logo
أجراس هيروشيما تقرع: حذارِ اقتراب "ساعة يوم القيامة"

أجراس هيروشيما تقرع: حذارِ اقتراب "ساعة يوم القيامة"

قرعت الأجراس في هيروشيما الأربعاء خلال إحياء ذكرى مرور 80 عامًا على إلقاء أميركا قنبلة "ليتل بوي" النووية على المدينة اليابانية. ففي 6 آب 1945، تعرّضت هيروشيما لأوّل هجوم نووي في التاريخ. وبعد ثلاثة أيّام فحسب، أُلقيت قنبلة "فات مان" الذرية على ناغازاكي، لتتلقى اليابان بذلك الضربة القاضية، معلنة استسلامها غير المشروط في الحرب العالمية الثانية في 15 آب من العام عينه. الضربتان النوويتان سرّعتا في حسم الحرب لمصلحة أميركا وقلّصت خسائرها البشرية التي كانت ستتكبّدها من جرّاء شنّ غزو برّي شامل لكسر اليابان وإنهاء الحرب. لكن هل حسابات الأكلاف، فضلًا عن بعث "رسالة نووية" ساهمت في وضع "حجر الزاوية" للنظام الدولي ما بعد الحرب آنذاك، تبرّر استخدام السلاح الذري؟
أخلاقيًا، لا شيء يُبرّر استخدام أسلحة الدمار الشامل ضدّ مدن مكتظة بالسكّان المدنيين، هذا أمر مفروغ منه. بيد أن قرارات القادة في أزمنة الحرب لا تتوقف على اعتبارات أخلاقية عندما يريدون انتزاع فوز صريح بأقلّ الأضرار الممكنة على بلادهم، ولو مهما كانت الكلفة باهظة في المقلب الآخر، أو عندما يصلون إلى استنتاج مفاده أن استخدام السلاح النووي لا مفرّ منه، بنظرهم، لتفادي "هزيمة استراتيجية" يرونها محتّمة. وهذا بالذات ما يُثير المخاوف من إمكانية استخدام الأسلحة الذرية مستقبلًا في ظلّ بيئة أمنية دولية مضطربة، رغم أن مفهوم "الردع النووي" لا يزال صامدًا وقادرًا على تقييد التصعيد نسبيًا، كما تفرض قواعد اللعبة نفسها وتبقي التوترات والصراعات دون "المستوى النووي" حتى اللحظة.
يُجسّد الصدام العسكري المحدود الذي حصل بين الهند وباكستان في أيّار الماضي، أكبر مثال على ذلك. فسرعان ما نجحت جهود التهدئة في سحب فتيل توسّع رقعة المواجهة وخفض التصعيد بين القوّتين النوويّتين اللدودتين. الضوابط المحيطة باستخدام الأسلحة الذرية ما زالت متينة. لكن هذا لا يمنع قوّة نووية أو أكثر من تجاوز الخطوط الحمر في سيناريوات متطرّفة قد تطرأ عند أي تدهور دراماتيكي ناتج عن خطوة استفزازية أو حادث طارئ، مقصود أو غير مقصود، بين أي قوّتين نوويتين أو أكثر. وهنا تبرز أهمية وجود خطوط تواصل مباشرة وموثوقة بين القوى المتنافسة أو المتصارعة، وتفعيلها، لأنها يمكن أن تؤدّي دورًا جوهريًا في منع بلوغ التوتر حدّ الصدام أو الحؤول دون تحوّل سوء تفاهم أو احتكاك إلى حرب شاملة قد تقرّب عقارب "ساعة يوم القيامة"، المعروفة أيضًا بـ "ساعة نهاية العالم"، من منتصف الليل، الذي يرمز إلى موعد "الكارثة الكبرى".
