
مسؤولون أميركيون: الجيش الإسرائيلي يعاني نقصا في الأسلحة
نقلت شبكة "إن بي إس" عن مسؤولين أميركيين أن الجيش الإسرائيلي يعاني من نقص في بعض أنواع الأسلحة الرئيسية، وتحديدا الذخائر.
واستقت الشبكة معلوماتها من 3 مسؤولين أميركيين، وأكدت أن تراجع مخزون الجيش الإسرائيلي من بعض أنواع الأسلحة يتزامن مع الوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بعد 12 يوما من الحرب مع إيران والتي شهدت استخدام حجم كبير من الأسلحة.
وأشارت الشبكة إلى أن القائم بأعمال رئيس العمليات البحرية جيمس كيلبي أشار في وقت سابق أمام مجلس الشيوخ إلى أن البحرية الأميركية لديها ما يكفي من الصواريخ الضرورية للدفاع عن إسرائيل، لكن الولايات المتحدة تستخدمها "بمعدل ينذر بالخطر".
وتعتمد إسرائيل بشكل كبير على الدعم الأميركي لتلبية احتياجاتها من الأسلحة والذخيرة منذ انطلاق عدوانها على قطاع غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2023.
ووصلت قبل أسابيع الرحلة رقم 800 ضمن الجسر الجوي الأميركي لتزويد إسرائيل بالأسلحة والذخيرة منذ بداية الحرب على غزة، وفقا لما نقلته وسائل إعلام عن وزارة الدفاع الإسرائيلية.
وبذلك تكون إسرائيل قد حصلت على أكثر من 90 ألف طن من المعدات العسكرية منذ بداية الحرب عبر 800 رحلة جوية ونحو 140 شحنة بحرية، وفقا لمعطيات وزارة الدفاع.
وتشمل تلك المعدات ذخائر ومركبات مدرعة ومعدات حماية شخصية ومعدات طبية وغيرها.
ونقل موقع تايمز أوف إسرائيل عن وزارة الدفاع أن "هذه الشحنات تمثل عنصرا رئيسيا لضمان استمرار عمليات الجيش الإسرائيلي، سواء لتحقيق أهداف الحرب أو لتعزيز الجاهزية والمخزونات".
وتسببت الحرب الأخيرة على إيران في ضغط كبير على مخزونات الأسلحة الإسرائيلية وخاصة ذخائر منظومة آرو الدفاعية المخصصة لاعتراض الصواريخ الباليستية.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 20 دقائق
- الجزيرة
تأثير الهجمات الإسرائيلية على المدنيين والبنية التحتية بإيران
طهران- بعد 12 يوما من المواجهة العسكرية مع إسرائيل -وبدعم مباشر من الولايات المتحدة- دخلت إيران مرحلة "هدنة غير مستقرة" كما يصفها مراقبون. وبينما أعلنت القيادة الإيرانية أن الحرب انتهت بـ"نصر تاريخي" لا تزال أصداء القصف والدمار والهواجس الاقتصادية حاضرة في الشارع الإيراني. وفي أول خطاب له عقب إعلان وقف إطلاق النار، وصف الرئيس مسعود بزشكيان ما حدث بأنه "نصر مرهون بوحدة الشعب وصمود القوات المسلحة". وأكد أن الحرب فُرضت على بلاده بسبب ما سماه "مغامرة صهيونية عدوانية، لكنها انتهت بإرادة الشعب". وأشار بزشكيان إلى أن أهداف هذا الهجوم كانت واضحة وهي استهداف المنشآت النووية ، وزعزعة النظام السياسي، وإثارة اضطرابات اجتماعية، مؤكدا أن "جميعها فشلت". وشدد على ضرورة الحفاظ على "الوحدة الوطنية" قائلا إن "كل ما تحقق من انتصار يعود فضله إلى انسجام الدولة والشعب". من جانبها، ذكرت هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية أن الهجمات الصاروخية الأخيرة و"خاصة القصف الذي استهدف قاعدة العديد الجوية في قطر، كان العامل الحاسم في دفع واشنطن وإسرائيل إلى طلب التهدئة". وأوضحت الهيئة الإيرانية في بيان لها "العدو لم يتوقع هذا الرد الإيراني المباشر، لا من حيث النوعية ولا التوقيت. وقد اضطر الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى مطالبة إيران بوقف إطلاق النار في خطوة وصفتها وسائل الإعلام المحلية بأنها التماس مهين". وقد تباينت مشاعر المواطنين الإيرانيين بعد وقف إطلاق النار، بين فئات عبّرت عن الفخر وارتياحها لما تعتبره "صمودا وطنيا" وأخرى تخشى تداعيات الحرب على الاقتصاد والأمن، في حين أبدت أصوات شكوكا في نوايا إسرائيل بخصوص الهدنة. وقال حسين وهو موظف من تبريز "هذا النصر ثمرة وحدة شعبنا. كانوا يظنون أننا سنتراجع، لكن إيران أثبتت أنها ما زالت قوية". وكذلك عبّرت ليلى (معلمة من طهران) عن ارتياحها، قائلة "منذ أسبوعين تقريبا ونحن مرتعبون من أصوات القصف والدفاعات الجوية. الآن فقط أستطيع أن أتنفس". أما مجتبى (صاحب متجر في شيراز) فأكد أن "الحرب توقفت، لكن الأسعار مستمرة في الارتفاع. أخشى أزمة اقتصادية جديدة بسبب كل ما حدث". وقالت زهراء، طالبة دراسات عليا من أصفهان، إن "الهدنة خطوة جيدة، لكن هل نثق بإسرائيل؟ لا أظن. هذه ليست نهاية القصة". ووفق مصادر رسمية، فإن قوات الحرس الثوري والجيش "ما زالوا على أهبة الاستعداد" ويجري تقييم شامل للأداء القتالي والتنسيق الدفاعي. وشددت مصادر عسكرية على أن إيران "لم تستخدم كل ما في جعبتها" وهي قادرة على "الردع المستدام" في حال تجدد العدوان. خسائر بشرية ومادية وأعادت إيران تأكيد تمسكها ببرنامجها النووي كمسألة "كرامة وسيادة وطنية". وعلى خلفية استهداف مواقع نووية خلال الحرب، صعّد البرلمان الإيراني من موقفه تجاه الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وقال إبراهيم رضائي المتحدث باسم لجنة الأمن القومي "سنرد بحزم في حال أقدم العدو الإسرائيلي على أي عدوان جديد. البرلمان وافق على قرار يلزم الحكومة بتعليق التعاون مع الوكالة (الدولية للطاقة الذرية) ويجب مقاضاة مديرها العام بسبب تقاريره الكاذبة وتجسس بعض مفتشيه على منشآتنا". وفي خضم هذه الحرب التي اندلعت في 13 يونيو/حزيران الجاري، شهدت إيران موجة من الهجمات الجوية والصاروخية استهدفت ليس فقط مواقع عسكرية، بل أيضا مراكز مدنية حساسة مما أدى إلى خسائر بشرية ومادية. وأعلن المتحدث باسم وزارة الصحة أن نحو 90% من الضحايا من المدنيين. وقد تعرض مستشفى فارابي في كرمانشاه لأضرار كبيرة بعد انفجار ناجم عن هجوم على مركز مجاور، أدى لتدمير أجزاء من الأجنحة الطبية، مما تسبب في توقف مؤقت عن استقبال المرضى. كما أُصيب عدد من المرضى والعاملين، وسط استنكار واسع من قبل منظمات حقوقية اعتبرت هذا الهجوم خرقا واضحا لاتفاقيات حماية