logo
وعدُ ترامب للشرق الأوسط: لا «مُحاضرات حول كيفية العيش»

وعدُ ترامب للشرق الأوسط: لا «مُحاضرات حول كيفية العيش»

الجمهورية١٦-٠٥-٢٠٢٥

كان عملياً يُندِّد بعقود من السياسة الأميركية في الشرق الأوسط، مخاطباً مظالم طالما عُبِّر عنها في المقاهي وغرف الجلوس من المغرب إلى عُمان.
الثلاثاء، أعلن ترامب، خلال خطاب شامل ألقاه في مؤتمر للاستثمار في العاصمة السعودية الرياض: «في النهاية، ما يُسمّى ببُناة الدول دمّروا دولاً أكثر ممّا بنوا. وكان المتدخّلون يتدخّلون في مجتمعات معقّدة لم يكونوا حتى يفهمونها». وحثّ شعوب المنطقة على رسم «مصائركم بأنفسكم وبطريقتكم الخاصة».
وانتشرت ردود الفعل على خطابه بسرعة على شاشات الهواتف المحمولة، في شرق أوسط لا تزال فيه الغزوات الأميركية للعراق وأفغانستان، وأخيراً دعم الولايات المتحدة لإسرائيل في حربها المتصاعدة في غزة، التي باتت على شفا المجاعة، راسخة في الوعي العام ويتعرّض فيها إلى الانتقاد من الملوك والمعارضين على حدٍ سواء.
سخر سلطان العامر، الأكاديمي السعودي، من تصريحات ترامب، قائلاً إنّها بدت وكأنّها مقتبسة من فرانز فانون، المفكر الماركسي في القرن العشرين الذي كتب عن ديناميكيات الاستعمار والقمع. وشارك سوريّون ميمات احتفالية عندما أعلن ترامب أنّه سيُنهي العقوبات الأميركية المفروضة على بلدهم الذي مزّقته الحرب «ليمنحهم فرصة للعظمة».
في اليمن، الغارق في الحرب والخاضع لعقوبات أميركية، أبدى عبداللطيف محمد تأييده الضمني لفكرة ترامب عن السيادة، حتى وهو يُعبِّر عن إحباطه من التدخّل الأميركي.
وتساءل محمد (31 عاماً)، وهو مدير مطعم في العاصمة صنعاء، عندما سُئل عن الخطاب: «متى ستعترف بنا الدول وتدعنا نعيش مثل بقية العالم؟». وكانت الضربات الجوية الأميركية قد دكّت مدينته خلال رئاسة كل من الرئيس السابق جو بايدن وترامب، مستهدفةً ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران، حتى أعلن ترامب بشكل مفاجئ عن وقف إطلاق النار هذا الشهر.
وأضاف محمد: «مَن هو ترامب حتى يمنح العفو، أو يرفع العقوبات عن دولة، أو يفرضها؟ لكن هكذا يعمل العالم».
وجاءت تصريحات ترامب في مستهل جولة استمرّت 4 أيام شملت 3 دول خليجية ثرية: السعودية، وقطر، والإمارات. وركّز إلى حدٍّ كبير على الصفقات التجارية، بما في ذلك أكثر من تريليون دولار من الاستثمارات في الولايات المتحدة تعهّدت بها الحكومات الخليجية الثلاث.
لكنّ خطابه في الرياض أظهر بوضوح أنّه كان يحمل طموحات ديبلوماسية أوسع لرحلته. فقد عبّر عن «رغبة شديدة» في أن تحذو السعودية حذوَ جارتَيها، الإمارات والبحرين، في الاعتراف بدولة إسرائيل (أكّد المسؤولون السعوديون أنّ ذلك لن يحدث إلّا بعد إقامة دولة فلسطينية). وأضاف أنّه يتطلّع بشدّة إلى التوصّل إلى اتفاق مع إيران بشأن برنامجها النووي، لأنّه «لم يؤمن يوماً بوجود أعداء دائمين».
