
سقوط الضمير العالمي في غزة
لم تعد القضية الفلسطينية مجرد صراع حدود أو ملفات تفاوضية، بل تحولت إلى مرآة تكشف الوجه الحقيقي للاستعمار في حلته الجديدة؛ استعمار يرفع لافتات القانون الدولي، ويغسل يديه من الدماء تحت شعار "حق الدفاع عن النفس".
الدعم الغربي لإسرائيل يعتبر امتدادًا عضويًّا للمشروع الاستعماري التاريخي الذي يُعاد إنتاجه بوسائل أكثر فتكًا وخداعًا؛ فالصواريخ التي تمطر غزة وارد مصانع السلاح في واشنطن ولندن وبرلين، والفيتو الذي يُخنق به أي مسعى دولي لإنهاء العدوان يصدر من ذات العواصم التي تدعي ريادة العدالة وحرية الشعوب.
في غزة، تتكشف المأساة وتتكثف الأسئلة: هل ما زالت للإنسانية أخلاق؟ وهل بقي للضمير الإنساني نبض؟ إنها ليست مجرد معركة في جغرافيا منسية، بل اختبار حاسم لمستقبل العالم: هل ينتمي إلى القيم فعلًا، أم إلى الوحشية التي يزينها بلغة القانون؟
غزة مرآة الاستعمار الجديد
قطاع غزة لا تتجاوز مساحته بضع مئات من الكيلومترات، إلا أنه يكشف لنا المشهد الكامل لوجه الاستعمار في ثوبه المعاصر؛ فهذه البقعة الصغيرة المحاصرة منذ أكثر من عقد ونصف، تحولت إلى مختبر مكشوف يعيد إنتاج كل تقنيات القمع الاستعماري الكلاسيكية، ولكن بطرق أكثر تطورًا ووقاحة.
في غزة، نرى استعمارًا لا يخجل أن يرتكب أعتى الجرائم: فيستخدم الطائرات الذكية والتكنولوجيا الدقيقة لإبادة الفلسطينيين، أصحاب الأرض، ثم يتحدث عن "الحق في الدفاع عن النفس".
نرى نظام فصل عنصري يقنن الحرمان الممنهج، ثم يروج لنفسه باعتباره "واحة ديمقراطية" في صحراء الشرق الأوسط، والأدهى من ذلك، أن كل هذا الإجرام يتم تحت أنظار نظام عالمي أعمى يتواطأ بصمته وخذلانه.
ما نراه اليوم من دعم سياسي ودبلوماسي وعسكري أمريكي لإسرائيل هو امتداد لمشروع استعماري عميق، وتحالف يتبنى مبدأ حماية جيش يقتل المدنيين في غزة تحت سمع وبصر الأمم المتحدة التي تتجاهل الضحايا تحت غطاء إعلان القيم وحقوق الإنسان؛ وبحسب وزارة الصحة في غزة، تجاوز عدد القتلى منذ 7 أكتوبر 2023 حاجز الـ60 ألفًا، بينهم أكثر من 18,500 طفل! التقديرات الأممية تشير إلى أن عدد الضحايا قد يقارب 80 ألفًا، عندما نضم الوفيات غير المباشرة من التجويع والمرض!! ولم تستطع منظمة الأمم المتحدة إخفاء أو تجاهل تلك التقارير؛ فحذرت من أن غزة وصلت لعتبات المجاعة الرسمية: نقص غذائي حاد يؤثر على أكثر من 20%، وسط تفشي سوء تغذية حاد بين الأطفال بنسبة تصل إلى ثلثهم، وأُصيب 122 فلسطينيًّا – من بينهم 83 طفلًا – بالوفاة بسبب الجوع فقط، وفي أسبوع واحد تم الإبلاغ عن 79 وفاة جوعًا فقط، وهي أرقام لم ير مثلها العالم منذ زمن بعيد.
عنف متصل وتواطؤ مموّه
حتى تقارير الأمم المتحدة نفسها أثبتت حقيقة: "أنّ أكثر من ألف فلسطيني قتلوا منذ مايو 2025 أثناء محاولاتهم الوصول إلى مساعدات إنسانية"! خاصة حول نقاط تسيير قوات "Gaza Humanitarian Foundation" المدعومة أمريكيًّا، ورغم ذلك تتهم إسرائيل المقاومة بالتسبب بالأزمة! ما هذا الخلط السخيف؟! في يوم واحد، قُتل 46 فلسطينيًّا ليلًا جراء قصف وقذائف أثناء تحركهم نحو نقاط توزيع الغذاء في مناطق مثل غزة المدينة والنصيرات وجباليا. ونادرًا ما تدخل أكثر من 220 شاحنة مساعدات يوميًّا عبر المعابر، مقابل حاجة تقدر بـ 500-600 شاحنة.
رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر وصف ما يحدث بأنه "تعرية إنسانية تجاوزت كل المعايير القانونية والأخلاقية". كما أطلق الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش صرخة بأن غزة تشهد "كارثة إنسانية بلا مثيل"، مع تزايد الضغوط على إسرائيل لفك حصار المساعدات والسماح بوصول غير مشروط.
وفي شهر يوليو 2025، أصدرت حكومات المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا بيانًا مشتركًا طالبت فيه بوقف فوري لإراقة الدم ودعت إسرائيل إلى رفع قيود المساعدات وإنهاء العدوان. وفرنسا أعلنت عن نيتها الاعتراف بالدولة الفلسطينية رسميًّا في سبتمبر ما لم يتوقف القصف.
غزة... مقاومة تعيد تعريف الكرامة
في خضم هذا الزيف، تسقط أقنعة القيم الغربية، الواحدة تلو الأخرى. فأين حقوق الإنسان، ومليونا إنسان يجوعون ويحاصرون في غزة؟ أين الديمقراطية، حين يُدعم نظام فصل عنصري يعيد إلى الأذهان أكثر الحقب سوداوية في التاريخ؟ وأين حرية التعبير، حين يُتهم كل من يتضامن مع الشعب الفلسطيني بالعداء للسامية ويُقصى من المشهد العام؟ إنها مفارقة لا تكشف خللًا عرضيًّا في المنظومة الغربية، بل تؤكد أن التناقض جزء من بنيتها العميقة، وأن القيم لا تُمنح إلا وفق خريطة المصالح.
ورغم كل هذا الجحيم، تبقى غزة شاهدة لا تموت. في وجه آلة الإبادة، يولد الغزيون كل يوم من جديد، يكتبون معنى الكرامة تحت القصف، ويعيدون تعريف البطولة خارج معاجم القوة العسكرية.
غزة لا تقاوم الموت فقط، بل ترفض نسيان الحياة، وتقاوم التصفية المعنوية بذاكرة لا تُمحى.
غزة تسائل ضمير الإنسانية جمعاء، بأن يواجه صورته في مرآتها المكسورة، وأن يقرر: هل سيواصل التواطؤ مع آلة الإبادة؟ أم يعترف أخيرًا بأن الضحية قادرة على صياغة التاريخ، لا على الهامش، بل في صميم السرد الإنساني؟
رغم القصف والعزلة، لم تنكسر إرادة غزة؛ ففي وجه آلة القتل والخراب، وُلدت معان جديدة للكرامة الإنسانية والصمود. تتحدث غزة بصمتها، وتعلم العالم درس المقاومة من الداخل، ليس ضد مدفع أو دبابة، لكن ضد منطق القوة الذي يحاول احتكار الحياة.
[email protected]

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

يمرس
منذ 26 دقائق
- يمرس
غزة تباد: إسرائيل تقتل.. وأمريكا تدعم.. والعرب في سبات الخذلان
فبدلًا من نصرة غزة ودعم حركات المقاومة كما يفعل الغرب مع الصهاينة، يرفعون الصوت مطالبين بتسليم سلاحها!. في هذا التقرير، نكشف بشاعة الإجرام الصهيوني وحجم التورط الأمريكي، وخيانة بعض الأنظمة، وخطورة هذا المسار على حاضر الأمة ومستقبلها وأهمية التسلح بالوعي القرآني في فهم طبيعة العدو وأهدافه.. صادق البهكلي جريمة تجويع وتعطيش على مرأى العالم تتواصل في غزة ملامح واحدة من أبشع الجرائم الإنسانية في العصر الحديث، حيث يواصل الاحتلال الإسرائيلي، بدعم أمريكي وتواطؤ بعض الأنظمة العربية والأوروبية، فرض حصار خانق على أكثر من مليوني إنسان، يدخل شهره الخامس، في مشهد يتجاوز حدود الحرب التقليدية إلى مستوى الإبادة الجماعية. الغذاء موجود عند أبواب القطاع، لكنه محتجز عمداً، أكثر من 22 ألف شاحنة مساعدات إنسانية، معظمها تابعة لمنظمات أممية ودولية، متوقفة على المعابر