
تفاقم الغلاء والتضخم في إيران في أعقاب الحرب
أسعار السلع
الأساسية والخدمات، ولا سيما المواد الغذائية، إلى تقلص موائد الإيرانيين وتصاعد قلقهم. وبحسب الإحصاءات الرسمية، فقد شهدت أسعار السلع الأساسية نموًّا ملحوظًا، فعلى سبيل المثال لا الحصر، ارتفعت قيمة الأرز الإيراني فقط خلال العام الماضي بأكثر من 85%.
كما يشير رصد أسعار السلع الأساسية في الأسبوع الأخير إلى استمرار ارتفاع أسعار المواد الغذائية مثل الخبز والأرز ومنتجات الألبان. ووفقًا لما نقلته صحيفة "اعتماد" الإصلاحية، فقد عثر مفتشو وزارة الجهاد الزراعي الإيرانية، خلال الأيام الماضية أثناء إشرافهم على السوق ورصدهم، على عينات من الأرز الإيراني تُباع بسعر يفوق 340 ألف تومان (لكل كيلو: 10 دولارات أميركية). وقد أعلن مركز الإحصاء الإيراني، باعتباره الجهة الرسمية الوحيدة التي تراقب أسعار
المواد الغذائية
، أن هذا الرقم يتعلق بالفترة بين إبريل/نيسان 2024 وإبريل/نيسان من هذا العام.
وفي رصد ميداني أعدّه كاتب التقرير لبعض متاجر طهران، وصل سعر الأرز الإيراني في محلات التجزئة إلى 300 ألف تومان للكيلوغرام الواحد، فيما يُباع كيس الأرز ذو الوزن 10 كيلوغرامات من النوعية الممتازة بسعر مليونين و990 ألف تومان، أي إن الكيلو الواحد يبلغ 299 ألف تومان. تقول فرشته، البالغة من العمر 50 عامًا، من غرب طهران، لـ"العربي الجديد"، إن أسرتها وكثيرًا من العائلات الأخرى اضطروا إلى شراء الأرز الهندي أو الباكستاني في الآونة الأخيرة.
وأضافت أن كلفة إعداد وجبة غذائية بسيطة لعائلتها المكونة من أربعة أفراد – وتتكون من 500 غرام لحم، 500 غرام بطاطس، 150 غرام بصل، بيضتين، 150 غرام زيت، وقليل من الطماطم والمخلل والخبز – تبلغ نحو 400 ألف تومان (أي عشرة دولارات تقريبًا). وأكدت أن دخلهم الشهري يبلغ نحو 300 مليون ريال (ما يعادل 350 دولارًا)،يُنفق نصفه على إيجار السكن، فيما لا يكفي النصف الآخر لسد باقي احتياجات الأسرة.
أما أحمد، البالغ من العمر 40 عامًا، وهو أب لطفلين من جنوب طهران، فيقول أيضًا لـ"العربي الجديد" إن أسعار المواد الغذائية والإيجارات ارتفعت بشكل جنوني، وهو مضطر إلى العمل في فترتين (صباحية ومسائية) يوميًّا، ولا يكفيه راتبه في سلك التعليم (300 دولار)، لذا يعمل بعد الظهر سائقًا لتطبيق "سناب" (خدمة التاكسي عبر الإنترنت)، ليحصل على دخل نحو 350 دولارًا إضافيًّا، ومع ذلك لا يكفي دخله الشهري مجتمعًا لتغطية نفقات الأسرة. وأضاف أن الدخول لا تواكب الارتفاع الهائل في أسعار المواد الغذائية والخدمات، فعلى سبيل المثال، تضاعف سعر الأرز الإيراني منذ العام الماضي. وأكد أنه اضطر إلى تقليل إنفاقه قدر الإمكان لتوفير حاجات الأسرة الأساسية من الغذاء والملبس وإيجار السكن.
