
فتش عن الماسونية
المصابون بهذه العقدة لا يبحثون عن أسباب المشكلة، ولا يستمعون لمن ينفي هواجسهم أو يقترح حلولاً لِعلّتهم، بل يركزون على «النيات» والإرادات الخفية التي يقطعون بوجودها في نفوس أعدائهم. ولو سألتَ الذين يبشرون بتلك المؤامرات الخفية، لأجابوك من دون انتظار: «وهل تتوقع أن يعلن العدو نياته على رؤوس الأشهاد؟»... أي إن إقرارهم بالجهل بحقيقة ما يكتمه العدو، يتحول خلال لحظات إلى ادعاء العلم بالمكتوم... وهذا من أعجب العجب.
وأذكر أننا مررنا بحقبة كانت فيها كل خيباتنا التي تحققت، أو التي يُنتظر أن تتحقق في المستقبل، تُعلَّق على مشجب «الماسونية». ويؤكد أصحاب هذه الرؤية الكسيحة دائماً على الإمكانات الضخمة للماسونية، وقدرتها على النفوذ إلى أصعب المواقع، حتى إنها لم تترك شخصاً مؤثراً، ولا شخصاً تتوسم فيه قوة التأثير في المستقبل، في شرق العالم وغربه، إلا وجنّدته ووجّهته لهدم الإسلام وتدمير بلاد المسلمين.
وصدرت عشرات من الكتب التي لو صدقت الأقاصيص المروية فيها، لكانت الماسونية اليوم أقوى من الولايات المتحدة وحلف «الناتو» والصين واليابان مجتمعة. وتضم قوائم الأعضاء في الخطة الماسونية التي ذكرتها تلك الكتب أسماء لرؤساء دول ومنظمات دولية وقادة جيوش ووزراء وعلماء واقتصاديين وأكاديميين، وحتى قادة للمؤسسة الدينية في مختلف الأديان.
والعجيب أن عقدة الضحية تلك تتوازى، في كثير من الحالات، مع تفخيم الذات وتعظيمها والتفاخر على الغير. وقد حضرتُ نقاشات ظهرت فيها هذه الازدواجية بشكل كاريكاتوري. وأذكر مثلاً ندوة في الكويت تحدث فيها أستاذ جامعي عن مفاخر المسلمين وسبقِهم في العلم، فسأله أحد الحاضرين عن سبب انقطاع الحركة العلمية القديمة وانفصال العرب المعاصرين عنها، فقال المتحدث إن السبب هو مؤامرات الغرب، الذي لا يسمح للعرب بركوب قطار الحضارة، خشية أن يستقلوا بأنفسهم فيكونوا أقوى منه. وسرد عدداً من الشواهد وأسماء العلماء، الذين قال إن الغرب اغتالهم، بعدما رفضوا الانضمام إليه.
لعل القراء الأعزاء قد سمعوا كلاماً كهذا أو قرأوه. ولعل بعضهم قد أدرك التناقض بين جزأي الحديث: الجزء الذي يدعي السبق إلى العلم، والجزء الذي يدعي أن الغرب يمنعنا من مواصلة البحث العلمي أو التقدم في مجال العلم.
أقول إنه متناقض؛ لأن العلم ليس الكتب التي يُدعى أن التتار قد أغرقوها في دجلة، أو العلماء الذين يقال إنهم قتلوا على أيدي هؤلاء أو على أيدي غيرهم. إن أردتم الدليل فانظروا إلى اليابان وألمانيا اللتين دمرت مدنهما ومصانعهما ومدارسهما في الحرب العالمية الثانية، لكنهما عادتا أقوى وأعلى تقدماً مما كانتا، في مدة تقل عن 30 عاماً. لقد انتهت الحرب في 1945، وفي بداية السبعينات، كان الإنتاج العلمي والصناعي في كل منهما، منافساً للدول الغالبة، أي الولايات المتحدة وروسيا وبريطانيا.
العلم لا يندثر بحرق الكتب أو موت العلماء، إلا إذا كان محصوراً في نخب محدودة، ونعلم أن هذا لا يقيم حضارة. العلم الذي نتحدث عنه هو الذي يخلق مجتمع المعرفة، أي المجتمع الذي تسوده روحية المعرفة ومعايير العلم في تفكيره وأعماله.
