logo
حكاية ألاسكا… هكذا تنازلت روسيا عن أراضي شمال أميركا

حكاية ألاسكا… هكذا تنازلت روسيا عن أراضي شمال أميركا

العربي الجديدمنذ 2 أيام
في عام 1991، شهدت روسيا الوليدة من رحم الاتحاد السوفييتي المفكك انتشاراً واسعا لأغنية للفرقة الموسيقية السوفييتية الروسية "ليوبه" بعنوان "لا تستغبي يا أميركا"، تطالب واشنطن بردّ أراضي ولاية ألاسكا الشمالية التي باعتها الإمبراطورية الروسية للولايات المتحدة في عام 1867 مقابل 7.2 ملايين دولار. وبعد مرور شهر على
ضم شبه جزيرة القرم
الأوكرانية في مارس/آذار 2014، وجهت امرأة متقاعدة روسية أثناء فعالية "الخط المباشر" مع المواطنين، سؤالاً حول إمكانية ضم ألاسكا إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي تهرّب من الإجابة، مازحاً أن استثمار المناطق الشمالية النائية يشكل عبئاً على خزانة الدولة، موجهاً إلى المرأة سؤالاً جوابياً: "عزيزتي فاينا إيفانوفنا، لماذا تحتاجين إلى ألاسكا؟". هكذا تحولت قصة بيع ألاسكا التي تحتضن، غداً الجمعة، قمة بوتين مع نظيره الأميركي دونالد ترامب إلى موضع للنكات والأعمال الفنية الروسية، مع تجاهل حقائق تاريخية، من قبيل أن القرار سبقته أكثر من عشر سنوات من الدراسة، واستند حينها إلى الوضع الجيوسياسي القاضي بالتنازل عن أرض شمالية نائية، لن يكون بمقدور الإمبراطورية الروسية الحفاظ عليها في حال قررت الولايات المتحدة انتزاعها.
ألكسندر بيتروف: استُخدمت أموال بيع ألاسكا في مد السكك الحديدية
قرار بيع ألاسكا
وأعاد كبير الباحثين بقسم الدراسات الإقليمية بمعهد التاريخ العام التابع لأكاديمية العلوم الروسية ألكسندر بيتروف تباين التقديرات لقرار بيع ألاسكا وأهميتها اليوم إلى تطوير قطاعات إنتاج النفط وغيره من الثروات الطبيعية، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن عوائد الصفقة وقت إتمامها ساهمت في تنمية الإمبراطورية الروسية. وقال بيتروف في حديثٍ لـ"العربي الجديد": "عند إتمام الصفقة قبل أكثر من 150 عاماً، كان المصطلح المعتمد هو التنازل وليس البيع، ولكنها بصرف النظر عن التسمية لا تزال تشغل الرأي العام نظراً لأهمية ألاسكا في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، نتيجة لتطوير قطاع إنتاج النفط وغيره من الثروات الطبيعية الكائنة فيها". وقلل من أهمية المزاعم أن روسيا لم تستفد من هذه الصفقة، مضيفاً: "استخدمت الأموال التي تم جنيها لمد السكة الحديدية إلى مقاطعة ريازان، جنوب شرقي موسكو، بينما استمر تدفق عوائد أسهم الشركة الروسية الأميركية المشغلة لأراضي ألاسكا حتى عام 1880".
من جهته، فنّد الكاتب إيغور كاراولوف المزاعم بأن
عقد القمة
على أرض مملوكة سابقاً للإمبراطورية الروسية يشكل تلميحاً إلى أن روسيا قد تُطالَب بتقديم تنازلات حدودية في أوكرانيا. وفي مقال بعنوان "ماذا يعلمنا تاريخ ألاسكا؟"، نشر بصحيفة فزغلياد الإلكترونية الموالية للكرملين، ذكّر كاراولوف بأن الإمبراطورية الروسية لم تتنازل عن ألاسكا تحت ضغوط عسكرية، وإنما لصالح دولة صديقة حينها، بعد نحو قرن من الصداقة ودعم الإمبراطورية الروسية لنضال مستعمرات أميركا الشمالية من أجل الاستقلال عن بريطانيا. وأضاف أن الصفقة لم تصب فقط في مصلحة الولايات المتحدة التي نالت أراضي غنية بالموارد الطبيعية الحيوية في ذلك العصر، مثل الذهب والنحاس والفحم، وإنما أيضاً روسيا عبر استثمارها الأموال المحصلة لتطوير السكك الحديدية، وربط المناطق في مختلف أنحاء البلاد. ورغم أن الثمن الذي تقاضته روسيا مقابل التنازل عن ألاسكا بواقع 7.2 ملايين دولار، قد يبدو رمزياً بمقاييس القرن الـ21، إلا أنه لم يكن كذلك حينها، لكنه لا يقل عن 322.4 مليون دولار في حال تقييمه على أساس فارق سعر الذهب.
تقارير دولية
التحديثات الحية
تحضيرات أميركية روسية لقمة ألاسكا.. وزيلينسكي يعتبرها انتصارا لموسكو
