
اجتاح أوروبا.. "تسونامي الاعتراف" بفلسطين يشعل الجدل الدولي
ويأتي هذا التسونامي في سياق سياسي متقاطع، حيث تتشابك الاعترافات الدولية مع مأساة غزة ، والانقسامات الداخلية الفلسطينية، والتحديات التي تفرضها حكومة إسرائيلية يمينية متطرفة.
في هذا الإطار، قال الوزير السابق والقيادي في حركة فتح نبيل عمر خلال حديثه لبرنامج التاسعة على "سكاي نيوز عربية" إن "الاعتراف من حيث المبدأ بقيام وضرورة قيام الدولة الفلسطينية قد تم على مستوى العالم كله"، مضيفًا أن "السجال اليوم ليس حول وجود الدولة، بل حول مواصفاتها وكيفية قيامها".
في مقال نشرته صحيفة وول ستريت جورنال، قدم بلينكن رؤية تقوم على الاعتراف بالدولة الفلسطينية بشكل مشروط، مؤكدًا أن القرارات الأخيرة من فرنسا وبريطانيا وكندا وأستراليا تمثل "خطوة صحيحة من الناحية الأخلاقية".
لكنه أشار إلى أن الاعتراف وحده لا يكفي ما لم يترافق مع خطوات عملية، تشمل:
عدم سيطرة جماعات مسلحة أو مرتبطة بإيران على الدولة الفلسطينية، أو تصنيفها إرهابية من قبل إسرائيل.
التزام إسرائيل بوقف توسيع المستوطنات ومحاسبة المتطرفين من المستوطنين.
احترام الأماكن المقدسة، مع العمل على إصلاح السلطة الفلسطينية بدل تفكيكها.
معالجة الأزمة الإنسانية في غزة بشكل عاجل لتخفيف معاناة المدنيين الفلسطينيين والرهائن الإسرائيليين.
ويؤكد بلينكن أن هذه الشروط تعكس نهجًا دبلوماسيًا متوازنًا بين دعم حق الفلسطينيين في الدولة وبين حماية مصالح إسرائيل، في خطوة يمكن أن تفتح الباب نحو مسار تفاوضي جديد يهدف إلى السلام المستدام.
أكد نبيل عمر أن الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية "قد تم بالفعل من حيث المبدأ، وإن اختلفت درجة القبول بين الدول وبين إسرائيل والولايات المتحدة".
وأضاف: "الآن المعركة الحقيقية هي على مواصفات الدولة الفلسطينية وكيفية تأسيسها، وليس على وجودها".
وأوضح عمر أن إسرائيل تضع شروطًا تتعلق بأمنها ومنع أي تهديد مستقبلي من الدولة الفلسطينية، مشيرًا إلى أن "الأميركيين يجاملون الإسرائيليين تمامًا في هذه الشروط، سواء الديمقراطيون أو الجمهوريون".
وأضاف: "بهذا المعنى، انتهت مرحلة الاعتراف المبدئي، وسيستمر النقاش حول مواصفات الدولة وكيفية قيامها".
وحذر عمر من بطء خطوات السلطة الفلسطينية، مشيرًا إلى أن المطلوب "جهد أكبر وأسرع وأوضح في معالجة الوضع الداخلي الفلسطيني"، مؤكدًا أن القضية ليست فقط كيفية اتفاق فتح وحماس، بل "كيفية تأسيس دولة نوعية تولد قوية وليست إضافة إلى قائمة الدول الفاشلة في العالم".
يشير عمر إلى أن الفلسطينيين يتمتعون بالإجماع على مبدأ الدولة ومواصفاتها، بما في ذلك فكرة نزع السلاح، لكن الانقسامات الداخلية تمثل تحديًا كبيرًا أمام ترجمة الاعتراف الدولي إلى واقع ملموس.
وقال: "القضية ليست موضوع الدولة بحد ذاته، بل كيفية بلورة موقف موحد حول كل المواضيع المتعلقة بالشأن الفلسطيني، بما في ذلك وقف الحرب على غزة وبناء الوضع الداخلي".
