logo
"معاوية" يكشف عن الهشاشة الفكرية والسياسية للطائفيين في العراق

"معاوية" يكشف عن الهشاشة الفكرية والسياسية للطائفيين في العراق

اليوم الثامن٠٧-٠٣-٢٠٢٥

أن تجعل نفسك أسيرًا بإرادتك في سجن الحماقة الطائفية، وتغرق في أوهامك المصطنعة التي لا وجود لها إلا في مخيلتك المريضة، فهذا شأنك. لكن أن تسعى لإغراق المجتمع كله فيها وتوسيع دائرة الأسر هذه عليه، فذلك أمر يستوجب الوقوف عنده، فضح الأجندات التي تقف وراءه، وتحطيم تلك الدائرة المغلقة.
مسلسل 'معاوية'، الذي يُعرض حاليًا على قنوات MBC باستثناء MBC العراق، كشف عن الهشاشة الفكرية والسياسية للسلطة الميليشياوية الحاكمة في بغداد. فقد أصدرت هيئة الإعلام والاتصالات قرارًا بمنع عرض المسلسل على قناة MBC العراق، بحجة أو بذريعة أنه "يثير سجالات طائفية".
للوهلة الأولى، وقبل الخوض في تحليل هذا القرار، يبدو أن سلطة الأحزاب الإسلامية في العراق تعيش خارج الزمن، أو في أفضل الأحوال، تعيش في حقبة ما قبل اكتشاف النار! فهل يعتقدون أن منع عرض المسلسل على MBC العراق يمنع الناس من مشاهدته على القنوات الأخرى أو على يوتيوب؟!
ولنكن منصفين، هؤلاء الذين نصبوا أنفسهم أوصياء على الروايات التاريخية، والحريات، وحق التعبير، لا يعيشون على قمة جبل الجهل إلى هذا الحد. فهم يدركون مجريات الأمور، وعلى الأقل لديهم معرفة بالتطور التكنولوجي، بل إنهم بارعون في توظيف الجيوش الإلكترونية المدفوعة الثمن من اجل اسقاط معارضيهم سياسيين وأخلاقيا. لكن الأمر الأهم بالنسبة لهؤلاء الطائفيين في الإسلام السياسي الشيعي الحاكم هو تسجيل موقف أخلاقي وسياسي على الأقل تجاه التاريخ، ذلك التاريخ الذي استثمروا فيه أكثر مما استثمروا في التعليم، الصحة، الخدمات، والضمان الاجتماعي. إذ لا يملكون شيئًا سوى روايتهم الخاصة للتاريخ، وحتى هويتهم السياسية والفكرية الطائفية، المنبعثة من هذه الرواية، باتت متهالكة، ولم تعد قادرة على تمرير مشروعهم السياسي أمام وعي المجتمع، الذي لم يعد يحتمل ترهاتهم الطائفية.
عرض هذا المسلسل، وهو من إنتاج عام 2023، في هذا التوقيت تحديدًا يستفز أصحاب الهوية الطائفية، لا سيما أنه يأتي بعد سقوط نظام بشار الأسد وسقوط الأوهام حول محور المقاومة والممانعة، الذي لم يكن موجودًا إلا في مخيلتهم الطائفية. والأدهى من ذلك، أن الإسلام السياسي السني اعتلى السلطة في دمشق، ويحاول الآن - سواء بصدق أو من باب التقية - نزع عباءته الأيديولوجية الإسلامية، وقطع الصلة بها، والاندماج في المحيط العربي، وهو ما يؤرق أنصار رواية ولاية الفقيه للتاريخ.
لكن القصة لا تقف عند هذا الحد، فعرّابو الإسلام السياسي الشيعي في العراق، والمدعومون من نظام ولاية الفقيه، حريصون جدًا على حماية روايتهم للتاريخ، لأنها تخدم بقاءهم في السلطة، وتبرر سرقاتهم ونهبهم وقمعهم للاحتجاجات التي تطالب بالعمل والخدمات والحرية والعيش الكريم. وهم لن يقبلوا، تحت أي ظرف، بالتشكيك في هذه الرواية أو بإبراز شخصية مثل معاوية بن أبي سفيان، الذي بنوا على شيطنته أحد أركان أيديولوجيتهم الطائفية. فمعاوية، وفق الروايات التاريخية، حارب علي بن أبي طالب في معركة صفين عام 37 هـ (657 م)، والأسوأ من ذلك، أن ابنه يزيد بن معاوية حرم الحسين بن علي من الخلافة وقتله، بل وسبى زينب بنت علي، وهي الحادثة التي صارت شعارًا بارزًا رفعته الميليشيات العراقية تحت مقولة 'لا تُسبى زينب مرتين'، لتبرير تدخلها في الدفاع عن نظام بشار الأسد الإجرامي.
إذن، قرار منع عرض مسلسل 'معاوية' لا يثير 'سجالات طائفية' كما زعموا، بل يضع علامة استفهام كبيرة على روايتهم للتاريخ، تلك الرواية التي استخدموها طويلًا لدق إسفين في صفوف الطبقة العاملة والمجتمع ككل وأشعلوا حرب أهلية في شباط ٢٠٢٦ تحت مظلة الغزو والاحتلال الامريكي، من أجل الامتيازات والنفوذ السياسي والسيطرة على السلطة السياسية. فبدون الاستثمار في الهوية الطائفية، والغرق في المستنقع الطائفي، هل يمكن لهذه الجماعات الإسلامية السياسية أن تستمر في الوجود أصلاً؟
وأخيرًا، فإن الاستثمار في التاريخ وتحضير الأرواح منه هو سمة فاقدي الهوية، وتعبير صارخ عن الإفلاس الفكري والسياسي. كما ان سيطرة هيئة تحرير الشام احدى اجنحة الإسلام السياسي السني على السلطة في دمشق تعيد إلى أذهانهم شبح الدولة الأموية، التي أسسها معاوية بن أبي سفيان واتخذ من دمشق عاصمةً لها. وإذا كان التاريخ حسب روايتهم قد حرم هؤلاء من السلطة بشكل تراجيدي، فإن حاضر اليوم ليس اقل تراجيدية، أذ ما يسمى 'الشرق الأوسط الجديد' الذي يسعى إليه النازي الجديد بنيامين نتنياهو بدعم الإدارة الأمريكية بزعامة دونالد ترامب، يقزم من مكانتهم في المعادلة السياسية التي تتشكل اليوم. وهذا الواقع الجديد لم يزدهم إلا محنةً واضطرابًا سياسيًا والغوص في المستنقع الطائفي عسى ولعل العثور على هوية ما.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

