
إنقاص الوزن السريع: ما الذي لا يخبرنا به "فم أوزمبك"؟
كثيرون هم من يحلمون بإنقاص أوزانهم والحصول على قوام ممشوق. لكن هذا الحلم يبدو في كثير من الأحيان صعب المنال لما يتطلبه من مثابرة وانضباط. وفي عصر تتسم وتيرته بالتسارع، وتنتشر فيه الحلول الفورية والسهلة، ربما تبدو الحميات التقليدية والرياضة طرقا شاقة، ولا سيما مع إغراءات الوجبات السريعات وقضاء ساعات طويلة أمام شاشات الكمبيوتر والهواتف الذكية.
ومع التطورات العلمية والتقنية تبرز طرق جديدة تعد بتقديم حل سحري: أدوية تعد بنتائج سريعة، وأنظمة غذائية صارمة تختزل المسافة. وفي خضم هذا الهوس بالنحافة، تظهر مصطلحات "ترند" تطالعنا بها وسائل الإعلام ومنصات التواصل الإعلامي مثل "فم أوزمبك" (Ozempic Mouth) لتكشف لنا جانبا آخر من القصة، هو الآثار الجانبية للنتائج السريعة.
فما هو "فم أوزمبك"؟ وهل تقتصر الآثار الجانبية لفقدان الوزن السريع على المظهر، أم تشمل أيضا مخاطر صحية محتملة.
"فم أوزمبك" و"وجه أوزمبك"
أوزمبك هو الاسم التجاري لعقار يحتوي على مادة فعالة تسمى سيماغلوتايد (semaglutide)، وهو عبارة عن حقن أو أقراص توصف بالأساس لمرضى النوع الثاني من مرض السكري وفي بعض الأحيان لمن يعانون من السمنة. وينتمي العقار إلى فئة من الأدوية تعرف باسم أدوية جي. إل.بي-1(GLP-1) التي تعمل من خلال محاكاة تأثير هرمون جي.إل.بي-1 الذي ينظم السكر في الدم ويتحكم في الشهية ويبطئ من عملية الهضم.
وقد حظيت تلك الأدوية بشعبية كبيرة في الأعوام الأخيرة، ولا سيما بعد أن تحدث مشاهير عن اللجوء إليها لإنقاص أوزانهم – حتى ولو كان بعضهم لا يعاني من السمنة.
و"فم أوزمبك"، أو "وجه أوزمبك" كما كان يشار إليه سابقا، هو مصطلح تستخدمه وسائل الإعلام بالأساس للإشارة إلى التغيرات التي تطرأ على الوجه، وخصوصا حول الفم، والتي تصاحب فقدان الوزن السريع الذي تتسبب فيه أدوية جي.إل.بي-1 مثل أوزمبيك أو ومنجارو أو ويغوفي. هذه التغييرات تشمل ظهور التجاعيد والخطوط وترهل الجلد وإعطاء مظهر غائر أجوف للخدين أو العينين.
يقول الدكتور أندرو كرنوهان استشاري الغدد الصماء ومدير عيادة The Weight Loss Medics لـ بي بي سي عربي إن ذلك "يشكل مصدرا حقيقيا للقلق لبعض الأشخاص. ويحدث ذلك بسبب فقدان الدهون تحت الجلد في منطقة الوجه".
ما المعدل الآمن والمستدام لنقصان الوزن؟
يقول الدكتور كرنوهان إن فقدان "نصف كيلو غرام إلى كيلوغرام واحد في الأسبوع يعد معدلا آمنا ومستداما. ولكن بالنسبة للأشخاص الذين بدأوا لتوهم في فقدان الوزن، فإن معدلا أسرع قليلا في الأسابيع القليلة الأولى يعد مقبولا".
ويضيف أن تخطي المعدل المشار إليه بعد الشهرين الأولين يعد بشكل عام أسرع مما ينبغي، ويشير إلى أن "اتباع نهج فردي يأخذ بعين الاعتبار الإنفاق الطاقي الكلي والعجز في السعرات الحرارية وتركيبات العناصر المغذية الصغرى والكبرى من الممكن أن يسهم بشكل أفضل في توجيه القرارات العلاجية ومنع فقدان الوزن السريع وما يرتبط به من مخاطر".
