العفن المنزلي .. عامل خفي وراء أمراض الرئة المزمنة
سرايا - كشفت دراسة حديثة أن العفن المنزلي قد يكون سببا غير مرئي ولكنه خطير في الإصابة بأمراض رئوية حادة، أبرزها التهاب الرئة التحسسي (حالة مناعية مزمنة قد تؤدي إلى تليف الرئة).
وتوصل فريق من الباحثين من المركز الطبي بجامعة "تكساس ساوث ويسترن" إلى أن واحدة من كل 4 حالات مسجلة بهذا المرض يمكن ربطها مباشرة بالتعرض للعفن داخل المنازل.
وفي الدراسة، حلّل الفريق بيانات 231 مريضا شخّصوا بالتهاب الرئة التحسسي في مركز طبي بمدينة دالاس بين عامي 2011 و2019.
وأفادت الدراسة بأن 54 مريضا من العينة معظمهم في أوائل الستينيات من العمر تعرضوا للعفن المنزلي المزمن، و90% منهم أُصيبوا بتليّف رئوي، بينما احتاج نحو 41% إلى العلاج بالأكسجين.
وأوضح الباحثون أن العفن يجد بيئة مثالية للنمو في أماكن تسرّب المياه، مثل الحمامات وغرف النوم ووحدات التكييف، خاصة في المنازل القديمة أو غير المجهزة لمواجهة تغيّرات المناخ، كالفيضانات أو الرطوبة العالية.
واستند التشخيص إلى مراجعة متخصصة شملت: تصويرا مقطعيا عالي الدقة وتحليلا لخلايا الرئة بعد غسل القصبات وخزعات نسيجية واستبيانا دقيقا حول التعرض البيئي أعده أطباء مختصون. وتم التأكد من إزالة العفن عندما أُزيلت المواد الملوثة أو تم إصلاح التسرب، أو عند انتقال المريض إلى سكن آخر.
وأظهرت الدراسة أن 5 من أصل 41 مريضا توقفوا عن التعرض للعفن شهدوا تحسنا في السعة الحيوية الزفيرية القسرية بأكثر من 10% خلال 4 أشهر فقط، بما في ذلك 4 مرضى مصابين بتليّف رئوي، وهي فئة تُعتبر عادة أقل استجابة للعلاج. ولم يُسجل أي تدهور في الحالة بعد إزالة مصدر العفن.
كما بلغ متوسط البقاء دون الحاجة إلى زراعة رئة نحو 97.7 شهرا، وهو معدل يماثل من تعرضوا لعوامل بيئية أخرى مثل العفن الخارجي أو مستضدات الطيور.
ويرتبط العفن المنزلي أيضا بأمراض مثل الربو والتهاب الجيوب الأنفية المزمن والحساسية الفطرية الرئوية. إلا أن تشخيص هذه الحالات لا يزال صعبا، بسبب غياب أدوات اختبار معتمدة أو سجل دقيق لحالات التعرض البيئي.
وحذّر الباحثون من تجاهل تأثير العفن داخل المنازل، واعتبروه سببا يمكن الوقاية منه، داعين الأطباء إلى أخذ ظروف السكن بعين الاعتبار عند تقييم مرضى الجهاز التنفسي، لا سيما مع تصاعد الفيضانات والرطوبة بسبب تغيّر المناخ.
