
السوداني يطلق مبادرة لحماية نهرَي دجلة والفرات
دعا رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، الدول المتشاطئة على نهرَي دجلة والفرات (تركيا وسوريا والعراق) إلى تعزيز التعاون في مجال إدارة الموارد المائية، معلناً مبادرةً إقليميةً جديدةً لحماية النهرين، في حين يتحضر العراق لاستقبال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، مطلع الشهر المقبل.
وقال السوداني في كلمة أمام «مؤتمر بغداد الدولي الخامس للمياه»، الذي انعقد السبت، تحت شعار «المياه والتكنولوجيا... شراكة من أجل التنمية»: «إن المياه تُشكِّل عنصراً حيوياً للاستقرار الاقتصادي والاجتماعي والأمني في المنطقة». وأوضح أن «قضية المياه ليست مجرد ملف خدمي أو سياسي، بل تمتد إلى جميع جوانب الحياة»، مشيراً إلى خطوات عدة اتخذها العراق لتحسين إدارة الموارد المائية، مثل تبني أنظمة الري الحديث، ومعالجة مياه الصرف الصحي، ومواجهة تداعيات التغير المناخي. وبخصوص إجراءات حكومته حول ملف المياه، أوضح أن بغداد دأبت على تقديم حلول ضمن مبادئ القانون الدولي، والأعراف التي تجمع البلدان المتشاطئة على أحواض الأنهار، وضمن المصلحة المشتركة «بهدف ترسيخ الأمن المائي».
السوداني خلال مشاركته في «مؤتمر بغداد الدولي الخامس للمياه» السبت (شبكة الإعلام العراقي)
وكشف السوداني عن مبادرة إقليمية لحماية نهرَي دجلة والفرات، تحت شعار: «مياهنا... مستقبلُنا»، مبيناً أن «هذه المبادرة ستكون منصةً لفهم الأدوار والواجبات والمسؤوليات، ومعها ستعم المنفعة المشتركة والعوائد الواسعة، ومجالات التعاون المتاحة».
وحسب السوداني فإن «المبادرة تستند أولاً إلى مساحة الابتكار التقني، وتوظيف العلم والتكنولوجيا في مواجهة آثار المناخ وتقلباته السلبية». ولم يكشف عن مزيد من التفاصيل.
وسبق للبنك الدولي، أن عدّ أن غياب أي سياسات بشأن المياه قد يؤدي إلى فقدان العراق بحلول عام 2050 نسبة 20 في المائة من موارده المائية، بينما أعلن العراق، في وقت سابق، أن المشروعات المائية التركية أدت لتقليص حصته المائية بنسبة 80 في المائة، بينما تتهم أنقرة بغداد بهدر كميات كبيرة من المياه.
ويعدّ العراق، الغني بالموارد النفطية، من الدول الـ5 الأكثر عرضةً لتغير المناخ والتصحر في العالم، وفق الأمم المتحدّة، خصوصاً بسبب ازدياد الجفاف مع ارتفاع درجات الحرارة التي تتجاوز في مرحلة من فصل الصيف 50 درجة مئوية.
وأشار السوداني أيضاً إلى أن بلاده حقَّقت خطوات مهمة في مجال حماية المياه، ومكافحة التلوث، ووضعت معايير صارمة للحد من هذه المخاطر، والحفاظ على المياه الجوفية وعدم استنزافها، وتطوير برامج التوعية بهذه الخصوص. وشدَّد على أن بلاده مصممة على «تجاوز العقبات، نحو أمن مائي راسخ للعراق، وتطوير يجاري احتياجات المستقبل، ويراعي مصالح شعبنا، والانفتاح نحو مزيد من الشراكة والمصلحة».
من جانبه، حذَّر الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد، الذي شغل سابقاً منصب وزير الموارد المائية، من أن العراق من أكثر الدول تأثراً بالتغير المناخي، خصوصاً في قطاع المياه. وأكد مستشاره محمد أمين، في كلمة نيابةً عنه، أن «أزمة المياه في العراق ليست مؤقتة، بل تتطلب تنسيقاً عاجلاً بين جميع الجهات المعنية».
جانب من الحضور في «مؤتمر بغداد الدولي الخامس للمياه» السبت (شبكة الإعلام العراقي)
وشدَّد على أن موقع العراق، بوصفه دولة مصب، يجعل التعاون مع تركيا وإيران ضرورياً لضمان حصته المائية، داعياً إلى «اتفاقات واضحة» مع أنقرة لتنظيم تدفق مياه دجلة والفرات.
