
بوتين: آمل أن يؤدي التفاهم مع ترامب لإحلال السلام بأوكرانيا
وعقد الاجتماع بصيغة 3+3، حيث حضر من الجانب الأمريكي ترامب، ووزير الخارجية ماركو روبيو، والمبعوث للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، بينما ضم الوفد الروسي بوتين، ووزير الخارجية سيرغي لافروف، ومستشار الكرملين للسياسة الخارجية يوري أوشاكوف.
وقال بوتين، لقاؤنا مع الرئيس الأمريكي ترامب كان بناء ومفيدا، وعلى أساس الاحترام المتبادل.
وأشار إلى أن الوضع في أوكرانيا كان أحد الموضوعات الرئيسية للاجتماع مع ترامب.
وأضاف بوتين: "نرى أن الإدارة الأمريكية وترامب يبذلان جهودا لحل الأزمة الأوكرانية".
وأكد أنه "يجب ضمان أمن أوكرانيا بالطبع، ونحن مستعدون للعمل على هذه المسألة".
وأبدى امتنانه لترامب لدعوته إلى ألاسكا، مضيفًا: "كان من المنطقي أن نلتقي هنا. فعلى الرغم من أن المحيطات تفصل بين بلدينا، فإننا في الحقيقة جيران قريبون".
وزاد بوتين: "عندما نزلت من الطائرة قلت لترامب: 'مرحبا أيها الجار العزيز. من الرائع أن أراك بخير وبصحة جيدة'. فما يفصل بيننا فقط هو مضيق برينغ".
ولفت إلى أن ألاسكا مرتبطة بجزء مهم من التاريخ المشترك بين روسيا والولايات المتحدة، مذكرا بأنه خلال الحرب العالمية الثانية أُنشئ خط جوي بموجب اتفاقية "الإعارة والتأجير" (Lend-Lease) لنقل الطائرات والمعدات العسكرية.
وأكمل: "لن ننسى الأمثلة التاريخية على تحالفنا العسكري وتضامننا ضد العدو المشترك. أنا على يقين أن هذا الإرث سيساعدنا على إعادة بناء علاقات متكافئة ومفيدة للطرفين حتى في أصعب الظروف".
وتطرق بوتين إلى العلاقات الروسية ـ الأمريكية، مشيرا إلى أنه منذ أكثر من أربع سنوات لم تُعقد أي لقاءات على مستوى رفيع.
وأردف: "كان ذلك زمنا طويلا. في تلك الفترة كانت العلاقات الثنائية صعبة للغاية، وتراجعت إلى أدنى مستوى منذ الحرب الباردة، وهذا لم يكن جيدا لبلدينا وللعالم".
واستطرد: "عاجلا أم آجلا كان لا بد من الانتقال من المواجهة إلى الحوار. وفي هذا السياق، كان اللقاء وجها لوجه بين رئيسي الدولتين ضروريا بالفعل".
وأكد أنه أجرى مع ترامب تواصلا مباشرا "جيدا جدا"، مشيرا إلى محادثاتهما عدة مرات عبر الهاتف، وزيارات ويتكوف إلى روسيا، فضلًا عن التواصل المستمر بين وزيري خارجية البلدين ونوابهما.
ومضى قائلا: "منذ وصول الإدارة الأمريكية الجديدة إلى السلطة بدأ حجم التبادل التجاري بين بلدينا بالارتفاع، رغم أن هذه الزيادة رمزية بلغت 20 بالمئة. لدينا كثير من المجالات المثيرة للاهتمام للعمل المشترك".
وتابع: "من الواضح أن الشراكة بين روسيا والولايات المتحدة في مجالات التجارة والاستثمار تملك إمكانات كبيرة. بلدانا يمكن أن يقدما كثيرا لبعضهما في مجالات التجارة والطاقة والرقمنة والتكنولوجيا المتقدمة والفضاء".
