logo

جوانب من العلاقات الصهيونية – الصّينِيّة!الطاهر المعز

ساحة التحريرمنذ 5 أيام
جوانب من العلاقات الصهيونية – الصّينِيّة!
الطاهر المعز
تساءل الكثيرون في أغلب أنحاء العالم عن سؤال بالغ الأهمية: لماذا لا تبذل دول البريكس، وخاصة روسيا والصين، جهودًا أكبر مما تبذلانه من أجل فلسطين والدفاع عنها؟ لأن هذا الموضوع رئيسي في نظر المقاومة اليمنية مثلا، وثانوي أو هامشي في نظر روسيا والصين، او أي دولة أخرى، فالقضية الفلسطينية هي قضيتنا كعرب، وتحرير فلسطين من واجباتنا ومهامّنا، ويمكن للقوى التقدمية ( والصين وروسيا ليست ضمنها) دعمنا ومساندتنا، أو نَقْدنا. أما بالنسبة لروسيا والصين، فإن علاقاتهما مع الكيان الصهيوني لا تتأثّر بالعدوان المُستمر ضدّ الشعب الفلسطيني ( والشعوب العربية والإيرانية).
تُساهم الشركات والدّولة الصينية في ازدهار الإقتصاد الصهيوني لكنها تمتنع عن اتخاذ قرار سياسي مثل المُقاطعة وفَرْض العقوبات وسحب الإستثمارات، وهذ الحدّ الأدنى لما يمكن أن يُقِرّه حزب يسمي نفسه شيوعيًّا ويقود دولة بحجم الصين، لكنه يمتنع عن اتخاذ قرار سياسي يضر باقتصاد الكيان الصهيوني، رغم المجازر اليومية بحق المدنيين في غزة، ولذا وجب اعتبار الشُّركاء في العلاقات التجارية والإقتصادية والمالية (الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي وبريطانيا وكندا وتركيا وروسيا والصّين واليابان وكوريا الجنوبية والهند وأستراليا والأنظمة العربية المُطبّعة سرًّا أو علنًا) شُركاء في جرائم الجيش الصهيوني في فلسطين المحتلة كما في لبنان وسوريا واليمن وإيران، ولم تردّ الصين على العدوان على 'الصديق الإيراني' لأنها ترفض التضحية بعلاقاتها الاقتصادية مع الكيان الصهيوني، حيث تستثمر شركات صينية مملوكة للدولة مثل كيم تشاينا وبرايت فودز ومجموعة فوسوم (إلى جانب الشركات الصهيونية) في مستوطنات الضفة الغربية، وتمتلك هذه الشركات الصينية المملوكة للدولة حصصًا في شركات صهيونية، ولذلك لم تُندد جمهورية الصين الشعبية علنًا بالسياسة الإستعمارية الصهيونية قبل انتشار الانتقادات 'الغربية' للمجازر، إلا أنها لا تزال تدعم اقتصاد المستوطنين سرًا، رغم انتقادات الحكومة الصينية اللاذعة حاليا ( خلال الأشهر الأخيرة ) لسياسة الإبادة الجماعية في غزة، وعلى سبيل المثال تُمثل المنتجات الصينية ما يقرب من 20 مليار دولار، أي أكثر من 20% من واردات الصهاينة، وتحاول الصين تبرير تواطؤها بـ'مبدأ عدم التدخل في شؤون الشُّركاء، وفصل الإقتصاد عن السياسة'، الذي يعني ببساطة: المال والأعمال قبل كل شيء، وهو لا يمت بصلة إلى المبادئ الإشتراكية، وعملا بهذا المبدأ الإنتهازي، اغتنمت الصين فُرصة تظاهر الدّول 'الغربية' بنقد بعض ممارسات الحكومة الصهيونية، لتعزيز علاقاتها الاقتصادية مع هذه الدولة المارقة، وناقش السفير الصيني في تل أبيب مع وزير الاقتصاد والصناعة الصّهيوني 'تعميق التعاون الاقتصادي والتجاري الصيني الإسرائيلي'، بالتزامن مع هجوم جيش الاحتلال على مستودعات المساعدات الإنسانية (الأسبوع الأول من حزيران/يونيو 2025).
