logo
هل ستكون نهاية أميركا على يد ترامب؟

هل ستكون نهاية أميركا على يد ترامب؟

الجزيرةمنذ 6 ساعات

عبر التاريخ، ليس ثمة إمبراطورية ظنّت أنها خالدة إلا وسقطت، ولا دولة بالغت في جبروتها إلا وانقلب عليها الزمان.. من روما إلى الاتحاد السوفيتي، ومن بريطانيا العظمى إلى الدولة العثمانية، كل كيان تمدد بقوة الحديد والنار، وانشغل بإشعال الحروب الخارجية لقمع خصومه وفرض هيمنته، انتهى إما بتفكك داخلي أو بهزيمة ساحقة.
اليوم، ونحن نتابع تطورات العدوان الأميركي المتجدد ضد إيران، بقيادة دونالد ترامب -الرئيس السابق والحالي، المثير للجدل- يبرز سؤال كبير يتردد في أذهان كثيرين، خصوصًا في العالمين العربي والإسلامي: هل ستكون نهاية الإمبراطورية الأميركية على يد ترامب؟
ترامب أدخل أميركا في مرحلة من التورط الأعمى في صراعات لا تخدم إلا أهداف الكيان الإسرائيلي، دون أي اعتبار للنتائج الإستراتيجية أو الأخلاقية
خضوع كامل للوبي الصهيوني
منذ لحظة توليه الحكم في عام 2017، أظهر ترامب انحيازًا فجًّا وغير مسبوق لإسرائيل، جعل من الولايات المتحدة أداة صريحة في خدمة المشروع الصهيوني؛ فقد نقل السفارة الأميركية إلى القدس، وشرعن الاستيطان، وقطع المساعدات عن وكالة الأونروا، وفرض "صفقة القرن" التي حاول بها تصفية القضية الفلسطينية تمامًا.
لكن ما هو أخطر من كل ذلك، أن ترامب أدخل أميركا في مرحلة من التورط الأعمى في صراعات لا تخدم إلا أهداف الكيان الإسرائيلي، دون أي اعتبار للنتائج الإستراتيجية أو الأخلاقية.. هاجم سوريا، واغتال الفريق قاسم سليماني على الأراضي العراقية، ومنذ أيام -وفقًا لتقارير متعددة- جاء شنه لضربات عسكرية على منشآت إيرانية حساسة، مدفوعًا لا بمصالح وطنية أميركية، بل بأوامر مباشرة من لوبيات الضغط الصهيوني في واشنطن.
استعراض أم بداية النهاية؟
الضربة الأخيرة التي استهدفت مواقع نووية في إيران، والتي أعلن عنها ترامب بفخر في خطاباته، قد تبدو للبعض استعراضًا انتخابيًّا في موسم ساخن. لكن في العمق، هذه الخطوة تعني شيئًا أكثر خطورة: انهيار العقلانية في مؤسسة القرار الأميركي؛ فعندما تصبح المصالح الانتخابية والمزايدات الحزبية هي التي تتحكم في قرار شن الحروب، تتحول الدولة من قوة عظمى مسؤولة إلى كيان متهور، لا يختلف كثيرًا عن العصابات المسلحة.
إعلان
ترامب لم يكن أول من ضرب إيران أو هددها، لكنه فعل ذلك من موقع الضعف الأخلاقي والتدهور الداخلي! بلاده تعاني من انقسامات عنصرية، وتمزقات اجتماعية، وتراجع اقتصادي، وديون خارجية قياسية، ونظام ديمقراطي لم يعد يقنع أحدًا بصدقيته.
هناك انقسام عميق حول موقع أميركا في العالم: أيجب أن تستمر كشرطي للعالم أم إن وقت الانسحاب قد حان؟ ترامب كان يجيد اللعب على هذا التناقض، تارة يعلن الانسحاب من الشرق الأوسط، وتارة يقصفه!
الداخل الأميركي المتصدع
ما يجري داخل الولايات المتحدة أخطر بكثير من أي مواجهة عسكرية خارجية؛ فالمجتمع الأميركي منقسم بشكل لم يُشهد منذ الحرب الأهلية في القرن التاسع عشر.. قوى اليمين العنصري تتنامى، والجماعات المتطرفة تنتشر، والثقة في النظام السياسي تنهار، والشرطة تقتل المواطنين السود في الشوارع دون خوف من العقاب.
