logo
غزة تختنق بصمت.. متلازمة "غيلان باريه" النادرة تفتك بالمرضى وسط عجز طبي كامل

غزة تختنق بصمت.. متلازمة "غيلان باريه" النادرة تفتك بالمرضى وسط عجز طبي كامل

وكالة شهابمنذ 3 أيام
تقرير – شهاب
في قطاعٍ اعتاد الموت بصواريخ الطائرات وقذائف المدفعية، يطلّ اليوم شبح جديد وهو الموت صامتًا عبر الجهاز العصبي، حيث أعلنت وزارة الصحة في غزة، عن وفاة ثلاثة مواطنين نتيجة إصابتهم بمتلازمة "غيلان باريه" (Guillain-Barré Syndrome)، وسط تحذيرات من تحول هذه الحالة النادرة إلى كارثة صحية جديدة في ظل الانهيار شبه التام للنظام الطبي في القطاع المحاصر.
وقالت الوزارة إن المرضى الثلاثة تُوفّوا خلال أيام قليلة من ظهور الأعراض، بسبب عدم توفر العلاج المناعي الضروري، والنقص الحاد في أجهزة التنفس والرعاية المكثفة، وهي عناصر علاجية حاسمة كان يمكن أن تنقذ حياتهم بسبب الحصار.
وحذرت الصحة من تصاعد خطير في حالات الشلل الرخو الحاد ومتلازمة "غيلان باريه" بين الأطفال في قطاع غزة، نتيجةً لالتهابات غير نمطية وتفاقم وضع سوء التغذية الحاد، وقد كشفت الفحوصات الطبية عن وجود فيروسات معوية غير شلل الأطفال، مما يؤكد وجود بيئة خصبة لانتشار الأمراض المعدية بشكل خارج عن السيطرة.
وأضافت أن حالتين من حالات الوفاة كانت لأطفال لم تتجاوز اعمارهم 15 عامًا، توفوا بعد فشل محاولات إنقاذهم بسبب عدم توفر العلاج اللازم بسبب الحصار.
ومنذ بداية الحرب المتواصلة على غزة، سُجّلت مئات الحالات التي تُظهر أعراض أمراض عصبية، وهضمية، وتنفسية معقدة، لكن لا إمكانية لتشخيصها بدقة أو علاجها، في ظل تدمير أكثر من 70% من المنشآت الصحية، واستهداف مخازن الأدوية، ورفض الاحتلال السماح بإدخال التجهيزات الطبية.
وفي ظل العدوان المستمر، لا يملك الغزيون رفاهية الاختيار بين القصف أو الجوع أو المرض، فكل الطرق باتت تؤدي إلى الفقد، ومع ظهور أمراض نادرة مثل "غيلان باريه"، تزداد معاناة قطاعٍ أنهكته الحرب ونكّل به الحصار، وصار يودّع أبناءه دون أن يملك حتى فرصة القتال من أجلهم.
ويحذر مختصون من أن النظام الصحي في غزة لم يعد قادرًا على التعامل مع أي تفشٍ لأمراض نادرة أو معقّدة في ظل النقص الحاد في الموارد، مطالبين بتدخل أممي عاجل لتوفير العلاج للحالات الحرجة.
شلل يسبق الموت
"غيلان باريه" هي اضطراب عصبي نادر يهاجم فيه الجهاز المناعي أعصاب الجسم الطرفية، وغالبًا ما تبدأ أعراضه بضعف في الساقين وتنميل، ليتطور في غضون أيام إلى شلل جزئي أو كامل، وقد يؤثر على الجهاز التنفسي أو القلب.
ويحتاج المرضى إلى رعاية مركزة وعلاج متخصص مثل تبادل البلازما أو العلاج بالأجسام المناعية الوريدية (IVIG)، وهي خدمات غير متوفرة حاليًا في معظم مستشفيات القطاع بسبب الانهيار الصحي المتفاقم.