بعد انهيار الإتحاد السوفييتي، لم تُقدّم الصين دعمًا اقتصاديًا لكوبا، تجنّبًا لكسر الحصار الأمريكي وتجنّبًا للعقوبات الصّارمة على من يتحدّاها، ولذلك لا يمكن أن نتوقّع منها ( أو من روسيا أو ) قطع العلاقات الإقتصادية والدّبلوماسية مع الكيان الصهيوني رغم الإبادة الجماعية…
دعمت الصين خلال عُقُود خَلَتْ حركات التحرر الوطني والمناهضة للإمبريالية حول العالم، وشمل ذلك دعم القضية الفلسطينية، إذ كان لمنظمة التحرير الفلسطينية مكتب وامتيازات دبلوماسية وحصانة في بكين، منذ سنة 1965، وأعلن ماو تسي تونغ ( أيار/مايو 1965): 'الإمبريالية تخشى الصين والعرب، وإسرائيل وفورموزا قاعدتان للإمبريالية في آسيا… أنتم ( الفلسطينيون) البوابة الأمامية للقارة الكبرى ( آسيا)، ونحن البوابة الخلفية3 واليوم، بعد ستين سنة، ترتبط شركات صينية مثل ' كيم تشاينا' للكيماويات المملوكة للدولة الصينية، بشكل مباشر بالتدمير العسكري لسبل عيش الفلسطينيين، وتستثمر العديد من الشركات الصينية المملوكة للدولة، إلى جانب شركات صينية خاصة أخرى، بشكل مباشر أو غير مباشر في المستوطنات الصهيونية أو الشركات العاملة فيها، بغية تيسير حياة المستوطنين وإدامتها على الأراضي المحتلّة.
اكتسبت الصين احترامًا متزايدًا لتعهدها ببناء علاقات سلمية ومربحة للجميع مع الدول الأخرى، لكن ماذا تفعل شركاتها في فلسطين المحتلة، وبينما يتعرض الفلسطينيون للإبادة وللتجويع وسرقة الأراضي، يعيش عمال صينيون ويعملون في المستوطنات المجاورة لقرية هوارة قرب نابلس، على مرأى ومسمع من الجميع، ويعمل عشرات الصينيين في مستوطنة بيت إيل، قرب رام الله في أعمال البناء والطّرقات المُخصّصة للمستوطنين الصهاينة، مما يُعزّز النشاط الإستعماري الإستيطاني، بعد أن كانت حكومة الصين تسمح للعمّال الصينيين بالعمل في فلسطين المحتلة وتمنع توظيفهم في الضفة الغربية المحتلة، خوفًا على أمْنِهم وسلامتهم، وفق مجلة الدّراسات الفلسطينية – أيار/مايو 2025
استخلاصات
توجد العديد من التناقضات في التّصريحات الصينية، حيث يقول ممثل الصين في محكمة العدل الدّولية ' إن استخدام الشعب الفلسطيني للقوة لمقاومة القمع الأجنبي في إطار السّعي إلى الحصول على حق تقرير المصير واستكمال إقامة دولة مستقلة هو حق غير قابل للتصرف مؤسس في القانون الدولي' لكن تُشير كل الوقائع إلى محافظة الصين على علاقاتها الإقتصادية والتجارية مع دولة الإحتلال، بل تُعدّ الصين أكبر شريك تجاري آسيوي للكيان الصهيوني وثاني أكبر شريك تجاري عالمي، وتُظهر بيانات للجمارك الصينية، ارتفاع حجم التجارة الثنائية من حوالي 8 مليارات دولار سنة 2013 إلى 25,45 مليار دولارا سنة 2022، و بلغت قيمة الواردات الصهيونية من الصين 13,53 مليار دولار أمريكي سنة 2024، بزيادة تقارب 20% عن سنة 2023، وتعززت العلاقات التكنولوجية بين الطّرَفَيْن ، وتحاول الصين تشجيع الشركات التكنولوجية الصهيونية على الإستثمار في الصين والإستفادة من 'مزايا السوق الصينية. الواسعة'