وفوق كل ذلك، هناك انقسام عميق حول موقع أميركا في العالم: أيجب أن تستمر كشرطي للعالم أم إن وقت الانسحاب قد حان؟ ترامب كان يجيد اللعب على هذا التناقض، تارة يعلن الانسحاب من الشرق الأوسط، وتارة يقصفه! تارة يهاجم "الناتو"، وتارة يستخدمه للضغط على روسيا والصين! تارة يقول إن "أميركا أولاً"، وتارة يجعل إسرائيل أولاً!
هذا التذبذب، الناتج عن شخصية ترامب غير المتزنة، عمّق حالة الضياع في السياسة الخارجية الأميركية، وأفقدها الكثير من هيبتها.
الإمبراطوريات تسقط من الداخل
لو راجعنا التاريخ قليلاً، لوجدنا أن أكثر الإمبراطوريات فتكًا وجبروتًا لم تسقط بسبب عدو خارجي بقدر ما تآكلت من الداخل.. روما العظمى كانت تملك أقوى جيوش الأرض، لكنها انهارت بسبب الفساد والصراعات الداخلية، والاعتماد المفرط على القوة دون حكمة. والاتحاد السوفيتي، بقوته النووية وجيشه الجرار، تفكك لا بسبب أميركا، بل بسبب حرب أفغانستان المدمّرة، والتورط في سباق تسلح استنزف الاقتصاد، والقمع الداخلي الذي أدى إلى انفجار اجتماعي.
اليوم، ترامب يقود أميركا في اتجاه مشابه؛ فيه تورط في نزاعات غير محسوبة، واستعداء حلفاء تقليديين، وعداء سافر للشعوب المسلمة والعربية، ودعم مطلق لكيان عنصري يمارس الفصل العنصري في فلسطين، وتفكيك الداخل الأميركي لصالح رؤى يمينية متطرفة.
يغيب عن أذهان كثيرين أن الدعم المفرط لإسرائيل ليس فقط خيانة للقيم الأميركية المعلنة، بل هو أيضًا سبب مباشر في تآكل سمعة أميركا عالميًا؛ فكلما أُُحرقت غزة، أو قُصفت منشآت في لبنان… كلما حصل ذلك انفضت الشعوب من حولها
إيران: التحدي الكبير
إيران، برغم كل الضغوط، ما زالت لاعبًا إقليميًّا مؤثرًا لا يمكن تجاوزه. ورغم الضربات، فإن قدرة الجمهورية الإسلامية على الصمود والرد وتوظيف الغضب الشعبي ضد أميركا أكبر مما يتصور ترامب ومستشاروه.
أمريكا لم تكسب شيئًا من عدوانها على العراق، ولا على أفغانستان، بل خرجت بخفي حنين من كلا البلدين. فهل تعتقد أنها ستنجح مع دولة أكثر تماسكًا وذكاءً ودهاءً مثل إيران؟ أم إن ترامب فتح بهذا العدوان أبواب جحيم إستراتيجي جديد على أميركا، سيكون ثمنه باهظًا؟
دعم ترامب لإسرائيل: سلاح ذو حدين
يغيب عن أذهان كثيرين أن الدعم المفرط لإسرائيل ليس فقط خيانة للقيم الأميركية المعلنة، بل هو أيضًا سبب مباشر في تآكل سمعة أميركا عالميًا؛ فكلما أُُحرقت غزة، أو قُصفت منشآت في لبنان، أو اغتيل قادة في سوريا، وكلما كانت أميركا الراعي المباشر لذلك.. كلما حصل ذلك انفضت الشعوب من حولها، وازدادت العزلة الدولية حولها. بل حتى داخل أميركا، بدأت قطاعات واسعة من الشباب والطلبة والنشطاء ترفض هذا الانحياز، وتعلن صراحة أن إسرائيل دولة احتلال وأن دعمها جريمة.
ترامب، بإصراره على جعل الولاء لإسرائيل معيارًا للوطنية، يدفع أميركا إلى موقف غير أخلاقي، بل وانتحاري.
هل تكون نهاية الإمبراطورية؟
ربما لا يُسقط ترامب أميركا وحده، لكن لا شك أنه يمثل أخطر تجليات الانحدار الإمبراطوري.. هو نتاج نظام سياسي فاسد، رأسمالي جشع، عنصري بطبعه، ومنحاز للمال والسلاح واللوبيات. وإذا عاد إلى الحكم، أو استمر تياره الشعبوي في السيطرة، فإن انهيار المشروع الأميركي العالمي سيتسارع.
نهاية أميركا قد لا تكون اليوم أو غدًا، لكن بوادرها تتشكل بوضوح في سياسات رعناء كسياسة ترامب.. والتاريخ -لمن يقرأه بوعي- لا يرحم الغافلين.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

