
روبيو: إيران باتت أبعد كثيرًا من الوصول إلى سلاح نووي
صرح وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، بأن إيران باتت «أبعد كثيرًا من الوصول إلى سلاح نووي» بعد الهجمات الأمريكية والإسرائيلية الأخيرة على منشآتها النووية.
جاء تعليق روبيو في قمة حلف الناتو، حيث أكد أن الضربات الأمريكية تسببت بـ«أضرار كبيرة جداً» للبرنامج النووي الإيراني، رافضًا الانسياق وراء تقارير استخباراتية أخرى أفادت بأنها أدت إلى تأخير مؤقت فقط .
وفي السياق نفسه، أعلن روبيو أن «الصور التي نشرت بعد الهجوم تظهر بوضوح حجم الدمار في المنشآت»، مشيرًا إلى أن الأضرار تشمل الانهيارات فوق المنشآت ونقاط الدخول، وذلك كما يوثق تحليل للصور الفضائية المنشورة في وسائل إعلام دولية.
وأوضحت تلك الصور هي إغلاق مداخل الأنفاق في منشآت فوردو ونطنز بعد تعرضها للقصف العميق بقنابل MOP، ما أدى إلى حفرت ستة فوهات ضخمة على سطح الجبل، فضلا عن أخرى ترصد أضرار جسيمة في منشآت تحت الأرض، حيث قالت شركة ماكسر إن الصورة أظهرت انهيارًا في مداخل وأسطح المنشآت، حتى وإن لم تتضح مدى الضرر تحت الأرض .
ويبدو أن إيران قامت بإزالة جزء من مخزون اليورانيوم المخصّب إلى موقع مجهول قبل الضربات، وفقًا لمصادر عدة .
استخدم روبيو هذه الأدلة البصرية لتبرير موقفه، مؤكداً أن الهجوم لم يكن لغرض تغيير النظام، بل لإعادة إيران فوراً إلى مائدة المفاوضات النووية.
وقال إن 'إيران ستعود للتفاوض بعد ما فعلناه»، مبدياً اعتقاده بأن حجم الضربات ترك طهران في موقف لا تحسد عليه، تدفعها إلى العودة لطاولة المباحثات بهدف استعادة ما يمكن إنقاذه'.
الموقف الإيراني يتقاطع مع تصريحات الرئيس دونالد ترامب، الذي جعل توصل إيران إلى وقف إطلاق النار مع إسرائيل شرطًا يعود من خلاله للانخراط في حوار دبلوماسي، بحسب ما أفادت مصادر رويترز . والتحليل الأمريكي الأولي يشير إلى أن البرنامج النووي الإيراني تأخر لعدة أشهر، لا يزال بإمكانه التعافي عبر إصلاح المنشآت واستئناف الاحتفاظ باليُورانيوم المخصّب إذا لم تُستأنف الرقابة الدولية بشكل عاجل.
وفي المقابل، تبقى بعض الجهات المحافظة أكثر حذرًا. فهي تؤكد أن الضربات البطولية رغم شدتها، لم تدمّر العنصر الباطني لنظام الطرد المركزي، ولم تهدّد بصورة جوهرية إنتاج مواد نووية للدرجة التي تمنع التعافي السريع . ووفقًا لتلك القراءة، فإن روبيو يعتمد على الانطباع السياسي للصور، وليس على تقدير فني شامل للبرنامج النووي.
ومع ذلك، يجدر الملاحظة أن تلك الصور الفضائية - على الرغم من كونها قوية بصريًا - لا تؤكد بشكل قاطع أنّ قنوات الإنتاج النووي قد تدمرت تمامًا؛ إذ لم تُظهر تقييمًا دقيقًا لصالة أجهزة الطرد المركزي تحت الأرض . كما تظهر صور فوردو ثانيًا أن معظم الأضرار كانت سطحية، وأن العنصر التحتي قد يظل قابلاً للإصلاح على المدى المتوسط .
وفي ضوء الواقع، تأتي دعوة روبيو لتفعيل المسار السياسي بجدية، بدلاً من الانخراط في حرب طويلة الأمد، كتعبير عن الخيار الاستراتيجي الذي اختارته إدارة ترامب. فهو ينظر لها كنوع من الضغط الذكي، يلزم طهران بالعودة إلى مفاوضات البرنامج النووي بدلًا من الاعتماد على التدخل العسكري الطويل.