نشرت نتائج الدراسة في مجلة PLOS ONE.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

سرايا الإخبارية
منذ 4 أيام
- سرايا الإخبارية
العفن المنزلي .. عامل خفي وراء أمراض الرئة المزمنة
سرايا - كشفت دراسة حديثة أن العفن المنزلي قد يكون سببا غير مرئي ولكنه خطير في الإصابة بأمراض رئوية حادة، أبرزها التهاب الرئة التحسسي (حالة مناعية مزمنة قد تؤدي إلى تليف الرئة). وتوصل فريق من الباحثين من المركز الطبي بجامعة "تكساس ساوث ويسترن" إلى أن واحدة من كل 4 حالات مسجلة بهذا المرض يمكن ربطها مباشرة بالتعرض للعفن داخل المنازل. وفي الدراسة، حلّل الفريق بيانات 231 مريضا شخّصوا بالتهاب الرئة التحسسي في مركز طبي بمدينة دالاس بين عامي 2011 و2019. وأفادت الدراسة بأن 54 مريضا من العينة معظمهم في أوائل الستينيات من العمر تعرضوا للعفن المنزلي المزمن، و90% منهم أُصيبوا بتليّف رئوي، بينما احتاج نحو 41% إلى العلاج بالأكسجين. وأوضح الباحثون أن العفن يجد بيئة مثالية للنمو في أماكن تسرّب المياه، مثل الحمامات وغرف النوم ووحدات التكييف، خاصة في المنازل القديمة أو غير المجهزة لمواجهة تغيّرات المناخ، كالفيضانات أو الرطوبة العالية. واستند التشخيص إلى مراجعة متخصصة شملت: تصويرا مقطعيا عالي الدقة وتحليلا لخلايا الرئة بعد غسل القصبات وخزعات نسيجية واستبيانا دقيقا حول التعرض البيئي أعده أطباء مختصون. وتم التأكد من إزالة العفن عندما أُزيلت المواد الملوثة أو تم إصلاح التسرب، أو عند انتقال المريض إلى سكن آخر. وأظهرت الدراسة أن 5 من أصل 41 مريضا توقفوا عن التعرض للعفن شهدوا تحسنا في السعة الحيوية الزفيرية القسرية بأكثر من 10% خلال 4 أشهر فقط، بما في ذلك 4 مرضى مصابين بتليّف رئوي، وهي فئة تُعتبر عادة أقل استجابة للعلاج. ولم يُسجل أي تدهور في الحالة بعد إزالة مصدر العفن. كما بلغ متوسط البقاء دون الحاجة إلى زراعة رئة نحو 97.7 شهرا، وهو معدل يماثل من تعرضوا لعوامل بيئية أخرى مثل العفن الخارجي أو مستضدات الطيور. ويرتبط العفن المنزلي أيضا بأمراض مثل الربو والتهاب الجيوب الأنفية المزمن والحساسية الفطرية الرئوية. إلا أن تشخيص هذه الحالات لا يزال صعبا، بسبب غياب أدوات اختبار معتمدة أو سجل دقيق لحالات التعرض البيئي. وحذّر الباحثون من تجاهل تأثير العفن داخل المنازل، واعتبروه سببا يمكن الوقاية منه، داعين الأطباء إلى أخذ ظروف السكن بعين الاعتبار عند تقييم مرضى الجهاز التنفسي، لا سيما مع تصاعد الفيضانات والرطوبة بسبب تغيّر المناخ. نشرت نتائج الدراسة في مجلة PLOS ONE.

