
"مكافأة لحماس" أم "خطوة في الوقت المناسب"، نقاشات الدولة الفلسطينية في الصحف البريطانية والأمريكية
وأثار هذا الإعلان تفاوتاً كبيراً في آراء الكتّاب والمحللين في الصحف البريطانية والأمريكية، بين من يراه "مكافأة للإرهاب"، وآخر يراه خطوة صحيحة للعدول عن مسار "ينهي حلّ الدولتين".
ونقدم في عرض صحف مقالات من صحف بريطانية وأمريكية تعكس هذا التفاوت في الآراء.
انتقدت افتتاحية صحيفة الوول ستريت جورنال إعلان رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، بشأن الاعتراف بدولة فلسطينية، ووصفته بأنه يمنح حماس "نصراً رمزياً".
وتقول الصحيفة إن إعلان ستارمر يعني انضمام المملكة المتحدة لفرنسا في العزم على الاعتراف بدولة فلسطينية في سبتمبر/أيلول المقبل، لكن مع "فارق طفيف" يتمثل في أن ستارمر ربط هذا الاعتراف بعدم اتخاذ الحكومة الإسرائيلية "خطوات جوهرية" في غزة تتمثل بوقف إطلاق النار وإحياء آفاق حلّ الدولتين.
وترى الصحيفة أن صياغة الإعلان تمثل "تهديداً" لإسرائيل، وأن هذا التهديد يكشف عن أن الاعتراف بدولة فلسطينية، هو في جوهره "خطوة عقابية لإسرائيل"، ولكنها ترى في المقابل، أن صيغة ذلك الإعلان تجعل من الجليّ أن "زرع دولة معادية في قلب إسرائيل" ليس هبة سيشعر الإسرائيليون بالامتنان لها، كما كانت ترى باريس ولندن، على حدّ تعبير الصحيفة.
تشير وول ستريت جورنال إلى أن مطالبة إسرائيل بقبول وقف إطلاق النار في غزة، هو أمر لافت للنظر، فـ "إسرائيل وافقت على وقف إطلاق النار مراراً وتكراراً، وحماس هي من كانت تُفسد المحادثات". وإعلان ستارمر الأخير، سيعطي حماس سبباً لتستمر في رفض وقف إطلاق النار، طمعاً في الحصول على "المكافأة"، في إشارة إلى الاعتراف بدولة فلسطينية بحسب الصحيفة.
وتذكر الصحيفة مطالب ستارمر من حركة حماس، التي شملت الإفراج الفوري عن الرهائن، والموافقة على وقف إطلاق النار، والالتزام بنزع سلاحها، لكنها تشير إلى أن موقف رئيس الحكومة البريطانية كان "غامضاً" بشأن ما إذا كان عدم التزام حماس بهذه المطالب سيعيق الاعتراف بدولة فلسطينية، على "عكس وضوح موقفه مع إسرائيل"، كما أن ستارمر "لم يكلّف نفسه عناء" وضع شروط للسلطة الفلسطينية، التي تصفها الصحيفة بـ "راعية الإرهاب".
وتقدّم الصحيفة تفسيراً آخر لخطوة ستارمر يتعلّق بالسياسة الداخلية البريطانية، وذلك على خلفية إعلان رئيس حزب العمّال السابق، جيريمي كوربن، والنائبة زرار سلطانة، تشكيل حزب جديد، وهو أمر قد يشكل "تهديداً لحزب العمّال" في الدوائر الانتخابية ذات الأغلبية المسلمة، التي قد يحصد أصواتها حزب كوربن الجديد.
الوقت "المناسب تماماً"
على النقيض، يرى وزير الدولة البريطاني السابق لشؤون الشرق الأوسط، والسياسي من حزب المحافظين، توبياس إلوود، أن الوقت الحالي هو "المناسب تماماً" للاعتراف بدولة فلسطينية، بل ويجادل في مقال كتبه بصحيفة الإندبندنت أن هذه الخطوة ستساهم في "عزل حماس" وتمهيد الطريق أمام السلام.
يبدأ إلوود مقاله بوصف "الأوضاع المأساوية" في قطاع غزة، قائلاً إن العالم أصبح غير مبالٍ "بشكل خطير" بالخسائر اليومية في الأرواح بالقطاع، وأصبح يبدو كما لو أنه "عاجز عن التدخل"، لكنه يشير إلى تصريح للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، "أقرّ فيه بحدوث مجاعة حقيقية" في قطاع غزة، وهو تصريح يمثّل، برأيه، نقطة تحوّل محتملة.
