logo
لماذا تهدّد إيران بانسحابها من معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية؟

لماذا تهدّد إيران بانسحابها من معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية؟

الجزيرةمنذ 5 ساعات

طهران- في ظل تصاعد المواجهات العسكرية بين إيران وإسرائيل التي اندلعت، منذ فجر الجمعة الماضي، بعد بدء إسرائيل بقصف طهران، وتوسعت لتشمل ضربات جوية استهدفت مواقع نووية وقواعد عسكرية ومقار حكومية، برز تهديد إيراني بالانسحاب من معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية.
يأتي هذا التهديد في وقت تتحدث فيه تقارير عن احتمال مشاركة الولايات المتحدة إلى جانب إسرائيل في الحرب، مما يرفع منسوب التوتر الإقليمي والدولي. كما يعكس الضغط المتزايد على طهران جراء العمليات العسكرية التي استهدفت منشآتها.
وقّعت طهران على المعاهدة منذ عقود كجزء من التزامها الدولي للحد من انتشار الأسلحة النووية، والحصول على دعم فني للطاقة النووية السلمية، مع خضوع منشآتها للرقابة الدولية.
ومع ذلك، فإن الانسحاب من الاتفاقية قد يمنحها حرية أكبر في تطوير برنامجها النووي بعيدا عن أي قيود دولية، لكنه في الوقت نفسه يعرضها لعقوبات أشد وعزلة دولية متزايدة.
انسحاب محتمل
يرى الباحث في الأمن الدولي عارف دهقاندار، أن إيران لا تزال تلتزم علنا بعدم السعي إلى تصنيع السلاح النووي، وتستند في هذا الموقف إلى فتوى صريحة من المرشد الأعلى علي خامنئي ، تحرّم إنتاج واستخدام هذه الأسلحة، مؤكدا أن هذه الفتوى تحظى بمكانة تتجاوز البعد الديني، لتُعد أساسا للسياسة الدفاعية والإستراتيجية الإيرانية في الملف النووي.
ويوضح دهقاندار للجزيرة نت، أن التحولات الإقليمية الأخيرة، وعلى رأسها التصعيد الإسرائيلي المتكرر ضد أهداف داخل إيران، وخصوصا منشآتها النووية، وضعت طهران في مراجعة جذرية لموقفها من المعاهدة.
ويشير إلى أن الهجمات الإسرائيلية، رغم أن تل أبيب غير موقّعة على المعاهدة، كشفت عن اختلالات جوهرية في النظام الدولي للرقابة النووية، وعن عجز هذه المعاهدة عن حماية الدول غير النووية من التهديدات الأمنية والعسكرية.
وتمنح المادة العاشرة من المعاهدة -وفق دهقاندار- الدول الأعضاء حق الانسحاب إذا وجدت أن مصالحها العليا مهددة. ومع استمرار استهداف إيران والتسريبات المتكررة لمعلوماتها النووية من الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى أطراف معادية، فإن "طهران تمتلك اليوم مبررات قانونية ومنطقية لإعادة النظر في عضويتها".
ويؤكد أن الوكالة قامت بجمع معلومات نووية حساسة خلال عمليات التفتيش، وقد تسرب جزء منها -حسب ما تشير إليه مصادر إيرانية- إلى إسرائيل، الأمر الذي يعتبره الإيرانيون إخلالا جسيما بمبدأ الحياد ويشكك في نزاهة منظومة الرقابة الدولية.
أداة ضغط