يختلف الموقف الصيني عن معظم الدّول 'الغربية'، فالصين لا تُشارك ولا تُبرّر الإبادة الجماعية، خلافًا للولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا، ولا تستخدم الصّين حق النّقض لصالح الكيان الصهيوني في مجلس الأمن الدولي، لكن من حقنا ومن واجبنا نقد تعميق العلاقات الإقتصادية والتجارية لدولة تَدّعِي الإشتراكية مع دولة تأسست على وطن الشعب الفلسطيني وتمارس الإبادة الجماعية، ضمن استمرار النّكبة منذ 1948 إلى الآن، وترفض الصين، خلافًا لدول أخرى في أمريكا الجنوبية، قطع علاقاتها الدّبلوماسية والإقتصادية مع الكيان الصهيوني، بل استغلت فرصة الإبادة الجماعية في غزة لتعزيز علاقات الشراكة الإقتصادية والتجارية والمالية (الإستثمارات) مع الكيان الصهيوني وفق موقع 'الرأسمالية العارِيَة' ( nakedcapitalism ) بتاريخ السادس من حزيران/يونيو 2025
خاتمة
لا يزال الحزب الصيني الحاكم يُسمِّي نفسه شُيوعيًّا، لكن النّظام رأسمالي، رغم اختلاف مسيرته عن النّظام الرّأسمالي التّقليدي، فقد اكتسب الأثرياء ثروتهم من خصخصة وتقاسم ممتلكات الدّولة ( أي الشعب الصيني)، وتَقُود المصالح الإقتصادية والإستراتيجية السياسة الخارجية للدولة، وهو ما يُسمّى في لُغة السياسة والدّبلوماسية 'الواقعية' أو 'البراغماتية'، ولا تحتل الصّين حاليا أراضي بلدان أخرى، بل تحاول بشتّى الطُّرُق استعادة فرموزا ( تايوان التّابعة لها والتي انفصلت سنة 1949) ولكنها تستغل الطبقة العاملة في الدّاخل وفي بلدان أخرى عديدة مما أدّى إلى إضرابات عمّال النّيجر والكونغو وغيرهم ضدّ الإستغلال الفاحش للشركات الصينية…
بالنسبة للقضية الفلسطينية والقضايا العربية، كان الدّعم مبدئيا من قِبَل الدولة والحزب الشيوعي الصيني والمنظمات المَاوِيّة في العالم، ولكن أدّت جُمْلة من العوامل، ومن بينها الضّغوط الأمريكية واستسلام بعض الأنظمة العربية وقيادات منظمة التّحرير، الذي تزامن مع تغييرات توجّهات السلطة الصينية، إلى تراجع موقف الصين ودول عديدة أخرى وعزل المقاومة الفلسطينية بعد الغزو الصهيوني لِلُبنان…
إن تحرير فلسطين والأراضي العربية المحتلة من مهمات الفلسطينيين والعرب قبل غيرهم، ولا نطلب ( ولا يُمكن) للصين أو روسيا أو غيرها أن تحلّ محلّنا أو أن تُحرّر شبرًا واحدًا من أراضينا المحتلّة، وكل ما نطلبه هو عدم دعم الكيان الصهيوني ومقاطعته والعمل على محاسبة المجرمين الصهاينة من قيادات عسكرية وحكومية وسلطات أكاديمية وغيرها…
‎2025-‎08-‎09
The post جوانب من العلاقات الصهيونية – الصّينِيّة!الطاهر المعز first appeared on ساحة التحرير.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