يرى إلوود أن لكل دولة الحق في الدفاع عن نفسها، لكن حق إسرائيل في هزيمة حماس لا يمكن أن "يبرر حجم المعاناة في غزة"، إذ يقع على عاتق الدول "مسؤولية استخدام القوة بحكمة". ومع إقراره بضرورة مواجهة حماس، إلا أن إلوود يرى أن هناك "غياباً" لاستراتيجية واضحة لتحويل مكاسب المعركة في غزة إلى سلام دائم، أو لـ "فصل حماس عن بقية الشعب الفلسطيني".
ويذهب إلوود إلى حدّ القول إن نتنياهو "لا يقدّم أي حل نهائي، أو خطة لحكم غزة بعد الحرب، أو خارطة طريق نحو حل الدولتين"، وإن أفعاله توحي باتباعه "استراتيجية صراع أبدي".
يضيف إلوود بأن قرارات نتنياهو التكتيكية، التي "تفتقر إلى أي رؤية استراتيجية"، بدأت تُشكل اختباراً للدعم الأمريكي "المفهوم وغير المشروط" لإسرائيل بعد هجوم حماس في 2023. كما أن حملة نتنياهو "المدمرة" على غزة واستمراره في "توسيع المستوطنات غير القانونية في الضفة الغربية" يُشيران إلى نيته "جعل حل الدولتين غير قابلٍ للتطبيق".
ويصف إلوود هذا المسار الذي "يهدد" بإغلاق نافذة حلّ الدولتين إلى الأبد بـ "المسار الخطير"، ويرى أن الوقت "مناسب تماماً" للاعتراف بدولة فلسطينية لتوجيه دفعة معاكسة لهذا المسار.
ويستذكر إلوود في هذا السياق حين ناقش مجلس العموم البريطاني سنة 2014 مسألة الاعتراف بدولة فلسطينية، ويذكر ما صرّح به كوزير أمام المجلس بأن بريطانيا لن تعترف بدولة فلسطينية إلا حين ترى أن هذه الخطوة ستدعم عملية السلام، وأن هذا الاعتراف يمثّل ورقة "لا تُلعب إلّا مرّة واحدة" ويجب استخدامها بحكمة.
ويجادل إلوود بأن الاعتراف بدولة فلسطينية قد يسهم في زحزحة التركيز العالمي، و"عزل حماس سياسياً"، و"تقويض مبررات إيران في تسليح وكلائها في المنطقة"، مشدداً على أن "انتظار اللحظة المثالية" للاعتراف بالدولة الفلسطينية لا يشكّل استراتيجية، خاصة في ظل الوضع الراهن، الذي لن يسهم إلّا في "ترسيخ التمرّد"، و"ترك إسرائيل في حالة توتر دائم مع جيرانها".
ويختم إلوود بالقول إن دعم ترامب لنتنياهو أصبح مشروطاً أكثر من أي وقت مضى، وأن هذا يجب أن "يُستغل لإعادة التركيز على تحقيق حلّ الدولتين"، ودون ذلك، "ستستمر المعاناة والتطرف والحرب التي لا تنتهي".
كاتب إسرائيلي: نحتاج لفعل المزيد ضد إسرائيل، والتايمز تقول: هذا نصر لحماس
ولم يتوقف التفاوت في آراء الكتّاب بالصحف البريطانية بشأن السياسة التي ينبغي على المملكة المتحدة اتّباعها في التعامل مع تداعيات حرب غزة.
إذ انتقدت صحيفة التايمز في افتتاحيتها خطوة ستارمر، قائلةً إن رئيس الوزراء البريطاني التزم بمسار "لن يُخفف معاناة سكان غزة، ويُثير استياء أقارب ضحايا هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول، ويُقدم العون لحماس، ويُنفّر إسرائيل".
وترى الصحيفة أن جزءاً كبيراً من الدولة الفلسطينية المقترحة لا يزال تحت سيطرة "عصابة إرهابية"، وأن خطوة ستارمر الأخيرة ستمثل لحماس "نصراً في الوقت بدل الضائع".