منذ أسابيع، فيما يتضوّر الأطفال جوعاً ويموت الرضع من انعدام الحليب، وتزداد معاناة النساء الحوامل والمرضى والمسنين. إنها سياسة تجويع ممنهجة، تقودها عصابات يهودية بدعم أمريكي و غربي مباشر وصمت عالمي وتخاذل عربي وإسلامي. وإذا كان الجوع يفتك بالأجساد، فإن العطش يضاعف الكارثة فوفق بيانات الأمم المتحدة ، 96% من أسر غزة تعاني انعدام الأمن المائي، ما يجعل الحصول على شربة ماء غير آمنة ومخاطرة يومية، وفي الوقت ذاته، يواصل الاحتلال استهداف الصيادين الذين يحاولون انتزاع قوت يومهم من البحر، قتلاً أو اعتقالاً. المأساة التي تشهدها غزة ليست خفية، بل تجري أمام شاشات العالم. حتى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المعروف بدعمه المطلق لإسرائيل- لم يجد سوى وصفها ب"المفجعة" و"المخزية"، لكن هذا الاعتراف لا يغيّر من حقيقة أن واشنطن شريك رئيسي في الجريمة، وأن الصمت العربي والإسلامي، على اختلاف درجاته، يظل وصمة عار تلاحق الجميع. ما يجري في غزة اليوم هو اختبار حقيقي للضمير الإنساني، ولقدرة العالم على مواجهة جريمة مكتملة الأركان، تُرتكب على الهواء مباشرة، بحق شعب محاصر، تُمنع عنه أسباب الحياة، في انتهاك صارخ لكل القوانين الدولية والأعراف الأخلاقية. الدعم الأمريكي لإسرائيل.. شراكة دمويّة في جرائم الحرب لا يمكن فصل ما يجري في غزة من جرائم وحشية وإبادة شاملة عن الدعم الغربي الشامل للجيش الصهيوني، ولا سيما الدعم الأمريكي الذي يشكل العمود الفقري لهذه الجرائم، فبينما يشهد العالم مشاهد القتل والتدمير والدمار المتواصل، تظل واشنطن تُقدّم لإسرائيل السلاح، والتمويل، والغطاء السياسي الذي يمكّنها من ارتكاب أبشع الانتهاكات ضد المدنيين الفلسطينيين دون حساب أو رادع. هذا الدعم المفتوح واللامحدود هو الذي يضمن استمرار الحصار، وتصعيد العدوان، وتحويل قطاع غزة إلى مسرح لمجزرة جماعية تتكرر بلا نهاية. التمويل العسكري الضخم تُعتبر الولايات المتحدة المزود العسكري الأكبر لإسرائيل، حيث تقدّم سنويًا نحو 3,8 مليار دولار كمساعدات عسكرية، تشمل أحدث وأقوى أنواع الأسلحة والقنابل، التي تستخدمها إسرائيل في قصف قطاع غزة بشكل ممنهج، هذه الحزمة المالية تجعل إسرائيل أكثر قدرة على شن حملات عسكرية مدمرة دون أي قيود. الأسلحة الأمريكية في قلب المعركة تُستخدم القنابل والصواريخ الأمريكية الصنع التي تزود بها واشنطن إسرائيل بشكل أساسي في العمليات العسكرية ضد المدنيين في غزة ، توثّق تقارير دولية وحقوقية استهداف المدنيين بأسلحة دقيقة وقنابل عنقودية ممنوعة دوليًا، جميعها أمريكية المنشأ، كما يتم استخدام طائرات مسيرة وأنظمة قصف متطورة قدمتها أمريكا ، ما يضاعف من حجم الدمار الذي يشهده القطاع. إلى جانب الدعم العسكري، تلعب الولايات المتحدة دورًا حاسمًا في حماية إسرائيل على الساحة الدولية، خصوصًا في مجلس الأمن الدولي، إذ تمارس واشنطن حق النقض (الفيتو) لمنع صدور أي قرار يدين العدوان الإسرائيلي أو يدعو لوقف إطلاق النار، هذا الدعم السياسي يعزز من موقف إسرائيل، ويمنحها حصانة قانونية عمليّة تتيح لها مواصلة عدوانها بلا رادع. الاعتراف الرسمي بالدعم المفتوح تصريحات إسرائيلية رسمية تؤكد أن كل عملياتها العدوانية