وفي تطور مهم، أعلن وزير الموارد المائية العراقي، عون ذياب، التوصُّل إلى اتفاق مع تركيا لإطلاق 500 متر مكعب في الثانية من مياه نهر الفرات يومياً. وأكد ذياب، خلال مؤتمر صحافي على هامش فعاليات المؤتمر، أن «لجاناً مشتركة مع إيران وتركيا تواصل العمل على تأمين حصص العراق المائية من كلا البلدين». وأضاف أن العراق مستمر في تنفيذ بنود الاتفاقية الإطارية مع تركيا، «ومن ضمنها قيام الجانب التركي بتنفيذ مشروعات البنى التحتية في قطاع الري، وضمان استمرار الإطلاقات المائية من الأراضي التركية».
عون ذياب وزير الموارد المائية العراقي خلال مؤتمر صحافي على هامش «مؤتمر بغداد الدولي للمياه» (شبكة الإعلام العراقي)
ودعا الوزير الدول المجاورة إلى «التعاون بروح الأخوة والمسؤولية»، مشيراً إلى أن التحديات المائية في العراق «معقدة ومتشابكة». وأكد أن الحل لا يكمن فقط في مواجهة شح المياه، بل أيضاً في تعزيز التعاون الإقليمي.
وشدَّد مستشار الرئيس العراقي على أن «موقع العراق، بوصفه دولة مصب في حوضَي دجلة والفرات، يمثل تحدياً كبيراً، خصوصاً أن منبعَي النهرَين يقعان خارج الحدود العراقية، (في كل من تركيا وإيران)، مما يستوجب الوصول إلى اتفاقات واضحة، لا سيما مع تركيا؛ لضمان حماية الحصة المائية للعراق».
وتابع قائلاً: «التفاهم مع الجانب التركي ضرورة قصوى لتأمين حصة العراق المائية، وتلبية احتياجات السكان، والتقليل من آثار شح المياه التي تعاني منها البلاد بشكل متزايد»، داعياً وزارة الموارد المائية إلى «تكثيف الجهود والعمل الجاد لرفع التجاوزات على الأنهار والمصادر المائية».
ولفت الوزير إلى أن التعاون الدولي في إدارة الأحواض المشتركة في المنطقة والعالم لم تعد خياراً، بل ضرورة حتمية، «ولهذا أدعو جيراننا المتشاطئين في حوضَي دجلة والفرات إلى العمل معنا بروح الأخوة والمسؤولية».
من جهته، أشاد رئيس اللجنة الدولية للري التابعة للأمم المتحدة، ماركو أرسيري، بالجهود العراقية التاريخية في إدارة المياه، معرباً عن استعداد المنظمة الدولية لدعم العراق في تطوير حلول تكنولوجية لضمان أمنه المائي والغذائي.
ويأتي «مؤتمر بغداد للمياه» قبل أيام من زيارة إردوغان المرتقبة إلى العراق، التي يُتوقَّع أن تشمل مباحثات حول التعاون في مجالات الطاقة والمياه والأمن. وتعدُّ قضية تقاسم الموارد المائية أحد الملفات الشائكة بين البلدين، خصوصاً في ظل الانخفاض الكبير في مناسيب نهرَي دجلة والفرات في السنوات الأخيرة؛ بسبب السدود التركية والإيرانية.