تحريك الرئيس ترامب أخيرًا غواصتين نوويتين إلى "مناطق مناسبة" ردًا على "التصريحات الاستفزازية" للرئيس الروسي السابق دميتري ميدفيديف، يقتضي من كافة القوى المسلّحة ذريًا أخذ "التهديدات النووية" على محمل الجدّ وعدم استخدام التلويح بالسلاح الذرّي في بازار "الكباش" الجيوسياسي والجيوستراتيجي الدولي، رغم أن الخطوة الأميركية بقيت ضمن إطار الردود المحسوبة. ولا يمكن إغفال توجيه إسرائيل وأميركا ضربات عسكرية قاصمة ضدّ البرنامج النووي الإيراني في حزيران الفائت، فيما يتوجّس الخبراء من أن تسعى طهران إلى تصنيع سلاح ذري، إن كانت لا تزال قادرة على ذلك، مع استمرار تعنّت الملالي ورفضهم التنازل والعودة إلى "الطاولة النووية".
لم ينفخ المعنيون في "الجمر النووي" منذ أزمة الصواريخ الكوبية عام 1962 كما يفعلون اليوم. المخاطر قائمة من شرق أوروبا مرورًا بالشرق الأوسط والحدود الباكستانية - الهندية والهندية - الصينية، وصولًا إلى شبه الجزيرة الكوريّة ومنطقة المحيطين الهندي والهادئ. لهذا، رفع رئيس بلدية هيروشيما كازومي ماتسوي الصوت المناهض للأسلحة النووية مجدّدًا الأربعاء، داعيًا قادة العالم إلى استخلاص العبر من درسَي هيروشيما وناغازاكي، ومآسي التاريخ. وكذلك فعل البابا لاوون الـ14، إذ اعتبر أن المدينتين اليابانيتين تبقيان "شاهدتين حيّتين على الرعب العميق الذي تسبّبه الأسلحة النووية".
كانت معبّرة الأرقام التي كشفها استطلاع أجراه "مركز بيو للأبحاث" بين 2 و8 حزيران من هذا العام. فقد أظهر أن 35 في المئة من الأميركيين يعتبرون أن استخدام القنبلة الذرية على هيروشيما وناغازاكي كان مبرّرًا، بينما يرى 31 في المئة أنه لم يكن مبرّرًا. أمّا 33 في المئة فيقولون إنهم غير متأكدين. تبدو الآراء متباينة ومنقسمة اليوم مقارنة بعام 1945 حين كانت "المشاعر العدائية" في ذروتها. فبعد القصف مباشرة، أظهر استطلاع لـ "مؤسسة غالوب" أن 85 في المئة من الأميركيين أيّدوا استخدام السلاح النووي. وكان لافتًا اعتبار 69 في المئة من الأميركيين اليوم، أن تطوير الأسلحة النووية جعل العالم أقلّ أمنًا، علمًا أن الاستطلاع أُجري قبل "حرب الأيام الـ 12".
نظريًا، تعطي الذكرى الـ80 لإلقاء أميركا أوّل قنبلة نووية في الحرب، أكثر من دافع دسم لجعل صانعي القرار في الدول النووية التسع، يعملون على تدعيم قيود وشروط استخدام السلاح الذري، والسعي إلى منع انتشاره وحتى تفكيكه، لكن الواقع في مكان آخر مختلف تمامًا. يتمنى الخبراء أن يكون 9 آب 1945 هو اليوم الأخير الذي تشهد فيه الأرض تفجيرًا نوويًا في حال الحرب، بيد أنهم يدركون أن "عوامل تفجيرية" كثيرة قد تدخل على خطّ العلاقات المتأزمة بين دول عدّة في ظروف معقّدة وخطرة مستقبلًا. وفي لحظات مفصلية جنونية، قد تنضمّ مدن وحتى دول أخرى إلى "نادي الجحيم" لهيروشيما وناغازاكي، خصوصًا أن الإنسان ينحو إلى اجترار خطايا التاريخ وأخطائه القاتلة من "وقت بائس" إلى آخر.
جوزف حبيب -نداء الوطن
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

