
خطة لبنانية جديدة لإعادة النازحين السوريين
جاء في 'الشرق الاوسط':
أنهت اللجنة الوزارية اللبنانية المكلفة ملف النازحين السوريين إعداد خطتها لإعادتهم إلى بلدهم، وتستعد لعرضها على مجلس الوزراء قريباً لأخذ موافقته على المضي قدماً بتنفيذها.
وتحاول الحكومة اللبنانية الاستفادة من التطورات الكثيرة التي شهدها الملف السوري منذ سقوط نظام الرئيس السابق بشار الأسد، كذلك بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب رفع العقوبات عن سوريا.
ويرى لبنان أن الظروف التي كانت تمنع عودة القسم الأكبر من النازحين، وأبرزها الأمنية، لم تعد موجودة رغم موجة النزوح الجديدة التي شهدها الشمال اللبناني في مارس (آذار) 2025، مع وصول نحو 40 ألف شخص هربوا من المناطق الساحلية السورية.
تفاصيل الخطة
ويكشف نائب رئيس مجلس الوزراء طارق متري، والذي يترأس اللجنة الوزارية، عن أن اللجنة أنجزت خطة جديدة لإعادة النازحين السوريين تقوم على مراحل عدة، وستعرضها على مجلس الوزراء في أقرب فرصة لأخذ موافقته على المضي قدماً بها.
ولفت متري، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن الخط «تضع في الحسبان أن عدداً كبيراً من السوريين، ولدوافع مختلفة، بدأوا في العودة إلى بلدهم»، مشيراً إلى عدم وجود رقم دقيق لعدد العائدين.
ويوضح متري أن «عدداً كبيراً من النازحين أبدى استعداده للعودة، بحسب استطلاع رأي أجرته مفوضية شؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، أضف أن الحكومة السورية (برئاسة الرئيس أحمد الشرع) لا تعارض عودتهم، وإن كانت قلقة من الظروف المعيشية والسكنية»، عادَّاً أن «كل ذلك يجعل العودة الطوعية ممكنة وعلى مراحل».
ويضيف: «سنسعى لإنجاز المرحلة الأولى قبل انطلاق العام الدراسي مطلع شهر سبتمبر (أيلول) المقبل من دون القدرة على تحديد الأعداد، وإن كنا نتوقع أن تتراوح بين 200 و300 ألف، وذلك يتوقف على نجاح العملية».
ويشرح متري أن «العودة ستنقسم بين منظمة وغير منظمة، بحيث يتم في الأولى تسجيل الأسماء وتأمين حافلات لنقلهم إلى الداخل السوري على أن يحصل كل نازح على مبلغ 100 دولار. أما بخصوص العودة غير المنظمة فسيكون على النازح أن يحدد موعد مغادرته وتأمين وسيلة التنقل، لكنه سيحصل أيضاً على 100 دولار»، لافتاً إلى أن «الأمن العام اللبناني سيعفي المغادرين من الغرامات المترتبة عليهم نتيجة إقامات منتهية الصلاحية، مع شرط عدم العودة إلى لبنان».
ويوضح متري أن «الحكومة تلقت وعوداً بأن تدعم الهيئات المانحة وبعض الدول العائدين إلى سوريا للاستقرار هناك وعدم العودة بطريقة غير شرعية إلى لبنان لأسباب اقتصادية»، مؤكداً أن «الترحيل القسري الجماعي غير وارد».
النازحون بالأرقام
ويُقدَّر عدد السوريين في لبنان، بحسب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، بنحو 1.4 مليون شخص، من بينهم 717657 نازحاً مسجّلين لدى المفوضية.
وبحسب الأرقام الرسمية للمفوضية فقد عاد 507672 نازحاً إلى سوريا عبر الدول المجاورة منذ 8 ديسمبر (كانون الأول) 2024، منهم 172801 من لبنان.
ويطالب قسم كبير من القوى السياسية اللبنانية منذ سنوات بوقف إعطاء المساعدات المالية للنازحين في لبنان لحثّهم على العودة، ومنح هذه المساعدات لمن يعود منهم.
