logo
بين فوضى الأمن وتفشي العصابات.. دوامة الاختطاف والابتزاز تعصف بسوريا

بين فوضى الأمن وتفشي العصابات.. دوامة الاختطاف والابتزاز تعصف بسوريا

تقرير/وكالة الصحافة اليمنية//
تشهد سوريا تصاعدًا خطيرًا في جرائم الاختطاف والابتزاز، حيث لم يعد المشهد مقتصرًا على مناطق النزاع الساخنة بل تمدد إلى قلب العاصمة دمشق ، مهددًا الأحياء الراقية ورجال الأعمال.
في أحدث تلك الحوادث، شهد حي المالكي الراقي في دمشق ، جريمة مروعة مساء الخميس، حين اقتحم مسلحون مجهولون منزل عائلة التاجي، مالكي معمل 'أسيل' للنسيج، وقاموا بقتل الدكتورة أمل البستاني، والدة السيدة أسيل التاجي، إلى جانب عاملة في المنزل، قبل أن ينهبوا محتويات المنزل بما في ذلك خزينة الأموال.
المرصد الديمقراطي السوري أكد أن الهجوم أسفر عن مقتل الدكتورة أمل، وهي شخصية نسائية دمشقية معروفة بالريادة في العمل الإنساني، التي شاركت مع زوجها الراحل في تأسيس معمل 'أسيل' قبل أن تنتقل إدارته إلى ابنتهما.
وبحسب مرصد الساحل السوري لحقوق الإنسان، فإن الحادثة تأتي ضمن موجة متصاعدة من عمليات الخطف والابتزاز، مستعرضًا حالة رجل الأعمال الدمشقي هاشم أنور العقاد المختطف منذ أربعة أشهر رغم دفع أسرته فدية مالية ضخمة بقيمة 5 ملايين دولار، دون الإفراج عنه.
كما سُجلت عمليات اختطاف أخرى، منها رجل الأعمال يوسف حسن الأصفر في حماة.
لا يبدو أن دمشق وحدها تحت قبضة الفوضى الأمنية للجماعات المسلحة، فمشهد الاختطاف والابتزاز يتكرر في مناطق أخرى، أبرزها منطقة عفرين شمال حلب، الخاضعة لسيطرة الفصائل المسلحة المدعومة من تركيا منذ عملية 'غصن الزيتون' في 18 مارس 2018.
خلال الأشهر الماضية، وثقت منظمات حقوق الإنسان مئات الانتهاكات في عفرين، شملت الاعتقالات التعسفية، التعذيب، مصادرة الممتلكات، وفرض الإتاوات على الأهالي، لا سيما العائدين من النزوح.
وتشير التقارير إلى عمليات اختطاف شبه يومية، أبرزها اختطاف 3 مواطنين أكراد من عائلة واحدة في قرية كرزيحل بعفرين في 2 يوليو الجاري، على يد فصيل 'العمشات' المدعوم من أنقرة، بعد عودتهم إلى قريتهم عقب سبع سنوات من التهجير.
كما شهدت المنطقة في يوليو ذاته سلسلة من عمليات الخطف والاعتقال بحق عشرات المدنيين في حملات نفذتها فصائل 'الحمزات' و'العمشات' على طرق حلب – دير حافر.
نهج منظم من الابتزاز
وتتوالى التقارير المروعة عن قيام النظام السوري الجديد وعصاباته بفرض إتاوات بمبالغ ضخمة مقابل السماح للأهالي باستعادة منازلهم أو العودة إلى قراهم، إلى جانب تزايد الأخبار حول اختطاف نساء وفتيات في وضح النهار، واحتجازهن مقابل فدى مالية.
وإلى ذلك تشهد سوريا اعتقالات جماعية دون تهم واضحة، مع تعرض المختطفين للتعذيب.
ولم تتوقف الانتهاكات عند هذه النقاط؛ بل شملت مناطق أخرى مثل إعزاز، تل رفعت، وحي الأشرفية بحلب، حيث وثّق المرصد السوري عمليات خطف جماعي، وفرض إتاوات باهظة تصل إلى آلاف الدولارات.
في إحدى الوقائع البارزة، قُتل شاب من عفرين بعد إطلاق سراحه عقب دفع فدية قدرها 10 آلاف دولار، ليعاد اعتقاله وتصفيته داخل أحد المعتقلات تحت ظروف غامضة.
انهيار أمني شامل
وتؤكد المؤسسات الحقوقية السورية، أن تصاعد هذه الجرائم يعكس حالة الانهيار الأمني المتزايد في سوريا، مع تحوّل مناطق النزاع السابقة والحالية إلى بيئة خصبة للجريمة المنظمة، في ظل ضعف الرقابة وانشغال القوى المسيطرة بالمصالح الاقتصادية.
فيما يرى عدد من الحقوقيين المهتمين بالشأن السوري أن استهداف رجال الأعمال في هذا التوقيت قد يحمل أبعاداً أعمق من مجرد الابتزاز المالي، مشيرين إلى احتمال وجود رسائل تهديد سياسية أو اقتصادية لبعض الشخصيات التي تحافظ على جزء من استقلالها الاقتصادي في بيئة تجارية مضطربة.
وفي حين تشهد دمشق تنامي حوادث الخطف والقتل المنظم، تعيش المناطق الشمالية الخاضعة للفصائل الموالية لتركيا فوضى أمنية مطلقة، وسط غياب أي تدخل دولي حقيقي لوقف تلك الانتهاكات.
وأثارت هذه الجرائم تساؤلات واسعة في أوساط الشارع السوري حول فعالية الأجهزة الأمنية، لا سيما أن بعضها وقع في مناطق شديدة التحصين وتخضع لرقابة أمنية مكثفة.
ويخشى سوريون أن تتحول هذه الظواهر إلى أمر واقع دائم، خاصة مع تزايد تقارير التواطؤ بين جهات أمنية محلية وبعض العصابات المسلحة.
كما أبدى ناشطون سوريون، مخاوف من وجود تواطؤ أو غضّ طرف من جهات نافذة تجاه هذه العصابات، خصوصاً في ظل غياب محاسبة حقيقية للمجرمين وتكرار مثل هذه الحوادث دون الكشف عن منفذيها.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

