
كابل بحري لنقل الكهرباء في الاتجاهين
نداء الوطن
خلال زيارة رئيس الجمهورية جوزاف عون إلى قبرص، أبدى الرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس استعداده لمدّ كابل بحري يربط قبرص بلبنان لتزويد الأخير بالكهرباء، كون أزمة عجز الكهرباء في لبنان باتت عالمية، وتمّ الاتفاق على فتح خط تنسيق مباشر بين وزيري الطاقة في البلدين لمتابعة هذا الملف.
يأتي الطرح القبرصي ليتماشى مع هدف وزير الطاقة جو الصّدي الذي أعلن منذ اللحظة الأولى لاستلامه مهامه أهمية انتقال لبنان لإنتاج الطاقة عبر الغاز بدلاً من الفيول، لما في ذلك من توفير مالي لتأمين التغذية بالكهرباء من جهة، والحدّ من التلوث البيئي من جهة أخرى. كما يأتي في إطار خفض الاعتماد على الفيول العراقي ومراكمة الديون، والسعي إلى إنشاء معامل حديثة لإنتاج الطاقة على الغاز ومحاولة الحصول من الدول الشقيقة والصديقة على الاستثمار والدعم لتحقيق ذلك.
وبما أن قبرص ستملك فائضًا في إنتاج الكهرباء في السنوات المقبلة، بسبب تعدّد مصادر إنتاجها الحديثة من الرياح والطاقة الشمسية وغيرها وعدم وجود قدرة على تخزين هذا الفائض، فإن مصلحتها تكمن في ابتكار وسائل لتصدير هذا الفائض، بالإضافة إلى أنها تسعى لتكون مركزًا أساسيًّا يربط دول المنطقة بالدول الأوروبية، خصوصًا أنها تبني بالتعاون مع اليونان مشروع "كابل البحر العظيم" (جي.إس.آي)، الذي سيربط شبكات نقل الكهرباء في أوروبا بقبرص وتبلغ تكلفته 1.9 مليار يورو (2.12 مليار دولار)، وسيمتد الكابل لاحقًا إلى إسرائيل عبر البحر المتوسط.
يهدف مشروع الربط البحري إلى ربط شبكات الكهرباء في أوروبا بشرق البحر المتوسط، بمسافة حوالى 1208 كيلومترات (751 ميلًا)، وبقدرة 2000 ميغاواط من الكهرباء في كلا الاتجاهين، حيث سيربط إسرائيل بشبكتي الكهرباء القبرصية واليونانية عبر كابل بحري عالي الجهد. تكمن أهمية المشروع في تقليل الاعتماد على مصادر الطاقة التقليدية عبر توفير مصادر طاقة بديلة. كما سيعزز التكامل الإقليمي ويدعم النمو الاقتصادي ويساهم في تحقيق التنمية الاقتصادية.
هل سينضم لبنان إلى هذا المشروع في حال قام بمد كابل بحري بينه وبين قبرص؟ وما هي الجدوى الاقتصادية للتعاون القبرصي اللبناني في هذا المجال، وكم تقدّر كلفة وفترة تنفيذ المشروع؟ ومن هي الجهة التي ستقوم بتمويله؟
بما أن هذا المشروع يستغرق تنفيذه سنوات ويحتاج إلى موافقة الاتحاد الأوروبي، فإن أزمة لبنان المستعصية في موضوع الكهرباء، تحتاج إلى حلول أسرع وإلى إنشاء معامل أوّلاً، إلا أن السير بهكذا مشروع أمر ضروري يؤمّن للبنان مصادر طاقة احتياطية لحالات الطوارئ في المستقبل، ويوفر له فرصة التصدير إلى أوروبا لاحقًا في حال نجح في إنشاء المعامل وزيادة الإنتاج من مصادر محلية متعددة، كما ويؤمّن له بديلًا عن خطوط الإمداد البرية عبر سوريا من الأردن ومصر، في حال حصول تطورات أمنية على غرار ما حصل في سوريا وأدّى إلى توقف إمدادات الطاقة.
ورغم أن هذا المشروع ليس أولوية اليوم في مسار معالجة أزمة الكهرباء، لأنه يجب أن تسبقه إجراءات عديدة أكثر سرعة في التنفيذ، مثل تفعيل الاتفاق مع الأردن لتزويد لبنان بالكهرباء برًّا والذي تعثر بفعل قانون قيصر، خصوصًا أن الشبكة جاهزة، إلا أنه يبقى مشروعًا حيوياً للمستقبل.