كما أشار إلى إمكانية التعاون مع الولايات المتحدة بشأن منطقة القطب الشمالي، مؤكدا أهمية إعادة بناء التفاعل بين مناطق الشرق الأقصى الروسي والساحل الغربي الأمريكي.
وشدد الرئيس الروسي على أنه "من المهم أن يفتح بلدانا صفحة جديدة ويعودا إلى التعاون. علينا أن نفعل ذلك".
وكشف بوتين عن بعض تفاصيل المحادثات مع ترامب قائلا إن "الوضع في أوكرانيا كان الموضوع الأساسي للقمة. نرى أن الإدارة الأمريكية والرئيس ترامب يبديان اهتماما حقيقيا بفهم جوهر وأسباب الأزمة، ويسعيان إلى إيجاد حلول لها".
وأضاف: "ما يحدث في أوكرانيا مرتبط بتهديدات أساسية لأمننا. والأهم من ذلك أننا نرى الشعب الأوكراني شعبا شقيقا، وجذورنا واحدة. ما يجري هناك مأساة وألم بالنسبة لنا. ولهذا نحن مع إنهاء هذه المأساة".
واستدرك: "لكن لحل الأزمة بشكل راسخ وطويل الأمد يجب إزالة أسبابها الجذرية، وأخذ كل المخاوف المشروعة لروسيا بالحسبان، وإرساء توازن عادل في مجال الأمن بأوروبا والعالم".
وذكر بوتين أن نظيره الأمريكي تطرق إلى موضوع ضمان أمن أوكرانيا، مبينا: "أتفق مع ما قاله ترامب اليوم. من الضروري ضمان أمن أوكرانيا، ونحن مستعدون للعمل بهذا الشأن".
وأعرب الرئيس الروسي عن أمله أن "يؤدي التفاهم الذي توصل إليه مع ترامب إلى تحقيق الهدف وإحلال السلام في أوكرانيا".
كما أعرب عن أمله أن "تقبل أوكرانيا والدول الأوروبية هذه الجهود بشكل بنّاء، وألا يحاول أحد عرقلة التقدم عبر الاستفزازات أو المؤامرات الخفية".
وأردف: "أشكر الرئيس ترامب على عملنا المشترك. من المهم أن يكون الطرفان مركزين على النتائج. أرى أن الرئيس الأمريكي يعرف ما يريد أن يفعله، ويهتم حقا برفاهية بلده، وفي الوقت نفسه يدرك المصالح الوطنية لروسيا".
واختتم بوتين بالقول: "آمل أن تكون التفاهمات التي توصلنا إليها اليوم أساسا لحل مسألة أوكرانيا، وبداية لإعادة بناء علاقات عملية وبراغماتية بين روسيا والولايات المتحدة. وأنا أؤمن أنه من خلال المضي قدما في هذا الطريق سنتمكن من إنهاء الصراع في أوكرانيا في أقرب وقت".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

العربية
منذ 28 دقائق
- العربية
القادة الأوروبيون إلى جانب زيلينسكي اليوم في البيت الأبيض
التف القادة الأوروبيون، الأحد، حول الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الذي سيرافقونه اليوم الإثنين إلى البيت الأبيض، بعد قمة بين الرئيسين الأميركي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين لم تصدر عنها أي خلاصة بشأن الحرب في أوكرانيا. وأعلن حلفاء كييف الأوروبيون أنهم سيرافقون زيلينسكي إلى واشنطن، قبيل عقدهم مؤتمرا عبر الفيديو لـ"تحالف الراغبين" المؤلف من داعمي أوكرانيا