في أكتوبر/ تشرين الأول 1867، جرت المراسم الرسمية لتسليم الأراضي المملوكة للإمبراطورية الروسية في أميركا الشمالية للولايات المتحدة، وذلك في مدينة نوفوأرخانغيلسك التي تطلق عليها حالياً تسمية سيتكا وتتبع لولاية ألاسكا الأميركية، المعزولة براً عن باقي الولايات. اكتشف العالمان الروسيان ميخائيل غفوزديف وإيفان فيودوروف ألاسكا في عام 1732 في إطار بعثة استكشافية على متن سفينة "القديس غابريال". وبين عامي 1799 و1867، وُضعت ألاسكا والجزر المتاخمة لها تحت إدارة الشركة الروسية ـ الأميركية (راك)، التي حصلت على حقوق الامتياز للصيد والتنقيب عن الثروات الطبيعية في شمال غربي أميركا و
جزر الكوريل
وأليوت (أليوشان)، ناهيك عن الحق الحصري للشركة في البحث عن أراض جديدة شمالي المحيط الهادئ وضمها إلى روسيا.
لكن في عام 1853، طرحت في الدوائر الحكومية الروسية لأول مرة فكرة بيع ألاسكا للولايات المتحدة، إذ قدم حاكم شرق سيبيريا نيكولاي مورافيوف ـ أمورسكي مذكرة إلى الإمبراطور نيكولاي الأول من سلالة رومانوف، روّج فيها لضرورة التخلي عن أراضي شمال أميركا. وعزا ذلك إلى أن الإمبراطورية الروسية لم تكن تملك الموارد العسكرية والاقتصادية اللازمة لحماية هذه الأراضي من المنازعات الأميركية، داعياً إلى التركيز على استثمار مناطق الشرق الأقصى الروسي، مع الحفاظ على الولايات المتحدة حليفاً ضد بريطانيا.
إيغور كاراولوف: روسيا لم تتنازل عن ألاسكا تحت ضغوط عسكرية وإنما لصالح دولة صديقة حينها
شح الموارد المالية الروسية
في مرحلة لاحقة، تحول رئيس مجلس الدولة والمشرف على الوزارة البحرية الأمير قسطنطين، شقيق الإمبراطور ألكسندر الثاني، من أبرز أنصار بيع ألاسكا للولايات المتحدة، ووجه في عام 1857 خطاباً رسمياً إلى وزير خارجية الإمبراطورية الروسية آنذاك ألكسندر غورتشاكوف، طارحاً فيها لأول مرة على مستوى رسمي مقترح بيع ألاسكا لواشنطن، ومقدماً براهين من قبيل "شح الموارد المالية للدولة" وتدني عوائد الأراضي الأميركية. وأضاف في خطابه: "يجب ألا نخدع أنفسنا، وعلينا أن نستشرف أن الولايات المتحدة التي تسعى دوماً لتوسيع أراضيها والهيمنة المنفردة على أميركا الشمالية، ستنتزع منا المستعمرات المذكورة، ولن نستطيع استردادها". ورغم أن الأفكار الواردة في المذكرة حظيت بدعم الإمبراطور ووزير الخارجية، إلا أنه تقرر تأجيل البت في المسألة إلى عام 1862، مع تكليف المبعوث الروسي إلى الولايات المتحدة، البارون إدوارد دو ستوكل، بمعرفة موقف واشنطن بهذا الخصوص. وفي نهاية عام 1866، احتضنت العاصمة الروسية آنذاك سان بطرسبورغ اجتماعاً شارك فيه الإمبراطور ألكسندر الثاني أسفر عن تبني قرار عالي السرية ببيع ألاسكا.
في مارس/ آذار 1867، وقّع دو ستوكل ووزير الخارجية الأميركي آنذاك ويليام سيوارد على الاتفاق القاضي ببيع ألاسكا للولايات المتحدة. وشملت الصفقة أراضي بلغت مساحتها الإجمالية أكثر من 1.5 مليون كيلومتر مربع، شاملة شبه جزيرة ألاسكا كاملة وعدة جزر. وبعد استكمال إجراءات التصديق على الاتفاقية في الإمبراطورية الروسية والولايات المتحدة، شهدت نوفوأرخانغيلسك في 18 أكتوبر/ تشرين الأول 1867 مراسم رسمية لتسليم ألاسكا إلى الملكية الأميركية مع إنزال العلم الروسي ورفع العلم الأميركي محله. إلا أن علم روسيا سيُرفع مجدداً في ألاسكا هذه المرة أثناء زيارة بوتين التي هي الأولى لرئيس روسي إلى الولاية، بعدما شكل اختيارها موقعاً لانعقاد
القمة الروسية الأميركية
مفاجأة من العيار الثقيل، إذ كانت كل التوقعات السابقة تشير إلى عقد لقاء على أرض محايدة في دول مثل تركيا والسعودية والإمارات.
تقارير دولية
التحديثات الحية
ألاسكا... ولاية باعتها روسيا لأميركا تستضيف قمة ترامب وبوتين
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

