
القضاء البرازيلي يفرض قيودا مشددة على بولسونارو وواشنطن تهدد بالتصعيد
وصدر القرار عن القاضي ألكسندر دي مورايس، قاضي المحكمة العليا الفدرالية، الذي يتولى التحقيقات في محاكمة بولسونارو ونجله النائب إدواردو بولسونارو، على خلفية اتهامات بالتحريض على "أعمال عدائية" ضد الدولة البرازيلية و"عرقلة العدالة" من خلال تواصلهما مع مسؤولين أميركيين لحثّهم على فرض عقوبات على القضاء البرازيلي.
وبالإضافة إلى فرض السوار الإلكتروني، مُنع بولسونارو من مغادرة منزله في أوقات محددة خلال أيام الأسبوع، ومُنع تماما من التواصل مع جهات دبلوماسية أو السفراء.
بدوره، وصف بولسونارو هذه الإجراءات عند خروجه من وزارة العدل في برازيليا بأنها "أقصى درجات الإذلال"، نافيا في الوقت ذاته نيّته مغادرة البلاد أو طلب اللجوء السياسي، رغم تصاعد التكهنات حول ذلك.
تصعيد أميركي
وتأتي هذه التطورات بينما تتصاعد الأزمة مع واشنطن بعد إعلان وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو إلغاء تأشيرات القاضي مورايس وجميع القضاة المشاركين في المحاكمة، في خطوة اعتبرها مراقبون تصعيدا دبلوماسيا غير مسبوق ضد أحد أقوى مؤسسات العدالة في البرازيل.
وقال روبيو في بيان إن "حملة الملاحقة السياسية التي يقودها القاضي مورايس لا تنتهك فقط حقوق البرازيليين، بل تستهدف حتى مواطنين أميركيين وتخلق مناخا من القمع خارج الحدود".
كما هدّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية تصل إلى 50% على الواردات من البرازيل بدءا من أغسطس/آب القادم، ما ينذر باندلاع حرب تجارية مفتوحة بين البلدين.
"خيانة الوطن"
وأدى هذا التصعيد إلى رد قوي من الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا، الذي وصف تهديدات واشنطن بـ"الابتزاز غير المقبول"، متهما سياسيين برازيليين من التيار اليميني بـ"خيانة الوطن" لدعمهم الإجراءات الأميركية.
وأعلن في خطاب متلفز أن بلاده "لن تسلم نفسها لزمرة المجانين هذه"، في إشارة إلى بولسونارو وحلفائه، مؤكدا نيته الترشح لولاية رابعة في الانتخابات المقبلة.
وتعد هذه المحاكمة إحدى أكثر المحاكمات السياسية أهمية منذ عودة الديمقراطية إلى البرازيل، إذ يُتهم بولسونارو بالتحريض على تمرد مؤيديه في أعقاب خسارته الانتخابات عام 2022، وبمحاولة تقويض الثقة بالنظام الانتخابي الإلكتروني.
وقد تؤدي هذه القضايا إلى الحكم عليه بالسجن لأكثر من 40 عاما، مع استمراره في التأكيد أنه ضحية "اضطهاد سياسي ممنهج".
ويعيش نجله إدواردو في الولايات المتحدة، حيث يقود حملة ضغط سياسية ضد القضاء البرازيلي بالتعاون مع رموز من التيار اليمني.
واعتبر القاضي دي مورايس أن ما يقوم به الثنائي بولسونارو من تحريض لواشنطن على اتخاذ إجراءات عدائية يمس مباشرة "سيادة الدولة البرازيلية".
وكانت الشرطة البرازيلية قد داهمت صباح أمس الجمعة مقر إقامة الرئيس السابق في برازيليا، وصادرت مبالغ مالية قدرت بـ14 ألف دولار و7 آلاف ريال برازيلي (ما يعادل 1254 دولارا)، لكن بولسونارو نفى أي مخالفة، ووصف القاضي مورايس بأنه "رجل عصابة في ثوب قاض"، معتبرا أن الإجراءات المتخذة ضده "ثأر سياسي منسق".