الأربعاء، التقى بالرئيس السوري الجديد أحمد الشرع، الجهادي السابق الذي أطاح الحاكم الوحشي بشار الأسد. وظهر ترامب في صورة التقطت له مع الشرع وولي العهد السعودي، وهي صورة أذهلت المنطقة والعالم.
وكان خطاب ترامب مطوّلاً امتدّ لأكثر من 40 دقيقة، اتسم أحياناً بالارتجال.
في السعودية، مهد الإسلام، لم يذكر ترامب ما سبق أن قاله عن أنّ «الإسلام يكرهنا» وأنّ القرآن يُعلّم «بعض الأمور ذات الطابع السلبي للغاية». وبدلاً من ذلك، أثنى على التراث السعودي.
وقد بدا ودّه أمام الحشد السعودي متناقضاً مع نهج بايدن الأكثر بروداً تجاه ولي العهد محمد بن سلمان، الذي قاد حملة قصف استمرّت لسنوات في اليمن، بينما خفّف من القيود الاجتماعية بشكل جذري. وعندما زار بايدن السعودية، أعلن أنّه أبلغ ولي العهد بأنّه يعتقد أنّه مسؤول عن قتل وتقطيع أوصال جمال خاشقجي، كاتب عمود في صحيفة «واشنطن بوست» كان ينتقد الأمير.
أمّا ترامب، فأغدق المديح على شبه الجزيرة العربية وعلى الأمير محمد، واصفاً إياه بـ»الرجل المذهل. في السنوات الأخيرة، أُصيب عدد كبير من الرؤساء الأميركيِّين بفكرة أنّه من واجبنا التحديق في أرواح القادة الأجانب واستخدام السياسة الأميركية لتوزيع العدالة على خطاياهم».
وقد تركت تصريحاته بعض المستمعين العرب قلقين بشأن ما قد يعنيه زوال الضغط الأميركي بشأن انتهاكات حقوق الإنسان بالنسبة إلى بلدانهم.
ولم تُجِب المتحدّثة باسم البيت الأبيض آنا كيلي عن الأسئلة بشأن ما إذا كان الرئيس أو مساعدوه قد أثاروا قضايا حقوق الإنسان مع المسؤولين السعوديِّين. وعندما سُئلت عن ردود الفعل على خطابه، أوضحت كيلي: «تلقّى الرئيس إشادة واسعة النطاق على خطابه».
في قاعة الرياض، تلقّى ترامب تصفيقاً حاراً ووقوفاً. وأكّد وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان في مؤتمر صحافي يوم الأربعاء: «كان خطاب الرئيس مهمّاً بالفعل»، واصفاً إياه بأنّه يُمثل «نهج الشراكة والاحترام المتبادل».
واعتبر العامر، الباحث في معهد نيو لاينز في واشنطن، في مقابلة، أنّ كلمات الرئيس تعكس موضوعات «عادةً ما ترتبط بالمفكّرين اليساريِّين والمناهضين للإمبريالية. بينما يبدو هذا مفاجئاً من ناحية أنّنا، كعرب، اعتدنا أن نكون موضعاً للمحاضرات والتدخّلات الأميركية، إلّا أنّه ليس مفاجئاً أيضاً عندما نأخذ في الاعتبار أنّ الحركات الشعبَوية اليمينية الجديدة، في الخليج والولايات المتحدة على حدّ سواء، استعارت بعض هذا الخطاب من اليساريِّين والاشتراكيِّين وأعادت توظيفه لخدمة رؤية محافظة للعالم».
أمّا نجاد البرعي، المحامي المصري البارز في مجال حقوق الإنسان، فأوضح أنّه متردّد في إعطاء أهمية كبرى لخطاب ترامب، نظراً لأنّه جاء إلى السعودية في المقام الأول من أجل الحديث عن الاستثمارات.
لكن بالنسبة إلى البرعي، فإنّ ترامب كان فقط صريحاً بشأن ما يهتم به الرؤساء الأميركيون حقاً، أي المصالح الأميركية، بغضّ النظر عن مدى تزيين الرؤساء السابقين لأجنداتهم بالحديث عن حقوق الإنسان والديمقراطية.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