السوسنة
١٢-٠٤-٢٠٢٥
- السوسنة
دراسة جديدة تكشف علاقة انقطاع الطمث بالخرف
السوسنة- تعتبر الهبات الساخنة، الأرق، وتقلبات المزاج من الأعراض المزعجة التي ترافق انقطاع الطمث لدى العديد من النساء. ومع ذلك، قد تشير زيادة هذه الأعراض أيضاً إلى تدهور صحة الدماغ، وفقاً لدراسة جديدة نُشرت في مجلة «هيلث».وفقاً لدراسة نُشرت الشهر الماضي في مجلة «PLOS One»، فإن النساء اللواتي يعانين من أعراض انقطاع الطمث أكثر عرضة لتدهور وظائفهن الإدراكية واضطرابات سلوكية خفيفة في مراحل لاحقة من حياتهن، وكلاهما من علامات الخرف.قد تشير النتائج إلى أن فقدان أحد أنواع هرمون الإستروجين أثناء انقطاع الطمث قد يلعب دوراً في الإصابة بمرض ألزهايمر وأنواع الخرف الأخرى.ومع ذلك، لا تزال العلاقة الدقيقة بين انقطاع الطمث والهرمونات وصحة دماغ المرأة غير مفهومة جيداً.وجدت الدراسة أن علاج فقدان هرمون الإستروجين بالعلاج الهرموني يُقلل من الاضطرابات السلوكية المرتبطة بالخرف لدى النساء. مع ذلك، لم يُساعد العلاج الهرموني بشكل ملحوظ في الأعراض الإدراكية.وصرّح ماثيو بانيزون، الحاصل على درجة الدكتوراه، والأستاذ المشارك في الطب النفسي بجامعة كاليفورنيا، سان دييغو، لمجلة «هيلث»: «لا يمكننا الجزم بأن مرحلة انقطاع الطمث، والتغيرات المُصاحبة لها في مستويات الهرمونات التي تُعاني منها النساء، تُفسر سبب زيادة خطر الإصابة بمرض ألزهايمر لديهن». وأضاف: «لكن هذا مجالٌ قيد الدراسة».وفي ما يلي آراء الخبراء حول البحث الجديد، ولماذا قد ترتبط أعراض انقطاع الطمث بالخرف، وكيف يُمكن للنساء الحفاظ على صحة أدمغتهن مع تقدمهن في السن؟قد تُؤدي زيادة أعراض انقطاع الطمث إلى ضعف إدراكي أكبرفي هذه الدراسة، حلّل الباحثون بيانات 896 امرأة في مرحلة ما بعد انقطاع الطمث، يعشن في كندا. كان متوسط أعمار المشاركات نحو 64 عاماً، وكان متوسط أعمارهن نحو 49 عاماً عند بدء انقطاع الطمث.باستخدام استبيان، طلب الباحثون من المشاركات الإبلاغ عن أعراض ما قبل انقطاع الطمث لديهن.وشملت هذه الأعراض عدم انتظام الدورة الشهرية، والهبات الساخنة، والقشعريرة، وزيادة الوزن، وتباطؤ عملية الأيض، والتعرق الليلي، ومشكلات النوم، وأعراض المزاج، وقلة الانتباه أو النسيان، وأعراضاً أخرى لم تُذكر.وأفاد ما يقرب من 75 في المائة من المشاركات بوجود عرض واحد على الأقل من هذه الأعراض، وكان المتوسط 3.7 عرض.ثم طلب الباحثون من النساء الإجابة على أسئلة حول أي تغيرات معرفية وسلوكية مستمرة لاحظنها.وتندرج مشكلات الذاكرة واللغة والتنظيم ضمن الإطار المعرفي، بينما قد تشمل المشكلات السلوكية انخفاض الدافعية، أو فقدان السيطرة على الانفعالات، أو عدم التناسب الاجتماعي.وأظهرت البيانات أن النساء اللواتي أبلغن عن أعراض انقطاع الطمث أكثر عانين أيضاً من ضعف إدراكي وسلوكي أكبر في منتصف العمر وأواخره.قالت الدكتورة زهينور إسماعيل، مؤلفة الدراسة وأستاذة الطب النفسي والأعصاب وعلم الأوبئة وعلم الأمراض في معهد هوتشكيس للدماغ ومعهد أوبراين للصحة العامة بجامعة كالجاري: «ارتبط كل عرض إضافي من أعراض انقطاع الطمث بضعف الوظيفة الإدراكية وزيادة شدة أعراض ضعف السلوك الخفيف».