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 2 ساعات
- الجزيرة
هل سيكون لليث البلعوس دور في الحد من نفوذ الهجري؟
دمشق- في خطوة تعكس تصاعد الدور السياسي والأمني للقائد الدرزي ليث البلعوس، أجرى زعيم "قوات شيخ الكرامة" في السويداء سلسلة اتصالات مع نواب أميركيين بارزين خلال يوليو/تموز الجاري، لدعم استقرار المنطقة ومواجهة التدخلات الخارجية. وتمت الاتصالات بتيسير من منظمة "مواطنون من أجل أميركا آمنة"، وركزت على نزع فتيل التوترات الطائفية وتعزيز التعاون مع الحكومة السورية، والتصدي لنفوذ الشيخ حكمت الهجري ، الذي يتهمه البلعوس بتنفيذ أجندات خارجية. ليث البلعوس، ابن الشيخ وحيد البلعوس مؤسس " حركة رجال الكرامة"، اغتيل والده عام 2015. بعد انشقاقه عن الحركة عام 2016، أسس "قوات شيخ الكرامة"، وهي فصيل يضم نحو 50 مقاتلا، يركز على حماية السويداء من التدخلات والحفاظ على وحدة سوريا. وفي يوليو/تموز الجاري، تصاعدت التوترات بسبب اشتباكات درزية-بدوية، وهذا دفعه لتكثيف جهوده السياسية. اتصالات مثمرة أجرى السيناتور الجمهوري جو ويلسون محادثة هاتفية مع البلعوس وُصفت بـ"المثمرة"، ركزت على إنهاء العنف الطائفي، ومنع التدخلات الإسرائيلية ودعم استقرار الطوائف السورية. وأشاد ويلسون بشجاعة البلعوس، وعبّر عن قلقه من "المجازر الطائفية"، وعن غضبه من الغارات الإسرائيلية خلال مكالمة لاحقة مع السفير الإسرائيلي في واشنطن. كما شملت الاتصالات لقاءات مع أعضاء لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ ، بما في ذلك مكاتب السيناتورين جيم ريتش وجين شاهين. وناقش البلعوس "اختطاف قرار الحرب والسلم للطائفة من قبل مجموعة صغيرة بقيادة الهجري"، متهما إياه بتنفيذ أجندات خارجية، خاصة إسرائيلية. وأكد تنسيقه مع الحكومة السورية بقيادة الرئيس أحمد الشرع لتفعيل الأمن في السويداء بمشاركة أبناء المحافظة. وقال بكر غبيس من منظمة "مواطنون لأجل أميركا آمنة"، وهي منظمة سورية أميركية عاملة في الولايات المتحدة، للجزيرة نت إن "لقاءً مهما جرى مؤخرا بين البلعوس ومكتب لجنة العلاقات الخارجية، لعرض مستجدات الأوضاع". وأضاف: "اللقاء كان بهدف إيصال صوت الشارع في السويداء، وقد شارك فيه الشيخ ليث كونه من أبناء المحافظة وله رصيد شعبي وثوري معروف، خاصة بين السوريين الذين كانوا مشاركين في الثورة ضد نظام بشار الأسد. لقد وجدنا أن من الضروري إيصال هذه المعطيات بشكل مباشر إلى أعضاء لجنة العلاقات الخارجية، خصوصا في مجلس الشيوخ الأميركي، نظرا لتأثيرهم واطلاعهم على مجريات الأحداث في المنطقة". وأوضح أن "البلعوس قدّم شرحا مفصلا لتقديره حول الوضع في السويداء، وكان هناك تفاعل كبير من أعضاء اللجنة مع النقاط التي طرحها، وعبروا عن تفهمهم لهمومه ومخاوفه. بعضهم أبدى تفهما لوجهة النظر الإسرائيلية فيما يتعلق بحماية حدودها، ولكنهم في الوقت نفسه شددوا على رفضهم القاطع للهجمات الإسرائيلية على سوريا، بل وأدانوها بشكل صريح". وأكد غبيس أن أعضاء اللجنة تعهدوا بمواصلة الضغط السياسي للتوصل إلى حل مستدام وسريع، وطالبوا باستمرار التواصل لمتابعة التطورات. البلعوس