يُذكر أن السوداني زار تركيا مطلع الشهر الحالي، في خطوة تمهيدية لزيارة إردوغان، مما يبرز أهمية الملف المائي في أجندة العلاقات الثنائية بين البلدين.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


أرقام
منذ 2 ساعات
- أرقام
تبعات زيارة ترمب
الواضح ان زيارة الرئيس الامريكي بصحبة عدد كبير من اهم رجال المال و الاعمال عنوان لاهمية العلاقة الاقتصادية بين البلدين و نجاح مؤثر لسياسة ولي العهد التنموية. محاولات و نجاحات المملكة في التنمية لم تبدأ هذا الاسبوع و لكن زيارة ترمب و كلمته في مؤتمر الاستثمار لافته من عدة جوانب. كالكثير من المشاهدين للكلمة فرحت كثيرا لان التنمية تحتاج ركائز جيوسياسية و مداخل للاستثمار و المعرفة، و هذه تتوفر بعلاقة متينه مع امريكا ممثلة بالتوقيع على اتفاقية الشراكة الاقتصادية الاستراتيجية، كما ان نجاح المملكة في مساعدة سوريا اظافة عملية للسلم الاقليمي و التنمية الواسعه. و لكن كاي موضوع مهم لابد من التروي و محاولة قراءة التبعات و المخاطر، و فرز العلاقات العامة من الجوهريات كما أراها بعيدا عن الانفعالات الأولية كالفرح و التمنيات بالنجاح المتوقعه. لا اريد إفساد الحفلة كما يقال و لكن اهمية الموضوع تستوجب التروي و حتى الحذر. في هذا الشأن ارى ثلاث جوانب مترابطة في زاوية التروي. الأولى، كتب الكثير من الامريكان و غيرهم في وصف ترمب بانه متقلب و بانه يعشق الصفقات التجارية، بل انه وصف نفسه بانه الشخص الوحيد القادر على اكمال الصفقات. عمليا يوظف عدم القدرة على التنبؤ بتحراكاته و كلماته ليجعل الخصوم و غيرهم في حالة من عدم التوازن و يعطي نفسه مساحه اكثر للتفاوض. الجانب الاخر انه بقدر ترديدنا ان امريكا بلد مؤسسات الا ان الفرد يصنع الفرق، و كما رأينا من عدة رؤساء مدى الاختلاف و الانحياز المفهوم و غير المفهوم احيانا. في نفس الجانب هناك تطابق مصلحي في العادة التجارية ، من منظار ترمب كممارسة خاصة فيه بين الرؤساء الامريكان و بين العادة العربية في الادارة التي تاخذ من المتجارة طابع لادارة اغلب الامور. الوجه الاخر للنزعة التجارية المنظار المالي للاقتصاد على حساب الاقتصادي للمال. هذا التطابق تجاري بطبعه و ينفع الكل وقتيا و لكنه تعبير للتكيف و ليس سياسة عامه لتحديات التنمية التي في جوهرها عمل مضني ياخذ من الاهتمام بعوامل الانتاج الوطنية فقط بوصلة للاعمال الاقتصادية. اجد التكيف مهم، بل قيل ان التكيف احد علامات الذكاء و اشكالية التكيف انه تعبير لممارسات قصيرة الاجل بينما التطوير العميق بعيد المدى. محاولة تعظيم المصلحة من العلاقات الدولية ضرورة نظريا و عمليا و لكن يجب أن لا تكون المحور الاساس في رفع الانتاجية. فرز هذه الاختلافات و التطابقات مزعج للبيروقراطي و احيانا في تضارب مع منفعته الحدية، و لكنه ضرورة لصانع السياسة. الثانية، وصول الرئيس الامريكي للحكم مختلف عن التجربة الغربية عامة حيث الاحزاب اكثر انضباط و تصفي النخبة بينما امريكا تسمح بفضاء شعبي يقلل من اهمية ماكنة الحزب و بالتالي هناك دائما مفجاءات و شخصيات تختلف عن بعض بوضوح و بالتالي هناك فرص لتغير مؤثر قد يخدمك او لا يخدمك. في الاخير امريكا دولة مؤسسات في قلبها مؤسسة الاعمال و خيارتها و مصالحها. البعد الجيوسياسي ينادي بتعظيم المصلحة من اي رئيس تجد فيه التوافق و التقارب، بينما المصلحة الاقتصادية و الفنية تنادي للترابط مع الشركات و المؤسسات العلمية و التعليمية. لذلك ليس هناك تناقض و لكن الاختلاف في مدى التركيز و الدقة في السياسات. الدعوة ليست لانفتاح او انغلاق و لكن قياس و ترشيد العلاقة بما يخدم عوامل الانتاج. لابد من منظم للعملية لكي لا تتحول لمصالح خاصة فردية تعوق التكوين الاقتصادي. اهم معيار في هذا الشان مدى الترابط مع سلاسل الامداد التصنيعية. مؤتمر الاستثمار نقل صور من فرص العلاقات بين