
هل ينجح العراق في تجاوز الفساد والضغوط لإحياء صناعته العسكرية؟
بغداد ـ يشهد قطاع الصناعات الحربية في العراق حراكا متسارعا الآونة الأخيرة، في إطار سعي بغداد لتطوير قدراتها الذاتية وتحقيق الاكتفاء المحلي، وذلك من خلال إعادة إحياء ترسانة الصناعات العسكرية التي كان لها حضور بارز في المنطقة قبل عام 2003.
وتبرز هيئة التصنيع الحربي العراقي بوصفها الواجهة الرسمية لهذه الجهود، بعدما تبنت خطة إستراتيجية طموحة تهدف إلى إنتاج وتطوير منظومة متنوعة من الأسلحة والمعدات لتلبية احتياجات القوات الأمنية والعسكرية.
وفي مارس/آذار الماضي، أعلن رئيس هيئة التصنيع الحربي مصطفى عاتي عن انطلاق إنتاج العتاد المتوسط بمواصفات عالمية، مؤكدا التزام الهيئة بتوطين الصناعات الدفاعية في العراق، بالاستفادة من الدعم المقدم من الشركات المحلية، التي ساهمت بدورها في بناء قاعدة متينة لهذه الصناعة، رغم التحديات المعقدة التي تواجهها.
تحول نوعي
ويمثل هذا التوجه تحولا نوعيا في مسار الصناعات الدفاعية العراقية، بعد أن كانت هذه الصناعة في طليعة دول المنطقة قبل أن تتعرض للانهيار عقب الغزو الأميركي وحل هيئة التصنيع العسكري. غير أن البرلمان العراقي أعاد إحياء هذا القطاع بإصدار قانون إعادة تأسيس الهيئة عام 2019، فاتحا بذلك الباب أمام جهود ترميم وتأهيل القدرات الصناعية الدفاعية.
وفي حديث خاص للجزيرة نت، أكد رئيس الهيئة مصطفى عاتي أن العراق يشهد اليوم استقرارا أمنيا واقتصاديا ساهم في تهيئة بيئة مناسبة لعودة الصناعات الحربية، لافتا إلى أن الهيئة استطاعت كسب ثقة الأجهزة الأمنية والشركات الخاصة على حد سواء، مما انعكس إيجابا على وتيرة الإنتاج ومستوى التعاون المحلي والدولي.
وأوضح عاتي أن الهيئة تنتج اليوم عديدا من الأسلحة والمعدات التي تلبي متطلبات القوات الأمنية، أبرزها 4 أنواع من المسدسات هي (بابل، آشور، أبتر، بابل ميني)، إلى جانب 4 أنواع من البنادق الخفيفة "ديك إيه، بي، سي، إيه آر 11" (Dic A، B، C، AR 11)، فضلا عن نوعين من البنادق الخفيفة عيار 9 ملم، ونوعين من أسلحة القنص المتوسطة، ونوعين من الرشاشات الآلية الكهربائية.
وأكد أن هذه الأسلحة تغطي الاحتياج المحلي بشكل كبير، مع استعداد الهيئة لتلبية أي متطلبات إضافية في مجالي الأسلحة الخفيفة والمتوسطة.
تعاون دولي
وفي إطار التعاون الدولي، أعلن عاتي توقيع اتفاق أولي مع وزارة الدفاع التركية لدعم الهيئة، إلى جانب توقيع عقد فعلي مع شركة الصناعات الحربية لنقل وتوطين تكنولوجيا صناعة ذخائر المدفعية لأول مرة في العراق.
ولفت إلى أن الهيئة باتت تحظى بثقة واسعة من جانب الشركات الأجنبية والعربية، وإلى أن هناك دعما من شركات عالمية رصينة من الشرق والغرب، مما يعكس تنامي الثقة الدولية بإمكانات العراق الصناعية.
من جانبه، أكد عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي، النائب ياسر إسكندر، أن العراق يمضي بخطى واثقة نحو إعادة تفعيل وتنشيط صناعاته العسكرية الحيوية، مؤكدا أن المرحلة المقبلة ستشهد مزيدا من التقدم في هذا الملف الوطني المهم.
