جديدة في مناطق السلطة الفلسطينية.. وكان 2006 هو عام الانتخابات الثانية للسلطة الفلسطينية. وشاركت حركة حماس في الانتخابات، في محاولة منها للجمع بين المقاومة والحكم، في حال فازت في الانتخابات، مقاربة بنموذج حزب الله في لبنان. وجاءت نتائج الانتخابات، خارج توقعات الجميع، فقد حصلت حركة حماس على أغلبية المقاعد في المجلس التشريعي، بما يؤهلها لتشكيل الحكومة.. ولم يرُق ذلك لصناع أوسلو. فكانت سياسة وضع العصي في الدواليب، هي الأكثر حضورا في حق حركة حماس، الفائزة عبر صندوق الانتخابات.. وبدأت الشروط تنهال من الغرب والعرب عليها: إذا أردتم أن تشاركوا في السياسة فعليكم بالاعتراف "بدولة إسرائيل". ولم ترضخ حماس، وتواصلت ضغوط أجهزة أمن السلطة في حق حركتي حماس والجهاد حتى بلغت حدا لا يطاق، من اعتقالات وتعذيب، وملاحقة ومحاكم أمن دولة، وسنوات سجن تمتد من سنة إلى المؤبد. وهنا جاءت لحظة التغيير عندما قامت حركة حماس برفض قرارات السلطة، خاصة الأمنية منها. وبدأت اشتباكات مسلحة في قطاع غزة بين أجهزة أمن السلطة، والحركة عام 2007، حتى أسفرت عن سيطرة حماس على قطاع غزة بالكامل، ليُفرض بعدها الحصار الشديد على قطاع غزة. البداية والتجهيز للطوفان تعتبر حماس، حركة مقاومة ذات صبغة عقائدية ملتزمة، تتيح مساحة للاجتهاد السياسي وفقا للسياسة الشرعية ومتغيرات الواقع. وهي حركة ذات هيكلية تنظيمية قوية وصلبة، يعود تاريخها إلى ما قبل التأسيس، من خلال خبرتها في العمل المؤسساتي المجتمعي في غزة، تحت لافتات أخرى. وبعد أن بدأت الحركة مرحلة الحكم في غزة، كان جليا أن لها مشروع مقاومة واضح الملامح، ظهرت قدرته لاحقا في طوفان الأقصى.. فمن اللحظة الأولى، وفي ظل عدم ملاحقة أجهزة أمن السلطة في غزة، بدأت حماس تعمل على مشروع المقاومة بطرق عملية ومنهجية تمثلت في النقاط التالية: العمل على بناء الإنسان "الجندي والقائد"، بناء عقائديا وروحيا وتدريبيا، ليصبح قادرا على مواجهة جنود الاحتلال في أي مواجهة قادمة. حفر وبناء شبكة الأنفاق، التي زادت عن مئات الكيلومترات، والتي آتت أكلها في كل الحروب التي تعرضت لها غزة.. آخرها طوفان الأقصى. إعطاء فصائل المقاومة فرصة للعمل بحرية أفضل، وتوفير أراضٍ مخصصة للتدريبات العسكرية لأبناء تلك الفصائل، خاصة حركة الجهاد الإسلامي. عملت على إيجاد أدوات القتال، من عتاد وقوة.. فكانت الصواريخ، والعبوات، والقذائف، والمسيرات. ملاحقة شبكات عملاء الاحتلال في قطاع غزة، حتى ضيقت على أجهزة مخابرات الاحتلال من خلال هذه الملاحقة.. ومن خلال الأمن الهجومي، بدلا من الأمن الدفاعي. وما إن بدأت حركة حماس العمل بنمط جديد، حتى زاد الحصار، واشتد الخناق، لتبدأ رحلة السعي لاستئصالها، هي وكل المقاومة في غزة.. فكانت الحروب المتتالية: (2008، 2012، 2014) لتحقيق هذا الهدف. السلطة والمقاومة مشروعان متناقضان كل متابع موضوعي للشأن