
لماذا أقصى ترامب الدول الأوروبية عن محادثات النووي؟
أقصى الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأوروبيين عن المحادثات التي تجريها واشنطن مع طهران بهدف التوصل إلى اتفاق نووي جديد.
وساعد الأوروبيون الولايات المتحدة في الضغط على إيران في الأشهر القليلة الماضية، بما في ذلك في الوكالة الدولية للطاقة الذرية وبفرض عقوبات جديدة على إيران بسبب برنامجها للصواريخ الباليستية واحتجازها مواطنين أجانب ودعمها لروسيا في حربها ضد أوكرانيا.
إلاّ أن الولايات المتحدة لم تُطلع الدول الأوروبية على المحادثات النووية في عُمان قبل أن يعلنها ترامب، على الرغم من أنها تحمل ورقة رابحة في احتمال إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة على الجمهورية الإسلامية، بحسب ما ذكر ثلاثة دبلوماسيين أوروبيين.
ومن الواضح أن واشنطن تعمل على أن يكون اتفاقها المرتقب عقده مع طهران، والذي بدأ بجلسة محادثات مع الجانب الإيراني في العاصمة العمانية تلاها جلسة ثانية في روما، ثم جلسة ثالثة في سلطنة عُمان بشكل "منفرد".
يرجع ذلك إلى رغبة الولايات المتحدة بفوز الشركات الأميركية بالحصة الأكبر من المكاسب الاقتصادية والاستثمارية داخل إيران، بعد إبرام الاتفاق الجديد، بحسب المحللين.
وألغى ترامب الاتفاق النووي السابق بعد أن كان الجزء الأكبر من الاستثمارات والشراكات الاقتصادية في اتفاق 2015 لصالح الأوروبيين، لا سيما فرنسا وألمانيا.
يشار الى أن الاتفاق السابق الذي عقد في مدينة لوزان السويسرية عام 2015، أبرم بين إيران والولايات المتحدة والصين وروسيا وفرنسا وألمانيا وبريطانيا.
تحوّلات إستراتيجية كبرى
وعن تراجع الدور الاوروبي لصالح واشنطن، يقول الباحث في الشؤون الإيرانية الدكتور خالد الحاج في حديث لـ"النهار": "بمقارنة تاريخية بين الاتفاق النووي الذي حصل في العام 2005 والمفاوضات التي تحصل اليوم نرى أن هناك تحوّلات استراتيجة كبرى تتمثل بتغيير أطراف التفاوض وتحوّل مركز الثقل من تفاوض جماعي يضم القوى الأوروبية الى مفاوضات شبه ثنائية بين الولايات المتحدة وإيران".
ويضيف: "من الواضح وجود تراجع إذا لم نقل اختفاء للدور الأوروبي في المحادثات النووية. وإذا عدنا للعام 2015 نرى أن عنوان الخطة كان (الاتفاق النووي) التي هي خطة العمل المشتركة بين إيران ومجموعة الـ5+1 (الولايات المتحدة الأميركية، فرنسا، بريطانيا، ألمانيا، روسيا والصين)".
ويفنّد الحاج المكتسبات التي سيقارنها مع ما يحصل اليوم في المفاوضات مع واشنطن، فيذكّر بأنه "بالاتفاق السابق تم التوافق على أن يتم خفض مخزون اليورانيوم الإيراني من 10 آلاف كيلو غرام الى 300 كيلو غراك وأجهزة الطرد المركزي الموجودة داخل المفاعل النووي والتي كان عددها 19 الفاً الى الـ5060. وكان أهم أمر عدم تخصيب اليورانيوم لأكثر من 3.5 وكان الجانب الايراني يقبل بوجود تفتيش دولي".
ماذا ستخسر أوروبا؟
ماذا كسبت أوروبا اقتصاديا في حينها؟، يجيب الحاج: "بداية وقّعت إيران صفقة ضخمة مع شركة إيرباص الأوروبية العام 2016 واشترت 118 طائرة تجاوزت قيمتها الـ25 مليون دولار ".