خطوات متسارعة
وأوضح إسكندر أن العراق فقد كثيرا من قدراته التصنيعية في مجال الصناعات الحربية بسبب العمليات الإرهابية والتخريبية التي استهدفت منشآته خلال السنوات الماضية، غير أن هيئة التصنيع الحربي بدأت بخطوات متسارعة لإنتاج أسلحة تغطي نسبة كبيرة من الاحتياج المحلي.
ورغم هذا الحراك، فلا تزال الصناعة العسكرية العراقية تواجه تحديات كبيرة، في مقدمتها الضغوط الخارجية، وعلى رأسها ما يُعرف بـ"الفيتو الأميركي"، الذي لطالما حال دون تطور هذا القطاع الحيوي، حسبما يرى الخبير الأمني حسين الجنابي.
وفي حديثه للجزيرة نت، أوضح الجنابي أن المختصين في هيئة التصنيع العسكري أبدوا خلال الحرب على تنظيم الدولة رغبة حقيقية في تطوير وتصنيع الذخائر، ونجحوا فعلا في تلبية متطلبات القيادات الميدانية، لكن هذه الإنجازات واجهت تحديات هائلة، على رأسها القيود الأميركية، التي لا تزال تلقي بظلالها على هذا الملف.
شبكات فساد
وأضاف الجنابي أن أحد أكبر المعوقات يتمثل في وجود شبكات فساد تستفيد من صفقات استيراد الأسلحة وذخائرها، إذ تُبرم الصفقات بأسعار تفوق قيمتها الحقيقية بأضعاف، مما يشكل حافزا لدى بعض الأطراف الداخلية لمعارضة أي توجه نحو التصنيع المحلي، الذي قد يحدّ من تدفق هذه العمولات.
وأشار إلى أن العراق يمتلك طاقات وخبرات بحثية مكّنته من إنتاج طائرات مسيرة وصواريخ، غير أن هذا الإنتاج لا يزال في حدوده الدنيا لتجنب الاصطدام المباشر مع واشنطن ، التي تراقب بدقة أي خطوات باتجاه تطوير هذه الصناعات.
وأكد الجنابي أن مستقبل الصناعات الدفاعية في العراق مرتبط بقدرة البلاد على تجاوز الضغوط الخارجية، وإعادة ترتيب البيت الداخلي عبر مكافحة الفساد ودعم المؤسسات التصنيعية. كما شدد على أن التغيرات الجيوسياسية والحروب الاقتصادية العالمية، إلى جانب التراجع النسبي في الهيمنة الأميركية، قد تفتح نافذة جديدة للعراق لتوسيع قدراته الدفاعية وتعزيز استقلاله العسكري.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
١٤-٠٥-٢٠٢٥
- الجزيرة
خلافات العمال والإدارة تؤدي لإغلاق أكبر منجم للألماس بسيراليون
أعلنت شركة "كويادو ليمتد" (Koidu Limited)، أكبر منتج للألماس في سيراليون، عن إيقاف عملياتها بشكل مفاجئ وتسريح أكثر من ألف موظف محلي، وذلك في أعقاب نزاع طويل الأمد مع العمال بشأن الأجور وظروف العمل. بدأ عمال المنجم إضرابا في ديسمبر/كانون الأول 2024، ثم علقوه مؤقتا لإتاحة الفرصة للمفاوضات، قبل أن يستأنفوه في مارس/آذار الماضي، في ظل تصاعد التوترات مع إدارة الشركة. وتعود ملكية "كويادو ليمتد" إلى شركة "أوكتيا ليمتد" (Octea Limited)، التابعة لمجموعة "بي إس جي ريسورسز" (BSG Resources)، التي أسسها رجل الأعمال الإسرائيلي بيني شتاينميتز. وصرّح تشارلز كاينيسي، رئيس نقابة عمال الشركة، بأن الغالبية العظمى من الموظفين قد تم تسريحهم، ولم يتبق سوى عدد محدود يعمل في المقر الرئيسي بالعاصمة فريتاون. وأوضح أن العمال كانوا يتقاضون 30% فقط من رواتبهم، بسبب اعتماد الشركة على سعر صرف قديم يعود إلى عام 2016، رغم أن الرواتب مقوّمة بالدولار الأميركي وتُدفع بالعملة المحلية. كما أشار إلى أن العمال يفتقرون إلى مرافق صحية