ووثّق روبيو أن الضربات أظهرت حجمًا ملحوظًا للضرر عبر صور فضائية، وظّف تلك الأدلة لدعم توقعاته بعودة إيران لطاولة الحوار. لكن، الخبراء يؤكدون أن قراءة الصور وحدها غير كافية لتقييم النتائج الكاملة للضربات. وفي هذا التوازن بين إشارات القوة والعقلانية السياسية، تتشكل معالم المعركة القادمة في ملف إيران النووي: حرب ضغوط محسوبة تدفع إلى مذاكرة سياسية، لا صدام أبدًا.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


MTV
منذ 15 دقائق
- MTV
25 Jun 2025 23:57 PM جيروزاليم بوست عن مسؤولين إسرائيليين: لا نعرف كمية اليورانيوم المخصب التي دمرت ولا قدرة إيران على الوصول إليه
جيروزاليم بوست عن مسؤولين إسرائيليين: لا نعرف كمية اليورانيوم المخصب التي دمرت ولا قدرة إيران على الوصول إليه


الشرق الجزائرية
منذ 17 دقائق
- الشرق الجزائرية
ترامب يهدد بضرب إيران مجدداً ولبنان يطلب التمديد ل «اليونيفيل »
تسبب نشر تقييمات استخباراتية -عن حجم الأضرار التي لحقت بالبرنامج النووي الإيراني- في نشوب خلافات بالولايات المتحدة وصلت إلى إطلاق اتهامات بـ'الخيانة'. وذكرت شبكة 'إن بي سي' أن تقييما سريا للهجمات الأميركية على إيران -أحيل للكونغرس واطلع عليه أعضاء مجلس الشيوخ سرا- كشف أن القصف أخر برنامج إيران النووي لأشهر لكنه لم يعطله. وبدورها، قالت وكالة 'أسوشيتد برس' إن تقريرا لوكالة استخبارات الدفاع الأميركية خلص إلى أن الضربة الأميركية التي استهدفت منشآت فوردو ونطنز وأصفهان النووية الإيرانية 'ألحقت أضرارا كبيرة بتلك المواقع لكنها لم تؤد إلى تدمير كامل لها'. وقدر معدو التقرير أن جزءا من اليورانيوم عالي التخصيب الإيراني 'نُقل من المواقع قبل الضربات، وبالتالي نجا منها، كما أن معظم أجهزة الطرد المركزي لم تتعرض لأضرار'. وبشأن منشأة فوردو، التي تقع داخل نفق أسفل جبل على عمق يراوح بين 80 و90 مترا، أشار التقرير الأميركي إلى أن مدخلها انهار وتضررت بعض البنى التحتية، إلا أن الهيكل الداخلي تحت الأرض لم يُدمر. ولفت مصدر تحدث إلى 'أسوشيتد برس' إلى أن تقييمات سابقة كانت قد حذرت من محدودية فعالية أي ضربة ضد منشأة فوردو النووية. وجاءت تلك النتائج مخالفة لتصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، اللذين تحدثا عن أن البرنامج الإيراني 'دُمر بالكامل'. ونقل موقع 'أكسيوس' الأميركي عن السيناتور كريس فان هولن قوله إنه قلق للغاية بسبب 'تحريف ترامب للمعلومات الاستخباراتية وتلاعبه بها'. وردا على تلك التسريبات، قال المبعوث الأميركي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف إن الشخص الذي سرب معلومات استخباراتية بشأن الضربات في إيران 'ارتكب خيانة ويجب أن يعاقب'. وقال ويتكوف إن الولايات المتحدة منخرطة في محادثات 'واعدة' مع إيران بشكل مباشر ومن خلال وسطاء وهي تأمل في أن تتمكن من التوصل إلى اتفاق سلام طويل الأمد. وأضاف في مقابلة مع 'فوكس نيوز' في وقت متأخر من مساء الثلاثاء 'نحن نتحدث بالفعل مع بعضنا البعض، ليس فقط بشكل مباشر ولكن أيضا عبر وسطاء. أعتقد أن المحادثات واعدة'، مشيرا إلى أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أكد بوضوح تام إنه يرغب في رؤية اتفاق سلام شامل مع إيران يتجاوز وقف إطلاق النار.