وخلاصة القول؛ إن إلقاء المسؤولية في تخلفنا على مشاجب الآخرين، أعداء أو غيرهم، ليس سوى تمظهر لعقدة الضحية التي تجعل الإنسان راضياً عن نفسه، باحثاً عن السلوى في قصص الظلم أو في ممارسة الظلم على من يظنه أضعف منه، وأظننا جميعاً قد شهدنا حوادث تجسد هذه الحالة قليلاً أو كثيراً.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

الرياض
منذ ساعة واحدة
- الرياض
رئيس مجلس الشورى يعقد جلسة مباحثات مع رئيس مجلس الشيوخ الكمبودي
عقد معالي رئيس مجلس الشورى الشيخ الدكتور عبدالله بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ جلسة مباحثات مع معالي رئيس مجلس الشيوخ الكمبودي سامديتش أكا سينا بادي تيكو هون سين, وذلك في إطار الزيارة الرسمية التي يقوم بها معاليه إلى مملكة كمبوديا على رأس وفد من المجلس. ورحب معالي رئيس مجلس الشيوخ بمعالي رئيس مجلس الشورى والوفد المرافق لمعاليه, متمنيًا لمعاليه والوفد المرافق طيب الإقامة في مملكة كمبوديا. وأكّد سامديتش أكا سينا بادي تيكو هون سين أهمية الزيارة التي يقوم بها معالي رئيس مجلس الشورى إلى مملكة كمبوديا, مشيرًا إلى ما تمثله الزيارات الرسمية بين المجالس والبرلمانات من داعم قوي لتعزيز العلاقات البرلمانية والثنائية. من جانبه عبّر الدكتور آل الشيخ عن شكره لرئيس مجلس الشيوخ على حفاوة الاستقبال, منوهًا بالمستوى الذي تشهده العلاقات السعودية الكمبودية , وأشار إلى ما تحقق على أرض الواقع في المملكة العربية السعودية بتوجيهات القيادة الحكيمة من خلال رؤية المملكة 2030 والتقدم الذي تم إنجازه في مختلف المجالات. وجرى خلال جلسة المباحثات استعراض سبل التعاون الثنائي بين مجلس الشورى ومجلس الشيوخ الكمبودي والتأكيد على ما تمثله الزيارات البرلمانية من أهمية في تعزيز العلاقات، بالإضافة إلى التنويه على أهمية الدبلوماسية البرلمانية لتعزيز عرى التعاون والتفاهم بين البلدين الصديقين, إضافة إلى عدد من القضايا المشتركة. حضر جلسة المباحثات الوفد الرسمي المرافق لمعالي رئيس مجلس الشورى أعضاء المجلس الدكتور علي بن إبراهيم الغبان, والدكتور حمد بن حسين بالحارث, والدكتورة نهاد بنت عبدالله العمير, وسفير خادم الحرمين الشريفين لدى جمهورية فيتنام الاشتراكية غير المقيم في مملكة كمبوديا محمد بن إسماعيل دهلوي. و حضرها من الجانب الكمبودي أصحاب المعالي رئيس لجنة الشؤون الخارجية والإعلام في مجلس الشيوخ جيم فيديا, ورئيس لجنة الشؤون الخارجية والإعلام في الجمعية الوطنية سوس يارا، والوزير الأول المكلّف بالمهام الخاصة سري ثامروونغ, والوزير الأول المكلّف بالمهام الخاصة عثمان حسن, والأمين العام لمجلس الشيوخ لاي سامكول, ومدير ديوان سمديج تيتشو هون سين تشيو يي سيانغ, ونائب وزير مجلس الوزراء تشان سوخوم, ونائب وزير الداخلية مون سارن.