نيويورك تايمز: هل تثني الضربة الأميركية لإيران دولا أخرى عن امتلاك القنبلة؟
نيويورك تايمز: هل تثني الضربة الأميركية لإيران دولا أخرى عن امتلاك القنبلة؟

الجزيرة

timeمنذ ساعة واحدة

  • الجزيرة

نيويورك تايمز: هل تثني الضربة الأميركية لإيران دولا أخرى عن امتلاك القنبلة؟

في تحليل إخباري بصحيفة نيويورك تايمز، تساءل الكاتب مارك لاندر عما إذا كانت الضربات الاستباقية التي شنتها الولايات المتحدة مساء السبت الماضي على المنشآت النووية الإيرانية الرئيسية ، ستثني الدول الأخرى عن السعي لامتلاك السلاح النووي، أم أن العكس هو الصحيح تماما؟ ووفق المقال التحليلي، فقد مضى ما يقرب من عقدين من الزمن لم تستطع أي دولة شق طريقها إلى نادي الدول النووية، وقد أخذ الرئيس الأميركي دونالد ترامب على نفسه عهدا بإبقاء الباب مغلقا بقصفه المنشآت النووية الإيرانية الثلاث في فوردو ونطنز وأصفهان. ويعتقد لاندر أن من الصعب التنبؤ بما إذا كانت تلك الضربات الاستباقية ستنجح في ذلك، لكنه يعتقد أنها تثير مخاوف من أن تستخلص منها إيران ودول أخرى استنتاجا مختلفا تماما عما قصده البيت الأبيض، وهو أن امتلاك قنبلة نووية هي الوسيلة الوحيدة التي توفر لها الحماية في عالم محفوف بالمخاطر. كوريا الشمالية التي كانت آخر دولة تحصل على القنبلة النووية، لم تتعرض لمثل الهجوم الذي شُن على إيران، بل يُنظر إليها الآن على أنها محصّنة إلى حد كبير من أي اعتداء بعد أن تحدت كل المطالب بتفكيك برنامجها النووي. وقارن لاندر -الذي يعمل مديرا لمكتب نيويورك تايمز في لندن- بين تعامل الولايات المتحدة مع كل من كوريا الشمالية وإيران فيما يتعلق بالقضية النووية، وما ينطوي عليه من مفارقة. وقال إن ترامب تبادل مع الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون رسائل ودية، والتقى به مرتين في محاولة غير مثمرة للتفاوض على صفقة. لكن في حالة إيران، أرسل الرئيس الأميركي قاذفات القنابل من طراز "بي-2" لضرب منشآتها النووية عقب أسابيع قليلة من إعلانه مبادرة دبلوماسية جديدة لإعادة طهران إلى طاولة المفاوضات. والحقيقة التي يؤكدها الخبراء أن الضربات الاستباقية قد تجعل إيران حريصة الآن على امتلاك سلاح نووي. واستشهد لاندر على ذلك بتصريح أدلى به روبرت آينهورن، خبير الحد من التسلح الذي تفاوض مع إيران في عهد إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما. وقال آينهورن في ذلك التصريح إن مخاطر امتلاك إيران لترسانة نووية صغيرة أصبحت الآن أعلى مما كانت عليه قبل أحداث الأسبوع الماضي. غير أنه يزعم أن إيران ستواجه عقبات هائلة لإنتاج قنبلة نووية، حتى لو اندفعت بشكل منسق للحصول على واحدة، ليس أقلها أن تكتشف الولايات المتحدة وإسرائيل مثل تلك الخطوة لتقوما بعدها بتوجيه ضربة لها مرة أخرى. مارك لاندر: على الرغم من كل التنبؤات بانطلاق سباق تسلح إقليمي، إلا أن شيئا من ذلك لم يحدث بعد، والخبراء يعدون ذلك دليلا على نجاح سياسات