هذا الاضطراب يؤدي إلى ضعف متسارع في العضلات قد يتطور إلى شلل تام وصعوبة في التنفس، وغالبًا ما تكون قابلة للعلاج في دول تمتلك أنظمة طبية متقدمة، لكن في غزة، أصبحت حكمًا بالإعدام.
ويُرجّح بعض الأطباء أن الضغط النفسي، وسوء التغذية، والفيروسات المنتشرة في مراكز الإيواء المزدحمة، قد تكون عوامل مساعدة في ظهور أو تفاقم هذه المتلازمة، التي غالبًا ما تتبع الإصابة بعدوى فيروسية أو بكتيرية.
وقال المتحدث باسم مستشفى شهداء الأقصى خليل الدقران، إن سوء التغذية ينتشر بشكل كبير جدا في قطاع غزة، وأعداد الوفيات بسوء التغذية في القطاع مرشحة للارتفاع، مشددًا على أنه يجب معالجة أسباب الأمراض التي تنتشر في القطاع.
وأضاف الدقران، أن قطاع غزة يفتقر لكل مقومات الحياة، ونفتقر للماء والغذاء والدواء والقطاع الصحي على حافة الانهيار، ومستشفيات القطاع تعاني نقصا كبيرا في وحدات الدم، مؤكدٍا على أنه يجب إنهاء سياسة التجويع المتعمد التي ينتهجها الاحتلال.
فيما قال أحد الأطباء بمستشفى شهداء الأقصى، إن ظروف القطاع اليوم تمثل أرضًا خصبة لتفاقم مثل هذه الأمراض، بسبب نقص المناعة الناتج عن سوء التغذية، العدوى المنتشرة في مراكز الإيواء، وانعدام الرعاية الصحية الأولية.
وأضاف أنه "كل يوم هناك نوع جديد من الموت، يومًا بسبب المجاعة، ويومًا برصاص القناص، وآخر بسبب مرض يمكن علاجه لو كان هناك مستشفى فعّال".
فيما حذرت وزارة الصحة بغزة، من ان استمرار هذا الوضع البيئي وعدم توفر العلاجات اللازمة تهدد بالانتشار الواسع للمرض داخل قطاع غزة.
وناشدت الوزارة جميع الجهات المعنية والمنظمات الدولية والمنظمات الإنسانية بالتدخل العاجل لتوفير الأدوية والعلاجات المُنقذة للحياة، وإنهاء الحصار فورًا لوقف التدهور الصحي والبيئي في قطاع غزة.
وأكدت أن "هذه ليست مجرد وفيات.. إنهم تحذير من كارثة معدية حقيقية محتملة".
من جهتها، دعت مؤسسات طبية وحقوقية إلى تحقيق دولي عاجل في ظروف الوفيات الناتجة عن غيلان باريه، معتبرة أن استمرار منع دخول الإمدادات الطبية والكوادر يشكل خرقًا جسيمًا لاتفاقيات جنيف، ويفاقم من الكارثة الإنسانية المتصاعدة في القطاع المحاصر.
ولا تجد مشافي غزة لا علاجا ولا مكملات غذائية لإعطائها للأطفال المجوعين ومثلهم المرضى، بسبب الحصار المشدد الذي تفرضه سلطات الاحتلال، وهناك مخاوف من ارتفاع أعداد الأطفال الذين يقضون في غزة بسبب المرض والجوع.
وتجدر الإشارة إلى أنه بسبب الحرب ونقص الدواء والتلوث الكبير، جرى اكتشاف حالات إصابة بـ"شلل الأطفال" في وقت سابق.
ووفقا للأرقام الرسمية، فإنه منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة يوم السابع من أكتوبر 2023، ارتقى 18,430 طفلا بنسبة 30.8%، من إجمالي عدد الشهداء، البالغ عددهم 60,199.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

