logo
القيادة العالمية وزمن «الباكسا الصينية»

القيادة العالمية وزمن «الباكسا الصينية»

الشرق الأوسطمنذ 3 أيام
هل يعاني عالمنا المعاصر أزمة حقيقية في القيادات العالمية؟ ما أعلنه الرئيس الأميركي دونالد ترمب، عن نيته فرض رسوم جمركية تصل إلى 10 في المائة على الدول المنتمية لمنظمة «البريكس» بعد قمتها الأخيرة في البرازيل الأيام القليلة الفائتة، يجعلنا نتساءل: هل قيادة عالمنا المعاصر تجري برسم التعاون من أجل استنقاذ البشرية، أم التناحر إمعاناً في هلاكها - لا قدر الله؟
هذا التساؤل يضعنا في حقيقة الأمر أمام أزمة «الباكسا أميركانا»، بنوع خاص، أو زمن السلام الأميركي، والذي لطالما تحدثنا عنه، وكتبنا بشأنه، منذ سقوط الاتحاد السوفياتي، وانفراد الولايات المتحدة بقطبية المسكونة وساكنيها.
في حاضرات أيامنا هناك من يتساءل هل هناك «باكسا صينية»، أي هل يمكن أن يعرف العالم زمناً تبسط فيه الصين نفوذها على الكرة الأرضية، لا سيما بعد أن بدا السلام الأميركي يتوارى، مخفقاً في خلق يوتوبيا أرضية جديدة، وهو ما يقطع به الكثير من المراقبين لواقعية السياسة الخارجية الأميركية، في زمن الرئيس ترمب، حيث أميركا أولاً وأخيراً؟
لم يعد خافياً على أحد أن الرئيس الصيني شي جينبينغ، يطمح قولاً وفعلاً إلى إعادة هيكلة العالم، فهو يريد تفكيك شبكة تحالفات واشنطن وتطهير الهيئات الدولية مما يصفه بالقيم الغربية، ويرغب في إطاحة الدولار الأميركي وإسقاطه من عليائه، عطفاً على تقليص سيطرة واشنطن الخانقة على التكنولوجيا الحيوية.
لا يبدو المشهد مغايراً أو مختلفاً عن سعي الأقطاب الصاعدة كافة عبر التاريخ، وهو ما فعلته أميركا عينها، بعد الحرب العالمية الثانية، حين أزاحت بريطانيا عن القمة في العالم القديم.
شي جينبينغ، وبما يتوافر له من مقدرات، يتطلع لنظام عالمي جديد، أو «باكسا صينية»، ترتكز فيها المؤسسات العالمية على المفاهيم الكونفوشيوسية الصينية، لا الأرسطية الغربية، والتي يظهر منها بنوع خاص على سطح الأحداث، الأمن المشترك، والتنمية الاقتصادية، والمبادئ الصينية حول الحقوق والسياسات التي ترسمها الدولة، بالإضافة إلى التكنولوجيا الصينية، وباختصار، لن تضطر الصين بعد الآن إلى النضال من أجل الزعامة، بل ستضمن دوراً عالمياً محورياً، لاستعلان زمن قطبيتها المنفردة بدورها.
يبدو مصطلح «الباكسا الصينية» في واقع الأمر، عنواناً يكاد يطلقه الرئيس الصيني، حيث يرى بلاده دولة واثقة من نفسها، منفتحة وشاملة، أنشأت أكبر منصة للتعاون الدولي في العالم (البريكس)، ومهدت الطريق أمام إصلاح النظام الدولي.
والشاهد، أن مفهوم الصين للنظام العالمي الجديد، يضع في الحسبان مجتمعاً ذا مستقبل مشترك للبشرية، يقوم على أربع ركائز: «مبادرة الحزام والطريق»، «مبادرة التنمية العالمية»، «مبادرة الأمن العالمي»، و«مبادرة الحضارة العالمية».
لكن، هل يصدق العالم الصين ورؤيتها لزمن سلامها الأممي بديلاً عن الأميركي؟
الثابت، أنه رغم المسافات والمساقات الجديدة التي تقتطعها الصين من حيز النفوذ الأميركي، فإنها تبدو بعيدة عن مقدرات القيادة العالمية.
في الواقع يقيم عدد كبير من جيران الصين علاقات أوثق مع واشنطن، بل إن روسيا - بوتين، بدورها، تتطلع إلى تهدئة ولو مرحلية مع واشنطن - ترمب، على أمل حلول أزمنة الوفاق مرة جديدة.
لا يبدو الاقتصاد الصيني كاسحاً، والكثير من خطط الصين الاقتصادية تفشل أو تأتي بنتائج عكسية. وفيما يبدو الرئيس الصيني راضياً عن أسلوب دبلوماسية الذئب المحارب، القائمة على المواجهة، فإن هذا النهج لم يكسب سوى عدد قليل من الأصدقاء على الساحة الدولية.
لا يعني القصور الصيني، أن هناك مستقبلاً لـ«الباكسا أميركانا»، والتي تحتاج إلى معالجة التدهور الواضح الذي تواجهه سياساتها الخارجية، من جراء رؤى انعزالية، تميل إلى القطع بأن صناعتها وشعبها في حاجة إلى الحماية والمساعدة من خلال التعريفات القاسية على بقية شعوب العالم، وقطع المساعدات الدولية، والانسحاب من الاتفاقيات المناخية، ولو أدى ذلك إلى انفجار إيكولوجي يذهب بالكوكب الأزرق.
من حيث القوة العسكرية، تمضي واشنطن في طريق موازنة تريليونية للبنتاغون، وعلى صعيد العلوم والتكنولوجيا هناك تسع من أكبر عشر شركات تكنولوجية حول العالم أميركية، وسياسياً لا تزال مالئة الدنيا وشاغلة الناس.
لكن، ماذا عن قوة أميركا الناعمة ونموذجها في أعين شعوب العالم؟ وهل الأخلاق لا تزال تهم كما تساءل حكيم أميركا الراحل مؤخراً جوزيف ناي رجل القوة الناعمة؟
يؤمن سيد البيت الأبيض بأنه من الأفضل أن يكون مرهوباً عن أن يكون محبوباً... تلميذ نجيب لمكيافيللي... لكن ذلك لا يصنع قادة عالميين، ولا يبسط «باكسا أميركية».
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

خطة "ترامب" لتسليح أوكرانيا.. هل تسرّع مفاوضات السلام أم تصعّد الصراع؟
خطة "ترامب" لتسليح أوكرانيا.. هل تسرّع مفاوضات السلام أم تصعّد الصراع؟

صحيفة سبق

timeمنذ 23 دقائق

  • صحيفة سبق

خطة "ترامب" لتسليح أوكرانيا.. هل تسرّع مفاوضات السلام أم تصعّد الصراع؟

في خطوة جريئة لدعم أوكرانيا ضد الهجمات الروسية المتصاعدة، كشف الرئيس دونالد ترامب، خلال اجتماع مع الأمين العام لحلف الناتو مارك روته في المكتب البيضاوي بواشنطن، عن خطة لتزويد كييف بأسلحة أمريكية عبر صفقات تمولها دول أوروبية، وتهدف الخطة إلى تعزيز قدرات أوكرانيا الدفاعية مع تقليل العبء المالي على الولايات المتحدة، في ظل هجوم روسي مكثف. فما هي تفاصيل هذه الخطة، وكيف يمكن أن تغير ديناميكيات الصراع؟ أعلن ترامب عن خطة لبيع أسلحة أمريكية، بما في ذلك بطاريات صواريخ باتريوت، إلى دول حلف الناتو لنقلها إلى أوكرانيا، وتشمل الدول المشاركة ألمانيا، فنلندا، كندا، النرويج، السويد، المملكة المتحدة، والدنمارك.، وأكد الأمين العام لحلف الناتو مارك روته، أهمية السرعة في تنفيذ هذه الصفقات، مشيرًا إلى أن الدول الأوروبية ستتحمل تكاليف الأسلحة بالكامل. ومع ذلك، لا تزال تفاصيل الصفقة، مثل أنواع الذخائر وجداول التسليم، قيد الإعداد، مما يثير تساؤلات حول سرعة التنفيذ، وفقًا لـ"أسوشيتد برس". وتواجه أوكرانيا هجمات روسية مكثفة باستخدام طائرات مسيرة وصواريخ باليستية، مما يكشف عن ضعف دفاعاتها الجوية، ويتركز القتال على جبهة تمتد لأكثر من ألف كيلومتر، حيث تسعى روسيا للسيطرة على مناطق استراتيجية مثل بوكروفسك في دونيتسك. وأكد ترامب أن الأسلحة ستُسحب من المخزونات الأمريكية الحالية، مع تحديات لوجستية لاستبدالها على المدى الطويل، وتعقب هذه الخطوة توقف مؤقت في التسليح لمراجعة المخزونات الأمريكية، مما يعكس توازنًا دقيقًا بين الدعم العسكري والحفاظ على الموارد الوطنية. ولدفع روسيا نحو مفاوضات السلام، هدد ترامب بفرض عقوبات اقتصادية صارمة، وصفها بـ"الرسوم الثانوية"، تصل إلى 100% على شركاء موسكو التجاريين، وأوضح وزير التجارة هوارد لوتنيك أن هذه العقوبات، ليست رسومًا جمركية، تهدف إلى عزل روسيا اقتصاديًا، كما يروج بعض الجمهوريين، مثل السيناتور ليندسي غراهام، لحزمة عقوبات ثنائية الحزب في الكونغرس، ومع ذلك، قلل ترامب من أهمية هذه الحزمة، معتمدًا على تهديداته الاقتصادية كأداة ضغط رئيسية، في ظل مهلة 50 يومًا لوقف القتال. وعلى الرغم من علاقته الودية السابقة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أظهر ترامب إحباطًا متزايدًا من استمرار الهجمات الروسية على المدن الأوكرانية، وفي تصريحات سابقة، وصف تصرفات بوتين بـ"الجنون"، مشيرًا إلى أن محادثاته معه لم تحقق تقدمًا ملموسًا، ويعكس هذا التحول تركيز ترامب على إنهاء الحرب عبر تسوية تفاوضية، مع إشادته بحماس أوروبا المتزايد لدعم أوكرانيا، وهو موقف يتناقض مع انتقاداته السابقة لتردد القارة في الإنفاق الدفاعي. وتثير خطة ترامب تساؤلات حول تأثيرها على الصراع الأوكراني-الروسي. هل ستدفع الأسلحة الجديدة والعقوبات الاقتصادية بوتين إلى طاولة المفاوضات، أم ستزيد من تصعيد الصراع؟ مع اقتراب الموعد النهائي الذي حدده ترامب، يبقى العالم يراقب كيف ستشكل هذه الاستراتيجية مستقبل المنطقة.