الفلسطيني، يستطيع أن يرى الفرق الواضح بين مشروع السلطة الفلسطينية في رام الله، ومشروع المقاومة في فلسطين عامة، وغزة خاصة. السبب في هذا الفرق، يرجع إلى سببين هما: الخلفية السياسية والفكرية لكلا المشروعين. الاتفاقيات التي كبّل الفلسطيني نفسه بها من خلال أوسلو. فالمشروع الأول، يقوم على التعايش والسلام مع دولة الاحتلال، وبقائها في فلسطين. والمشروع الثاني، يقوم على مقاومة الاحتلال، وتحرير فلسطين، وكنس الاحتلال منها. لكن السؤال هنا: ما علاقة طوفان الأقصى بالمشروع الوطني الفلسطيني والشرق الأوسط الجديد؟ قبل الإجابة عن هذا السؤال، لا بد من الذكر أن الطوفان، كسر وإلى الأبد صورة هذا الاحتلال/الأسطورة. فمنذ عقود طويلة، يتم العمل على تدجين العقول في العالم، ولا سيما العربي والإسلامي، للتسليم بأن هذا الاحتلال أسطورة، لا يمكن هزيمتها أو كسر هيبتها، فجاء الطوفان، وكسر هذه الأسطورة. وهذا يعني، أن هزيمة دولة الاحتلال ممكنة، ولم تعد مستحيلة. فإذا كانت غزة وحدها بمقاومتها وحاضنتها الشعبية، قد حطمت أسطورة الجيش الذي لا يقهر، فكيف سيكون الحال لو كان هناك مشروع وطني جامع للكل الفلسطيني، ومعه حركات التحرر العربية والإسلامية التي تؤمن بتحرير فلسطين؟ وهذا يأخذنا إلى السؤال، عن الطوفان، وعلاقته بالشرق الأوسط الجديد. طوفان الأقصى محطة فارقة في الصراع قبيل الطوفان بفترة وجيزة، وقف رئيس وزراء دولة الاحتلال بنيامين نتنياهو، أمام الأمم المتحدة، رافعا خريطة للشرق الأوسط الجديد. وهو الذي دأب على التبشير بتغيير وجه الشرق الأوسط، إلى آخر جديد خالٍ من كل حركات المقاومة، وتكون دولة الاحتلال، هي الكبرى فيه، من حيث المساحة والقدرة والنفوذ. ولكن المفاجأة هي ما ذكرته كتائب القسام، من أنها كانت لديها معلومات دقيقة عن نية الاحتلال بدء هجوم كبير على المقاومة في غزة، ومن بعدها في الإقليم، ضد كل من يؤمن بالمقاومة في مواجهة دولة الاحتلال التوسعية. وهنا بادرت الحركة ببدء الطوفان في فجر السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، ردًّا على تلك الخطط التي أعدّها الاحتلال، ولتدمير أحلام نتنياهو بخريطة جديدة للشرق الأوسط. ويمكن القول إن طوفان الأقصى استطاع، حتى هذه اللحظة، تأخيرَ تنفيذ مشروع الشرق الأوسط الجديد وعرقلته، رغم كل ما فعله الاحتلال ضد حركات المقاومة. البناء على الطوفان رغم تكلفته العالية التي قدمها الشعب الفلسطيني، لا بد من استثمار هذا الطوفان، والبناء عليه بقوة، وهذا البناء يكون من خلال: أولا: في داخل فلسطين: إعادة الاعتبار للمشروع الوطني الفلسطيني التحرري، مع ضرورة العمل على توسيع دائرته لتشمل كل ألوان الطيف السياسي المقاوم في فلسطين، التي تؤمن بضرورة العمل لتحرير فلسطين. ويجب القفز عن العراقيل التي يمكن أن يضعها البعض أمام تحقيق هذا الهدف، ومن ذلك زعم بعضهم أن إعادة الاعتبار للمشروع الوطني