ملائمة ومياه شرب نظيفة، وهو ما فاقم التوتر داخل بيئة العمل. وامتنعت الشركة عن التعليق على هذه الاتهامات، حيث صرّح إبراهيم توراي، رئيس قسم الشؤون المؤسسية، بأنه "ممنوع من الإدلاء بأي تصريحات في الوقت الراهن". تصعيد واتهامات متبادلة وفي تطور لافت، اتهمت الشركة السيدة الأولى في سيراليون، فاطمة بيو، بالتدخل في النزاع وتحريض العمال، وذلك عقب زيارتها للمنطقة التي تنحدر منها، حيث ألقت خطابا انتقدت فيه الشركة بشدة، ووصفتها بأنها "ظالمة للعمال منذ وقت طويل"، وفق منشور لها على وسائل التواصل الاجتماعي. وردّت الشركة برسالة رسمية إلى السيدة الأولى، اتهمتها فيها بـ"التحريض والتشهير والتدخل غير القانوني"، مشيرة إلى أن الإضراب ألحق بها خسائر مالية تجاوزت 16 مليون دولار، وأن استئناف العمليات سيتطلب استثمارات إضافية بقيمة 20 مليون دولار. وطالبتها بسحب تصريحاتها علنا، وتقديم تعهد مكتوب بعدم تكرار ما وصفته بـ"التهديدات". تداعيات اقتصادية ومن المتوقع أن يُلقي إغلاق المنجم بظلاله على سوق الألماس العالمي، الذي يعاني أصلا من نقص في الإمدادات، خاصة مع تراجع الإنتاج في دول رئيسية مثل الهند. وتُقدّر صادرات "كويادو ليمتد" بنحو 100 مليون دولار سنويا، وفقا لمصادر في القطاع. من جانبه، أكد وزير الإعلام السيراليوني، تشيرنور باه، أن الحكومة "تبذل قصارى جهدها لحل الأزمة".


الجزيرة
٠٣-٠٥-٢٠٢٥
- الجزيرة
تفاؤل أوكراني بعد "اتفاقية المعادن".. ماذا تتوقع كييف من واشنطن؟
كييف- بعد عقبات وتوترات كثيرة وغير مسبوقة بين كييف وواشنطن، وبعد خلافات ومشادّة حادة بين الرئيسين الأوكراني فولوديمير زيلينسكي والأميركي دونالد ترامب ، رأت " اتفاقية المعادن النادرة" ضوءا في نهاية النفق، وتنفس الجميع الصعداء. ويعمّ تفاؤل كبير بين الأوكرانيين، ساسة وعامة، بعد نحو 100 يوم من مخاوف وشكوك فرضتها عودة ترامب، وكأنما ارتووا بعد طول ظمأ في الصحراء الأميركية، بحثا عن استمرار الدعم بالمال والسلاح. حتى أن الرئيس زيلينسكي قال إن "الاتفاق هو النتيجة الأولى للاجتماع مع ترامب في الفاتيكان"، الذي دام نحو 15 دقيقة فقط، على هامش جنازة البابا فرانشيسكو في 26 أبريل/نيسان المنصرم. يرى الأوكرانيون أن بنود الاتفاقية التي نشرتها نائبة رئيس الوزراء ووزيرة الاقتصاد يوليا سفيريدينكو، "عادلة"، ويعتقدون أنه على عكس ما كان متوقعا، لم تتنازل فيها كييف أمام ضغوط واشنطن. وباختصار، يشرح مدير معهد البحوث والاستشارات الاقتصادية في كييف إيهور بوراكوفسكي أهم ما جاء فيها قائلا إن "الاتفاقية تقضي بإنشاء صندوق استثماري لإعادة الإعمار، يسهم كل طرف فيه بنسبة 50%، وهو صندوق يبقي ملكية الأراضي والمنشآت والشركات لأوكرانيا، ولا يحتسب المساعدات المالية والعسكرية السابقة كديون عليها". وأضاف في حديث للجزيرة نت "تم توسيع مجال الاتفاقية لتشمل 57 معدنا، إضافة إلى النفط والغاز، التي حال العجز والفساد عن استثمارها طيلة 34 سنة، حتى أصبح اسمها (اتفاقية باطن الأرض)". وفي السياق ذاته أيضا، يقول الكاتب في الشأن الاقتصادي، سيرهي فورسا للجزيرة نت، إن "أهم ما في الاتفاق أنه لا ضرر فيه لنا أو تبعية استعمارية كما أراد ترامب، وأننا لا نعترف فيه بديْن