والهجري يُعد الشيخ حكمت الهجري شخصية مثيرة للجدل واتهمه البلعوس بمحاولة فرض سيطرة على قرارات الطائفة الدرزية وتأجيج الصراعات، خاصة عبر علاقات مزعومة مع أطراف خارجية. وأشار البلعوس إلى أن الهجري "يسعى لإشراك الدروز في صراعات لا تخدمهم، مما يهدد استقرار السويداء". وأكد التزامه بالعمل تحت مظلة الحكومة السورية، "مما يعزز موقفه كقائد وطني يرفض التدخلات، بعكس الهجري". في المقابل، هاجم مسؤول في "حركة رجال الكرامة" -رفض الكشف عن اسمه لدواع أمنية- ما وصفه بـ"محاولات إعلامية" لزج اسم الحركة في مواقف لا تمت لها بصلة، مشيرا إلى "الترويج الكاذب" لليث البلعوس كقيادي فيها. وقال للجزيرة نت "للأسف، يستمر الإعلام الرسمي وبعض المنصات المتواطئة في تضليل الرأي العام عبر تقديم البلعوس على أنه قيادي في الحركة. هذه الادعاءات باطلة جملة وتفصيلا. البلعوس ليس من صفوفها منذ عام 2016، ولا يملك أي صفة تنظيمية أو رمزية داخلها. بل على العكس، مواقفه وتحركاته الفردية تتناقض تماما مع مبادئنا ومسارنا الوطني". وتابع: "ما حدث في السويداء مؤخرا كان نتيجة مباشرة لنقض قوات النظام للعهد. نحن في الحركة نرفض أي تبرير لانتهاك كرامة أبناء الجبل، ولا نقبل أن يتم استخدام اسم الحركة كغطاء سياسي أو إعلامي لأي مشروع مشبوه". أما قتيبة شهاب الدين من "قوات شيخ الكرامة" فقال للجزيرة نت إن ليث ورث عن والده التمسك بالمشروع الوطني السوري، وإن الطريق الوحيد للسويداء هو العاصمة دمشق، "بعكس الهجري الذي زج السويداء في حرب طائفية مدعومة من الخارج، وخصوصا إسرائيل". وأضاف: "من المؤسف أن الهجري يتحالف اليوم مع ضباط من نظام الأسد، وتجار مخدرات، ولصوص، وقتلة، ويتلقى دعما من قوات سوريا الديمقراطية وإسرائيل، وكل ذلك فقط لعرقلة اندماج السويداء في إطار الدولة السورية، ليكون أداة بيد الخارج، على عكس الشيخ ليث الذي أدرك حجم المخططات ويحاول مواجهتها". تحولات بارزة من جهته، قال الباحث السوري باسل المعراوي للجزيرة نت إن هناك تحولات بارزة في النظرة الأميركية والإسرائيلية للملف السوري بعد إسقاط النظام السابق وبروز عهد سياسي جديد. وأوضح أن الولايات المتحدة كانت تنظر تقليديا إلى الشأن السوري من منظور إسرائيلي، لكن المقاربة بدأت تتغير، خصوصا في مسألة التمثيل الدرزي جنوب سوريا. وأشار إلى أن إسرائيل تسعى لاختزال التمثيل الدرزي بشخص الهجري، معتبرا إياه "متماهيا مع السياسات الإسرائيلية، ويسعى لتشكيل مليشيا درزية شبيهة بمليشيا أنطوان لحد في لبنان، وهو ما يتعارض مع السياسة الأميركية الجديدة". ووفق المعراوي، يتمحور الصراع في السويداء بين تيارين: وكشف أن الحكومة السورية اتخذت قرارا بعدم التعاون مع الهجري بسبب دعوته لقصف دمشق، معتبرة أن البلعوس يمثل المكوّن الدرزي الجدير بالشراكة، مما قد يسهم في إعادة الاستقرار. وأشار الباحث المعراوي إلى أن الجالية السورية في أميركا تدعم الحكومة "رغم ضعف خبرتها"، وأن تواصل النواب الأميركيين مع البلعوس قد يحد من الهيمنة الإسرائيلية. وختم بالتأكيد على أن واشنطن تميل الآن لدعم الاستقرار عبر المؤسسات الشرعية، بعيدا عن الكيانات الطائفية.