مخاطر صحية
بالتأكيد فقدان الوزن بسرعة سيشكل مصدر سعادة لمن يتناولون تلك العقارات أو يتبعون حمية صارمة لا تسمح لهم سوى بعدد صغير جدا من السعرات الحرارية. لكن المشكلة أن الخسارة السريعة للوزن تصاحبها آثار سلبية أخرى محتملة لا تقتصر فقط على التغيرات الشكلية التي يشير إليها مصطلح "وجه أوزمبك". تشمل تلك الآثار، وفق الدكتور كرنوهان:
وفي حين يقول الدكتور كرنوهان إنه شهد هذه الآثار الجانبية لدى أشخاص يتعاطون عقاقير جي إل بي-1، فإنه يشدد على أنه "من الصعب للغاية تحديد إلى أي مدى كان السبب في هذه المشكلات فقدان الوزن السريع في حد ذاته أم تلك العقاقير".
ولكن تنبغي الإشارة إلى أن ثمة أعراض جانبية مرتبطة بتعاطي حقن إنقاص الوزن على وجه الخصوص، أكثرها شيوعا الدوار والقيء والانتفاخ والإمساك والإسهال. بالنسبة لكثيرين، تتوقف هذه الأعراض مع مرور الوقت، لكن بعضهم يقولون إنهم كفوا عن تعاطيها بسبب تلك الأعراض. ويحذر الخبراء من أن التعقيدات الناتجة عن تعاطي تلك الحقن قد تكون أسوأ في حال سوء استخدامها، على سبيل المثال عندما تؤخذ بدون استشارة الطبيب أوتُشترى عبر الإنترنت من مواقع غير مرخصة ولا تخضع للرقابة.
فقدان الدهون مقابل فقدان العضلات
الوزن الذي نفقده، سواء باتباع حمية غذائية أو عن طريق الأدوية، عادة ما يكون بالأساس مزيجا من الدهون وكتلة العضلات والماء، فضلا عن بعض المكونات الأخرى.
يقول الدكتور كرنوهان إنه "وفق غالبية الدراسات، يشكل فقدان العضلات حوالي 25 في المئة من الوزن المفقود، سواء عن طريق الحمية أو أدوية جي. إل. بي-1. في الأسابيع الأولى من فقدان الوزن، يشكل الماء نسبة أعلى من الوزن المفقود. سبب ذلك على الأرجح هو استنفاد مخزون الغلايكوجين".
والغلايكوجين هو نوع من الكربوهيدرات يوصف بـ "النشا الحيواني"، ويتكون من جزيئات عديدة من الغلوكوز. يوجد الغلايكوجين بالأساس في الكبد والعضلات، وينتقل إلى الدم عندما يكون الجسم بحاجة إلى الطاقة بشكل سريع – على سبيل المثال أثناء ممارسة التمرينات الرياضية أو بين الوجبات.
وفقدان كتلة العضلات قد يشكل خطرا على الصحة العامة، إذ يؤدي إلى إضعاف القوة البدنية والقدرة على أداء المهام والوظائف ويبطئ معدل الأيض ويزيد من مخاطر التعرض للسقوط والإصابات والكسور.
يقول كرنوهان إنه "من خلال التركيز على كميات كافية من الماء والأطعمة الغنية بالبروتين والكثير من الخضروات والفواكه الطازجة، فضلا عن ممارسة التمرينات الرياضية، من الممكن تخفيف مخاطر فقدان العضلات. ينبطق ذلك على أي استراتيجية ناجحة لإنقاص الوزن، لكن المخاطر قد ترتفع مع تعاطي أدوية جي إل بي-1 ببساطة لأنها أكثر فاعلية في كبح الشهية".
وفيما يتعلق بفقدان الدهون أسفل الجلد، تقول أخصائية التغذية بريدجيت بنيلام إنه "قد لا يكون من الممكن تفادي بعض المشكلات مثل التجاعيد أو ترهل الجلد عند فقدان كمية كبيرة من الوزن، لا سيما عندما يتم ذلك بسرعة".
