
ما حكم لبس قبعة المظلة الشمسية المثبتة على الرأس للمحرم؟.. المفتي يجيب
حكم لبس قبعة
المظلة الشمسية
المثبتة على الرأس للمحرم، من الأسئلة التي تتكرر في
الحج
، وتحتاج إلى إجابة شرعية قاطعة، خوفا من الوقوع في المحظور ومخالفة الشرع.
وورد إلى دار الإفتاء سؤال يقول صاحبه: ما حكم لبس قبعة المظلة الشمسية المثبتة على الرأس للمحرم؟ فقد ذهب رجل لأداء فريضة الحج، واشتد عليه حرُّ الشمس، ولم يجد ما يحتمي به غير ما أعطاه له صديقه من قبعةِ المظلَّة الشمسيَّة القابلة للطَّي، والتي تثبت على الرأس بشريط مطاط، وتبقى مرتفعةً عن الرأس غير ملامسةٍ له، فاستعملها خلال أداء المناسك، فهل ما فعله يوجب عليه الفدية؟
وأجاب على السائل
الدكتور نظير عياد
مفتي الجمهورية عبر الموقع الرلاسمي لدار الإفتاء قائلا: يجوز للمُحرِم شرعًا استعمالُ قبعة المظلة الشمسية المثبتة على الرأس بشريطٍ مطاطٍ إذا لم يتيسر له استعمال غيرها مما يصرف عنه حرارة الشمس، باعتبار أنَّ ما فيها من شريطٍ ماسكٍ مثبَّت على الرأس لا يستر من الرأس إلا اليسير الذي لا يصل إلى مقدار ربع الرأس، ويلزم المُحرِم إذا استعملها يومًا كاملًا إخراج الصَّدقة دون الفدية، وتُقدَّر بكيلو جرام واحد وستمائة وخمسة وعشرين جرامًا من البُر -القمح- أو قيمة ذلك مالًا، والأَوْلَى له استعمالُ الشمسية المحمولة باليد بدلًا عن تلك المثبتة على الرأس، باعتبار أن الخروج من خلاف الفقهاء مستحب.
بيان فضل الحج والعمرة وأن الحج فريضة في العمر مرة واحدة
الحج من العبادات المفروضة في العمر مرَّة واحدة، ويتطوع بها العبد ما تيسر له، قال الله تعالى في محكم التنزيل: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ﴾ [آل عمران: 97].
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: خَطَبَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ، قَدْ فَرَضَ اللهُ عَلَيْكُمُ الْحَجَّ، فَحُجُّوا»، فَقَالَ رَجُلٌ: أَكُلَّ عَامٍ يَا رَسُولَ اللهِ؟ فَسَكَتَ، حَتَّى قَالَهَا ثَلَاثًا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ: «لَوْ قُلْتُ: نَعَمْ لَوَجَبَتْ، وَلَمَا اسْتَطَعْتُمْ» أخرجه الإمام مسلم.
والحج والعمرة من أفضل القربات، قال تعالى: ﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ﴾ [البقرة: 196].
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «الْعُمْرَةُ إِلَى الْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا، وَالحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الْجَنَّةُ» متفق عليه.
وتتعدد مظاهر العبادة في الحج والعمرة، ما بين عباداتٍ بدنيَّةٍ وماليَّة، وعباداتِ فِعلٍ وتَرك، فتشتمل على التلبية والطواف والهدي، كما تشتمل على ترك محظورات الإحرام.
بيان المراد بالإحرام وحكمه في الحج
والإحرام مصدر أَحرَمَ الرَّجل، إذا أهَلَّ بالحجِّ أو العمرة؛ لدخوله في عملٍ حَرُمَ عليه به فعلُ ما كان حلالًا؛ إذ "حَرُمَ" في اللغة تعني التشديد والمنع، كما في "مقاييس اللغة" للعلامة ابن فارس (2/ 45، ط. دار الفكر)، و"لسان العرب" للعلامة ابن منظور (12/ 123، ط. دار صادر).
والمراد بالإحرام عند جمهور الفقهاء: نيَّة الدخول في الحج أو العمرة، ويتحقَّق عند الحنفيَّة وبعض فقهاء المالكيَّة -في غير راجح المذهب- باقتران التلبية أو ما يقوم مقامها بالنيَّة. ينظر: "رد المحتار" للإمام ابن عَابِدِين الحنفي (2/ 467، ط. دار الفكر)، و"الشرح الكبير" للإمام أبي البركات الدَّرْدِير المالكي (2/ 21، ط. دار الفكر، مع "حاشية الإمام الدُّسُوقِي")، و"حاشية الإمام سليمان الجمل الشافعي على شرح المنهج" (2/ 407، ط. دار الفكر)، و"الروض المربع" للإمام أبي السعادات البُهُوتِي الحنبلي (ص: 285، ط. دار المؤيد).
وجماهير الفقهاء قد "اتفقوا على أنَّ الإحرام للحج فرضٌ"، كما قال الإمام ابن حَزْم في "مراتب الإجماع" (ص: 42، ط. دار الكتب العلمية).
حكم تغطية الرأس للمُحرم
للإحرام عدَّة محظوراتٍ يجب على المسلم اجتنابُ فعلها إذا كان مُحرِمًا، ومنها تغطية الرأس للرَّجل، والأصل في ذلك حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أَنَّ رجلًا قال: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا يَلْبَسُ المُحْرِمُ مِنَ الثِّيَابِ؟ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَلْبَسُ الْقُمُصَ، وَلَا الْعَمَائِمَ» متفق عليه.
وقد أجمع العلماء على وجوب امتناع المُحرِم من تغطية رأسه.
قال الإمام ابن عبد البَر في "الاستذكار" (4/ 14، ط. دار الكتب العلمية): [وأجمعوا أن إحرام الرجل في رأسه، وأنه ليس له أن يُغطِّي رأسه، بنهي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن لُبس البَرَانِس والعمائم] اهـ.
حكم لبس قبعة المظلة الشمسية المثبتة على الرأس للمحرم
قُبَّعة المِظلَّة الشمسية -محل السؤال- إنما تستعمل للاستظلال من الشَّمس دون أن تُلامس الرأس، وذلك بأن تثبَّت على الرأسِ بشريطٍ ماسكٍ مَطَّاطٍ محيطٍ بالجبهة والرأس أشبه ما يكون بالسيور والعصابة الصغيرة، وبه أعوادٌ ترفع الشمسية فوق الرأس، مما يغني عن إمساكها باليد، كما هو واردٌ في السؤال ومشاهدٌ في الواقع.
والعصابة: هي ما يُشدُّ به الرأس، كما في "لسان العرب" للعلامة ابن منظور (1/ 602).
وبذلك تشتمل تلك المظلة المثبتة على الرأس على عدَّة أمورٍ يدور حكمها مع حكم التلبس بتلك الأشياء حال الإحرام، وهي: الاستظلال، والتغطية، والشد على الرأس.
أمَّا الاستظلال من الشمس حال الإحرام: فإن كان بشيءٍ ثابتٍ كالسَّقف والجبل والخيمة والشجر وأمثالها فهو مِن جملة المباحات للمُحرِم بإجماع الفقهاء.
قال الإمام ابن عبد البَر في "التمهيد" (15/ 111، ط. أوقاف المغرب): [وأجمعوا أن للمُحرِم أن يَدخل الخِباء والفسطاط، وإن نزل تحت شجرةٍ أن يرمي عليها ثوبًا] اهـ.
أمَّا إن كان استظلاله بما يحمله أو يُحمل له بحيث يتبعه دون أن يستر رأسه: فقد جرى فيه الخلاف بين الفقهاء، وجمهورهم من الحنفية والشافعية، والحنابلة في إحدى الروايتين، وبعض المحققين من المالكية كالإمام ضياء الدين خليل بن إسحاق، على جواز استظلال المُحرِم بما يرفعه اتقاءَ حرِّ الشمس، وقال به من الصحابة: أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه، ومن التابعين: عطاء بن أبي رباح، والأسود بن يزيد، وربيعة، والثوري، وابن عُيينة، كما في "التمهيد" للإمام ابن عبد البَر (15/ 111).
ودليلهم في المسألة حديث أمِّ الحُصَين رضي الله عنها، فقد قالت: «حَجَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ حَجَّةَ الْوَدَاعِ، فَرَأَيْتُ أُسَامَةَ وَبِلَالًا، وَأَحَدُهُمَا آخِذٌ بِخِطَامِ نَاقَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ، وَالْآخَرُ رَافِعٌ ثَوْبَهُ يَسْتُرُهُ مِنَ الْحَرِّ، حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ» أخرجه الإمام مسلم.
قال الإمام ابن عَابِدِين الحنفي في "رد المحتار" (2/ 547) في بيان ما يُحظر على المُحرِم فِعلُه: [(أو سَتَر رأسه) بمعتادٍ، أمَّا بحمل إجَّانةٍ أو عِدل فلا شيء عليه] اهـ. والإِجَّانة: إِنَاءٌ تُغسَل فِيهِ الثِّيَاب، كما في "المعجم الوسيط" (1/ 7، مادة: "أ ج ن"، ط. دار الدعوة). والعِدل: ما يُحمل فيه المتاع على جنب البعير، كما في "لسان العرب" للعلامة ابن منظور (11/ 433).
وقال العلامة ضياء الدين خليل المالكي في "التوضيح" (3/ 75، ط. مركز نجيبويه) في بيان ما يُباح للمُحرِم: [وله أن يرفع فوق رأسه شيئًا يقيه من المطر... وليس له أن يضعه على رأسه من شدة الحر، انتهى. والأقرب: جواز ذلك؛ لما في مسلم وأبي داود والنسائي عن أم الحُصَين] اهـ.
وقال الإمام النَّوَوِي الشافعي في "المجموع" (7/ 267-268، ط. دار الفكر): [مذهبنا أنه يجوز للمُحرِم أن يستظل في المَحمَل بما شاء راكبًا ونازلًا... دليلنا: حديث أم الحُصَين رضي الله عنها... ولأنه لا يُسَمَّى لُبسًا] اهـ.
وقال الإمام ابن قُدَامَة الحنبلي في "الكافي" (1/ 490): [وفي تظليل المَحمَل روايتان... الثانية: له أن يتظلل؛ لأنه ليس بمباشرٍ للرأسِ، أشبَهَ الخيمة، وله أن يتظلل بثوب على عُودٍ؛ لما رَوَت أمُّ الحُصَين... ولا بأس بالتظلُّل بالخيمة والسقف والشجرة وأشباه ذلك؛ لأنه لا يُلازمه، أشبَهَ ظِلَّ الجبال والحِيطان] اهـ.
وقال في "المغني" (3/ 287، ط. مكتبة القاهرة) معللًا الرواية المجوزة للاستظلال: [لأنَّ ما حَلَّ للحلال حَلَّ للمُحرِم، إلا ما قام على تحريمه دليل... وظاهر كلام أحمد: أنه إنما كُرِهَ ذلك كراهة تنزيه؛ لوقوعِ الخلاف فيه، وقولِ ابن عمر رضي الله عنهما، ولم ير ذلك حرامًا، ولا موجبًا لفدية] اهـ.
وأمَّا تغطية الرأس: فقد ضبط الفقهاءُ المحظورَ منها حال الإحرام بما يكون مما جرى العرف بتسميته غطاءً كالعمامة والقبَّعة، كما ضبطوه بما كان ملاصقًا للرأس غير متجافٍ عنها، وهو ما لا يتحقَّق التلبس به باستعمال الشمسيَّة المثبتة على الرأس.
قال الإمام زين الدين بن نُجَيْم الحنفي في "البحر الرائق" (2/ 349، ط. دار الكتاب الإسلامي) في معرض ذكر محظورات الإحرام: [(قوله: وستر الوجه والرأس) أي: واجتنب تغطيتهما... والمراد بستر الرأس: تغطيتها بما يُغطى به عادةً كالثوب، احترازًا عن شيءٍ لا يُغطى به عادةً كالعِدل، والطبق، والإِجانة] اهـ.
وقال الإمام تقي الدين الحِصْنِي الشافعي في "كفاية الأخيار" (ص: 221، ط. دار الخير): [والضابط أنَّه تجبُ الفدية بما يُسمَّى ساترًا] اهـ.
وقال الإمام أبو السعادات البُهُوتي الحنبلي في "الروض المربع" (ص: 257، ط. دار المؤيد) في تعداد محظورات الإحرام: [الثالث: تغطية رأس الذكر إجماعًا، وأشار إليه بقوله: (ومَن غطَّى رأسه بملاصِقٍ فَدَى)] اهـ. أي أنَّ المحظور في غطاء الرأس ما كان مُلاصقًا لها.
أما وضع العصابة على الرأس: ممنوع ومحظور على المحرم عند جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة.
قال الإمام ابن رُشْد المالكي في "البيان والتحصيل" (3/ 440، ط. دار الغرب الإسلامي) في بيانه بعض الأحكام المتعلقة بما قد يفعله المُحرِم: [عصب على رأسه من صداع أو جراح، أو على بعض رأسه من جرح أو جراح، أو فعل ذلك لغير علة، عليه الفدية في ذلك كلِّه] اهـ.
وجاء في "الدر الثمين" للشيخ محمد مَيَّارَة المالكي (ص: 526، ط. دار الحديث) في بيان إحرام الرجل: [محل إحرامه: وجهه ورأسه، فيَحرُم عليه سترهما بما يعد ساترًا مِن عمامةٍ، وقلنسوةٍ، وخرقةٍ، وعصابةٍ] اهـ.
وقال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري الشافعي في "أسنى المطالب" (1/ 504، ط. دار الكتاب الإسلامي): [(فيحرم ستر رأس الرجل أو بعضه) ضبط الإمام والغزالي البعض بالقدر الذي يُقصَد ستره لغرض ستره، كالعصابة] اهـ.
وفي تحقيقات الإمام الرافعي في المسألة أنَّ المعتبر هو الضبط بما يسمى ساترًا دون الالتفات إلى القصد، فجاء في "أسنى المطالب" (1/ 505): [وأبطله الرافعي باتفاقهم على أنه لو شدَّ خيطًا على رأسهِ لا فدية عليه، مع أنَّه يُقصَد لمنع الشَّعر مِن الانتشار، فالوجه الضبط بتسميتِهِ ساترًا؛ لأنَّ الخيط لا يُسمَّى ساترًا، بخلاف العصابة العريضة] اهـ.
وقال الإمام ابن قُدَامَة الحنبلي في "الكافي" (1/ 490) في تعداد محظورات الإحرام: [السَّادس: تغطية الرأس... ولا يجوز أن يَعصِبَه بعصابةٍ ولا سِيَرٍ، ولا يجعل عليه شيئًا يلصق به] اهـ.
بينما ذهب الحنفية إلى كراهة شدِّ الرأس بالعصائب حال كونها ساترة لأقلَّ مِن ربع الرأس، وأنه لا فدية في ذلك، بل يجب فيها الصدقة إن فعل ذلك يومًا كاملًا؛ لأنها في تلك الحالة لا تشبه لبس المخيط، كما لا تتحقق بها منفعةٌ أو استمتاعٌ مقصودٌ يتنافى مع الامتثال لما يؤمر المُحرِم بتركه حال إحرامه.
قال شمس الأئمة السَّرَخْسِي في "المبسوط" (4/ 127، ط. دار المعرفة) في ذكر ما يحظر على المحرم: [ويكره له أن يعصب رأسه، فإن فعل يومًا إلى الليل فعليه صدقة؛ لأنه غطى بعض رأسه بالعصابة وهو ممنوعٌ مِن تغطية الرأس، إلا أنَّ ما غطى به جزءٌ يسيرٌ مِن رأسهِ، فتكفيه الصدقة؛ لعدم تمام جنايته] اهـ.
وقال الإمام فخر الدين الزَّيْلَعِي في "تبيين الحقائق" (2/ 54، ط. المطبعة الكبرى الأميرية): [في "نوادر ابن سماعة" عن محمد رحمه الله قال: لا يكون عليه دمٌ حتى يغطي الأكثر من رأسه، كذا في "شرح الكرخي" و"شرح الطحاوي"، وجه اعتبار الربع: أن تغطية الجميع استمتاع مقصودٌ، وما دون الرُّبع ليس بمقصودٍ، فجعل الرُّبع فاصلًا بينهما، كما في الحَلْق] اهـ.
وقال الإمام أكمل الدين البَابَرْتِي في "العناية" (2/ 444، ط. دار الفكر) في ذكر محظورات الإحرام: [إذا عصب العصابة على رأسه فإنَّه مكروهٌ، فلو فعله يومًا كاملًا لزِمَه الصَّدقة، وليس في معنى لُبسِ المخيط] اهـ.
ومقدار الصدقة في تلك الحالة: نصف صاعٍ من البُر أو قيمة ذلك مالًا، ويُقدَّر نصف الصاع عند الحنفية بكيلو جرام واحد وستمائة وخمسة وعشرين جرامًا، كما في "المكاييل والموازين" لفضيلة الأستاذ الدكتور/ علي جمعة (ص: 37، ط. القدس).
قال الإمام برهان الدين المَرْغِينَانِي في "بداية المبتدي" (ص: 50، ط. مكتبة صبيح): [وكلُّ صدقةٍ في الإحرام غيرُ مقدَّرةٍ فهي نصفُ صاعٍ مِن بُرٍّ، إلا ما يجب بِقتلِ القَملَةِ والجرادة] اهـ.
قال شمس الأئمة السَّرَخْسِي في "المبسوط" (2/ 156): [أداء القيمة مكان المنصوص عليه في الزكاة والصدقات والعشور والكفارات جائزٌ عندنا] اهـ.
المختار للفتوى في حكم لبس قبعة المظلة الشمسية المثبتة على الرأس للمحرم
هذا، وما ذهب إليه الحنفية في هذه المسألة هو المختار للفتوى، فالشريط الملاصق للرأس -في الشمسيَّة محل السؤال- لا يستر من الرأس إلا القدر اليسير، وهو ما لا يبلغ مقدار ربع الرأس؛ وذلك عملًا بالقاعدة المستقرة: أن من ابتُليَ بشيءٍ مما اختُلِفَ فيه فليقلد من أجاز، قصدًا لتحقيق السَّعة والتيسير على المكلفين الذي هو شأن التنوع في المذاهب والأقوال الفقهية، ولذلك كان طلحة بن مُصَرِّف إذا ذُكر عنده الاختلاف يقول: "لا تقولوا: الاختلاف، ولكن قولوا: السَّعة" أخرجه الإمام أبو نعيم في "الحلية".
الخلاصة
بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنه يجوز للمُحرِم شرعًا استعمالُ قبعة المظلة الشمسية المثبتة على الرأس بشريطٍ مطاطٍ إذا لم يتيسر له استعمال غيرها مما يصرف عنه حرارة الشمس، باعتبار أنَّ ما فيها من شريطٍ ماسكٍ مثبَّت على الرأس لا يستر من الرأس إلا النزر اليسير الذي لا يصل إلى مقدار ربع الرأس، ويلزم المُحرِم إذا استعملها يومًا كاملًا إخراج الصَّدقة دون الفدية، وتُقدَّر بكيلو جرام واحد وستمائة وخمسة وعشرين جرامًا من البُر أو قيمة ذلك مالًا، والأَوْلَى له استعمالُ الشمسية المحمولة باليد بدلًا عن تلك المثبتة على الرأس، باعتبار أن الخروج من خلاف الفقهاء مستحب.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

مصرس
منذ 37 دقائق
- مصرس
هل التدخين حرام شرعًا ؟
في رد واضح وصريح على سؤال يوسف فراج من محافظة المنيا، حول حكم التدخين وعقوبة المدخنين؟، أكد الشيخ محمد كمال، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أن التدخين محرم شرعًا ولا يجوز للمسلم تعاطيه بأي حال من الأحوال. اقرأ أيضا|الشيخ خالد الجندي: يجوز كتابة المؤخر بالذهب لحفظ حقوق الزوجةوقال أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، خلال حوار مع الإعلامية زينب سعد الدين، بحلقة برنامج "فتاوى الناس"، المذاع على قناة الناس، اليوم الخميس: "التدخين حرام شرعًا، ولا يجوز لأي من أبنائنا أو آبائنا، هي رسالة أوجهها إلى كل من ابتلي بهذا الأمر، الله سبحانه وتعالى يقول: (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة)، والتدخين هو من أبرز صور التهلكة؛ لأنه يؤدي إلى الأمراض والموت".وأضاف: "النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا ضرر ولا ضرار)، وبالتالي الجسد الذي أكرمك الله به هو أمانة ستُسأل عنها يوم القيامة، سيسألك الله عن صحتك: فيمَ استخدمتها؟ أأعنت بها نفسك على الصلاة والصيام وعمارة الأرض، أم أضعتها في ما يغضبه؟".وأشار إلى أن من يستخدم ماله لشراء السجائر كمن يشعل النار في أمواله بنفسه، قائلاً: "لو رأينا أحدًا يحرق أمواله في الشارع لقلنا إنه غير طبيعي، بينما المدخن يفعل ذلك بشكل يومي".وتابع: "التدخين عادة سيئة محرمة، ويجب التوبة منها فورًا، فإن الجسد أمانة، والصحة نعمة، والعاقل من يحفظ الأمانات ولا يُضيع النعم".اقرأ أيضا|الشيخ خالد الجندي: من يُحرِم الأبناء من رؤية أحد والديهم أو أجدادهم فقد نُزِعت الرحمة من قلبه

مصرس
منذ ساعة واحدة
- مصرس
أمين الفتوى: التدخين حرام شرعًا.. والجسد أمانة سنُسأل عنها يوم القيامة
في رد واضح وصريح على سؤال يوسف فراج من محافظة المنيا حول حكم التدخين وعقوبة المدخنين؟ أكد الشيخ محمد كمال، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أن التدخين محرم شرعًا ولا يجوز للمسلم تعاطيه بأي حال من الأحوال. وقال أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، خلال حوار مع الإعلامية زينب سعد الدين، بحلقة برنامج "فتاوى الناس"، المذاع على قناة الناس، اليوم الخميس: "التدخين حرام شرعًا، ولا يجوز لأي من أبنائنا أو آبائنا، هي رسالة أوجهها إلى كل من ابتلي بهذا الأمر، الله سبحانه وتعالى يقول: (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة)، والتدخين هو من أبرز صور التهلكة؛ لأنه يؤدي إلى الأمراض والموت".وأضاف: "النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا ضرر ولا ضرار)، وبالتالي الجسد الذي أكرمك الله به هو أمانة ستُسأل عنها يوم القيامة، سيسألك الله عن صحتك: فيمَ استخدمتها؟ أأعنت بها نفسك على الصلاة والصيام وعمارة الأرض، أم أضعتها في ما يغضبه؟".وأشار إلى أن من يستخدم ماله لشراء السجائر كمن يشعل النار في أمواله بنفسه، قائلاً: "لو رأينا أحدًا يحرق أمواله في الشارع لقلنا إنه غير طبيعي، بينما المدخن يفعل ذلك بشكل يومي".وتابع: "التدخين عادة سيئة محرمة، ويجب التوبة منها فورًا، فإن الجسد أمانة، والصحة نعمة، والعاقل من يحفظ الأمانات ولا يُضيع النعم".


24 القاهرة
منذ 3 ساعات
- 24 القاهرة
الأزهر يحذر: الإباحية مصيبة والأزمة الأكبر أنَّ قلبك لم يَعُد يراها كذلك.. وهذا هو العلاج
حذر الأزهر الشريف من الإباحية، قائلًا: الإباحية مصيبة.. والمصيبة الأكبر أنَّ قلبك لم يَعُد يراها كذلك. الأزهر يحذر: الإباحية مصيبة والأزمة الأكبر أنَّ قلبك لم يَعُد يراها كذلك وأضاف الأزهر الشريف في منشور عبر صفحته الرسمية: أخطر ما في الإباحية، أنَّها تشبع غرائزك بالحرام بما يجعلك تنسى الحلال، تبهت نفسك، وتسرق شيئًا من حيائك، وتنغص عليك حياتك دون أن تشعر، مبينًا، الإباحية تأخذ منك إيمانك، يقول سيدنا رسول الله ﷺ: «لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهو مُؤْمِنٌ»، موضحًا فإيمانك لا يُنتزع مرة واحدة، بل على جرعات، من نظرةٍ محرَّمةٍ أو معصية متكرِّرة، حتى تصبح فارغًا. وأردف قائلًا: تبدأ برفضها، ثم تقبلها، ثم تبرِّر لنفسك مشاهدتها، ثم لا ترى أنها حرام أو خطأ! مشاهدة الإباحية.. ليست إثمًا فحسب؛ بل هي اختبار لصدق إيمانك، وخوفك من الله.. اختبار يظهر إيمانك الحقيقي عندما تغفل عنك عيون الخلق، وتتوارى تحت جنح الخلوات. {أَلَمْ يَعْلَم بِأَنَّ اللَّهَ يَرَىٰ} [العلق: 14] هي آية واحدة، لكنَّها كافية.. كافية ليرتجفَ قلبك، إذا أغلقت الأبواب، وظننت أن لا أحد يراك.. تمعَّن في قول سيدنا رسول الله ﷺ: «العَيْنُ زِناها النَّظَرُ» [متفق عليه] وأكمل المنشور: على الإنسان أن يقول لنفسه دائما.. أنا لا أزعم النقاء أو الطهارة، ولا أدَّعي القوة، ولكن قلبي يخافك ويحبك ويخشاك، فاللهم بغِّض إليَّ هذا الإثم، واقطع عني سُبُله، وسدَّ عني أبوابه، وأبدلني خيرًا منه، واعلم أنَّك لست بلا حيلة وهذا بعض ما يُعينك: 1- إن لم تشغل نفسَك بالحق شغلتك بالباطل. املأ وقتك بشيء نافع تُحبُّه. فوقت تسلل المعصية إليك.. هو وقت فراغك. 2- احذف التطبيقات، واقطع الطرق المؤدية، قبل أن تقع في الهاوية. 3- آنس وحدتك. الجلوس الطويل دون أنيس صالح كصديق أو كتاب.. باب واسع للزَّلَل، فلا تترك نفسَك في مهبِّ الشهوة. 4- غيِّر مكانك إذا شعرت بالضعف، وانتقل لنشاط ذهني أو بدني، فأحيانًا النجاة في مجرد حركة. قال ﷺ: "احِفظِ الله يحفظْكَ..." وأنت… لا تحفظ نظرَك، ولا وقتَك، ولا حياءَك، ولا خلواتك. ثم تسأل: لماذا لست محفوظًا من القلق، والفراغ، والضياع؟ قال تعالى: {يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ} [النساء: 108] غريبٌ هو الإنسان! إذا كنت تستحيي من مخلوق لا يراك! فكيف لا تستحيي من خالقٍ لا تغيب عنه طرفة عين؟! اللهم هب شباب المسلمين حياءً لا يبهت، وخشية تقف بينهم وبين المعصية، وارزقهم قلوبًا إذا اختلت.. خافت. وإذا اجترأت.. ثابت. وإذا ضَعُفت.. آبت. وإذا أذنبت.. تابت وعادَت. اللهم يسِّر لهم سُبُل العفاف والزواج، واكفهم بحلالِكَ عن حرامك، وأغنهم بفضلك عمَّا سواك.