«كبتاغون الأسد» يختبئ في الطحينة!
«كبتاغون الأسد» يختبئ في الطحينة!

الجريدة

timeمنذ 2 أيام

  • الجريدة

«كبتاغون الأسد» يختبئ في الطحينة!

أعلنت السلطات السورية، اليوم، منع تهريب أكثر من 4 ملايين حبة من الكبتاغون، الذي كان إنتاجه وتصديره منتشراً على نطاق واسع خلال حكم الرئيس المخلوع بشار الأسد. وقالت وزارة الداخلية، في بيان نقلته وكالة الصحافة الفرنسية، اليوم: "بناء على معلومات دقيقة وردت من مصادرنا عن شحنة مخدرات مخبّأة داخل معدات صناعية معدّة للتهريب خارج البلاد"، قامت الوحدات "برصد وتعقّب الموقع المذكور في مدينة اللاذقية" بغرب البلاد. وأضافت الوزارة أن "العملية أسفرت عن ضبط أكثر من 4 ملايين حبة كبتاغون مخدّرة، كانت مخبّأة بإحكام داخل معدّات صناعية مخصّصة لصناعة مادة الطحينة المستخدمة للاستهلاك البشري". وأكدت "إلقاء القبض على المتورّطين في العملية، ومصادرة المعدات التي وُجدت بداخلها المواد المخدّرة، وإحالة المقبوض عليهم إلى التحقيق". يأتي ذلك بعد أقل من أسبوع من إعلان السلطات ضبط 9 ملايين حبة كبتاغون كانت معدّة للتهريب إلى تركيا. وكانت سورية تشهد، إبان حكم الأسد، إنتاجاً كبيراً للكبتاغون الذي كان يغرق الأسواق في الشرق الأوسط، لاسيما في العراق ودول الخليج مثل السعودية. ودعمت عائدات بيع الكبتاغون طوال سنوات النزاع حكومة الرئيس المخلوع، وحوّلت سورية إلى أكبر دولة في العالم تعتمد على عائدات المخدرات.