طاقة
التحديثات الحية
طهران ردا على ترامب: صادرات النفط الإيراني لن تتوقف ولا يمكن تصفيرها
وتشير تقارير إعلامية إلى أن الخبز أيضًا أصبح ظاهرة طبقية؛ فقد أعلنت الحكومة رسميًّا عن رفع سعر الخبز بنسبة وصلت إلى 52% في بعض المدن، بل إن الخبز الجيد الجودة ارتفع بأكثر من ذلك، فيما في الحارات الفقيرة تقل جودته لكونه يُباع بأسعار أقل.
وذكر موقع "فرارو" الإصلاحي في تقرير له أن الوضع المعيشي للناس أصبح مقلقًا، حيث إن رفع أسعار الخبز بنسبة تصل إلى 50% وارتفاع سعر الأرز مرة أخرى يشكل ناقوس خطر جديدًا لموائد الإيرانيين. واعتبر أن هذا المسار كان متوقعًا، لأن الحكومات في السنوات الأخيرة، بدلًا من خفض التكاليف وإصلاح الهياكل الاقتصادية والإدارية غير الفعالة، قد حمّلت أعباء النقص مباشرة على عاتق الشعب، حيث باتت الحكومة تضغط على معيشة الأسر بدلًا من معالجة الخلل الهيكلي.
ويشير الموقع إلى الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد نتيجة العقوبات وتراجع العائدات النفطية، ويضيف: كان واضحًا منذ سنوات أن الاقتصاد الوطني دخل مرحلة صعبة. غير أن المنتظر من الحكومة في الظروف الحرجة والحربية كان ضبط الأسعار وإدارة المصروفات لحماية موائد الناس من الأضرار.
في المقابل، تكشف البيانات الرسمية لمركز الإحصاء الإيراني، التي نُشرت هذا الشهر، عن ارتفاع كبير في أسعار العديد من المواد الغذائية في الشتاء الماضي، وذلك على عكس وعود الحكومة، في مؤشر على تعمّق الأزمة الاقتصادية في سلال الأسر الحضرية، ما يستدعي مراجعة فورية للسياسات الاقتصادية، خاصة في ظل استمرار العقوبات وغياب فعالية آليات الدعم الحالية.
وقد نشر مركز الإحصاء الإيراني مؤخرًا تقريرًا حول نسب التغير في متوسط أسعار المواد الغذائية المختارة في المناطق الحضرية مقارنة بالفصل السابق. وترسم هذه البيانات صورة مقلقة للواقع المعيشي العام؛ حيث سجلت غالبية السلع الضرورية ارتفاعات كبيرة في الأسعار، بعضها من رقم واحد، بينما تعدت نسبة الارتفاع لبعضها عتبة 90%.
وكما أوضح التقرير الأخير الصادر عن مركز الإحصاء، فقد شهدت معظم السلع الغذائية الأساسية ارتفاعًا في
الأسعار
خلال الشتاء؛ بل إن سلعًا مثل البطاطس (92.3٪)، الفاصوليا الحمراء (47.7٪)، الزبدة (30.4٪)، البصل (27.4٪) والعدس (21.3٪)، لم تشهد فقط نموًّا كبيرًا، بل تُعد من المواد التي تشكل عادة جزءًا رئيسيًّا من سلة غذاء الأسر المتوسطة وذات الدخل المنخفض.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربي الجديد
منذ 3 ساعات
- العربي الجديد
تعافي الجنيه يقلّص أعباء الدين العام المصري
قالت مصادر حكومية إنّ صعود سعر صرف الجنيه المصري أمام الدولار عن التقديرات المُدرجة في الموازنة العامة للدولة ، سيسهم في خفض رصيد الدين العام بقيم تراوح بين 7 و8 مليارات جنيه شهريًا (نحو 143 إلى 164 مليون دولار)، عن كل جنيه انخفاض في سعر الدولار عن تقديرات الموازنة. وقدّرت الموازنة العامة الحالية 2025/2026، سعر الدولار للعام المالي الحالي عند 50 جنيهاً، بينما سجل سعر الصرف الرسمي متوسط 48.34 جنيهاً خلال يوليو/تموز الماضي، بانخفاض 3.2%. وتبدأ السنة المالية في أول يوليو/تموز من كل عام وتنتهي في 30 يونيو/حزيران من العام التالي. وسجل سعر الصرف اليوم الأحد في البنك