أما اليوم، فيلفت الحاج الى أن "ترامب يفرض ضمن المفاوضات أن تكون الطائرات التي قد تحتاجها إيران مستقبلا أو قطع الطائرات حصراً من شركة "بوينغ".
ويتابع: "استثمرت أيضا شركة توتال الفرنسية حينها نحو 2 مليار دولار في حقل بارس جنوب إيران. واليوم ترامب يحاول إدخال الشركات الأميركية إليه. كذلك قامت آنذاك ألمانيا عبر شركة سيمنز بفتح شركات في السوق الإيرانية بالمليارات".
ويشير الحاج الى أنه "عندما انسحب ترامب من الاتفاق النووي، معظم الشركات الأوروبية التي دخلت الى السوق الإيرانية انسحبت خوفاً من العقوبات الأميركية عليها، وبحسب ما قيل خسرت تلك الشركات نحو 50 مليار دولار بين الـ2016 الى 2018 ".
ويرى أن "ترامب بذهنيته الحالية يعتبر أن هذه الأرقام الكبيرة التي كانت أوروبا تحصل عليها من حق الولايات المتحدة، لذلك حتى اللحظة كل المفاوضات التي تحصل هي مفاوضات ثنائية الى حدٍ كبير وهناك استثناء للأوروبيين، وفعليا عندما سنذهب لاتفاق سيكون الأوروبيون غير حاضرين".
وبحسب الحاج، "إذا اعتبرنا أن الاقتصاد الإيراني عبارة عن قالب "كيك" كانت تتقاسمه الدول الأوروبية، يريده ترامب اليوم لنفسه فقط، وهناك أمر مهم وأساسي وهو أن الأوروبيين سيحصلون على الفتات".
طهران تُغري واشنطن
ويتابع: "الإيرانيون يحاولون اليوم إغراء الأميركيين بترليون دولار، والاقتصاد الإيراني بحكم العقوبات الكبيرة وبحكم وجود كميات كبيرة جداً من النفط، عندما يتحرّر من العقوبات سيكون هناك وفرة أموال فنحن نتكلم عن سوق هائل".
ويشير الحاج الى أن "ترامب يحاول تحويل إيران الى سوق إستهلاكي للمنتجات والخدمات الأميركية، وهو يريد وأيضا أن تستلم الشركات الأميركية وليس الاوروبية الأمور المرتبطة بالتكنولوجيا في إيران".
ويشرح الحاج "من هنا نصل الى خلاصة مفادها أن دور أوروبا بمثابة مراقب بلا تأثير بعد أن لعبت في العام 2015 دور المهندس.. وهي متفرجة اليوم مثلثها كمثل باقي الدول".
انتعاش الاقتصاد العالمي
ويلفت الى أنه "بأي اتفاق سيحصل اليوم بين الولايات المتحدة وإيران الاقتصاد الإيراني سيمر عبر البوابة الأميركية، ونتكلم هنا عن تريليونات الدولارات. لذا نحن اليوم أمام انتعاش كبير سيصيب الاقتصاد الأميركي وسرعان ما سنرى تأثّر الاقتصاد العالمي وليس فقط الولايات المتحدة الأميركية بهذه الصفقة، لاسيما أننا نتكلم عن أرقام مالية كبيرة جدا".
ويخلص الحاج الى أن "هذا الأمر سيشكّل دفعاً للحرب الإقتصادية التي يخوضها ترامب ضد دول العالم. لذا يمكن القول إن الولايات المتحدة هي المنتصر الأكبر، وروسيا المنتصر الثاني بحكم أنها قامت بصفقة أيضا منذ مدة مع إيران وهنالك بعض التقديرات ونتكلم هنا عن نصف تريليون دولار (بصفقة واحدة) عدا عن المجموعات السابقة، إضافة الى أن روسيا يهمها انفتاح إيران وتحسّن وضعها الاقتصادي وهذا الأمر أيضا مماثل بالنسبة للصين التي ستكون رابحة لأن إيران بوابتها الغربية) لم تتعرض لأي ضربة عسكرية".