لبحث مسألة الضمانات الأمنية لكييف والخطوط العريضة لاتفاق سلام محتمل. وسيكون الاجتماع في واشنطن مع الرئيس الأميركي، الأول من نوعه منذ بدء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا في شباط/فبراير 2022، وقد جاء نتيجة المحادثات الدبلوماسية المكثفة. وأكدت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين والرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون والمستشار الألماني فريدريش ميرتس ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر والرئيس الفنلندي ألكسندر ستوب ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني والأمين العام للحلف الأطلسي مارك روته أنهم سيكونون حاضرين في واشنطن. ورحب الزعيم الأوكراني بهذه "الوحدة" الأوروبية خلال مؤتمر صحافي في بروكسل، مضيفا أنه لا يعرف "بالتحديد" ما ناقشه الرئيسان الروسي والأميركي خلال قمتها التي عقدت في ألاسكا الجمعة. وأكد المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف أكد الأحد أن روسيا قدمت "بعض التنازلات" بشأن خمس مناطق أوكرانية، في إشارة إلى خيرسون وزابوريجيا ودونيتسك ولوغانسك إضافة إلى شبه جزيرة القرم التي ضمتها موسكو في 2014. وكتب ترامب الأحد على منصته تروث سوشال "تقدم كبير حول روسيا. ترقبوا الأخبار!"، بدون أن يورد مزيدا من التفاصيل. لكن وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو حذّر من "تداعيات" تشمل إمكان فرض عقوبات جديدة على روسيا، في حال عدم التوصل إلى اتفاق سلام. وفي أعقاب اجتماع "تحالف الراغبين" الأحد، انتقد ماكرون نظيره الروسي معتبرا أنه "لا يريد السلام" مع أوكرانيا بل يريد "استسلامها". وأكد الرئيس الفرنسي أنه "لا يمكن إجراء مناقشات بشأن الأراضي الأوكرانية بدون الأوكرانيين"، مطالبا بدعوة الأوروبيين إلى أي قمة مقبلة بشأن أوكرانيا. وفي ما يتعلق باجتماع الاثنين، قال ماكرون إن "رغبتنا هي تشكيل جبهة موحدة بين الأوروبيين والأوكرانيين"، وسؤال الأميركيين "إلى أي مدى" هم مستعدون للمساهمة في الضمانات الأمنية لأوكرانيا. ورحبت فون دير لايين "بعزم الرئيس ترامب على توفير ضمانات أمنية مشابهة للمادة الخامسة" من معاهدة الناتو لأوكرانيا، مشددة على وجوب أن تتمكن كييف من الحفاظ على وحدة أراضيها. كما رحب زيلينسكي بقرار الولايات المتحدة بشأن الضمانات الأمنية. وعند عودته من ألاسكا، أشار ترامب إلى إمكانية تقديم ضمانات مستوحاة من المادة الخامسة من معاهدة الناتو، ولكن من دون منح أوكرانيا عضوية في الحلف، وهو أمر تعتبره موسكو تهديدا وجوديا. من جانبها، دعت ميلوني إلى العمل على تحديد "بند أمن جماعي يسمح لأوكرانيا بالحصول على دعم جميع شركائها، بمن