
ترامب: ينام على الحرب.. يستيقظ على التّسوية
«أساس ميديا»
كالعادة، لا تُكتب سياسات دونالد ترامب من خلال أوراق استراتيجيّة، جلسات مغلقة او تقويمات استخباريّة، بل تتشكّل عبر مقابلات ناريّة، منشورات على منصّة 'تروث سوشيل' وتصريحات مشحونة تترك الأخصام والمستشارين وأيضاً المقرّبين بِحيرة من أمرهم في ما ينوي فعله.
تأرجحت مواقف الرئيس الأميركي دونالد ترامب بين الرغبة في التوصّل إلى حلّ دبلوماسي والتهديد بضربة عسكرية. ولكن بعد الهجمات الإسرائيلية الأخيرة على المنشآت النووية الإيرانية، خرج ترامب عن صمته ليقدّم دعمه الأكثر وضوحاً حتّى الآن، واصفاً الضربات بأنّها 'ممتازة'، ومهدّداً بالمزيد، بعد سلسلة من التصريحات أوحت بأنّ الخيار العسكري لا يزال بعيداً.
الرئيس، الذي طالما تباهى بأنّ عقيدته 'أميركا أوّلاً' تعني إنهاء تورّط واشنطن في حروب الشرق الأوسط أو حروب 'اللانهاية' كأفغانستان والعراق، يبدو اليوم أقرب ما يكون إلى تشجيع تصعيد عسكري إقليمي بقيادة إسرائيل. لكن هل هو مستعدّ فعلاً لخوض الحرب؟ أم يكتفي بالتصفيق من بعيد؟
تصعيد لفظيّ
منذ انسحابه الأحاديّ من الاتّفاق النووي عام 2018 وفرض عقوبات خانقة على طهران، كان ترامب دائم التلويح بالخطر، لكنّه دائماً ما أبقى باب التفاوض مفتوحاً. أمّا اليوم، ومع تصاعد الضربات الإسرائيلية، يخرج بتصريحات أكثر حدّة.
في مقابلة مع قناة ABC الأميركية في 13 حزيران، وصف الضربة الإسرائيلية بأنّها 'كانت ممتازة… لقد ضُربوا بشدّة، بشدّة كبيرة… وهناك المزيد مقبل، الكثير'.
على صفحته في منصّة 'تروث سوشيل' كشف أنّه أرسل قبل شهرين إنذاراً مدّته 60 يوماً لإيران، محذّراً إيّاها من 'عواقب' في حال لم تستجِب. واليوم يؤكّد أنّهم قد يحصلون على 'فرصة ثانية'.
في حديث لوكالة رويترز، أكّد أنّ واشنطن كانت على علم بالهجوم الإسرائيلي مسبقاً، قائلاً: 'كنّا نعلم كلّ شيء… حاولنا إنقاذ إيران من الإذلال والموت… لا يزال بإمكانهم التوصّل إلى اتّفاق. لم يفُت الأوان بعد'.
لكنّ الرسالة الأقوى كانت في التحدّي المباشر: 'لا نبحث فقط عن وقف إطلاق نار… بل عن استسلام غير مشروط'.
إنّه تصعيد لفظيّ واضح، لكنّه كُتب بالحبر القديم نفسه: عدائيّة مغلّفة بغموض، وتأرجح في المواقف.
على الرغم من نبرة الحسم والتسريبات والاستعدادات العسكرية، لم يعلن ترامب نيّة لإرسال قوّات أميركية. وحين سُئل قال: 'قد أفعل. وقد لا أفعل. لا أحد يعرف ما سأفعله'.
لكنّ الواقع العسكري على الأرض يُظهر شيئاً آخر: حاملات الطائرات الأميركية تقترب من الخليج، أنظمة دفاع جوّي تعزّز إسرائيل، وتبادل معلومات استخبارية بات لحظيّاً. أميركا لم تشارك بعد في العمليّات الهجومية، لكنّها في وضع الاستعداد الكامل.
يترك ترامب الباب مفتوحاً كعادته: فإن نجحت إسرائيل نال المجد، وإن فشلت تبرّأ من التداعيات.
شخصيّات مؤثّرة
يستمع ترامب إلى عدد من الأشخاص والمقرّبين، ليسوا بالضرورة في الحكومة، ولذلك موقف ترامب المعقّد تجاه إيران لا يُفهم دون النظر إلى من حوله. وهذه أبرز الشخصيّات المؤثّرة في قراراته اليوم:
روبرت أوبراين، مستشار الأمن القومي السابق، يدفع نحو التنسيق الكامل مع إسرائيل وتوسيع الردّ.
جاريد كوشنر، صهر ترامب، يدعو إلى التهدئة والعودة إلى المسار الدبلوماسي خوفاً من خسارة دعم دول الخليج.
روبرت مردوخ، قطب الإعلام المحافظ، يمارس ضغطاً لدعم إسرائيل عسكريّاً. وقد وصفه الإعلاميّ تاكر كارلسون في 13 حزيران بأنّه 'محرّض على الحرب' يستخدم الإعلام للتأثير على ترامب.
