هل يخدم التقصير موازنة الدولة
هل يتم وبصورة ذكية أم بصورة عشوائية استغلال التقصير في هذه القطاعات الثلاثة لخدمة الموازنة ودعم الواردات المالية للخزينة؟ قد يبدو التساؤل غريبا لكن عند تحليل المعطيات المتوفرة التي يمكن أن يتلمسها أي شخص يدقق فيها فإنها ستبدو صحيحة.
الموضوع بكل بساطة أن تعطيل وتأخير خدمات القطاع العام وبصورة خاصة في مجالات التعليم والصحة والنقل يتماشى طرديا مع تحسين ظروف القطاع الخاص في هذه المجالات ذاتها.
تستطيع الحكومة أن تعمل على تحسين خدمات القطاع العام الصحي ومن دون تحمل أي تكاليف إضافية وإنما بنقل مخصصات بعينها في الموازنة إلى موازنة وزارة الصحة.
هناك مبلغ 217 مليون دينار مخصصة في الموازنة العامة (وفق ما يظهر في الحسابات الختامية الصادرة عن وزارة المالية لسنة 2024) لدعم السلع الغذائية الاستراتيجية والمقصود الطحين والأعلاف وهذا الدعم في واقع الأمر يذهب هباء ولا يسعى إليه المواطن ولا يريده من الحكومة رغم انف الذين يتظاهرون رافعين شعار أن الرغيف خط احمر فهذه كلها شعارات يحرض عليها أصحاب المصالح الذين لا يريدون الإصلاح.
عند المطالبة بتحويل مبالغ بعينها من الموازنة إلى موازنة وزارة الصحة وتوفير الخدمات اللازمة عبر مؤسسات الوزارة فهذا سيؤدي إلى توفير ملايين كثيرة تدفعها الحكومة على شكل إعفاءات طبية (32 مليون دينار) ومعالجات طبية (25 مليون دينار) ومعالجات مرض السرطان (42 مليون دينار). ويمكن للحكومة أن تفعل ذلك بقرار جريء لا يحتاج وقتا طويلا.
قد تحافظ أموال دعم الخبز والأعلاف على سعر خبز رخيص نسبيا ولكن أيهما أكثر أهمية للمواطن خبز رخيص يلقى كثير منه في الحاويات أم توفر علاج وسرير في المستشفى عند الحاجة؟ ما حاجتنا إلى خبز رخيص وعلبة سردين في المؤسسة الاستهلاكية ارخص بعشرين فلسا عن سعر السوبرماركت إذا كان المصاب بالتهاب الزائدة الدودية مثلا بحاجة إلى انتظار شهرين أو ثلاثة لإجراء العملية الجراحية؟ كيف يمكن تفسير هذا الحال إلا بأنه عمل مقصود لتوريط المواطن في قروض لخدمة المستشفيات الخاصة؟
سيتحمل المواطن شراء خبز بسعر مضاعف فكل الأسعار مرتفعة أصلا، إذا ما علم أن فرق الدعم سيتم توجيهه لبناء مستشفيات ومراكز صحية توفر له الخدمة المطلوبة بكرامة وبدون عناء وتوسلات الإعفاءات وغيرها.
المؤكد أن الحكومة لن تفعل شيئا من هذا لأن ذلك لن يصب في مصلحة الخزينة وسيضر بمصالح القطاع الخاص في هذا الميدان.
كما أن قرارا مثل هذا بتحسين وتوفير خدمات صحية للمواطنين عبر مؤسسات وزارة الصحة تؤدي إلى اختصار مدة المواعيد وتوفير الأدوية وأسرّة المستشفيات سيكون له ضرر كبير على واردات الحكومة المالية من القطاع الطبي الخاص. وترك القطاع العام الطبي بدون تطوير وتحسين يعني إجبار المواطنين على اللجوء إلى القطاع الخاص الذي يتضخم دخله ومن هنا تزداد موارد الدولية المالية من ضرائب المستشفيات الخاصة والصيدليات الخاصة برغم كل التهرب الضريبي الذي نسمع عنه. وكذلك ستظل شركات التامين تعمل وتربح وتدفع الضرائب وأيضا البنوك ستظل تمنح القروض وتستوفي الفوائد وتدفع الضرائب المطلوبة.
