
عمالقة التكنولوجيا تحت رقابة الاتحاد الأوروبي: صراع السيطرة والابتكار
كتب جاك جندو، رائد أعمال وخبير في التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي، والرئيس التنفيذي لشركة "Brain Digits" ، لـ"النهار":
في عصرٍ باتت فيه حياتنا الرقمية لا تقل أهمية عن واقعنا اليومي، لم تعد المواجهة بين شركات التكنولوجيا الكبرى والهيئات التنظيمية مجرّد أخبار عابرة في صفحات الاقتصاد. فما يحدث اليوم بين الاتحاد الأوروبي من جهة، وغوغل وآبل من جهة أخرى، ليس مجرّد نزاع حول قوانين جديدة، بل معركة حاسمة ترسم ملامح المستقبل الرقمي للعالم بأسره. إنها حرب نفوذ، وصراع بين الماضي والمستقبل، بين الاحتكار والابتكار، وبين هيمنة الكبار وحقوق المستهلكين. فما أبعاد هذا الصراع، وإلى أين سيقود مستقبل التكنولوجيا والابتكار في العالم؟
قانون الأسواق الرقمية: أداة أوروبا لكبح الاحتكار
منذ دخوله حيّز التنفيذ في آذار (مارس) 2024، أحدث قانون الأسواق الرقمية نقلةً نوعية في تنظيم القطاع التكنولوجي، مستهدفاً بشكل خاص شركات التكنولوجيا الكبرى (Big Tech) مثل غوغل وآبل وأمازون وميتا. يسعى القانون إلى منع هذه الشركات من ممارسة الاحتكار الرقمي والتفضيل الذاتي لخدماتها، لضمان المنافسة العادلة.
الآن، تواجه غوغل اتهامات بتفضيل خدماتها عبر محرك البحث ومنصات التطبيقات، بينما تُجبر آبل على فتح نظام التشغيل iOS الخاص بها لمنافسين جدد، الأمر الذي لم يكن ممكناً من قبل.
الابتكار أم الهيمنة: غوغل وآبل في مواجهة أوروبا
ردود الفعل لم تتأخر. غوغل تؤكد أن هذه الإجراءات ستضر بالمستخدم الأوروبي وتعقّد عملية البحث الرقمي. آبل بدورها تعتبر أن فتح نظامها سيعيق الابتكار، ويقلل من جودة خدماتها ويُضعف الأمان. في المقابل، يرى الاتحاد الأوروبي أن هذه الخطوات ضرورية لخلق منافسة حقيقية وتعزيز فرص الشركات الصغيرة والناشئة.
أوروبا وأميركا: توتر عابر للأطلسي
تأتي الإجراءات الأوروبية وسط توتر سياسي وتجاري متزايد مع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي اتهم الاتحاد الأوروبي باستهداف الشركات الأميركية بصورة غير عادلة. هذه التوترات السياسية قد تنذر بحرب تجارية محتملة، حيث تدرس واشنطن فرض رسوم جمركية إضافية على المنتجات الأوروبية.
لكن الاتحاد الأوروبي يصر على موقفه، مؤكداً أن القانون الأوروبي يسري على الجميع دون تمييز. فهل تتصاعد المواجهة إلى أزمة دولية شاملة؟
تغيّر قواعد اللعبة: من الهيمنة إلى التنافس المفتوح
قانون الأسواق الرقمية ليس مجرد لوائح تنظيمية، بل يعكس رؤية أوروبية مستقبلية تهدف إلى إعادة توزيع القوة الاقتصادية والرقمية، ومنح المستخدم مزيداً من الحرية والسيطرة على بياناته الشخصية.
هذه الإجراءات قد تفتح فرصاً كبيرة للشركات الناشئة الأوروبية والعالمية للدخول إلى السوق والمنافسة بشكل عادل، وهو ما قد يعزز الابتكار ويزيد من جودة الخدمات المُقدمة للمستخدمين.