لكن الدراسة ليست سوى نقطة انطلاق، فهناك بعض القيود. أولاً، إنها مجرد صورة لحظية، لذا لا يمكنها سوى تحديد الارتباطات بين أعراض انقطاع الطمث والصحة المعرفية والسلوكية.وصرّحت إسماعيل لمجلة «هيلث» بأنها لا تستطيع تحديد ما إذا كان عبء انقطاع الطمث المرتفع يسبب بالفعل تغيرات في الدماغ.وأوضحت أن إجراء مزيد من الأبحاث قد يُسهم في دراسة هذا السؤال، بالإضافة إلى معرفة ما إذا كانت شدة الأعراض أو مدتها لها أي تأثير، بدلاً من مجرد عدد الأعراض.وقالت: «قد تلعب الشدة دوراً رئيسياً في فهم المخاطر، لذا ينبغي أن تستكشف الدراسات المستقبلية كلاً من عدد الأعراض وشدتها».هل يُمكن لعلاج أعراض انقطاع الطمث أن يُقلل من خطر الإصابة بالخرف؟لا تزال العلاقة بين انقطاع الطمث وخطر الإصابة بالخرف غير مفهومة جيداً، وفقاً لبانيزون.وأوضح أنه «يُعتقد أن الهرمونات التناسلية، مثل الإستروجين، تحمي الأعصاب. لذلك، عندما ينخفض مستوى الإستروجين بعد انقطاع الطمث، يُعتقد أن خطر الإصابة بالخرف يزداد. لكن البيانات ليست قاطعة».وتُشير أحدث دراسة أجرتها إسماعيل وزملاؤها إلى أن مستويات الإستروجين في الجسم قد تكون مرتبطة بتطور الخرف.وأوضحت إسماعيل أن «الأفراد الذين استخدموا العلاج الهرموني القائم على الإستروجين، مقارنةً بالعلاج الهرموني بالبروجسترون أو العلاج الهرموني غير المُسمى، أو عدم العلاج الهرموني على الإطلاق - سجلوا درجات أقل في ضعف السلوك الخفيف بنحو 26.9 في المائة».كما أبلغت المشاركات اللواتي استخدمن العلاج الهرموني القائم على الإستروجين عن مشكلات معرفية أقل، وإن لم تكن ذات دلالة إحصائية.بالنظر إلى هذه النتائج، قد يكون من المغري استنتاج أن العلاج الهرموني يمكن أن يقلل من خطر الإصابة بالخرف. ومع ذلك، قال بانيزون: «نحن بحاجة إلى مزيد من العمل في هذا المجال، قبل أن نتمكن من القول بثقة إن علاج أعراض انقطاع الطمث سيحمي صحة (دماغ) المرأة».لكن الدكتور جي بيتر غليبوس، مدير قسم علم الأعصاب الإدراكي والسلوكي في معهد بابتيست هيلث ماركوس لعلوم الأعصاب، أشار إلى أن عوامل متعددة تؤثر على مرض ألزهايمر وأنواع الخرف الأخرى.وقال لمجلة «هيلث»: «لا تعاني جميع النساء من أعراض إدراكية ملحوظة خلال فترة انقطاع الطمث، ما يشير إلى أن التغيرات الهرمونية وحدها قد لا تكون السبب الرئيسي للتدهور المعرفي».حتى إن العلاقة بين انقطاع الطمث والخرف قد تتجاوز مجرد مستويات هرمون الإستروجين.ولفتت إسماعيل إلى أنه «إذا لم تُدار أعراض انقطاع الطمث بشكل جيد، فقد تُسهم في آثار طويلة المدى على التفكير والسلوك والصحة العامة».وأضافت: «من المرجح أن تلعب كل من التأثيرات الهرمونية المباشرة والتغيرات الصحية الأوسع دوراً في العلاقة بين انقطاع الطمث وخطر الإصابة بالخرف».كيف يمكن للنساء حماية صحة أدمغتهن مع تقدمهن في السن؟وفق إسماعيل: «في الوقت الحالي، لا بد من إجراء مزيد من الأبحاث لتأكيد ما إذا كان العلاج الهرموني يُخفف بشكل فعّال من خطر الإصابة بالخرف على المدى الطويل».