وقال 'علينا الآن أن نجلس مع الإيرانيين ونتوصل إلى اتفاق سلام شامل، وأنا واثق للغاية من أننا سنحقق ذلك'. ومن جانبه، وصف وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو التقارير الإعلامية التي تحدثت عن تقييمات استخباراتية جديدة بأنها 'كاذبة' وأكد في تصريحات نقلتها مجلة بوليتيكو أن إيران أصبحت أبعد بكثير عن بناء الأسلحة النووية بعد الضربة الأميركية. ومن جانبه، رفض البيت الأبيض -بشدة- نتائج تقرير وكالة استخبارات الدفاع، ووصفها بأنها 'خاطئة تماما'. وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت في بيان 'تسريب هذا التقييم المزعوم محاولة واضحة للنيل من الرئيس ترامب والتقليل من نجاح الطيارين الذين نفذوا المهمة بدقة كاملة لتدمير البرنامج النووي الإيراني'. وأضافت ليفيت 'الجميع يعلم أن إسقاط 14 قنبلة بزنة 30 ألف رطل على الأهداف يعني دمارا شاملا'. وفي تصريحات متكررة خلال الأيام الماضية، قال ترامب إن الضربة الأميركية على مواقع فوردو ونطنز وأصفهان 'دمرتها تماما' وإن إيران 'لن تتمكن أبدا من إعادة بناء منشآتها النووية' وفي هذا الاتجاه ذهب وزير الدفاع الاميركي رافضا التشكيك الاعلامي وخلافه بانجازات القوات الاميركية في تدمير البرنامج النووي الايراني.. وأثنى الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأربعاء على شجاعة إيران القتالية، مؤكدا انتهاء الحرب بينها وإسرائيل انطلاقها من إجهاد الطرفين ورغبتهما في السلام. وكشف ترامب ، في مؤتمر صحفي رفقة وزيريه للخارجية والدفاع على هامش قمة لحلف الناتو في هولندا، أن إدارته بصدد العودة للتفاوض مع الإيرانيين، وأضاف 'قد نتواصل مع الإيرانيين الأسبوع المقبل'. ومن جانبه، قال نتنياهو في خطاب متلفز الثلاثاء 'وعدتكم لعقود بأن إيران لن تمتلك سلاحا نوويا، وبالفعل.. لقد دمرنا برنامج إيران النووي'. وقال ترامب انه كان لدى اسرائيل اشخاص في منشأة فوردو بعد ضربها، وهي ستصدر تقريرا يؤكد تدميرها بالكامل. لكن مصدر اسرائيلي قال لشبكة ' ABC ' ان نتيجة الضربة على فوردو ليست جيدة على الاطلاق. من جهته، قال الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ان فرنسا تقوم بتقييمها الخاص بالاضرار التي لحقت بالمنشآت النووية الايرانية. رسالة التجديد لـ «اليونيفيل» في مجلس الأمن من جهة اخرى علمت «المركزية» ان لبنان الرسمي، وجه عبر وزارة الخارجية والمغتربين، رسالة طلب التجديد لقوات الطوارئ الدولية العاملة في جنوب لبنان «اليونيفيل» إلى مجلس الأمن الدولي، متضمنة رؤية الحكومة اللبنانية للتجديد. وتفيد المعلومات ان الامين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش تسلّم الرسالة اللبنانية التي ارتكزت في مضمونها الى النص المعتمد العام الماضي نفسه للتجديد لهذه القوات، من دون اي تعديل. وفي السياق، تكشف مصادر ديبلوماسية لـ»المركزية» ان الجانب الاسرائيلي يُعمم اجواء مفادها انه تم الاتفاق مع الولايات المتحدة الاميركية على عدم التجديد لليونيفيل وانهاء مهامها في لبنان، غير ان البعثة الاميركية في مجلس الامن تشير الى ان اي قرار لم يتخذ بعد في هذا الخصوص. اما فرنسا، حاملة القلم في مجلس الامن، فتبدي مصادرها الديبلوماسية تفاؤلاً بالتجديد، مؤكدة تلقيها مؤشرات في هذا الاتجاه من الجانب الاميركي، مع الاشارة الى احتمال ادخال تعديلات الى متن القرار قد تخفض العديد لكنّها لن تبلغ حتماً حدّ انهاء المهمة، كما تروّج اسرائيل، او اللجوء الى الفصل السابع. وتجري باريس مشاورات مكثفة مع الدول الأعضاء في المجلس لضمان مرور القرار بأقل تجاذبات ممكنة، وسط تصاعد التوترات الإقليمية وتحديات الحفاظ على الاستقرار في منطقة الجنوب اللبناني.