ويضيف: "وفي الوقت عينه دول الخليج العربي وعلى رأسها السعودية سيكونون من الرابحين لأننا سنشهد إستقراراً أمنياً وهدوءاً سينعكس على مسألة النفط لناحية عبور السفن من دون مشاكل وبنفس الوقت المشاريع التي يقوم بها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والتي ستستفيد من أي استقرار أمني ليكون لديها فرصة أكبر".
أوروبا الخاسر الأكبر
أما الخاسر الأكبر وفقاً للحاج، "فبالتأكيد أوروبا بحكم أنها لن تستفيد من الصفقة إلا بالفتات، في وقت سنرى إنعكاس مباشر لهذا الإتفاق إيجاباً على اقتصاد الدول التي تحدّثنا عنها".
محادثات أوروبية إيرانية مباشرة
وتعتبر الدول الأوروبية بريطانيا وألمانيا وفرنسا دورها أساسياً في التوصّل إلى حل، خاصة بعد أن أجرت معاً مفاوضات مع إيران حول الملف النووي لفترة طويلة تعود إلى عام 2003.
وخلال الفترة الانتقالية التي سبقت تنصيب ترامب رسميا، حاول الأوروبيون أخذ زمام المبادرة بإجراء محادثات استكشافية مع إيران بدأت في أيلول/سبتمبر.
ومع اتخاذ واشنطن قرار عدم التنسيق مع الدول الأوروبية بشأن مفاوضات أميركا مع إيران سيقلّ نفوذها في التفاوض، وفقاً للمتابعين.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الديار
منذ 17 دقائق
- الديار
هيئة البث "الإسرائيلية": نتنياهو يعقد جلسة لوزراء ولقادة أجهزة الأمن بعد توتر بين المستويين السياسي والعسكري.
Aa السعودية ستُرَخّص بيع الكحول في مواقع محددة في عام 2026 الجنوب يقترع... تثبيت للخيارات التاريخية وسط استحقاق «البلديات» في جزين وسباق مفتوح في صيدا الزوار الاميركيون بالجملة وعروض لـ«الثنائي» و15 حزيران تسليم سلاح مخيمات بيروت أيها الإيرانيّون... فليذهب الى الجحيم حين تنتصر البلدة للفكر الجديد دون أن تتخلى عن جذورها عاجل 24/7 22:55 مرشح نتنياهو لرئاسة الشاباك ديفيد زيني: لا يوجد عدد كاف من القوات في كل منطقة، وهدف الحرب الرئيس هو ضمان عدم تعرض سكان إسرائيل لأي تهديد من غزة. 22:54 هيئة البث "الإسرائيلية": نتنياهو يعقد جلسة لوزراء ولقادة أجهزة الأمن بعد توتر بين المستويين السياسي والعسكري. 22:54 هيئة البث "الإسرائيلية": نفقات الجيش تجاوزت ميزانيته بأربعة مليارات دولار في هذه المرحلة من العام، وسموتريتش وبخ المؤسسة الأمنية بسبب ارتفاع النفقات لتوسع القتال في مناقشة عقدها نتنياهو. 22:19 المبعوث الأميركي إلى سوريا: بسقوط نظام الأسد فتح باب السلام وبرفع العقوبات نتيح للشعب السوري فتح ذلك الباب، وولادة سوريا الجديدة تبدأ بالحقيقة والمساءلة والتعاون مع المنطقة. 22:19 المبعوث الأميركي إلى سوريا: مأساة سوريا ولدت من الانقسام وولادتها مجددا تأتي من الكرامة والوحدة والاستثمار في شعبها، وتقسيم الغرب المنطقة وسوريا كلف أجيالا بأكملها ولن نكرر هذا الخطأ. 22:19 المبعوث الأميركي إلى سوريا: الغرب فرض حدودا مرسومة بالحبر واتفاقية سايكس بيكو قسمت سوريا والمنطقة لأهداف استعمارية، وزمن التدخل الغربي انتهى والمستقبل في حلول إقليمية وشراكات قائمة على الاحترام.