وهمي حدده ترامب في رأسه، ولا نلتزم بسداده ما حيينا". الجانب العسكري لكن الجانب الاقتصادي للاتفاقية، على أهميته، قد لا يعني الأوكرانيين بقدر ما يعنيهم الحصول على ما يدعم جبهات القتال، ويحمي المدن من الضربات الروسية، ويلحق بالروس أوجاعا أكبر. والاتفاقية، رغم مطالب الأوكرانيين، لم تشر إلى أية ضمانات أمنية أميركية، لكنها تأخذ بعين الاعتبار أن تكون المساهمة الأميركية على شكل "أسلحة ودفاعات جوية". وقال رئيس الوزراء دينيس شميهال، إن "اتفاقية باطن الأرض ستسمح بحماية سمائنا بشكل أفضل، وذلك بفضل أنظمة الدفاع الجوي الأميركية". ليس هذا فحسب، فبعد ساعات من توقيع الاتفاقية، قالت صحيفة "كييف بوست" إن "إدارة ترامب وافقت على أول عملية تصدير أسلحة لأوكرانيا، بقيمة 50 مليون دولار". تحول أميركي هذه المستجدات كلها تتزامن مع تحول كبير في الموقف الأميركي، لا سيما فيما يتعلق بجهود الوساطة بين أوكرانيا وروسيا لإيقاف الحرب وإحلال السلام. ومن دلالات هذا التحول، كما يراه الأوكرانيون، تسليم نائب الرئيس الأميركي، جيه دي فانس ، بأن "أفق الحرب بلا نهاية واضحة، والمهمة صعبة قد تحتاج إلى 100 يوم أخرى". بينما لوّحت واشنطن بسحب جهودها، وغيّر ترامب نبرته تجاه الروس، فصار يتذمر من مماطلة بوتين، وتوعده فعلا في حال عدم التوصل إلى اتفاق قريب لوقف إطلاق النار وبداية المفاوضات، قائلا "سنعطي زيلينسكي الكثير، وأكثر مما حصل عليه في أي وقت مضى"، في إشارة مباشرة إلى الدعم الأميركي. وإزاء هذه التطورات، يرى رئيس مركز الدراسات السياسية التطبيقية "بنتا" فولوديمير فيسينكو "أن ترامب فهم أن بوتين خدعه، وأن الأخير لا يريد السلام، حتى وإن قال وأظهر غير ذلك". همّ مشترك من وجهة نظر بعض الخبراء، تُشرك الاتفاقية الموقعة الولايات المتحدة في تحمل "الهمّ" الأوكراني، وتمنعها من الضغط على أوكرانيا ودفعها نحو سلام لا يواتيها. وفي هذا السياق، يقول أستاذ العلوم السياسية ورئيس "مركز التنسيق المشترك" أوليغ ساكيان، إن "واشنطن باتت معنية وبشكل مباشر بإحلال السلام، دون أن تخسر كييف مزيدا من الأراضي". وأضاف موضحا "يخشى ترامب تحمل التبعات إذا تراجع دعم بلاده واستطاعت روسيا سحق أوكرانيا. وكذلك لن يستطيع ترامب إجبار أوكرانيا على إبرام اتفاق يعود بالضرر على الحكومة والشركات الأميركية التي ستساهم في "الصندوق الاستثماري المشترك". ومن وجهة نظره، "بعد واشنطن، ستزيد الدول الغربية الضغوط على بوتين في المرحلة المقبلة" ويعتقد أن هذه الدول، ستزيد وتشدد العقوبات على روسيا بعد الاحتفال الأوكراني بـ 9 أيار/مايو (ذكرى يوم النصر على النازية)". الوساطة باقية وعلى أساس ما سبق، يستبعد مسؤولون أوكرانيا انسحاب الولايات المتحدة فعليا من جهود الوساطة وإحلال السلام، حتى وإن تعثرت تلك الجهود ولمّحت واشنطن إلى غير ذلك. في حديث لموقع "آر بي كا"، قال مستشار الرئيس الأوكراني ميخايلو بودولاك، في تلميح غير مباشر للأميركيين "إذا كانت لديكم اتفاقية شراكة إستراتيجية، وكانت لديكم أصول أو أرباح هنا، فلن تُسلموا هذه المنطقة لمنافس مباشر، خاصة في مجالات صناعية تعنيكم، وتخص المعادن الأرضية النادرة. ستحمون أصولكم، وهذا سيعود عليكم بالنفع".