تحصل على "إذن أمريكي" واضح، ما يعني استمرار تقديم الدعم اللوجستي والمالي والسياسي بشكل كامل دون تحفظ. وفي شهادات ضباط أمريكيين سابقين، يظهر أن هناك مشاركة فعلية بأشكال مختلفة في إدارة وتنفيذ العمليات القتالية داخل غزة ، بما فيها استهداف مواقع توزيع المساعدات، التي باتت "مصائد موت" مبرمجة. بفضل هذا الدعم المفتوح، أسفرت عمليات العدوان الأخيرة عن مقتل آلاف المدنيين الفلسطينيين ، أغلبهم من النساء والأطفال، وتدمير آلاف المنازل والبنى التحتية الحيوية، ويُعد استمرار الدعم الأمريكي هو العامل الأساسي الذي يمكّن إسرائيل من تنفيذ هذه المجازر دون حساب. الولايات المتحدة ليست مجرد متفرج أو داعم سياسي لإسرائيل، بل شريك أساسي في ارتكاب جرائم الحرب في غزة ، عبر تقديمها التمويل العسكري، والعتاد الحربي، والحماية السياسية، مما يفتح الباب واسعًا لاستمرار الدمار والمآسي التي يعيشها الشعب الفلسطيني تحت نير الاحتلال والحصار. التخبط العربي في مواجهة العدوان الإسرائيلي: من شعارات تحرير فلسطين إلى مطالبة فصائل المقاومة بتسليم السلاح مما يبعث على الأسى هو حالة من التخبط العربي الشديد في التعاطي مع العدوان الإسرائيلي المستمر على الشعب الفلسطيني ، وخصوصًا في قطاع غزة. هذا التخبط لا يقتصر فقط على ضعف المواقف، بل يمتد إلى اعتماد خيارات خاطئة تفتقر إلى رؤية إستراتيجية واضحة تعكس واقع المعركة، وتواجه الأطماع الإسرائيلية بجدية. في المشهد العربي الحالي، رغم هول مشاهد مجازر القتل والدمار والتجويع والحصار لأبناء غزة و التي تبث على الشاشات وتمتلئ بها شبكة الانترنت نرى تباينًا حادًا في مواقف بعض الأنظمة العربية: فبينما ينشد البعض المساعدة الغربية، خصوصًا من الولايات المتحدة وأوروبا، من خلال مناشدات وتسول لتدخلها "لإنقاذ" الفلسطينيين ، نجد آخرين يتخذون مواقف متناقضة تتضمن أحيانًا إدانة المقاومة الفلسطينية والمطالبة بتسليم السلاح، كما ظهر في مؤتمر "حل الدولتين" الذي أساء إلى المقاومة والمجاهدين الفلسطينيين. وهذا ما يشكل تضليلاً خطيرًا، إذ أن هذه الأطروحة ليست سوى صوت يتبنى الولاء للغرب وأمريكا ، ويخدم مشروع العدو الإسرائيلي، متجاهلين جوهر القضية الفلسطينية والتاريخ الذي يربط الشعب الفلسطيني بالمقاومة المسلحة. فالقضية الفلسطينية ليست وليدة اللحظة، بل هي تاريخ طويل امتد لأكثر من قرن، بدأت مع الاحتلال البريطاني، و"وعد بلفور" الذي مهد الطريق لهجرة اليهود الصهاينة إلى فلسطين ، ومن ثم احتلالها بالقوة. طوال هذه المراحل، كانت المشكلة الرئيسية التي واجهها الشعب الفلسطيني هي نقص السلاح، وعدم جاهزية المقاومة المسلحة، بالإضافة إلى ضعف الدعم العربي في وقتها. العصابات الصهيونية في بداياتها كانت مجهزة ببنادق وديناميت، واستهدفت القرى والمدن الفلسطينية باستخدام أدوات عنف وحشية أحيانًا، لكن الفلسطينيين كانوا في ذلك الوقت يفتقرون إلى السلاح لتنظيم صفوفهم والدفاع عن أنفسهم، وكان هذا النقص في السلاح أحد الأسباب الأساسية التي مكَّنت الاحتلال من السيطرة على فلسطين. أما في لبنان ، فقد تمكن الاحتلال الإسرائيلي من اجتياح الأراضي اللبنانية ، حتى وصل إلى بيروت ، ولم يتوقف الاحتلال إلا بعد مقاومة شعبية مسلحة