تراجع الخدمات
ومؤخراً، أبلغت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، وزارة الصحة اللبنانية، بوقف تقديم الدعم الصحي للاجئين السوريين في لبنان، ابتداءً من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، «بسبب قلة التمويل المقدم من الدول المانحة».
وتوضح الناطقة باسم مفوضية اللاجئين في لبنان، ليزا أبو خالد، أن المفوضية ستضطر إلى التوقف كاملاً عن دعم التكاليف الاستشفائية للاجئين مع نهاية عام 2025؛ وذلك نتيجة النقص الكبير في التمويل، لافتة إلى أنه «تم بالفعل إيقاف الدعم الصحي الأولي؛ ما سيؤثر بشكل مباشر على 80 ألف لاجئ».
وتشير أبو خالد، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «برامج المساعدات النقدية تأثرت هي الأخرى بشكل كبير، حيث انخفضت قدرتنا على الوصول إلى المستفيدين بنسبة 65 في المائة منذ يناير (كانون الثاني) الماضي، ضمن إطار البرنامج النقدي المشترك بين المفوضية وبرنامج الأغذية العالمي. وفعلياً، اضطررنا إلى وقف المساعدة عن 350 ألف شخص من الفئات الضعيفة، وما زلنا نفتقر إلى التمويل اللازم لدعم الـ200 ألف المتبقين بعد سبتمبر».
وتكشف أبو خالد عن أنه «سيتم إنهاء الدعم المقدم للتعليم، وخصوصاً المساعدة للأطفال اللاجئين غير الملتحقين بالمدارس، بما يشمل برامج محو الأمية وتعليم الحساب، بحلول يوليو (تموز) 2025. وسيتأثر بذلك بشكل مباشر نحو 15 ألف طفل.
مع الإشارة إلى إجراء تقليصات صعبة في القوى العاملة، بنسبة 30 في المائة في عام 2025؛ ما يعني خسارة أكثر من 150 موظفاً من الكوادر المهمة بحلول نهاية العام».
خطة لإعادة 400 ألف نازح
وترى أبو خالد أن «السياق الحالي يُعد فرصة إيجابية لعودة أعداد أكبر من اللاجئين السوريين إلى وطنهم، أو للبدء في التفكير في العودة بشكل واقعي ومستدام»، إلا أنها تستطرد قائلة: «لكن لا تزال الأزمة الإنسانية في سوريا كبيرة، حيث يحتاج الملايين إلى مساعدات عاجلة تشمل الغذاء والمأوى والرعاية الصحية وغيرها. وقد أعرب كثير من اللاجئين عن رغبتهم في العودة إلى بلادهم، لكنهم ما زالوا مترددين بسبب الظروف غير المؤكدة على المدببن القصير والطويل. ومن أبرز المخاوف: الوصول إلى التعليم وفرص كسب العيش، وقضايا السكن والأراضي والممتلكات غير المحسومة، فضلاً عن توفر المساعدات الإنسانية عند العودة؛ ما يحتّم على المجتمع الدولي أن يكثف جهوده لتلبية هذه الاحتياجات ودعم جهود التعافي الطويلة الأمد في سوريا».
وتكشف أبو خالد عن أن «المفوضية وشركاءها الإنسانيين في لبنان وضعوا خطة عمل مشتركة للعودة الطوعية تهدف إلى مساعدة نحو 400 ألف لاجئ سوري، من ضمنهم 5000 لاجئ فلسطيني من سوريا، على العودة الطوعية من لبنان إلى سوريا في عام 2025 بصفته أفضل سيناريو ممكن. وتتضمن الخطة تقديم مساعدات لتسهيل العودة، إضافة إلى النقل والمساعدة في الوثائق المطلوبة داخل سوريا».