ويضيف أن الفكرة الجوهرية هي أن الفلسطينيين يتحملون الجزء الأكبر من تحويل "تسونامي الاعتراف" إلى أرضية عملية، عبر إصلاح مؤسسات السلطة، وتنظيم انتخابات رئاسية وتشريعية، ومعالجة الانقسام الداخلي، وتأسيس دولة ديمقراطية حديثة تعمل وفق مؤسسات منتخبة من الشعب الفلسطيني.
غزة.. الاختبار الأكبر للسيادة الفلسطينية
في حديثه، شدد عمر على أن إعادة إعمار غزة وإدارتها بعد أي تسوية يجب أن تكون مسؤولية فلسطينية بمساندة عربية ودولية، وقال: "اليوم التالي للحرب يجب أن يكون فلسطينيًا بالكامل، ربما من خلال لجنة الإسناد المجتمعي أو آلية عربية داعمة".
وأوضح أن هذا اليوم سيشكل اختبارًا حقيقيًا لقدرة الفلسطينيين على إدارة مواردهم وإعادة بناء مؤسساتهم، مع ضرورة توفير دعم مالي ضخم يشبه خطة مارشال بعد الحرب العالمية الثانية.
وأشار عمر إلى أن أي تدخل إسرائيلي مباشر بعد الانسحاب من غزة سيكون غير مقبول، مؤكداً أن الفلسطينيين هم العامل الرئيسي في إدارة القطاع ودعم إعادة الإعمار، بمشاركة الدول العربية والدولية فقط في الدور الداعم وليس المهيمن.
الإطار الدولي والدبلوماسي
يؤكد عمر أن العالم تغير منذ زمن فك الارتباط وحرب 1967، وحتى مرحلة الاعتراف الشامل بمنظمة التحرير الفلسطينية.
وقال: "اليوم تتداخل ملفات الأرض والشعب والسيادة والاقتصاد والاعتراف الدولي في حزمة واحدة، ما يفرض على الفلسطينيين صياغة استراتيجية متكاملة تربط هذه الأبعاد معًا".
وفي هذا السياق، يرى أن تصريحات بلينكن لا تختلف كثيرًا عن رؤى دول المنطقة حول الوصول إلى دولة فلسطينية حقيقية: "هي رؤية تستند إلى إنشاء دولة نوعية قابلة للحياة، وقادرة على أن تكون شريكًا للتفاوض وليس مجرد كيان رمزي".
عقبة أمام السلام
حذر عمر من استمرار سياسات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي ربط الحرب على غزة بمصيره السياسي، وقال: "لو تعاون مع الوسطاء العرب، لكان معظم جميع المحتجزين قد وصلوا إلى إسرائيل وانتهت حرب غزة".
وأضاف: "لكن نتنياهو ربط الحرب ببقائه في السلطة، والآن بدأ الإسرائيليون يدركون خطورة حكمه من قبل نتنياهو والحريديم واليمين المتطرف".
وأشار إلى أن الانتخابات المقبلة في إسرائيل قد تخلق متغيرًا مهمًا في الموقف الإسرائيلي تجاه الفلسطينيين، خاصة مع تراجع شعبية نتنياهو في استطلاعات الرأي، ما قد يفتح الباب أمام فرص جديدة للحوار والتسوية.
خطوة أولى نحو السلام
يبقى "تسونامي الاعتراف" بالدولة الفلسطينية حدثًا رمزيًا وسياسيًا مهمًا، لكنه ليس ضمانة كافية لإقامة الدولة على الأرض.
نجاح هذا التحول يعتمد على قدرة الفلسطينيين على تسريع الإصلاح الداخلي، بناء مؤسسات قوية، وتوحيد الموقف الوطني حول جميع القضايا الكبرى.
وفي المقابل، يبقى الموقف الإسرائيلي العقبة الكبرى، التي لن تتغير إلا بتغيرات داخلية، ربما عبر صناديق الاقتراع.
يؤكد نبيل عمر أن الفلسطينيين أمام فرصة تاريخية لتحويل الزخم الدولي إلى واقع ملموس، مضيفًا: "إذا نجحنا في تقديم نموذج دولة نوعية، فإن الاعتراف الدولي لن يبقى مجرد رمزية أخلاقية، بل يصبح أرضية حقيقية لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة".