أوكرانيا تعلن استعادة قرى سيطرت عليها روسيا أخيراً
أوكرانيا تعلن استعادة قرى سيطرت عليها روسيا أخيراً

العربي الجديد

timeمنذ 4 ساعات

  • العربي الجديد

أوكرانيا تعلن استعادة قرى سيطرت عليها روسيا أخيراً

أعلنت وحدة من الجيش الأوكراني تقاتل في شرق البلاد يوم الجمعة استعادة بعض القرى التي سيطرت عليها قوات موسكو بعدما حققت الأخيرة تقدماً سريعاً قبيل قمة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأميركي دونالد ترامب في ألاسكا. شنت روسيا الثلاثاء هجوماً خاطفاً نحو بلدة دوبروبيليا، واخترقت دفاعات أوكرانيا قبل قمة الجمعة في ألاسكا بين ترامب وبوتين بشأن إنهاء الحرب. وقالت وحدة "آزوف" على وسائل التواصل الاجتماعي "خلال الأيام الثلاثة الماضية، أوقفت قوات الفيلق الأول للحرس الوطني الأوكراني 'آزوف'، إلى جانب الوحدات المجاورة والتابعة، تقدم العدو في منطقة الدفاع باتجاه بوكروفسك". وأضافت أنها استعادت ست قرى في المنطقة. وكانت مكاسب الجيش الروسي الثلاثاء هي الأكبر خلال 24 ساعة منذ أكثر من عام، بحسب تحليل أجرته وكالة فرانس برس لبيانات من معهد دراسة الحرب ومقره الولايات المتحدة (آي إس دبليو). من ناحية أخرى، قتلت امرأة في هجوم بطائرة مسيّرة أوكرانية على مدينة كورسك الروسية ليل الخميس الجمعة، وفق ما أعلن حاكم المنطقة الحدودية، في حين استهدف الجيش الأوكراني سفينة قال إنها كانت تنقل ذخيرة ومكونات طائرات مسيرة من إيران إلى روسيا. وكتب ألكسندر خينشتاين، حاكم منطقة كورسك، على تليغرام: "هاجمت طائرة مسيرة معادية مبنى ليلا" في أحد أحياء مدينة كورسك، ما أدى إلى اشتعال النيران في طوابقه العليا. وأضاف أن امرأة تبلغ من العمر 45 عاما قتلت جراء الهجوم وأصيب عشرة أشخاص، بينهم فتى، مشيراً إلى تضرر مدرسة والعديد من المباني المجاورة. وكانت منطقة كورسك هدفا لهجوم شنته القوات الأوكرانية خلال صيف عام 2024، حيث استولت على أكثر من ألف كيلومتر مربع من الأراضي الروسية قبل إجبارها على الانسحاب نهائيا في إبريل/نيسان 2025. في غضون ذلك، استهدف الجيش الأوكراني سفينة قال إنها كانت تنقل ذخيرة ومكونات طائرات مسيرة من إيران إلى روسيا. وأفادت القوات المسلحة الأوكرانية في بيان عبر حسابها على منصة تليغرام، اليوم الجمعة، بأن الهجوم استهدف ميناء "أوليا 4" الروسي في منطقة أستراخان. وادعى البيان أن روسيا تستخدم الميناء مركزاً لوجستياً رئيسياً للإمدادات العسكرية من إيران. وأضاف: "وفقا للمعلومات المتوفرة، تم تنفيذ هجوم على سفينة قادمة من إيران تحمل ذخيرة ومكونات لطائرات مسيرة من طراز شاهد في ميناء أوليا 4"، وأشار إلى أن العمل جار للتأكد بشأن ما أسفر عنه الهجوم. أخبار التحديثات الحية ترامب يهدد بـ"عواقب وخيمة جداً" إذا رفض بوتين وقف حرب أوكرانيا ومنذ 24 فبراير/شباط 2022، تشن روسيا هجوما عسكريا على جارتها أوكرانيا وتشترط لإنهائه تخلي كييف عن الانضمام إلى كيانات عسكرية غربية، وهو ما تعتبره كييف "تدخلا" في شؤونها. ويأتي ذلك قبل ساعات فقط من القمة المرتقبة بين بوتين وترامب التي تعقد اليوم الجمعة في ولاية ألاسكا الأميركية. (فرانس برس، العربي الجديد)