وهنا تساؤل مشروع لو افترضنا أن البنوك الأردنية وعددها أربعة عشر بنكا مرخصا ستقوم بمساهمة جذرية لدعم القطاع الطبي الحكومي من خلال التبرع بمئة مليون دينار سنويا لبناء مستشفيات ومراكز صحية فهل ستقبل الحكومة بهذا؟ تقديري وأرجو أن أكون مخطئا لن تقبل بل قد تحرض البنوك على عدم التبرع حتى لا يتعرض القطاع الخاص الطبي لأي خسائر مع أنه قطاع متغول على المواطن وينهب جيوبه بشراسة لا مثيل لها.
القطاع الآخر المهمل بشكل متعمد بقصد زيادة موارد الخزينة هوة قطاع النقل العام. في عام 2016 أجرت مؤسسة دولية دراسة على قطاع النقل العام في الأردن وخلصت إلى نتيجة مفادها انه "لا يبدو بأن النقل العام من أولويات الدولة الأردنية ولا يحظى بأي شكل من أشكال الاهتمام". هذا يعني أن مشكلة النقل في الأردن ستظل مزمنة. فإهمال حل مشكلة النقل العام يرفد الحزينة بمئات الملايين من الدنانير سنويا على شكل جمارك ورسوم ترخيص وتشغيل لشركات التامين وأرباح التامين تعني واردات ضريبية للدولة..
هناك من زين للحكومة فكرة تسهيل استيراد السيارات وخصوصا المستعملة فأصبحت البلد مكب نفايات لسيارات العالم. تزيد أعداد السيارات في المملكة بمعدل خمسة وسبعين ألف سيارة سنويا. واصبح الأردن في المرتبة الخامسة بنسبة استيراد السيارات المستعملة.
وازدحمت البلاد وفق تصريح لمدير سابق للجمارك بسيارات قديمة وغير آمنة وكلفة صيانتها عالية جدا ولا توفر الوقود وهي الأكثر تسببا للحوادث وبعضها حوادث مميتة.
كذلك فإن إهمال مشكلة النقل العام يعني المزيد من مبيعات البنزين وبالتالي المزيد من تحصيل الضرائب عليه وكذلك أرباح لتجار السيارات وتحصيل لضريبة الدخل وانفاق واسع من التجار يعني المزيد من تحصيل ضريبة المبيعات ولذا فإن اهتماما حقيقيا بحل مشكلة النقل العام سيخفض دخل الخزينة.
لكن حل المشكلة عبر شركة نقل عام وطنية بأسعار تذاكر رخيصة ستعني تخفيض فاتورة النفط السنوية، وتخفيض استيراد البنزين، تخفيض فاتورة استيراد السيارات وقطع السيارات، تخفيض كلفة الحوادث، وتوفير أوقات الناس، وتخفيض نسبة التلوث البيئي وبالتالي تخفيض نسبة الإصابات السرطانية التي هي في الأردن من الأعلى في العالم.
ما يقال على إهمال قطاعي الخدمات الصحية والنقل العام يمكن إسقاطه أيضا على قطاع التعليم. فإهمال التعليم الحكومي فتح الباب واسعا أمام الاستثمار الخاص في التعليم الأمر الذي خلق طبقتين من المدارس التي قسمت المجتمع إلى فقراء وأغنياء. لكن الأمر يصب في مصلحة الموازنة والخزينة. فكلما زادت المدارس الخاصة زاد دخل الحكومة من الرسوم والضرائب أما المواطن الفقير فلا عزاء له.