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


النشرة
منذ 14 دقائق
- النشرة
متري: اللجنة الوزارية المكلفة ملف النازحين السوريين أنجزت خطة جديدة لإعادتهم تقوم على مراحل عدة
كشف رئيس اللجنة الوزارية اللبنانية المكلفة ملف النازحين السوريين نائب رئيس الحكومة طارق متري أن اللجنة أنجزت خطة جديدة ل إعادة النازحين السوريين تقوم على مراحل عدة، وستعرضها على مجلس الوزراء في أقرب فرصة لأخذ موافقته على المضي قدماً بها. ولفت متري، في حديث لصحيفة "الشرق الأوسط"، إلى أن الخط "تضع في الحسبان أن عدداً كبيراً من السوريين، ولدوافع مختلفة، بدأوا في العودة إلى بلدهم"، مشيراً إلى عدم وجود رقم دقيق لعدد العائدين. وأوضح متري أن "عدداً كبيراً من النازحين أبدى استعداده للعودة، بحسب استطلاع رأي أجرته مفوضية شؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، أضف أن الحكومة السورية (برئاسة الرئيس أحمد الشرع) لا تعارض عودتهم، وإن كانت قلقة من الظروف المعيشية والسكنية"، عادَّاً أن "كل ذلك يجعل العودة الطوعية ممكنة وعلى مراحل". وأشار إلى أننا "سنسعى لإنجاز المرحلة الأولى قبل انطلاق العام الدراسي مطلع شهر أيلول المقبل من دون القدرة على تحديد الأعداد، وإن كنا نتوقع أن تتراوح بين 200 و300 ألف، وذلك يتوقف على نجاح العملية". وشرح متري أن "العودة ستنقسم بين منظمة وغير منظمة، بحيث يتم في الأولى تسجيل الأسماء وتأمين حافلات لنقلهم إلى الداخل السوري على أن يحصل كل نازح على مبلغ 100 دولار. أما بخصوص العودة غير المنظمة فسيكون على النازح أن يحدد موعد مغادرته وتأمين وسيلة التنقل، لكنه سيحصل أيضاً على 100 دولار"، لافتاً إلى أن "الأمن العام اللبناني سيعفي المغادرين من الغرامات المترتبة عليهم نتيجة إقامات منتهية الصلاحية، مع شرط عدم العودة إلى لبنان". وأوضح متري أن "الحكومة تلقت وعوداً بأن ت دعم الهيئات المانحة وبعض الدول العائدين إلى سوريا للاستقرار هناك وعدم العودة بطريقة غير شرعية إلى لبنان لأسباب اقتصادية"، مؤكداً أن "الترحيل القسري الجماعي غير وارد".


سيدر نيوز
منذ 26 دقائق
- سيدر نيوز
لبنان يطلق خطة لإعادة النازحين السوريين: عودة طوعية تدريجية تشمل 400 ألف لاجئ رغم التحديات الإنسانية
أنهت اللجنة الوزارية اللبنانية المكلفة ملف النازحين السوريين إعداد خطتها لإعادتهم إلى بلدهم، وتستعد لعرضها على مجلس الوزراء قريباً لأخذ موافقته على المضي قدماً بتنفيذها. وتحاول الحكومة اللبنانية الاستفادة من التطورات الكثيرة التي شهدها الملف السوري منذ سقوط نظام الرئيس السابق بشار الأسد، كذلك بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب رفع العقوبات عن سوريا. ويرى لبنان أن الظروف التي كانت تمنع عودة القسم الأكبر من النازحين، وأبرزها الأمنية، لم تعد موجودة رغم موجة النزوح الجديدة التي شهدها الشمال اللبناني في مارس (آذار) 2025، مع وصول نحو 40 ألف شخص هربوا من المناطق الساحلية السورية. تفاصيل الخطة ويكشف نائب رئيس مجلس الوزراء طارق متري، والذي يترأس اللجنة الوزارية، عن أن اللجنة أنجزت خطة جديدة لإعادة النازحين السوريين تقوم على مراحل عدة، وستعرضها على مجلس الوزراء في أقرب فرصة لأخذ موافقته على