تغاريد حرة .. عشنا وشفنا الحقارات كلها..
تغاريد حرة .. عشنا وشفنا الحقارات كلها..

يمنات الأخباري

timeمنذ ساعة واحدة

  • يمنات الأخباري

تغاريد حرة .. عشنا وشفنا الحقارات كلها..

أحمد سيف حاشد أصغر فاسد يوظف عياله وأخوته في مراكز قيادية على حساب من يستحقها.. شعب أهدروا حقوقه وآدميته (2) الوطنيون والمحترمون بدون أسنان، والتافهون بأسنان وأنياب.. يشيدون الأبراج ويشترون الشقق ويستثمرون في المولات والمطاعم، بل وفي الممنوعات أيضا.. غير أن القهر الذي لا يحتمل أن الشعب أو بعضه يصفق لهم حتى يهر الدم. (3) من لم يستطع تقديم نموذج في عدن، لن يقدم شيئا لليمن لا جنوبا ولا شمالا، ولا حتى في القرى التابعة لهم.. الحقيقة المرة إنهم أفشل وأفسد من مر على حكم اليمن. (4) لم تعد سلطة صنعاء بحاجة إلى معاقبة المعارضين لها، بل تكتفي أن تسمح لهم بالسفر، والأطراف الأخرى تتولى عنها عقابهم.. عشنا وشفنا الحقارات كلها.. (5) كل الجماعات الدينية التي تدعي العالمية؛ تفشل في أن تكون عالمية أو حتى وطنية، بل نجدها في حقيقتها جماعات أيديولوجية مغلقة ومحكومة بالعصبوية وفاشلة على نحو أكيد. (6) راتب شهري لأكاديمية ثلاثة وثلاثين دولار يا لصوص، فيما أقل تافه منكم يستلم ثلاثة ألف دولار شهريا، والموطن يموت قهرا وجوعا.. (8)

نظرة على الموجة الجديدة من هجمات الجيش اليمني على السفن الغربية الصهيونية
نظرة على الموجة الجديدة من هجمات الجيش اليمني على السفن الغربية الصهيونية