وفي رأي الباحث دهقاندار، جعل ذلك من عضوية إيران في معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية خطوة عبثية ومكلفة في آن واحد، إذ لم تحصل طهران على الامتيازات التقنية التي وعدت بها المعاهدة، لكنها تعرضت في المقابل إلى عقوبات قاسية وضغوط سياسية مستمرة، وها هي اليوم تواجه حربا فعلية على أراضيها.
ويشدد على أن الحديث عن انسحاب إيران لا يعني بالضرورة التوجه نحو تصنيع سلاح نووي فورا، بل يُنظر إليه في طهران كأداة ضغط إستراتيجي ووسيلة لإعادة رسم التوازن في الردع الإقليمي، في ظل الحرب المفتوحة مع إسرائيل.
ويختتم، إن قرار الانسحاب من المعاهدة لا يزال محل تقييم داخل دوائر صنع القرار الإيرانية، ويتوقف على تطورات المشهد الإقليمي ومدى تصاعد التهديدات، لكنه يعتبر أن الهجمات الإسرائيلية الأخيرة أعطت طهران غطاء قانونيا وأخلاقيا لإعادة طرح هذا الخيار بجدية، باعتباره وسيلة لحماية أمنها القومي وتقليص نقاط ضعفها في مواجهة قوة نووية غير خاضعة لأي التزامات دولية.
من جانبه، يرى الباحث السياسي عرفان بجوهنده، أن التهديد بالانسحاب من المعاهدة يُعد ورقة ضغط جدية ومؤثرة في يد طهران، وربما من أبرز أوراقها الإستراتيجية حاليا، مشيرا إلى أن النقاش القائم داخل دوائر صنع القرار في إيران لا يدور عن مبدأ الانسحاب، بل عن توقيته، بين من يدعو إلى الانسحاب الفوري، ومن يربطه بهجوم أميركي محتمل أو بتفعيل الأوروبيين آلية الزناد (snapback).
معادلة الردع
ويضيف الباحث بجوهنده للجزيرة نت، أن إيران كانت قد انضمت إلى المعاهدة بهدف الاستفادة من مزاياها، خاصة ما نصّت عليه المادة الرابعة التي تضمن حق الدول الأعضاء في تطوير واستخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية، فضلا عن الاستفادة من دعم الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
لكنه يلفت إلى أن الانسحاب منها سيعني عمليا انتهاء الرقابة الدولية على البرنامج النووي الإيراني ، بما يشمل مستوى التخصيب، وعدد ونوع أجهزة الطرد المركزي، وباقي تفاصيل البرنامج التي ستخرج من دائرة المتابعة الدولية.
ويحذر من أن انسحاب طهران، باعتبارها الدولة التي خضعت لأوسع رقابة نووية في التاريخ، سيُقابل بردود فعل غربية. لكن من منظور صناع القرار الإيرانيين، فإن القوى الغربية فقدت شرعيتها الأخلاقية والسياسية بعد عدم التزامها بتعهدات الاتفاق النووي لسنة 2015 ودعمها تل أبيب أثناء التصعيد الأخير، سواء سياسيا أم لوجستيا، وعليه لم يعد هناك ما يمنع إيران من المضي في مسار المواجهة المفتوحة.
وحسب بجوهنده، فإن الانسحاب من المعاهدة لا يعني بالضرورة التوجّه نحو تصنيع سلاح نووي، لكنه سينقل إيران إلى وضع "الغموض النووي"، وهو ما سيجعل الدول الأخرى تتعامل معها كدولة نووية محتملة، سواء في العلاقات الدبلوماسية أم في السياسات الردعية والعقابية، و"هذا بحد ذاته تحوّل إستراتيجي في معادلة الردع، حتى وإن لم تُصنَع القنبلة فعليا".

