
وجهة نظر: هل يمكن للصكوك الإسلامية أن تحل مشاكل ديون الاقتصادات الكبرى؟
في السياق، لا تمثل الصيرفة الإسلامية، خصوصاً الصكوك السيادية، مجرَّد أداة بديلة، بل تعكس تحوُّلاً هيكلياً في الطريقة التي يمكن أن تموّل بها الدول مستقبلها.
لماذا تختلف الصكوك؟
على عكس السندات، ترتكز الصكوك على مبدأ الأصول الحقيقية وتقاسم المخاطر. فالمستثمرون يشترون عملياً حصة ملكية في أصل أو مشروع، ويحصلون على عوائد من إنتاجيته، لا من التزامات الفائدة. هذا يضمن الشفافية، ويوحِّد المخاطر بين المقترض والمستثمر، ويفتح الباب أمام استقطاب رؤوس الأموال المتوافقة مع الشريعة في الخليج وجنوب شرق آسيا وأسواق التمويل الأخلاقي عالمياً.
يمكن للحكومات إصدار صكوك مرتبطة بالبنية التحتية، والطاقة المتجددة، والتكنولوجيا، واللوجستيات. وبهذه الطريقة تنوّع قاعدة تمويلها، وتجذب مستثمرين غير تقليديين، وتخفّف اعتمادها على أسواق الدين الغربية المتقلبة.
مَنْ يمكنه الاستفادة؟
الولايات المتحدة: إصدار صكوك بالدولار مرتبطة بالبنية التحتية الأميركية قد يجذب السيولة الخليجية والآسيوية.
الصين: الصكوك يمكن أن تكمل تمويل مشروع «الحزام والطريق»، وتجذب رأس المال الخليجي، وتدعم تدويل اليوان.
الاتحاد الأوروبي (إيطاليا، إسبانيا، اليونان): تمويل مشاريع خضراء ونقل متوافق مع أهداف الاستدامة الأوروبية.
المملكة المتحدة: بعد «بريكست»، يمكن للندن توسيع إصدار الصكوك، وتعزيز مكانتها كمركز عالمي للتمويل الإسلامي.
اليابان: مع ارتفاع نسب الدَّين، تمثل الصكوك وسيلة لتنويع تمويل التكنولوجيا والبنية التحتية.
كندا: أداة لتمويل العجز والمشاريع مع تعزيز الروابط مع الشرق الأوسط.
هذه الاقتصادات لن تجمع الأموال بطريقة مختلفة فحسب، بل ستعيد تشكيل استراتيجياتها المالية أيضاً.
الفرصة الفريدة للكويت
بينما تستفيد دول أخرى من الصكوك كأداة، تملك الكويت فرصة لتصبح المركز العالمي لاقتصاد الصكوك.
هيئة الاستثمار الكويتية رائدة عالمياً
بأصول تتجاوز 800 مليار دولار، تستطيع الهيئة العامة للاستثمار أن تستكشف دوراً ضامناً للصكوك السيادية في الأسواق المتقدمة، عبر: وضع الكويت كوسيط موثوق في التمويل العالمي، وتحقيق عوائد مستدامة من صكوك مرتبطة بالبنية التحتية ومشاريع الاستدامة، وتوسيع الدبلوماسية المالية الكويتية إلى ما بعد النفط.
هيئة تشجيع الاستثمار كمحفِّز محلي
يمكن لهيئة تشجيع الاستثمار المباشر أن تجعل الكويت مركزاً إقليمياً للصكوك، مكمّلةً لدبي وكوالالمبور، عبر: جذب المؤسسات المالية العالمية لإصدار صكوك من خلال الكويت، وتمكين الشركات الصغيرة والمتوسطة والمشاريع المحلية من التمويل عبر هياكل الصكوك، وإدماج الصكوك في استراتيجية الاستثمار الأجنبي المباشر للكويت.
مكاسب على مستوى الناتج المحلي
إذا نجحت الكويت في ترسيخ نفسها كمركز رئيسي للصكوك، فإن الأثر على الناتج المحلي سيكون ملموساً: التقديرات المتحفظة تشير إلى أن الخدمات المالية والوساطة في الصكوك قد تضيف ما بين 2–3 في المئة سنوياً للناتج المحلي.
بالنسبة لاقتصاد يبلغ حجمه 186 مليار دولار، يعادل ذلك 3.7–5.5 مليارات دولار من الناتج الإضافي سنوياً.
وعلى مدى عقد، قد يصل الأثر التراكمي إلى 40–50 مليار دولار، ما يُسهم في تنويع الاقتصاد بعيداً عن النفط.