تجادل الصحيفة بأن مسألة الاعتراف بأي دولة أو رفضها لا ينبغي أن تكون "ورقة مساومة في مفاوضات حول مسائل آنية مثل إطعام الجائعين، أو تأمين وقف إطلاق النار"، وأن الحكومة البريطانية وضعت نفسها في "موقف غريب"، وتتساءل: ماذا لو تحسنت الأوضاع في غزة؟ هل ستسحب بريطانيا فجأة اعترافها؟
ترد الصحيفة على الفكرة التي مفادها أن الاعتراف بدولة فلسطينية سينعش حلّ الدولتين، وتقول :"صحيح أن نتنياهو رفض إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة، وأن الوزراء المتطرفين في حكومته لا يريدون سوى تطهير غزة عرقياً وضمّها"، لكن إنشاء "دولة وهمية لا تتوافر فيها مقومات الدولة الفاعلة لن يحمي الفلسطينيين من هذا المصير"، كما أن الاعتراف بدولة فلسطينية بهذا التوقيت، حيث لا تزال حماس "على قيد الحياة"، وتحتجز الأبرياء كرهائن، سيؤدي إلى تعزيز الاعتقاد بأن "الإرهاب يجدي نفعاً"، على حدّ تعبيرها.
أما في صحيفة الغارديان، فقد كتب يائير والاش، الذي يقول عن نفسه إنه نشأ في إسرائيل ويعيش في بريطانيا، مقالاً طالب فيه الحكومة البريطانية باتخاذ المزيد من الإجراءات ضد إسرائيل فيما يتعلق بحرب غزة.
يقول الكاتب إن أقوال وأفعال "حكومة اليمين المتطرف في إسرائيل"، جعلت غزة غير صالحة للسكن، وإن هناك خطة "كررها نتنياهو ووزراؤه بشأن التطهير العرقي أو الهجرة الطوعية" في غزة، مشيراً إلى أن الحكومة الإسرائيلية تريد "إبطاء" حملتها في القطاع، بفعل الضغوط الدولية الأخيرة، لكن هذه الحملة لن تتوقف إلا إذا أُجبرت الحكومة الإسرائيلية على ذلك بضغط دولي، وهو ضغط لم يكن كافياً، بحسب رأي الكاتب.
يعارض والاش الفكرة القائلة إن نتنياهو لا يصغي إلا لترامب، "وليس في جميع الأوقات"، في تلميح إلا أنه لا يوجد ما يمكن فعله بشأن إسرائيل سوى "التوسّل للرئيس الأمريكي".
ويرى والاش أن هذه الفكرة مردّها "سوء فهم عميق لإسرائيل"، وتقليل من شأن خيارات المملكة المتحدة، فصحيح أن نتنياهو "لن يستمع إلى بريطانيا"، إلا أن إسرائيل "ليست كوريا الشمالية"، إذ أن المجتمع الإسرائيلي يعتز بعلاقاته مع العالم، كما أن لدى إسرائيل والمملكة المتحدة روابط تشمل النظام المصرفي والتعاون الدفاعي والتجارة والسياحة والعلاقات الأكاديمية، وعليه، فإن الاستمرار في العمل مع إسرائيل "بشكل معتاد"، يعني أن الشركاء الدوليين يسمحون للحكومة الإسرائيلية بمواصلة ما يسميها الكاتب بـ "حملتها للإبادة الجماعية" دون أي عواقب تتجاوز "الإيماءات الرمزية".
ويشير والاش إلى دعوات أطلقها مجموعة من الإسرائيليين في المملكة المتحدة، طالبوا فيها ستارمر ووزير خارجيته ديفيد لامي بـ "فرض عقوبات واسعة النطاق على إسرائيل، وعدم الاكتفاء بفرض عقوبات على بعض الأفراد"، وتشمل هذه العقوبات "تعليق اتفاقية الشراكة والتجارة ووقف التعاون العسكري".
وبرأي الكاتب، فإن تعليق المملكة المتحدة للمعاملة التجارية التفضيلية لإسرائيل قد يدفع الاتحاد الأوروبي إلى نفس الاتجاه. إذ يُعد الاتحاد الأوروبي أكبر وجهة لصادرات إسرائيل، مشيراً إلى وجود "مقترحات لتعليق بنود في اتفاقية شراكة إسرائيل مع الاتحاد الأوروبي".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


القدس العربي
منذ 4 ساعات
- القدس العربي
واشنطن بوست: تسليح إسرائيل لأبناء عشائر في غزة يحمل مخاطر فقدان السيطرة عليها وعدم قبول المجتمع الفلسطيني لها
لندن- 'القدس العربي': نشرت صحيفة 'واشنطن بوست' تقريرًا أعدته كلير باركر وميريام بيرغر وسهام شملخ، قالت فيه إن دعم وتسليح إسرائيل لجماعات عشائرية في غزة، بزعم خلق معادل لحركة 'حماس'، يهدف – كما يقول النقاد – إلى تمزيق الوطنية الفلسطينية. وأشارت الصحيفة إلى اهتمام الإعلام الإسرائيلي بياسر أبو شباب، الذي يصف نفسه بأنه 'محرر إنساني'، فيما تزعم منظمات الإغاثة الإنسانية أنه يقف وراء النهب المنظّم لقوافل المساعدات التي دخلت قطاع غزة في الخريف الماضي. ولكن الإعلام الإسرائيلي يروج له على أنه البديل عن 'حماس'. وظهر أبو شباب في الأشهر الأخيرة في قلب جهود إسرائيل لتقوية العشائر الفلسطينية وتسليحها، والتي يرى النقاد أنها محاولة لتمزيق المجتمع الفلسطيني. وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في بداية حزيران/يونيو، إن إسرائيل تسلح أفراد العشائر، كثقل موازٍ لـ 'حماس'. وأضاف في مقطع فيديو نشر على منصة 'إكس': 'بناءً على نصيحة من مسؤولي الأمن، دعمنا العشائر في غزة التي تعارض 'حماس'. ما الخطأ في ذلك؟ إنه أمر جيد. إنه ينقذ أرواح الجنود' في الجيش الإسرائيلي، مع أنه لم يذكر اسم أبو شباب وجماعته المسلحة. رشيد الخالدي: إنها أقدم إستراتيجية استعمارية في التاريخ، وقد نجحت في زرع فوضى عارمة ونقلت الصحيفة عن زعيم الميليشيا الصغيرة قوله، في الشهر الماضي، إنه لم يتلقَ دعمًا من إسرائيل أو أسلحة منها. وقال إن هذه مزاعم نشرتها 'حماس' وإعلامها لتخويف الناس منه. وأضاف أن 'حماس' تريد أن تُظهر أن جماعته تنفذ أجندة خارجية. ورغم زعمه أنه يعمل في أرض فلسطينية حرة، فإن القاعدة التي يعمل منها في جنوب غزة خاضعة لسيطرة الجيش الإسرائيلي. وفي الأشهر الأخيرة، امتنعت القوات الإسرائيلية عن التدخل عندما قام أبو شباب ورجاله المسلحون ببنادق 'إيه كي–47' بدوريات في منطقة مهمة وأوقفوا مركبات الأمم المتحدة والصليب الأحمر عند نقاط تفتيش مؤقتة، وفقًا للعديد من عمال الإغاثة في غزة. وتقول الصحيفة إن جماعة أبو شباب هي واحدة من عدة جماعات تلوّح الآن بالسلاح علانية وتتحدى 'حماس'، في ظل الفراغ الأمني الذي خلفه استهداف إسرائيل لشرطة 'حماس' ومؤسسات أخرى في غزة، حسبما نقلت الصحيفة عن محللين وعمال إغاثة ومقابلات مع أعضاء الجماعات المسلحة. ويقول المحللون والمؤرخون إن دعم العشائر هو جزء من نهج إسرائيلي قديم، فقد قدمت في عدة مراحل من تاريخها الأسلحة والمال وغيرها من أشكال الدعم للجماعات المحلية لتقسيم الفلسطينيين وتقويض تطلعاتهم الوطنية. ونقلت الصحيفة عن رشيد الخالدي، أستاذ كرسي إدوارد سعيد الفخري للدراسات العربية الحديثة بجامعة كولومبيا: 'إنها أقدم إستراتيجية استعمارية في التاريخ'، وقد تعلمتها إسرائيل من البريطانيين. وأضاف أن المبادرة الأخيرة نجحت في 