... وبقيت غزة!
... وبقيت غزة!

الرأي

timeمنذ 3 أيام

  • الرأي

... وبقيت غزة!

خرج الرئيس الأميركي المشاكس دونالد ترامب، من جولته الخليجية الأسبوع الماضي إلى كل من السعودية وقطر والإمارات، وحضور قادة دول الخليج العربي في قمة الرياض باتفاقيات وصفقات دفاعية وعسكرية وأوراق استثمارية متبادلة مع دولنا بمليارات الدولارات مع رفع العقوبات الاقتصادية عن سورية، وهي العقوبات التي عطلت التنمية وأهدرت ثروات الوطن وأنهكت الشعب إبان حكم الطاغية بشار الأسد! وسط هذه الفرحة الكبيرة لنا وللشعب السوري كنا نتمنى أن تكتمل فرحة أخرى بنجاح الضغط الخليجي على الرئيس الأميركي لإيقاف حرب الكيان الصهيوني على غزة إلا أنه على ما يبدو أن المحاولات الخليجية قد اصطدمت بحجارة (إسرائيل) المطالبة باستمرار الحرب! ولا يريد اليوم ترامب أن (يزيد الطين بلة) بغضب نتنياهو، عليه مجدداً وهو يعلم بأن قرار رفع العقوبات عن سورية جاء بلا مقدمات وبلا مشاورته بحسب ترامب، وتسبب في (رفع ضغطه) وأغضب الحكومة الإسرائيلية! العلاقات الخليجية الأميركية اليوم بعد هذه الزيارة تعمقت أكثر وأصبحت أقوى من السابق، وهو ما علينا استثماره بالاستمرار في الضغط لوقف الحرب على غزة، وبالتمسك بحل شامل وكامل للقضية الفلسطينية المتمثل في مبادرة السلام (حل الدولتين) على حدود عام 1967، وعاصمة فلسطين القدس الشرقية. وهو ما أكد عليه سمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، حفظه الله، في كلمته أمام قمة الرياض. المواقف والأدوار في الشرق الأوسط ستتبدل و(القوي) في هذه الحقبة هو الذي سيعيش أما (الضعيف) فستتناهشه الذئاب! وثقنا علاقاتنا بالولايات المتحدة أكثر من السابق وتبادلنا معها المصالح التجارية المشتركة وانفرج الهم العربي السوري... لكن بقيت غزة تنزف! على الطاير: -لكل من يقول من العراقيين بأن (خور عبدالله) عراقي واتفاقية تنظيم الملاحة الإقليمية مع الكويت التي حملت رقم (833) لعام 2013 والمودعة في الأمم المتحدة (باطلة)... ننصحه بالبحث في محرك البحث (اليوتيوب) عن لقاء (قناة دجلة الفضائية) الذي بث منذ أيام مع وزير الخارجية العراقي الأسبق هوشيار زيباري، حول قصة الاتفاقية والخور... ويستمتع! ومن أجل تصحيح هذه الأوضاع، بإذن الله نلقاكم. email:[email protected] twitter: bomubarak1963

إطلاق «جيزال خوري للإعلام الرقمي الإنساني» بإشراف لجنة تحكيم من رواد الكلمة الحرة
إطلاق «جيزال خوري للإعلام الرقمي الإنساني» بإشراف لجنة تحكيم من رواد الكلمة الحرة

الجريدة

timeمنذ 4 أيام

  • الجريدة

إطلاق «جيزال خوري للإعلام الرقمي الإنساني» بإشراف لجنة تحكيم من رواد الكلمة الحرة