المشهد اليمني الأول

timeمنذ 2 ساعات

  • المشهد اليمني الأول

نظرة على الموجة الجديدة من هجمات الجيش اليمني على السفن الغربية الصهيونية

منذ أواخر عام 2024 تقريبًا، وبالتزامن مع إرساء وقف إطلاق نار مؤقت في قطاع غزة ووقف عدوان الكيان الصهيوني على الشعب الفلسطيني الأعزل، توقفت أيضًا هجمات الجيش اليمني البحرية والصاروخية والطائرات المسيرة على السفن العسكرية والتجارية التابعة للكيان الصهيوني أو المرتبطة به. لطالما أكد القادة السياسيون لأنصار الله أنه مع استئناف أو توقف الهجمات على غزة، ستتغير استراتيجية الأمة اليمنية تجاه العدو الصهيوني وفقًا لذلك؛ مع دخول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض ومنحه الصهاينة الضوء الأخضر لخرق اتفاق وقف إطلاق النار ومهاجمة قطاع غزة، شهدنا لأول مرة هجمات صاروخية وطائرات مسيرة على الأراضي المحتلة. ثم، ابتداءً من الـ 15 من مارس/آذار 2025، تدخلت البحرية الأمريكية بشكل مباشر وقصفت الأراضي اليمنية لمدة 50 يومًا تقريبًا؛ وخلال هذه الفترة، اكتفت جماعة أنصار الله، بضبط النفس، وبخطة عسكرية خاصة بها، بشن هجمات صاروخية على الأراضي المحتلة وهجمات مباشرة على الأسطول والطائرات الأمريكية التي تنتهك الأجواء اليمنية، ولم تُسجل أي هجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب. خلال عمليتهم التي استمرت قرابة شهرين، والتي كلفت مليار دولار أمريكي بشكل مباشر، وأسفرت عن فقدان 10 طائرات استطلاع قتالية مسيرة من طراز MQ-9 وإسقاط 3 مقاتلات من طراز F-18 سوبر هورنت، أدرك الأمريكيون صعوبة محاربة الشعب اليمني العنيد والمقاوم، فاضطروا إلى قبول الهزيمة والتراجع. المثير للاهتمام أنه في اليوم الأخير الذي سبق وقف إطلاق النار، زعم ترامب أنه من الآن فصاعدًا، لن يهاجم الحوثيون (أنصار الله) في اليمن السفن (بينما لم يتخذ الجيش اليمني نفسه أي إجراء لمهاجمة السفن التجارية منذ أشهر)، ومع ذلك، وكما هو الحال مع وعود دونالد ترامب الفارغة وغير المجدية، نشهد الآن استئناف الجيش اليمني هجماته على الأسطول التجاري الغربي الصهيوني في البحر الأحمر. الهجمات على السفن التجارية تختلف عن الماضي في الأسبوع الماضي، استهدفت وحدة أنصار الله البحرية والصاروخية سفينتين تجاريتين غربيتين كانتا تخدمان التجارة البحرية للكيان الصهيوني، ودُمرتا: سفينة 'ماجيك سيز' وسفينة 'إترنيتي سي'. في الحالة الأولى، كانت سفينة 'ماجيك سيز' التجارية في طريقها إلى ميناء إيلات جنوب الأراضي المحتلة بعد مرورها عبر باب المندب، في حين أنها سجلت معلومات كاذبة عن وجهتها في الأراضي المصرية؛ على بُعد 51 ميلًا بحريًا غرب ميناء الحديدة، حذرت الوحدة البحرية التابعة للجيش اليمني السفينة بالتوقف للتفتيش عند اقترابها. تجاهلت السفينة التحذيرات عدة مرات حتى أصاب زورقان انتحاريان يمنيان غرفة محركات السفينة بدقة، ما أدى إلى تعطيل نظام الدفع فيها، ثم انتشرت وحدة العمليات البحرية الخاصة التابعة لأنصار الله على سطح السفينة وسيطرت عليها بالكامل. قُصفت سفينة 'ماجيك سيز' بالكامل وأُغرقت بعد وقت قصير من استخدامها لتلبية الاحتياجات التجارية للكيان الإسرائيلي. وهذه هي المرة الأولى التي تُدمر فيها سفينتان تجاريتان تابعتان للتجارة البحرية الإسرائيلية بالكامل وتُغرقان في غضون يومين فقط. لكن قصة سفينة 'إترنيتي-سي' كانت مختلفة وأكثر إثارة للاهتمام. في الـ 9 من يوليو/تموز، كانت السفينة تُرسل حمولتها إلى ميناء إيلات جنوب الأراضي المحتلة عندما تعرضت لهجوم متزامن بصواريخ باليستية وصواريخ كروز مضادة للسفن. وحسب صور نشرتها حركة أنصار الله اليمنية، فقد أصاب الصاروخ الباليستي المضاد للسفن وصاروخ كروز هيكل السفينة. ويُعد إصابة الصاروخ الباليستي اليمني المضاد للسفن هدفًا متحركًا، بالقرب من جسر السفينة، إنجازًا جديدًا لوحدة الصواريخ في الجيش اليمني، ويثبت مجددًا قدرات البلاد العسكرية في مواجهة الأعداء الخارجيين وتعريض المصالح الصهيونية في المنطقة للخطر. بناءً على الصور التي نشرتها حركة أنصار الله، يبدو أن صاروخ عاصف الباليستي المضاد للسفن قد استُخدم في الهجوم الأخير. عُرض صاروخ عاصف مرارًا في عروض الجيش اليمني، واستُخدم في هجمات على سفن تجارية وعسكرية في البحر الأحمر. كما أرسلت الوحدة البحرية لحركة أنصار الله، في بادرة حسن نية وإنسانية، قوارب نجاة لإنقاذ ركاب السفينة المذكورة، وتم علاج جرحاهم بعد نقلهم إلى المستشفى، تُحذّر الحكومة اليمنية مجددًا من أن هدفهم ليس إيذاء المدنيين أو تهديد حياتهم، ولكن طالما استمر عدوان الكيان الصهيوني وجرائمه ضد شعب غزة المظلوم، فسيتم استهداف أي سفينة تُستخدم لأغراض تجارية للكيان الصهيوني وتنوي المرور عبر المياه اليمنية دون أي اعتبار.

