
ترامب و"الملك"... النجاة مقابل تنازلات إقليمية
ليست العلاقة بين "الملك" (نتنياهو) وترامب تحالفاً ظرفياً، بل أيديولوجية، مبنيةٌ على قاسم شعبوي يتحدّى مؤسّسات الدولة القائمة، فترامب، الذي خاض معارك ضارية مع القضاء الأميركي، يرى في نتنياهو تجسيداً لصراعه الشخصي ضدّ ما يسمّيها "الدولة العميقة". أمّا نتنياهو، فيرى في تحالفه مع ترامب طوقَ نجاة، لا ضدّ خصومه السياسيين فقط، بل أيضاً ضدّ القضاء. مضى ترامب في سياسة الضغط الأقصى مهدّداً بحجب مساعدات أميركية لإسرائيل، ومع الظفر بقرار التأجيل، بدا أن هذا التحالف بدأ يُثمر، فالمحكمة التي أظهرت صلابةً سابقاً، وأعلنت ألا تنازلات عن العدالة، تراجعت (الأحد الماضي) فجأةً تحت ذرائع "لوجستية وأمنية". يمنح التأجيل نتنياهو وقتاً إضافياً لترتيب أوراقه السياسية، لكنّه أيضاً كشف تدخّلاً خارجياً غير مسبوق يهدّد مبدأ فصل السلطات في دولة الاحتلال. تزامن ذلك مع تسريباتٍ عن محادثات سرّية بين محامي نتنياهو ورئيس المحكمة العليا السابق، أهارون باراك، نوقشت فيها احتمالات تسوية قانونية تسمح لنتنياهو بالبقاء في السلطة. لم تبرم الصفقة، وكشفت أن الاستقالة ليست مطروحةً على طاولة نتنياهو. وهل يستقيل الملك؟ وحين ينقذ ترامب نتنياهو (كما أنقذ إسرائيل بحسب تصريحات لترامب) بالضغط لتأجيل محاكمة الأخير، فسيكون التأجيل أول بند في صفقة أكبر: النجاة مقابل تنازلات إقليمية. وقد تشمل الصفقة (فيما تشمله) التي تحملها حقيبة ترامب الدبلوماسية الاقتصادية: وقف الحرب في غزّة وإطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين لدى حركة حماس، وتسريع التطبيع العربي مع الاحتلال.
يشكل قرار التأجيل انتكاسةً لاستقلال القضاء، فحين يستسلم القضاء الإسرائيلي أمام ضغوط حليف خارجي يصبح التأجيل سابقة تُفرّغ المحاسبة من مضمونها، كما قد تصبح العدالة المؤجلّة عدالة ملغاة. يبثّ المشهد رسالة مفادها بأن المحاكم يمكن اختراقها عندما تتعارض مصالح "الملك" مع حلفائه الأقوياء، وأن العدالة قد يُضحَّى بها إذا هدّدت توازنات السلطة. إقليمياً، يُعدّ هذا التطوّر مؤشّراً إلى أن الحصانة السياسية باتت تُمنح في المنطقة مقابل تنازلات أمنية أو خطوات تطبيعية (سورية مثلاً؟). والولايات المتحدة، التي طالما قدّمت نفسها نظاماً يضمن فصل السلطات، تتحوّل لاعباً ضاغطاً يقوّض استقلال القضاء في بلدان حلفائها، بدل أن يحميه. والقرار، بكل ما يحمله من دلالات، يعيد فتح سؤال جوهري: من يحكم إسرائيل فعلياً؟ أهو القانون؟ أم "الملك"؟ أم شبكة المصالح التي تحيط به من الخارج؟
خلاصة المشهد أن القرار لم يكن مجرّد تأجيل تقني، بل إشارة إلى تغيّر قواعد اللعبة. ليس مستبعداً أن يتبع التأجيل مزيد من الضغوط لتعليق المحاكمة إلى أجل غير مسمّى، أو الدفع نحو تسوية قضائية تُنقذ "الملك" من السجن، وتُبقيه في المشهد السياسي. قرار المحكمة بالتأجيل، إذن، لم يكن فقط استجابةً لضغط محلّي، بل خطوة قد تُمثّل أول انتصار مباشر لتحالف "الزعيمَين" في معركة ضدّ ما يسمّيه كلّ منهما "الدولة العميقة". يمتلك الرئيس الإسرائيلي صلاحية العفو، لكن ذلك لن يكون من دون تكلفة سياسية وقانونية عالية، أقلّها دفع ثمن تقديم "الأمن" على العدالة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