العربية
منذ ساعة واحدة
- العربية
10 آلاف مقاتل خارج خدمة حزب الله بعد الحرب.. و2000 تركوا
يعمل الجانب اللبناني على إعداد ردّ رسمي وموحّد على ورقة المبعوث الأميركي، توم باراك، التي تقضي بتخلي حزب الله عن سلاحه في مختلف أنحاء البلاد بحلول تشرين الثاني/أكتوبر المقبل، مقابل وقف العمليات العسكرية الإسرائيلية والانسحاب من النقاط الخمسة المحتلّة، وذلك فيما لا تزال تداعيات كلفة الحرب ترخي بظلالها على الجماعة على الرغم من إعلان أمينها العام الشيخ نعيم قاسم في أكثر من مناسبة، إعادة ترتيب صفوفها وملء الشواغر. تراجع عدد المقاتلين فقد تضاعفت فاتورة خسائر حزب الله بالنسبة للعدد والعتاد وتلاشى حضوره العسكري في منطقة جنوب الليطاني بعدما كانت تُشكّل "عصب العمليات" ضد إسرائيل، وذلك منذ أن وسّعت إسرائيل حربها على لبنان منتصف سبتمبر الماضي وحتى اليوم، أي حتى بعد وقف إطلاق النار. إذ كشف أمين عام حزب الله السابق حسن نصرالله في أكتوبر العام 2021، وللمرّة الأولى في تاريخه، أن عدد المقاتلين المحترفين والمدرّبين على القتال حوالي 100 ألف، لكن مصادر مطَلعة تحدّثت لـ"العربية/الحدث.نت"، أكدت أن حوالي 10 آلاف مقاتل بصفوف الحزب باتوا خارج الخدمة بشكل كلّي بسبب "حرب الإسناد" الأخيرة، وأن عدد مقاتلي حزب الله الآن يُقدّر بحوالي 60 ألفا تقريباً. وأوضحت المصادر أن الحرب الأخيرة كلّفت الحزب أكثر من 4 آلاف، موزّعين بين قادة عسكريين وقادة وحدات قتالية وعناصر من وحدات مختلفة، بالإضافة إلى أكثر من 3 آلاف جريح. تفجير "البيجر" واللاسلكي كذلك لفتت المصادر إلى أن حوالي 2000 مقاتل تركوا صفوف الحزب ليس بسبب الإصابة أو نتيجة الحرب، وإنما بقرار فردي أتى مباشرة بعد اغتيال الأمين العام السابق، حسن نصرالله، ورفضوا العودة إلى صفوفه. ويتوزّع مقاتلو حزب الله بين قوّة الرضوان، التي تُعرف بقوّات النخبة، ووحدة التدخل، والتعبئة، والوحدة الجغرافية والوحدتين اللوجستية والصاروخية. أما قوّات التعبئة أو ما يُعرف بـ"جنود الاحتياط"، فتضم العدد الأكبر من المقاتلين في صفوفها. وبحسب المصادر المطّلعة فإن العدد الأكبر من قتلى الحزب خلال الحرب هم منها، وهم الآن يشكّلون القاعدة الأساسية لحزب الله بعدما فقد العديد من المسؤولين الميدانيين وقادة الوحدات المدرّبة. إغلاق معسكرات التدريب وكشفت المصادر أنه وبسبب الحرب والاستهدافات الإسرائيلية شبه اليومية، أغلق حزب الله معظم مراكز التدريب التابعة له في البقاع والجنوب، وذلك لأنها باتت مكشوفة أمنياً من المسيّرات الإسرائيلية المتواجدة بشكل دائم في الأجواء. كما تدهورت قدرات الحزب العسكرية بشكل كبير وتراجعت موارده المالية بعد تضييق الخناق على المنافذ الحدودية التي كان يستفيد منها لتهريب الأموال والسلاح. وتراجع نفوذه بشكل كبير في منطقة جنوب الليطاني بعدما باتت معظم المواقع العسكرية التابعة له تحت سيطرة الجيش اللبناني، وفق ما نصّ عليه اتفاق وقف إطلاق النار في نوفمبر 2024. 80 % من جنوب الليطاني وأوضحت مصادر عسكرية أن أكثر من 80% من منطقة جنوب الليطاني باتت تحت سلطة الجيش اللبناني، وكل السلاح المتوسط والثقيل التابع للحزب تمت مصادرته من قبل الجيش اللبناني أو تدميره من قبل الجيش الإسرائيلي. أما منطقة شمال الليطاني، فأشارت المصادر العسكرية لـ"العربية/الحدث.نت"، إلى أن إخضاعها لسلطة الدولة اللبنانية يحتاج إلى قرار سياسي، وهناك نوعان من السلاح في شمال الليطاني، متوسط وثقيل. كما يتوقّع أن يوضع ملف سلاح حزب الله قريباً على طاولة الحكومة من أجل ترتيب عملية تسليمه إلى الدولة اللبنانية بشكل رسمي. ويرى خبراء ومحللون أن هذه الخطوة المطلوبة دولياً من لبنان لن تكون سهلة، وسيقابلها حزب الله بضمانات سياسية قد تكون قاسية على الدولة اللبنانية. تصوّر من الدولة وعراقيل يذكر أن رئيس الجمهورية جوزيف عون كان قدّم تصوّراً لاستيعاب عناصر حزب الله. وقال في حديث صحافي: "لا يمكن استحداث وحدة مستقلّة من مقاتلي حزب الله داخل الجيش، بل يمكن لعناصره الالتحاق بالجيش والخضوع لدورات استيعاب مثلما حصل في نهاية الحرب في لبنان مع أحزاب عديدة مطلع تسعينيات القرن الماضي". بدوره، أوضح النائب عن حزب القوات اللبنانية (أشدّ معارضي حزب الله) فادي كرم، لـ"العربية/الحدث.