مرض نادر يتفشّى في غزة بسبب مخلفات العدوان الإسرائيلي…
مرض نادر يتفشّى في غزة بسبب مخلفات العدوان الإسرائيلي…

وضوح

timeمنذ 11 ساعات

  • وضوح

مرض نادر يتفشّى في غزة بسبب مخلفات العدوان الإسرائيلي…

كتب – محمد السيد راشد كشفت وزارة الصحة الفلسطينية ، عن 95 إصابة بمتلازمة غيلان باريه النادرة بينهم 45 طفلا، وذلك بعد يوم من إعلان 3 وفيات بالمتلازمة، اثنان دون سن الخامسة عشرة. وحذرت الوزارة من انتشار مقلق وسريع لها بين الفلسطينيين جراء تلوث المياه وسوء التغذية الناجمة عن سياسة التجويع الإسرائيلي. ويوضح المدير العام لوزارة الصحة منير البرش أن هذه المتلازمة التي تصنف ضمن الأمراض النادرة، باتت تنتشر بشكل مقلق في قطاع غزة، خاصة بين الأطفال، مؤكدًا أن المعدل الطبيعي للإصابة بها حالة واحدة سنويا. الطبية؛ تحدث متلازمة غيلان باريه -وهي اضطراب عصبي نادر- عندما يهاجِم الجهاز المناعي للإنسان عن طريق الخطأ جزءا من شبكة الأعصاب التي تحمل الإشارات من الدماغ والحبل الشوكي. غيلان باريه فجأة، وقد تشتد حدتها على مدار ساعات أو أيام أو أسابيع حتى تصبح عضلات معينة عاجزة عن الحركة تماما. ويبدأ المرض باعتلال عصبي صاعد من القدمين إلى الجذع والرئتين، مسبباً الشلل، ثم توقف التنفس، فالموت، وفق الأطباء. ووفق المصادر الطبية؛ فإن متلازمة غيلان باريه ليست سوى رأس جبل الجليد. أمراض السحايا والالتهابات المعوية تنتشر بين آلاف المواطنين، فيما تغيب الرعاية الطبية عن أكثر من مليونَي إنسان يعيشون ظروفاً لا تصلح لحياة البشر. الشلل لا يأتي من المرض وحده الدكتور جميل سلمان، مدير مستشفى النصر، يوضح أن انفجار هذه الأمراض ناتج عن أمرين: الأول، التجويع الممنهج الذي أدى إلى سوء تغذية حاد وضعف مناعة بين الأطفال والبالغين. والثاني، بيئة النزوح الكارثية، حيث يتكدس عشرات الآلاف في ملاجئ غير صحية، دون مياه كافية أو أدوات نظافة أو صرف صحي. وأشار الدكتور سلمان إلى أن المستشفى مكتظ بمئات الأطفال الذين يعانون من أمراض متعددة، كان يمكن تجنبها لولا انهيار الجهاز الصحي ومنع إدخال الأدوية. وأضاف أن المستشفيات سجلت خلال 24 ساعة فقط خمس وفيات بسبب الجوع وسوء التغذية، جميعهم من البالغين، ليرتفع عدد الوفيات منذ بدء المجاعة إلى 180، من بينهم أطفال. ووفق الخبراء؛ يمكن لمتلازمة جيلان باريه أن تؤثر في أي شخص من أي جنس أو عمر، ولا تعد معدية أو موروثة، والسبب الدقيق لها غير معروف، ولكن الدراسات تشير لوجود سبب متعلق بسوء التغذية، وتتبع معظم الحالات عدوى فيروسية أو بكتيرية، وهذا يدفع الجهاز المناعي لمهاجمة الجسم نفسه. ويعزو البرش انتشار هذا المرض النادر بغزة إلى تلوث المياه وسوء التغذية الناجمة عن سياسة التجويع الإسرائيلي. كما عدّ هذا الانتشار الذي وصفه بالسريع للمرض بغزة مؤشرا خطيرا على انهيار الوضع الصحي وتفاقم الكارثة الإنسانية بسبب الحصار ومنع دخول العلاجات والمغذيات الأساسية. وف 24 يوليو/تموز الماضي، حذّرت منظمة 'أوكسفام' للإغاثة، في بيان، من أن الأمراض المنتشرة في قطاع غزة قد تتحول إلى كارثة قاتلة بسبب الجوع وصعوبة الحصول على المياه النظيفة وانعدام المأوى والرعاية الصحية. وقبل ذلك بيومين، أعلنت وزارة الصحة في غزة، تسجيل 45 حالة 'شلل رخو حاد' خلال شهري يونيو ويوليو، في ارتفاع غير مسبوق للإصابات بالمرض النادر أيضاً بسبب تدهور الأوضاع البيئية والصحية وانتشار سوء التغذية. مؤشرات على كارثة صحية جماعية المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان يرى أن استمرار تسجيل وفيات بهذا المستوى، وظهور أمراض مناعية نادرة بين الأطفال والبالغين، يمثل مؤشراً على كارثة صحية جماعية قد تتسارع خلال الأيام المقبلة، في ظل استمرار منع إدخال الإمدادات الطبية والإغاثية، وتحديداً علاجات الأمراض النادرة مثل الغلوبولين المناعي. ويعيش قطاع غزة واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في تاريخه، حيث تتداخل المجاعة القاسية مع حرب إبادة جماعية تشنها سرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وشملت حرب الإبادة الجماعية بغزة القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر لمحكمة وحمّل المركز الحقوقي سلطات الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن هذا الانهيار، مشيراً إلى أن الكارثة لم تأت من فراغ، بل جاءت نتيجة قرارات سياسية متعمدة. ففي مارس 2025، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي منع إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، واستخدم الجوع كسلاح جماعي لإهلاك السكان، في خرق صريح للقانون الدولي واتفاقية منع الإبادة الجماعية. ودعا المركز الحقوقي منظمة الصحة العالمية للتحرك العاجل لتوفير الغلوبولين المناعي لإنقاذ حياة مرضى غيلان باريه، قبل أن يتحول العجز المؤقت إلى موت دائم، وقبل أن تصبح أجساد الأطفال مقابر مفتوحة لغياب العدالة والدواء.