بوتين: الإمارات من الأماكن المناسبة للقاء ترامب
بوتين: الإمارات من الأماكن المناسبة للقاء ترامب

صوت بيروت

timeمنذ ساعة واحدة

  • صوت بيروت

بوتين: الإمارات من الأماكن المناسبة للقاء ترامب

قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين 'إن الإمارات من الأماكن المناسبة لعقد اجتماع مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب'. وقال بوتين إنه لا يعارض 'بشكل عام' لقاء الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، مضيفا أنه 'يجب تهيئة الظروف' لمثل هذا الاجتماع. وشدد على أن الوضع الحالي 'بعيد كل البعد' عن الجاهزية لهذا اللقاء. وأعلن الكرملين، اليوم الخميس، الاتفاق على عقد لقاء يجمع الرئيس فلاديمير بوتين ونظيره الأميركي دونالد ترامب. وقال مستشار بوتين للشؤون الخارجية، يوري أوشاكوف، إن اللقاء سيتم بناء على اقتراح أميركي، مبينا أن الجانبين يعملان على التفاصيل لعقد اجتماع ثنائي خلال الأيام المقبلة. وأوضح أن الأسبوع المقبل هو الموعد المستهدف لعقد القمة، مشيرا إلى أن تنظيم مثل هذه الفعاليات يستغرق وقتا، دون ذكر موعد محدد. وأضاف أوشاكوف أنه سيعلن عن المكان المحتمل لعقد هذا اللقاء لاحقا. وقلل من احتمال انضمام الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى اجتماع القمة الثنائي، منبها إلى أولوية 'التركيز على التحضير لعقد اجتماع ثنائي مع ترامب. ونعتقد أن الأهم أن يكون هذا الاجتماع ناجحا ومثمرا'. وكشف المستشار الرئاسي الروسي أن المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف اقترح عقد اجتماع ثلاثي يشمل زيلينسكي، لكن موسكو لم ترد على هذا المقترح. ولفت إلى أن 'هذا الخيار لم يناقش بشكل مفصّل. فالجانب الروسي لم يعلّق إطلاقا عليه'. ويهدف الاجتماع الثنائي المقرر إلى مناقشة إنهاء الغزو الروسي المستمر منذ 3 سنوات لأوكرانيا، وهو الأمر الذي علق عليه البيت الأبيض بأن ترامب مستعد للنظر فيه. ويأتي هذا الإعلان بعد يوم من لقاء المبعوث الأميركي مع بوتين في موسكو. وأظهر استطلاع رأي جديد أجرته مؤسسة 'غالوب' أن الأوكرانيين يتوقون بشكل متزايد إلى تسوية تنهي الحرب مع روسيا. وحدد الرئيس الأميركي، سابقا، مهلة 10 أيام لروسيا لتحقيق تقدم نحو إنهاء الحرب في أوكرانيا وإلا فإنه سيفرض عليها عقوبات جديدة. وتعهد ترامب -في حملته الانتخابية قبل فوزه بولايته الرئاسية الثانية- بإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية في غضون يوم واحد، لكنه لم يتمكن من الوفاء بهذا الوعد. ومنذ 24 فبراير/شباط 2022، تشن روسيا حربا على جارتها، وتشترط لإنهائها تخلي أوكرانيا عن الانضمام إلى كيانات عسكرية غربية، وهو ما تعتبره كييف تدخلا في شؤونها.

ترامب: لا سلام في الشرق الأوسط دون انضمام شامل لاتفاقيات إبراهيم
ترامب: لا سلام في الشرق الأوسط دون انضمام شامل لاتفاقيات إبراهيم