هذا لا يعني أن العلاج الهرموني غير مفيد للنساء في سنّ انقطاع الطمث، بل «ينبغي اتخاذ قرار استخدام العلاج الهرموني بناءً على أعراض الفرد وتاريخه الصحي، وبالتشاور مع مقدم الرعاية الصحية»، كما أوضحت إسماعيل، وليس كاستراتيجية وقائية مستقلة للصحة الإدراكية.ولكن بينما يواصل العلماء دراسة العلاقة بين انقطاع الطمث والخرف، هناك بعض الأمور التي يمكن للنساء في منتصف العمر وكبار السن القيام بها الآن للمساعدة في حماية صحة أدمغتهن.صرّحت الدكتورة جيلينا بافلوفيتش، الحاصلة على درجة الدكتوراه في الطب، والأستاذة المساعدة في علم الأعصاب في كلية ألبرت أينشتاين للطب، لمجلة «هيلث»، أنه من المهم أن تدير النساء اللاتي يعانين من أعراض انقطاع الطمث المتوسطة إلى الشديدة الأعراض وصحة أدمغتهن بشكل استباقي.وأضافت أن هذا يشمل إعطاء الأولوية للنوم، وإدارة التوتر، وتحسين الصحة الأيضية، والانخراط في أنشطة تحمي الدماغ، بدءاً من منتصف العمر.وأضافت غليبوس أنه من الضروري أيضاً الحفاظ على نمط حياة صحي للقلب، حيث توجد علاقة قوية بين صحة القلب والأوعية الدموية ووظائف الدماغ.وأوضحت أن ممارسة التمارين الرياضية بانتظام، خاصةً التمارين الهوائية، تُحسّن الدورة الدموية في الدماغ، وتُعزز المرونة الإدراكية.وأضافت: «إن اتباع نظام غذائي غني بالعناصر الغذائية، مثل حمية البحر الأبيض المتوسط أو حمية مايند، التي تتضمن الدهون الصحية والبروتينات الخالية من الدهون ومضادات الأكسدة، يُمكن أن يُساعد في تقليل الالتهابات وتعزيز وظائف الدماغ».ولكن بغضّ النظر عن صحة الدماغ، إذا كانت أعراض انقطاع الطمث تُسبب مشكلات، فمن الأفضل استشارة مُقدم الرعاية الصحية، كما أوصى إسماعيل.وقالت: «مع أن انقطاع الطمث مرحلة انتقالية طبيعية، فإن أعراضه قد تستمر لسنوات وتؤثر بشكل كبير على الصحة العامة. وإدارة الأعراض، سواء من خلال العلاج الهرموني، إن وجد، أو من خلال استراتيجيات غير هرمونية - قد تُحسّن الصحة العامة ونوعية الحياة»:


رؤيا نيوز
٠٣-٠٤-٢٠٢٥
- رؤيا نيوز
كيف أثر تيك توك سلبًا في فهم بعض الأمراض النفسية؟
شهد تطبيق (تيك توك) في الآونة الأخيرة انتشارًا واسعًا لمحتوى يتعلق ببعض الأمراض النفسية، ومنها: اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه (ADHD)، الذي أصبح أحد الموضوعات الرائجة التي تجذب ملايين المشاهدات، ولكن تبين أن جزءًا كبيرًا من هذا المحتوى مضلل ويفتقر إلى الدقة، إذ لا يتوافق مع الحقائق العلمية والمعايير الطبية المعتمدة. فقد أظهرت دراسة حديثة نُشرت في دورية (PLOS One) أن أكثر من نصف الادعاءات المتعلقة بأعراض باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه والمطروحة في مقاطع الفيديو الشائعة عبر تطبيق تيك توك لا تتوافق مع معايير التشخيص السريري لهذا الاضطراب أو توصيات العلاج المهني المعتمدة. ولكن الأمر الأكثر إثارة للقلق؛ هو أن الدراسة وجدت أن حتى المشاركين الذين شُخصوا سابقًا باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه واجهوا صعوبة في التمييز بين المعلومات الموثوقة والمضللة. كما كشفت الدراسة أن نحو نصف صناع المحتوى الذين