تحديات المستقبل: بين الامتثال والمقاومة
أمام شركات التكنولوجيا الأميركية خيارات صعبة: الامتثال للقانون الأوروبي وإعادة هيكلة خدماتها، أو مواجهة عقوبات مالية قاسية تصل إلى 20% من إيراداتها السنوية. لكن التحديات لا تتوقف هنا، فاستمرار التوتر بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة قد يؤدي إلى إعادة تشكيل الخارطة الاقتصادية الرقمية العالمية، وقد يدفع كلاً من الشركات الأميركية والأوروبية لإعادة النظر في نماذج أعمالها.
فرصة تاريخية للعالم العربي
في خضم هذه المواجهة، تبرز فرصة للدول العربية للتعلم والاستفادة من هذه التجربة التنظيمية الفريدة. فالعالم العربي يحتاج أيضاً إلى تبني قواعد مماثلة تضمن حماية المستخدمين، وتشجيع المنافسة المحلية، وإطلاق قدرات الشركات الناشئة التي يمكن أن تجد مسارها في عالمٍ أصبح فيه الاحتكار الرقمي جزءاً من الماضي.
الخلاصة: نحو عالم رقمي جديد
بين القلق الأميركي والطموح الأوروبي، يجد العالم نفسه أمام نقطة تحول حقيقية. قد تؤدي هذه التشريعات إلى ولادة إنترنت أكثر عدالة وانفتاحاً، ولكنها أيضاً تضع الشركات الكبرى أمام امتحان صعب: الابتكار الحقيقي أم الدفاع عن هيمنة الماضي؟
والمؤكد هو أن هذه الأحداث ستترك آثاراً عميقة ليس فقط على أوروبا وأميركا، بل على مستقبل الإنترنت والابتكار الرقمي في كل أرجاء العالم.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

القناة الثالثة والعشرون
منذ 39 دقائق
- القناة الثالثة والعشرون
بطابة الغولف.. ترامب يسقط "نجم الروك" (فيديو)
نشر الرئيس الأميركي دونالد ترامب فيديو مركب عقب سلسلة تصريحات أدلى بها نجم الروك بروس سبرينغستين والتي إنتقد فيها ترامب وسياسات إدارته، واصفًا إيّاه بـ "غير لائق" للمنصب. وقال سبرينغستين في بداية حفل موسيقي في مانشستر، شمال إنكلترا، الأربعاء: "في وطني، أميركا التي أحبها، أميركا التي كتبت عنها، والتي كانت منارة أمل وحرية لمدة 250 عامًا، تقع حاليًا في أيدي إدارة فاسدة وغير كفؤة وخائنة". انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News

القناة الثالثة والعشرون
منذ 2 ساعات
- القناة الثالثة والعشرون
لبنان ملتزم القرارات العربية والحديث عن السلام مبكر
اعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب من السعودية العزم على مساعدة لبنان في بناء مستقبل من التنمية الاقتصادية والسلام مع جيرانه استحوذ على اهتمام محلي واقليمي ، سيما وانه ترافق مع الإشارة الى ان حزب الله جلب له البؤس ونهب الدولة . كان بوسعنا تفادي البؤس فيه، وكان بإمكان ايران التركيز على التنمية بدلا من تدمير المنطقة . بدوره أشار المتحدث باسم الخارجية الأميركية الى ان لبنان يشهد تغييرات جذرية مع الرئيس والحكومة الجديدين والولايات المتحدة باتت قادرة على التواصل مع المسؤولين يوميا وبشكل متواصل والاستماع الى احتياجاتهم وشكواهم . أضاف : نبحث عن افضل إمكانية لدعم الجيش اللبناني الذي يجب ان يبسط سيطرته على كل شبر من لبنان ونبحث مع الحكومة في أنواع الدعم الاقتصادي الذي تحتاجه . جدير انه مع هذا الكلام العام لا يبدو لبنان أولوية لدى الإدارة الأميركية فهو جاء من ضمن سياستها الشاملة للمنطقة ، بدليل تركيزه اكثر على سوريا .