القدس العربي
منذ ساعة واحدة
- القدس العربي
هكذا فشلا في إيران.. لا تصدقوا مغرد البيت الأبيض و'الأكثر حقارة في التاريخ'
نحاميا شترسلر كلما مر الوقت بدا الوضع أمام إيران أكثر بؤساً. في حين أن ترامب ونتنياهو يكثران تصريحات متغطرسة، يقول زعماء إيران: انتصرنا. هم يستطيعون قول ذلك لأن ترامب ونتنياهو لم يوقعا بهم الضربة القاضية. لو بعد بضعة أيام أخرى من القصف الكثيف، لصرخ خامنئي: أنقذونا! توقفوا! سأوقف تخصيب اليورانيوم! ولكنهما توقفا في اللحظة الحاسمة، تنازلا وتراجعا، وهكذا سمحا لإيران بالنهوض. خامنئي، في لحظة رفع القدم عن رقبته، خرج من حصنه بخطاب النصر: 'صفعنا الأمريكيين، ولن نستسلم أبداً'. وأعلن رئيس الأركان الإيراني: 'فرضنا إرادتنا على الولايات المتحدة وإسرائيل'. ترامب المتفاجئ همس: 'يكذبون عندما يقولون بأنهم انتصروا'. ولكن بالنسبة لهم، يعتبرون بقاءهم واقفين على أرجلهم انتصاراً. لذلك، لا يتنازلون عن المشروع النووي ومشروع الصواريخ. هم يدركون أن الأمر يتعلق ببوليصة تأمين. يتذكرون معمر القذافي الذي تنازل عن السلاح النووي في 2003، وبعد بضع سنوات اندلعت الثورة في ليبيا (بدعم الناتو)، وتم قتله بوحشية على يد أبناء شعبه. لذلك، لا أساس لقصص ترامب ونتنياهو حول النصر المطلق. يدور الحديث عن متحايلين لا مبادئ لهما، ويبحثان عن إنجازات في مجال العلاقات العامة وليس في الواقع. في الحقيقة، لا يهتم ترامب إذا واصلت إيران سيرها نحو القنبلة؛ فهي في نهاية المطاف خطر وجودي على إسرائيل وليس على الولايات المتحدة. وإذا اضطرت إسرائيل إلى شن حرب أخرى، فالدماء لن تكون أمريكية. ما يهم ترامب هو أسعار النفط. الجمعة القادم، سيحتفل ملايين الأمريكيين بعيد الاستقلال الـ 249 بالتنزه، وما يهمهم هو سعر البنزين. لقد انخفض سعره بعد أن انخفض سعر البرميل إلى 65 دولاراً في اللحظة التي توقفت فيها الحرب مع إيران، وكل ما بقي غير مهم. إذا كانت إيران هزمت حقاً، فكيف تقول: 'سنجمد التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة النووية'؟ وإذا تم تدمير المنشآت النووية بالفعل، كما يقول المغرد الدائم، فكيف يقول رئيس الوكالة الدولية للطاقة النووية بأنه يمكن لإيران تخصيب اليورانيوم بضعة أشهر؟ وكيف يمكن أن يضع وزير خارجية 'الدولة المهزومة' الشروط ويظهر استعداده للتحدث مع الأمريكيين شريطة 'توقف ترامب عن التحدث عن خامنئي بشكل غير محترم'؟ ترامب، الذي لغته لغة شوارع، ينشغل بكرامته الشخصية. يقول: 'منعت موتاً قبيحاً ومهيناً عن خامنئي. كان عليه القول: شكراً، أيها الرئيس ترامب'. هذا مخجل. ويواصل: 'أردت رفع العقوبات عن إيران كي أمنحها فرصة أفضل للنهوض، لكني توقفت عن ذلك عقب أقوال خامنئي'. أي شخص عاقل يرفع العقوبات قبل إجراء مفاوضات؟ ففي هذه الأثناء، فتح الإيرانيون مدخل المنشأة النووية في أصفهان، ونفوا 'زيارة' قوة إسرائيلية لمنشأة فوردو. عندما سئل ترامب متى ستبدأ المفاوضات مع إيران، أجاب: 'في الأسبوع القادم، وربما لا. سنرى ماذا سيكون'. ما الذي يهمه؟ وعلى سؤال ما إذا كان سيطلب نقل مخزون اليورانيوم الإيراني إلى خارج إيران، أجاب: 'هذا سابق لأوانه. ولكننا سنفعل شيئاً كهذا'. ما الذي ستفعلونه؟ وكيف؟ فحاملات الطائرات الأمريكية غادرت المنطقة. ونتنياهو أيضاً لا يفوت أي فرصة؛ فهو يريد خلق وعي كاذب. ولذلك، يقول 'حققنا جميع الأهداف'، في حين أنه لم يحقق أي هدف منها. صحيح أن إيران تعرضت لضربة قاسية، لكن يمكن إصلاحها. نتنياهو لم يتغير؛ كان جباناً وما زال. لم ينه أي عمل. مثلما في كل العمليات في غزة خلال الـ 17 سنة، يهرب في اللحظة الحاسمة. يدور الحديث عن الشخص الأكثر حقارة في تاريخ الشعب اليهودي. هآرتس 1/7/2025


القدس العربي
منذ ساعة واحدة
- القدس العربي
بعد تصريح ترامب 'هذا مهم'.. هل تقترب إسرائيل وسوريا من اتفاق أمني؟
إيتمار آيخنر أعلنت الناطقة بلسان البيت الأبيض كارولين لبيد، بأن الرئيس الأمريكي سيوقع على مرسوم يرفع معظم العقوبات الأمريكية المفروضة على سوريا، بعد نحو شهرين ونصف من لقائه مع الرئيس السوري أحمد الشرع (الجولاني) في الرياض. منذ ذلك الحين، وعد ترامب رفع العقوبات حتى يسمح لسوريا بالخروج إلى طريق جديد. في الشهر ذاته، أعلنت الإدارة الأمريكية عن تسهيلات معينة في العقوبات، بهدف تشجيع استثمارات جديدة في سوريا، لكن لبيد أعلتن بأن ترامب سيأمر بـ 'إلغاء خطة العقوبات' – أي معظم العقوبات التي فرضتها الإدارات الأمريكية على سوريا منذ 1979، حين صنفت لأول مرة كدولة داعمة للإرهاب. وسيوقع المرسوم الجديد على خلفية الاتصالات لاتفاق أمني بين إسرائيل وسوريا. ورغم أن إسرائيل تستبعد اتفاق تطبيع بسبب إصرار سوريا على انسحاب من هضبة الجولان، فقد أعرب ترامب نفسه مؤخراً عن أمله في انضمام دول أخرى إلى 'اتفاقات إبراهيم' وتعترف بإسرائيل. في مقابلة مع 'فوكس نيوز'، ذكر صراحة رفع العقوبات عن سوريا في هذا السياق، وقال: 'هذا مهم'. ظاهراً، الدولة الأقرب للانضمام إلى اتفاقات إبراهيم هي سوريا. يريد الجولاني استثمارات أجنبية، وإلغاء العقوبات. ويدرك بأن الطريق إلى هناك تمر بالتسويات مع إسرائيل. لن يكون هذا اتفاقاً يتضمن فتح سفارات، بل اتفاق أمني أكثر من أي شيء آخر، نوع من فصل القوات. إسرائيل وسوريا تجريان اتصالات على مستويات عليا. وسبق لرئيس الموساد دادي برنياع أن التقى بالجولاني. كما توجد مشاركة أمريكية في هذه الاتصالات. قد يصل إلى مصالحة نتنياهو والجولاني في ساحة البيت الأبيض أو الأمم المتحدة. وسيعطي الجولاني الشرعية التي يريدها، ويعطي ترامب 'نوبل' التي يتطلع إليها. لن يقبل الجولاني اتفاق سلام لا يتضمن انسحاباً إسرائيلياً من هضبة الجولان، وعليه فإن التفاهمات الأمنية موضع الحديث تتضمن انسحاباً إسرائيلياً من نقاط في الأراضي السورية. حتى الآن، تحفظت إسرائيل عن ذلك، والحديث يجري عن انسحاب متدرج. بالمقابل، تحصل إسرائيل على ضمانات تضمن عملاً سورياً ضد الإرهاب، وإبعاد 3 آلاف من رجال حماس و'الجهاد' موجودين في دمشق، والأهم توقف أي محاولة إيرانية للتموضع في سوريا. لقد دمرت إسرائيل الجيش السوري كله، ومصلحتها أن تكون سوريا-الجولاني دولة مستقرة، لا تسيطر عليها جهات أجنبية كالأتراك، وبالتأكيد الإيرانيون. وحسب منشورات أجنبية، فقد استخدمت إسرائيل المجال الجوي السوري للهجمات في إيران، بحيث توجد الآن تفاهمات مهمة جداً بين الدولتين. يديعوت أحرونوت 1/7/2025