بعض الأشخاص يتناولون مكملات الكولاجين لتحسين مظهر البشرة وتقليل التجاعيد، ورغم أن هناك بعض الدراسات التي تشير إلى ان تلك المكملات قد تكون مفيدة لصحة الجلد والبشرة، إلا أن الكثير من الخبراء والهيئات الصحية، ومن بينها هيئة سلامة الغذاء الأوروبية، يرون أن ثمة حاجة إلى المزيد من البحث في هذا المجال وأنه لا يوجد حتى الآن أدلة علمية كافية على تلك الفوائد.
كيف نحمي صحتنا خلال إنقاص الوزن؟
يشدد الدكتور كرنوهان على أهمية فقدان الوزن الآمن والمستدام وتفادي فقدان الوزن السريع.
بالنسبة للأشخاص الذين يتناولون عقاقير جي.إل.بي-1، يقول كرنوهان إنه يوصيهم بإجراء "تغييرات مستدامة في النظام الغذائي والتمرينات الرياضية، مع التأكيد على أهداف يتم الاتفاق عليها مع المرضى، وتوضيح المخاطر المرتبطة بفقدان الوزن بمعدل سريع للغاية. إذا ما حدث فقدان الوزن بسرعة مفرطة، فإنني غالبا ما أنصح بتقليل جرعة أدوية التخسيس مع تقديم نصائح تتعلق بالنظام الغذائي ونمط الحياة".
اتباع أنظمة غذائية تشمل تخفيض السعرات الحرارية بشكل كبير ينبغي أن يكون "تحت إشراف أخصائيي تغذية مؤهلين لضمان تلبية احتياجات الجسم من العناصر الغذائية"، وفق بنيلام، التي تضيف أن ذلك قد يشمل "إعطاء إرشادات لاختيار أطعمة غنية بالعناصر الغذائية، بالإضافة إلى نصائح حول تناول المكملات الغذائية أو الأطعمة المدَعّمة للوفاء بالاحتياجات الغذائية".
في سباق إنقاص الوزن، أحيانا يكون من السهل التركيز على ما تعكسه المرايا – لا سيما مع تركيز وسائل الإعلام ووسائل التواصل على مصطلحات تلفت الانتباه من قبيل "فم أوزمبك" أو "وجه أوزمبك". لكن مظاهر الصحة الجيدة ليست دائما مرئية. ففقدان الوزن السريع قد يكون له ثمن صحي يدفعه الجسم على المدى الطويل.
ورغم أن رحلة إنقاص الوزن يمكن أن تحقق الكثير من الفوائد الصحية مثل تقليل خطر الإصابة بالنوع الثاني من مرض السكري ومرض القلب وارتفاع ضغط الدم، فضلا عن تحسين صحة المفاصل، إلا أنها ليست مقاسا واحدا يناسب الجميع، فكل جسم يستجيب بطريقة مختلفة. لذا تظل استشارة الأطباء والمتخصصين المؤهلين خطوة ضرورية لضمان أن يكون المسار آمنا ومستداما.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


BBC عربية
منذ 7 ساعات
- BBC عربية
لماذا يُعدّ صعود السلالم مفيداً لجسمك وعقلك؟
مع أن استخدام المصعد أو الدرج الكهربائي قد يكون مغرياً، إلا أن صعود بضع درجات يومياً قد يُحسّن صحتك وعقلك. كانت الرحلات الاستكشافية شاقة للغاية. ففي أقل من 23 ساعة، في 3 سبتمبر/ أيلول 2021، صعد شون غريسلي ونزل 8849 متراً (29.032 قدمًا)- وهي مسافة كانت ستوصله إلى قمة أعلى جبل على وجه الأرض. في النهاية، كان يتصبب عرقاً وبالكاد يستطيع المشي. وقد فعل كل ذلك في منزله المريح نسبياً. يحمل غريسلي الرقم القياسي العالمي لأسرع وقت للصعود والنزول على السلالم لارتفاع يساوي تماماً ارتفاع جبل إيفرست، وقد تمكن من تحقيق ذلك في 22 ساعة و57 دقيقة وثانيتين. وبينما حقق غريسلي هذا الإنجاز على درج منزله في لاس فيغاس، هناك