عدالة معلقة وقضاة بلا حماية: السلطة القضائية في اليمن بين الإهانة والتجويع
عدالة معلقة وقضاة بلا حماية: السلطة القضائية في اليمن بين الإهانة والتجويع

يمنات الأخباري

timeمنذ 3 ساعات

  • يمنات الأخباري

عدالة معلقة وقضاة بلا حماية: السلطة القضائية في اليمن بين الإهانة والتجويع

يمنات في اليمن ، وبين جدران المحاكم التي يُفترض أن تكون ملاذ المظلومين، يعيش القاضي اليمني أكثر أوقاته إذلالًا وتهميشًا منذ قيام الجمهورية. فرغم القسم الذي أدّاه بـ'أن يحكم بين الناس بالعدل'، فإن واقعه المعيشي والوظيفي يكشف عن سلطة قضائية تُحاصر من كل الجهات: ماليًا، وأمنيًا، وإعلاميًا، ومؤسسيًا، حتى باتت قرارات القضاة بلا قوة، وكرامتهم بلا ساتر. راتب لا يفي بالإيجار.. فكيف بالعيش؟ لا يتجاوز راتب القاضي في صنعاء 250,000 ريال يمني شهريًا، أي ما يعادل نحو 470 دولارًا بسعر الصرف الرسمي (533 ريالًا للدولار)، أو قرابة 200 دولار بسعر السوق. في المقابل، يصل إيجار أبسط شقة سكنية إلى 200 ألف ريال للقاضي رب الأسرة الكبيرة و100 ألف ريال للقاضي رب الأسرة الصغيرة . وباحتساب تكاليف الماء والكهرباء والمواصلات والغذاء والتعليم، نجد أن القاضي يعيش تحت خط الفقر، وبلا أي مخصصات إضافية أو سكن وظيفي أو بدل انتقال. البطاقة القضائية لا يُعتَرَفُ بها كوثيقة رسمية ! في مفارقة تُثير الاستغراب والأسى، لا تعترف أغلب الجهات العامة والخاصة بالبطاقة القضائية ولا تعطي لحاملها وزنا حتى شركات الصرّافة أو البنوك لا تقبل البطاقة القضائية كوثيقة تعريفية لصرف راتب القاضي ، في حين يُقبل التعامل بالبطاقة العسكرية بسهولة. وهكذا، يفقد القاضي احترام السوق، كما فقد من قبل حماية السلطة، ومعها احترام فئات المجتمع. أوامر لا تُنفذ.. ما لم يوافق قسم الشرطة رغم صدور الأحكام القضائية 'باسم الشعب'، إلا أن تنفيذها مرهون برضا مأموري الضبط ومدراء أقسام الشرطة، ما يجعل هيبة القاضي رهينة مزاج السلطة التنفيذية. وقد يحدث أن يُعلّق أمر قضائي مشروع، أو يُماطل فيه، أو يُرفض تنفيذه بالكامل، دون أن يُسأل أحد. خروج القاضي إلى الميدان.. مخاطرة قد تودي بحياته لا تملك المحاكم الاستئنافية ولا الابتدائية أي أطقم عسكرية مخصصة أو وحدات أمنية لحماية القضاة أثناء النزول الميداني أو تنفيذ الأحكام. وقد سُجلت حالات لقضاة تعرضوا للتهديد أو القتل أثناء تأدية مهامهم، في ظل غياب أي مظلة أمنية أو خطة حماية مؤسسية لهم. كل موظف في المحكمة يُحسب على القضاة! لا يميز كثير من الناس بين القاضي الحقيقي والموظف الإداري. فـ'أمين