توفير فرص عمل
بناء منظومة متكاملة للصكوك يتطلَّب خبرات قانونية واستشارية ورقابية وتقنية، وهو ما يفتح فرصاً محلية وعالمية:
محلياً: تحويل الكويت إلى مركز هيكلة الصكوك قد يوفر 20–30 ألف وظيفة عالية المهارة للكويتيين خلال 10 سنوات.
خارجياً: عبر تدريب كفاءات كويتية متخصصة بالصكوك للعمل كمستشارين وهيكليين ووسطاء ماليين في الأسواق الدولية، ما يوفر 5–10 آلاف وظيفة إضافية للمواطنين، ويعزز تنويع مصادر الدخل.
عائد القوة الناعمة
بقيادة حركة الصكوك العالمية، ستعزز الكويت مكانتها كوسيط مالي محايد، يربط رأس المال الإسلامي باحتياجات الدَّين الغربي، ويعمِّق روابطها مع آسيا، ويعزز صورتها كدولة «جسر» في الساحة الدولية.
الصكوك الإسلامية لن تمحو ديون الولايات المتحدة أو أوروبا أو الصين بين ليلة وضحاها، لكنها قادرة على تغيير الطريقة التي تصل بها هذه الاقتصادات إلى رأس المال.
أما بالنسبة للكويت، فالصكوك ليست مجرَّد أداة، بل فرصة استراتيجية لإعادة ابتكار اقتصادها، وتنويع ناتجها المحلي، وتوفير عشرات آلاف الوظائف.
وبتمكين الهيئة العامة للاستثمار من قيادة الجهد عالمياً، وهيئة تشجيع الاستثمار من ترسيخه محلياً، يمكن للكويت أن تجعل الصكوك العمود الفقري لاستراتيجيتها في التنويع الاقتصادي. وإذا نُفّذت بالشكل الصحيح، فقد تضيف مليارات إلى الناتج المحلي، وتوفر آلاف الوظائف الجديدة، وتكرِّس مكانة الكويت كالمركز الأول عالمياً للتمويل السيادي المتوافق مع الشريعة.
في زمن أصبحت المصداقية والثقة العملة الجديدة للتمويل العالمي، تمتلك الكويت كلاهما، وقد تكون الصكوك أقوى صادراتها على الإطلاق.
* الرئيس التنفيذي لشركة دو كابيتال في سي، ومحاضر زائر في ريادة الأعمال، ومؤسس الغرفة الإسلامية العالمية للتجارة والصناعة عبر الإنترنت. وهو أيضاً متحدث عالمي في مجالات الاستراتيجية وتطوير الشركات الناشئة، ويُعرف برؤاه في الاقتصاد وبناء منظومات أعمال مبتكرة، وأخلاقية، وقابلة للتطوير.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الرأي
منذ 2 ساعات
- الرأي
الدنمارك تلغي ضريبة القيمة المضافة على الكتب لتشجيع القراءة
أعلنت الحكومة الدنماركية، رسمياً، إلغاء ضريبة المبيعات البالغة 25 في المئة على الكتب، في خطوة تهدف إلى التصدي لما وصفته بـ«أزمة القراءة» المتصاعدة، لا سيما بين فئة المراهقين، وفق ما صرّح به وزير الثقافة ياكوب إنغل‑شميدت، الذي أكد أن القرار يندرج ضمن رؤية أشمل لتعزيز الثقافة وجعل الكتب أكثر إتاحة للجمهور.من المتوقع أن تبلغ كلفة هذا الإجراء نحو 50 مليون دولار أميركي تقريباً. وقال إنغل‑شميدت في تصريحه: «أشعر بفخر كبير لهذا القرار. يجب أن نستثمر بقوة في ثقافة واستهلاك المجتمع الدنماركي».وأكد أن إلغاء الضريبة يمثل جزءاً من استراتيجية متكاملة، تهدف إلى جعل الكتب أكثر وصولاً، خاصة للفئات التي تعاني من صعوبات في القراءة والفهم.ويأمل المسؤولون الدنماركيون في أن يسهم إلغاء الضريبة في تقليص الفجوة بين معدلات القراءة الحالية وما تطمح إليه الدولة ثقافياً وتعليمياً.وأكد وزير الثقافة أن الخطوة لا تشكّل حلاً سحرياً للأزمة، لكنها تمثل أداة فعالة لتقليل الحواجز الاقتصادية. وقال تومسن في هذا الصدد: «الهدف ليس فقط بيع المزيد من الكتب، بل ضمان أن يصل الأدب إلى كل من يحتاجه».