'زرع فوضى عارمة'، ما قد يعقد الجهود المبذولة لتمركز السلطة الفلسطينية لحكم غزة. وقال إن إسرائيل تريد 'حالة من الفوضى، لأنه إذا كان الفلسطينيون موحدين، فقد يضطرون إلى التفاوض معهم أو التعامل معهم فعليًا'. بدأ نتنياهو في الحديث علنًا عن دعم العشائر الفلسطينية لتحل محل 'حماس' العام الماضي، قائلًا إن قادة الجيش الإسرائيلي عرضوا عليه هذا الاقتراح ووافق عليه. ويرى محللون أن دعم إسرائيل لأبو شباب ومنافسي 'حماس' الآخرين في غزة يعيد التذكير بجهودها السابقة لإنشاء 'روابط القرى' في الضفة الغربية لمواجهة منظمة التحرير الفلسطينية في سبعينيات وأوائل ثمانينيات القرن الماضي. ففي ذلك الحين، منحت إسرائيل أموالًا وامتيازات إدارية وحق حمل السلاح لممثلين مختارين من العشائر ورؤساء المجالس في قرى الضفة الغربية، في محاولة لإنشاء 'إقطاعيات' تحت السيطرة الإسرائيلية الشاملة وتقويض احتمال قيام دولة فلسطينية. وقد باءت تلك الجهود بالفشل، وحتى الآن، لم يحظَ اقتراح تمكين عشائر غزة بقبول واسع لدى السكان الفلسطينيين. وأشارت الصحيفة إلى أن أبو شباب، البالغ من العمر 35 عامًا، ينحدر من عشيرة الترابين الممتدة ما بين غزة وسيناء في مصر. ويقول محللون إسرائيليون وفلسطينيون إن أبو شباب كان متورطًا في تهريب المخدرات والأسلحة قبل الحرب، وأنه وبعض شركائه تعاملوا مع فرع تنظيم 'الدولة الإسلامية' في سيناء. بعد المقابلة مع صحيفة 'واشنطن بوست'، أُرسلت طلبات لأبو شباب للتعليق على هذه الادعاءات، لكنه لم يرد. واشتهر أبو شباب، في خريف 2024، بأنه قائد عصابة إجرامية نهبت شاحنات المساعدات، حسبما ذكرت الصحيفة في تشرين الثاني/نوفمبر. في ذلك الوقت، قال إنه كان مدفوعًا باليأس 'للأخذ من الشاحنات'، على الرغم من أنه نفى أن يكون رجاله قد هاجموا السائقين. وبمجرد ظهور أبو شباب على الساحة، أصبح في مرمى نيران 'حماس'. في أواخر الخريف، بدأ أعضاء قوة جديدة مرتبطة بـ 'حماس' تسمى وحدة 'السهم الثاقب' باستهداف أقاربه وشركائه، وفقًا لعمال الإغاثة والطاقم الطبي وحساب الوحدة على 'تليغرام'. وقال موظف في مشرحة المستشفى الأوروبي في غزة، حيث نُقلت جثته، إن الوحدة قتلت شقيق أبو شباب في كانون الأول/ديسمبر. وعندما دخل وقف إطلاق النار لمدة شهرين حيّز التنفيذ في كانون الثاني/يناير، وتمكنت قوات 'حماس' الأمنية من العمل دون خوف من الهجوم الإسرائيلي، قاموا بضرب ما يقرب من عشرين عضوًا من جماعة أبو شباب في موجة من الانتقام، وفقًا لمقاطع فيديو للعقوبات المنشورة على وسائل التواصل الاجتماعي وشاهد عيان. واختفى أبو شباب ورجاله إلى حد كبير حتى أواخر أيار/مايو، حيث استأنفت إسرائيل الحرب. أعادت مجموعته تسمية نفسها باسم 'القوات الشعبية'، وبدأ الأعضاء في تصوير أنفسهم على أنهم يريدون تحرير سكان غزة من حكم 'حماس' الإسلامي. واليوم، يحاول أبو شباب تقديم نفسه على أنه السلطة الفعلية في جنوبي غزة، حيث قام رجاله بإنشاء حواجز لتفتيش قوافل عمال الإغاثة الدوليين الداخلين إلى غزة، وفقًا لمقطع فيديو التقطته مجموعة أبو شباب، ونشرته صحيفة 'واشنطن بوست'، وأكده مسؤولون في الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر. وزعمت المجموعة أنها توفر الأمن لشاحنات المساعدات، وتقول وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى إنها لا تتعاون مع المجموعة. وقال