الفلسطيني هو خطوة لاستبدال منظمة التحرير الفلسطينية.. وهو ليس كذلك، بل إن من أبجديات هذا المشروع، إعادة الاعتبار لمنظمة التحرير الفلسطينية نفسها، كبيت جامع للكل الفلسطيني تحت مشروع مقاومة الاحتلال. ثانيا: خارج فلسطين وإذا تم التوافق على مشروع وطني فلسطيني موحد- ويفضل أن يكون تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية- فإن العمل خارج فلسطين يصبح خطوة مكملة وداعمة لهذا المشروع، من خلال التعاون مع جميع حركات التحرر التي تؤمن بضرورة تحرير فلسطين، وكذلك مع الأنظمة التي تتبنى هذا الهدف. وينبغي أن يتم هذا التعاون ضمن إطار وطني موحد تشرف عليه مؤسسة جامعة تمثل الكل الفلسطيني، لأن وجود مثل هذا الإطار يسهل التنسيق مع تلك الأنظمة، ويعزز من قوة المشروع، ويراكم الإنجازات. وعلى عاتق هذا المشروع الجامع تقع المهام الأصعب، وفي مقدمتها طلب الدعم بكافة أشكاله من الأنظمة الملتزمة بقضية فلسطين، وذلك وفق قاعدة العمل المشترك التي يجسدها شعار: "فلسطين تجمعنا". محددات نجاح مشروع الشرق الأوسط الجديد وينبغي أن ندرك أنه حتى يتم تحقيق مشروع الشرق الأوسط الجديد، فإن هناك محددات لا بد من توفرها، وهي: إعلان توفر الرغبة لدى أصحاب المشروع ووجود الإرادة لتحقيق تلك الرغبة. وجود أنظمة تساعد على ذلك. غياب وانتهاء حركات المقاومة من المشهد. غياب الجماهير عن دورها الفاعل في التصدي للمشروع. ويمكن القول إن طوفان الأقصى أسهم في تثبيت حضور المقاومة في الميدان، لا سيما في غزة، وأعاد للجماهير دورها الفاعل في الساحات، وإن كان هذا الدور يشهد تراجعا وتقدما بحسب الظروف. أما ما يتعلق بالأنظمة، فهو جزء أساسي من المشروع الوطني الفلسطيني، الذي يحملها مسؤولياتها التاريخية تجاه فلسطين وشعبها، ويطالبها بالوقوف إلى جانب هذا المشروع التحرري. أما المحدد الأول، والمقصود به توفر الإرادة لدى أصحاب مشروع "الشرق الأوسط الجديد"، فيمكن القول إن المقاومة، حتى الآن، نجحت في تعطيل هذا المسار وعرقلة تقدمه. خلاصة فكرة هزيمة الاحتلال ممكنة، وممكنة جدا، خاصة بعد ما فعله طوفان الأقصى. وسنن الله في التغيير حاضرة وبقوة.. وأحد أخطر سننه في هذه المواجهة: "وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم". فكرة إعادة بناء المشروع الوطني الفلسطيني من خلال منظمة التحرير، وعلى قاعدة تحرير فلسطين، هي الرد الأقوى على حجم الزيف والموت الذي يوزعه الغرب ومشروعه الصهيوني في فلسطين. من أجل الجيل القادم، لا بد من العمل والمثابرة، حتى لو لم نحضر التغيير والنصر.. فيكفينا شرفا، أننا كنا من أهل غزة.. ولا زلنا نقبض على جمرة الدين، وجمرة الوطن.. حتى نلقى الله، ونحن كذلك.

هندسة التجويع: سلاح إسرائيلي للإبادة في غزة!
هندسة التجويع: سلاح إسرائيلي للإبادة في غزة!

الجزيرة

timeمنذ 43 دقائق

  • الجزيرة

هندسة التجويع: سلاح إسرائيلي للإبادة في غزة!