منع انتشار الأسلحة النووية. إغراء القنبلة النووية ومع ذلك، يحذر لاندر من أن منطق الانتشار النووي يلوح في الأفق في عالم يُنظر فيه إلى القوى العظمى المسلحة نوويا -وهي الولايات المتحدة وروسيا والصين – على أنها غير موثوقة بشكل متزايد، بل وتنزع إلى افتراس جيرانها. ويفيد محللون أن الدول غير النووية تراقب محنة إيران من الخليج وأوروبا الوسطى إلى شرق آسيا، لاستخلاص الدروس واستقاء العبر منها. وفي هذا الصدد يقول كريستوفر هيل -الذي قاد محادثات مع بيونغ يانغ في عامي 2007 و2008 لمحاولة إقناعها بتفكيك برنامجها النووي- إن كوريا الشمالية لا تشعر بالندم أبدا على امتلاكها أسلحة نووية. وأضاف أن إغراء القنبلة النووية أصبح أقوى بالنسبة لحلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط وآسيا. ورغم أن هذه الدول ظلت تحت حماية المظلة الأميركية منذ الحرب العالمية الثانية ، إلا أن هيل يحذرها بسبب أنها الآن تتعامل مع رئيس، في شخص ترامب، يرى أن التحالفات لا تتوافق مع رؤيته التي تقوم على تفضيل "أميركا أولا". وأشار إلى أن دولا مثل اليابان وكوريا الجنوبية تتساءل عما إذا كان بإمكانها الاعتماد على الولايات المتحدة. وقال إن اليابان -على سبيل المثال- ابتدرت نقاشا داخليا حول ما إذا كان ينبغي عليها أن تُخزِّن أسلحة نووية من الولايات المتحدة على أراضيها، كما يفعل بعض أعضاء حلف شمال الأطلسي (الناتو). تهديدات بوتين وتطرق المقال التحليلي إلى تلويح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين باستخدام أسلحة نووية تكتيكية في وقت مبكر من حربه ضد أوكرانيا، الأمر الذي منح إدارة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن فسحة من الوقت لتسليح الجيش الأوكراني بقوة. كما أن تهديدات بوتين تلك زادت المخاوف من أن القوى الأخرى التي تسعى لتغيير النظام الدولي القائم قد تستخدم الابتزاز النووي لتخويف جيرانها. وقد يكون الدرس المستفاد من أوكرانيا هو أنه "إذا كانت لديك أسلحة نووية، احتفظ بها. وإذا لم تكن تملكها بعد، فاحصل عليها، خاصة إذا كنت تفتقر إلى حليف قوي مثل الولايات المتحدة يدافع عنك، أو إذا كنت منخرطا في نزاع مع دولة كبيرة من المحتمل أن يتحول إلى حرب"، وفق ما كتب بروس ريدل ومايكل أوهانلون، المحللان في معهد بروكينغز -وهي مجموعة بحثية في واشنطن- في عام 2022. أحلام محطمة بيد أن كاتب المقال يلفت إلى أنه على الرغم من كل التنبؤات بانطلاق سباق تسلح إقليمي، إلا أن شيئا من ذلك لم يحدث بعد، مشيرا إلى أن الخبراء يعدون ذلك دليلا على نجاح سياسات منع انتشار الأسلحة النووية، وكذلك على التاريخ المتقلب للدول التي سعت إلى امتلاك تلك الأسلحة. وأوضح أن أحلام دول الشرق الأوسط في الحصول على الأسلحة النووية قد تحطمت في مشهد فوضوي، وليس أدل على ذلك من أن برامج نووية لدول في المنطقة، مثل العراق وسوريا وليبيا، جرى تفكيكها إما عبر الطرق الدبلوماسية أو العقوبات أو القوة العسكرية.