الأهلي أكبر البنوك الحكومية في مصر، 48.65 جنيهاً لشراء الدولار و48.75 جنيهاً للبيع. وأضافت المصادر لصحيفة البورصة الاقتصادية المحلية السبت، أن الديون طويلة الأجل تمثل أكثر من 81% من إجمالي الدين الخارجي، فيما تستحوذ الديون الحكومية على 50% من الإجمالي. ووفقاً لتقديرات بنك غولدمان ساكس، لا يزال الجنيه المصري مقوماً بأقل من قيمته الحقيقية بنحو 30%، فيما حدّد مؤشر بيغ ماك القيمة العادلة للجنيه عند 20.8 جنيهاً للدولار. وبحسب بيانات وزارة التخطيط، سجل الدين الخارجي 156.7 مليار دولار بنهاية الربع الأول من عام 2025، مقابل 155.1 مليار دولار بنهاية ديسمبر/كانون الأول 2024، بزيادة 1.6 مليار دولار، كما ارتفع الدين المحلي المصري بنهاية مارس/ آذار 2025 بنسبة 5.2%، ليصل إلى 10.685 تريليونات جنيه، مقابل 10.154 تريليونات جنيه خلال الربع الأخير من عام 2024 حسب بيانات الوزارة. وفي 17 يونيو/حزيران الماضي، وافق مجلس النواب على قانون الموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2025-2026، بعجز متوقع بلغ 1.454 تريليون جنيه (29.8 مليار دولار تقريباً)، بخلاف أقساط الديون. وسجلت فوائد الدين في الموازنة الجارية نحو تريليونين و298 مليار جنيه، بما يعادل نسبة 50.2% من جملة المصروفات. اقتصاد عربي التحديثات الحية عطش وظلام في مصر... انهيار الكهرباء في الجيزة يشلّ محطات المياه وتتوقع الحكومة ارتفاع الفجوة التمويلية في موازنة 2025-2026 بأكثر من 25%، بحيث تصل إلى 3.6 تريليونات جنيه، وهو ما يعادل نحو 70 مليار دولار وفقاً لتوقعات سعر الدولار في الموازنة. وفي 17 يونيو/حزيران الماضي، وافق مجلس النواب على قانون الموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2025-2026، بعجز متوقع بلغ 1.454 تريليون جنيه (29.8 مليار دولار تقريباً)، بخلاف أقساط الديون. وسجلت فوائد الدين في الموازنة الماضية نحو تريليونين و298 مليار جنيه، بما يعادل نسبة 50.2% من جملة المصروفات. وتتوقع الحكومة ارتفاع الفجوة التمويلية في موازنة 2025-2026 بأكثر من 25%، بحيث تصل إلى 3.6 تريليونات جنيه، وهو ما يعادل نحو 70 مليار دولار وفقاً لتوقعات سعر الدولار في الموازنة. والأسبوع الماضي، أصدر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي القانون رقم 158 لسنة 2025 بفتح اعتماد إضافي قيمته 85 مليار جنيه (1.745 مليار دولار)، في الموازنة العامة للدولة عن السنة المالية 2024-2025، من أجل تغطية الزيادة في فوائد الدين في الموازنة المنقضية، على خلفية تراجع سعر صرف الجنيه مقابل الدولار، وارتفاع سعر الفائدة. طاقة التحديثات الحية فاتورة باهظة.. مصر تخطط لعقد صفقات غاز جديدة لتعويض العجز ونص القانون الذي أصدره السيسي على تعديل موازنة الخزانة العامة والجداول المرافقة لقانون ربط موازنة الدولة للسنة 2024-2025، بالآثار المترتبة عن الاعتماد الإضافي، الذي جاء نتيجة ارتفاع متوسط سعر صرف الدولار مقابل الجنيه من 45 جنيهاً إلى 49.65 جنيهاً، في 30 يونيو/حزيران الماضي، واستمرار أسعار الفائدة في مستوياتها المرتفعة. وأدى تراجع الجنيه وارتفاع الفائدة العام المالي الماضي إلى زيادة كلفة أدوات الدين الحكومية، وارتفاع أعباء خدمة الدين على حساب الخزانة الموحد، وخزانة الوثائق. كذلك شهد العام المالي الماضي ارتفاعاً في متوسط أسعار الفائدة على أذون الخزانة وسنداتها انعكس على زيادة كلفة الاقتراض، مقارنة بالتقديرات الأصلية في مشروع ربط الموازنة، فضلاً عن التغير في استراتيجية التمويل. (الدولار= 48.75 جنيهاً مصرياً تقريباً)