الديار
منذ 17 دقائق
- الديار
مرشح نتنياهو لرئاسة الشاباك ديفيد زيني: لا يوجد عدد كاف من القوات في كل منطقة، وهدف الحرب الرئيس هو ضمان عدم تعرض سكان إسرائيل لأي تهديد من غزة.
Aa اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب يتم قراءة الآن السعودية ستُرَخّص بيع الكحول في مواقع محددة في عام 2026 الجنوب يقترع... تثبيت للخيارات التاريخية وسط استحقاق «البلديات» في جزين وسباق مفتوح في صيدا الزوار الاميركيون بالجملة وعروض لـ«الثنائي» و15 حزيران تسليم سلاح مخيمات بيروت أيها الإيرانيّون... فليذهب الى الجحيم حين تنتصر البلدة للفكر الجديد دون أن تتخلى عن جذورها اشترك بنشرة الديار لتصلك الأخبار يوميا عبر بريدك الإلكتروني إشترك عاجل 24/7 22:55 مرشح نتنياهو لرئاسة الشاباك ديفيد زيني: لا يوجد عدد كاف من القوات في كل منطقة، وهدف الحرب الرئيس هو ضمان عدم تعرض سكان إسرائيل لأي تهديد من غزة. 22:54 هيئة البث "الإسرائيلية": نتنياهو يعقد جلسة لوزراء ولقادة أجهزة الأمن بعد توتر بين المستويين السياسي والعسكري. 22:54 هيئة البث "الإسرائيلية": نفقات الجيش تجاوزت ميزانيته بأربعة مليارات دولار في هذه المرحلة من العام، وسموتريتش وبخ المؤسسة الأمنية بسبب ارتفاع النفقات لتوسع القتال في مناقشة عقدها نتنياهو. 22:19 المبعوث الأميركي إلى سوريا: بسقوط نظام الأسد فتح باب السلام وبرفع العقوبات نتيح للشعب السوري فتح ذلك الباب، وولادة سوريا الجديدة تبدأ بالحقيقة والمساءلة والتعاون مع المنطقة. 22:19 المبعوث الأميركي إلى سوريا: مأساة سوريا ولدت من الانقسام وولادتها مجددا تأتي من الكرامة والوحدة والاستثمار في شعبها، وتقسيم الغرب المنطقة وسوريا كلف أجيالا بأكملها ولن نكرر هذا الخطأ. 22:19 المبعوث الأميركي إلى سوريا: الغرب فرض حدودا مرسومة بالحبر واتفاقية سايكس بيكو قسمت سوريا والمنطقة لأهداف استعمارية، وزمن التدخل الغربي انتهى والمستقبل في حلول إقليمية وشراكات قائمة على الاحترام.