قوية، شكّلت دعامة الردع ضد عودة العدو الإسرائيلي حتى اليوم، وهذا الردع لا يقوم على قوة الجيش اللبناني الذي يعاني من ضعف في القدرات والإمكانات، بل على سلاح المقاومة الذي يحمله رجال يحملون رؤية إيمانية متكاملة في مواجهة العدوان. ومع هذا رأينا مايسمى الحكومة اللبنانية تطالب بنزع سلاح حزب الله في تناغم عجيب مع مطالب بعض الأنظمة العربية بالقضاء على حماس وتجريدها من السلاح، فهذا هو ما ويحلم به العدو الصهيوني من الغباء أن هذه الدعوات العربية، التي تدعي أن "المشكلة هي السلاح" و"الحل هو تجريد الفلسطينيين واللبنانيين من سلاحهم"، ليست سوى محاولة إجرامية لا تستند لأي منطق، بل تخدم الأهداف الأمريكية والإسرائيلية الرامية إلى إخضاع المقاومة وتحطيم أي قوة حقيقية في وجه الاحتلال. الاحتلال الأمريكي والإسرائيلي لا يراعون أي اعتبارات إنسانية أو أخلاقية، وهم يسعون بوضوح إلى تفكيك المقاومة وتجريدها من سلاحها، ونزع السلاح عن المقاومة يعني فتح الباب واسعًا للعدو للسيطرة الكاملة، وتكرار ما شهدته فلسطين ولبنان من احتلال وقهر. إن فهم هذه المعطيات هو الأساس لرد فعل عربي وإسلامي صادق وجاد، يرتكز على دعم المقاومة وحماية حق الشعوب في الدفاع عن نفسها، لا على تجريدها من سلاحها وإرادتها. أهمية فهم طبيعة الصراع مع أعداء الأمة ما يجري اليوم في فلسطين ، وفي غزة على وجه الخصوص، تتجلى الحاجة الماسة لفهم عميق وجاد لطبيعة الصراع الدائر بين شعب الأمة الإسلامية والكيان الصهيوني ومن يقف خلفه، فالأحداث الجارية ليست مجرد صراع عادي على الأرض أو نزاع سياسي بحت، بل هي مواجهة وجودية تحمل في طياتها أبعادًا دينية، تاريخية، استراتيجية وثقافية عميقة. ومن هنا تكمن أهمية أن يدرك العرب والمسلمون- بوعي كامل ومتكامل- حقيقة طبيعة هذا الصراع، من هو العدو، وما هي دوافعه الحقيقية، وما الذي يقف وراء ممارساته العدوانية المتواصلة. إن فهم طبيعة العدو الإسرائيلي، الذي لا يتصرف فقط كقوة احتلال عسكرية بل ككيان يسير وفق عقيدة دينية متطرفة وأطماع توسعية لا حدود لها، هو الأساس الذي ينبني عليه كل قرار واستراتيجية حقيقية لمواجهة هذا العدوان. فبدون هذا الفهم، ستظل الخيارات التي تتخذها الدول والحكومات، وستظل المواقف التي تعبر عنها النخب والشعوب، قاصرة، ضعيفة، أو حتى مضللة، فتساهم في إدامة الأزمة بدلاً من حلها. وعلى العكس، حينما يمتلك العرب والمسلمون هذا الفهم العميق والواعي لطبيعة العدو ولأهدافه، عندها فقط يمكن لهم أن يحددوا خياراتهم بشكل صحيح، أن ينظموا صفوفهم، وأن يختاروا أدوات المواجهة المناسبة التي تحفظ حقوقهم، وتدافع عن كرامتهم، وتستعيد الأرض المغتصبة. هذا الفهم هو الذي يمكنه أن يحول قضية فلسطين من مجرد مأساة مستمرة إلى نضال إسلامي استراتيجي قادر على فرض إرادة الأمة وتحقيق انتصارات حقيقية. لذلك، إن إدراك حقيقة الصراع، هو خط الدفاع الأول والأهم في مواجهة مخططات الاحتلال الصهيوني المدعومة من الغرب، خاصة من الولايات المتحدة الأمريكية ، إن فهم طبيعة هذا الصراع، وعدم الانجرار وراء خطابات وهمية تدعو إلى تسليم السلاح أو الاستكانة الذي هو السبيل الوحيد للمقاومة الناجحة، وللحفاظ على حياة أجيالنا القادمة وكرامتهم.