هل انتهت حرب الـ12 يوما بين إسرائيل وإيران؟ وما مكاسب كل طرف؟
هل انتهت حرب الـ12 يوما بين إسرائيل وإيران؟ وما مكاسب كل طرف؟

الجزيرة

timeمنذ ساعة واحدة

  • الجزيرة

هل انتهت حرب الـ12 يوما بين إسرائيل وإيران؟ وما مكاسب كل طرف؟

تمكن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمس الثلاثاء من إقناع إسرائيل وإيران بضرورة وقف إطلاق النار بين البلدين. ولكن ما الذي حدث حقا؟ وأي طرف خرج أقوى من هذا الصراع؟ في التقرير التالي يسعى الزميل جون بساروبولوس من موقع الجزيرة الإنجليزية من خلال 4 محطات إلى الإجابة على العديد من الأسئلة التي طرحت في أعقاب توقف حرب الـ12 يوما بين إسرائيل وإيران. فقد انقلبت الأوضاع بين إسرائيل وإيران من تصعيد الحرب إلى هدنة، ويبدو أن ما أسماه ترامب "حرب الـ12 يومًا" بين إسرائيل وإيران قد انتهت، على الأقل في الوقت الراهن. حيث ادعى كل من ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وقادة إيران أن وقف القتال جاء وفقا لشروطهم. إذن، ما الحقيقة؟ ماذا حققت إسرائيل؟ هل تمكنت إيران من الدفاع عن أصولها الإستراتيجية؟ وهل تمثل الهدنة طريقا إلى السلام؟ 1/ كيف جرت الأحداث؟ في وقت متأخر من ليلة السبت الماضي، وبناء على طلب إسرائيل، دخلت الولايات المتحدة الحرب الإسرائيلية -الإيرانية بشن ضربات على منشآت نووية إيرانية في فوردو ونطنز وأصفهان، "مدمرة إياها بالكامل"، على حد تعبير ترامب. ويوم الاثنين، ردت إيران بإطلاق صواريخ على قاعدة العديد الجوية في قطر، وبدا أن الشرق الأوسط على شفا حرب أوسع وأطول. لكن في غضون ساعات، أعلن ترامب على منصة التواصل الاجتماعي الخاصة به "تروث سوشيال" أنه "تم الاتفاق بشكل كامل بين إسرائيل وإيران على وقف إطلاق النار بشكل كامل وتام". ووصف ترامب ذلك بأن "حرب الـ12 يومًا… كان من الممكن أن تستمر لسنوات وتدمر الشرق الأوسط". وبعد 4 ساعات من الموعد المقرر لبدء وقف إطلاق النار، شنت إسرائيل هجومًا على إيران ردا على ما قالت إنه صاروخان باليستيان دخلا مجالها الجوي، أطلقا من إيران، وقد دمرت إسرائيل في هجومها الانتقامي هذا محطة رادار قرب طهران. غضب ترامب بشدة. وقال للصحفيين "أنا غير راض على الإطلاق عن هجوم إسرائيل هذا الصباح". "لدينا دولتان تتقاتلان بشراسة منذ فترة طويلة لدرجة أنهما لا تعرفان ماذا تفعلان." وقد أعلنت إيران أنها لم تطلق تلك الصواريخ، عاد سريان وقف إطلاق النار، وتحدث ترامب إلى نتنياهو. 2/ ماذا حققت إسرائيل؟ لطالما زعمت إسرائيل أن إيران هي التهديد الوجودي الأول لها، لكنها لم تضرب من قبل منشآت طهران النووية. وفي 13 يونيو/حزيران الحالي، تجاوزت الخط الأحمر وقصفت المنشآت السطحية لمصنع تخصيب الوقود في نطنز ومجمع أصفهان للتكنولوجيا النووية. وردت إيران بإطلاق طائرات بدون طيار وصواريخ على إسرائيل. وتزعم إسرائيل أن ما قامت به كان دفاعا استباقيا عن النفس، لكن ليس ثمة من يتفق معها أن إيران تطور قنبلة نووية. وقد تمكنت إسرائيل من إقناع الولايات المتحدة بالانضمام إليها في هجماتها على إيران. ففي الحروب السابقة مثل حربي عام1967 و1973، قدمت الولايات المتحدة دعما ماديا لإسرائيل عندما تعرضت للهجوم، لكنها لم تساعدها من خلال المشاركة العملياتية المباشرة. وقد شكر نتنياهو ترامب على "وقوفه إلى جانبنا". 3/ هل تمكنت إيران من الدفاع عن برنامجها النووي؟ تمكنت إسرائيل من إلحاق أضرار جسيمة بأهداف سطحية في إيران، وتزعم الولايات المتحدة أنها دمرت منشآت نووية تحت الأرض. لكن في حين تظهر صور الأقمار الصناعية أن الصواريخ الأميركية أصابت أهدافها، لا يوجد تأكيد مستقل للتحقق مما تم تدميره، وسيتطلب ذلك إجراء عمليات تفتيش ميدانية. وقال رافائيل غروسي، مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وهي هيئة الأمم المتحدة للرقابة النووية، بعد الضربات الأميركية على المنشئات النووية الإيرانية: "في الوقت الحالي، لا أحد -بما في ذلك الوكالة الدولية للطاقة الذرية – في وضع يسمح له بتقييم الأضرار تحت الأرض في فوردو بشكل كامل". وأضاف "نظرًا للحمولة المتفجرة المستخدمة، والطبيعة شديدة الحساسية للاهتزازات التي تتميز بها أجهزة الطرد المركزي، من المتوقع أن تكون الأضرار التي لحقت بها كبيرة للغاية". كما لا يُعرف مكان 400 كيلوغرام من اليورانيوم عالي التخصيب الذي قالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إن إيران تمتلكها. وقد أشار رئيس لجنة الطاقة الذرية الإيرانية محمد إسلامي ، إلى أن البرنامج النووي سيخرج سالما من هذه المواجهات. وقال في بيان نشرته وكالة أنباء مهر شبه الرسمية أمس الثلاثاء: "خطة عملنا هي منع أي انقطاع في الإنتاج أو الخدمات". 4/ ما احتمال شن ضربة أخرى على إيران؟ ما اتفقت عليه إسرائيل وإيران هو وقف لإطلاق النار. ولم يبرما اتفاقا للسلام. وفيما يتعلق بالبرنامج النووي الإيراني، يقول الخبراء إن هناك -بشكل عام- مسارين محتملين في المستقبل. قد يساعد استئناف عمليات التفتيش التي تجريها الأمم المتحدة على المنشآت النووية الإيرانية وإبرام معاهدة جديدة مع إيران -ربما على غرار خطة العمل الشاملة المشتركة التي وضعها الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما في اتفاق عام 2015- في تخفيف الضغط الدولي على إيران بشأن برنامجها النووي، على الرغم من أن ترامب هو الذي انسحب من ذلك الاتفاق وليس إيران. وهنا يمكن للقوى الأوروبية أن تلعب دورا، وقد اجتمعت ثلاث من هذه القوى، وهي المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا، مع وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إلى جانب مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس، في محاولة لتجنب الضربات الأميركية. وقد فشلت هذه المحاولة، لكن على الرغم من أن الاتحاد الأوروبي لا يستطيع بمفرده الضغط على إيران للتوصل إلى حل وسط، فإنه يمكنه أن يكون قوة موازية لقوة أميركا وإسرائيل. ووفقا لما صرح به يوانيس كوتولاس، أستاذ الجغرافيا السياسية بجامعة أثينا، للجزيرة: "فإن إيران ستحاول إشراك الأوروبيين دبلوماسيًا من خلال اقتراح تعزيز الرقابة والالتزامات في برنامجها النووي". وبحسب كوتولاس: "يمكن للولايات المتحدة أن تقبل برنامجا نوويا سلميا وقد صرح بذلك بالفعل وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو. ومن المرجح ألا تحاول الولايات المتحدة فرض تغيير النظام"… "أوروبا هي الآن المخرج الوحيد لإيران. روسيا غير موثوقة". لكن إسرائيل حاولت في السابق إفشال أي اتفاق نووي بين الغرب وإيران، ومن غير المرجح أن تقبل اتفاقا جديدا. وثمة أسئلة من قبيل هل ستكون إيران مستعدة للتنازل، بعد أن انسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق النووي السابق مع طهران، ثم غيرت شروطها خلال المحادثات الأخيرة، وانضمت في النهاية إلى إسرائيل في قصف المنشآت النووية الإيرانية بينما كان من المفترض أن تتفاوض على اتفاق؟ يجيب على ذلك علي أنصاري أستاذ التاريخ الإيراني في جامعة سانت أندروز في اتصال مع الجزيرة: "هذا يعتمد حقا على الديناميكيات داخل البلاد وكيفية صياغة أي تراجع، لكن هناك بالفعل دعوات لوقف تخصيب اليورانيوم من قبل نشطاء داخل البلاد". حتى الآن، تبدو إيران مصرة على المضي قدما في برنامجها النووي. ففي يوم الاثنين الماضي، وافقت لجنة الأمن القومي في البرلمان الإيراني على مشروع قانون يدعو إلى تعليق تعاون طهران مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشكل كامل. في غضون ذلك، أكد ترامب أمس الثلاثاء على مواقع التواصل الاجتماعي أنه لن يسمح باستئناف برنامج إيران النووي.وإذا استمر هذا التوتر الأساسي على ما هو عليه، فإن جولة أخرى من الضربات والضربات المضادة بين إسرائيل وإيران والتي يمكن أن تجر الولايات المتحدة إلى الصراع، قد تكون مجرد مسألة وقت.