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


البيان
منذ 12 دقائق
- البيان
لبنان بين رؤيتين.. متى يقول الجيش كلمته؟
ذلك أن لبنان ينقسم بين رؤيتين، الأولى مدعومة بقرار دولي وإقليمي كبير، يشير إلى ضرورة تطبيق حصرية السلاح في يد الدولة، والثانية تتمثل بموقف «حزب الله»، الذي حسم خياره نهائياً برفض تسليم السلاح، والهجوم على قرارات الدولة اللبنانية. وعليه، فإن واقع البلد دخل في ما تبدو أنها مراوحة في الفراغ، مداها من الآن وحتى آخر الشهر الجاري، وهي الفترة الممنوحة من قبل الحكومة للجيش اللبناني لإعداد خطة لسحب سلاح الحزب، يبدأ سريانها اعتباراً من لحظة جهوزيتها للتنفيذ، حتى آخر العام الجاري. وفي المعلومات أيضاً، فإن الخطة ستكون ممتدة على 4 مراحل أو أكثر، بينما التسلسل المنطقي يفرض أن تبدأ في الرقعة الممتدة حتى نهر الأولى، وتمتد تدريجياً وفق معيار جغرافي، وهي ستتضمن مُهلاً زمنية، مع علامة استفهام كبيرة، تطرحها مصادر متابعة عبر «البيان»، حول القدرة على مطابقة هذه المُهل مع المُهل التي طرحت في ورقة باراك، أي على 4 أشهر، لاسيما أن جنوب الليطاني وحده استغرق حتى الآن نحو 8 أشهر. وأشارت، ووفق المصادر نفسها، إلى صعوبة البدء بالسلاح الفلسطيني، كمرحلة أولى، نظراً لتعقيده، طالما أن بعض المعطيات لا تسمح بفتح مشكلات في المخيمات، كمرحلة أولى على الأقل. وهنا، تتعدد وجهات النظر، بين من يعتبر أن «حزب الله» لا يمكنه السكوت على ما جرى، وسيلجأ إلى التصعيد، ومن يعتبر أن هناك قراراً متخذاً من الدولة اللبنانية، ولا يمكن لـ «حزب الله» مواجهته، إلا في حال قرر الأخير تعطيل آلية التنفيذ، في حين أن آخرين يعتبرون أن المسألة ستكون مرتبطة بآلية تفاوضية أوسع على مستوى إقليمي.


البيان
منذ 42 دقائق
- البيان
هدنة القطاع.. بريق عابر أم انطفاء مؤقت؟
وكان لافتاً أن الرفض الإسرائيلي لأي من بنود التهدئة، ينسفها عملياً، بينما السياج الذي وضع فيه الرفض الإسرائيلي، كان أكبر من الاحتواء، فانقلبت إسرائيل على الهدنة، وهكذا تبخرت الآمال بتسوية سياسية شاملة. وقبل أن يغلق الشهر الخامس لاستئناف الحرب أبوابه، فتحت القاهرة أبواب الحوار مجدداً، وتلتها الدوحة بمغازلة سياسية جديدة، لكن هذه المرة على وقع غارات تشتعل في قطاع غزة، ومازالت تحصد الأرواح وتسيل الدماء. وبينما العملية السياسية تدور رحاها في مصر وقطر، تستمر الحرب على أرض غزة، بل إنها تأخذ أبعاداً أشد قسوة، قتلاً وتجويعاً بحق المدنيين العزل، ما يلخص رؤيتين متباعدتين، بين بريق الهدنة، وانطفاء الآمال بالحل، الذي لا يُعرف بعد على أي شروط سيقام.