المضي قدماً بها. ولفت متري، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن الخط «تضع في الحسبان أن عدداً كبيراً من السوريين، ولدوافع مختلفة، بدأوا في العودة إلى بلدهم»، مشيراً إلى عدم وجود رقم دقيق لعدد العائدين. ويوضح متري أن «عدداً كبيراً من النازحين أبدى استعداده للعودة، بحسب استطلاع رأي أجرته مفوضية شؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، أضف أن الحكومة السورية (برئاسة الرئيس أحمد الشرع) لا تعارض عودتهم، وإن كانت قلقة من الظروف المعيشية والسكنية»، عادَّاً أن «كل ذلك يجعل العودة الطوعية ممكنة وعلى مراحل». ويضيف: «سنسعى لإنجاز المرحلة الأولى قبل انطلاق العام الدراسي مطلع شهر سبتمبر (أيلول) المقبل من دون القدرة على تحديد الأعداد، وإن كنا نتوقع أن تتراوح بين 200 و300 ألف، وذلك يتوقف على نجاح العملية». ويشرح متري أن «العودة ستنقسم بين منظمة وغير منظمة، بحيث يتم في الأولى تسجيل الأسماء وتأمين حافلات لنقلهم إلى الداخل السوري على أن يحصل كل نازح على مبلغ 100 دولار. أما بخصوص العودة غير المنظمة فسيكون على النازح أن يحدد موعد مغادرته وتأمين وسيلة التنقل، لكنه سيحصل أيضاً على 100 دولار»، لافتاً إلى أن «الأمن العام اللبناني سيعفي المغادرين من الغرامات المترتبة عليهم نتيجة إقامات منتهية الصلاحية، مع شرط عدم العودة إلى لبنان». ويوضح متري أن «الحكومة تلقت وعوداً بأن تدعم الهيئات المانحة وبعض الدول العائدين إلى سوريا للاستقرار هناك وعدم العودة بطريقة غير شرعية إلى لبنان لأسباب اقتصادية»، مؤكداً أن «الترحيل القسري الجماعي غير وارد». النازحون بالأرقام ويُقدَّر عدد السوريين في لبنان، بحسب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، بنحو 1.4 مليون شخص، من بينهم 717657 نازحاً مسجّلين لدى المفوضية. وبحسب الأرقام الرسمية للمفوضية فقد عاد 507672 نازحاً إلى سوريا عبر الدول المجاورة منذ 8 ديسمبر (كانون الأول) 2024، منهم 172801 من لبنان. ويطالب قسم كبير من القوى السياسية اللبنانية منذ سنوات بوقف إعطاء المساعدات المالية للنازحين في لبنان لحثّهم على العودة، ومنح هذه المساعدات لمن يعود منهم. تراجع الخدمات ومؤخراً، أبلغت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، وزارة الصحة اللبنانية، بوقف تقديم الدعم الصحي للاجئين السوريين في لبنان، ابتداءً من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، «بسبب قلة التمويل المقدم من الدول المانحة». وتوضح الناطقة باسم مفوضية اللاجئين في لبنان، ليزا أبو خالد، أن المفوضية ستضطر إلى التوقف كاملاً عن دعم التكاليف الاستشفائية للاجئين مع نهاية عام 2025؛ وذلك نتيجة النقص الكبير في التمويل، لافتة إلى أنه «تم بالفعل إيقاف الدعم الصحي الأولي؛ ما سيؤثر بشكل مباشر على 80 ألف لاجئ». وتشير أبو خالد، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «برامج المساعدات النقدية تأثرت هي الأخرى بشكل كبير، حيث انخفضت قدرتنا على الوصول إلى المستفيدين بنسبة 65 في المائة منذ يناير (كانون الثاني) الماضي، ضمن إطار البرنامج النقدي المشترك بين المفوضية وبرنامج الأغذية العالمي. وفعلياً، اضطررنا إلى وقف المساعدة عن 350 ألف