نت"، أن استنساخ تجربة الحشد الشعبي بالعراق غير واردة، لافتاً إلى أنه إذا أراد بعض عناصر الحزب الدخول إلى الجيش فإنهم سيخضعون لشروط التطوّع مثل غيرهم من دون أية امتيازات، وفق تعبيره. واعتبر أن حزب الله لن يتعامل بمرونة مع ملف سلاحه، موضحاً أنه حتى الآن لم يتوصّل إلى قناعة بضرورة تسليمه للجيش اللبناني. كذلك رأى أن حزب الله يراهن على شراء الوقت، في وقت تخوض السلطة اللبنانية حواراً في هذا المجال. ولفت كرم إلى أن عدم تجاوب حزب الله مع السلطة اللبنانية سيُكلّفه المزيد من الخسائر نتيجة الضربات الإسرائيلية، وقد تكون أوسع وأشمل من الحرب السابقة، وسيصبح لبنان على هامش الاهتمامات الدولية، بحسب كلامه. من جهته، أوضح العميد المتقاعد منير شحادة لـ"العربية/الحدث.نت"، أنه لا يمكن دمج عناصر حزب الله بالجيش اللبناني، لأن المؤسسة العسكرية لا يُمكنها استيعاب آلاف المقاتلين من طائفة محددة، خصوصا أن التطوع بالجيش قائم على مبدأ التوازن الطائفي، على حد قوله. وأشار إلى أن التجنيد بالجيش يخضع لشروط المؤسسة العسكرية، منها الخضوع لفحوصات طبّية ورياضية وصحية، وبالتالي يبقى السؤال فيما إذا كان مقاتلو حزب الله مستعدون للخضوع لهذه الشروط. وأكد العميد على أن الجيش اللبناني لا يستطيع استيعاب مقاتلي حزب الله، لاسيما أن معظمهم لا يستوفون شروط التطوّع بالجيش، مشيراً إلى استعداد حزب الله مناقشة الاستراتيجية الدفاعية التي تخلص إلى الاستفادة من قدراته وسلاحه لمواجهة أي اعتداء خارجي، وذلك تحت كنف الدولة اللبنانية.

العربية
منذ ساعة واحدة
- العربية
"خطيرة وغير مسؤولة".. أبو الغيط ينتقد دعوات ضم الضفة لإسرائيل
دان الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، تصريحات وزير العدل الإسرائيلي، ياريف ليفين، التي تنادي بضم الضفة الغربية استغلالاً للظرف الحالي، واصفا اياها بالخطيرة وغير المسؤولة. واعتبر أبو الغيط أن التصريحات الصادرة عن مسؤول في الحكومة الإسرائيلية تعكس توجهات خطيرة، مؤكدا أن إسرائيل غارقة في تصورات عن قوتها التي تضرب عرض الحائط بأية قوانين دولية أو حتى قواعد أخلاقية، وأن نهج الغطرسة سيؤدي إلى دوامة لا تنتهي من العنف. "أحد أهداف اليمين المتطرف في إسرائيل" وشدد أبو الغيط على أن ضم الضفة الغربية المحتلة هو أحد أهداف اليمين المتطرف في إسرائيل، وأن المجتمع الدولي مطالب بوقفة حقيقية في مواجهة هذه السياسة الخطيرة التي سيكون من شأنها إشعال الموقف في المنطقة. كما أكد الأمين العام للجامعة العربية على أن الضفة الغربية هي أرض فلسطينية محتلة بواقع القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، فضلا عن مواقف دول العالم كله، والحديث عن ضمها لا يعدو أن يكون نوعا من "البلطجة السياسية" والالتفاف على كافة القيم والأعراف الدولية. وكان وزير العدل الإسرائيلي، ياريف ليفين، قد قال "إن الوقت قد حان لإسرائيل كي تضم الضفة الغربية"، وذلك خلال اجتماع مع زعيم المستوطنين يوسي داجان. وشدد ليفين، على أن قضية ضم الضفة الغربية يجب أن تكون على رأس قائمة الأولويات الإسرائيلية، بحسب تعبيره. فيما عبرت الرئاسة الفلسطينية، الأربعاء، عن رفضها لدعوات إسرائيلية لضم الضفة الغربية المحتلة، وقالت إنها تأتي في سياق "حرب شاملة" على الشعب الفلسطيني و"ستُبقي المنطقة على فوهة بركان". كما أكدت الرئاسة الفلسطينية "رفضها الكامل" لتلك الدعوات التي قالت إنها "تتنافى مع قرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي، التي أكدت جميعها على ضرورة زوال الاحتلال من جميع الأرض الفلسطينية المحتلة عام 1967 بما فيها الضفة الغربية والقدس الشرقية".