فيهم الولايات المتحدة، ليكونوا مستعدين للتحرك إذا تعرضت للهجوم مجددا". لا وقف لإطلاق النار ويأتي هذا الحراك الدبلوماسي بعد قمة ألاسكا التي لم تفض إلى أي اتفاق لوقف إطلاق النار في أوكرانيا ولا إلى فرض عقوبات جديدة على موسكو، بل أتاحت لبوتين العودة إلى الساحة الدولية بعدما سعت الدول الغربية إلى عزله بعد بدء الحرب في أوكرانيا في شباط/فبراير 2022. وكان زيلينسكي وحلفاؤه الأوروبيون يدعون إلى وقف إطلاق نار يسبق تسوية للنزاع، لكن ترامب أوضح بعد محادثاته مع بوتين أن جهوده باتت تركز على بلورة اتفاق سلام لم يحدد معالمه، غير أنه يعتزم كشف تفاصيل عنه الإثنين عند استقباله القادة الأوروبيين. ويؤيد ترامب أيضا مقترحا قدمته روسيا يقضي بتعزيز وجودها في شرق أوكرانيا، وفق ما علمت فرانس برس من مسؤول مطلع على المحادثات الهاتفية التي جرت السبت بين ترامب وقادة أوروبيين. وقال المصدر المطلع إن بوتين "يطالب بحكم الأمر الواقع بأن تغادر أوكرانيا دونباس" التي تضم منطقتي دونيتسك ولوغانسك في شرق أوكرانيا. كما يعرض الرئيس الروسي تجميد الجبهة في منطقتي خيرسون وزابوريجيا (جنوب). وبعد أشهر من بدء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، أعلنت روسيا في أيلول/سبتمبر 2022 ضم هذه المناطق الأربع الأوكرانية، ولو أن قواتها لا تسيطر عليها بالكامل حتى الآن. لكن زيلينسكي يرفض التنازل عن أي أراض، مؤكدا أن دستور بلاده يحول دون ذلك. - قمة ثلاثية؟ - ولمح الرئيس الأميركي إلى إمكان عقد قمة ثلاثية مع بوتين وزيلينسكي إذا "سارت الأمور على ما يرام" خلال استقباله الرئيس الأوكراني، بعد لقاء عاصف في وقت سابق هذه السنة، قام خلاله ترامب ونائبه جاي دي فانس بتوبيخه أمام الصحافيين، في مشهد أثار صدمة في العالم ولا سيما بين الحلفاء الأوروبيين. وقالت فون دير لايين الأحد إن قمة ثلاثية يجب عقدها "في أسرع وقت ممكن". لكن زيلينسكي أبدى تشاؤما مؤكدا "في هذه المرحلة، لا يتوافر أي مؤشر من جانب روسيا إلى أن القمة الثلاثية ستعقد". وبعد ثلاث سنوات ونصف سنة من النزاع الأكثر دموية على الأراضي الأوروبية منذ الحرب العالمية الثانية، باتت القوات الروسية تحتل حوالى 20% من أراضي أوكرانيا من ضمنها منطقة لوغانسك بصورة شبه تامة وقسم كبير من منطقة دونيتسك حيث تسارع تقدمها مؤخرا. أما زابوريجيا وخيرسون، فلا تزال كييف تسيطر على مدنهما الرئيسية. ميدانيا، تواصلت الهجمات بين البلدين مع شن كييف وموسكو ليلة السبت إلى الأحد هجمات بطائرات مسيّرة أوقعت عدة قتلى. وأعلنت السلطات الأوكرانية في وقت مبكر الاثنين إصابة 13 شخصا في قصف روسي استهدف مدينة خاركيف (شرق) ومنطقة سومي (شمال شرق) القريبتين من الحدود الروسية.