ليبانون ديبايت

timeمنذ ساعة واحدة

  • ليبانون ديبايت

ترامب: لا سلام في الشرق الأوسط دون انضمام شامل لاتفاقيات إبراهيم

شدّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب على أهمية انضمام كافة دول الشرق الأوسط إلى اتفاقيات إبراهيم مع إسرائيل، معتبراً أن هذه الخطوة ضرورية لتحقيق السلام الإقليمي، في ظل "القضاء التام على الترسانة النووية الإيرانية"، بحسب تعبيره. وفي منشور عبر منصته "تروث سوشيال"، قال ترامب: "الآن، وبعد القضاء التام على الترسانة النووية التي كانت تصنعها إيران، من المهم جدًا بالنسبة لي أن تنضم جميع دول الشرق الأوسط إلى اتفاقيات إبراهيم. هذا سيضمن السلام في الشرق الأوسط. شكرًا لاهتمامكم بهذا الموضوع!" وتأتي تصريحات ترامب في سياق تأكيده المتكرر على أن اتفاقيات إبراهيم تمثل أحد أبرز إنجازاته في السياسة الخارجية خلال ولايته الأولى، باعتبارها منصة لتحقيق الاستقرار والتطبيع بين إسرائيل والدول العربية. اتفاقيات إبراهيم هي سلسلة من اتفاقيات التطبيع التي أُبرمت عام 2020 بين إسرائيل وعدد من الدول العربية، بوساطة مباشرة من إدارة ترامب. وقد بدأت بتوقيع كل من الإمارات العربية المتحدة والبحرين على اتفاقيتي تطبيع مع إسرائيل في أيلول 2020، ثم تبعتهما السودان والمغرب. وتهدف هذه الاتفاقيات إلى تعزيز التعاون الدبلوماسي والاقتصادي والأمني بين الأطراف، وتمثل تحولًا لافتًا في خارطة التحالفات الإقليمية في الشرق الأوسط، لا سيما في ظل الجمود المستمر في عملية السلام الفلسطينية-الإسرائيلية.

الكرملين يعلن عن قمة بين ترامب وبوتين خلال أيام
الكرملين يعلن عن قمة بين ترامب وبوتين خلال أيام

المنار

timeمنذ 2 ساعات

  • المنار

الكرملين يعلن عن قمة بين ترامب وبوتين خلال أيام

دولي الكرملين يعلن عن قمة بين ترامب وبوتين خلال أيام أعلن الكرملين، اليوم الخميس، الاتفاق على عقد لقاء يجمع الرئيس فلاديمير بوتين ونظيره الأميركي دونالد ترامب. وقال مستشار بوتين للشؤون الخارجية، يوري أوشاكوف، إن اللقاء سيتم بناء على اقتراح أميركي، مبينًا أن الجانبين يعملان على التفاصيل لعقد اجتماع ثنائي خلال الأيام المقبلة. وأوضح أن الأسبوع المقبل هو الموعد المستهدف لعقد القمة، مشيرا إلى أن تنظيم مثل هذه الفعاليات يستغرق وقتا، دون ذكر موعد محدد. وأضاف أوشاكوف أنه سيعلن عن المكان المحتمل لعقد هذا اللقاء لاحقا. وقلل من احتمال انضمام الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى اجتماع القمة الثنائي، منبها إلى أولوية 'التركيز على التحضير لعقد اجتماع ثنائي مع ترامب. ونعتقد أن الأهم أن يكون هذا الاجتماع ناجحا ومثمرا'. هذا وكشف المستشار الرئاسي الروسي أن المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف اقترح عقد اجتماع ثلاثي يشمل زيلينسكي، لكن موسكو لم ترد على هذا المقترح. ولفت إلى أن 'هذا الخيار لم يناقش بشكل مفصّل. فالجانب الروسي لم يعلّق إطلاقا عليه'. ويهدف الاجتماع الثنائي المقرر إلى مناقشة إنهاء الغزو الروسي المستمر منذ 3 سنوات لأوكرانيا، وهو الأمر الذي علق عليه البيت الأبيض بأن ترامب مستعد للنظر فيه. ويأتي هذا الإعلان بعد يوم من لقاء المبعوث الأميركي ويتكوف مع بوتين في موسكو. وأظهر استطلاع رأي جديد أجرته مؤسسة 'غالوب' أن الأوكرانيين يتوقون بشكل متزايد إلى تسوية تنهي الحرب مع روسيا. وحدد الرئيس الأميركي، سابقا، مهلة 10 أيام لروسيا لتحقيق تقدم نحو إنهاء الحرب في أوكرانيا وإلا فإنه سيفرض عليها عقوبات جديدة. وتعهد ترامب، في حملته الانتخابية قبل فوزه بولايته الرئاسية الثانية، بإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية في غضون يوم واحد، لكنه لم يتمكن من الوفاء بهذا الوعد. المصدر: مواقع إخبارية

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store