تظهر ذلك جليا بإعلان الرئيس ترامب رفع العقوبات عنها . ما يعتبر فرصة للعودة اليها والاستثمار فيها ، فيما على لبنان انتظار التسوية المفترضة في المنطقة والتي لاحت بشائرها في الحديث عن الاتفاقات الابراهيمية وسلام لبنان مع جيرانه . النائب السابق لرئيس المجلس النيابي ايلي الفرزلي يقول لـ "المركزية" في هذا الاطار قبل الحديث عن التطبيع والسلام واشكاله لبنان جزء من الجامعة العربية وملتزم قراراتها . على مدى التاريخ والأيام لم يتوان عن تقديم التضحيات الجسام في سبيل القضية الفلسطينية .دماء المقاومين لم تجف بعد . ما هدمته إسرائيل في حربها على لبنان وجنوبه لا يزال شاهدا على وحشية لا يمكن نسيانها وتجاوزها بسهولة . اما الحديث عن التحاق سوريا بمحور السلام فذلك مبكر بعد . قد تكون هناك رغبة لدى الرئيس السوري احمد الشرع في شيئ من هذا القبيل لكن يجب عدم اغفال ارادة الشعب السوري . مصر توصلت منذ عقود الى اتفاقية سلام مع تل ابيب لكنها حتى الان ترفض التطبيع . بالعودة الى لبنان يفترض بل ضروري في هذا الموضوع الالتفاف حول رئيس الجمهورية العماد جوزف عون وقيادته السليمة لمقاربة الأمور المحلية والخارجية . كما استطاع إعادة لبنان الى الحضن العربي خلال فترة وجيزة . يعمل على معالجة المشكلات الداخلية بالمنطق والحوار. همه تحقيق الغاية المتوخاة بما يحفظ وحدة اللبنانيين والنهوض بالبلاد . المركزية – يوسف فارس انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News


صوت بيروت
منذ 2 ساعات
- صوت بيروت
الإمارات تطلق نموذجاً للذكاء الاصطناعي باللغة العربية
أطلقت الإمارات، اليوم الأربعاء، نموذجا جديدا للذكاء الاصطناعي باللغة العربية في وقت يحتدم فيه السباق لتطوير تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في منطقة الخليج. وتنفق الإمارات مليارات الدولارات للتحول إلى لاعب عالمي في مجال الذكاء الاصطناعي وتسعى إلى الاستفادة من علاقاتها القوية بالولايات المتحدة للحصول على التكنولوجيا. وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال زيارة الأسبوع الماضي إن اتفاقية للذكاء الاصطناعي مع الإمارات ستسمح لها بالحصول على أنواع متطورة من أشباه الموصلات المستخدمة في الذكاء الاصطناعي والتي تنتجها شركات أمريكية، وهو فوز كبير للدولة الخليجية. وجاء في بيان أن مشروع (فالكون عربي)، الذي طوره مجلس أبحاث التكنولوجيا المتطورة في أبوظبي، 'تم تدريبه على بيانات عالية الجودة باللغة العربية الأصلية – غير المترجمة – تشمل اللغة العربية الفصحى واللهجات الإقليمية، ما يمنحه قدرة فائقة على فهم التنوع اللغوي في العالم العربي'. وأضاف البيان أن فالكون عربي 'يتفوق… على جميع النماذج العربية المتاحة في المنطقة، ويثبت أن التصميم الذكي يتفوق على الحجم، حيث يضاهي أداء نماذج أكبر منه بعشرة أضعاف'. وقال فيصل البناي الأمين العام لمجلس أبحاث التكنولوجيا المتطورة في البيان 'الريادة في الذكاء الاصطناعي اليوم لا تقاس بالحجم، بل بمدى فاعلية الحلول وسهولة استخدامها وشموليتها'. وأطلق المجلس أيضا نموذج (فالكون إتش-1) الذي قال إنه يتفوق على منافسيه من ميتا وعلي بابا من خلال 'تقليل الحاجة إلى موارد حوسبية كبيرة أو خبرات تقنية متقدمة'. وكان الذكاء الاصطناعي مسألة محورية أيضا خلال زيارة ترامب إلى السعودية التي تروج لنفسها كمركز محتمل لأنشطة الذكاء الاصطناعي خارج الولايات المتحدة. وأطلقت المملكة في وقت سابق من الشهر الجاري شركة جديدة لتطوير وإدارة تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي وبنيته التحتية، والتي تهدف أيضا، وفقا لبيان، إلى 'تطوير أحد أفضل النماذج اللغوية الكبيرة باللغة العربية'.