الشرق الجزائرية
منذ 27 دقائق
- الشرق الجزائرية
ترامب يحرق 'السّجّادة النّوويّة' بـ25 دقيقة
«أساس ميديا» صبرت إيران كثيراً، وصبر شعبها راغباً أو مرغماً، لحياكة سجّادة البرنامج النووي، قبل أن يعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب تدميره خلال 25 دقيقة فقط، في عمليّة 'مطرقة منتصف الليل'. خلافاً لما هو شائع، لم تقصف الولايات المتّحدة أيّ مفاعل نووي إيراني، بل قصفت مواقع التخصيب. والفرق بين الاثنين جوهريّ لخيارات الحرب والسلام، ولمسار التفاوض المقبل بعد أن يهدأ غبار الضربات. لدى إيران مفاعل نوويّ وحيد لتوليد الكهرباء، هو بوشهر، الذي ليس محلّ جدل في الملفّ النووي الشائك لأنّه لا يستخدم سوى وقود اليورانيوم المنخفض التخصيب الذي يأتي من روسيا، وليس له أيّ ارتباط جدّيّ بالمنشآت المثيرة للجدل لتخصيب اليورانيوم في فوردو ونطنز وأصفهان. مكمن الخلاف في هذه المنشآت أنّها تنتج يورانيوم عالي التخصيب (HEU)، أي يورانيوم مخصّباً بنسبٍ تراوح بين 20% و60% أو أكثر، في حين أنّ مفاعلات توليد الكهرباء لا تحتاج إلّا إلى يورانيوم منخفض التخصيب (LEU)، أي مخصّب بنسبة تراوح بين 3% و5%. تقوم السرديّة الإيرانية على أنّ لها الحقّ في امتلاك الدورة الكاملة للوقود النووي ما دامت لا تستخدمها لإنتاج سلاح نوويّ، وتبرّر التخصيب بنسبة 20% في مفاعل طهران البحثيّ بحاجتها إليه في إنتاج النظائر الطبّيّة لعلاج أمراض السرطان. لكن حتّى اليوم لم تقدّم إيران سبباً مقنعاً لبناء هذا العدد من أجهزة الطرد المركزي، والتمسّك بالتخصيب إلى مستوى 60%، إذا لم تكن نواياها غير سلميّة. حتّى مفاعل بوشهر السلميّ لا تحتاج إيران إلى الوقود المخصّب له، لأنّ وقوده يأتي من روسيا تحت رقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرّية. بل إنّ الوقود المستنفد فيه يعود إلى روسيا لضمان عدم استخدامه في إنتاج البلوتونيوم محلّيّاً. بين بوشهر وبراكة لكن لو أنّ الغاية سلميّة حقّاً لكان بالإمكان المقارنة بين النموذجين الإيراني والإماراتي. في إيران، بدأ بناء مفاعل بوشهر في عهد الشاه، وكان من المفترض أن يكتمل في النصف الأوّل من الثمانينيات، إلّا أنّ الثورة الخمينيّة أخّرت المشروع أربعين عاماً، وهو الآن يقتصر على مفاعل وحيد بقدرة 1,000 ميغاواط من الكهرباء، أي أقلّ من طاقة 'كهرباء لبنان'! بينما مشروع 'براكة' في أبوظبي يضمّ أربعة مفاعلات، كلّ منها بطاقة 1,400 ميغاواط، أي أنّ طاقته تفوق بوشهر بخمسة أضعاف ونصف الضعف، وما من جدل دوليّ حوله، بل إنّه من أنجح النماذج الدولية في كفاية التشغيل والسلامة. مشكلة البرنامج النووي في إيران أنّه عنصر من منظومة الاستثمارات الاستراتيجيّة لفرض النفوذ والتوسّع في المنطقة عبر الأذرع الأمنيّة والعسكريّة. وفي النهاية، ضيّعت إيران نصف قرنٍ من تاريخها لحماية هذا البرنامج الذي يُفترض أنّ وظيفته حمايتها، وتحمّلت من أجله