المنشآت الطبية. وفي سجن إيفين (شمالي العاصمة طهران) أصابت ضربة جوية مدخل السجن وبعض المباني الإدارية، مما أدى إلى أضرار هيكلية وسقوط عدد من الضحايا. ودعت منظمات حقوقية دولية إلى وقف مثل هذه الهجمات التي تنتهك قواعد القانون الدولي الإنساني. وفي إحدى أكثر الهجمات إثارة للجدل، استهدفت ضربات جوية مقر مؤسسة الإذاعة والتلفزيون بطهران، مما أدى لمقتل اثنين من كبار مسؤولي الإعلام وتعطيل بث بعض القنوات الرسمية. وهو ما اعتبرته إيران "محاولة لإسكات صوت المقاومة" بينما رأى محللون أن استهداف الإعلام يمثل تصعيدا في حرب المعلومات. حملة ممنهجة أما في قطاع الطاقة، فقد تعرضت منشآت حيوية في عسلويه (جنوبي إيران) لضربات متكررة، تسببت في اندلاع حرائق كبيرة وأدت إلى انقطاعات في التيار الكهربائي أثّرت على حياة ملايين المواطنين. وتعرض مخزن وقود رئيسي في طهران لهجوم صاروخي أدّى لاندلاع حريق ضخم تسبب في تدمير كميات كبيرة من الوقود مخزنة فيه، كما أدى إلى تعطيل إمدادات الوقود بعدة مناطق حيوية من المدينة، مما أثّر على حركة النقل وتزويد المحطات وفاقم حدة الأزمة الاقتصادية المتفاقمة أصلا جراء الحرب. وأكدت السلطات الإيرانية أن هذا الاستهداف يندرج ضمن حملة ممنهجة لتقويض البنية التحتية الحيوية، في محاولة للضغط على الحكومة والشعب الإيراني. كما نددت به منظمات دولية معتبرة أن استهداف مرافق الطاقة والوقود يشكل انتهاكا لقوانين الحرب التي تحظر ضرب المنشآت المدنية التي تؤثر على حياة المدنيين. ومن جهة أخرى، تعرضت عدة أحياء سكنية شمال طهران وضواحي كرج وأصفهان لقصف صاروخي وطائرات بدون طيار، مما أدى إلى دمار واسع في المنازل وممتلكات المدنيين، وتسجيل عشرات القتلى والجرحى، إضافة لتشريد مئات العائلات، مع ارتفاع حالات النزوح الداخلي وسط موجة من الخوف وعدم الاستقرار. واستهدفت الهجمات أيضا مراكز بحثية وعلمية في ضواحي طهران وأصفهان، حيث لقي ما لا يقل عن 14 عالما وباحثا مصارعهم، بينما تعرضت المختبرات والمرافق العلمية لأضرار كبيرة. وأثارت هذه الخسائر استنكارا واسعا داخل الأوساط العلمية الإيرانية والدولية. وتعرضت مكتبة مركز وثائق الخارجية الإيرانية بالعاصمة لأضرار جسيمة أدت إلى تدمير أرشيفات تاريخية ودبلوماسية "لا تقدر بثمن". وأدانت هذا الهجوم جهات دولية مثل منظمة اليونسكو والاتحاد الدولي لجمعيات المكتبات، معتبرة أن تدمير الممتلكات الثقافية يشكل انتهاكا صارخا لاتفاقيات حماية التراث الثقافي خلال النزاعات المسلحة. ويؤكد خبراء القانون الدولي أن استهداف المرافق المدنية والبنية التحتية الحيوية يُعد خرقا لاتفاقيات جنيف والبروتوكولات الملحقة بها، وقد يرقى إلى مستوى جرائم الحرب، خاصة مع ارتفاع نسبة الضحايا المدنيين. ودعت منظمات حقوقية دولية إلى تحقيقات مستقلة وشفافة للكشف عن ملابسات هذه الهجمات وضمان محاسبة المسؤولين عليها.


الجزيرة
منذ 37 دقائق
- الجزيرة
غزة.. بقلم صحافية!