متسلقون آخرون يأخذون رياضة تسلق السلالم إلى مستوى آخر شديد الصعوبة. على سبيل المثال، يتضمن التسلق الجري في الأبراج وصعود سلالم هائلة داخل مبانٍ وناطحات سحاب شهيرة. حتى أن هناك جمعية للجري في الأبراج وتصنيفاً عالمياً رسمياً للجري في الأبراج، للنخبة من الرياضيين، مخصصاً لهذه الرياضة غير التقليدية. ومن غير المرجح أن يصل معظمنا إلى مثل هذه الارتفاعات المذهلة، ومع ذلك، قد يكون صعود بضع درجات في حياتنا اليومية أمراً نطمح إليه. ووفقاً للأبحاث، يمكن أن يكون لصعود السلالم فوائد مذهلة لصحتك البدنية وعقلك دون الحاجة إلى الاندفاع وصعود درجتين في المرة الواحدة أو تحطيم الأرقام القياسية. فقد وُجد أن صعود السلالم يُحسّن التوازن ويُقلل من خطر السقوط لدى كبار السن، ويُحسّن قوة الجزء السفلي من أجسامهم. كما وجدت دراسات أخرى أن صعود بضع درجات يمكن أن يؤثر إيجاباً على قدراتنا المعرفية، مثل حل المشكلات والذاكرة القوية، وربما التفكير الإبداعي. وباعتباره شكلاً من التمارين الرياضية "منخفض التأثير"، فإن قضاء أوقات قصيرة في صعود الدرج يمكن أن يساعد في تحسين اللياقة القلبية التنفسية وتقليل خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية. ويمكن أن تعادل النتائج الإيجابية وتحسن اللياقة الهوائية الناتجة عن صعود الدرج في المنزل تلك المكتسبة باستخدام أجهزة الدرج في صالة الألعاب الرياضية. إن هذا التسلق والقوة المكتسبة ببساطة هو أعظم مزايا صعود الدرج. فالسلالم موجودة في كل مكان- نصادفها في المنزل والعمل والأماكن العامة. إن اختيار صعود الدرج بدلاً من القفز على السلم المتحرك أو ركوب المصعد يوفر لنا شكلاً عرضياً من التمارين الرياضية التي يمكن أن يكون لها تأثير كبير على صحتنا. يقول أليكسيس ماركوت-شينارد، الباحث بعد الدكتوراه في صحة القلب والرئة والأوعية الدموية بجامعة كولومبيا البريطانية في كيلونا، كندا: "إنه تمرين يمكن للجميع تقريباً القيام به لأنه متاح لهم، ويمارسونه يومياً". يبحث ماركوت-شينارد في كيفية استخدام التمارين الرياضية والتغذية للحد من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، بما في ذلك آثار "وجبات من التمارين الخفيفة"- وهي فترات قصيرة ومتباعدة من النشاط البدني المكثف لمدة دقيقة واحدة أو أقل، وتُمارس على مدار اليوم. ويقول إن صعود السلالم يُعدّ وجبة خفيفة واعدة لممارسة التمارين الرياضية، إذ يُمكن تعديل صعوبتها بسهولة من خلال تغيير وتيرة أدائها، ولا تتطلب معدات معقدة أو تكلفة باهظة. يقول أليكسيس "عندما تستخدم وجبات التمارين الخفيفة، لا تحتاج إلى أي معدات متطورة، يمكنك ببساطة استخدام جسمك، يمكنك استخدام السلالم. وإذا كنت تمارس نشاطاً بدنياً على مدار اليوم، فلن تحتاج إلى تخصيص ساعة للتمرين". وتشهد الأبحاث المتعلقة بوجبات التمارين الخفيفة، المعروفة أيضا باسم "snacktivity" أو "VILPA" (نشاط بدني مكثف متقطع)، تزايداً في الوقت الذي يبحث فيه الباحثون عن أفضل حل رياضي لمكافحة العادات المستقرة والخمول البدني، الذي يُعرّض حالياً ما يقرب من 1.8 مليار بالغ حول العالم لخطر الإصابة بالأمراض. لكن ما الذي يجعل صعود السلالم تمريناً بدنياً فعالاً لهذه الدرجة؟ أولاً، يُعد صعود السلالم طريقة سهلة لرفع معدل ضربات القلب، وهو جزء مهم من الحصول على فوائد فسيولوجية. لكن لصعود السلالم فوائد فريدة مقارنةً بأنواع التمارين الأخرى. يقول ماركوت-شينارد: "إنه يزيد من معدل ضربات القلب واستهلاك الأكسجين أكثر من المشي السريع لمجرد أنه يصعب مقاومة الجاذبية. ثم، إذا تحدثنا عن العضلات، فهي في الغالب الجزء السفلي من الجسم، ونحن نعلم أن قوة الجزء السفلي من الجسم مؤشر جيد على الصحة العامة وطول العمر". ويمكن لصعود السلالم أن يزيد من حجم عضلات الفخذ وقوتها، كما يتطلب استخدام عضلات البطن للثبات عند الصعود. وقد لا تحتاج حتى إلى الركض على الدرج للحصول على الفوائد. في حين أن القفز خطوتين (أي درجتين) في كل مرة قد يكون أكثر صعوبة، ويتطلب جهداً أكبر من العضلات المحيطة بالكاحل والركبة، إلا أن الأبحاث منقسمة حول ما إذا كان صعود درجة واحدة في كل مرة يحرق سعرات حرارية أكثر. وهناك سبب آخر لاختيار صعود الدرج بدلاً من جهاز الدرج في صالة الألعاب الرياضية، وهو النزول. تنقبض عضلات مقدمة فخذيك بطريقتين مختلفتين: عند صعود الدرج، تقصر، وتُعرف باسم الانقباضات المركزية، وعند نزول الدرج، تطول، وتُعرف باسم الانقباضات اللامركزية. وعلى الرغم من أن الانقباضات المركزية تتطلب المزيد من الأكسجين، وتحرق سعرات حرارية أكثر أثناء التمرين نفسه، وتُعتبر أكثر صعوبة، إلا أن تكرار الانقباضات اللامركزية يُرجح أنها تُؤدي إلى نمو عضلي أكبر وأقوى. وذلك لأن الانقباضات اللامركزية تُسبب تلفاً عضلياً أكبر أثناء التمرين، وبالتالي تُحرق سعرات حرارية أكثر على المدى الطويل أثناء الإصلاح والتعافي. ولا تقتصر الفوائد على عضلات الفخذين فحسب، فقد وجد الباحثون أن صعود الدرج يُؤدي إلى تحسينات مذهلة في القدرات الإدراكية. في الجهة المقابلة، يبحث أندرياس ستينلينغ، الأستاذ المشارك في علم النفس بجامعة أوميا، في السويد، بشكل أساسي في العلاقات طويلة المدى بين النشاط البدني والصحة. وقد درس هو وزملاؤه الآثار المباشرة لصعود الدرج على القدرات الإدراكية المختلفة لدى الشباب. يرتبط صعود أكثر من خمسة طوابق من السلالم يومياً بانخفاض خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية التصلبية. يقول ستينلينغ: "كان التثبيط والتبديل هما الوظيفتين الإدراكيتين الرئيسيتين اللتين ركزنا عليهما هنا". ويضيف: "التبديل الإدراكي، الذي يُسمى أحياناً المرونة العقلية، هو مدى سهولة قدرتنا على التبديل بين المهام الإدراكية. أي الانتقال من مهمة إلى أخرى دون الحاجة إلى إعادة ضبط إدراكك، إن صح التعبير. أما التثبيط فهو حجب المعلومات غير ذات الصلة أثناء الانخراط في المهمة". ويوضح ستينلينغ أننا نعلم أن هذه الوظائف الإدراكية مهمة للتعلم، ومهام الكلمات المعرفية، والتفكير المجرد، والقدرة على تركيز الأفكار على شيء واحد. وقد وجد ستينلينغ وزملاؤه أن تمرين صعود