العربي الجديد
منذ 4 ساعات
- العربي الجديد
صندوق قطر السيادي يستثمر في غويانا
أعلن جهاز قطر للاستثمار عن توقيع اتفاقية لتطوير مشروع عقاري في جورج تاون، عاصمة غويانا، بالتعاون مع الحكومة الغويانية. ولفت بيان صادر عن صندوق الثروة السيادي القطري إلى أن المشروع، الممتد على مساحة تبلغ 121 ألف متر مربع، يتضمن فندقاً ومساحات تجارية ووحدات سكنية ومرافق رياضية، بالإضافة إلى مساحات خضراء عامة، من دون الكشف عن القيمة المالية للاتفاقية. وكان جهاز قطر للاستثمار قد أبرم عام 2024 صفقة مع حكومة غويانا لاستثمار نحو ملياري دولار أميركي في قطاع الضيافة والسياحة في البلاد، عبر شراء أراضٍ استراتيجية في شارع حيوي في العاصمة جورج تاون، بهدف إنشاء أول فندق 5 نجوم في غويانا، إلى جانب مرافق ضيافة متقدمة. ويعد المشروع العقاري السياحي أكبر دخول للصندوق السيادي القطري إلى غويانا في أميركا الجنوبية، ويأتي ضمن توجه قطر لتعزيز استثماراتها الخارجية في الأسواق الناشئة والفرص الواعدة خارج أوروبا وآسيا، خاصة في مجالات السياحة والبنية التحتية والخدمات الفندقية. وتتوسع استثمارات الصندوق السيادي القطري في قطاعات استراتيجية في أميركا الجنوبية، تشمل الطاقة، والزراعة والأغذية، والتعدين، والسياحة والضيافة، والبنية التحتية. وقد استحوذ الجهاز، عبر شركة قطر للطاقة، على استثمارات رئيسية في البرازيل، مثل حصة 20% في حقل النفط البحري "أغوا مارينا"، و12% في شركة "أديكواغرو" (Adecoagro) الكبرى للأغذية والزراعة النشطة في البرازيل والأرجنتين والأوروغواي. بالإضافة إلى 40% من مشروع مشترك مع إحدى كبريات شركات تصنيع اللحوم البرازيلية، إلى جانب استثمارات طاقوية في المكسيك. وتأتي الاتفاقية في إطار استراتيجية قطر لتوسيع محافظها الاستثمارية في الأسواق الناشئة وتنويعها، مع التركيز على القطاعات التي تناسب إمكانات دول أميركا اللاتينية واحتياجاتها وتوفر فرص نمو طويلة الأمد. اقتصاد عربي التحديثات الحية رغم التحديات العالمية... اقتصاد قطر مرشح لمزيد من النمو في 2025 وفي نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، أعلن جهاز قطر للاستثمار أنه يخطط لاستثمار 500 مليار دولار في الولايات المتحدة خلال العقد المقبل، بعد إطلاق برنامج الصندوق القابض بقيمة مليار دولار، الذي يهدف إلى الاستثمار في الصناديق الدولية لرأس المال الجريء، بما فيها الولايات المتحدة، بالإضافة إلى الصناديق الإقليمية، مع التركيز على قطاعي التكنولوجيا والرعاية الصحية. ووصف رئيس المكتب الاستشاري لجهاز قطر للاستثمار في الولايات المتحدة محمد المناعي المحفظة الاستثمارية للجهاز بالمتنوعة، مشيراً إلى أن الصندوق السيادي القطري أصبح مساهماً وداعماً طويل الأجل في كبرى الشركات الأميركية . ويبلغ حجم أصول جهاز قطر للاستثمار نحو 526 مليار دولار، بحسب أحدث التصنيفات الرسمية للمعاهد المتخصصة في الشؤون المالية، ويحتل الجهاز حالياً المركز التاسع عالمياً ضمن أكبر صناديق الثروة السيادية في العالم.