الجزيرة
٠٢-٠٥-٢٠٢٥
- الجزيرة
هل تفي الحكومة المصرية بوعدها توفير كهرباء بلا انقطاع في الصيف؟
القاهرة- مع اقتراب فصل الصيف وزيادة الطلب على الكهرباء، أكدت الحكومة المصرية التزامها بتجنب "تخفيف الأحمال" بشكل كامل خلال الفترة المقبلة، نظرا للعبء الذي يقع على المواطنين والتأثير السلبي على قطاعات حيوية كالسياحة والإنتاج. وقال المتحدث باسم مجلس الوزراء، المستشار محمد الحمصاني، إن هناك تعاونا وثيقا بين وزارتي الكهرباء والبترول لتوفير الوقود اللازم لمحطات الكهرباء، مشيرا إلى أن إستراتيجية الدولة تعتمد على التوسع في مشروعات الطاقة الجديدة والمتجددة لدعم الشبكة القومية للكهرباء. بالتوازي مع ذلك، تُبذل جهود لترشيد الاستهلاك وتقليل الفاقد من الطاقة، مع تشجيع الاستثمار في قطاع الطاقة النظيفة، بحسب المتحدث، مما يُحقق التوازن بين تلبية الاحتياجات المحلية والمحافظة على البيئة. أزمة الماضي تلاحق الحاضر وخلال صيف العام الماضي، واجهت القاهرة أزمة حادة في توفير الكهرباء، مما اضطرها إلى قطع التيار عن المواطنين لفترات تراوحت بين ساعة و4 ساعات يوميا. ويعود ذلك إلى تفاقم الطلب المحلي ونقص إمدادات الغاز، وهو ما تزامن مع تحول البلاد من تصدير الغاز المسال إلى استيراده. مع تقادم حقول الغاز، تراجع إنتاج مصر اليومي من الغاز إلى قرابة 4.3 مليارات قدم مكعّب، بينما ترتفع حاجة محطات التوليد خلال الصيف إلى 6.5 مليارات قدم مكعّب يوميا، وقد تبلغ ذروتها 7 مليارات قدم مكعّب في شهري يوليو/تموز وأغسطس/آب المقبلين، وفقا لوحدة أبحاث الطاقة ومقرها واشنطن. ومن المتوقع أن يشهد إنتاج الغاز المحلي في مصر انخفاضا إضافيا بنسبة 22.5% بحلول نهاية عام 2028. وفي المقابل، يُتوقع زيادة كبيرة في استهلاك الطاقة في البلاد بنسبة تصل إلى 39% خلال العقد القادم، وفقا لبيانات شركة الاستشارات إنرجي أسبكتس. حلول الحكومة تستهدف خطة الحكومة استدامة إمدادات الكهرباء ومواجهة زيادة الأحمال عبر تعزيز الشبكة المحلية ودعم القطاعات الصناعية والخدمية من خلال التالي: توفير الوقود اللازم لمحطات الكهرباء. إضافة قدرات جديدة للشبكة الكهربائية. تعزيز فرص جذب الاستثمارات لقطاع الطاقة. تنويع مصادر إمدادات الطاقة (الطاقة المتجددة). انتهاء مشاريع الربط الكهربائي بين مصر وكل من السعودية، واليونان، وإيطاليا. بدائل الحكومة لا تكفي حذر مسؤول حكومي سابق كان يشغل منصبا وزاريا في قطاع الطاقة، طلب عدم الكشف عن هويته، "من استمرار وتفاقم أزمة الطاقة في مصر بسبب تراجع الموارد وتزايد الطلب بسبب النمو السكاني وارتفاع مستوى المعيشة والتوسع في المشروعات الاقتصادية، فضلا عن شح العملة الأجنبية الذي يزيد من تكلفة الاستيراد". وفي حديثه للجزيرة نت، أكد المسؤول السابق على ضرورة التحكم الرشيد في إدارة الطاقة من خلال تحديد أوقات لإغلاق المحلات والأسواق، وتعزيز