الصحافة الإسرائيلية: كيف تبدو إسرائيل بعد 12 يوما من الضربات الإيرانية؟
الصحافة الإسرائيلية: كيف تبدو إسرائيل بعد 12 يوما من الضربات الإيرانية؟

الجزيرة

timeمنذ ساعة واحدة

  • الجزيرة

الصحافة الإسرائيلية: كيف تبدو إسرائيل بعد 12 يوما من الضربات الإيرانية؟

تناولت صحف إسرائيلية عدّة حال البلاد بعد الحرب التي استمرت 12 يومًا مع إيران، متوقفة عند دلالة أن يُلقى على الإنسان طنّ من المتفجرات، وكيف فقدت إسرائيل السيطرة على مسار الحرب التي لم تنتهِ بعد في غزة. وقد تناولت صحيفة "هآرتس" الموضوع في تقريرين مختلفين، ركز أولهما على نظرة الإسرائيليين للحرب بعد ما عايشوه من قصف إيراني، في حين ركز الثاني على مدى إمكان التوصل إلى اتفاق نووي، وعلى التنازلات التي يمكن أن يقدمها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في هذا السياق. ومن ناحيتها، ركزت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" اهتمامها على ما حققته إسرائيل من حملتها العسكرية على إيران، دون أن تنسى كيف وجد نتنياهو نفسه فجأة هدفا لغضب الرئيس الأميركي دونالد ترامب ، وفقد تحكمه بمسار الحرب. أما موقع "+972" فرأى أن الإسرائيليين الذين أثارت لديهم الصواريخ الإيرانية قلقا وجوديا، سيظل شعورهم المحطم بالحصانة ملازما، حتى لو صمد وقف إطلاق النار. حان وقف الحروب وقالت هآرتس إن الوقت حان للتوقف والنظر إلى المدنيين الذين يدفعون الثمن، لإدراك أنه آن للحروب التي ابتليت بها منطقة الشرق الأوسط أن تتوقف، مشيرة إلى أن الإسرائيليين اعتادوا حلقات متكررة من صفارات الإنذار، ووقف إطلاق النار، لكن الحرب مع إيران بدت لهم مختلفة. وأوضحت الصحيفة -في تقرير بقلم شيرين فلاح صعب- أن أول صاروخ إيراني لم يصب قلب تل أبيب فحسب، بل أصاب أيضا صمود الإسرائيليين الجماعي، ليدركوا أن إسرائيل ليست بمنأى عن القصف، وليروا بشاعة الحرب والثمن الذي يدفعه المدنيون الأبرياء في الصواريخ التي تسقط على رامات غان وطمرة ومدن أخرى. وذكر الكاتب أن الصواريخ الإيرانية ضيقت الفجوة بين إسرائيل و غزة بشكل وحشي، حتى إن صور الدمار من تل أبيب ورامات غان أصبحت تذكر بصور بيت لاهيا و مدينة غزة ، حتى يفهم المرء ما يعنيه أن يُلقى عليك طن ونصف من المتفجرات. وخلص الكاتب إلى أن إسرائيل لو نظرت إلى غزة، لا من خلال وعود "النصر الكامل" والاعتبارات الأمنية، بل من خلال عيون طفل محروم من الحماية، أو أم عاجزة عن حماية أطفالها، لربما طورت فهما أخلاقيا أعمق للعواقب المدمرة لاستمرار الحرب. توازن ردع جديد وفي مقال آخر قلم عاموس هرئيل، ذكرت الصحيفة أن غزة ما دامت جرحًا داميًا ومؤلمًا، ستظل تكلف إسرائيل ثمنا باهظا بسبب عدم رغبة نتنياهو في السعي لإنهاء الحرب هناك، محاولا الترويج لقصة جديدة عن نصر شامل على الجبهة الإيرانية، لتبقى غزة مع الرهائن والقتلى، وحملة عسكرية عبثية تزهق أرواح العديد من المدنيين الفلسطينيين دون أن تنهي الصراع. وتساءلت الصحيفة، إذا صمد وقف إطلاق النار، فهل تستطيع الولايات المتحدة التوصل إلى اتفاق نووي أكثر صرامة مع إيران، وهل وافق نتنياهو على تقديم تنازلات في غزة؟ وذكر الكاتب أن إعلان وقف إطلاق النار جاء صباح الثلاثاء بروحِ وأسلوب ترامب الذي قال "جاءتني إسرائيل وإيران في وقت واحد تقريبا، وقالتا: سلام! … ستشهد كلتا الدولتين حبا وسلاما وازدهارا هائلا في مستقبلهما". لو نظرت إسرائيل إلى غزة، لا من خلال وعود "النصر الكامل" والاعتبارات الأمنية، بل من خلال عيون طفل محروم من الحماية، لربما طورت فهما أخلاقيا أعمق للعواقب المدمرة لاستمرار الحرب وأعرب ترامب عن غضبه من التهديد بمهاجمة إيران، وحث إسرائيل على "إعادة طياريها إلى الوطن فورا"، وهاجم إسرائيل علنا على غير عادته، قائلا "لست راضيا عنهم. لست راضيا عن إيران أيضا، لكنني مستاء حقا إذا خرجت إسرائيل هذا الصباح"، مشيرا إلى أن كلا البلدين انتهكا وقف إطلاق النار. ومع ذلك رأى الكاتب أن القصف لم يعق البرنامج النووي الإيراني فحسب، بل أسس أيضا لتوازن ردع جديد، حيث أدرك النظام في طهران أنّ استثماره مئات المليارات من الدولارات في برامجه النووية والصاروخية، وفي دعم المنظمات في جميع أنحاء الشرق الأوسط، قد فشل. ومن جانبه، أصدر نتنياهو بيانا مفصلا أعلن فيه زوال "التهديد الوجودي المزدوج الفوري النووي والباليستي"، وأن الحرب انتهت بعد أن حققت إسرائيل جميع أهدافها، وحذر من رد قوي على أي انتهاكات إيرانية. وختم عاموس هرئيل بأن ترامب، هو الآخر لم يتخل عن حلمه بتحالف إقليمي جديد، يضم إسرائيل ودول الخليج السنية، ربما يكسبه أيضا جائزة نوبل للسلام. هدف لغضب ترامب أما صحيفة تايمز أوف إسرائيل، فركزت -في تحليل بقلم لازار بيرمان- على النتائج، واستغربت كيف وجد نتنياهو نفسه فجأة هدفا لغضب ترامب بعد الضربات الأميركية على إيران، منبهة إلى أن برنامج طهران النووي تراجع، ولكن ليس إلى الأبد. وأشار الكاتب إلى أن ترامب عندما هنأ كلا البلدين في بيانه لوقف إطلاق النار على "صمودهما وشجاعتهما وذكائهما"، كان من الصعب الجزم بأن أحدهما أقرب حليف لبلاده في الشرق الأوسط، والآخر عدو لدود. ألقى ترامب باللوم على كلا البلدين لانتهاك وقف إطلاق النار وقال "لدينا في الأساس دولتان تتقاتلان منذ فترة طويلة وبشدة لدرجة أنهما لا تعرفان ما تفعلانه". وخلص لازار بيرمان إلى أن نتائج هذه العملية ستعتمد من الآن فصاعدا على ترامب الذي تعهد بأن إيران لن تحصل على سلاح نووي في عهده، ولكن الإيرانيين يدركون أن البيت الأبيض سيستقبل رئيسا جديدا بحلول عام 2029، وقد تجد إسرائيل نفسها تواجه قرارات متجددة بشأن البرنامج النووي الإيراني. وفي نفس السياق، خلص موقع +972 إلى أن إعلان نتنياهو أن إسرائيل "أزالت تهديدا وجوديا" بهجماتها على إيران، لا يعني أن "الروتين" الذي يعود إليه الإسرائيليون لم يعد حروبا دائمة، حيث يواصل جيشهم إحداث كارثة في غزة. وختم أورين زيف تقريره للموقع بأن نهاية صواريخ إيران قد تعيد شعور الإسرائيليين بالأمان، ولكن شعورهم السابق بالحصانة سيستغرق وقتا أطول بكثير قبل العودة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store