ترامب يهاتف رئيس بيلاروسيا قبل لقاء بوتين في ألاسكا
ترامب يهاتف رئيس بيلاروسيا قبل لقاء بوتين في ألاسكا

العربي الجديد

timeمنذ 7 ساعات

  • العربي الجديد

ترامب يهاتف رئيس بيلاروسيا قبل لقاء بوتين في ألاسكا

أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، اليوم الجمعة، أنه أجرى اتصالاً هاتفياً مع رئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشينكو ، بحثا خلاله عدداً من القضايا المهمة، مؤكداً أنه يخطط لعقد لقاء معه في وقت لاحق. وأوضح ترامب، في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي أثناء سفره على متن طائرة الرئاسة إلى ألاسكا، أن الاتصال تناول ملفات متعددة، من بينها زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الصورة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ولد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 1952، أي بعد 7 سنوات من نهاية الحرب العالمية الثانية، التي فقد فيها شقيقه الأكبر وأصيب فيها والده، عمل 16 عامًا في جهاز الاستخبارات الروسي، ثم رئيسًا للوزراء عام 1999، ورئيسًا مؤقتًا في نفس العام، وفاز في الانتخابات الرئاسية: 2000، 2004، 2012، 2018، 2024 إلى ألاسكا، مضيفاً أن هدفه الرئيسي كان شكر لوكاشينكو على إطلاق سراح 16 سجيناً، وحثه على الإفراج عن 1300 آخرين. ويأتي هذا الاتصال قبل ساعات فقط من القمة المرتقبة بين ترامب وبوتين في أنكوريدج بولاية ألاسكا، التي وصفها مسؤولون غربيون بأنها "أهم مفاوضات بين الغرب وروسيا" منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا في فبراير/شباط 2022. وبحسب البيت الأبيض، سيُعقد اللقاء في قاعدة "إلمندورف ريتشاردسون" الجوية، وهي منشأة عسكرية أميركية رئيسية لمراقبة روسيا، وسيعقبه مؤتمر صحافي مشترك بين الزعيمين. أخبار التحديثات الحية قمة ألاسكا | لقاء ترامب وبوتين لحظة بلحظة وتتجه أنظار العالم، مساء الجمعة، إلى ولاية ألاسكا الأميركية التي تشهد عند الساعة 3:50 عصراً بتوقيت العاصمة واشنطن القمة المنتظرة بين الرئيسين الأميركي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين، والتي يستهدف الأول من خلالها الوصول إلى حل للحرب الروسية الأوكرانية. وينخفض سقف التوقعات في واشنطن في ما يخص الاجتماع مع إشارات إلى أن أوكرانيا ليست هي الطرف الرابح في قمة ألاسكا. وذكر ستيف بيل، المسؤول السابق في البيت الأبيض، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن اللقاء المنتظر "قد يشكل منعطفاً مهماً في الحرب الروسية الأوكرانية، وقد يغير شكل العلاقات بين روسيا وأوكرانيا من ناحية، والولايات المتحدة وروسيا من ناحية أخرى، وقد يؤدي إلى بداية حل للصراع الأوكراني الروسي أو تعقدها"، محذراً من أن أوكرانيا "قد تجد نفسها وحيدة" إذا تمسكت بموقفها الرافض أي تنازلات. من جهته، وصف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قمة ألاسكا بأنها "مكافأة" لبوتين، داعياً إلى أن تمهد الطريق لمحادثات ثلاثية بين أوكرانيا وروسيا والولايات المتحدة لتحقيق "سلام عادل". (العربي الجديد، رويترز)