ميريام أديلسون، أرملة شيلدون أديلسون وأكبر مموّلة لحملات ترامب، تضغط بقوّة من أجل التصعيد ضدّ إيران.
إيكي بيرلموتر، رجل أعمال مؤيّد لإسرائيل، يستخدم نفوذه الماليّ والسياسي لدفع ترامب نحو العمل العسكري.
شون هانيتي ومارك ليفين، صوتان إعلاميّان محافظان، يدعمان الضربات بشكل صريح، وتعرّضا لهجوم مباشر من كارلسون.
قاعدة 'ماغا' التي أوصلته إلى الحكم
خطأ في الحسابات
ظهر كارلسون نفسه كقائد جبهة مضادّة داخل معسكر ترامب، محذّراً من أنّ 'أميركا أوّلاً' والتي تختصر بكلمو 'ماغا' بدأت تفقد معناها. في منشور له على منصّة X كتب: 'من هم المحرّضون على الحرب؟ إنّهم كلّ من يدفع ترامب اليوم نحو ضربات جوّية وتورّط مباشر في حرب مع إيران'.
ردّ ترامب سريعاً في قمّة مجموعة السبع، واصفاً كارلسون بـ'المجنون'، مضيفاً: 'من فضلكم، فليشرح أحدهم لهذا المجنون أنّ إيران لا يمكن أن تمتلك سلاحاً نوويّاً'.
سلّط الاشتباك العلنيّ بين الرجلين الضوء على الشرخ المتزايد في تحالف 'ماغا'، حيث تتصارع المصالح بين قاعدة مناهضة للتدخّل ومموّلين يدفعون نحو الحرب.
مع رفض ترامب للانتقادات الصادرة عن مقرّبين منه، لا يزال يحاول تحقيق توازن صعب: كسب دعم المموّلين المؤيّدين لإسرائيل مثل أديلسون ومردوخ، دون خسارة قاعدة 'ماغا' التي أوصلته إلى الحكم. هذه القاعدة بدأت تُظهر بوادر انقسام حول وعود ترامب المناهضة للحرب.
يكرّر تعامُل ترامب مع الأزمة الإيرانية نهجاً أصبح معروفاً قوامه: تصعيد كلاميّ، إشارات تأييد غير رسمية، ومواقف ضبابية تُبقي كلّ الخيارات مفتوحة. لا يريد الحرب، لكنّه لا يمانع استخدامها كورقة ضغط. لا يريد التدخّل العسكري، لكنّه يسمح بتمرير رسائل دعم واضحة لإسرائيل. باختصار، يترك الآخرين يقاتلون فيما يحتفظ هو بالتحكّم في الرواية.
لكنّ هذا التوازن الهشّ يمكن أن يتغيّر خلال ساعات. فأيّ تصعيد إيراني مفاجئ، أو خطأ في الحسابات، قد يدفعه إلى اتّخاذ موقف واضح لا رجعة فيه.
حتّى ذلك الحين، سيبقى ترامب على طبيعته: متقلّب، مسرحيّ، وصعب التكهّن بقراراته.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


IM Lebanon
منذ ساعة واحدة
- IM Lebanon
هذا ما أبلغه ويتكوف لعراقجي أثناء 'ضرب النووي'
نقل موقع 'أكسيوس' الاميركي عن مسؤولين، ليل الأحد – الإثنين، أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب تأكد بعد أسبوع بأن الدبلوماسية لن تصل إلى حلول في أزمة إيران وهو من اختار خطط ضرب المنشآت النووية والتوقيت. وأضاف الموقع، أن المبعوث الاميركي ستيف ويتكوف أبلغ وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي أثناء تنفيذ العملية أن 'الضربة لمرة واحدة فقط' وستقتصر فقط على البرنامج النووي. كذلك أفاد الموقع نقلًا عن مسؤول أميركي، بأن 'ويتكوف شدد على أن واشنطن لا تزال تسعى لحل دبلوماسي وتريد من إيران العودة إلى المفاوضات'.