مسؤول في الأمم المتحدة، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته: 'لديه ميليشيات مسلحة جاهزة للعمل، مدعومة بالكامل من إسرائيل'. وأعلن أبو شباب في بداية حزيران/يونيو أنه أنشأ منطقة محمية في الجزء الشرقي من مدينة رفح يمكن للمدنيين النازحين جراء الهجوم الإسرائيلي العودة إليها. وسرعان ما أطلق حملة تجنيد لتعيين موظفين في 'اللجان الإدارية والمجتمعية'. وزعم في تصريحات للصحيفة، الشهر الماضي، أن أكثر من 2,000 مدني يعيشون في منطقته، التي قال إنها تمتد لأكثر من ميلين بقليل على طول الحدود مع مصر. وقال لصحيفة 'واشنطن بوست': 'نسعى للحصول على دعم من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والدول العربية'. ولطالما لعبت العائلات المؤثرة دورًا في المجتمع الفلسطيني. ففي غزة، يتشكل المشهد من مزيج من شبكات العائلات الممتدة، المعروفة باسم 'الحمايل'، والقبائل البدوية. وعندما سيطرت 'حماس' على قطاع غزة عام 2007، سرعان ما استقطبت الحركة هذه العشائر وأخضعتها، حسب عزمي قيشاوي، الباحث في شؤون غزة لدى مجموعة الأزمات الدولية. أبو شباب: نسعى للحصول على دعم من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والدول العربية لكن الحرب في غزة، التي بدأت في تشرين الأول/أكتوبر 2023 ردًا على هجوم 'حماس' على جنوب إسرائيل، واستهداف قوى الشرطة وقوات الأمن الداخلي، التي كانت تُبقي الجهات المسلحة الأخرى في غزة تحت السيطرة. ويقول المحللون إن انهيار القانون والنظام قد صاحبه نزوح متكرر للمدنيين، وقيود على المساعدات الإنسانية التي تشتد الحاجة إليها، وهجمات على المؤسسات الحكومية. وقال محمد شحادة، الزميل الزائر في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية: 'النتيجة هي في الأساس انهيار مجتمعي'. بالإضافة إلى ميليشيا أبو شباب، ظهرت عشائر أخرى في خان يونس ودير البلح في هذا الفراغ، تحمل السلاح علانية وتهدد، أو تصطدم مباشرة، مع القوات التابعة لـ 'حماس'، وفقًا لمحللين وعمال إغاثة ومقابلات مع أعضاء من الجماعات المسلحة. ويرى محللون ومندوبون ورجال عشائر ورجال أعمال في غزة أن الكثير من الفلسطينيين ينظرون إلى أبو شباب باعتباره رجلًا خائنًا ولصًا، وقد شجبته بشدة مجموعة متنوعة من القبائل في غزة، بما فيها قبيلته. ونقلت عن عادل الترابين، أحد قيادات قبيلة الترابين: 'ياسر أبو شباب لا يمثلنا، إنه يمثل نفسه فقط'. فهو رجل مستهدف، غير قادر على الخروج من منطقته تحت الحماية العسكرية الإسرائيلية دون خوف من السجن أو الاغتيال على يد 'حماس' أو الوحدات التابعة لها. وقد أصدرت 'حماس' والجماعات المسلحة المتحالفة معها في غزة إشعارات مطلوبين لأبو شباب ورفاقه. ورفض أبو شباب أهمية هذه الإشعارات، قائلًا: 'نحن لا نعترف بالإرهابيين أو شرعيتهم'. ومع ذلك، حذر قادة في الأجهزة الأمنية الإسرائيلية من مخاطر دعم جماعات مسلحة مثل أبو شباب. وجادلوا بأنها لن تكون بديلًا عن السلطة الوطنية. وهناك احتمال فقدان إسرائيل السيطرة على هذه الجماعات، حسب ميخائيل ميلشتاين، المستشار السابق للشؤون الفلسطينية في الجيش الإسرائيلي. ويرى ميلشتاين أوجه تشابه مع تسليح الولايات المتحدة للمقاتلين في أفغانستان ضد النظام المتحالف مع الاتحاد السوفييتي في ثمانينيات القرن الماضي. وقد شكّل هؤلاء المقاتلون لاحقًا حركة طالبان.