من الواضح أن قطاعات الخدمات الحكومية الصحية وكذلك التعليمية والنقل العام دون المستوى المطلوب بكثير. والتساؤل الكبير هو إلى متى يمكن الاستمرار في هذا النهج؟

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


جفرا نيوز
منذ 16 دقائق
- جفرا نيوز
سرطان البروستاتا ليس السبب.. دراسة تكشف مفاجأة عن وفيات المرضى
جفرا نيوز - اكتشف علماء من جامعة أوبسالا السويدية أن مرضى سرطان البروستاتا من دون نقائل غالبا ما يتوفّون لأسباب غير مرتبطة بالمرض نفسه. تشير مجلة Journal of the National Comprehensive Cancer Network إلى أن الباحثين حلّلوا بيانات 62,839 مريضا من السجل الوطني السويدي لسرطان البروستاتا، شُخّصت حالاتهم بين عامي 2000 و2020. وشملت الدراسة فقط الرجال الذين كان يتوقع أن يزيد متوسط أعمارهم عن ثلاث سنوات، مع الأخذ في الاعتبار أعمارهم ووجود أمراض مزمنة لديهم. وقد قسّم الباحثون المشاركين في الدراسة بحسب خطورة تطوّر المرض، ثم بدأوا متابعة حالتهم. وتبيّن أنه في مجموعتي الخطر المنخفض والمتوسط، كان المرضى أكثر عرضة للوفاة لأسباب أخرى غير السرطان بمقدار ستة أضعاف. أما في مجموعة الخطر العالي، فقد تضاعف احتمال الوفاة غير المرتبطة بالمرض. ووفقا للباحث بيترو سيليبوتي، فإن اتباع المرضى للتوصيات الطبية يسمح لمعظم الرجال بالبقاء على قيد الحياة لفترات طويلة بعد تشخيص إصابتهم، بما في ذلك أولئك المؤهلين لبرنامج المراقبة النشطة، وهي استراتيجية لا يبدأ فيها العلاج فورا، بل تتم متابعة الحالة بانتظام، مع بدء العلاج فقط في حال تطوّر المرض. من جانبه، يشير طبيب الأورام أحمد شابسيغ من مركز السرطان في جامعة ولاية أوهايو إلى أنه حتى في حالات الخطر المرتفع، غالبا ما يتوفى الرجال نتيجة أمراض أخرى غير السرطان، موضحا أنه في حالات الخطر المنخفض، لا يتجاوز معدل الوفيات بسبب المرض 11% خلال ثلاثين عاما.

عمون
منذ ساعة واحدة
- عمون
5 أنواع من الخضراوات تحارب السرطان
عمون - على مدى العقود القليلة الماضية، أحرزت العلوم الطبية تقدمًا هائلاً في جعل السرطان قابلاً للعلاج، إلا أنه لا يزال إلى حد كبير غير قابل للشفاء، نظرًا لميله للعودة ونمطه غير الخطي، مما يجعل علاجه صعبًا. ومع ذلك، يمكن لاتباع نمط حياة صحي وممارسة الرياضة واتباع نظام غذائي صحي أن يُقلل من احتمالية الإصابة بالسرطان، أو حتى المساعدة في مكافحته. وفيما يتعلق بالنظام الغذائي، يستخدم الجسم مركبات محددة في خضراوات معينة لمكافحة السرطان من خلال ثلاث آليات: إبطاء نمو الورم، وتقوية المناعة، وحماية سلامة الخلايا. خضراوات يمكنها مكافحة خلايا السرطان ومنع تكوينها: البروكلي يُعتبر البروكلي من الخضراوات الصليبية، إلى جانب القرنبيط والملفوف، حيث يُنشط مركب السلفورافان الموجود فيه الإنزيمات الوقائية في الجسم ويساعد على التخلص من المواد الكيميائية المسببة للسرطان. يعمل هذا المركب على القضاء على الخلايا الجذعية السرطانية التي تُعزز نمو الورم. ويساعد تناول البروكلي بانتظام على مكافحة سرطانات الثدي والبروستاتا والرئة والقولون. كما يحتوي على الألياف وفيتاميني C وK، ويُساعد على تقليل الالتهاب الذي يُعد عاملاً رئيسيًا في تطور السرطان. الطماطم يُعتبر الليكوبين الموجود في الطماطم من أبرز مضادات السرطان، حيث تحمي خصائصه المضادة للأكسدة الخلايا وتقلل من خطر الإصابة بسرطان البروستاتا. وتعمل مضادات الأكسدة الأخرى، مثل