الجزيرة
منذ 7 ساعات
- الجزيرة
ميدفيديف مخاطبا ترامب: لسنا إسرائيل ولا إيران والإنذارات خطوة نحو حرب بيننا
وجّه الرئيس الروسي السابق ديمتري ميدفيديف انتقادا شديدا للرئيس الأميركي دونالد ترامب ، بعدما هدد الأخير بتعجيل الموعد النهائي الذي منحه لروسيا للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار مع أوكرانيا. وقال ميدفيديف "كل إنذار نهائي جديد هو تهديد وخطوة نحو الحرب. ليس بين روسيا وأوكرانيا، بل مع بلاده (أميركا)"، وأضاف في منشور على منصة إكس أن "روسيا ليست إسرائيل أو حتى إيران"، في إشارة إلى الحرب القصيرة التي اندلعت بين البلدين الشهر الماضي، التي شنت خلالها الولايات المتحدة ضربات على إيران لدعم إسرائيل. وميدفيديف، الذي كان رئيسا لروسيا بين عامي 2008 و2012، لا يزال لديه تأثير كبير في موسكو، حيث يشغل منصب نائب رئيس مجلس الأمن القومي. وجاءت تصريحاته ردا على تصعيد ترامب لهجته ضد روسيا في ظل عدم إحراز تقدم لوقف الحرب في أوكرانيا. وفي وقت سابق من الشهر الجاري، هدد ترامب بفرض رسوم جمركية قاسية على شركاء روسيا التجاريين إذا لم توافق موسكو على وقف إطلاق النار خلال 50 يوما، وأعطى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مهلة نهائية حتى الثاني من سبتمبر/أيلول المقبل. ولكن خلال اجتماع مع رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر أمس الاثنين، قال ترامب إنه "سيقلل الـ50 يوما التي حددها إلى عدد أقل من الأيام"، قائلا إن هذا يمكن أن يكون "10 أيام أو 12 يوما". وأشار الرئيس الأميركي إلى أنه يشعر "بخيبة أمل كبيرة" من بوتين بسبب مواصلة ضرب روسيا أهدافا مدنية في أوكرانيا، ولفت إلى أنه ليس مهتما بالحديث مع بوتين، وأضاف "شعرتُ حقا أن الأمر سينتهي. لكن في كل مرة أظن فيها أنه سينتهي، يقتل مزيدا من الناس.. لم أعد مهتما بالتحدث معه".