الشرق السعودية
منذ ساعة واحدة
- الشرق السعودية
بين التقسيم والتبعية.. هل يقترب سيناريو نهاية حرب أوكرانيا؟
اختتمت قمة الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، التي استضافتها ولاية ألاسكا الأميركية، ولا يزال السلام في أوكرانيا بعيد المنال، ومع ذلك، بدأت تتضح تدريجياً ملامح السيناريوهين الأكثر ترجيحاً لنهاية حرب روسيا وأوكرانيا، بحسب صحيفة "وول ستريت جورنال". وأوضحت الصحيفة، في تقرير نُشر السبت، أن أوكرانيا تواجه أحد مسارين محتملين: إما أن تخسر جزءاً من أراضيها، وتبقى دولة آمنة ذات سيادة، وإن كانت أصغر حجماً، أو أن تفقد الأرض والسيادة معاً، لتعود إلى دائرة نفوذ موسكو. وأشارت الصحيفة إلى أن قمة ألاسكا لم تسفر عن اختراق دبلوماسي، ولم تجب عن السؤال المحوري: أي السيناريوهين سيتحقق، ومتى؟ وقالت "وول ستريت جورنال" إن بوتين رفض المساعي الأميركية والأوروبية الرامية إلى التوصل إلى وقف لإطلاق النار يجمّد خط المواجهة الحالي، ويمهد لمفاوضات بشأن السيطرة على الأراضي الأوكرانية وضمانات أمن كييف، وبدلاً من ذلك، أشار الرئيس الروسي إلى أنه سيواصل الحرب حتى تبدي أوكرانيا والغرب استعداداً لتلبية الأهداف الجيوسياسية الأوسع لموسكو. ونقلت الصحيفة عن بوتين قوله عقب القمة: "نحن مقتنعون بأنه لكي تكون التسوية الأوكرانية مستدامة وطويلة الأمد، يجب معالجة كل الأسباب الجذرية للأزمة التي نوقشت مراراً، وأن تُؤخذ بعين الاعتبار كل المخاوف المشروعة لروسيا، ويُعاد التوازن العادل في مجال الأمن في أوروبا والعالم بأسره". وأضاف:"يجب ضمان أمن أوكرانيا أيضاً، لكن تجارب المفاوضات السابقة أثبتت أن التفاصيل الدقيقة غالباً ما تكون موضع الخلاف". واعتبرت "وول ستريت جورنال" أن تركيز بوتين على "الأسباب الجذرية"، وهو تعبيره المعتاد عن سلسلة من المظالم المرتبطة بتوجه أوكرانيا نحو الغرب، وتوسّع حلف شمال الأطلسي "الناتو" في أوروبا الوسطى والشرقية، يعكس أنه لم يتخلَّ عن أهدافه الأساسية المتمثلة في استعادة النفوذ الروسي على أوكرانيا، وإعادة بناء دائرة نفوذ موسكو في شرق أوروبا، واستعادة مكانة روسيا كقوة عظمى عالمية، وهي الأهداف ذاتها التي خاض من أجلها الحرب عام 2022. وبحسب الصحيفة، فقد فشلت روسيا في محاولتها السيطرة الكاملة على كييف، ويُرجّح أن هذا الهدف بات بعيد المنال، ورغم أن الدفاع الأوكراني الصامد لا يزال يقيّد التقدّم الروسي إلى مكاسب ميدانية هامشية، فإن ذلك يتحقق بتكلفة باهظة، كما تراجعت آمال كييف في طرد القوات الروسية بشكل تام، في ظل حالة الإنهاك التي يعانيها جيشها. وهو ما يترك، بحسب الصحيفة، سيناريوهين محتملين لنهاية أكبر حرب تشهدها أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية. السيناريو الأول: التقسيم مع الحماية ذكرت "وول ستريت جورنال" أن القيادة الأوكرانية باتت تقرّ، بهدوء، بأنها لا تملك القوة العسكرية الكافية لاستعادة حدودها كاملةً، مشيرة إلى أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أبدى الأسبوع الماضي استعداداً لمناقشة مسألة الأراضي في مكالمات عبر الفيديو مع ترمب وقادة أوروبيين، لكن فقط بعد التوصل إلى وقف إطلاق نار يجمّد الوضع الراهن على الجبهة. وتقول كييف والدول الأوروبية إنها "لن تعترف قانونياً