في هذا الإطار، أوضحت الخبيرة القانونية في شؤون الطاقة كريستينا أبي حيدر لـ "نداء الوطن"، أن مشروع مدّ كابل بحري بين لبنان وقبرص لإمداد الكهرباء خطوة إيجابية مهمّة، لأن قبرص هي مدخل لأوروبا، وأي ربط مع قبرص سيؤمّن للبنان انفتاحًا على الدول الأوروبية على غرار كابل الاتصالات fiber الذي يصل لبنان بالدول الأوروبية.
وشددت على أن إيجابيات هذا المشروع تتمثل بإمكانية استيراد وتصدير الكهرباء في المستقبل، عندما يصبح لدى لبنان فائض في الإنتاج، مشيرة إلى أن تمويل المشروع قد يكون عبر تلزيم بنائه للقطاع الخاص BOT، نظرًا لعدم امتلاك كل من الدولة اللبنانية والقبرصية الإمكانيات المالية المطلوبة لتمويل مشروع بهذا الحجم.
ولكن أبي حيدر لفتت إلى أن هذا المشروع يبقى مجرّد حديث ولا يملك حيثية قانونية أو تعاقدية ملموسة، مما يعني أنه مشروع للمدى البعيد، أوّلا لأن مفاوضات الاتفاق عليه لم تبدأ وحين تبدأ قد تستغرق عامين، وثانيًا لأن بناءه يستلزم أموالًا طائلة وسنوات عديدة، لكنّه يبقى حيويًّا ومهمًّا لأنه يصبّ في إطار الانفتاح على الخارج وتحديدًا أوروبا.
من ناحية مصلحة قبرص في مدّ هذا الكابل البحري مع لبنان، أكدت أن قبرص تسعى لأن تكون صلة وصل استراتيجية connection point مع أوروبا والمركز الرئيس HUB لإمدادات دول المنطقة مع أوروبا بالطاقة، وقد وقعت قبرص في هذا السياق، اتفاقًا مع مصر لتصدير الطاقة من مصر عبر قبرص إلى الدول الأوروبية، بالإضافة إلى مشروع الربط البحري العظيم الذي سيربط إسرائيل بقبرص واليونان فالدول الأوروبية، موضحة في هذا السياق أن هذا المشروع يتعلّق بإمدادات الغاز وليس الكهرباء، وبالتالي لا علاقة له بمشروع الكابل البحري بين قبرص ولبنان.
في الختام، أكدت أبي حيدر أن مشروع الكابل البحري بين قبرص ولبنان على رغم أهميته، ليس أولوية ملحّة اليوم لمعالجة أزمة الكهرباء، بل هو مشروع طويل الأمد يجب تنفيذه بهدف تحقيق الانفتاح الاستراتيجي على دول أوروبا في المستقبل. مشيرة إلى أن مشروع الربط الخماسي الكهربائي بين لبنان وسوريا والأردن ومصر والعراق، هو الأولوية التي تحتاج إلى التفعيل اليوم وبأسرع وقت ممكن، لأن البنية التحتية اللازمة له، أي شبكة النقل بين الأردن ولبنان عبر سوريا جاهزة، ويمكن تأهيل الجزء بالمتعلق بالعراق لاحقًا.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


ليبانون 24
منذ 12 دقائق
- ليبانون 24
بعد الإرتفاع الكبير بسعر البيتكوين... هل حان وقت البيع؟
ذكر موقع " الامارات 24"، أنّه بينما يُتداول البيتكوين حالياً عند 116 ألف دولار، متراجعاً بنسبة 4% عن آخر قمة تاريخية له عند 123 ألف دولار أميركي، يبرز سؤال مهم: هل هذا هو الوقت المناسب للبيع، أم أن الانتظار حتى تحقيق قمة جديدة هو الخيار الأفضل؟ وتتفاوت الإجابة من خبير إلى آخر، فالبعض ينصح بالبيع من المستويات الحالية، وجني جزء من الأرباح، في حين ينصح آخرون، بالانتظار أكثر، لأن رحلة الصعود مستمرة، وستقفز بالعملة المشفرة إلى قمة جديدة. ويقول المحلل والباحث الاقتصادي مازن أرشيد: "بعد أن وصل البيتكوين إلى مستوى 123 ألف دولار، وهو أعلى مستوى في تاريخه، أصبح السوق في مرحلة حساسة تجمع بين مشاعر الخوف والطمع". وأضاف "الارتفاع الكبير الذي حدث خلال العام الماضي ومستمر إلى اليوم جاء نتيجة دخول مؤسسات مالية كبرى وصناديق استثمارية، بالإضافة إلى التوقعات بتخفيض أسعار الفائدة في الولايات المتحدة ، مما جعل الكثير من الناس يدخلون السوق بدافع الخوف من تفويت الفرصة". ويضيف: "لكن في المقابل، هناك تشبع واضح في الشراء، وهذا قد يؤدي إلى تصحيح قوي في الأسعار في أي وقت". ووجه أرشيد نصيحته لملاك البيتكوين قائلاً: " إذا كنت تملك البيتكوين واشتريته بأسعار منخفضة مثل ما دون 60 ألف دولار، فمن الأفضل أن تبيع جزءاً من الكمية لتحقق بعض الأرباح، دون الخروج الكامل من السوق". ويضيف: "أما إذا لم تكن تملك البيتكوين وتفكر في الشراء الآن، فمن الأفضل الانتظار قليلاً، لأن السعر وصل إلى مستويات مرتفعة جداً، وقد يشهد هبوطاً مؤقتاً".