حُللت مقاطع الفيديو الخاصة بهم عبر تيك توك كانوا يستخدمون التطبيق للترويج لمنتجات، مثل ألعاب (fidget spinners) للتخلص من الملل، أو خدمات مثل جلسات للتدريب على التعامل مع أعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه دون أن يكون أي منهم متخصصًا مرخصًا في مجال الصحة النفسية. وتسلط هذه النتيجة الضوء على مشكلة عميقة تتعلق بجودة المعلومات التي يتلقاها المستخدمون، خاصة الشباب الذين يشكلون الجزء الأكبر من جمهور التطبيق. وفي هذا الصدد؛ علقت فاسيليا كاراسافا، طالبة الدكتوراه في علم النفس السريري في جامعة كولومبيا البريطانية في فانكوفر والمؤلفة الرئيسية للدراسة، على هذه النتائج قائلة: 'إن غياب التفاصيل الدقيقة في مقاطع الفيديو أمر مثير للقلق، فعلى سبيل المثال، عندما يتحدث صناع المحتوى عن صعوبة التركيز، فإنهم غالبًا ما يتجاهلون حقيقة أن هذا العرض ليس خاصًا باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، بل قد يكون أيضًا عرضًا لاضطرابات نفسية أخرى، مثل الاكتئاب أو القلق'. منصات التواصل الاجتماعي والصحة النفسية.. بين التوعية والتضليل: ساهم انتشار منصات التواصل الاجتماعي في زيادة إمكانية الوصول إلى المعلومات المتعلقة بالصحة النفسية، بما يشمل: اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه (ADHD)، وهو اضطراب عصبي سلوك يؤثر بنحو كبير في الانتباه والنشاط الحركي والاندفاعية، وتشير التقديرات الحالية إلى أن نسبة تترواح بين 3% و7% من البالغين حول العالم شُخصوا بهذا الاضطراب. وتتميز منصات التواصل الاجتماعي بتركيزها في تجارب الأفراد الذين يعانون هذه الاضطرابات بنحو مباشر، إذ تتيح هذه المنصات للأفراد الذين يعانون مشاكل الصحة النفسية مشاركة تجاربهم الشخصية مع الآخرين، مما قد يساهم في تقليل الوصمة الاجتماعية وزيادة الوعي بقضايا الصحة النفسية المنتشرة، وهذا يختلف عن المصادر التقليدية للتثقيف النفسي، التي غالبًا ما تعتمد على المعلومات النظرية. ومع ذلك، فإن غياب الرقابة الفعالة على جودة المحتوى المتداول عبر هذه المنصات يزيد بنحو كبير من خطر انتشار المعلومات المضللة، التي قد تؤدي إلى تشخيص غير صحيح أو تبني أساليب علاج غير مناسبة. لقد شهد تطبيق نموًا ضخمًا خلال السنوات الخمس الماضية، إذ يقضي أكثر من 50 مليون مستخدم نشط يوميًا ما يزيد على ساعة في تصفح محتواه، وتؤكد الإحصائيات مدى تأثير تيك توك في سلوكيات البحث عن المعلومات، إذ كشف استطلاع حديث أن اثنين من كل خمسة أمريكيين يفضلون تيك توك على محركات البحث التقليدية الأخرى، بما يشمل جوجل، وخاصة بين الجيل زد وجيل الألفية، إذ بلغت نسبة التفضيل لديهم 64% و49% على التوالي. ويوفر تيك توك بيئة تفاعلية يبحث فيها المستخدمون عن معلومات حول الصحة النفسية، ويشاركون تجاربهم الشخصية، ويتواصلون مع الآخرين الذين يعانون حالات مماثلة. وفي الواقع، يُعدّ محتوى الصحة النفسية، وخاصة مقاطع الفيديو المتعلقة بالتوحد واضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه من بين أكثر 10 علامات هاشتاج متعلقة بالصحة مشاهدة عبر التطبيق. ومع