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الكويت تؤكد عدم رصد أي تسرب لإشعاعات نووية من إيران
الكويت تؤكد عدم رصد أي تسرب لإشعاعات نووية من إيران

الجزيرة

timeمنذ 42 دقائق

  • الجزيرة

الكويت تؤكد عدم رصد أي تسرب لإشعاعات نووية من إيران

أكد وزير الخارجية الكويتي عبد الله اليحيا، مساء الأربعاء، عدم رصد أي تسرب لإشعاعات نووية من إيران جراء الهجمات الإسرائيلية المتواصل عليها منذ الجمعة. وقال اليحيا، في مداخلة مع قناة محلية، إن "الكويت تعمل ضمن إطار خليجي جماعي لرصد أي مؤشرات إشعاعية محتملة قد تنتج عن التصعيد". وأضاف أن "جميع المؤشرات حتى الآن سليمة، والحالة تحت المتابعة الدقيقة"، وفق وكالة الأنباء الكويتية "كونا". ويوم الإثنين حذر مجلس التعاون الخليجي ، من سيناريوهات "مقلقة" من الهجوم الإسرائيلي على إيران، وتبادل الردود، ودعا لضبط النفس، ووقف الأعمال العسكرية. وشدد أمين المجلس جاسم البديوي على أن الهجمات الإسرائيلية على إيران قوضت فرص المسارات السياسية، وأدت إلى توقف وانهيار جهود الحوار والدبلوماسية، الأمر الذي حث كافة دول المجلس بالتنديد بها. وأوضح أن "المؤشرات الفنية حتى هذه اللحظة لا تزال ضمن النطاق الآمن، ولم يُرصد ما يدعو للقلق، مع استمرار حالة الاستنفار الكامل، ضمانا لأعلى درجات الجاهزية، وترسيخا لليقظة المستمرة التي يتطلبها الموقف". وبدأت إسرائيل فجر الجمعة هجوما واسعا على إيران بمقاتلات جوية، فقصفت مباني سكنية ومنشآت نووية وقواعد صواريخ واغتالت قادة عسكريين وعلماء نوويين، ما خلف إجمالا 224 قتيلا و1277 جريحا. وفي مساء اليوم نفسه، بدأت إيران الرد بسلسلة هجمات بصاروخية باليستية وطائرات مسيّرة، وخلفت ما لا يقل عن 24 قتيلا ومئات المصابين، إضافة إلى أضرار مادية كبيرة، وفق مكتب الصحافة الحكومي الإسرائيلي.

غوتيريش يحمل الذكاء الاصطناعي مسؤولية انتشار خطاب الكراهية
غوتيريش يحمل الذكاء الاصطناعي مسؤولية انتشار خطاب الكراهية

الجزيرة

timeمنذ 42 دقائق

  • الجزيرة

غوتيريش يحمل الذكاء الاصطناعي مسؤولية انتشار خطاب الكراهية

حمّل الأمين العام ل لأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ، اليوم الأربعاء، الذكاء الاصطناعي مسؤولية تفاقم خطاب الكراهية وانتشاره بوتيرة غير مسبوقة في العالم. وقال غوتيريش في رسالة وجهها بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة خطاب الكراهية، الذي تخلده الأمم المتحدة في 18 يونيو/ حزيران من كل عام، إن الذكاء الاصطناعي يشبه "السم الذي يسري في شرايين المجتمع" ويهدد السلم والتماسك الاجتماعي. واعتبر غوتيريش أن خطاب الكراهية مهد الطريق لما سماه "أحلك فصول العنف والفظائع في التاريخ البشري"، مشيرا إلى أن الأقليات العرقية والدينية كثيرا ما تتحمل آثاره الفادحة بما تواجهه من تمييز وإقصاء وإيذاء. وتابع موضحا "إننا نشهد اليوم درجة لم نشهدها قط لسرعة انتقال خطاب الكراهية واتساع رقعته، إذ يزداد انتشاره كثيرا بفعل الذكاء الاصطناعي"، مؤكدا أن الخوارزميات والمنصات الرقمية المتحيزة تنشر محتوى "ساما وتخلق فضاءات جديدة للتحرش والإساءة". وسجل الأمين العام أن الميثاق الرقمي العالمي الذي اعتُمد في مؤتمر القمة المعني بالمستقبل دعا إلى "تعاون دولي أقوى للتصدي للكراهية على الإنترنت، ترتكز دعائمه على حقوق الإنسان والقانون الدولي". وشدد غوتيريش على الحاجة الملحة لشراكات على كافة المستويات فيما بين الحكومات والمجتمع المدني والشركات الخاصة والقيادات الدينية والمجتمعية من أجل إخماد أصوات الكراهية. وأردف قائلا: "ونحن بحاجة إلى مجابهة الخطاب السام برسائل إيجابية وإلى تمكين الناس من التعرف على خطاب الكراهية ورفضه والتصدي له". وأشار إلى أن استراتيجية الأمم المتحدة وخطة عملها بشأن خطاب الكراهية وُضعت لتوضح لنا السبيل الصحيح لبذل الجهود التي تستمد الدعم والتوجيه من المبادئ العالمية لسلامة المعلومات التي أعلن صدورها العام الماضي، مبرزا السعي الحثيث إلى إيجاد منظومة معلومات أكثر أمانا وإنسانية. وختم غوتيريش رسالته بالدعوة إلى الالتزام باستخدام الذكاء الاصطناعي كقوة للخير وليس أداة للكراهية، كما حث على التكاتف في السعي لتحقيق "السلام والاحترام المتبادل والتفاهم من أجل الجميع"، وفق تعبيره.