رغم الانفتاح على المفاوضات.. الاتحاد الأوروبي يستعد لـ"حرب تجارية" مع واشنطن
رغم الانفتاح على المفاوضات.. الاتحاد الأوروبي يستعد لـ"حرب تجارية" مع واشنطن

الشرق السعودية

timeمنذ 24 دقائق

  • الشرق السعودية

رغم الانفتاح على المفاوضات.. الاتحاد الأوروبي يستعد لـ"حرب تجارية" مع واشنطن

أنهى الاتحاد الأوروبي تحضير قائمة ثانية من التدابير المضادة تستهدف سلعاً أميركية تصل قيمتها إلى 84 مليار دولار، ولوّح بالرد إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق لتجنب الرسوم الجمركية التي هدد الرئيس دونالد ترمب بفرضها على التكتل، اعتباراً من الأول من أغسطس المقبل. ووفقاً لقائمة من 206 صفحات أعدتها المفوضية الأوروبية واطلعت عليها "بلومبرغ"، ستُفرض الرسوم الإضافية على طائرات "بوينج"، والسيارات الأميركية، والمشروبات الكحولية "البوربون"، ومنتجات الآلات، والمواد الكيميائية والبلاستيك، والأجهزة الطبية والمعدات الكهربائية، والنبيذ وغيرها من السلع الزراعية. وكانت القائمة، التي شملت في البداية سلعاً أميركية بقيمة إجمالية 95 مليار يورو، قد خُفِّضت بعد مشاورات مع الشركات والدول الأعضاء. ويتعين على الدول الموافقة عليها قبل اعتماد القائمة. في غضون ذلك، أشار ترمب إلى انفتاحه على مزيد من المناقشات مع الاتحاد الأوروبي وشركاء تجاريين آخرين، قبل فرض رسوم جمركية جديدة بنسبة 30% الشهر المقبل، وذكر أن مسؤولين من الاتحاد الأوروبي سيأتون إلى الولايات المتحدة لإجراء مفاوضات. وقال، الاثنين، للصحافيين في المكتب البيضاوي: "إنهم يرغبون في إبرام صفقة مختلفة، ونحن منفتحون دائماً على الحوار، بما في ذلك مع أوروبا. في الواقع، إنهم قادمون. إنهم يرغبون في الحوار". وفي نهاية الأسبوع الماضي، صرح ترمب بأنه سيرفع تعريفات الاتحاد الأوروبي الجمركية إلى 30% في الأول من أغسطس، وهو ما وصفه ماروش شيفتشوفيتش، المفوض التجاري للاتحاد الأوروبي، بأنه "سيمنع فعلياً" التجارة عبر الأطلسي. التكتل يصعد لهجته واتهم الاتحاد الأوروبي، الاثنين، الولايات المتحدة، بمقاومة الجهود الرامية إلى التوصل إلى اتفاق تجاري، وذلك عقب اجتماع لوزراء تجارة الاتحاد الأوروبي في بروكسل لمناقشة الخطوات التالية. وحتى الآن، أحجم الاتحاد الأوروبي عن اتخاذ إجراءات انتقامية لتجنب تصعيد في العلاقات الثنائية، في حين لا تزال هناك فرصة للتفاوض على نتيجة أفضل. لكن وزراء الاتحاد الأوروبي، بعد اجتماعهم في بروكسل يوم الاثنين، بدوا أقرب إلى الرد. وكان التكتل قد قرر في وقت سابق، تمديد تعليق التعريفات الجمركية على قائمة أولى بقيمة 21 مليار يورو من المنتجات الأميركية رداً على التعريفات الجمركية الإضافية على الصلب والألومنيوم التي فرضها ترمب. وتشمل قائمة الاتحاد الأوروبي الجديدة للمنتجات الأميركية