تكريماً لمسيرتها الإعلامية ونضالها في الدفاع عن القضايا الإنسانية، أُطلقت «جائزة جيزال خوري للإعلام الرقمي الإنساني» ضمن برنامج «الجوهر» للتدريب الإعلامي التابع لأكاديمية لابا- لوياك. تهدف الجائزة إلى تشجيع الشباب العربي على صناعة محتوى رقمي هادف عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتسليط الضوء على انتهاكات حقوق الإنسان في العالم العربي، ودعم المبادرات الحقوقية، وتمكين الجيل الجديد في مجال الإعلام الرقمي، ومنحهم فرصة إيصال رسائلهم إلى جمهور أوسع. وللمشاركة في الجائزة، يقدِّم المشارك فيلماً من تصويره يرصد انتهاكات العدو الصهيوني، على أن يتضمن مقابلة مع شاهد عيان يُثبت الواقعة. والأمثلة على انتهاكات العدو الصهيوني الممكن تناولها تتضمن استهداف الصحافيين والطواقم الطبية والدفاع المدني، وتعذيب المعتقلين، والحصار، والتجويع، ومنع العلاج، واستخدام أسلحة محرَّمة دولياً، وتدمير المباني التاريخية ودور العبادة، وتعمُّد حرق الأرض في فلسطين، واستهداف اللاجئين. لجنة التحكيم تضم لجنة تحكيم الجائزة عددا من رواد الكلمة الحرة وهم الكاتبة والصحافية المغربية د. سناء العاجي، المعروفة بمشاركاتها في المنابر المغربية والدولية للدفاع عن حقوق الإنسان، إلى جانب مؤلفاتها العديدة في علم الاجتماع، والإعلامية نادية أحمد الحاصلة على البكالوريوس في الإذاعة والتلفزيون من جامعة سيريكيوز في نيويورك والماجستير في الإنتاج السينمائي، والتي قامت بتحقيقات صحافية مستقلة في عدة دول، منها اليمن، خلال الحرب، كما قدَّمت برنامج «كلام نواعم» على قناة MBC، وألَّفت المسلسل الكويتي «الصفقة»، الذي يُعرض على منصة نتفليكس، ورنا خوري الناشطة في مجال الدفاع عن حقوق المرأة وحقوق الإنسان والعضو المؤسس بمؤسسة سمير قصير في لبنان، إضافة إلى زياد القطان كاتب ومنتج أفلام وثائقية باللغتين العربية والإنكليزية، ونُشرت أعماله في صحيفة غارديان الإنكليزية، وجريدة العربي الجديد، وخدمة بي بي سي العالمية. تبلغ قيمة الجوائز 2000 دولار للفائز بالمركز الأول، و1500 دولار للمركز الثاني، و1000 دولار للفائز بالمركز الثالث، إضافة إلى فرص دعم وتمكين متعددة في المجال الإعلامي، وقد بلغ إجمالي عدد المشاركات في الجائزة 60 مشاركة معظمهم من فلسطين، وتحديداً قطاع غزة، وتأهلت من بينها 19 مشاركة للمرحلة النهائية، وسوف يتم إعلان الفائزين بحفل يُقام في الثاني من يونيو المقبل. أهمية الجائزة وحول إطلاق الجائزة، صرَّحت الناشطة رنا خوري: «تكمن أهمية هذه الجائزة في الاسم الذي تحمله، والقيمة التي يجسِّدها هذا الاسم في عالم الصحافة. جائزة كهذه ليست تكريماً فقط، بل هي إسهام في ترسيخ إرث صحافي في المبادئ والرؤية، فهناك ثلاثة أعمدة أساسية غرستها مدرسة جيزيل خوري فينا: الأخلاق، والاحترافية، والشجاعة. هذه ليست مجرَّد قيم، بل بوصلة توجه الصحافة نحو رسالتها الحقيقية، رسالة البحث عن الحقيقة، وقولها بلا خوف، والالتزام بها مهما كان الثمن». رنا خوري: الجائزة إسهام في ترسيخ إرث صحافي في المبادئ والرؤية جدير بالذكر، أن الإعلامية الراحلة جيزال خوري شاركت في برنامج «الجوهر» على مدار ثلاثة أعوام، قدَّمت خلالها 6 ورش تدريبية على مهارات الحوار الإعلامي، استفاد منها 40 شاباً وفتاة شغوفون بالإعلام من الوطن العربي. واختتمت هذه الورش بحلقات حوارية مع نخبة من القياديين والرياديين العرب. يُشار إلى أن «الجوهر» للتدريب الإعلامي، البرنامج الأول من نوعه في المنطقة، يُنفذ برعاية شركة المركز المالي الكويتي (المركز)، وجريدة «الجريدة»، وشركة الصناعات الهندسية الثقيلة وبناء السفن (هيسكو)، وفندق فوربوينتس شيراتون. يقدِّم البرنامج للشباب العربي ورش عملٍ إعلامية مكثفة على أيدي أبرز الإعلاميين العرب، لتدريبهم على فنون ومهارات الحوار الإعلامي، لمحاورة ضيوف رياديين تركوا بصمة في شتى المجالات بالوطن العربي.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store