العربي الجديد
منذ 5 ساعات
- العربي الجديد
إصلاح التقاعد في المغرب.. الحكومة تتشاور والنقابات تتمسك بـ"3 لاءات"
تواصل الحكومة والنقابات في المغرب نقاشات حول ملف إصلاح الأنظمة المالية للتقاعد، لكن الفجوة لا تزال كبيرة بين الطرفين، إذ تتمسك النقابات بـ"3 لاءات" رفضاً لـ"ثالوث ملعون" يتمثل في تحميل العمال كلفة الإصلاح ورفع سن التقاعد وخفض المعاشات. في المقابل تقول الحكومة إن الإصلاح يهدف إلى حماية حقوق المتقاعدين، وضمان استدامة صناديق التقاعد المالية. وأطلقت الحكومة، في 18 يوليو/تموز الماضي، أولى خطوات إصلاح أنظمة التقاعد، بانعقاد أول اجتماع للجنة الوطنية المخصصة لهذا الملف. هذا الاجتماع ترأسه رئيس الحكومة عزيز أخنوش، وشارك فيه ممثلو المركزيات النقابية، إلى جانب الاتحاد العام للمقاولات، وفق بيان لرئاسة الحكومة. وأكدت الحكومة، في البيان، أنها "تحدوها إرادة قوية لمعالجة ملف التقاعد وفق منهجية تشاركية مبنية على الثقة". وخلال الاجتماع، قدمت وزيرة الاقتصاد والمالية نادية فتاح العلوي عرضاً حول مبادئ ومنهجية ستكون أرضية للنقاش. وأوضحت أن النقاش يهدف إلى بلورة تصور موحد لحماية حقوق الموظفين والأجراء والمتقاعدين، وتحقيق الاستدامة المالية لأنظمة التقاعد. وجاء الاجتماع في سياق مواصلة الحكومة تنفيذ إصلاحات وصفتها بأنها تراعي حقوق العمال والمتقاعدين. كما تقول الحكومة إن هذه الإصلاحات تحافظ على تنافسية الشركات، وتسعى لضمان توازن أنظمة التقاعد واستدامتها، والمساهمة في تعزيز السلم الاجتماعي. وفي يوليو/تموز 2016، وافق البرلمان المغربي بالأغلبية على قانون إصلاح أنظمة التقاعد. وتضمن القانون رفع سن التقاعد من 60 إلى 63 عاماً، وزيادة مساهمات العمال في صندوق معاش التقاعد، ما أدى آنذاك إلى احتجاجات نقابية واسعة. اقتصاد عربي التحديثات الحية تراجع تحويلات المغتربين في المغرب... ما الأسباب؟ رفض نقابي البرلماني عن مجلس المستشارين (الغرفة الثانية بالبرلمان) خالد سطي أكد ضرورة مراعاة مبادئ العدالة الاجتماعية، والإنصاف بين الأجيال، وضمان الكرامة للمتقاعدين. وتحدث سطي لوكالة الأناضول، عن موقف الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب منذ انطلاق النقاش الوطني حول إصلاح التقاعد عام 1998. وقال إن الاتحاد عبَّر عن رفضه لأي مقاربات محاسباتية ضيقة تسعى لتحقيق توازن مالي على حساب حقوق العمال المكتسبة. وأضاف أن "اختلالات صناديق التقاعد ليست مسؤولية الموظف الحكومي أو العامل بالقطاع الخاص". وأرجع هذه الاختلالات إلى "سياسات عمومية خاطئة، وضعف في الحكامة، وتراكمات من غياب الإصلاح