إدارة ترامب تكشف تفاصيل "القبة الذهبية": طبقة في الفضاء وثلاث على الأرض
إدارة ترامب تكشف تفاصيل "القبة الذهبية": طبقة في الفضاء وثلاث على الأرض

شفق نيوز

timeمنذ 15 ساعات

  • شفق نيوز

إدارة ترامب تكشف تفاصيل "القبة الذهبية": طبقة في الفضاء وثلاث على الأرض

شفق نيوز- واشنطن كشفت الحكومة الأمريكية، يوم الأربعاء، تفاصيل جديدة تخص مشروع القبة الذهبية، حيث أظهرت في عرض تعريفي أن منظومة الدفاع الصاروخي الرائدة التي تسعى الحكومة بقيادة دونالد ترامب لتشييدها ستتألف من 4 طبقات - واحدة في الفضاء وثلاث على الأرض - فضلاً عن 11 بطرية قصيرة المدى موزعة في جميع أنحاء البر الرئيسي للولايات المتحدة وألاسكا وهاواي. وجرى تقديم العرض الذي حمل عنوان "انطلق بسرعة، فكر بشكل كبير!"، على 3000 متعاقد دفاعي في هانتسفيل بولاية ألاباما الأسبوع الماضي، حيث كشف عن تعقيد غير مسبوق للنظام الذي طلب ترامب إتمامه في 2028. وتقدر تكلفة المنظومة بما يصل إلى 175 مليار دولار، لكن العرض التعريفي أظهر أن الشكوك لا تزال تلوح في الأفق حول البنية الأساسية للمشروع في ظل عدم تحديد عدد منصات الإطلاق، والصواريخ الاعتراضية، والمحطات الأرضية، ومواقع الصواريخ اللازمة للنظام. وقال مسؤول أمريكي: "لديهم الكثير من المال، ولكن ليس لديهم هدف لتكلفة المشروع حتى الآن". وخصص الكونغرس حتى الآن 25 مليار دولار للقبة الذهبية في مشروع قانون ترامب للضرائب والإنفاق الذي أقره في يوليو (تموز). كما تم تخصيص 45.3 مليار دولار أخرى لنفس المشروع في طلبه للميزانية الرئاسية لعام 2026. والقبة الذهبية هي درع دفاع صاروخية متعددة الطبقات للولايات المتحدة، مستوحاة من القبة الحديدية الإسرائيلية، لكنها أكبر بكثير في ضوء المساحة الجغرافية التي ستحتاج إلى حمايتها والتعقيدات الناجمة عن التهديدات المتنوعة التي ستواجهها. ووفقاً للعرض التعريفي، تتكون بنية المنظومة من 4 طبقات متكاملة وهي طبقة استشعار واستهداف فضائية للتحذير من الصواريخ وتتبعها، بالإضافة إلى "الدفاع الصاروخي"، وثلاث طبقات أرضية تتكون من صواريخ اعتراضية ومنظومات رادار وربما أشعة ليزر. وكانت إحدى المفاجآت هي وجود حقل صواريخ كبير جديد - على ما يبدو في الغرب الأوسط وفقاً للخريطة الواردة في العرض التقديمي - للجيل القادم من الصواريخ الاعتراضية (إن.جي.آي) التي تصنعها شركة لوكهيد مارتن وستكون جزءاً من "الطبقة العليا" إلى جانب أنظمة دفاع (ثاد) التي تصنعها لوكهيد أيضاً.

السوداني يبحث تأهيل مطار بغداد مع ائتلاف الشركات الـ6
السوداني يبحث تأهيل مطار بغداد مع ائتلاف الشركات الـ6

شفق نيوز

timeمنذ 17 ساعات

  • شفق نيوز

السوداني يبحث تأهيل مطار بغداد مع ائتلاف الشركات الـ6

شفق نيوز- بغداد بحث رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، يوم الاربعاء، أن ممثلي ائتلاف الشركات الست، عملية تأهيل وتطوير مطار بغداد الدولي. وقال المكتب الإعلامي للسوداني، في بيان ورد لوكالة شفق نيوز، إن "السوداني استقبل ممثلي ائتلاف الشركات الـ6 المتقدمة لتأهيل وتطوير وتشغيل مطار بغداد الدولي بحضور مؤسسة التمويل الدولية (IFC)". وبين السوداني، بحسب البيان، أن "العراق يستقطب اليوم استثمارات عربية وأجنبية كبيرة في مختلف القطاعات تجاوزت 100 مليار دولار خلال عامين من عمر الحكومة". وتابع أن "مطار بغداد واجهة للعاصمة بغداد، ويجب ان يحظى بالتأهيل والتطوير المطلوب، والادارة التي توفر الخدمة وتحقق الايرادات". ولفت إلى أن "هناك فرصة حقيقية وواضحة بزيادة اعداد المسافرين من الخارج إلى بغداد، وأعدنا النظر في اسلوب الادارة للقطاع الحكومي، في المطارات واغلب القطاعات". واستطرد أن "الفرصة متاحة في مطار بغداد، وفي مطارات النجف والبصرة والناصرية والموصل، واخترنا التجارب الناجحة بالمنطقة لادارة وتشغيل المطارات".