ليس سهلًا على فتاة اختارت أن تكون قويةً في كل استحقاق أن تكتشف في أعماقها مكامن الخوف التي خلفتها طبول الحرب، التي بقيت تدق على مدى أكثر من عام ونصف. في كل صباح، تدخل مكتبها، تتابع أخبار غزة التي لا تنتهي؛ أحداث حمراء مضرجة بالدماء، ودموع تسيل من الشاشات كأنما هي نهر بلا ضفاف، وعداد يرتفع، ونحيب يعبر من غزة إلى لبنان عبر الأثير، ومنه إلى كل العالم بلا حدود ولا قيود ولا هوامش. خبر عاجل ونشرة أخبار.. قصف مميت يتنقل وبيان إدانة يتيم.. وصاروخ بالستي قادم من اليمن أطلق عليه اسم "فلسطين"، هي وجبة دسمة ليوم طويل، تنتظر أن ينتهي بخبر عاجل تعلن فيه مذيعة شقراء مطبعة نبأ اندحار الاحتلال تنتظر العنوان الساخن من مديرها، وتبتلع الخبر الذي سيتحول بعد قليل إلى نص يحبس أنفاس القراء.. تفكر أنها بحاجة إلى اختيار صورة عميقة بحجم الفاجعة، وجملة افتتاحية تمهد لحكاية موجعة جديدة. تدرك أن الكتابة عن القصف المتواصل والقتل المتواصل باتت عبئًا يتكرر كل يوم، وأن الطفل الذي يصرخ من تحت الركام لن يسكت في ذاكرتها. تسابق الوقت لتنقل التفاصيل، وتخبّئ بين السطور وجعًا شخصيًّا لا يمكن أن يذاع. خبر عاجل ونشرة أخبار.. قصف مميت يتنقل وبيان إدانة يتيم.. وصاروخ بالستي قادم من اليمن أطلق عليه اسم "فلسطين"، هي وجبة دسمة ليوم طويل، تنتظر أن ينتهي بخبر عاجل تعلن فيه مذيعة شقراء مطبعة نبأ اندحار الاحتلال، بعد اقتحام الجيوش العربية كل الحدود، وفك الحصار، ودخول قوافل الصمود، وعودة الأهالي الذين أتعبهم النزوح، وحمل حقائب الذكريات إلى بيوتهم.. لكن النبأ لم يأتت بعد. وبالانتظار.. تقرير واحد كان كفيلًا بأن تنتمي قلبًا وروحًا إلى غزة! هناك ما يقارب 400 تقرير آخر، شاهدت من خلالها جنازات، وتشييعًا، ومآتم لآلاف الشهداء، بحثت مع الأطفال عن ألعابهم التي بترت القذائف أطرافها تحت الركام.. تقارير أدخلتها إلى خيام الهاربين من الموت إلى موت أبشع، عايشت أنين الجائعين الذين يسكنون على قارعة الموت، وهم يزحفون تحت الشمس إلى أقرب تكية.. فتصيبها أصوات أواني الطعام الفارغة بالصداع، وأزيز القصف بالذعر حتى الهذيان من صمت يلف العالم. وما بين تقرير وآخر، تمسك القلم كأنها تمسك نبض المدينة، تتلمس جراحها، تكتب بدمعها، لا بحبر عابر.. تسهر على حروف لا تنام، وتسائل الصور التي تصلها: هل مات هذا الطفل فعلًا؟ هل ستنجو شقيقته من بين الأنقاض؟ هل أكل الأطفال وجبة العشاء؟ ماذا عن محمد وسوسو الصغيرة وريم وليان؟ ماذا عن حجارة غزة وكل ما فيها؟ إعلان وتسأل: كيف صمد هؤلاء كل هذا الوقت؟ كيف ثبتوا زهاء العشرين شهرًا من الألم والمآسي؟! لا بد أن قوةً إيمانيةً عظمى تحرك أرواحهم، وأن نورًا داخليًّا لا ينطفئ يضيء لهم الطريق في ظلام الحرب القاتم. رحلة مؤلمة هي، لكنها مملوءة بالمسؤولية: تشاهد، تنقل، توثق، تحكي، وتعاني معهم.. تحيي بقلمها أو بأزرار هاتفها وبشاشة حاسوبها أصواتهم، وتحاول أن تمنحهم صوتًا آخر في وجه الصمت العالمي، رغم التعب ورغم الألم. لكنها في كل مساء، حين تخلع عنها معطف القوة وتسدل الستائر على يوم آخر من المجازر، تجد نفسها تنهار أمام طفل أضاع أمه، ورضيع لا يجد الحليب، ومريض لم يضمد جرحه بعد، وأم أثكلها الفقد!. هي غزة الألم والأمل.. غزة التي لا تنكسر؛ فعظامها كأغصان زيتون، ودماؤها رائحة غار، وفي قلبها مقام شهيد يحبو نحو الحرية، على ركبتي الزمن.. من الأمس وحتى تختم الرواية!