الطريق نحو الدولة المنبوذة: شعور متزايد لدى الإسرائيليين بأن حرب غزة عزلتهم ومظاهر المقاطعة بدأت في قطاع التكنولوجيا
الطريق نحو الدولة المنبوذة: شعور متزايد لدى الإسرائيليين بأن حرب غزة عزلتهم ومظاهر المقاطعة بدأت في قطاع التكنولوجيا

القدس العربي

timeمنذ 12 ساعات

  • القدس العربي

الطريق نحو الدولة المنبوذة: شعور متزايد لدى الإسرائيليين بأن حرب غزة عزلتهم ومظاهر المقاطعة بدأت في قطاع التكنولوجيا

لندن- 'القدس العربي': نشرت صحيفة 'فايننشال تايمز' تقريرا أعده نيري زيبلر، قال فيه إن الإسرائيليين يواجهون عزلة عالمية متزايدة، وأن رد الفعل العنيف على حرب غزة يثير مخاوف الإسرائيليين المسافرين ورجال الأعمال من أن بلادهم تسير نحو وضعية الدولة المنبوذة. وأشار التقرير إلى المحاولة في هذا الصيف لمنع سفينة سياحية إسرائيلية على متنها 1,600 راكب من الاقتراب من جزيرة سيروس اليونانية، فقد تجمع مئات السكان المحليين عند الميناء القديم للجزيرة اليونانية الآسرة بجمالها، مرددين هتافات 'فلسطين حرة' ومحتجين على اقتراب السفينة القادمة من حيفا وأعيد توجيهها نحو قبرص لأسباب أمنية. وقد دفع هذا الحادث العديد من الإسرائيليين إلى التساؤل: 'إذا لم يعد بإمكانهم الشعور بالترحيب في اليونان، التي تعتبر بلا شك الوجهة السياحية الأكثر شعبية في إسرائيل، والتي تربطها بها علاقات دبلوماسية وعسكرية وثقافية عميقة بها، فماذا بقي لهم؟'. وبعد مرور ما يقرب من عامين على الانتقام الإسرائيلي المدمر من غزة بسبب هجمات حماس في 7 تشرين الأول/ أكتوبر، أصبح الاتجاه في معظم أنحاء العالم واضحا: تتعرض إسرائيل للانتقاد والعقوبات والعزلة بشكل متزايد، كل ذلك في حين ينمو الدعم بين الحلفاء الغربيين للاعتراف بدولة فلسطينية. وقد لجأ المعلقون الإسرائيليون إلى وصف موجة الاستهجان بأنها 'تسونامي دبلوماسي'، بعد خطاب ألقاه وزير الدفاع آنذاك إيهود باراك عام 2011 حذر فيه من أن غياب عملية سلام مع الفلسطينيين سيحول إسرائيل إلى دولة منبوذة و'يدفع إسرائيل إلى الزاوية التي بدأ منها تدهور جنوب إفريقيا'، أي نظام الفصل العنصري. ونقلت الصحيفة عن جيريمي إيسخاروف، وهو دبلوماسي إسرائيلي كبير متقاعد شغل منصب سفير لدى ألمانيا، قوله: 'لا أتذكر وضعا كان حرجا جدا من حيث مكانتنا الدولية والهجمات على شرعيتنا والانتقادات الموجهة للحكومة، بما في ذلك في الولايات المتحدة. وبعض أفضل أصدقائنا يرسلون لنا إشارات سلبية للغاية'. وتضيف الصحيفة أنه مع ارتفاع عدد القتلى ووصول قطاع غزة إلى حافة المجاعة بسبب القيود الإسرائيلية على المساعدات الإنسانية، اشتدت الإدانة العالمية للحرب التي تشنها إسرائيل، وبخاصة بعد تعهد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الأسبوع الماضي بتوسيع الحملة و'إنهاء المهمة' هناك، مما