فيتامينات A، C، وE، على مكافحة الجذور الحرة التي قد تؤدي إلى تكوّن السرطان. وتُعزز عملية الطهي توافر الليكوبين في الطماطم، كما أن ترطيبها وعناصرها الغذائية تساعد على حماية صحة الجلد وتقوية المناعة. الملفوف تشمل المركبات المضادة للسرطان في الملفوف فيتاميني C وK، بالإضافة إلى الألياف ومضادات الأكسدة. تعمل مادة الإندول-3-كاربينول الموجودة في الملفوف على دعم إصلاح الحمض النووي والمساعدة في إزالة السموم الكيميائية. وتشير الأبحاث إلى أن تناوله يقلل من احتمالية الإصابة بسرطانات البروستاتا والقولون والرئة والثدي. كما أنه مصدر ممتاز للكالسيوم والحديد، ويدعم صحة الجهاز الهضمي بفضل غناه بالألياف. الجزر تُمكّن صبغة بيتا كاروتين الموجودة في الجزر الجسم من إنتاج فيتامين A، وتحمي هذه الخاصية الخلايا من التلف وتقلل من نمو الخلايا السرطانية. كما ثبت أن مبيد الفالكارينول الطبيعي الموجود في الجزر يُقلل من خطر الإصابة بسرطان عنق الرحم. وتناول الجزر بانتظام (نيئًا أو مطبوخًا) سيزيد من استهلاكك للمركبات الوقائية، كما أنه غني بالألياف التي تساعد على الهضم. السبانخ تحتوي السبانخ على الكاروتينات اللوتين والزياكسانثين، بالإضافة إلى فيتامينات A وC وحمض الفوليك. هذه العناصر الغذائية تحمي جهاز المناعة وتمنع تلف الحمض النووي، مما يقلل من فرص الإصابة بالسرطان. وتشير الدراسات إلى أن تناول السبانخ يقلل من فرص الإصابة بسرطانات الفم والرئتين والبنكرياس والمعدة. كما تحتوي على المغنيسيوم ومضادات الأكسدة التي تساعد على تقليل الالتهابات المزمنة. كيف تساعد هذه الخضراوات؟ تتمتع هذه الخضراوات بآليات متعددة لمحاربة السرطان: مضادات الأكسدة: تعمل على إزالة الجذور الحرة التي يمكن أن تسبب تلف الحمض النووي. الجلوكوزينولات: تنتج مركبات فعالة تزيل العوامل المسببة للسرطان من الجسم وتحفز تدمير الخلايا السرطانية. الفيتامينات والألياف: تدعم صحة الجهاز المناعي وإصلاح الخلايا التالفة، وتساعد على بقاء الجهاز الهضمي صحيًا وتغذي البكتيريا المفيدة. لذا، فإن تناول الخضراوات المختلفة بانتظام يحمي دفاعات الجسم الطبيعية، مما يقلل من مخاطر الإصابة بالسرطان.

السوسنة
منذ 14 ساعات
- السوسنة
العلاقة بين الغذاء والسرطان .. حقائق
السوسنة - أكدت مؤسسة أبحاث السرطان في المملكة المتحدة أن لا وجود لطعام واحد قادر بمفرده على الوقاية من السرطان أو التسبب به، مشيرة إلى أن الإفراط في تناول بعض المجموعات الغذائية قد يزيد من خطر الإصابة، دون أن يعني ذلك حتمية المرض.وأوضحت المؤسسة أن بعض الأطعمة تتعرض لاتهامات غير دقيقة، مثل البيض، الذي لم تثبت أي دراسة موثوقة ارتباطه بالسرطان، وكذلك القهوة التي تشير بعض الدراسات إلى أنها قد تقلل من خطر الإصابة بسرطان الكبد والرحم، رغم الحاجة إلى المزيد من الأبحاث.كما نفت المؤسسة وجود علاقة مثبتة بين تناول فول الصويا والسرطان، رغم احتوائه على مركبات تشبه هرمون الإستروجين، وأكدت أن مادة BPA الموجودة في بطانات الأطعمة المعلبة لا ترتبط بالسرطان لدى البشر، رغم نتائج مخبرية محدودة على الحيوانات.في المقابل، أشارت الدراسات إلى أن اللحوم المصنعة والحمراء، مثل السلامي والهوت دوغ والبيبروني، ترتبط بزيادة خطر الإصابة بسرطان الأمعاء، كما أن تناول الكحول، حتى بكميات معتدلة، يزيد من خطر الإصابة بعدة أنواع من السرطان نتيجة تلف الخلايا وتعزيز امتصاص المواد الضارة. إقرأ أيضًا: