
خبير عسكري: الاحتلال يعمل على تقطيع أوصال غزة ولا خيار للمقاومة سوى الصمود
قال الخبير العسكري والإستراتيجي العقيد حاتم كريم الفلاحي إن الجيش الإسرائيلي يقوم بمناورة واسعة بمحاور متعددة بهدف الضغط على المقاومة من جميع الاتجاهات، وإن خطته العسكرية ترتكز على تهجير سكان قطاع غزة من مناطق شمال ووسط القطاع، لكن المقاومة ليس لديها خيارات أخرى سوى الاستمرار في الصمود.
وأشار إلى أن مناطق الشمال والوسط لا تزال تتعرض لقصف إسرائيلي شديد جوا وبرا لدفع الناس باتجاه منطقة خانس يونس وصولا إلى رفح جنوبي القطاع، وبعدها تقدم لهم خيارات منها الهجرة إلى خارج غزة، بحسب ما تقضي الخطة الإسرائيلية.
ويحاول جيش الاحتلال الإسرائيلي في هذه المرحلة تقطيع أوصال القطاع الفلسطيني إلى مناطق متعددة، لأنه يرى أن هذه الإستراتيجية ستضعف المقاومة الفلسطينية وتسهل عليه السيطرة على مساحات أكثر، حيث يسعى إلى دخول المناطق تدريجيا من أجل الاستيلاء عليها وإخلاء سكانها.
وأشار إلى أن القوات الإسرائيلية تتوزع بين قوات مقاتلة وأخرى مهمتها إحكام السيطرة على المناطق التي يتم الاستيلاء عليها، وأن القوات المستخدمة في التعزيز ومسك الأرض هي الفرق النظامية والقتالية، ممثلة في الفرق 163 و36 و98 و143 التي تعد فرقا مناطقية، بالإضافة إلى فرقة احتياط.
وكانت هيئة البث الإسرائيلية قالت إن الجيش أدخل كل ألوية المشاة والمدرعات النظامية إلى قطاع غزة لتنفيذ عملية " عربات جدعون"، وقالت إن فرقة المظليين كانت آخر ما دخل القطاع.
وعن التحديات التي يواجهها جيش الاحتلال في هذه المرحلة، أوضح العقيد الفلاحي -في تحليله للمشهد العسكري في غزة- أن هذا الجيش أُنهك بشكل كبير جدا وأحبطت معنويات جنوده نتيجة طول قتاله المقاومة الفلسطينية، وقال إن حديثه عن عملية متدرجة يعني حرق الأرض في قطاع غزة من أجل تقليل نسبة الخسائر في صفوف جنوده.
كما يعاني الجيش الإسرائيلي -يتابع العقيد الفلاحي- من نقص شديد في القوة القتالية بسبب الخسائر التي تكبدها وحصول شبه تمرد وانقسامات داخلية، بالإضافة إلى أن العملية العسكرية الحالية في القطاع تتعرض لانتقادات داخلية شديدة.
صمود
والعامل الآخر أن المقاومة الفلسطينية ليس لديها خيارات الآن سوى أن تصمد في مواجهتها مع الاحتلال وتكثيف عملياتها لإلحاق المزيد من الخسائر بجيش الاحتلال، مشيرا إلى أن المعركة بين المقاومة وجيش الاحتلال تشهد ضراوة كبيرة.
وفي سياق هذا السياق، كشفت كتائب عز الدين القسام -الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)- عن تنفيذ عملية مزدوجة استهدفت قوة من جيش الاحتلال الإسرائيلي كانت تتحصن داخل منزل في بلدة القرارة شرق مدينة خان يونس.
وأوضحت الكتائب في بيانها أن العملية نفذت صباح يوم الثلاثاء الموافق 20 مايو/أيار الجاري، مشيرة إلى أنها "تأتي في إطار الرد على جرائم الاحتلال واستمرارا لمسيرة المقاومة".
ومن جهة أخرى، لفت الخبير العسكري والإستراتيجي إلى أن الجيش الإسرائيلي يواجه مشكلة حقيقية تتعلق بالنازحين الفلسطينيين الذين يرفضون تنفيذ ما تسمى أوامر الإخلاء، لكن هذا الجيش -يضيف المتحدث- يرتكب المجازر والتجويع ويستخدم أساليب دنيئة جدا لتحقيق أهدافه.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
جماعات الهيكل تكثف دعواتها لاقتحام الأقصى غدا والشرطة تَعد بجعلها تجربة ممتعة
على بُعد ساعات من انطلاق الاقتحام الجماعي للمسجد الأقصى بمناسبة يوم " توحيد القدس"، لا تزال صفحات جماعات الهيكل المتطرفة ونشطائها تعجّ بالدعوات التي تحث من خلالها المستوطنين على اقتحام المسجد والتلويح بالأعلام الإسرائيلية في ساحاته. ونشرت صفحة منظمة "بيدينو" المتطرفة اليوم تصميما يتضمن صورة قبة الصخرة الذهبية وأمامها علم إسرائيلي كبير وأعلام صغيرة، وكتبت "في يوم تحرير القدس نصعد ونلوح بالعلم في جبل الهيكل"، وأوردت المنظمة في التصميم الأوقات المخصصة لاقتحامات المستوطنين صباحا وبعد الظهر. وتفاخرت المنظمة على صفحتها بموقع فيسبوك بنشر صحيفة "المصدر الأول" الإسرائيلية هذا التصميم على إحدى صفحاتها وكتبت "نراكم غدا مع أعلام إسرائيل على جبل الهيكل". كما نشرت مقطع فيديو من اقتحامات المسجد الأقصى اليوم الأحد، ويَظهر فيه عدد من المقتحمين من فئة الشباب وهم يغنون في طريق خروجهم من المسجد قرب باب السلسلة، وكتبت في تعليقها على هذا المقطع "الصعود والغناء هذا الصباح على جبل الهيكل، الاستعداد لليوم الكبير غدا، يوم القدس! الصلاة من أجل تحرير جبل الهيكل كاملا". الصلاة اليهودية في الأقصى ونشر أحد أبرز نشطاء جماعات الهيكل أساف فريد تصميما يضم صورَ وأسماء 12 حاخاما سيقتحمون الأقصى غدا الاثنين، وأورد الساعات التي سيكون فيها هؤلاء الحاخامات بانتظار المقتحمين، وجاء في التصميم أن صلاة الصباح (شَحَريت) ستقام في فترة الاقتحامات الصباحية، وصلاة بعد الظهر (مِنحاه) ستقام خلال الاقتحامات المسائية، وهما من صلوات اليهود المفروضة في اليوم والليلة. ويأتي تكثيف الحشد بعد يوم واحد على نشر اتحاد منظمات الهيكل مقطعا دعائيا، دعت فيه جمهور تيار الصهيونية الدينية إلى اقتحام الأقصى بكثافة يوم غد الاثنين. وشارك في إطلاق نداء الاقتحام الجماعي 13 حاخاما يشكلون قيادة أبرز مدارس الصهيونية الدينية وأبرز مستوطناتها في الضفة الغربية والقدس. ووفقا للباحث في شؤون القدس زياد ابحيص فإنه لم يسبق لجماعات الهيكل المتطرفة أن نشرت مثل هذا النوع من التحريض المصور، إذ كانت اقتحامات رمضان تأتي بعد عقد "قمة روحية" لهؤلاء الحاخامات في المسجد الأقصى المبارك لتشجيع أتباعهم، إلا أنها بهذا الإنتاج والتوزيع المسبق تسعى كما يبدو إلى "تحفيز مجموعات جديدة من اليمين وأتباع الصهيونية الدينية للانضمام إلى جمهور المقتحمين للأقصى، وفرض حجم وشكل أكبر من العدوان على الأقصى". الشرطة في خدمة المستوطنين بدورها أطلقت "مدرسة جبل الهيكل الدينية" دعوة عامة لأداء الطقوس التوراتية العلنية داخل الأقصى يوم غد، وأكدت الدعوة على إقامة "صلاة المساء" التوراتية بشكل جماعي في الأقصى، بقيادة حاخام هذه المدرسة "إليشع وولفسون". ونشرت وحدة شرطة "دڤيد" -التي تتخذ من مركز القِشلة في البلدة القديمة مقرا لها والمسؤولة عن منطقة البلدة القديمة، بما فيها المسجد الأقصى- ترتيباتها المتعلقة باقتحامات المسجد في "يوم القدس". وجاء أنه في إطار استعداداتها لهذه المناسبة سيتم تجهيز المنطقة "بقوات معززة للحفاظ على النظام العام"، وأن الشرطة تستعد لإدخال مجموعة من المقتحمين كل 10 دقائق، أي أن 6 مجموعات من المستوطنين ستقتحم الساحات في الساعة الواحدة، وأشارت الشرطة إلى أن هذا الترتيب سيخضع لحركة المجموعات داخل المسجد. ودعت الشرطة المقتحمين للالتزام بتعليماتها فيما يتعلق بأوقات وأماكن "الزيارة" وذلك للسماح للجميع "بالصعود بشكل مريح وآمن، ولجعل تجربة الزيارة ممتعة يجب اتباع تعليمات وإرشادات الشرطة". يذكر أن الإسرائيليين يحتفلون غدا الاثنين الموافق 28 من الشهر الثامن وفق التقويم العبري، بما يعرف "بيوم توحيد القدس"، الذي سيطرت فيه إسرائيل على القدس واحتلت الجزء الشرقي منها أثناء حرب يونيو/حزيران 1967 المعروفة في العالم العربي "بالنكسة".


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
ما دلالات تزايد كمائن المقاومة قرب المنطقة العازلة بغزة؟
قال الخبير العسكري العميد إلياس حنا إن نصب فصائل المقاومة كمائن ناجحة ضد جيش الاحتلال الإسرائيلي وآلياته قرب السياج الفاصل والمنطقة العازلة في قطاع غزة يؤكد جاهزيتها ويدحض مزاعم إسرائيل بالقضاء عليها. وجاء حديث حنا للجزيرة تعليقا على مشاهد بثتها سرايا القدس -الجناح العسكري ل حركة الجهاد الإسلامي – توثق كمينا هندسيا استهدف آليات الاحتلال المتوغلة في حي الشجاعية شرقي مدينة غزة بتفجير متزامن لقنبلة من مخلفات الاحتلال وعبوة ناسفة من نوع "ثاقب". وبشأن هذه المشاهد، أعرب الخبير العسكري عن قناعته بأن هذا الكمين قرب المنطقة العازلة يأتي ردا على تصريحات مسؤول عسكري إسرائيلي تباهى فيها بتدمير قرابة ألف منزل فلسطيني، مشيرا إلى أنه لم يعد هناك منازل تطل على موقع ناحل عوز العسكري. وشدد حنا على أن الموضوع لم ينتهِ، إذ تعد طريقة القتال وخصائصها مختلفة، و"لم نشهدها في تاريخ الحروب العسكرية". واضطر جيش الاحتلال لاستعمال ذخيرة تعود إلى الخمسينيات والتسعينيات من القرن الماضي، وفق الخبير العسكري، الذي قدّر وجود 10% من مخلفات الاحتلال لم تنفجر بعد. وبناء على ذلك، فإن هذه المخلفات تأتي إلى المقاومة بدلا أن تصنعها، وتعيد طريقة التعامل معها واستغلالها بأفضل شكل ممكن. وأشار إلى نشاط 5 فرق عسكرية إسرائيلية في قطاع غزة 3 منها تقاتل فعليا، وهي: 36، 98، 162، مؤكدا أن المعارك -حسب بيانات المقاومة- تقع في المنطقة الأمنية العازلة أو محيطها أو بالقرب منها. وأمس السبت، ذكرت هيئة البث الإسرائيلية (رسمية) أن الجيش أدخل جميع ألوية المشاة والمدرعات النظامية إلى قطاع غزة. معارك خان يونس واليوم الأحد، أعلنت كتائب القسام ، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، عن تنفيذ عملية مزدوجة استهدفت قوة من جيش الاحتلال كانت تتحصن داخل منزل في بلدة القرارة شرقي مدينة خان يونس جنوبي القطاع. وتضمنت العملية تفجير المنزل بعدد من العبوات الناسفة الشديدة الانفجار، مما أدى إلى انهياره وسقوط عدد من الجنود الإسرائيليين بين قتيل وجريح. وكما فجر مقاتلو القسام -وفق البيان- عين نفق في مجموعة من الجنود الذين وصلوا إلى المكان، وجرى اشتباك مباشر معهم باستخدام الأسلحة الخفيفة. وبشأن المعارك في هذه المنطقة، قال الخبير العسكري إن لواء خان يونس في كتائب القسام لا يزال يقاتل ويعتبر مركز ثقل أساسيا، في حين تسعى إسرائيل لتأمين المنطقة بين محوري موراغ و فيلادلفيا باعتبارها عنوان المرحلة المقبلة. ووفق حنا، فإن جيش الاحتلال يريد السيطرة على هذه المنطقة وتهجير الغزيين إليها تحت ذريعة توزيع المساعدات الإنسانية. بدوره، قال رئيس أركان جيش الاحتلال إيال زامير اليوم الأحد إن حرب غزة طويلة ومتعددة الجبهات، وتعهد بـ"حسم المعركة مع لواء خان يونس كما فعلنا في رفح". وفي هذا الإطار، قال حنا إن زامير اقترح على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الدخول إلى قطاع غزة عبر عملية " عربات غدعون"، ويرتكز في ذلك على الدبابات والآليات العسكرية ضمن فترة تقدر بـ3 أشهر. وعقب ذلك، فإن جيش الاحتلال يحتاج 9 أشهر لتنظيف المنطقة وتنفيذ ما قرره نتنياهو قبل أيام بضرورة أن تكون غزة خالية من السلاح، وخروج قيادات المقاومة منها، وتدمير البنية التحتية العسكرية. ديفيد زيني ، خلافا لزامير الذي قال إن "هذه الحرب ليست بلا نهاية، وسنعمل على تقصيرها".


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
أطفال غزة في مواجهة آلة الموت
نهاية ديسمبر/ كانون الأول من العام 2023، أبادت الطائرات الحربية لـ"إسرائيل" مربعًا سكنيًّا في النصيرات، واستُشهد عشرات الفلسطينيين، ومن ضمنهم والد ووالدة وأخو الطفلة ذات السنوات الست، دانا سمور، وقدّر الله لها أن تحيا رغم أن قوة الانفجار قد ألقتها من علو، وسقطت في طرف آخر من المبنى. أكثر من 17 ألف طفل ارتقوا شهداء منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2023، تُكتب أسماؤهم بأحرف دامية في سجلات الأمم المتحدة، بينما تقرؤها أمهاتهم على شواهد القبور عقب التهدئة الأخيرة عادت دانا رفقة جدتها وأقاربها إلى مدينة غزة، ثم مع اشتداد القصف والتهديدات المتصاعدة ارتأت الجدة اصطحاب أحفادها إلى المنطقة الوسطى، إلا أن غارة إسرائيلية عاجلتهم في المنطقة الوسطى لتقتل الجدة وأربعة من أحفادها، وتُبقي دانا تُصارع الموت في العناية المركزة. حال دانا كحال جميع أطفال غزة؛ ففي غزة لا يولد الطفل ليعيش، بل يولد في طابور الانتظار على أبواب الشهادة.. بين أول صرخة وأول قذيفة، لا وقت للطفولة، ولا متّسع للأحلام. وفي هذا المكان المُتخلّى عنه عمدًا، تجتمع كل عناصر الجريمة: الحصار، والقصف، والجوع، والخذلان.. جريمة لا تكتفي بقتل الأجساد، بل تُمعن في اغتيال البراءة، وتدمير البنى النفسية والإنسانية لأجيال لم تُعطَ حتى فرصة البكاء. أكثر من 17 ألف طفل ارتقوا شهداء منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2023، تُكتب أسماؤهم بأحرف دامية في سجلات الأمم المتحدة، بينما تقرؤها أمهاتهم على شواهد القبور.. ماتوا في أحضان أمهاتهم، تحت أنقاض مدارسهم، وفي مستشفيات بلا دواء. أما من بقي حيًّا، فهو على قوائم الموت القادم مع حمم الطائرات الإسرائيلية: 4 آلاف رضيع يواجهون خطر الموت جوعًا، بلا حليب، بلا ماء، بلا أفق. هذه ليست مجرد أرقام، بل هي أجساد غضّة تُحمَل كل صباح على أكتاف صغيرة، لتُدفن على عجل قبل أن تأكلها الكلاب الضالة والقطط الجائعة.. نصّت المادة (24) من اتفاقية حقوق الطفل (1989) على "حق الطفل في التمتع بأعلى مستوى من الصحة"، والمادة (6) على "حقه الأصيل في الحياة"، بينما أكدت اتفاقية جنيف الرابعة (1949) على حماية الأطفال خلال النزاعات المسلحة.. لكن في غزة، تُنتهك هذه المواد ليس بالخطأ، بل عن عَمد وإصرار، ورغبة في محو جيل والقضاء على عرف. الحصار يُستخدم كسلاح إبادة، والمساعدات تُعاق، والمستشفيات تُقصف، والمدارس تُستهدف.. والنتيجة: جريمة موصوفة بكل المعايير القانونية، مكتملة الأركان، تحت سمع وبصر العالم! أين المحكمة الجنائية الدولية؟ أين مجلس الأمن؟ أين الشعارات التي وُلدت من رحم الإنسانية؟ كلها تقف عاجزة أمام آلة القتل والدمار الإسرائيلية، دون إرادة حقيقية لوقف المجازر اليومية. معابر غزة تحولت من بوابات الحياة إلى مشانق جماعية؛ فالمعبر ليس مجرد حاجز حدودي، بل هو رمز للخذلان المتكرر؛ يُفتح ويُغلَق وفق المزاج، لا وفق صراخ الأطفال. وفي ظل التجاذبات الدولية والإقليمية، يُترك 2.2 مليون إنسان -أكثر من نصفهم أطفال- محاصرين خلف جدار الموت. المواد الإغاثية ممنوعة، الوقود نادر، والدخول مشروط بالتواطؤ.. كل هذا يحدث بينما تشير المادة (55) من اتفاقيات جنيف إلى التزام القوة المحتلة بضمان الغذاء والدواء للسكان.. لكن غزة ليست بندًا قانونيًّا فقط، بل هي سؤال أخلاقي يتردد صداه في ضمير الإنسانية: كيف تُجوَّع الطفولة أمام الكاميرات؟ لقد سقطت الإنسانية والعدالة الدولية في امتحان غزة؛ فالتجويع في غزة ليس نتيجة نقص الموارد، بل نتيجة تعمد منعها! صور الأطفال الذين يُغسَلون بالماء المالح، والرُضّع الذين تُخفّف لهم الأمهات الحليب بالماء، والأطفال الذين يموتون في الحضانات بسبب انقطاع الكهرباء، ليست مشاهد عابرة، بل شواهد على جريمة إبادة بطيئة. وفق المادتين (7) و(8) من نظام روما الأساسي: التجويع المتعمد للسكان المدنيين، وحرمانهم من الوصول إلى الغذاء والدواء، يُعد جريمة ضد الإنسانية وجريمة حرب.. فكم جريمة يجب أن تُرتكب، قبل أن يتحرك المدّعون الدوليون؟ إعلان العالم لا يجهل ما يحدث، بل يراه، ويُشاهده، ويقرؤه.. ويختار الصمت! هذا الصمت ليس نابعًا من العجز، بل من التواطؤ.. إنه خيانة مكتملة، تُرتكب بربطة عنق، وبيان صحفي، ومصافحة على هامش مؤتمر. العواصم تُضاء بألوان قوس قزح، والشوارع تمتلئ بزينة الأعياد، بينما أطفال غزة يُدفنون في أكياس بلاستيكية، بلا كفن، بلا نعش، بلا وداع. أطفال غزة لا يريدون شفقة، بل عدالة.. لا يحتاجون بيانات، بل مواقف.. لا ينتظرون مساعدات مؤقتة، بل رفع الحصار الكامل، والمحاسبة، والإنصاف ما يجري اليوم في غزة ليس عدوانًا فقط، بل هو مشروع ممنهج لتحطيم المجتمع من جذوره، عبر قتل روحه: أطفاله. لن يغفر التاريخ لأولئك الذين صمتوا، ولعلّ أولئك الذين ينامون على وسائد ناعمة، يتذكرون أن في غزة طفلًا جائعًا يبكي دون أن يسمعه أحد، وأن هناك أمًّا تُرضع الخوف، وأبًا يكتب اسم ابنه على صخرة بدل شهادة ميلاد. لقد تم توثيق الجريمة، وتم تحديد الضحية، وتم التعرف على الجلاد. وما تبقى من هذا العالم، إن لم يتحرك الآن، فإن صمته سيكون بحجم الجريمة نفسها. أطفال غزة لا يريدون شفقة، بل عدالة.. لا يحتاجون بيانات، بل مواقف.. لا ينتظرون مساعدات مؤقتة، بل رفع الحصار الكامل، والمحاسبة، والإنصاف. وإلى أن يحدث ذلك، سيظل الطفل الغزّي، بابتسامته الضعيفة، ودموع أمه، وسجادة الصلاة تحت ركام المنزل، هو المُرافِع الأصدق أمام محكمة التاريخ.