الديار
منذ 17 دقائق
- الديار
رئيس الصندوق العربي للانماء الاقتصادي بدر السعد الديار : نحن مستمرون في دعم لبنان من خلال تمويل المشاريع الانمائية
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب زيارة إيجابية لوفد من الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي برئاسة بدر محمد السعد الذي قال "إن هدف زيارته الحالية إلى لبنان هو "إعادة تحريك العمل الإنمائي الممول من الصندوق بعد توقف استمر لسنوات". وأبدى السعد التزام الصندوق بتنفيذ القروض المعطاة للبنان، موضحا أن "الأولوية هي للقروض الإنمائية، ولا سيما في مجالي التعليم والصحة". ولفت إلى التعاون القائم بين الصندوق والبنك الدولي وإلى اجتماعات ستعقد مع الوزراء المعنيين للوقوف على احتياجات لبنان، متمنيا "توافر التسهيلات اللازمة لإطلاق عجلة التنفيذ" بالتزامات الصندوق. وتجدر الإشارة إلى أنه بالرغم من التحديات السياسية والاقتصادية التي واجهها لبنان، لم يقطع الصندوق علاقته به، بل شهدت العلاقات بين الجانبين فتورًا مؤقتًا، حيث لم يقم الصندوق بزيارات رسمية إلى لبنان منذ آذار 2023. إلا أن العلاقة عادت إلى مسارها الطبيعي مع زيارة السعد الذي التقى المسؤولين اللبنانيين لبحث كيفية دعم لبنان على جميع الأصعدة في خطوة تؤكد التزام الصندوق بدعم لبنان في مسيرته التنموية. وانضمّ لبنان إلى عضوية الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي منذ تأسيسه في 16 أيار 1968، وهو عضو مؤسس بهذه المؤسسة المالية الإقليمية التي تهدف إلى دعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الدول العربية من خلال تقديم قروض ميسّرة ومنح فنية. وعلى مرّ عقود، حافظ الصندوق على علاقة تعاون وثيقة مع لبنان، حيث ساهم في تمويل مشاريع حيوية في مجالات البنية التحتية والتعليم والصحة والمياه والطاقة. الديار كان لها هذا الحوار مع رئيس الصندوق بدر السعد حول نتائج الزيارة والمشاريع السابقة و المستقبلية للصندوق في لبنان والتحديات التي واجهها الصندوق في ظل الأزمات التي تعرض لها لبنان وغيرها من الأمور. *التزام الصندوق مستمر للبنان -كيف تقيمون زيارتكم إلى لبنان و ما هي نتائج الاجتماعات التي عًقدت خلال هذه الزيارة؟ • هدف الزيارة الأساسي كان إعادة تفعيل نشاط الصندوق العربي في لبنان. وقد حرص الصندوق على أن يكون أول جهة عربية تنموية تساهم في إعادة تأهيل لبنان وتمويل مشروعاتها التنموية من جديد. فالدولة مقبلة على حقبة مختلفة يلزمها برنامج قوي تدعمه كل المؤسسات المعنية. • وقد لمسنا من فخامة رئيس الجمهورية جوزيف عون، وجميع المسؤولين بالحكومة روحًا حيوية لافتة. كما لاحظنا استعدادًا كاملًا لإنهاء عدد من الملفات الفنية، إلى جانب جدية واضحة في معالجتها. • وقد تشرفنا بلقاء رئيس الجمهورية الذي رحب بوفد الصندوق العربي وأشاد بالعلاقات التاريخية الراسخة بين الصندوق العربي ولبنان وأعرب عن تفاؤله في ظل احتفاء الدول العربية واهتمامها بدعم لبنان ووضعها على خريطة التنمية العاجلة في المنطقة العربية. • كما تشرفنا بلقاء مع كل من رئيس مجلس النواب السيد نبيه بري، و رئيس مجلس الوزراء الدكتور نواف سلام وحاكم مصرف لبنان السيد كريم سعيد ورئيس مجلس الإنماء والإعمار السيد نبيل الجسر والوزراء المعنيين من وزارات المالية والطاقة والمياه والاقتصاد والتجارة والتنمية الإدارية. -تحدثتم عن شرْكة طويلة الأمد بين الصندوق ولبنان كيف تترجم هذه الشركة على الأرض؟ • إن شركتنا الطويلة الأمد مع لبنان تنعكس من التزامنا المستمر بدعمه في مختلف المراحل، لا سيّما في هذه المرحلة الدقيقة، حيث نهدف إلى أن يكون لتدخلاتنا أثر تنموي مباشر في الاقتصاد اللبناني وفي حياة المواطنين. • فقد بدأت مساندة الصندوق العربي للبنان في عام 1991 وقد قدم الصندوق حوالى ملياري دولار (569.2 مليون دينار كويتي) من قروض ومعونات لدعم الاقتصاد اللبناني. • وقد ساهمت محفظة الصندوق العربي في لبنان في خلق فرص العمل وتحسين خدمات التعليم والمساهمة في توفير السكن بالإضافة إلى دعم القطاعات الهامة مثل قطاع التشييد والبناء، قطاع الكهرباء والطاقة، وقطاع المياه. • على الرغم من التحديات السياسية والاقتصادية، بقي لبنان شريكًا منتظمًا وفاعلًا معنا. ونحن نُقدّر تمامًا الظروف المؤقتة التي تمر بها الدولة. لذلك فالصندوق العربي يُعدّ من أكبر الممولين للبنان، وقد استفاد من تمويلات كبيرة مقارنة مع غيره من الدول. -ما هي أهم المشاريع التي قمتم بها وفي أي مجالات؟ • واصل الصندوق العربي دعمه للبنان من خلال تمويل عدد من المشاريع الحيوية، خصوصًا في مجالات البنية التحتية، والتعليم، والخدمات العامة، إضافة إلى المبادرات الاجتماعية والاقتصادية التي ساهمت في تحقيق أثر ملموس ومستدام في مختلف المناطق اللبنانية. • فمن أبرز مساهمات الصندوق العربي تقديم قرض بقيمة 50 مليون دينار كويتي (حوالى 163 مليون دولار) للمساهمة في تخفيف حدة الأزمة السكانية في لبنان وتلبية احتياجات المواطنين من ذوي الدخل المحدود والمتوسط من خلال تقديم قروض ميسرة لشراء أو بناء وحدات سكنية. ويعد هذا المشروع مكملا لمرحلة سابقة قدم فيها الصندوق العربي قرضا بقيمة 34 مليون دينار كويتي (حوالى 110 مليون دولار) في عام 2012 واستفاد من هذه القروض حوالى 900 عائلة. • كما يعد مشروع نقل مياه نهر الليطاني، الذي ساعد في استصلاح نحو 15,000 هكتار من الأراضي الزراعية ومشروع إنشاء الحرم الجامعي للجامعة اللبنانية، الذي يضم 12 كلية ويوفّر فرص تعليم عالية الجودة لآلاف الطلاب سنويًا من أبرز تداخلات الصندوق العربي في لبنان. ما هي التحديات التي واجهها الصندوق في ظل الأزمات التي تعرض لها لبنان وما هي الصعوبات التي واجهت الصندوق في تنفيذ المشاريع؟ • ساهمت الظروف السياسية والاقتصادية الصعبة التي يمر بها لبنان في تباطؤ التنمية بشكل عام وخاصة في مجالات الحياة الأساسية مثل إتاحة الكهرباء، وتوفير المياه وخدمات الصرف الصحي وتهدّم البنى التحتية الرئيسية التي تمسّ بشدة حياة المواطنين، بالإضافة إلى هجرة الخبرات البشرية نتيجة للأزمات المتتالية، ما أثّر في قدرات الإدارة العامة ورأس المال البشري. • ندرك أن التحديات الإدارية والمؤسسية الناتجة من محدودية الاستثمار في التأهيل وبناء القدرات تشكّل عقبة أمام تنفيذ بعض المشاريع. كما أن شح الموارد المالية، وضغط الموازنة العامة، وارتفاع الدين العام، كلها عوامل