إيران تشدد قيود الإنترنت بعد هجمات سيبرانية إسرائيلية
إيران تشدد قيود الإنترنت بعد هجمات سيبرانية إسرائيلية

الجزيرة

timeمنذ 42 دقائق

  • الجزيرة

إيران تشدد قيود الإنترنت بعد هجمات سيبرانية إسرائيلية

قالت إيران اليوم الأربعاء إنها نجحت في التصدي لعدد من الهجمات السيبرانية الإسرائيلية، مشيرة إلى تشديدها القيود على شبكة الإنترنت في ظل المواجهة المستمرة مع تل أبيب لليوم السادس. وقالت قيادة الأمن السيبراني الإيرانية إن إسرائيل شنت هجمات سيبرانية واسعة منذ أمس على شبكة بنوك البلاد، مؤكدة أنها اتخذت "خطوات مؤثرة ضد هجمات الكيان الصهيوني مما أدى لتوجيه ضربات قاسية له". وأعلنت السلطات الإيرانية اليوم تشديد القيود على شبكة الإنترنت، متهمة إسرائيل باستغلال الشبكة لأغراض عسكرية، في حين أفاد التلفزيون الإيراني بتعرضه لهجمات سيبرانية إسرائيلية. وأوضحت وزارة الاتصالات الإيرانية في بيان نقلته وكالة فارس للأنباء أن "قيودا موقتة تم فرضها على مستخدمي شبكة الانترنت"، موضحة أن هذا القرار اتخذ في ضوء "استغلال المعتدي لشبكة الاتصالات الوطنية لأغراض عسكرية". من جهتها، أعلنت هيئة نيتبلوكس لمراقبة الانترنت ومقرها في لندن أن شبكة الانترنت في ايران "شبه متوقفة" اليوم في وقت كثفت إسرائيل ضرباتها على طهران. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن الهيئة قولها إن "بيانات الشبكة المباشرة تظهر أن ايران طاولها عطل وطني شبه كامل للانترنت"، لافتة الى أن البلاد سبق أن شهدت "سلسلة اضطرابات جزئية" لشبكتها في الايام الأخيرة. وحتى قبل المواجهة الجارية، لطالما تبادلت إيران وإسرائيل الاتهامات عن حرب "صامتة" بينهما ميدانها الفضاء السيبراني، طالب في جملة أهدافها، منظمات حكومية ومنشآت مدنية. وبدأ جيش الاحتلال الإسرائيلي فجر الجمعة هجوما واسعا على إيران بمقاتلات جوية، قصف خلالها مباني سكنية ومنشآت نووية وقواعد صواريخ واغتال قادة عسكريين وعلماء نوويين، مما خلف إجمالا 224 قتيلا و1277 جريحا. وفي مساء اليوم نفسه، بدأت إيران الرد بسلسلة هجمات بصاروخية باليستية وطائرات مسيّرة، وخلفت ما لا يقل عن 24 قتيلا ومئات المصابين، إضافة إلى أضرار مادية كبيرة، وفق مكتب الصحافة الحكومي الإسرائيلي.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store