المدير العام لوزارة الصحة بغزة: القطاع بات منطقة خصبة لانتشار الأمراض
المدير العام لوزارة الصحة بغزة: القطاع بات منطقة خصبة لانتشار الأمراض

فيتو

timeمنذ 16 ساعات

  • فيتو

المدير العام لوزارة الصحة بغزة: القطاع بات منطقة خصبة لانتشار الأمراض

قال منير البرش المدير العام لوزارة الصحة بغزة، إن الوضع في القطاع يزداد سوءا يوما بعد يوم. وأوضح أن الفئات الهشة في القطاع بدأت بالانهيار. وتابع: لدينا 95 مصابا بمرض الشلل الرخوي الحاد الذي يصيب الأطفال بشكل خاص، فالقطاع بات منطقة خصبة لانتشار الأمراض.. كما أن لديهم 45 مصابا بمتلازمة غيلان باريه. وهناك الكثير من حالات التسمم في القطاع بسبب تلوث المياه وتدمير الاحتلال دمر معظم المختبرات في القطاع. فالاحتلال يقتل سكان القطاع بالقصف والتجويع وبكل الوسائل. ومن جانبه أعلن مدير مجمع الشفاء الطبي في قطاع غزة، أن الضغط على مستشفيات القطاع كبير جدا. وأضاف: 'نفقد مصابين بسبب عدم قدرة المستشفيات على الاستيعاب. نسبة الإشغال في المستشفيات تتجاوز 300%. مواد التخدير ستنفد من القطاع خلال 48 ساعة، وكثير من الإصابات التي تصلنا تتركز في الأجزاء العلوية من الجسم'. وتابع: 'لا يوجد مخزون كافي من وحدات الدم لدينا، ونفقد جرحى بسبب عدم توفر غرف عمليات كافية، فهناك 550 شهيدا في قطاع غزة وآلاف الجرحى خلال 5 أيام'. وكان جيش الاحتلال الإسرائيلي قد حذر السكان في مدينة غزة، داعيًا إياهم إلى ترك مواقعهم والتوجه جنوبًا. الاحتلال يحذر سكان غزة داعيهم لترك مواقعهم والتوجه جنوبًا وقال المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي في منشور على حسابه في 'إكس' الأربعاء، إن القوات الإسرائيلية ستعمق عملياته في غرب مدينة غزة. كما دعا سكان مناطق حي الزيتون بمدينة غزة إلى التوجه جنوبا نحو المواصي، وكتب قائلا: 'تحذير إلى كل من لم يُخلِ المناطق المحددة بعد أو عاد إلى البلوكات 613, 624, 625, 628, 629, 630, 631, 641, 695 – في حي الزيتون، يواصل الجيش تعميق عملياته غربًا'. وفي الوقت ذاته، وصفت الأمم المتحدة، التقارير التي تشير إلى احتمال توسيع العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة بأنها "مقلقة للغاية" في حال صحتها. ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

في ذروة المجاعة في غزة.. بيانات إسرائيلية تكشف عن صادرات عربية لـ (إسرائيل) خلال يونيو 2025
في ذروة المجاعة في غزة.. بيانات إسرائيلية تكشف عن صادرات عربية لـ (إسرائيل) خلال يونيو 2025

وكالة شهاب

timeمنذ 18 ساعات

  • وكالة شهاب

في ذروة المجاعة في غزة.. بيانات إسرائيلية تكشف عن صادرات عربية لـ (إسرائيل) خلال يونيو 2025