ترامب وبوتين يلتقيان في ألاسكا التي اشترتها أمريكا من روسيا بنحو 7 ملايين دولار.. فما قصتها؟
ترامب وبوتين يلتقيان في ألاسكا التي اشترتها أمريكا من روسيا بنحو 7 ملايين دولار.. فما قصتها؟

شفق نيوز

timeمنذ يوم واحد

  • شفق نيوز

ترامب وبوتين يلتقيان في ألاسكا التي اشترتها أمريكا من روسيا بنحو 7 ملايين دولار.. فما قصتها؟

يعتزم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين عقد لقاء في ألاسكا يوم الجمعة المقبل، لبحث مستقبل الحرب في أوكرانيا. وأعلن ترامب عن الاجتماع المقرّر في 15 أغسطس/آب عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن يؤكّد المتحدث باسم الكرملين الموعد، مشيراً إلى أن اختيار ألاسكا "منطقي" نظراً لقربها النسبي من روسيا. وفي الواقع أن ولاية ألاسكا الأمريكية ليست فقط قريبة نسبياً من روسيا كما أشار المتحدث باسم الكرملين، بل كانت أرضاً روسية في يوم من الأيام. فما هي قصة ولاية ألاسكا؟ تحتفل ولاية ألاسكا الأمريكية في 18 أكتوبر/تشرين الأول من كل عام بيوم ألاسكا، وهو اليوم الذي تحولت فيه تبعية هذا الإقليم من روسيا إلى الولايات المتحدة عام 1867، بعد أن اشترته واشنطن من روسيا مقابل 7.2 مليون دولار، وتقع ألاسكا في أقصى شمال غرب قارة أمريكا الشمالية، ويحدها من الشرق كندا التي تفصلها عن بقية الأراضي الأمريكية، ومن الشمال المحيط المتجمد الشمالي، فيما يحدها المحيط الهادئ من الجنوب والغرب. وتعد ألاسكا أكبر الولايات الأمريكية من حيث المساحة إذ تبلغ مساحتها حوالي 1.7 مليون كيلومتر مربع وتضم العديد من الجزر، منها بعض الجزر البركانية، غير أنها من أقل الولايات من حيث عدد السكان إذ يبلغ نحو 700 ألف نسمة. وتقول دائرة المعارف البريطانية إن البشر يعيشون في ألاسكا منذ 10 آلاف سنة قبل الميلاد، ففي ذلك الوقت، امتد جسر بري من سيبيريا إلى شرق ألاسكا، وتبع المهاجرون قطعان الحيوانات عبره. ومن بين مجموعات المهاجرين تلك، مازال الأثاباسكان والأليوت والإنويت ويوبيك وتلينغيت وهايدا يعيشون في ألاسكا. السيطرة الروسية في وقت مبكر من عام 1700، أشار السكان الأصليون في سيبيريا إلى وجود منطقة كبيرة من الأرض تقع شرقاً. وفي عام 1728، اكتشفت بعثة استكشافية بتكليف من قيصر روسيا بيتر الأول (بطرس الأكبر) بقيادة فيتوس بيرنغ، وهو ملاح دنماركي، أن الأرض الجديدة ليست مرتبطة بالبر الروسي، ولكن فشلت البعثة بسبب الضباب في تحديد موقع أمريكا الشمالية. وفي رحلة بيرنغ الثانية في عام 1741، شوهدت قمة جبل سانت إلياس، وأُرسل الرجال إلى الشاطئ. وعندما أُخذت فراء ثعالب البحر إلى روسيا فتح ذلك أبواب تجارة الفراء الغنية بين أوروبا وآسيا وساحل المحيط الهادئ في أمريكا الشمالية خلال القرن التالي. وتقول دائرة المعارف البريطانية إن الروس هم أول من أسسوا مستوطنة أوروبية عام 1784 في خليج ثري سينتس بالقرب من كودياك الحالية. ومع وصول تجار الفراء الروس، قُتل العديد من الأليوتيين على يد الوافدين الجدد أو أُنهكوا في العمل في صيد فقمات الفراء. ومات العديد من الأليوتين الآخرين بسبب الأمراض التي جلبها الروس. وفي القرن التاسع عشر، كان تجار الفراء البريطانيون والأمريكيون منافسين للروس، وقد تمت تسوية تلك المنافسة المريرة بين تجار الفراء في عام 1824 عندما أبرمت روسيا معاهدات منفصلة مع الولايات المتحدة وبريطانيا، وضعت حدوداً تجارية ولوائح تجارية. الاستحواذ الأمريكي كان الانقراض