البشاير
منذ 41 دقائق
- البشاير
بيان عربي – إسلامي مشترك يدين تصريحات نتنياهو وخطط الاستيطان
أدان وزراء خارجية المملكة العربية السعودية و30 دولة عربية وإسلامية ، إلى جانب أمناء جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي ومجلس التعاون الخليجي، التصريحات الأخيرة لرئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو حول ما يُسمى بـ'إسرائيل الكبرى'، معتبرين إياها استفزازًا خطيرًا للقانون الدولي وتهديدًا مباشرًا للأمن القومي العربي وللاستقرار الإقليمي والدولي. رفض عربي وإسلامي للتصريحات الاستفزازية وأوضح البيان أن تصريحات نتنياهو تمثل 'افتئاتًا صارخًا' على قواعد العلاقات الدولية، ومساسًا خطيرًا بسيادة الدول العربية وحقوق الشعوب، مؤكدين أن الدول الموقعة تلتزم بمبادئ الشرعية الدولية وميثاق الأمم المتحدة، خاصة المادة الثانية الفقرة الرابعة، التي تحظر استخدام القوة أو التهديد بها. إدانة لمخططات الاستيطان كما استنكر الوزراء بشدة موافقة الوزير الإسرائيلي المتطرف بتسلئيل سموتريتش على خطة الاستيطان في منطقة 'E1″، وتصريحاته التي تنكر حق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة، مشددين على أن هذه السياسات تمثل خرقًا صارخًا للقانون الدولي وقرارات مجلس الأمن، وعلى رأسها القرار 2334 الذي يرفض الأنشطة الاستيطانية الإسرائيلية الرامية إلى تغيير الطابع الديموغرافي للأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967. تحذير من المخاطر الإقليمية والدولية وأكد البيان أن استمرار الاحتلال وممارساته العدوانية، من اقتحام المدن والمخيمات الفلسطينية إلى محاولات المساس بالأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية وفي مقدمتها المسجد الأقصى المبارك، يفاقم دائرة العنف ويقوّض فرص تحقيق السلام العادل والشامل، محذرين من أن السياسات الإسرائيلية التوسعية تنذر بتصعيد خطير يهدد الأمن الإقليمي والدولي. الموقف من العدوان على غزة وفي السياق نفسه، جدّد الوزراء رفضهم الكامل للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، مطالبين بوقف فوري لإطلاق النار وضمان دخول المساعدات الإنسانية بشكل غير مشروط، ورفع الحصار المفروض على القطاع. كما شددوا على رفضهم القاطع لأي محاولات لتهجير الفلسطينيين قسريًا، ودعوا المجتمع الدولي، خصوصًا مجلس الأمن والدول دائمة العضوية فيه، إلى تحمّل مسؤولياته القانونية والأخلاقية وإلزام إسرائيل بوقف اعتداءاتها ومحاسبة المسؤولين عن الجرائم المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني. تأكيد على وحدة الأرض الفلسطينية واختتم البيان بالتأكيد على أن غزة جزء لا يتجزأ من الأرض الفلسطينية المحتلة ، وأنه لا سيادة لإسرائيل على أي جزء من هذه الأراضي، مع ضرورة تمكين دولة فلسطين من ممارسة مسؤولياتها على قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، ضمن إطار منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.


الدستور
منذ 2 ساعات
- الدستور
عبدالعاطى: القاهرة تقدر جهود المتطوعين المصريين وتدعم دور أونروا
أكد وزير الخارجية، الدكتور بدر عبدالعاطي، أن مصر تُحيي جهود المجتمع المدني المصري، مشيدًا بتفاني 35،000 متطوع من شباب وشابات جمعية الهلال الأحمر المصري الذين يعملون بلا كلل لتجميع وتسريع المساعدات الإنسانية إلى فلسطين. وأضاف، في تصريحات صحفية خلال زيارة إلى معبر رفح مع رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى، المذاع على فضائية إكسترا نيوز، اليوم الإثنين، أن مصر تثمّن كذلك جهود وزارة التضامن الاجتماعي والمنظمات الإنسانية الدولية، بما في ذلك الأمم المتحدة، في دعم القضية الفلسطينية، مؤكدًا على الدور المحوري لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) التي لا بديل لها في قطاع غزة. وفي ختام تصريحاته، توجه وزير الخارجية بتحية تقدير لشعب فلسطين الصامد في الضفة الغربية، القدس الشرقية، وقطاع غزة، معبرًا عن دعواته لشهداء العدوان الإسرائيلي بأن يسكنهم الله فسيح جناته.