القدس العربي
منذ 4 ساعات
- القدس العربي
المقاومة تتوعد بالتصعيد.. تدنيس بن غفير للأقصى يصب الزيت على النار
غزة- 'القدس العربي': حذّرت فصائل المقاومة الفلسطينية من خطورة اقتحام المستوطنين الإسرائيليين، بقيادة المتطرّف إيتمار بن غفير، باحات المسجد الأقصى، وقالت إن هذا السلوك، الذي وصفته بـ'الإجرامي'، يهدّد السلم والأمن الإقليمي والدولي. وقالت حركة 'حماس' في بيان إن ما شهدته باحات المسجد الأقصى المبارك من اقتحامات واسعة لقطعان المستوطنين، وفي مقدّمتهم الوزير الإرهابي المتطرّف بن غفير، وعضو كنيست الاحتلال المتطرّف عميت هاليفي، يمثّل 'جريمة متصاعدة بحقّ المسجد، وإمعانًا في العدوان الممتدّ على شعبنا الفلسطيني وأرضه ومقدّساته، واستفزازًا لمشاعر المسلمين في كل مكان، عبر تدنيس أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين'. وأكدت أن ذلك 'لن يُفلح في تهويده، أو فرض واقع جديد عليه والعبث في هويته العربية الإسلامية'، وأن العملية 'تصبّ الزيت على النار في المنطقة'، ودعت الأمة العربية والإسلامية، على كافة المستويات، للتحرّك الجاد لوقف هذه الانتهاكات الممنهجة ضد المسجد الأقصى، 'واتخاذ خطوات عاجلة تُجبر الاحتلال المجرم على وقف جريمة التهويد'، كما دعت المقاومة والشباب الثائر لعدم السماح بتمرير أيٍّ من مخططات الاحتلال الإجرامية تجاه القدس والمسجد الأقصى. من جهتها، أكدت حركة 'الجهاد الإسلامي' في فلسطين، أن 'التدنيس الخطير' الذي شهده المسجد الأقصى، وإقامة الصلوات التلمودية في باحات الحرم القدسي، يُمثّل 'إهانة لمشاعر المسلمين في أصقاع الأرض'، وحمّلت حكومة الاحتلال وشركاءها في الإدارة الأمريكية المسؤولية الكاملة عن تبعات هذه الانتهاكات، ونددت في ذات الوقت بـ'الصمت العربي ووقوف الأمة العربية والإسلامية متفرّجة على هذه الجرائم والمجازر'، ودعت إلى الوقوف صفًّا واحدًا لمواجهة هذه العربدة والبلطجة الإسرائيلية المغطاة والمدعومة بشكل كامل من الإدارة الأمريكية. وقالت 'الجبهة الشعبية' إن الاقتحام 'يسكب مزيدًا من النار على برميلٍ متفجّر'، وإنه يمثّل 'ترجمة واضحة لفكر عنصري فاشي يتبناه قادة هذا الكيان'، وأضافت متوعّدة: 'شعبنا لن يقف مكتوف الأيدي أمام هذه الجرائم'، ودعت جماهير الشعب الفلسطيني في القدس والضفة والداخل المحتل إلى تكثيف الاحتشاد في المسجد الأقصى، وتصعيد المواجهة المفتوحة مع الاحتلال ومستوطنيه، كما دعت إلى تحرك عربي ودولي لوقف هجمات الاحتلال. وقالت لجان المقاومة الشعبية في ردّها على الاقتحام: 'اللغة الوحيدة التي يفهمها هؤلاء هي لغة المقاومة، وإنّ الصمت على المجازر والإبادة في غزة بات يشجعهم على التمادي'، مؤكدة أن الاعتداءات على الأقصى 'ستشعل حربًا دينية، أول من يكتوي بنارها هم الصهاينة'، ودعت الأمة العربية والإسلامية إلى 'إعلان النفير العام'، كما دعت سكان الضفة والقدس والداخل المحتل إلى 'الانتفاض والثورة'.