عقوداً من العقوبات والمواجهات مع المجتمع الدولي، ومئات مليارات الدولارات من الأموال المجمّدة وفرص الاستثمار والنموّ الضائعة، ووجدت نفسها في النهاية في وضع اقتصاديّ مزرٍ، فيما تعوم على أحد أكبر احتياطات النفط وثاني أكبر احتياط للغاز في العالم. مأزق الحكم فيها اليوم، بعد قصف منشآت التخصيب، أنّه لم يعد يمتلك سرديّة مقنعة لجدوى هذا الاستثمار استراتيجيّاً وعسكريّاً وسياسيّاً. فثمّة أسئلة ستُطرح في النقاش الداخلي عاجلاً أم آجلاً: ماذا جنت إيران من هذا الاستثمار في تخصيب اليورانيوم؟ هل يستحقّ الأمر أن تتحمّل بعضاً من أعلى معدّلات التضخّم والبطالة بين الشباب؟ هل يستحقّ الأمر أن تكون إيران دولة منبوذة وأن تضطرّ إلى بيع نفطها بحسم 20%؟ هل يستحقّ أن يكون جواز السفر الإيراني مثيراً للريبة في كلّ مطارات العالم؟ كانت لدى إيران فرصٌ كثيرةٌ 'لتسييل' هذا الاستثمار الاستراتيجي بأثمان كبيرة، آخِرتها في مفاوضات جنيف عام 2022 مع إدارة جو بايدن. لكنّ الحكم المحافظ فيها ظنّ أنّ قليلاً من الصبر يمكن أن يحقّق ثمناً أكبر، كمن يحيك السجّادة على مدى أربعين عاماً ثمّ يصبّر نفسه سنة أخرى أو سنتين، فإذا بالسجّادة تحترق قبل بيعها. ربّما يكون من المبالغة القول إنّ إيران لم يعد لديها ما تفاوض عليه بعد الضربات الأميركية والإسرائيلية. ثمّة جدلٌ في الداخل الأميركي في احتمال أن تكون الغارات الأميركية قد دمّرت منشآت التخصيب تماماً. لكن على افتراض أنّ التدمير تمّ فعلاً، يبقى سؤالٌ كبيرٌ عن وقود اليورانيوم العالي التخصيب الذي أنتجته إيران منذ أن قام ترامب بتمزيق الاتّفاق النووي السابق عام 2018. أين وقود اليورانيوم العالي التّخصيب؟ في الاتّفاق السابق الذي وقّعته طهران مع إدارة الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما عام 2015، المعروف باسم JCPOA ، تمّ الاتفاق على وضع سقفٍ لتخصيب اليورانيوم عند 3.67%، والتخلّص من كامل مخزون إيران من وقود اليورانيوم العالي التخصيب (20% فأكثر). وقد تمّ ذلك فعليّاً عبر نقله إلى روسيا مقابل الحصول على يورانيوم خام، بالإضافة إلى وضع سقف لما يمكن لإيران امتلاكه من وقود اليورانيوم المنخفض التخصيب عند 300 كيلوغرام، وإعادة تصميم مفاعل آراك لإنتاج الماء الثقيل لضمان منع إنتاج البلوتونيوم. في الصور الجوّية المتداولة في اليومين الماضيَين، يبدو أنّ الأميركيين أعطوا الإيرانيين فرصة لنقل مخزونات اليورانيوم المخصّب، وهذا ما يفسّر عدم حدوث إشعاعات نووية. وهذا يعني أنّ قصّة التخصيب انتهت حتّى إشعار آخر، لكنّ وقود اليورانيوم العالي التخصيب ما زال موجوداً ويصلح أن يكون مادّة للبيع أو المساومة. والسؤال هنا ليس سؤالاً تقنيّاً أو اقتصاديّاً، بل هو سؤالٌ عمّا يريده نظام الحكم في إيران لنفسه ولموقعه في الإقليم، وعن تقديره لفرص النجاة إذا ما جنح إلى عقدِ صفقة كبيرة بعدما أُثخِنت هيبته وقدرته الردعيّة بالجراح.