الجزيرة
منذ 37 دقائق
- الجزيرة
كود الردع: الصراع السيبراني بين إيران وإسرائيل
شهدت الساحة السيبرانية في يونيو/ حزيران 2025 تصعيدًا حادًّا بين إيران وإسرائيل، عكس تحولًا جديدًا في طبيعة الاشتباك غير المعلن بين الطرفين؛ فقد تعرضت هواتف إسرائيلية لاختراق واسع النطاق، فيما اختُرِق البث التلفزيوني الرسمي الإيراني، وتلا ذلك إنذار عاجل بإخلاء مقري قناتي 12 و14 الإسرائيليتين. وفي هجوم آخر، شلّت عملية سيبرانية بنك "سبه" الحكومي في طهران، وقد أعلنت مجموعة تُدعى "العصفور المفترس" مسؤوليتها عنها، مؤكدةً "تدمير كافة بيانات البنك". لا يمكن قراءة هذه الحوادث بمعزل عن السياق الأوسع لصراع طويل الأمد؛ يتجاوز الحدود الجغرافية، ويُخاض عبر كودات وشبكات خفية. هذا الصراع، الذي يُعد نموذجًا أوليًّا لحروب القرن الحادي والعشرين، يختزل في جوهره ما يمكن تسميته بـ"كود الردع". تنشط مجموعات غير رسمية ذات طابع أيديولوجي أو قومي، مثل "حنظلة" و "الشبح العربي" و"عصا موسى"، في تنفيذ عمليات اختراق علنية تتسم بالجرأة والوضوح الإعلامي يشهد الصراع السيبراني بين إسرائيل وإيران تطورًا متسارعًا، يعكس تحوّلًا عميقًا في شكل النزاعات الحديثة، حيث بات الفضاء السيبراني لا مجرد ساحة خلفية للمواجهة، بل ميدانًا رئيسيًّا يؤثر في ميزان القوى ويعيد تعريف مفاهيم الردع والسيادة. لم يعد اختراق البنية التحتية أو تعطيل شبكة كهرباء أو تسريب بيانات، مجرد حوادث منفصلة، بل تحوّلت إلى أدوات إستراتيجية تُستخدم بوعي بالغ لإعادة تشكيل قواعد الاشتباك الإقليمي، من دون اللجوء إلى الحرب التقليدية. يعتمد النموذج الإيراني في هذا الصراع على بنية مرنة ومتشعبة، تستند إلى ما يمكن وصفه بـ'اللامركزية المنظمة'، حيث تتداخل الأذرع الرسمية مع الجهات غير الرسمية في شبكة عمل منسقة، تُخفي آثارها ضمن الضجيج الرقمي العالمي. الفرق الحكومية، مثل APT34 وAPT39، تؤدي أدوارًا استخباراتية طويلة المدى، تستهدف البنية المعلوماتية للخصوم، وتعمل على بناء قواعد بيانات متقدمة حول الأهداف الإستراتيجية. في الوقت ذاته، تنشط مجموعات غير رسمية ذات طابع أيديولوجي أو قومي، مثل "حنظلة" و "الشبح العربي" و"عصا موسى"، في تنفيذ عمليات اختراق علنية تتسم بالجرأة والوضوح الإعلامي. هذه المجموعات لا تحرص على الإخفاء بقدر ما تسعى إلى إرسال رسائل مباشرة، سواء عبر تلغرام أو عبر تسريبات على مواقع مفتوحة، ما يضيف بُعدًا نفسيًّا للهجمات، ويخلق حالة من القلق العام داخل الدولة المستهدفة. طبيعة هذه الجماعات تُتيح لإيران