الدرج قد حسّن بشكل ملحوظ قدرات المشاركين على "التبديل"، والتي تُعتبر أيضاً أصعب المهام الإدراكية التي جرى اختبارها. كما اختبروا تغيرات المزاج، ووجدوا أن المشاركين شعروا بسعادة ونشاط أكبر بعد صعود الدرج. كما وجدت دراسة أخرى نشرها باحثون في كلية الدراسات العليا للطب بجامعة ياماغوتشي في اليابان أن الأشخاص الذين صعدوا طابقين من السلالم أظهروا تركيزاً أكبر في حل المشكلات مقارنةً بمن استخدموا المصعد. ومن المثير للاهتمام، أنه لم يُلاحظ أي تحسن في حل المشكلات عند صعود خمسة أو ثمانية طوابق من السلالم، مما يشير إلى أن التأثير لا يعتمد على عدد الدرجات. كما وجدت دراسة أخرى أجرتها المجموعة نفسها أن النزول إلى الطابق السفلي أدى إلى زيادة في التفكير الإبداعي، حيث ولّدت أفكاراً أصلية أكثر بنسبة 61 في المئة من أولئك الذين استخدموا المصعد. لذا، إذا كنت تبحث عن دفعة من الإلهام لحل مشكلة تحاول حلها، فقد تكون رحلة سريعة إلى الطابق السفلي والعودة كافية. وهناك اهتمام كبير بالآليات التي تربط بين التمارين الرياضية والفوائد المعرفية، ولكن لا توجد أبحاث قاطعة كافية. ومع ذلك، يشير ستينلينغ إلى أن هذه التحسينات قد تكون مرتبطة بالجهاز القلبي الوعائي وزيادة تدفق الدم إلى الدماغ، بالإضافة إلى هرمونات النمو مثل عامل التغذية العصبية المشتق من الدماغ (BDNF)، والتي يبدو أنها تتأثر بسرعة بالتمارين الرياضية بشكل عام. ويحرص الباحثون، بمن فيهم ستينلينغ، على استكشاف ما إذا كانت هناك أي آثار متأخرة لصعود السلالم. إذ تركز معظم الدراسات على الآثار المعرفية فور صعود بعض السلالم. ومع ذلك، وجدت دراسة حديثة أن صعود السلالم يُحدث بعض التحسن في الذاكرة، ويستمر تأثيره حتى اليوم التالي عند اقترانه بنوم جيد. ولكن في حين أن مفهوم المشي 10,000 خطوة يومياً راسخ في أذهان الناس كمعيار لممارسة الرياضة يومياً، فهل هناك هدف مماثل ينبغي أن نستهدفه فيما يتعلق بصعود السلالم؟ قبل أن نجيب عن هذا السؤال، ربما تجدر الإشارة إلى أن عدد الخطوات البالغ 10,000 خطوة لا يستند إلى أساس علمي قوي، وتشير بعض الدراسات إلى أن الفوائد تميل إلى الثبات بعد حوالي 7,500 خطوة. وفي الواقع، يعود الرقم الأكثر شهرة إلى حملة إعلانية تزامنت مع دورة الألعاب الأولمبية في طوكيو عام 1964، والتي انطلقت لأن الرقم 10,000 في اللغة اليابانية (万) يُشبه الشخص الذي يمشي. كما أن الأبحاث شحيحة أيضاً فيما يتعلق بتحديد هدف لصعود السلالم. لكن الدراسات الموجودة تشير إلى أن صعود أكثر من خمسة طوابق من السلالم يومياً (ما يعادل 50 درجة سُلم) يرتبط بانخفاض خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية التصلبية (ASCVD)، وهو تراكم اللويحات في الشرايين. ويشعر ماركوت-شينارد وزملاؤه بالتفاؤل بأن الوجبات الخفيفة المرتبطة االتمارين الرياضية، وتحديداً صعود السلالم، يمكن أن توفر حلاً جيداً للتخلص من العادات السيئة في العمل. ففي دراسة لتقييم الاستجابات النفسية لموظفي المكاتب الذين يمارسون صعود السلالم في مكان العمل، وجد