منذ بداية العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة، تتكشف ملامح جريمة معقدة لا تقف عند حدود القصف والقتل المباشر، بل تمتد إلى استخدام الجوع كسلاح منهجي لإخضاع السكان المدنيين. هذه السياسة، التي يُطلق عليها في الدراسات الحقوقية والإنسانية مصطلح "هندسة التجويع"، ليست جديدة في تاريخ الصراعات، لكنها في غزة تأخذ شكلاً مركبًا وخطيرًا من حيث الحجم والآليات والآثار طويلة الأمد. تعريف "هندسة التجويع" "هندسة التجويع" هي ممارسة متعمدة، تستخدم الحرمان من الغذاء والماء والمقومات الأساسية للحياة كوسيلة عسكرية وسياسية بهدف: كسر الإرادة الجماعية للمجتمع المستهدف. إحداث تفكك اجتماعي وسياسي داخلي. فرض التهجير القسري، وإعادة رسم الواقع الديموغرافي. إضعاف البيئة المعادية، وتحويلها إلى منطقة غير قابلة للحياة. استنزاف الخصوم، ودفعهم إلى الاستسلام تحت الضغط الإنساني. هذه السياسة تتجاوز في نتائجها البعد العسكري؛ لتتحول إلى جريمة إبادة جماعية ممنهجة، تُرتكب باسم "الردع" أو "الضغط السياسي"، بينما جوهرها هو العقاب الجماعي المحظور بموجب القانون الدولي. في العدوان الأخير، مارست إسرائيل على غزة، وما تزال، أقسى نموذج حي لهندسة التجويع في العصر الحديث الأدوات والآليات المستخدمة تمارَس "هندسة التجويع" عبر طيف واسع من الأدوات، أهمها: الحصار الكامل أو الجزئي للموارد (غذاء، دواء، كهرباء، ماء). استهداف مصادر العيش كالزراعة، والأسواق، ومخازن الغذاء، والبنى التحتية. التحكم في قنوات الإغاثة وجعلها أدوات ضغط، أو تحويلها إلى كمائن للموت. فرز أمني بيومتري، يميز بين من يستحق الحياة ومن يُحرم منها، بناء على معايير سياسية أو أمنية. التلاعب بالوعي الجمعي من خلال خلق تبعية مطلقة للعدو في البقاء، ما يؤدي إلى هزيمة نفسية طويلة الأمد. شواهد تاريخية مماثلة "هندسة التجويع" ليست وليدة اللحظة؛ لقد استُخدمت سابقًا كأداة إبادة في حالات عدة، منها: حصار لينينغراد (1941-1944): توفي ما يقارب مليون مدني جوعًا، في واحدة من أطول وأقسى حصارات القرن العشرين. خطة الجوع النازية: أسفرت عن موت ملايين في أوكرانيا وروسيا بهدف السيطرة الغذائية على الشعوب. بيافرا (نيجيريا): حصار تسبب في مجاعة أودت بحياة نحو مليوني مدني. هولودومور (أوكرانيا 1932–1933): استخدم النظام السوفييتي التجويع لترويض الفلاحين الأوكرانيين. المجاعة الأيرلندية الكبرى: أدت إلى وفاة وتهجير الملايين نتيجة سياسات استعمارية بريطانية ممنهجة. يجب على المستوى الدولي توثيق الجريمة ورفعها للجنائية الدولية؛ باعتبار التجويع جريمة حرب بموجب المادة 8 من نظام روما الأساسي شواهد حديثة على استمرار هذه الجريمة في العقود الأخيرة، تم توثيق استخدام هذا السلاح في حالات متعددة: سوريا: الحصار على الغوطة والحصار على مضايا نتج عنهما وفاة مدنيين بالجوع، وارتكاب تهجير قسري تحت الضغط الغذائي. العراق: الحصار الأممي في التسعينيات أسهم في وفاة مئات آلاف الأطفال، وتفكك بنية الدولة والمجتمع. التجويع كسلاح مركزي في الحرب على غزة في العدوان الأخير، مارست إسرائيل على غزة، وما تزال، أقسى