ذلك، من الضروري التأكيد أن منصات التواصل الاجتماعي مثل تيك توك ليست مصممة لتوفير تثقيف نفسي فعال لمستخدميها، بالإضافة إلى ذلك، فإن غياب آليات التحقق من الحقائق الموجودة في المحتوى المتداول عبر هذه المنصات يزيد من خطر نشر معلومات غير دقيقة أو مضللة. وقد كشفت دراسة حديثة عن مدى خطورة هذه المشكلة، إذ تبين أن نسبة تبلغ 41% من أكثر مقاطع الفيديو شعبية عبر تيك توك التي تقدم تثقيفًا نفسيًا حول التوحد كانت غير دقيقة، وأن نسبة تبلغ 32% منها تضمنت مبالغات وتشويهًا للحقائق. تفاصيل الدراسة الحديثة ونتائجها: هدفت الدراسة الحديثة التي أجراها الباحثون في جامعة كولومبيا البريطانية إلى تقييم دقة المعلومات المتوفرة حول اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه (ADHD) عبر تطبيق تيك توك، بالإضافة إلى تحليل تأثير هذا المحتوى في تصورات المشاهدين لهذا الاضطراب النفسي. وقد قُسمت الدراسة إلى جزأين رئيسيين، وهما: الجزء الأول: ركز في تحليل خصائص المحتوى الشائع حول اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه وتقييم مدى توافق هذا المحتوى مع معايير التشخيص السريري وتوصيات العلاج التي يقدمها متخصصو الصحة النفسية. الجزء الثاني: ركز في فهم تصورات الشباب – المصابين وغير المصابين بالاضطراب – لمحتوى تيك توك المتعلق بالاضطراب، وتقييم علماء النفس لهذا المحتوى، وتأثير هذا المحتوى في تصورات المستخدمين للاضطراب. وقد شارك في الدراسة مجموعة متنوعة من الأفراد، الذين قدموا معلومات حول تشخيصهم باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، أو حول اعتقادهم بعدم تشخيصهم بهذا الاضطراب، كما جُمعت بيانات ديموغرافية وتاريخ التشخيص والأعراض من المشاركين. وبعد عملية فحص أولية، قُسم المشاركين إلى ثلاث مجموعات: وكُلف كل مشارك بمشاهدة خمسة من أفضل مقاطع الفيديو حول الاضطراب وخمسة من أسوأها عبر تيك توك، وبعد ذلك، طُلب من المشاركين تقييم مقاطع الفيديو بناءً على الدرجة التي منحها لها علماء النفس. كما أتيحت للمشاركين فرصة مشاهدة مقاطع الفيديو التي قدمها علماء النفس في الجزء الأول من الدراسة، والتي توضح أسباب حصول بعض المقاطع على درجات أعلى من غيرها، أو تجنبها، وبعد مشاهدة مقاطع فيديو الخبراء، طُلب من المشاركين تقييم محتوى تيك توك مرة أخرى، والإبلاغ عن أي تغييرات حدثت في تصوراتهم. وقد كشفت الدراسة عن نتائج مثيرة للاهتمام، إذ تبين أن أكثر من 52% من مقاطع الفيديو التي تدعي وصف أعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه كانت تفتقر إلى الدقة، وتتضمن معلومات عامة قد تنطبق على تجارب إنسانية طبيعية. ويشير ذلك إلى أن بعض صناع المحتوى عبر تيك توك يفضلون الوصول إلى جمهور واسع على حساب تقديم معلومات دقيقة ومتخصصة. كما تبين أن المشاركين الذين شخصوا أنفسهم باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه كانوا يشاهدون محتوى تيك توك المتعلق بهذا الاضطراب بنحو متكرر أكثر من غير المصابين. وقد يعزى ذلك إلى شعورهم بأن هذا المحتوى وثيق الصلة بحياتهم، أو إلى خوارزميات تيك توك التي