أثار المزيد من تدقيق الحلفاء. فقد أعلن المستشار الألماني فريدريش ميرتس أن الرد العسكري الإسرائيلي 'لم يعد مبررا'، بينما انتقد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون التصعيد الإسرائيلي المخطط له، ووصفه بأنه 'كارثة على وشك الحدوث'. وأعربت أكثر من 12 دولة، بما فيها بريطانيا وفرنسا وكندا وأستراليا، عن نيتها الاعتراف بدولة فلسطينية بحلول الشهر المقبل في اجتماعات الأمم المتحدة بنيويورك. واتهم عدد متزايد من النقاد الدوليين الشرسين إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية، بينما يخضع نتنياهو نفسه منذ تشرين الثاني/نوفمبر لمذكرة توقيف من المحكمة الجنائية الدولية بتهمة 'ارتكاب جرائم ضد الإنسانية'. وقال مسؤول إسرائيلي كبير سابق، إن الرأي العام الإسرائيلي 'يدرك أن هذا الوضع أعمق وأوسع نطاقا وأكثر خطورة من أي وقت مضى'، مضيفا أن الضغط الدولي المتزايد 'تجاوز الحدود'. وازدادت عمليات حظر الأسلحة المفروضة على إسرائيل طوال الحرب، حيث علقت ألمانيا، وهي مصدّر رئيسي للأسلحة، ويعود دعمها القوي لإسرائيل إلى الهولوكوست، الأسبوع الماضي شحنات الأسلحة التي من الممكن استخدامها في غزة. وأعلن صندوق النفط النرويجي، الذي تبلغ قيمته تريليوني دولار أمريكي، وهو أكبر صندوق ثروة سيادية في العالم، هذا الأسبوع أنه باع خمس استثماراته في إسرائيل وقطع علاقاته مع مديري الصناديق الإسرائيليين ردا على الحرب. وقال رئيس الوزراء النرويجي، يوناس غار ستور، في بودكاست: 'المأساة الحالية هي تضرر سمعة إسرائيل في دول لطالما تعاطفت معها'. وأضاف: 'سيكون لذلك تأثير مع مرور الوقت، وأعتقد أنه سيكون دراماتيكيا جدا على إسرائيل'. وتقول الصحيفة إن الأزمة الاقتصادية بدأت تظهر بالفعل في قطاع التكنولوجيا الإسرائيلي، وبخاصة من المستثمرين الأوروبيين، وفقا لرسائل خاصة اطلعت عليها صحيفة 'فايننشال تايمز' في منتدى إلكتروني يضم مئات من المستثمرين الإسرائيليين واليهود. وجاء في إحدى الرسائل من شريك محدود: 'إن فكرة الاستثمار في دولة تمنع بشكل مباشر تدفق المساعدات الضرورية [إلى غزة] أمر نكافحه لأسباب أخلاقية'. ونقل مدير صندوق آخر: 'إسرائيل غير مرغوب بها في الدنمارك'. وقال أمير ميزروش، مستشار الاتصالات العالمية المقيم في تل أبيب، إن كبار رجال الأعمال الإسرائيليين 'يشعرون وكأنهم أصبحوا روسيا دون العقوبات الرسمية'. وأضاف ميزروش أن الأموال الأوروبية وإن كانت تمثل جزءا ضئيلا من الاستثمار الأمريكي، فإن القلق الأكبر يكمن في احتمال تضرر التعاون البحثي والأكاديمي المشترك في مجالات مثل أشباه الموصلات وتصميم الرقائق، ومن خلال برنامج 'هورايزون' لتمويل العلوم التابع للاتحاد الأوروبي. وقد فشلت محاولات استبعاد إسرائيل من البرنامج، وكذلك اتفاقية الشراكة الأوسع مع الاتحاد الأوروبي، بسبب