خاص / شهاب بينما يعيش أكثر من مليوني فلسطيني في قطاع غزة تحت الحصار والجوع، ويواجه عشرات الآلاف منهم خطر الموت جوعًا، كشفت بيانات إسرائيلية رسمية عن استمرار تدفق الصادرات العربية، بما في ذلك المنتجات الغذائية، إلى دولة الاحتلال خلال شهر يونيو/حزيران 2025، في مفارقة صادمة أثارت جدلاً واسعًا في الأوساط الحقوقية والإعلامية. شهادات أممية أكّدت تقارير صادرة عن الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الدولية أن قطاع غزة يمر بأزمة غذائية تُعد الأشد في تاريخه، وسط تحقّق الشروط الثلاثة لتعريف "المجاعة" بحسب التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC). من جانبه، صرح برنامج الأغذية العالمي: أن نحو 500 ألف شخص في غزة يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، وهم على بعد خطوة من المجاعة. فيما قالت اليونيسف: إن ربع الأطفال دون الخامسة مصابون بسوء تغذية حاد، ويُسجل دخول أكثر من 100 حالة جديدة يوميًا إلى المستشفيات. وقالت منظمة أطباء بلا حدود: "الوفيات بسبب الجوع ارتفعت إلى مستويات غير مسبوقة، والمساعدات لا تصل بسبب الحصار والقصف." رغم المجاعة في الوقت الذي تواجه فيه غزة كارثة إنسانية، أظهرت بيانات هيئة الإحصاء الإسرائيلية أن خمس دول عربية مطبّعة صدّرت لإسرائيل منتجات بقيمة 116.4 مليون دولار خلال يونيو 2025، منها 8.16 مليون دولار صادرات غذائية تحت 18 فئة مختلفة. كانت مصر في الصدارة، حيث بلغت قيمة الصادرات الغذائية من مصر إلى إسرائيل 3.8 مليون دولار، لتكون الدولة العربية الأكثر توريدًا، ثم تلاها المغرب بحيث جاءت في المرتبة الثانية بـ 2.5 مليون دولار، أما الإمارات فقد تركزت في المركز الثالث بـ 1.04 مليون دولار، في حين بلغت قيمة الصادرات من الأردن بـ 672 ألف دولار، ومن البحرين بـ 47 ألف دولار. كما سجلت البيانات تصدير الأردن 791 طنًا من الخضروات إلى إسرائيل بين شهري يونيو ويوليو، منها (695) طنًا من الطماطم، و(96.5) طنًا من الفلفل، وذلك رغم إعلان الأردن وقف التصدير رسميًا منذ أغسطس 2024، ما يثير تساؤلات حول التزام بعض الدول العربية بقراراتها المعلنة في ظل اشتداد الإبادة والمجاعة في غزة. اعتبر محللون وحقوقيون هذه الأرقام "دليلًا على تناقض فاضح بين الشعارات والمواقف السياسية من جهة، والممارسات التجارية من جهة أخرى". وأكدوا أن استمرار التبادل التجاري، خاصة في المنتجات الغذائية، "يوفّر غطاءً غير مباشر للحصار المفروض على غزة، ويقوّض أدوات الضغط العربي الممكنة." ويرى الحقوقيون أن أبسط تعبير عن التضامن هو وقف التوريد للجهة التي تفرض الحصار، لا أن تملأ أسواقها بالخضار في وقت لا يجد فيه الغزي لقمة يسد بها رمق أطفاله. صمت رسمي في المقابل، لم تُصدر غالبية الحكومات المعنية أي توضيحات بشأن هذه الأرقام، بينما عبّر نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي في مصر والمغرب والأردن عن غضبهم مما وصفوه بـ "عار الصادرات في زمن المجاعة". يُذكر أنه، ورغم حجم الكارثة الإنسانية التي اجتاحت قطاع غزة في يوليو/تموز 2025، حيث بلغ الجوع ذروته وتحوّل إلى مجاعة فعلية وفق معايير التصنيف الأممي، غابت الاستجابة العربية الرسمية عن المشهد الإغاثي بشكل فادح. فقد التزمت حكومات مثل مصر والأردن والإمارات، ومعها سائر الدول العربية، الصمت حيال الانهيار الغذائي الكامل الذي تعرّض له أكثر من مليوني فلسطيني محاصرين. واقتصر الدور على بيانات تعاطف أو تصريحات دبلوماسية بلا أثر عملي. وتحت أعين تلك العواصم، واصل الاحتلال الإسرائيلي فرض الحصار الخانق، ومنع إدخال المساعدات الحيوية، بما في ذلك الغذاء والدواء، دون أن يُقابل ذلك بأي تحرك عربي فعال، سواء عبر الضغط السياسي، أو فتح المعابر، أو إطلاق جسور إنسانية عاجلة. هذا التخاذل الجماعي، الذي رآه مراقبون "تواطؤًا بالصمت"، كشف عن فجوة مهولة بين الخطاب الرسمي العربي وواقع التضامن الميداني، في لحظة كانت غزة بأمسّ الحاجة إلى أضعف الإيمان.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store