البنيوي الحقيقي". كما أكد سطي أن "تمديد سن التقاعد أو الرفع من الاقتطاعات (من رواتب الموظفين والعمال) أو تقليص (أموال) المعاشات مرفوض تماماً". وفي مايو/أيار 2024، حذرت رئيسة المجلس الأعلى للحسابات (حكومي) زينب العدوي من تفاقم العجز المالي في أنظمة التقاعد، مما يشكل تهديداً لتوازناتها المالية. وشهد الصندوق المغربي للتقاعد (خاص بالتأمين الصحي والتقاعد للعاملين في القطاع الحكومي) عجزاً بمبلغ 9.8 مليارات درهم (980 مليون دولار). ويؤدي هذا العجز إلى تراجع الأرصدة الاحتياطية للصندوق، والتي بلغت 65.8 مليار درهم (6.58 مليارات دولار) عام 2023، ما يهدد باستنفادها في 2028، وفق المجلس الأعلى للحسابات (حكومي). وفي عام 2022، بلغ عدد المنخرطين في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي (خاص بالتأمين الصحي والتقاعد للعاملين في القطاع الخاص) نحو 23.2 مليوناً. وإجمالاً، تغطي أنظمة التقاعد 4.8 ملايين منخرط (مشترك) مقابل 1.4 مليون متقاعد، توزع عليهم معاشات 67.2 مليار درهم (6.72 مليارات دولار)، بحسب معطيات رسمية لعام 2023. حوار مسؤول حول إصلاح التقاعد لكن سطي دعا الحكومة إلى فتح حوار اجتماعي مسؤول مع الفرقاء الاجتماعيين حول هذا "الملف المصيري"، بدل فرض "حلول جاهزة تؤدي الشغيلة المغربية ثمنها". وشدد على ضرورة عدم المساس بالحقوق المكتسبة للمستخدمين والموظفين، والعمل على توحيد أنظمة التقاعد ضمن مقاربة شمولية وإصلاح هيكلي عادل يحقق الإنصاف والاستدامة بين جميع مكونات الشغيلة. اقتصاد عربي التحديثات الحية محاولات لتطهير مصارف المغرب من الديون المتعثرة واعتبر سطي أن إصلاح أنظمة التقاعد يجب أن يكون مدخلاً لتعزيز الثقة في المؤسسات، وليس لترسيخ مزيد من التوجس الاجتماعي والاحتقان. وعقب الاجتماع مع رئيس الحكومة في 18 يوليو الماضي، أعلن الاتحاد المغربي للشغل (أكبر نقابة في البلاد) رفضه القاطع لما سمتها "المقاربات الحكومية التقشفية"، التي تتمحور حول "الثالوث الملعون". وأوضحت النقابة، عبر بيان، أن هذا الثالوث هو "الرفع الإجباري لسن التقاعد، وزيادة نسب المساهمات، وتقليص المعاشات". واعتبر الاتحاد أن أسباب الأزمة تعود في الأساس إلى سوء الحكامة في تدبير الصناديق، وليس إلى اختلالات تقنية أو ديمغرافية فقط. ودعت إلى "إرساء حكامة جيدة في تدبير وتسيير وتوظيف مدخرات الموظفين العموميين وأجراء القطاع الخاص في هذه الصناديق، والزيادة العامة في معاشات التقاعد". وتتفق مع موقف الاتحادين المغربي والوطني للشغل نقابات أخرى منها الكونفدرالية الديمقراطية للشغل والفدرالية المغربية للشغل. (الأناضول)