ترشح المحتوى بناءً على اهتمامات المستخدمين. وقد أكد علماء النفس انخفاض دقة المعلومات في مقاطع فيديو تيك توك، وهو ما يتوافق مع تقارير سابقة من متخصصي الصحة النفسية الذين يُعدّون هذا المحتوى مضللًا. وأعربت فاسيليا كاراسافا، عن قلقها بشأن تأثير المعلومات المضللة عبر تيك توك في الشباب، قائلة: ' آخر ما نريده هو تثبيط الناس عن التعبير عن مشاعرهم وتجاربهم، أو عن البحث عن مجتمعات داعمة عبر الإنترنت. ولكن في الوقت نفسه، هناك خطر حقيقي من أن يقوم الأفراد بتشخيص أنفسهم بحالات لا تنطبق عليهم، ومن ثم يحرمون أنفسهم من الحصول على المساعدة التي يحتاجونها فعليًا'. وتتوافق نتائج هذه الدراسة الحديثة مع نتائج دراسة سابقة أجريت في عام 2022، وقد حللت أيضًا 100 مقطع فيديو شائع عبر تيك توك حول اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، ووجدت أن نصفها يحتوي على معلومات مضللة. وعلق ستيفن بي. هينشو، أستاذ علم النفس وخبير اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه في جامعة كاليفورنيا – بيركلي، الذي لم يشارك في أي من الدراستين، على هذه النتائج قائلًا: 'البيانات مثيرة للقلق للغاية، لأن المواضيع المطروحة في مقاطع الفيديو عبر منصات التواصل الاجتماعي قد تجد صدى لدى العديد من المشاهدين، ولكن التشخيص الدقيق يتطلب الوصول إلى متخصصين، وتخصيص الوقت الكافي، وتكبد تكاليف مالية'. ويؤكد ذلك أهمية الحصول على تشخيص في الحالات النفسية من متخصصين مؤهلين، وعدم الاعتماد على المعلومات المنتشرة عبر منصات التواصل الاجتماعي تأثير المحتوى في الوعي العام: حذر الباحثون من أن الشباب الذين يتابعون مقاطع الفيديو المتداولة بكثرة عبر تطبيق تيك توك يصبحون أكثر عرضة للمبالغة في تقدير أعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، بل قد يوصون بمحتوى غير دقيق للآخرين، وأكد الخبراء ضرورة أن يشارك المتخصصون في الصحة النفسية في هذه النقاشات عبر منصات التواصل الاجتماعي، لضمان وصول مصادر موثوقة ومبنية على الأدلة إلى الجمهور. ويتضح أن حجم المعلومات المغلوطة ليس أمرًا عشوائيًا، بل مرتبطًا بطبيعة المحتوى المنشور، فقد كشفت الدراسة أن نحو نصف مقدمي المحتوى الذي حُلل في الدراسة كانوا يستخدمون تيك توك للترويج لمنتجات مثل ألعاب مثل (fidget spinners) أو خدمات للتدريب على التعامل مع أعراض الاضطراب، واللافت أن أيًا منهم لم يكن من المختصين المرخصين في مجال الصحة النفسية، مما يثير تساؤلات حول مصداقية المعلومات التي يقدمونها. توصيات للمستخدمين: توخي الحذر: كن حذرًا عند استهلاك المحتوى المتعلق بالصحة النفسية عبر تطبيق تيك توك أو أي تطبيق تواصل اجتماعي أخرى. التحقق من المصادر: تحقق من مصداقية المعلومات من مصادر موثوقة، مثل: المواقع الإلكترونية للمؤسسات الطبية المعتمدة. استشارة المتخصصين: استشر متخصصًا في الصحة النفسية للحصول على التشخيص والعلاج المناسبين. المشاركة الواعية: إذا كنت مصابًا باضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة، شارك تجاربك بوعي ومسؤولية، مع الحرص على استشارة المتخصصين.