هامش مناورة كبيرًا؛ فهي تنفي رسميًّا علاقتها بها، لكنها في الواقع تستفيد منها سياسيًّا وأمنيًّا، وتوظفها في حروب رمادية يصعب تتبع مصدرها بدقة. هذا النمط من الهجمات يجعل من الصعب تحميل المسؤولية لأي جهة محددة، ويفتح المجال أمام ما يشبه 'الاشتباك المستدام' دون عتبة صريحة للحرب. على الجانب الآخر، تتبنى إسرائيل نهجًا شديد المركزية والانضباط، يعتمد على بنى أمنية عالية التنظيم والتقنية، تتصدرها 'الوحدة 8200'، المعروفة بكونها واحدة من أرفع وحدات الاستخبارات السيبرانية عالميًّا. العمليات الإسرائيلية غالبًا ما تُنفَّذ في صمت، وتُصمم لتكون دقيقة وفعّالة، وتُدار وفق أهداف إستراتيجية بعيدة المدى، ليس فقط لإحباط مخططات آنية، بل لتقويض القدرة المستقبلية للخصم على العمل. الهجمات المنسوبة إلى إسرائيل عادة ما تتسم بالطابع النوعي، مثل اختراق أنظمة التحكم الصناعية، أو تعطيل الشبكات النووية، أو ضرب مراكز اتصالات حرجة في عمق الأراضي الإيرانية. تبرز "دودة ستوكسنت" بوصفها العلامة الفارقة في هذا المسار؛ فهي لم تكن مجرّد هجوم سيبراني، بل سابقة نوعية غيّرت وجه الحروب الرقمية. القدرة على إلحاق ضرر مادي ببنية نووية من خلال كود رقمي وحده، دون أي تدخل ميداني، أعادت تعريف معنى السلاح، وكسرت المعادلة التقليدية التي تربط الأثر العسكري بالقوة النارية. لقد فتحت "ستوكسنت" الباب أمام عصر جديد، يمكن فيه لدولة أن تعطل مشروعًا إستراتيجيًّا معاديًا وهي لا تزال خارج دائرة الاتهام الرسمي، بل وقد تظل غير مرئية بالكامل. بعد تصاعد التوتر في مناسبات متتالية، خاصة بعد عملية 'الأسد الصاعد'، أصبح الصراع السيبراني أكثر جرأة واستهدافًا للبنية الداخلية للدولة. محاولات تعطيل نظام 'تسوفار'، المعني بإنذار السكان في حالات الطوارئ، وكذلك استهداف البنية الإعلامية وشركات الطاقة، كل ذلك يشير إلى تحول نوعي في تفكير الفاعلين السيبرانيين: لم يعد الهدف فقط تجميع المعلومات أو استنزاف موارد الخصم، بل التأثير في القدرة على إدارة الدولة ذاتها في لحظات الأزمات، ما يعني أن السيبرانية أصبحت أداة لـ'تعطيل الدولة' وليس فقط إرباكها. وعلى خط موازٍ، أصبحت الحرب السيبرانية أيضًا قناة لحرب نفسية مديدة. تقوم إيران، وفق نمط متكرر، باختراق قواعد بيانات وشركات إسرائيلية، ثم تسريبها مع تعليقات دعائية تهدف إلى زعزعة ثقة الجمهور بقيادته، وإظهار هشاشة منظومته الأمنية. تستخدم في ذلك أدوات متطورة: روبوتات اجتماعية، وحملات مدفوعة بالذكاء الاصطناعي، ونشر منظم للروايات المضللة. والهدف