شخص من الفئات الضعيفة، وما زلنا نفتقر إلى التمويل اللازم لدعم الـ200 ألف المتبقين بعد سبتمبر». وتكشف أبو خالد عن أنه «سيتم إنهاء الدعم المقدم للتعليم، وخصوصاً المساعدة للأطفال اللاجئين غير الملتحقين بالمدارس، بما يشمل برامج محو الأمية وتعليم الحساب، بحلول يوليو (تموز) 2025. وسيتأثر بذلك بشكل مباشر نحو 15 ألف طفل. مع الإشارة إلى إجراء تقليصات صعبة في القوى العاملة، بنسبة 30 في المائة في عام 2025؛ ما يعني خسارة أكثر من 150 موظفاً من الكوادر المهمة بحلول نهاية العام». خطة لإعادة 400 ألف نازح وترى أبو خالد أن «السياق الحالي يُعد فرصة إيجابية لعودة أعداد أكبر من اللاجئين السوريين إلى وطنهم، أو للبدء في التفكير في العودة بشكل واقعي ومستدام»، إلا أنها تستطرد قائلة: «لكن لا تزال الأزمة الإنسانية في سوريا كبيرة، حيث يحتاج الملايين إلى مساعدات عاجلة تشمل الغذاء والمأوى والرعاية الصحية وغيرها. وقد أعرب كثير من اللاجئين عن رغبتهم في العودة إلى بلادهم، لكنهم ما زالوا مترددين بسبب الظروف غير المؤكدة على المدببن القصير والطويل. ومن أبرز المخاوف: الوصول إلى التعليم وفرص كسب العيش، وقضايا السكن والأراضي والممتلكات غير المحسومة، فضلاً عن توفر المساعدات الإنسانية عند العودة؛ ما يحتّم على المجتمع الدولي أن يكثف جهوده لتلبية هذه الاحتياجات ودعم جهود التعافي الطويلة الأمد في سوريا». وتكشف أبو خالد عن أن «المفوضية وشركاءها الإنسانيين في لبنان وضعوا خطة عمل مشتركة للعودة الطوعية تهدف إلى مساعدة نحو 400 ألف لاجئ سوري، من ضمنهم 5000 لاجئ فلسطيني من سوريا، على العودة الطوعية من لبنان إلى سوريا في عام 2025 بصفته أفضل سيناريو ممكن. وتتضمن الخطة تقديم مساعدات لتسهيل العودة، إضافة إلى النقل والمساعدة في الوثائق المطلوبة داخل سوريا». الشرق الاوسط


تيار اورغ
منذ 42 دقائق
- تيار اورغ
إعادة الإعمار: ثلاثة مسارات متوازية وتحدّيات في التنفيذ (ندى اندراوس - المدن)
تشقّ عملية إعادة الإعمار في جنوب لبنان طريقها بصعوبة وسط تداخل المسارات السياسية والتقنية، وتفاوت الأولويات بين الدولة والجهات الفاعلة على الأرض. في ظل مخاوف من تكرار تجربة إعادة الإعمار ما بعد حرب تموز 2006. وبينما يُنتظر من الحكومة أن تضطلع بدور ريادي في رسم خطة شاملة، تكشف مصادر مطلعة، أنّ الجهود المطلوبة يفترض أن تُوزع على ثلاثة مسارات متوازية، لكلٍّ منها ديناميته وأدواته ومصادر تمويله. المسار القانونيالمسار الأول، ويُعنى بالإجراءات القانونية والتنفيذية لإعادة البناء وتعويض المتضررين، يشهد حراكاً داخلياً تتجلى في جولة وفد كتلة الوفاء للمقاومة على رئيس الجمهورية ومن ثم رئيس الحكومة نواف سلام. فحزب الله بادر إلى نقاش مفصّل مع رئيس الحكومة حول رؤيته للمرحلة المقبلة، وهي الرؤية نفسها التي ناقشها مع رئيس الجمهورية في لقاء جمع الطرفين مؤخراً، وتركّز على ضرورة توحيد الجهود وتقنينها ضمن إطار مؤسساتي لإعادة الإعمار.