الجزيرة
منذ 18 ساعات
- الجزيرة
كيف تتأثر تركيا بعقوبات ترامب الثانوية المحتملة على روسيا؟
أنقرة – منح الرئيس الأميركي دونالد ترامب في منتصف يوليو/تموز الجاري موسكو مهلة 50 يوما للتوصل إلى اتفاق سلام مع أوكرانيا، محذرا من أن الولايات المتحدة ستفرض تعريفات جمركية صارمة بنسبة 100% على الواردات من أي دولة تواصل تجارتها مع روسيا في قطاعات الطاقة والزراعة والتسليح إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق. وأوضح البيت الأبيض أن هذه الإجراءات تعد "عقوبات ثانوية" لأنها لا تستهدف روسيا مباشرة، بل تركز على شركاء روسيا التجاريين، ومع تصاعد الضغوط من الحزبين في الكونغرس الأميركي ، بدا أن إدارة ترامب مستعدة للذهاب أبعد من ذلك، فقد أشار مشروع قانون جديد، حمل عنوان "معاقبة روسيا 2025″، إلى أن الرسوم الثانوية قد تصل إلى 500%، رغم أن ترامب اكتفى في الوقت الحالي بتحديد نسبة 100%. تفتح هذه الإجراءات الباب أمام تساؤلات حول مستقبل العلاقات الاقتصادية بين الولايات المتحدة والدول التي تعتمد على الطاقة الروسية، وفي مقدمتها تركيا. شراكة قوية تعد تركيا من الدول ذات الأهمية الخاصة في سياق التوترات الاقتصادية الأخيرة بين الولايات المتحدة وروسيا، نظرا لعلاقاتها الاقتصادية المتشابكة مع موسكو. وشهدت العلاقات التجارية بين تركيا وروسيا تطورا كبيرا في السنوات الأخيرة، وبلغ التبادل التجاري بين البلدين في عام 2023 نحو 56.5 مليار دولار، مما جعل تركيا ثالث أكبر شريك تجاري لروسيا بعد الصين والهند. وحافظ التبادل التجاري على مستوياته المرتفعة في عام 2024، وسجل النصف الأول من العام نحو 22 مليار دولار من التجارة الثنائية، رغم انخفاض طفيف بنسبة 10% مقارنة بالفترة نفسها من 2023. تعكس هذه الأرقام اختلالا واضحا في توازن التجارة لصالح موسكو، إذ تفوق الواردات التركية من روسيا بكثير صادراتها إليها، فروسيا توفر حصة مهمة من واردات تركيا السلعية، وأصبحت تمثل نحو 12% إلى 13% من إجمالي واردات تركيا، خاصة مع زيادة اعتماد أنقرة على واردات الطاقة الروسية في السنوات الأخيرة. في المقابل، تشكل تركيا نسبة أقل بكثير من واردات روسيا، فلا تتجاوز 4% من إجمالي ما تستورده موسكو، لكنها تظل شريكا تجاريا مهما بالنسبة لها. وتعززت مكانة تركيا كشريك تجاري إستراتيجي لروسيا في ظل إحجام الدول الغربية عن التعامل التجاري مع روسيا نتيجة للعقوبات الغربية، مما دفع موسكو إلى التوجه أكثر نحو أسواق بديلة، أبرزها السوق التركية، لتلبية احتياجاتها التجارية. ووضع البلدان هدفا طموحا لزيادة حجم التبادل التجاري إلى 100 مليار دولار سنويا على المدى المتوسط، مما يعكس أهمية هذه الشراكة الإستراتيجية في مجالات متعددة. الطاقة الروسية تُظهر أرقام حديثة مدى الاعتماد التركي الكبير على الموارد الروسية في قطاع الطاقة، ففي عام 2023، استوردت تركيا نحو 21.34 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي من روسيا، وهو ما يعادل 42.3% من إجمالي واردات الغاز التركي لذلك العام. وتعتمد أنقرة على عقود غاز طويلة الأمد مع غازبروم الروسية لتأمين هذه الإمدادات، وتمتلك شركة بوتاش التركية عقدين رئيسيين مع موسكو بقدرة إجمالية تصل إلى 21.8 مليار متر مكعب سنويا، وتشمل هذه الكمية 16 مليار متر مكعب عبر خط "السيل الأزرق" و5.75 مليارات متر مكعب عبر خط "السيل التركي"، ويستمر العمل بهذين العقدين حتى نهاية عام 2025. وإلى جانب