الوعي بأهمية الحفاظ على الموارد في المدارس والجامعات والمؤسسات الحكومية، وترشيد استخدام الإنارة، مشددا على أن تجاهل هذه الإجراءات سيؤدي إلى زيادة مستمرة في فاتورة الاستهلاك. تكلفة باهظة شهدت واردات مصر من الوقود ارتفاعا ملحوظا خلال عام 2024 بنسبة تقارب 26%، لتصل قيمتها إلى نحو 15.5 مليار دولار مقارنة بـ12.3 مليار دولار سجلتها الواردات في عام 2023. ولتغطية الفجوة بين إنتاجها المحلي واحتياجات السوق، تخطط مصر لاستيراد ما بين 155 و160 شحنة من الغاز الطبيعي المسال خلال عام 2025. وتُقدر التكلفة الإجمالية لهذه الواردات بنحو 8 مليارات دولار من بينها 3 مليارات لشراء 60 شحنة غاز في فصل الصيف. إعلان وخصصت الحكومة المصرية 75 مليار جنيه (حوالي 1.5 مليار دولار) لدعم الكهرباء في موازنة 2025-2026، في حين رفعت الأسعار في أغسطس/آب الماضي بنسب تتراوح بين 14% و40% للمنازل، و23.5% إلى 46% للقطاع التجاري، و21.2% إلى 31% للصناعي. حقيقة وعود الحكومة في ضوء المعطيات الحكومية لتجنب تخفيف الأحمال خلال الصيف المقبل، يرى أستاذ هندسة الطاقة والرئيس الأسبق والمؤسس لجهاز تنظيم مرفق الكهرباء، محمد صلاح السبكي، أن "مرور الصيف دون انقطاع للكهرباء أمر متوقع. ويعزو ذلك إلى التكامل بين دخول محطات الطاقة المتجددة إلى الشبكة، واستمرار استيراد الوقود، بالإضافة إلى صيانة المحطات القائمة". وشدد السبكي، في تصريحات للجزيرة نت، على أهمية ترشيد استهلاك الكهرباء دون الضرر بالإنتاج، مشيرا إلى أن مصر تعتمد على الطاقة المتجددة بنسبة 14%، مقابل 85% على المواد البترولية والغاز الطبيعي. وأكد المتحدث أن الربط الكهربائي مع السعودية المتوقع خلال العام الجاري سيساهم في توفير إمدادات إضافية تقدر بنحو 1500 ميغاوات، أي ما يعادل 3% تقريبا من الاحتياجات. استيراد الطاقة أوضحت المديرة العامة للدراسات والتطوير سابقا في شركة جنوب الدلتا لتوزيع الكهرباء، عبلة جادو أن "مصر تمتلك بنية تحتية قوية في قطاع الكهرباء بقدرة إنتاجية تصل إلى 59 ألف ميغاوات، وهو ما يفترض أن يغطي الطلب الذي بلغ 38 ألف ميغاوات خلال صيف العام الماضي". وأضافت، في تصريح للجزيرة نت، أن التحدي الأكبر يكمن في ضمان إمدادات الوقود اللازمة لتشغيل هذه المحطات بكامل طاقتها، خاصة مع زيادة الاستهلاك في الصيف وتقلبات إمدادات الغاز. وأشارت أستاذة هندسة القوى الكهربائية إلى أن تأمين استمرارية الإمدادات سينعكس إيجابا على الاقتصاد، مؤكدة أن كلفة استيراد الطاقة تظل أقل بكثير من الفاتورة الباهظة الناتجة عن توقف المصانع وتعطل الإنتاج، فضلا عن الأضرار التي تلحق بشبكات الكهرباء بسبب عدم انتظام التيار. إعلان ودعت إلى تنويع مصادر الطاقة وتشجيع استخدام الطاقة الشمسية من قبل الشركات والمواطنين بدعم من الدولة، لما لذلك من توفير مالي وفوائد بيئية على المديين المتوسط والطويل.