بيروت نيوز
منذ 3 ساعات
- بيروت نيوز
لماذا لا يكون هناك تغيير للنظام في إيران؟
تساءل الرئيس الأميركي دونالد ترامب يوم الأحد عن إمكانية تغيير النظام في إيران بعد هجمات عسكرية أميركية على مواقع نووية إيرانية مهمّة مطلع هذا الأسبوع. ]]> وكتب ترامب في منشور على منصة تروث سوشيال 'ليس من الصواب سياسياً استخدام مصطلح 'تغيير النظام'، لكن إن لم يكن النظام الإيراني الحالي قادراً على جعل إيران عظيمة مرة أخرى فلم لا يكون هناك تغيير للنظام؟'


صدى البلد
منذ 4 ساعات
- صدى البلد
ضربة فوردو النووية .. تقييمات أولية: ضرر شديد دون تدمير كامل.. إيران نقلت المعدات الحساسة قبل الهجوم
تقارير استخباراتية إسرائيلية: أضرار جسيمة بأكثر المنشآت النووية الإيرانية تحصينًا تحت الأرض قنابل خارقة للتحصينات من طراز "MOP" تزن 30 ألف رطل الضربة على أنها نجاح تكتيكي عالي الدقة، دون حسم استراتيجي شامل تشير تقييمات أولية من مسؤولين أمريكيين وإسرائيليين إلى أن أحد أهم الأهداف – منشأة فوردو النووية المحصنة – تضرر بشدة، لكنه لم يُدمّر بالكامل، رغم إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن الضربات الجوية التي نُفذت ضد منشآت إيران النووية كانت "ناجحة بالكامل". وبحسب تقارير استخباراتية إسرائيلية، فإن القصف الذي جرى فجر الأحد، باستخدام قنابل خارقة للتحصينات من طراز "MOP" تزن 30 ألف رطل، تسبب في "أضرار كبيرة" داخل الموقع الواقع تحت الأرض، والذي يُعتبر من أكثر المنشآت النووية الإيرانية تحصينًا. أكد مسؤول أمريكي رفيع، في تصريحات نقلتها وسائل إعلام أمريكية، أن الضربة الجوية "أخرجت المنشأة عن الخدمة مؤقتًا"، لكنها لم تكن كافية لتدمير البنية التحتية بالكامل، مشيرًا إلى أن 12 قنبلة خارقة استُخدمت في الهجوم، ولم تؤدّ إلى انهيار كامل للمنشأة. وأفادت صور أقمار صناعية التقطتها شركة "ماكسار تكنولوجيز" بوجود تغييرات ملحوظة على سطح الموقع، منها حفريات وفتحات يرجح أنها ناتجة عن الضربة. كما رُصدت حركة غير اعتيادية قبل الهجوم، حيث شوهدت 16 شاحنة كبيرة قرب أحد مداخل المنشأة، ما يعزز فرضية قيام إيران بإخلاء الموقع من معدات ومواد نووية حساسة، من بينها اليورانيوم، استباقًا للضربة. ومن جهته، صرّح المسؤول السابق في وزارة الدفاع الأمريكية، ميك مولروي، أن الهجوم من المرجح أن يؤخر البرنامج النووي الإيراني "ما بين عامين إلى خمسة أعوام"، مؤكدًا أن تقييم الأضرار لا يزال جارياً، وأن التأثير الفعلي سيتضح خلال الأيام المقبلة. أما إيران، فقد اكتفت برد مقتضب، حيث قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، إن السلطات "تُجري تقييمًا للأضرار"، دون تقديم معلومات إضافية حول مصير أجهزة الطرد المركزي أو مستوى التخصيب. وفي ضوء هذه المعطيات، تُصنَّف الضربة على أنها نجاح تكتيكي عالي الدقة، دون حسم استراتيجي شامل، إذ أثبتت قدرة أمريكا على الوصول إلى أهداف بالغة التحصين، لكنها لم تُنهِ البرنامج النووي الإيراني بشكل كامل، ما يطرح تساؤلات حول الخطوات التالية لطهران وواشنطن في هذا التصعيد المتسارع. تباهى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بالعملية العسكرية التي نفذها الجيش الأمريكي ضد منشآت نووية إيرانية فجر اليوم الأحد، مؤكدًا أنها "أنقذت العالم من تهديد نووي وشيك"، وأعادت البرنامج النووي الإيراني سنوات إلى الوراء، دون سقوط ضحايا مدنيين أو الحاجة إلى تدخل بري. وفي تدوينة نشرها عبر منصة "تروث سوشيال"، قال ترامب إن الضربة كانت "دقيقة وفعالة واستثنائية"، مشيرًا إلى أن طائرات أمريكية انطلقت من ولاية ميزوري، وألقت قنابل خارقة للتحصينات على أهداف عدائية، وعادت أدراجها دون أن تهبط في أي قاعدة في الشرق الأوسط. وأضاف: "ما فعلناه بالأمس كان نصرًا ساحقًا، سحبنا القنبلة النووية من أيدي الإيرانيين، الذين ما كانوا ليترددوا في استخدامها لو امتلكوها". وأشاد ترامب بالجنود الأمريكيين ووصفهم بـ"الأبطال"، قائلاً: "إنها ضربة خاصة واستثنائية تُثبت تفوقنا العسكري". وأشار ترامب إلى أن العملية استهدفت بدقة ثلاث منشآت نووية رئيسية (فوردو، نطنز، أصفهان)، دون المساس بأي منشآت مدنية أو أهداف عسكرية خارج نطاق التهديد النووي. وقال: "لم نهاجم إيران كدولة، بل استهدفنا الأدوات التي كانت ستجعل منها خطرًا نوويًا على العالم". وأضاف أن الولايات المتحدة "لا تسعى للحرب"، لكنها "لن تسمح لنظام يصرخ بالموت لأميركا أن يمتلك سلاح دمار شامل".