المستهدفة أكثر من 65 مليار يورو من السلع الصناعية، بما في ذلك الطائرات (حوالي 11 مليار يورو) والآلات (أكثر من 9.4 مليار يورو) والسيارات (حوالي 8 مليارات يورو) ومشروبات كحولية (1.2 مليار يورو) إلى جانب منتجات زراعية غذائية (أكثر من 6 مليارات يورو) معظمها فواكه وخضراوات (حوالي ملياري يورو). وتشمل الحزمة أيضاً، معدات وأدوات دقيقة (حوالي 5 مليارات يورو)، وألعاباً ومعدات هوايات (أكثر من 500 مليون يورو)، وأسلحة رياضية (حوالي 300 مليون يورو)، وآلات موسيقية (حوالي 200 مليون يورو). ووفق الوثيقة التي اطلعت عليها "بلومبرغ"، فقد كان من بين معايير اختيار البضائع توافر مصادر توريد بديلة ومنتجات ذات مخاطر نقل عالية. ولن تخضع المنتجات العسكرية المستوردة للرسوم الجمركية. فرصة للحوار وفي مؤتمر صحافي عُقد عقب اجتماع الاثنين، وصف وزير الخارجية الدنماركي، لارس لوكي راسموسن، التهديد بفرض رسوم جمركية بأنه "غير مقبول إطلاقاً". وقال ماروش شيفتشوفيتش، المفوض التجاري للاتحاد الأوروبي، إنه يعتقد أن "إمكانية مواصلة المفاوضات لا تزال قائمة"، لكنه أعرب عن إحباطه من فشل واشنطن في التوصل إلى اتفاق مع أكبر شريك تجاري لها. وقال: "كما ذكرتُ سابقاً، تحتاج ليدين اثنتين للتصفيق"، مضيفاً أن الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي اتفقت على أن الاتحاد، المكون من 27 دولة، سيحتاج إلى اتخاذ تدابير مضادة في حال فشل المفاوضات التجارية مع الولايات المتحدة. ويحاول شركاء الولايات المتحدة التجاريون، اجتياز الأسابيع الأخيرة من المفاوضات قبل دخول الرسوم الجمركية التي فرضها ترمب حيز التنفيذ في 1 أغسطس، بينما يواجهون زعيماً أبدى بوضوح "نفاد صبره" تجاه المحادثات، وفق "بلومبرغ". وشهدت الفترة الأخيرة من حرب ترمب التجارية، بعضاً من أكبر التطورات في حملته المتعلقة بالرسوم الجمركية، ما يسلط الضوء على المخاطر التي تواجه الشركاء التجاريين ويزيد من التحديات قبل ما يؤكد الرئيس أنه الموعد النهائي الأخير.

أسعار النفط تتراجع إثر استمرار المخاوف بشأن الرسوم الجمركية الأمريكية
أسعار النفط تتراجع إثر استمرار المخاوف بشأن الرسوم الجمركية الأمريكية

صحيفة سبق

timeمنذ ساعة واحدة

  • صحيفة سبق

أسعار النفط تتراجع إثر استمرار المخاوف بشأن الرسوم الجمركية الأمريكية

تراجعت أسعار النفط اليوم، بعد المهلة التي حددها الرئيس الأمريكي دونالد ترمب لروسيا، والتي تستمر 50 يومًا؛ لإنهاء الحرب مع أوكرانيا، وتجنب فرض رسوم جمركية صارمة على موسكو. وانخفضت العقود الآجلة لخام برنت 25 سنتًا إلى 68.96 دولارًا للبرميل، في حين تراجعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 34 سنتًا إلى 66.64 دولارًا.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store