السر'، و'المُحضر'، و'الجندي الإداري'، جميعهم يُلقبون مجتمعيًا بـ'قضاة'، وما يرتكبه أحدهم يُحسب مباشرة على القاضي في نظر الجمهور. وهذا ما يتسبب في انهيار الصورة المجتمعية للقضاء، حيث تتراكم الشكاوى والاتهامات على القاضي، وهو منها براء. في سابقة فريدة بين موظفي الدولة، يخضع القاضي اليمني لحصار غير قانوني صارم يمنعه من تحصيل أي دخل مشروع خارج راتبه الهزيل: ممنوع عليه التحكيم، حتى إن طلبه الناس. ممنوع عليه تقديم الاستشارات القانونية، رغم خبرته. ممنوع عليه كتابة العقود، وعقوده لا تُعتمد في السجل العقاري، بينما تُعتمد عقود الأمناء الشرعيين. ممنوع عليه إجراء القسمة أو التصرف كوسيط، ولو تطوع بذلك. ممنوع عليه العمل بالتجارة أو أي نشاط خاص. ممنوع عليه حتى التعبير عن رأيه في قضايا عامة. وبالمقابل، تنشط السلطة التنفيذية – أفرادًا وجهات – في المجال نفسه بمخالفة صريحة للقانون. رجال إدارات أمنية ، ومحافظون ، ووكلاء محافظات ، ومشايخ، وموظفون ادارييون ، يتصدرون التحكيم، ويُجرون القسمة، ويبتّون في النزاعات ، بلا تحصيل علمي ولا معرفة قانونية ، بل ويحبسون المواطن لإجباره على التحكيم، ويفرضون أجورًا باهظة بلا سند قانوني أو رقابة قضائية أو مساءلة إدارية. وما يزيد الطين بلة أن السلطة تغض الطرف، والإعلام صامت، والمواطن لا يجد غير هؤلاء الجهلة للإنصاف، بعدما عجز القاضي الحقيقي عن تأدية وظيفته وهو مكبل اليدين مغلول الدخل. نادي محاصر نادي قضاة اليمن، وهو الهيئة النقابية الوحيدة التي تمثل القضاة، لم يسلم من الحصار والتهميش. فقد أُجبر على إخلاء مقره لعجزه عن دفع الإيجار، وأصبح بلا مبنى ولا ميزانية تشغيل ولا منصة إعلامية. ورغم كفاءة القائم بأعمال رئيس النادي ونزاهته المشهودة، تعرّض لحملات تشويه وتشويش ممنهجة، وأُقصي النادي عن دوره، حتى بلغ الأمر تجاهله من قبل السلطة التي لا تعترف إلا بقناة وحيدة للتفاهم بشأن القضاة، وهي القناة التي عينتها بقرار سياسي منها ، لا بانتخاب أو تمثيل حقيقي. استقلال القضاء.. مصطلح فارغ بلا حماية وكرامة إن الحديث عن استقلال القضاء في اليمن لا معنى له في ظل هذا الواقع. فالقاضي الجائع لا يستطيع أن يحكم بحرية، والمكشوف أمنيًا لا يجرؤ على إنفاذ العدالة بحق المتنفذين، والمهان أمام الجمهور لا يملك الجرأة على قول الحق في وجه من لا يخاف. السلطة القضائية تنهار ببطء من الداخل، وتُسلَب قوتها وأدواتها بندًا بندًا، وقاضي اليوم يُطلب منه أن يُشبه الله في عدله، وهو لا يملك رغيفًا يُطعم به أطفاله.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store