القدس العربي
منذ 3 ساعات
- القدس العربي
عائلات الأسرى: تصريحات ترامب رسالة إلى نتنياهو لإنهاء حرب غزة
القدس: اعتبرت عائلات الأسرى الإسرائيليين في غزة، الثلاثاء، أن تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة تحمل رسالة واضحة لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بأن 'الوقت حان لإنهاء الحرب'. وفي وقت سابق اليوم، قال ترامب للصحافيين بشأن احتمال التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار: 'آمل أن يحدث ذلك، ونحن نتطلع إلى حدوثه في وقت ما من الأسبوع المقبل'. وردا على ذلك، قالت عائلات الأسرى الإسرائيليين في بيان نشرته عبر منصة إكس: 'حين يعرب ترامب عن أمله إعلان وقف إطلاق النار هذا الأسبوع، فإنه يبعث برسالة إلى رئيس الوزراء (نتنياهو) مفادها أن الوقت قد حان لإنهاء الحرب'. واعتبرت العائلات أنه 'حان وقت التحرك الآن'، مؤكدة أنه 'لا ينبغي للجنود (في الجيش الإسرائيلي) أن يدفعوا حياتهم ثمنا لدوافع تافهة' تخص حكومة نتنياهو. وتؤكد المعارضة الإسرائيلية وعائلات الأسرى أن نتنياهو يواصل الحرب استجابة للجناح اليميني الأكثر تطرفا في حكومته، لتحقيق مصالحه السياسية الشخصية، ولا سيما استمراره في السلطة. وتابعت عائلات الأسرى في بيانها: 'المخطوفون (الأسرى الإسرائيليون بغزة) لا يستطيعون الانتظار، ونحن أيضا'. ولفتت إلى أن 'الغالبية العظمى من الإسرائيليين يؤيدون إنهاء القتال (بغزة) وإعادة جميع المخطوفين فورا'. واختتمت العائلات بيانها بالقول: 'ولى زمن الصفقات الجزئية'، بخلاف ما يدفع به نتنياهو. واعتبرت أنه من الناحية الأخلاقية والاجتماعية والإنسانية يجب عدم ترك أحد من الأسرى سواء الأحياء أو الأموات في غزة، داعين إلى إعادة الجميع 'الأحياء لإعادة تأهيلهم، والقتلى لدفنهم في وطنهم'. وتُقدر تل أبيب وجود 50 أسيرا إسرائيليا في غزة، منهم 20 أحياء، بينما يقبع في سجونها أكثر من 10 آلاف و400 فلسطيني يعانون من التعذيب والتجويع والإهمال الطبي، ما أودى بحياة العديد منهم، حسب تقارير حقوقية وإعلامية فلسطينية وإسرائيلية. ومرارا، أعلنت 'حماس' استعدادها لإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين 'دفعة واحدة'، مقابل إنهاء حرب الإبادة، وانسحاب الجيش الإسرائيلي من غزة، والإفراج عن أسرى فلسطينيين، لكن نتنياهو يتهرب بطرح شروط جديدة، بينها نزع سلاح الفصائل الفلسطينية، ويرغب فقط في صفقات جزئية تضمن استمرار الحرب. ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، تشن إسرائيل حرب إبادة جماعية بغزة، تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها. وخلفت الإبادة، بدعم أمريكي، نحو 191 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين بينهم عشرات الأطفال. (الأناضول)