الوشيك لثعالب البحر والعواقب السياسية لحرب القرم (1853-1856) من العوامل التي أدت إلى أن تكون روسيا مستعدة لبيع ألاسكا للولايات المتحدة. وقاد وزير الخارجية الأمريكي ويليام سيوارد عملية شراء الأراضي، وتفاوض على معاهدة مع الروس. وبعد الكثير من المعارضة، وافق الكونغرس الأمريكي على عرض سيوارد الرسمي البالغ 7.2 مليون دولار، و في 18 أكتوبر/تشرين الأول من عام 1867 تم رفع العلم الأمريكي في عاصمة ألاسكا حينئذ "سيتكا" (تحولت العاصمة لاحقاً إلى جونو). وتمت الإشارة في البداية إلى شراء ألاسكا باسم "حماقة سيوارد" من منتقدي الصفقة الذين كانوا مقتنعين أنه لم يكن بتلك الأرض ما تقدمه. وقد حكم ألاسكا في البداية قادة عسكريون من وزارة الحرب حتى عام 1877. وخلال تلك السنوات كان هناك القليل من التطور الداخلي، لكن مصنع تعليب السلمون الذي بُنيَ عام 1878 كان بداية لما أصبح أكبر صناعة للسلمون في العالم. وشهدت ألاسكا منذ أواخر القرن التاسع عشر بداية اكتشاف الذهب وازدهار الإقليم. في عام 1884، أعلن الكونغرس ألاسكا مقاطعة فيدرالية، وأُنشئت محاكم فيدرالية بها، وبدأ نظام مدرسي. في عام 1906، انتُخب أول ممثل لألاسكا في الكونغرس، وهو مندوب لم يكن له حق التصويت. وفي عام 1912 انتُخب أعضاء كونغرس إقليم ألاسكا. وفي عام 1946 صوت سكان ألاسكا لصالح أن تصبح مقاطعتهم ولاية أمريكية. وعقب موافقة الكونغرس على مشروع قانون ولاية ألاسكا في عام 1958 دخلت الولاية رسميا في الاتحاد في عام 1959 لتصبح الولاية رقم 49. النفط والغاز وأدت اكتشافات النفط والغاز الطبيعي في شبه جزيرة كيناي، والحفر البحري في كوك إنليت في الخمسينيات من القرن الماضي، إلى إنشاء صناعة احتلت المرتبة الأولى بحلول السبعينيات في إنتاج المعادن بالولاية. وتبدلت تماماً الأوضاع الاقتصادية في الولاية في عام 1968، عندما اكتشف حقل نفط شاسع تُقدر احتياطيات النفط فيه بنحو 13 مليار برميل، ويقع هذا الحقل في خليج برودو بمنطقة المنحدر الشمالي للولاية، على بعد أكثر من ألف كيلومتر عن مدينة أنكوريج، كبرى مدن ولاية آلاسكا. وسرعان ما أدر الحقل أرباحاً وفيرة، إذ بلغت العوائد التي جنتها الولاية في عام 1969 من تأجير الأراضي المحيطة بالحقل لشركات النفط 900 مليون دولار. وفي أعقاب اكتشاف حقل نفط خليج برودو وإنشاء خط أنابيب نقل النفط عبر ولاية ألاسكا، بات واضحاً أن اقتصاد الولاية سيشهد تحولاً نوعياً. لكن عندما أُنفقت عوائد الإيجارات بالكامل على البنية التحتية والخدمات، لم يلمس بعض السكان تحسناً كبيراً في الأوضاع الاقتصادية. كما أدرك جاي هاموند، حاكم الولاية المنتخب في عام 1974، أن إيرادات النفط ستنقطع لا محالة يوما ما. ولذا مضت إدارته في إنشاء صندوق ألاسكا الدائم في عام 1976 لادخار الأموال للأجيال القادمة من سكان ألاسكا. واتُفق على أن يوضع ربع ريع النفط بالولاية في صندوق الادخار العام، الذي فاقت قيمته الآن 65 مليار دولار. ويقول هاموند في كتابه 'مقترح حاكم الولاية: كيف يصلح نموذج ولاية آلاسكا في توزيع عوائد النفط على السكان للتطبيق في العراق وغيرها من البلدان الغنية بالنفط': "أردت أن يشعر سكان ألاسكا بأن هذه الموارد ملك لهم، لتشجيعهم على دعم الأساليب المستدامة في تطويرها والنأي عن النماذج غير المستدامة". وبعد مرور ست سنوات، طُبق برنامج "حصص أرباح الصندوق الدائم"، الذي يُوزع بمقتضاه جزء من أرباح الصندوق الدائم على السكان المقيمين