أميركا تعين مايكل أنطون ليقود المحادثات الفنية مع إيران
أميركا تعين مايكل أنطون ليقود المحادثات الفنية مع إيران

الجمهورية

timeمنذ 43 دقائق

  • الجمهورية

أميركا تعين مايكل أنطون ليقود المحادثات الفنية مع إيران

عينت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب المسؤول الكبير في وزارة الخارجية مايكل أنطون لقيادة الفريق الفني الأميركي، قبل يومين من المحادثات الفنية المرتقبة السبت في عمان بين إيران والولايات المتحدة. فقد كشف مسؤولون أميركيون اليوم الخميس أن أنطون سيرأس الوفد الفني في مباحثات السبت، وفق ما نقلت صحيفة "بوليتيكو. لاسيما أن أنطون، مدير تخطيط السياسات في وزارة الخارجية الأميركية، يقود فريقاً مكوناً من نحو اثني عشر شخصاً، معظمهم من المسؤولين المحترفين من مختلف أنحاء الحكومة، لوضع تفاصيل اتفاق من شأنه أن يفرض قيوداً كبيرة على البرنامج النووي الإيراني في مقابل تخفيف العقوبات. وكان هذا المسؤول الإداري ذو النفوذ المتزايد، عمل في مجلس الأمن القومي خلال إدارة ترامب الأولى، ثم عمل زميلًا في معهد كليرمونت المحافظ. إلا أنه لم يعلن أي موقف علني بشأن الملف الإيراني، الذي لطالما أثار جدلًا حادًا ومثيرًا للانقسام في واشنطن. فيما اعتبره مسؤول في الإدارة الأميركية أنه الرجل الأمثل لهذا المنصب نظرًا لخبرته وفطنته. وأضاف أن "الأهم من ذلك أنه سيضمن تنفيذ أجندة ترامب في هذا الملف". وكان وزير الخارجية ماركو روبيو أعلن في مقابلة مع صحيفة فري برس أمس أن واشنطن تسعى إلى التوصل إلى ترتيب يسمح لإيران باستيراد وقود اليورانيوم المخصب من الخارج، حتى تتمكن من امتلاك برنامج نووي مدني. فيما تحدث مبعوث الرئيس الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، سابقا عن احتمال السماح لطهران بنسبة تخصيب تبلغ 3،67، وهي النسبة التي كان الاتفاق النووي لعام 2015 نص عليها.

"مكالمة لم تكتمل".. ترامب يحرج عضوي كونغرس (فيديو)
"مكالمة لم تكتمل".. ترامب يحرج عضوي كونغرس (فيديو)

القناة الثالثة والعشرون

timeمنذ ساعة واحدة

  • القناة الثالثة والعشرون

"مكالمة لم تكتمل".. ترامب يحرج عضوي كونغرس (فيديو)

تداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو للرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في المكتب البيضاوي، وورود اتصالين هاتفيين على جواله، وكيف تعامل معهما، وفق شبكة "سي إن إن". ويكشف ترامب في مقطع الفيديو المتداول أن الاتصالين وردا من عضوين من الكونغرس، يريدان تهنئته، قبل أن يغلق الجوال رافضا الاتصال. وكتب أحد المدونين: "لا يُمكن اختلاق هذا. ما إن انتقد ترامب شركة أبل لتصنيعها هواتف في الخارج، حتى بدأ هاتفه يرن ويصدر صوت أزيز. ثم بدا وكأنه يُمرر إصبعه للرد على المكالمة بشكل خاطئ قبل أن يُغلقها، قائلاً إنه عضو في الكونغرس. احمرّ وجهه بسرعة لدرجة أنني أتساءل من هو هذا العضو حقًا". وجاء مقطع الفيديو المتداول على هامش توقيع ترامب عددا من الأوامر الرئاسية التنفيذية، الجمعة، بحضور عدد من المسؤولين والشخصيات، بينهم وزير الدفاع بيت هيغسيث. وكان الرئيس الأمريكي وقع عددا من الأوامر الرئاسية التنفيذية، بينها أمر بإصلاح هيئة التنظيم النووي الأمريكية، وإصلاح اختبار المفاعلات النووية في وزارة الطاقة، وتنشيط القاعدة الصناعية النووية. يذكر أن هذه الأنباء تأتي بعد أيام قليلة على الضجة التي أثارها ترامب بأسلوب استقباله رئيس جنوب أفريقيا والوفد المرافق له، عارضا عليهم لقطات بمقطع فيديو يحمل مزاعم "إبادة جماعية"، الأمر الذي أثار ردود فعل واسعة. انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News