نموذج حي لهندسة التجويع في العصر الحديث، من خلال: إعلان حصار كامل للبنية الأساسية: الغذاء، الماء، الكهرباء، الوقود. تجويع قسري: تقارير أممية تؤكد تفشي سوء التغذية، وموت أطفال وكبار سن جوعًا، وسط عجز صحي كارثي. تحويل مراكز الإغاثة إلى مصائد موت: استهداف مباشر لنقاط توزيع المساعدات، وسقوط أكثر من 1000 ضحية أثناء بحثهم عن الطعام. فرز بيومتري ومعابر خاضعة للرقابة: تمنع دخول الغذاء لفئات واسعة، وتُخضع من يُسمح لهم لشروط مذلة. سيطرة مالية مُحكمة: منع إدخال النقد، وفرض التداول بعملات معينة، مما أدى إلى شلل تجاري وانهيار اقتصادي داخلي. خلق بيئة للفوضى والنهب: عبر غضّ الطرف عن عصابات مسلحة تسيطر على المساعدات، وتضخم الأسعار بشكل جنوني، ما زاد معاناة المحاصَرين. إن "هندسة التجويع" ليست مجرد سلوك عسكري عابر، بل هي عقيدة إبادة مؤسسية تحمل بصمات مجرمين، سيسجلهم التاريخ كما سجل من سبقهم الآثار الراهنة لهندسة التجويع في غزة النتائج المباشرة والمستمرة لهذه الجريمة تشمل: مجاعة مزمنة تؤدي إلى وفيات جماعية بين الأطفال والنساء. انهيار المنظومة الصحية والتعليمية والاجتماعية والقيمية. تفكك بنيوي للأسرة والمجتمع، وتنامي اضطرابات نفسية حادة. تحول النسيج الاجتماعي إلى ساحة قهر وبقاء بدائي في ظل غياب الدولة والمؤسسات. نماذج الصمود في وجه التجويع رغم الوحشية، أظهرت المجتمعات المحاصَرة قدرات صمود مذهلة: في لينينغراد: وُزّعت شوربة الحصار، واحتُضنت الثقافة، ودُوّنت الشهادات للمحاسبة. في سوريا: تأسست لجان شعبية لتوزيع الطعام والدواء، مع مبادرات نسوية وزراعية بديلة. في اليمن والعراق: ظهرت الزراعة المنزلية، والمقايضة، ومبادرات الدعم الأهلي، وحملات الإغاثة الذاتية. في غزة: رغم المأساة، ظهرت مبادرات لإعادة تدوير الطعام، وتعليم الأطفال في المساجد والخيام، وتوثيق الجرائم إعلاميًّا وقانونيًّا . في غزة، كما في لينينغراد، كما في مضايا، المجاعة تصنع الكارثة.. لكنها أيضًا تُخرج أقسى نماذج الصمود البشري، وتُراكم سردية لا تموت، تحفظها الذاكرة، وتلاحق الجناة إلى الأبد المطالب العاجلة على المستوى الدولي توثيق الجريمة ورفعها للجنائية الدولية؛ باعتبار التجويع جريمة حرب بموجب المادة 8 من نظام روما الأساسي. الضغط لفتح المعابر بشكل دائم وغير مشروط أمام الغذاء والدواء والإمدادات الإنسانية. تحرك المجتمع الدولي والإعلام العالمي لفضح الجريمة، ووقف الصمت الأخلاقي. إطلاق حملات دعم نفسي وتعليمي عاجل، خاصة للأطفال الذين يعانون من آثار المجاعة والحرب. إن "هندسة التجويع" ليست مجرد سلوك عسكري عابر، بل هي عقيدة إبادة مؤسسية تحمل بصمات مجرمين، سيسجلهم التاريخ كما سجل من سبقهم. لكن الأهم أنها تفشل دائمًا في تحقيق أهدافها الجذرية، إذ ما تلبث أن تُنجب ثقافة مقاومة جديدة، ومجتمعات أكثر وعيًا وتمسكًا بهويتها. في غزة، كما في لينينغراد، كما في مضايا، المجاعة تصنع الكارثة.. لكنها أيضًا تُخرج أقسى نماذج الصمود البشري، وتُراكم سردية لا تموت، تحفظها الذاكرة، وتلاحق الجناة إلى الأبد.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store