ليبانون 24
منذ 26 دقائق
- ليبانون 24
بعد الإرتفاع الكبير بسعرها... هل حان وقت بيع البيتكوين؟
ذكر موقع " الامارات 24"، أنّه بينما يُتداول البيتكوين حالياً عند 116 ألف دولار، متراجعاً بنسبة 4% عن آخر قمة تاريخية له عند 123 ألف دولار أميركي، يبرز سؤال مهم: هل هذا هو الوقت المناسب للبيع، أم أن الانتظار حتى تحقيق قمة جديدة هو الخيار الأفضل؟ وتتفاوت الإجابة من خبير إلى آخر، فالبعض ينصح بالبيع من المستويات الحالية، وجني جزء من الأرباح، في حين ينصح آخرون، بالانتظار أكثر، لأن رحلة الصعود مستمرة، وستقفز بالعملة المشفرة إلى قمة جديدة. ويقول المحلل والباحث الاقتصادي مازن أرشيد: "بعد أن وصل البيتكوين إلى مستوى 123 ألف دولار، وهو أعلى مستوى في تاريخه، أصبح السوق في مرحلة حساسة تجمع بين مشاعر الخوف والطمع". وأضاف "الارتفاع الكبير الذي حدث خلال العام الماضي ومستمر إلى اليوم جاء نتيجة دخول مؤسسات مالية كبرى وصناديق استثمارية، بالإضافة إلى التوقعات بتخفيض أسعار الفائدة في الولايات المتحدة ، مما جعل الكثير من الناس يدخلون السوق بدافع الخوف من تفويت الفرصة". ويضيف: "لكن في المقابل، هناك تشبع واضح في الشراء، وهذا قد يؤدي إلى تصحيح قوي في الأسعار في أي وقت". ووجه أرشيد نصيحته لملاك البيتكوين قائلاً: " إذا كنت تملك البيتكوين واشتريته بأسعار منخفضة مثل ما دون 60 ألف دولار، فمن الأفضل أن تبيع جزءاً من الكمية لتحقق بعض الأرباح، دون الخروج الكامل من السوق". ويضيف: "أما إذا لم تكن تملك البيتكوين وتفكر في الشراء الآن، فمن الأفضل الانتظار قليلاً، لأن السعر وصل إلى مستويات مرتفعة جداً، وقد يشهد هبوطاً مؤقتاً".


النهار
منذ 32 دقائق
- النهار
صندوق الاستثمارات العامة السعودي يتصدر عربياً بأصول 1.15 تريليون دولار
تصدر صندوق الاستثمارات العامة السعودي قائمة الصناديق السيادية عربياً بعدما بلغت أصوله تحت الإدارة 1.15 تريليون دولار، وفق بيانات حديثة صادرة عن شركة "غلوبال إس دبليو إف" المتخصصة في تتبع الصناديق السيادية وصناديق التقاعد العالمية. وبحسب البيانات، قفز الصندوق بذلك إلى المركز الثامن عالمياً، متقدّماً من المرتبة العاشرة التي كان يشغلها سابقاً، حين كان حجم أصوله يبلغ 925 مليار دولار قبل الزيادة الأخيرة. وحلّ جهاز أبوظبي للاستثمار في المركز الثاني عربياً والتاسع عالمياً، مع أصول تحت الإدارة بلغت 1.11 تريليون دولار. على الصعيد العالمي، حافظ «بنك الشعب الصيني» على صدارته في الترتيب عالمياً، بأصول بلغت 3.53 تريليونات دولار. يُذكر أن صندوق الاستثمارات العامة يساهم بشكل رئيسي في تحقيق مستهدفات رؤية 2030، من خلال تنويع الاقتصاد وتعزيز الاستثمارات في داخل المملكة وخارجها، ضمن قطاعات استراتيجية مثل التكنولوجيا والطاقة المتجددة والبنية التحتية والسياحة.