القوى الشيعية تطالب بـ"المثالثة" في توزيع السلطة
القوى الشيعية تطالب بـ"المثالثة" في توزيع السلطة

القناة الثالثة والعشرون

timeمنذ ساعة واحدة

  • القناة الثالثة والعشرون

القوى الشيعية تطالب بـ"المثالثة" في توزيع السلطة

كشف مصدر لبناني مقرب من الحكومة اللبنانية، طلب عدم الكشف عن هويته، عن تحركات مكثفة تقوم بها القوى الشيعية في لبنان للمطالبة بحصة "مثالثة" في توزيع السلطة. وتطالب هذه القوى بتخصيص ثلث مقاعد البرلمان (42 مقعداً من أصل 128) للشيعة، وثلث المناصب الوزارية والوظائف الإدارية العليا، وثلث المراكز الأمنية والعسكرية الحساسة. وقال المصدر لـ "إرم نيوز"، إن هذه المطالب تتناقض مع المادة 95 من الدستور اللبناني التي تقر المناصفة بين المسلمين والمسيحيين في البرلمان (64 مقعداً لكل طرف)، كما تتعارض مع روح اتفاق الطائف الذي وضع حداً للحرب الأهلية عام 1990 بعد 15 عاماً من الدمار وآثاره حتى اليوم على التركيبة الديمغرافية والاقتصادية والأمنية للبلاد. الخريطة الديمغرافية وأوضح المصدر أن هذه المطالب تستند إلى مزاعم بتغير الخريطة الديمغرافية في لبنان، حيث تدّعي القوى الشيعية أن نسبة الشيعة تتراوح من 35% إلى 40% من السكان، وهو ما لم يتم إثباته بإحصاء رسمي منذ عام 1932. المصدر أشار إلى أن هذه المطالب تثير قلقاً بالغاً لدى المكونات الأخرى، خاصة المسيحيين الذين يشعرون أنهم المستهدف الرئيسي، حيث إن تطبيق المثالثة سيقابله بالضرورة تقليص للحصص المسيحية والسنية. جدير بالذكر أن بطريرك الموارنة الكاثوليك الكاردينال بشارة الراعي كان أول من رفع الصوت محذراً من عواقب هذه المطالب، معتبراً أنها تهدد العيش المشترك وتعيد البلاد إلى أجواء الحرب الأهلية. وأضاف المصدر أن قوى سياسية سنية ومسيحية عديدة عبرت عن رفضها القاطع لهذه المطالب، واصفة إياها بأنها خرق صارخ للدستور واتفاق الطائف الذي كرس مبدأ "لا خاسر". وكشفت وثائق دبلوماسية حصلت عليها بعض الجهات الدولية عن تنسيق مكثف بين حزب الله والجهات الإيرانية لدعم هذه المطالب، حيث تبين بأن إيران تضخ ما يقارب 700 مليون دولار سنوياً لدعم حزب الله والقوى الشيعية في لبنان. وذكر المصدر أن هذه المطالب تمثل تحولاً استراتيجياً في أداء القوى الشيعية، من التركيز على القوة العسكرية إلى السعي للهيمنة السياسية، وذلك بعد تراجع النفوذ الإيراني في المنطقة وتقلص قدرات حزب الله العسكرية. وحذر المصدر من أن الخطر الأكبر يكمن في أن هذه المطالب قد تعيد إنتاج نظام المحاصصة الطائفية بأشكال أكثر تعقيداً، وتفتح الباب أمام صراعات جديدة تهدد الاستقرار الهش أصلاً في لبنان. انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store