معارضة حكومات، منها ألمانيا والمجر. لكن لا يزال من غير الواضح إلى متى سيصمد هذا الوضع، خاصة إذا اتسع نطاق حرب غزة. وقالت الصحيفة إن الدعم في الولايات المتحدة -الحليف الأقوى لإسرائيل- قد تراجع وبخاصة بين الديمقراطيين والمستقلين. فقد أظهر استطلاع رأي أجرته مؤسسة غالوب الشهر الماضي، أن 32% فقط من الجمهور يدعمون العملية العسكرية الإسرائيلية في غزة. ومع ذلك، يبدو أن دعم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لم يتضاءل حتى الآن، على الرغم من بوادر الانشقاق داخل جناح 'ماغا' أو لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى، في الحزب الجمهوري. وباستثناء أي تغيير جذري في موقف ترامب، يبدو أن حكومة نتنياهو غير مهتمة بالضجيج العالمي. وقد صوّر الوزراء الإسرائيليون الاعتراف بالدولة الفلسطينية على أنه 'مكافأة' لحماس، مشيرين إلى أن القادة الأوروبيين قد 'استسلموا' للضغوط الداخلية من وسائل الإعلام والجماعات اليسارية و'أقلياتهم المسلمة'. وقال نتنياهو يوم الأحد: 'سننتصر في الحرب، بدعم من الآخرين أو بدونه'، مضيفا أنه أبلغ القادة الأوروبيين أن ضغوطهم السياسية الداخلية 'مشكلتكم، وليست مشكلتنا'. حتى المسؤول السابق، وهو منتقد لحكومة نتنياهو، جادل بأن الأدوات التي اختارتها الحكومات الأجنبية للضغط على إسرائيل كانت خاطئة، وخاصة الاعتراف بدولة فلسطينية، وهو أمر 'سيكون رد فعل حتى المعتدلين من الإسرائيليين عليه سلبيا بعد 7 تشرين الأول/ أكتوبر'. وأضاف: 'غالبية الجمهور الإسرائيلي تعتقد بالفعل أن الحرب يجب أن تنتهي، ولسنا بحاجة إلى أصدقائنا في الخارج ليخبرونا بذلك'، يجب 'الضغط على حكومة إسرائيل، وليس على الجمهور الإسرائيلي'. وفي حين أن هذه الخطوات لم تؤثر فعليا على الحياة اليومية في إسرائيل، فقد امتلأت وسائل الإعلام الإسرائيلية خلال الشهر الماضي بتقارير عن جنود سابقين في الجيش يُلاحَقون بتهمة ارتكاب جرائم حرب عند زيارتهم لأمريكا اللاتينية وأوروبا، وعن تخريب مطاعم إسرائيلية في سيدني وبرلين. كما حُذف اسم منسق موسيقى إسرائيلي من قائمة المشاركين في مهرجان موسيقي بلجيكي بسبب 'مخاوف أمنية' غامضة، وتعرض المصطافون للاعتداء في أثينا، مما دفع السلطات الإسرائيلية إلى نصح المسافرين إلى الخارج بـ'التقليل' من إظهار جنسيتهم. ويتمثل القلق بين المسؤولين الإسرائيليين الحاليين والسابقين في احتمال فرض عقوبات إضافية، مما يجبرهم على التفكير في مستقبل تمنع فيه إسرائيل من المشاركة في الفعاليات الدولية، وتخضع لحظر أوسع على الأسلحة، ويلغى السفر بدون تأشيرة. وقال إيسخاروف، الدبلوماسي السابق: 'هذه عملية يمكن أن تتفاقم في اتجاهات مختلفة.. نحن نعيش في عالم معولم. لا إنسان ولا دولة جزيرة معزولة'.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store