الغاز، أصبحت روسيا المزود الأكبر لتركيا بالنفط الخام، وتفيد التقديرات الحديثة بأن نحو 70% من واردات تركيا النفطية تأتي من روسيا، وذلك في تحول ملحوظ بعد العقوبات الغربية التي دفعت تركيا لتصبح مشتريا رئيسيا للخام الروسي بأسعار منخفضة. وبالمثل، فرضت روسيا سيطرتها على سوق الفحم التركي، وزودته بأكثر من 70% من إجمالي وارداته من الفحم منذ عام 2022، وارتفعت النسبة إلى 88% خلال النصف الأول من 2025، وفقًا لبيانات تتبع الشحنات. في السياق، يرى المحلل الاقتصادي حقي إيرول جون أن تركيا ستواجه تحديات اقتصادية معقدة إذا استمرت الولايات المتحدة في تصعيد عقوباتها ضد الدول المتعاملة مع روسيا، وأن أحد أكبر هذه التحديات هو الاعتماد الكبير على الطاقة الروسية، فأي تعطيل أو رفع للتكاليف بسبب هذه العقوبات قد يؤثر بشكل كبير على القطاع الصناعي التركي ويزيد من عجز التجارة الخارجية. ويشير إيرول جون -في حديث للجزيرة نت- إلى أن تركيا ستواجه صعوبة في التوازن بين مصلحتها في الحفاظ على علاقاتها مع روسيا واحتياجاتها الاقتصادية مع الغرب، لذا، من المتوقع أن تسعى أنقرة لتوسيع شراكاتها الاقتصادية مع دول أخرى، مثل الصين ودول الخليج وآسيا الوسطى، بالإضافة إلى تنويع مصادر الطاقة مثل الغاز الأذربيجاني والغاز الطبيعي المسال من الولايات المتحدة، لتقليل اعتمادها على روسيا. قطاعات مهددة الولايات المتحدة واحدة من أهم أسواق الصادرات التركية، وتمثل حصة كبيرة من إجمالي التبادل التجاري، ففي عام 2024، بلغ حجم الصادرات التركية إلى الولايات المتحدة نحو 15 إلى 16 مليار دولار، ما يعادل نحو 6.2% من إجمالي الصادرات التركية لهذا العام، ما يضع أميركا في المرتبة الثانية بين وجهات التصدير التركية بعد ألمانيا. وتعتمد عدة قطاعات صناعية تركية بشكل كبير على السوق الأميركية، بما في ذلك صناعة السيارات، والمنسوجات، والملابس الجاهزة، والسجاد، والمجوهرات، فعلى سبيل المثال، بلغت صادرات صناعة السيارات التركية إلى الولايات المتحدة نحو 1.2 مليار دولار في 2024، في حين قاربت صادرات السجاد التركي 784 مليون دولار في العام نفسه، وحقق قطاع الملابس الجاهزة مبيعات تقدر بنحو 856 مليون دولار، وقطاع الإلكترونيات حقق 774 مليون دولار. موقف أنقرة حتى الآن، لم يصدر عن أنقرة رد فعل رسمي مفصل على تهديدات ترامب الأخيرة، وفضلت الحكومة التركية التحفظ والترقب لمعرفة ما إذا كان هذا التصعيد الأميركي يعد مجرد ورقة ضغط تفاوضية على روسيا أم أن هناك نية حقيقية لتنفيذه. ويرى الباحث السياسي جنك سراج أوغلو أن المسؤولين الأتراك يعقدون آمالهم على الدبلوماسية لتفادي السيناريو الأسوأ، عبر إقناع واشنطن بمراعاة خصوصية تركيا، ويؤكد أن تركيا ملتزمة فقط بعقوبات الأمم المتحدة ، ولا ترى نفسها ملزمة بالتحرك بناء على عقوبات أحادية من أي طرف، خاصة عندما تتعارض هذه العقوبات مع مصالحها الإستراتيجية. ويضيف سراج أوغلو في حديث للجزيرة نت أن تاريخ تركيا مع التكيف مع العقوبات دون قطع العلاقات بالكامل يدعم هذا الموقف، كما حدث في الحالة الإيرانية، حيث التزمت أنقرة ببعض العقوبات الغربية رغم الاعتراضات، ولكن من دون التأثير على مصالحها الأساسية. ويعتقد الباحث أن ترامب قد يواجه صعوبة كبيرة في اتخاذ مواقف قاسية ضد تركيا، نظرا لدورها الإستراتيجي المهم في أوكرانيا وحلف الناتو. ومع ذلك، تدرك أنقرة أنها قد تجد نفسها في عين العاصفة إذا استمر التصعيد الأميركي.