في ألاسكا منذ ما لا يقل عن عام. ففي عام 1982، تلقى كل شخص في ألاسكا يستوفي الشروط اللازمة للحصول على حصة من أرباح الصندوق، 1000 دولار (ما يعادل 2,670 دولار في الوقت الحالي)، ومنذ ذلك الحين، أصبحت حصص الأرباح تحتسب سنوياً على أساس متوسط دخل الصندوق الدائم الخاضع للضريبة على مدى السنوات الخمس السابقة. ويرى مؤيدو البرنامج أنه يحفز سكان الولاية على منع هيمنة أصحاب المصالح الخاصة على الصندوق، ويقدم مزايا للجميع على السواء، وأنه بمثابة شبكة أمان اجتماعي لحماية محدودي الدخل من سكان الولاية. وفي عام 1984، أعد معهد الأبحاث الاجتماعية والاقتصادية التابع لجامعة ألاسكا، تقريراً عن مشاعر سكان ألاسكا حيال الصندوق الدائم، وخلص التقرير إلى أن 60 في المئة من سكان ألاسكا يستحسنون الفكرة، بينما 29 في المئة منهم لديهم مشاعر مختلطة، و10 في المئة منهم يستهجنونها. وذكر التقرير أن سكان ألاسكا أنفقوا نحو 45 في المئة من حصص الأرباح الموزعة عليهم على الاحتياجات الأساسية من طعام وتدفئة وملبس وإيجار، وادخروا 20 في المئة منها، وأنفقوا 20 في المئة على الضرائب الفيدرالية، وخمسة في المئة لتسديد جزء من الديون، و10 في المئة على منتجات الرفاهية مثل رحلات الطيران. وانتهى التقرير إلى أن: "برنامج حصص أرباح الصندوق الدائم بات واحداً من أهم أسباب نمو مصادر الدخل الشخصي القابل للإنفاق (بعد اختصام الضرائب) منذ بداية الانتعاش الاقتصادي في عام 1980". وذكرت دراسة أجراها معهد الأبحاث الاجتماعية والاقتصادية في عام 2016، أن برنامج حصص أرباح الصندوق الدائم أسهم في تخفيف حدة الفقر في ولاية ألاسكا، ولا سيما بين سكان ألاسكا الأصليين، إذ تشير الإحصاءات الرسمية إلى أن معدلات الفقر بين السكان الأصليين أعلى منها بين السكان غير الأصليين بولاية ألاسكا بمرتين ونصف. كما يساعد البرنامج في انتشال ما يتراوح بين 15 و25 ألف مواطن في ألاسكا من الفقر المدقع سنوياً. وتُوزع حصص أرباح الصندوق الدائم في مطلع أكتوبر/تشرين الأول من كل عام، إذ تُضخ أموال في اقتصاد الولاية تسهم في إنعاشه حتى نوفمبر/تشرين الثاني. ويقول مايك غوردن، المالك السابق لحانة "تشيلكوت تشارليز" التاريخية بمدينة أنكوريدج: "هذه الأموال تعطينا دفعة تدوم لستة أسابيع أو شهر". وبالرغم من صعوبة احتساب التأثير الإجمالي للبرنامج، فإنه في عام 2018، وزعت حصص أرباح الصندوق التي فاقت المليار دولار، على 90 في المئة من سكان ألاسكا البالغ عددهم 740 ألف مواطن. ويذكر أن ألاسكا تقليدياً ولاية جمهورية عتيدة. وكان آخر ديمقراطي تم انتخابه لعضوية الكونغرس عن هذه الولاية في عام 1974 ولم يختر سكان ألاسكا مرشحاً ديمقراطياً للرئاسة منذ جيمي كارتر عام 1976. أبرز الحقائق عن ألاسكا BBC ألاسكا هي أكبر ولاية في الاتحاد (خمس مساحة الولايات المتحدة بأكملها وضعف حجم تكساس). ليس لدى مدينة جونو عاصمة الولاية طريق للوصول إلى باقي أنحاء الولاية، فهي العاصمة الوحيدة في الولايات المتحدة التي لا يمكن الوصول إليها إلا بالقارب أو بالطائرة. تعد بحيرة هود في أنكوراج أكبر قاعدة للطائرات المائية وأكثرها ازدحاماً في العالم حيث تشهد أكثر من 800 عملية إقلاع وهبوط في اليوم. 17 من بين أعلى 20 قمة جبلية في الولايات المتحدة توجد في ألاسكا. في ألاسكا، هناك نحو دب واحد لكل 21 شخصاً. يوجد في ألاسكا أكثر من 100 بركان.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store