العربي الجديد
منذ 6 ساعات
- العربي الجديد
جيش الاحتلال يوائم نفسه لاستمرار الحرب بإخراج ألويته لعطل شهرية
يدرك جيش الاحتلال الإسرائيلي ، وفقاً لما كشفته "القناة السابعة" الإسرائيلية، اليوم الأحد، أن الشعور بالتآكل والاستنزاف لا يقتصر على الجنود والضباط في قوات الاحتياط فحسب، بل أيضاً ينسحب على أقرانهم في صفوف الألوية النظامية التي تشارك بالحرب على قطاع غزة ، منذ 667 يوماً. وعلى خلفية ما تقدّم، يدفع رئيس الأركان، أيال زامير، خطة جديدة بحسبها ستخوض القوات جولات ثابتة من القتال والاستراحات، تقوم على ثلاثة أشهر قتالية، وبعدها شهر عطلة من أجل الراحة والانتعاش. بناءً على الخطة المقترحة، فإن كل لواء نظامي سيغادر ساحة القتال لمدة شهر كامل، يسمح خلاله للجنود بالخروج لعطل، والقيام بتدريبات، وتحسين اللياقة العملياتية، ومراجعة الإخفاقات بهدف التعلم منها وتحسين القتال. ولفت مسؤولون كبار في الجيش إلى أن الخطة تأتي انطلاقاً من الإدراك بأنه يستحيل مواصلة القتال بالوتيرة والكثافة الحاليّة، وبحسبه "هناك حدود للمدى الذي يمكن خلاله الضغط على المقاتلين"، ولفت إلى أنه في حال استمرار الحرب على مدى الشهور المقبلة، "ينبغي أن نستعد لما يتسق مع ذلك". وفي الإطار نفسه، ذكرت إذاعة جيش الاحتلال، أن هيئة الأركان العامة للأخير تفحص الخطة حالياً، لتُحدد إثر ذلك ما إذا بالإمكان إخراجها لحيّز التنفيذ أم لا، وفقط في حال لم يطلب المستوى السياسي من الجيش احتلال قطاع غزة بالكامل. وهو أمر "لا يفضله الجيش" وفقاً لمصادر عسكرية. أمّا الإمكانية التي يفضلها الجيش، وفقاً للإذاعة، فهي التوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الأسرى، حتى لو كلّف ذلك "تنازلات مهمة". وفي حال عدم التوصل إلى اتفاق يقترح الجيش على المستوى السياسي العمل بناءً على مخطط لمحاصرة مناطق تسيطر عليها حماس من أجل استنزاف مقاتليها. وخطة كهذه، كما يأمل الجيش، ستتيح تقليصاً تدريجياً لعدد القوات الميدانية إلى جانب تفعيل منظومة العطل دون الإضرار بالفعاليّة العملياتية. رصد التحديثات الحية "كمين خانيونس" يثير الغضب في إسرائيل: إهمال واستنزاف ومعدات قديمة أمهات الجنود تحتج: فلتخططوا لوقف الحرب وليس لاستمرارها وتعليقاً على ما تقدّم، أصدرت حركة "أم يقظة" بياناً قالت فيه إنه "حان الوقت للتخطيط لإنهاء الحرب وليس لاستمرارها". واعتبرت أن "السؤال المركزي الذي يجب أن يكون على جدول الأعمال ليس كيف ينبغي توزيع الجنود في أشهر القتال المقبلة، وإنما لماذا عموماً يخططون لاستمرار القتال لشهور إضافية؟". ولفتت إلى أنه "بعد 667 يوماً على اندلاع الحرب، حان الوقت للتخطيط لإنهائها وليس لمواصلتها". وأضافت الحركة التي تضم أمهات جنود إسرائيليين يشاركون في الحرب على غزة أنه "بدلاً من البحث عن طرق تفيد توزيع أعباء الحرب، حان الوقت للاعتراف بالواقع: المختطفون لن يُحرروا بالقوة العسكرية، وفقط سيطلق سراحهم من خلال صفقة. الحرب لا تجلب الأمن، وإنما مزيد من الاستنزاف فقط"، واعتبرت أن "جنودنا لا يحتاجون شهر عطلة بين جولات القتال، وإنما يحتاجون للعودة إلى بيوتهم بشكل نهائي. لقد حقق الجيش إنجازات مهمة، وحان الوقت لترجمة ذلك، في تحقيق أهداف الحرب من خلال الطرق المدنية والسياسية". إلى ذلك، رأت أمهات الجنود أن "كل خطة تقوم على استمرار الحرب في الشهور المقبلة هي خطة تضحي بالمزيد من الجنود والمختطفين من أجل أهداف لم تتحقق في 667 يوماً ولن تتحقق حتّى بعد مرور مثلها أيضاً". وأضافت أنه "حان الوقت لإنهاء الحرب وإعادة الجميع إلى بيوتهم، وليس لتخطيط كيفية توزيع الجنود على جولات القتال القادمة". تقارير عربية التحديثات الحية جيش الاحتلال الإسرائيلي يواجه "حرب استنزاف" في "وحل غزة" والثمن باهظ