تُقيّد قدرة الدولة على تنفيذ البرامج التنموية بالشكل المطلوب. • وتُعدّ هذه التحديات من بين أبرز العقبات التي يُتوقّع أن يواجهها الصندوق في المرحلة المقبلة أثناء تنفيذ مشاريعه. • لذلك تركز الاستراتيجية الجديدة للصندوق العربي على العمل يداً بيد مع الحكومات العربية (بما فيهم لبنان) على تحديد أهدافهم وأولوياتهم التنموية وسيقوم الصندوق العربي بتمويل دراسات الجدوى التي تتطلبها مشروعات التنمية في لبنان والمساهمة في تنفيذها طبقاً لما يتطلبه كل مشروع. - كيف تتم مراقبة حسن تنفيذ هذه المشاريع؟ • حرص الصندوق العربي على متابعة دقيقة لجميع المشاريع التي يموّلها، وذلك من خلال آليات رقابة واضحة وفرق متخصصة تتابع مراحل التنفيذ منذ اليوم الأول وحتى إنجاز المشروع بالكامل. • كما لا تقتصر المتابعة على مرحلة التنفيذ فقط، بل تشمل أيضًا مرحلة ما بعد الإنجاز، لضمان استدامة النتائج وجودة الخدمات المقدّمة. ويتم هذا بالتنسيق المستمر مع الجهات المنفذة والمؤسسات المعنية في الدولة. -ما هي المشاريع المستقبلية للصندوق في لبنان و ما هو حجم الهبات التي قدمتموها والتي ستقدمونها إلى لبنان؟ • يركّز برنامجنا التنموي في لبنان خلال المرحلة المقبلة على عدد من القطاعات الحيوية ذات الأثر الاجتماعي والاقتصادي المباشر، والتي نؤمن بأنها قادرة على إحداث تغيير ملموس في حياة المواطن اللبناني وفي الاقتصاد الوطني. • يأتي قطاعا الكهرباء والمياه في صدارة أولوياتنا، نظرًا الى أهميتهما في تحسين جودة الحياة. فلبنان بحاجة حاليًا إلى ما يقارب 4 جيجاوات من الطاقة الكهربائية، ويُعتبر هذا الاحتياج من أكبر المحرّكات الممكنة للاقتصاد اللبناني. • كما نعمل على دعم مشاريع تهدف إلى تأمين مياه نظيفة بجودة أفضل من المتوافرة حاليًا، نظرًا الى أثرها المباشر في الصحة العامة، والأمن الغذائي، والقطاع الزراعي، وحتى في الاستقرار الاجتماعي في بعض المناطق. • وقد ناقشنا مع دولة رئيس مجلس النواب موضوع إعادة تأهيل مشروع نهر الليطاني، الذي تعرّض لأضرار كبيرة. وسنعمل على إعادة دراسة المشروع بشكل جدي من أجل وضع حلول عملية لإعادة تشغيله، لما له من أهمية استراتيجية في تأمين مياه الشرب، ودعم الزراعة، وتحسين الظروف البيئية في المنطقة. - هل سيساهم الصندوق في إعادة الإعمار في لبنان؟ • نعم، سيساهم الصندوق العربي في دعم أولويات الحكومة للبنانية ونحن ننتظر من الحكومة اللبنانية أن تحدد أولوياتها والقطاعات التي تحتاج إلى تدخل بشكل عاجل. • فعلى سبيل المثال، مشاريع البنية التحتية تُعدّ جزءًا أساسيًا من عمل الصندوق العربي في المنطقة لما له من خبرات واسعة تمتد على مدار خمسة عقود. • وسنعمل على الاستفادة من "شراكاتنا" الاستراتيجية مع مؤسسات التنمية الإقليمية والدولية الأخرى من أجل تعظيم الأثر الإنمائي لمشروعاتنا عن طريق حشد وتدبير الموارد المالية وتسهيل الاستفادة من الخبرات العالمية في المشروعات المحلية. لذلك فنحن نُتابع عن كثب البرنامج الذي قدّمه البنك الدولي لإعادة الإعمار، وسنشارك في عدد من مكوّناته. لكننا سنعطي في المرحلة الأولى أولوية واضحة لقطاعي الكهرباء والمياه ومعالجتهما بشكل جذري قبل التوسّع في مجالات أخرى.