الشركات في البلدين و لكن لابد لتنفيذ يتبع بسرعة مذكرات التفاهم. الثالثة، الاقتصاد في الاخير علم الخيارات، لذلك لابد من فرز ذكي بين الاولويات و التسلسل من ناحية و تقليل الاهتمام بالتوسع لصالح النمو العضوي من ناحية اخرى. لن يختلف الكثير حول الاولويات و لكن التسلسل اصعب، الاوليات تعبير عن خيار مجتمعي بينما التسلسل عملية منطقية لا تتماشى بسهولة مع النزعة التجارية. الفرز بينهما اثناء عملية التغير يجعلها اكثر صعوبة لان توجيه الموارد المالية و البشرية يصبح اصعب خاصة مع استمرار العجز و تنامي الدين. دون تحديد الاولويات و رسم شجرة التسلسل لا يمكن تعظيم و رفع عوامل الانتاج. فبدون فرز واضح سيكون هناك تضارب منطقي في السياسات و ضياع للطاقات و الموارد. بعد هذا المؤتمر الناجح و التأكيد على مركزية المملكة في الخارطة العالمية و الإقليمية جيوسياسيا، حيث نجحت قيادة سمو ولي العهد بدعم الاستقرار في المنطقة و بالتالي اعاد تاسيس القاعدة السياسية للتنمية. اتوقع من وزارة الاقتصاد ورقة قصيرة لا تتعدى عده صفحات تفرز الاولويات و التسلسل و تعيد التركيز على بوصلة عوامل الانتاج بمراحل عملية و بجدول زمني مقبول. لابد للورقة من فرز اقتصادي بين السلع القابلة للمتاجرة و بين الاوصول الغير قابلة للمتاجرة دوليا بما ما تم مؤخرا في ادارة مرفق الاراضي و الدور البشري الحاسم.


عكاظ
منذ 2 ساعات
- عكاظ
موجز الوضع السياسي العام في سوريا.. !
يختلف التغيير في الحالة السورية عن التغييرات العسكرية، التي ما زالت تحدث في بعض دول العالم النامي. ومع ذلك، هناك تشابه بين الحركتين؛ التنظيمية والعسكرية. في كلتا الحركتين، لا بد من «فترة انتقالية» تهيئ خلالها البلاد المعنية للتغييرات الجديدة. وهذا ما يحصل بسوريا، حيث حددت مدة الفترة الانتقالية بخمس سنوات؛ أي حتى عام 2030م. وخلال هذه الفترة، يؤمّل حل مشاكل خطيرة، وخاصة مسألتي الانقسام الوطني، وصهر الميليشيات المختلفة في الجيش السوري الجديد. فان تعذر ذلك ذاتياً، أو تعثر، يمكن الاستعانة بجامعة الدول العربية، أو بدولة، أو دول شقيقة، ترضاها، للعمل كوسيط محايد. ثم يعقد، كما سبق أن قلنا، مؤتمر للمصالحة الوطنية الشاملة. وبعد ذلك يتم: 1. تشكل لجنة برلمانية لصياغة دستور (نظام) جديد للبلاد. 2. ويطرح الدستور المقترح للاستفتاء الشعبي. 3. وتنزع أسلحة الميليشيات المسلحة، وتعطى للجيش السوري النظامي. 4. وتحويل الصالح من التنظيمات المقاومة الى أحزاب سياسية، تؤمن بوحدة الدولة السورية، وبالتداول السلمي للسلطة. 5. إجراء انتخابات رئاسية، وتشريعية نزيهة، وتحت رقابة محايدة ونزيهة. 6. انصراف الثوار غير المنتخبين، مشكورين، إلى بيوتهم. * * ** إن على السوريين، قيادةً وشعباً، عمل كل الوارد في النقاط الست أعلاه. وقد عملت القيادة السورية الحالية دستوراً مؤقتاً تأمل طرحه في استفتاء شعبي عام، بعد أن ينقّح، ويصاغ منه دستور نهائي عام، يقبله كل السوريين. ثم تعمل حكومة الشرع على نزع أسلحة الميليشيات المختلفة، وصهرها في الجيش السوري الجديد. ثم، وهذا هو الأهم، صهر كل مكونات الشعب السوري في العمل السياسي الموحد،... وهذا يعني إشراك هذه المكونات في العمل السياسي، وصناعة القرار، وتحويل الصالح من هذه التنظيمات الى أحزاب سياسية، تؤمن بالتداول السلمي للسلطة. ثم إجراء انتخابات رئاسية، وتشريعية، نزيهة. **** وبالطبع، فإن عمل كل ذلك أمر ليس سهلاً، وذلك لأن الوضع السياسي العام الحالي في سوريا، ما زال دقيقاً. ونوجز فيما يلي الوضع السياسي الداخلي والخارجي في سوريا، بعد أشهر من نجاح الهبّة الشعبية، وطرد بشار الأسد. فما زالت الثورة السورية تواجه تحديات، داخلية، وخارجية خطيرة. فعلى المستوى الداخلي، تواجه سوريا- الشرع، صعوبة بالغة في صهر أغلب المكونات السورية، في بوتقة واحدة، عبر تحويل التنظيمات السياسية، المذهبية، وغير