ماركوت-شينارد وزملاؤه أن 71 في المئة من الموظفين يفضلون تناول عدة وجبات خفيفة صغيرة مرتبطة بالتمارين الرياضية، وصعود 60 درجة في ثلاث جلسات مختلفة، على جلسة تدريب مكثفة واحدة (HIIT) تتضمن صعود 60 درجة ثلاث مرات في جلسة واحدة. يقول ماركوت-شينارد "بالنسبة للمشاركين، من الأسهل عليهم صعود ونزول الدرج مرة واحدة فقط والعودة للجلوس". "وبسبب توزيعه على مدار اليوم، يبدو أن الناس يستمتعون به أكثر بقليل مما لو مارسوه في جلسة واحدة". وتُعد دراسة الباحثين فريدة من نوعها لكونها أُجريت خارج المختبر، ما قد يشير إلى أن البحث أكثر قابلية للتطبيق على أرض الواقع. ولا تُجمع جميع الأبحاث على أن صعود الدرج في المنزل هو الحل، إذ يُشير البعض إلى أنه نشاط بدني غير كافٍ لتقليل خطر الوفاة بأمراض القلب والأوعية الدموية والوفاة المبكرة. بالإضافة إلى ذلك، قد يجد المصابون بهشاشة العظام في الركبة أن صعود الدرج مُرهق. حتى أن الدراسات القائمة على الملاحظة تُشير إلى أن بعض الفئات السكانية، مثل الإناث والأشخاص الذين يعانون من زيادة الوزن، أقل ميلاً لاستخدام الدرج عندما يتوفر بديل. ولكن بالنسبة لأولئك القادرين على صعود الدرج، فإن اختياره بدلاً من المصعد الكهربائي قد يكون طريقة رائعة لممارسة بعض التمارين الرياضية العرضية التي تُفيد الجسم والعقل. "نراكم في الأعلى".


Reuters عربية
منذ 18 ساعات
- Reuters عربية
زيادة حالات الحصبة في تكساس بواقع 9 إلى 738
30 مايو أيار (رويترز) - أعلنت الإدارة الصحية في ولاية تكساس الأمريكية اليوم الجمعة تسجيل 738 حالة إصابة بالحصبة في المجمل بالولاية، بزيادة تسع حالات منذ آخر تحديث لها يوم الثلاثاء الماضي. وتواجه الولايات المتحدة واحدة من أسوأ موجات تفشي الحصبة على الإطلاق، حيث تم الإبلاغ عن أكثر من ألف حالة إصابة لأول مرة منذ خمس سنوات وثلاث وفيات مؤكدة. وأفادت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها بوجود 1088 حالة مؤكدة حتى يوم أمس 29 مايو أيار. وحث الخبراء مسؤولي الصحة العامة على ضمان موافقة عاجلة على اللقاحات عالية الفاعلية ضد مرض الحصبة. ومع ذلك، أظهر انتشار العدوى المحمولة جوا علامات تباطؤ خلال الأسبوعين الماضيين. وذكرت إدارة خدمات الصحة في ولاية تكساس أن عدد الإصابات في مقاطعة جينز، مركز تفشي المرض في تكساس، ارتفع حالة واحدة أخرى منذ آخر إفادة، ليصل الإجمالي إلى 409 حالات. وظلت الحالات التي أبلغت عنها إدارة الصحة في نيو مكسيكو دون تغيير عند 79 حالة.


BBC عربية
منذ يوم واحد
- BBC عربية
زراعة الوجه.. كيف تطوّرت هذه العملية لتصبح أكثر نجاحًا؟
نستكشف في هذا التقرير التقنيات الحديثة في عمليات زراعة الوجه التي شهدت تطورات تقنية كبيرة، مما يمنح الأطباء تصورا أدق للنتيجة النهائية ويقلل من نسبة الخطأ. فكيف تجرى هذه العمليات؟ وما هي أبرز هذه التطورات؟ يعرض البرنامج كل أحد 17.30 بتوقيت غرينتش. يمكنكم زيارة صفحة البرنامج على فيسبوك: حساب البرنامج على تويتر هو: @BBC4Tech شاهدوا التقارير السابقة من 4تك هنا