الجريدة
منذ 5 ساعات
- الجريدة
سعر برميل النفط الكويتي يرتفع 70 سنتاً ليبلغ 70.07 دولار
ارتفع سعر برميل النفط الكويتي 70 سنتاً ليبلغ 70.07 دولار للبرميل في تداولات يوم أمس الأربعاء مقابل 69.37 دولار للبرميل في تداولات يوم أمس الأول وفقا للسعر المعلن من مؤسسة البترول الكويتية. وفي الأسواق العالمية ارتفعت العقود الآجلة لخام برنت 1.05 دولار لتغلق عند 66.84 دولار للبرميل بينما ارتفعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 86 سنتاً لتغلق عند 63.21 دولار.


المصريين في الكويت
منذ 6 ساعات
- المصريين في الكويت
شوف ازاي تحويلات المغتربين ساندت مصر في أزمتها الدولارية
كلام كتير اتقال علي الاثر الكبير اللي عملته تحويلات المصريين العاملين بالخارج في مساندة الاقتصاد المصري… ياتري ازاي تحويلات المصريين بالخارج ساندت الاقتصاد المصري.. واية اللي عملته في الاقتصاد المصري.. قالوا زمان المصري معروف بقوته وجبروته، وإنه شعب فرعوني مش بيقبل بالكسر، وده اللي عمله المصريين العاملين بالخارج واللي لما البلد احتاجتهم كان في الميعاد وايراداتهم وتحويلاتهم سندت مصر في أهم أزمة عدت عليا وهيا أزمة نقص العملات الأجنبية في البنوك، وده جه بعد القرار الأصعب اللي أخذه البنك المركزي بتحرير سعر صرف الجنية المصري بشكل مرن قدام الدولار الأمريكي. طيب اية اللي عملته تحويلات المصريين العاملين بالخارج في الاقتصاد المصري؟. في 2024، مصر استقبلت أكبر زيادة سنوية في تحويلات المصريين العاملين بالخارج بنسبة 51.3%، وسجلنا 29.6 مليار دولار مقارنة بـ19.5 مليار دولار في 2023 ، وخلال 12 شهر لحد نهاية فبراير 2025، تحويلات المصريين العاملين بالخارج سجلت رقم قياسي بالوصول لـ32.6 مليار دولار، بارتفاع وصل لأكثر من 72.4% عن السنة اللي فاتت. في أول 7 شهور من السنة المالية 2024/2025 في الفترة من يوليو لحد شهر يناير، التحويلات ارتفعت بنسبة 81% وسجلت ما يقرب من 20 مليار دولار، مقابل 11 مليار في الفترة نفسها من السنة اللي فاتت. الارتفاع الضخم اللي حصل في تحويلات المصريين بالخارج ساهم في تضييق عجز الحساب الجاري، وفي خلال 9 شهور ولحد 2025، انخفض العجز وسجل 13.2 مليار دولار مقارنةً بـ17.1 مليار دولار في السنة اللي فاتت وده بفضل ارتفاع تحويلات المصريين بالخارج، بالاضافة الي تحسن واردات السياحة . الزيادات الكبيرة اللي حصلت من تحويلات المصريين العاملين بالخارج وايرادات قطاع السياحة ساهمت في تعزيز الاحتياطي النقدي الأجنبي واللي وصل مستوى قياسي في 2024 وسجل 46.38 مليار دولار في يونيو، والأصول الأجنبية الصافية حققت مكاسب إيجابية لشهور طويلة بعد فترات طويلة من السلبية والانخفاض وكان السبب فيها هيا بتحويلات المصريين بالخارج بالاضافة الي الصفقات الاستثمارية ودعم صندوق النقد الدولي . تحويلات المصريين العاملين بالخارج مكانتش لها تاثير ايجابي علي الاقتصاد المصري بس، لا ده كان لها اثر مهم جدا علي المستوى المعيشي للأسر المصرية خصوصا في القري، وساعدت في تحسين ظروف الأُسر وتخفيف الفقر وتحسين التعليم والصحة والظروف المعيشية لاغلب الناس، وده بياكد أن قرار البنك المركزي بتحرير سعر الصرف في مصر بشكل مرن والتخلص من السوق السودا كانت نقطة تحول إيجابية ساهمت في استقرار سعر صرف الجنيه وحسنت ميزان المدفوعات، وعززت الاحتياطي النقدي. في الوقت الحالي الحكومة بتحاول أنها تحافظ علي اللي حققته من الزيادات الكبيرة في تحويلات المصريين العاملين بالخارج من خلال زيادة وتوسعه التحول الرقمي وخفض التكاليف، وتقديم حوافز مالية إضافية للمغتربين زي شهادات الادخار وبرامج المدخرات طويلة الأجل. Leave a Comment