المذهبية، إلى أحزاب سياسية، تقبل بالتداول السلمي للسلطة. وتحويل الميليشيات التابعة لهذه التنظيمات، إلى الجيش النظامي السوري. ولكن الأمر ليس بهذه السهولة، خاصة إذ أخذنا في الاعتبار، تناحر هذه التنظيمات فيما بينها، قبل قيام حركة التغيير. هناك عدة تنظيمات (مكونات) في سوريا، لعل أهمها هذه المكونات الثلاثة، التي ما زالت تقف موقف المعارض لحكومة الشرع، وهي: - المكون السني: ويمتد من دمشق، مروراً بحمص وحماة، وحتى حلب وأدلب. وتحسب حكومة الشرع جزءاً من هذا المكون. لذلك، نجد أن المعارضة، داخل هذا المكون، محدودة. - الرئاسة الروحية لمكون الدروز: ويتركز في السويداء، ويرفض الخضوع لسلطة الشرع، ويريد حكماً ذاتياً، يقلل من سلطة الحكومة المركزية عليه. وهو مكون مدعوم من إسرائيل...؟! - المكون الكردي: وذراعه العسكري «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) ويطالب بدولة فيدرالية، يكون فيها متمتعاً بالحكم الذاتي ومسيطراً على مصادر النفط والغاز، بحكم موقعه، ووجود هذه الثروات في أراضيه. وهو مكون مدعوم من الولايات المتحددة، وكذلك إسرائيل. إن هذه المكونات يختلف توجه كل منها عن الآخر. ومن هنا، يصعب استيعابها في الدولة السورية الواحدة، إلا بعمل إجراءات سياسية مطولة تحقق ذلك. **** أما على المستوى الخارجي، فهناك خمس دول منخرطة في الشأن السوري، هي: أمريكا، روسيا، تركيا، إيران، إسرائيل. ولها في سوريا ما تسميه «مصالح»، وقواعد عسكرية، تتدخل بحجتها في الشأن السوري الداخلي. فالولايات المتحدة تدعم «قسد»، وتحاول أن تتماهى سياستها في سوريا، مع السياسة الصهيونية تجاه سوريا. وهي تتمسك بدعم الأكراد، طمعاً فيما يسيطرون عليه من نفط وغاز. أما روسيا، فقد تدفعها رغبتها في الاحتفاظ بالقاعدة الساحلية في طرطوس، إلى دعم إقامة دولة «نصيرية» خاضعة لها. **** وبالنسبة لتركيا: فإنها لن تقبل، على أي حال، إقامة دولة كردية، بقيادة «قسد»، أو غيرها. وهنا تصطدم المصالح التركية بإقامة دولة كردية، أو مكون كردي نشط في سوريا، مع رغبة إسرائيل المحمومة في تمزيق سوريا. فإسرائيل تدعم كل ما يؤدي إلى تقسيم سوريا، وإضعافها. وهنا يكمن مصدر صراع خطير، بين تركيا وإسرائيل، التي تتوق لتقسم سوريا، عبر دعم قيام كيانات مختلفة، من مكوناتها. أما إيران، فإنها تحاول استعادة نفوذها بسوريا، بعد أن فقدته، برحيل بشار الأسد. لذلك، نجد أن قيام دولة سورية موحدة، يتطلب توافقاً بين مكوناتها الداخلية. فليس من مصلحة أي مكون، الانفصال، والخضوع لهذا الدولة الأجنبية، أو تلك. وخارجياً، يتعين على حكومة دمشق أن تتعامل مع هذه الدول الخمس، بما يضمن وحدة سوريا، واستقرارها واستقلالها السياسي. وهذا أمر بالغ الصعوبة، والتحقيق. **** إن الشعب السوري، وقادته الجدد، على درجة عالية من النزاهة، والوطنية. الأمر الذي يبعث على شيء من التفاؤل بأن سوريا ستجتاز المرحة الانتقالية، بإتقان، وسلام. في حالة حدوث اضطراب سياسي حاد، ناتج (مثلاً) عن: قيام مجموعة محلية معينة بإزاحة حكومة بلد ما معين، والاستيلاء على السلطة فيه، فغالباً ما نكون بصدد حرب أهلية. أو تبقى الأزمة في إطار الخلاف الأهلي الساخن. ولكن الوضع السياسي العام في سوريا ما زال مستقراً. لقد كان الانقلاب السوري، انقلاب 8 أكتوبر 2024م، ضد حكومة «غير شرعية» أصلاً، وفاسدة وقمعية، وعميلة، هي حكومة بشار الأسد. لذا، فإن منطق الحق والعدالة، يقتضي أن: يرحب المجتمع الدولي بإزاحة تلك الحكومة... وفي ذات الوقت يضغط -كعادته- على الانقلابيين كي يمهدوا لقيام حكومة شرعية، في أقرب فرصة ممكنة، سواءً بمساعدة خارجية، أو بدون هذه المساعدة. وأن يساعدوا الانقلابيين على العمل على دعم استقرار، وأمن، ووحدة دولتهم. والحكومة الشرعية السورية قادمة، وقريباً. أخبار ذات صلة


عكاظ
منذ 2 ساعات
- عكاظ
كذبة إعلامهم الحر !