سكاي نيوز عربية
منذ ساعة واحدة
- سكاي نيوز عربية
نتنياهو يريد صفقة شاملة في غزة ولكن بشروط "صارمة"
وقال البيان الصادر عن مكتب نتنياهو: " إسرائيل ستوافق على اتفاق بشرط إطلاق سراح جميع الأسرى دفعةً واحدة، وبما يتوافق مع شروطنا لإنهاء الحرب ، والتي تشمل نزع سلاح حماس، ونزع سلاح قطاع غزة، والسيطرة الإسرائيلية على محيطه، وإقامة حكومة غير تابعة لحماس أو للسلطة الفلسطينية تعيش بسلام مع إسرائيل." وعلى جانب آخر، قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، السبت، إن الجيش سيبدأ اعتبارًا من يوم الأحد بتزويد سكان غزة بالخيم ومعدات أخرى، تمهيدًا لنقلهم من مناطق القتال إلى مناطق وُصفت بأنها "آمنة" في جنوب القطاع. ويأتي ذلك بعد أيام من إعلان إسرائيل نيتها شنّ هجوم جديد للسيطرة على شمال مدينة غزة، أكبر المراكز الحضرية في القطاع، في خطة أثارت قلقًا دوليًا بشأن مصير الشريط المدمر الذي يقطنه نحو 2.2 مليون شخص. وأضاف أدرعي، في منشور على منصة "إكس"، أن المعدات ستُنقل عبر معبر كيرم شالوم الإسرائيلي بواسطة الأمم المتحدة ومنظمات إغاثة دولية أخرى، بعد خضوعها لتفتيش دقيق من قبل موظفي وزارة الدفاع. ولم يرد جهاز "كوغات"، وهو الهيئة العسكرية المسؤولة عن تنسيق المساعدات، على الفور على طلب للتعليق بشأن ما إذا كانت هذه التحضيرات جزءًا من الخطة الجديدة. وتعقّد السيطرة على مدينة يسكنها نحو مليون فلسطيني جهود التوصل إلى وقف إطلاق النار لإنهاء الحرب المستمرة منذ نحو عامين، بينما يمضي رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في خطته لمهاجمة آخر معقلين لحركة حماس. مسودة اتفاق أميركي جديد أفادت صحيفة "إسرائيل هيوم" بأن مسودة مقترح أميركي أعدت عقب محادثات في مصر هذا الأسبوع بين وفد حماس ووسطاء، تركز على تسوية دائمة متعددة المراحل، تبدأ بمخطط ويتكوف المقترح وتنتهي باتفاق وقف إطلاق نار طويل الأمد. ونقلت الصحيفة عن مصادر أميركية وعربية قولها إن المسودة الجديدة أعدت عقب المحادثات التي عقدت هذا الأسبوع في مصر بين وفد حماس والوسطاء، وأضافت المصادر أنه تم تهيئة البنية التحتية لكسر الجمود، رغم التصريحات المتكررة لكبار مسؤولي حماس حول رفضهم قبول شروط إنهاء الحرب. وتقول "إسرائيل هيوم" إن الفكرة وراء المسودة تكمن في تجنب التعارض مع النهج الإسرائيلي، الذي يدعو حاليا إلى التوصل إلى اتفاق شامل بدلا من اتفاق جزئي، والسماح بوقف إطلاق نار يفضي إلى إطلاق سراح بعض الرهائن إلى جانب وقف إطلاق النار. وأوضحت أن المرحلة الأولى هي مخطط ويتكوف مع تعديلات طفيفة، وهو مخطط وافقت عليه إسرائيل ورفضته حماس، ويتضمن إطلاق سراح نصف الرهائن، أحياء وأمواتا. وستشمل المفاوضات التي ستفتتح خلال وقف إطلاق النار مناقشات حول جميع شروط إنهاء الحرب، بما في ذلك نزع سلاح حماس ونفي قادتها المتبقين في قطاع غزة، ونقل المسؤولية المدنية إلى هيئة دولية. وقالت الصحفية أن من أهم المستجدات أن معاملة المدنيين في قطاع غزة بموجب المخطط الدولي ستبدأ خلال وقف إطلاق النار، حتى قبل التوصل إلى اتفاقات نهائية، وبالتالي ستتنازل حماس فعليا عن هذه السيطرة لهيئات أخرى. وتابعت أن الهدف هو إبعاد سكان غزة المدنيين عن معادلة الحرب، والقضاء على الاعتماد على حماس، والبدء في إعادة إعمار القطاع. ويقول أحد المسؤولين الأميركيين إن المفاوضات، في حال بدئها، قد لا تعقد في قطر، وأنه سيكون العرض الأخير لحماس لمنع الاحتلال الإسرائيلي الكامل للقطاع مع كل ما يترتب على ذلك من تداعيات. وحسب المصدر، تحظى إسرائيل بدعم أميركي كامل لمثل هذه الخطوة، إذا رفضت حماس ذلك. مع ذلك، أوضح أن الدعم الأميركي ليس نهائيا، وأن الرئيس ترامب عازم على إنهاء حرب غزة "في غضون أسابيع أو بضعة أشهر على الأكثر".