ليس التأثير الآني فقط، بل نحت صورة نفسية طويلة الأمد مفادها أن الخصم مخترَق وضعيف، حتى وإن لم تسقط عليه قذيفة واحدة. تشهد الساحة السيبرانية حاليًّا سباقًا محمومًا نحو تطوير "أسلحة سيبرانية- جيل رابع" تعتمد على الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي، ما يضيف طبقات جديدة من التعقيد لمعادلة الردع. كما برزت ظاهرة "الوكلاء السيبرانيين" كعنصر محوري في إستراتيجية التصعيد المحدود، حيث تتيح للدول تنفيذ عمليات معقدة مع الحفاظ على قابلية الإنكار. يشكل الصراع السيبراني بين إيران وإسرائيل نموذجًا أوليًّا لشكل جديد من أشكال التنافس الجيوسياسي، حيث تتحول الأصفار والآحاد إلى عملة جديدة للقوة والنفوذ الإشكال الأكبر، الذي يُضفي على هذا الصراع بعدًا غير تقليدي، هو غياب أية قواعد دولية ناظمة.. لا توجد اتفاقيات تحدد ما يشكّل "عدوانًا سيبرانيًّا"، ولا آليات محاسبة فعالة، ولا خطوط حمراء مُعترف بها عالميًّا. وهذا ما يجعل من الفضاء السيبراني منطقة شبه خارجة عن القانون، تُمارس فيها الدول ما تشاء، طالما أنها لا تُمسك متلبسة. هذا الغموض القانوني يوفر غطاءً مثاليًّا لكل من يريد أن يضرب خصمه دون أن يتحمل كلفة سياسية مباشرة، ويُغري بالمزيد من التصعيد التدريجي الذي يراكم التوتر دون أن يفضي بالضرورة إلى الحرب، لكنه في الوقت ذاته يقربها باستمرار. البعد السيبراني بات يضاف إلى عنصر مركزي في معادلة الردع، يكمّل القوة العسكرية، ويتجاوزها في بعض الحالات؛ فبينما تحتاج الصواريخ والطائرات إلى إذن سياسي وكلفة دبلوماسية، فإن الهجمات السيبرانية يمكن أن تُنفَّذ دون ضجيج، وتُحدث أثرًا بالغًا دون الحاجة إلى إعلان حالة حرب. وقد بات واضحًا أن كل طرف من الطرفين، إيران وإسرائيل، يعمل بوتيرة متسارعة على تعزيز ترسانته السيبرانية الهجومية والدفاعية، باعتبار أن الجولة القادمة من الصراع قد لا تُحسم في الجو أو البحر، بل في أعماق الكود، ومن خلال شبكات لا تُرى، لكنها تصوغ ملامح الأمن الإقليمي بعمق لا يقل عن أي معركة في الميدان. ختاماً، يشكل الصراع السيبراني بين إيران وإسرائيل نموذجًا أوليًّا لشكل جديد من أشكال التنافس الجيوسياسي، حيث تتحول الأصفار والآحاد إلى عملة جديدة للقوة والنفوذ. هذا التحول لا يعيد تعريف أدوات الردع فحسب، بل يطرح إشكاليات عميقة حول طبيعة الأمن القومي في القرن الحادي والعشرين. ويعكس في الوقت ذاته نموذجًا جديدًا للصراع، يتسم باللامركزية والغموض وعدم التماثل، يجسد ما يمكن تسميته "كود الردع" في العلاقات الدولية المعاصرة.