راهن البعض على بقاء نظام الأسد وعمل على كسر عزلته وإنقاذه من مسؤولية أعمال الإبادة الوحشية التي ارتكبتها ميليشياته تجاه شعبه، لم تكن سياسته مفهومة حينها، ولم تكن تبريراته بخشيته من انتصار التنظيمات الإرهابية مبررة في ظل القتل والتعذيب الذي مارسه نظام الأسد ضد شعبه دون تمييز! بعد سقوط النظام وانتصار المعارضة، كان الواجب مساعدة السوريين على طي الصفحة واستعادة السلام وبدء الإعمار في بلدهم، لكن السياسة المعادية استمرت بالتشكيك بشرعية السلطة الجديدة أو محاولة عرقلة اكتسابها الاعتراف الدولي وتلقي المساعدات التي تعينها على تخفيف المعاناة المعيشية واستعادة الحياة الطبيعية، كانت وما زالت سياسة غير مفهومة وغير مبررة تجاه معاناة الشعب السوري وأهمية التعامل مع الواقع الجديد بما فيه مصلحة هذا الشعب وضمان أمنه والحد من مخاطر الانقسامات والحرب الأهلية! عندما جاء الرئيس الأمريكي ترمب للمنطقة وأعلن من الرياض رفع العقوبات عن سورية استجابةً لطلب من ولي العهد السعودي في قرار سريع فاجأ أركان إدارته قبل العالم، كان المنتظر أن تحتفي حكومات وشعوب الدول العربية بالقرار وتُظهر لولي العهد السعودي الامتنان، فالخطوة تنسجم مع شعارات التضامن العربي التي ترفعها معظم الأنظمة العربية، وهو ما حصل بالفعل حيث رحب معظم العرب بالقرار وأشادوا بالدور السعودي فيه، لكن هناك من استقبل قرار رفع العقوبات بالفتور وأطلق العنان لوسائل إعلامه وأشباحه في منصات التواصل الاجتماعي بخوض حرب الإساءة والتخوين بالنيابة، في موقف هو الآخر غير مفهوم، فالهدف الأساس هو التخفيف من معاناة الشعب السوري وتجنيبه ويلات الانقسامات والحرب الأهلية فقد عانى بما فيه الكفاية من القتل والتعذيب والتدمير والتشريد! وإذا كان امتلاك الحكومات حق تقرير مواقفها السياسية بما يوافق مصالحها وسيادتها مقبولاً، فإن غير المقبول هو انتهاج المواقف المتناقضة في علاقاتها، فتمارس التقية في السياسة والعداوة في الإعلام بحجة امتلاك الإعلام والمجتمع حرية الرأي، فلا أحد يستطيع أن يقنعني أن نظاماً أحادياً لا تتغير وجوهه إلا كل 30 سنة يملك رأياً حراً! باختصار.. عملت المملكة العربية السعودية دائماً على تقديم مصالح الشعوب العربية ومدت يد العون لحكوماتها وتعالت على كل الإساءات انطلاقاً من إيمان أخلاقي بدورها الأخوي تجاه العرب ومسؤولياتها القيادية في المنطقة! أخبار ذات صلة