في هذا الإطار، علمت "المدن" أن الحكومة أحالت إلى المجلس النيابي مشروع قانون يتضمّن إعفاءات ضريبية ورسوم خدمات عامة (كهرباء ومياه) عن المتضررين من الحرب، على أن تُرفَق بمراسيم تنظيمية تسهّل إجراءات تراخيص البناء والترميم، وتضع آلية واضحة لاحتساب التعويضات، بناءً على جداول تقييم الأضرار التي أعدّتها الفرق الميدانية. وتشير مصادر متابعة إلى أن الحكومة لم تُقرّ بعد الآلية القانونية الملزمة لتحديد قيمة التعويضات، ما يعيق صرفها حتى الساعة. مع العلم أن حزب الله وبحسب معلومات "المدن" أنهى عمليات المسح للاضرار في البناء والبنى التحتية والمزروعات والسيارات والمحال والمؤسسات. مسار البنى التحتيةأما المسار الثاني، فيتناول إصلاح البنى التحتية من كهرباء وطرقات وشبكات مياه، وهو ما يتطلّب تمويلاً يفوق قدرات الخزينة العامة. وقد باشر رئيس الجمهورية وكذلك رئيس الحكومة إتصالات مع الجهات المانحة والصناديق لتأمين الدعم لتمويل إعادة الإعمار. ويؤمل أن يترجم ذلك في المؤتمر الذي يُعقد في السراي الحكومي للجهات المانحة والصناديق الممولة، في محاولة لرفع سقف تمويل عملية إعادة الإعمار، بعدما قدر البنك الدولي احتياجات لبنان للتعافي وإعادة الإعمار بنحو 11 مليار دولار. في وقت سبق أن أقر البنك الدولي قرضاً بقيمة 250 مليون دولار مخصّص لإعادة تأهيل البنى التحتية في الجنوب والمناطق المتضررة الأخرى. أكثر من ذلك، لا يفوت رئيس الجمهورية كما رئيس الحكومة فرصة إلا ويعملان على حشد دعم دولي أوسع، وتأمين تمويل سريع وشفاف للبنى التحتية، بما يتيح إعادة ربط القرى المعزولة، وتوفير الخدمات الأساسية التي تشكّل شرطاً مسبقاً لعودة الأهالي. وكذلك مباشرة إعادة إعمار آلاف الوحدات السكنية التي دمرتها إسرائيل. مسار مباشرة الإعمارالمسار الثالث يرتبط مباشرة بإعادة إعمار المساكن المهدّمة والمتضرّرة، وهو المسار الذي تصدّره حزب الله بفعالية ميدانية لافتة، عبر خطة ترميم وإيواء شملت في مرحلتها الأولى نحو 400 ألف أسرة في مختلف المناطق المتضرّرة. ووفق مصادر مطلعة، فإن الجزء الأكبر من أعمال الترميم أنجز، ويجري حالياً الإعداد للمرحلة الثانية التي يفترض أن تستكمل ما بدأته الخطة. إلا أن المصادر نفسها شدّدت على أن إعادة بناء البيوت التي تهدّمت بالكامل تبقى من مسؤولية الدولة، مطالبة الحكومة بوضع جدول زمني واضح لهذه المهمة، وتوفير آلية تمويل فعالة ومستدامة. ورغم الحديث عن حاجات مالية ضخمة لإعادة الإعمار، تُجمع مصادر رسمية ومطلعة على واقع الحال على الأرض أكان في الجنوب أو في الضاحية الجنوبية والبقاع، على وجود مبالغة في تقدير حجم الكلفة. وتلفت، في هذا الصدد، إلى تجربة بلدة عيترون، التي دُمّر نحو 40 في المئة من منازلها، بينما عاد ما يقارب 700 عائلة إلى بيوتهم وأراضيهم، رغم الدمار والركام. هذا المثال، تقول المصادر، يعكس تمسّك الجنوبيين بأرضهم وقرارهم بالعودة، ويدحض المبالغات التي تتحدث عن أرقام تفوق 11 مليار دولار. في وقت قدرت تلك المصادر من خلال أعمال المسح التي أجريت أن كلفة إعادة الإعمار قد لا تتجاوز الأربعة مليارات دولار. في المحصلة، يظهر بوضوح أن نجاح خطة إعادة الإعمار لا يقتصر على التمويل فقط، بل يتطلب حوكمة فعالة، وقرارات جريئة من الدولة، وإرادة سياسية موحّدة تضع مصلحة المواطنين فوق أي اعتبارات أخرى. وفي غياب ذلك، تخشى الأوساط الشعبية أن تتحول جهود الإغاثة إلى مشاريع مشتتة، يتناقص أثرها مع مرور الوقت، بدلاً من أن تُشكّل مدخلاً حقيقياً للتعافي الوطني.