بمكاسب روسيا الميدانية، لأن ذلك سيحوّل القانون الدولي إلى حافز لمزيد من الغزو بدلاً من أن يكون رادعاً له، إلّا أن تلك الدول تُبدي استعداداً للتعايش مع واقع سيطرة روسيا بحكم الأمر الواقع على أجزاء من أوكرانيا". وأفضل سيناريو ممكن بالنسبة لأوكرانيا وحلفائها الأوروبيين، كما ترى الصحيفة، هو أن تظل روسيا محصورة في الأراضي التي تسيطر عليها حالياً، أي ما يعادل نحو خُمس مساحة أوكرانيا. في المقابل، يصر الكرملين على انسحاب أوكرانيا من مناطق يدّعي أنها روسية، رغم أنه لا يسيطر عليها، وخاصة الجزء الخاضع لسيطرة كييف من إقليم دونيتسك، حيث لا تزال القوات الأوكرانية تسيطر على سلسلة من المدن المحصنة التي عجزت روسيا عن غزوها حتى الآن. لكن السؤال الأهم، بحسب التقرير، هو ما سيحدث في الـ80% المتبقية من أوكرانيا. وتسعى كييف والدول الأوروبية لضمان أمن وسيادة ما تبقى من أوكرانيا من خلال مزيج من الدفاعات العسكرية القوية والمساعدات الأمنية الغربية، كما يرغب "تحالف الراغبين"، بقيادة بريطانيا وفرنسا، في نشر قوات له في كييف لردع أي هجوم روسي مستقبلي. وتأمل العواصم الأوروبية أن "تنضم الولايات المتحدة إلى هذه الضمانات الأمنية لأوكرانيا، وقد شجعتها مؤشرات في الأيام الأخيرة على انفتاح ترمب تجاه هذا الخيار، لكن دور واشنطن المحتمل لا يزال غامضاً". وترى الصحيفة أن هذا السيناريو يشبه إلى حد كبير نهاية الحرب الكورية عام 1953، التي تركت شبه الجزيرة مُقسّمة، لكن كوريا الجنوبية ظلت محمية منذ ذلك الحين، لا سيما بفضل وجود قوات أميركية. بوتين يواجه فشلاً تاريخياً "محتملاً" أما بالنسبة لبوتين، فمثل هذه النهاية ستمثل فشلاً تاريخياً، على حد تعبير "وول ستريت جورنال"، فرغم أنه سيحتفظ بـ20% من أراضي أوكرانيا، التي معظمها مدمّرة، فإنه سيخسر الجزء الأكبر منها للأبد، بينما ستتمركز القوات الغربية في دولة يصر على أنها "شقيقة" لروسيا. وذكرت الصحيفة أن الدافع الوحيد لتراجع الرئيس الروسي عن موقفه قد يكون خوفه من أن تفرض الحرب أعباء اقتصادية وسياسية لا يمكن تحمّلها على الاستقرار الداخلي لروسيا، أو من أن بلاده لن تتمكن من الصمود أمام تشديد العقوبات الغربية بقيادة الولايات المتحدة، لكن معظم المراقبين لا يرون مؤشرات حقيقية على حدوث ذلك حتى الآن. وألمح ترمب ومسؤولون أميركيون آخرون إلى أن واشنطن قد تلحق ضرراً بالغاً بالاقتصاد الروسي من خلال إجراءات تستهدف عائدات النفط، مثل فرض رسوم جمركية عقابية على مشتري النفط الروسي، أو فرض عقوبات على المعاملات المصرفية، أو حظر "الأسطول الخفي" من ناقلات النفط الروسية، وغيرها، لكن معظم الخبراء يرون أن تشديد العقوبات ممكن، غير أن تأثيره الكبير سيستغرق وقتاً. وباستثناء سيناريو خوف بوتين على بقائه السياسي، يبقى من غير الواضح ما إذا كان سيقدّم الاعتبارات الاقتصادية على هوسه التاريخي بأوكرانيا وسعيه لـ"جعل روسيا عظيمة مجدداً"، بحسب الصحيفة. السيناريو الثاني: التقسيم مع التبعية قالت "وول ستريت جورنال"، إن المطالب الروسية منذ بدء الغزو عام 2022 شملت تقليص حجم الجيش الأوكراني، وتقييد تسليحه وإمداده بالأسلحة الغربية، وتغيير النظام السياسي في البلاد، بما يشمل الدستور والقيادة، والسياسات المرتبطة باللغة والتاريخ والهوية الوطنية. وأشارت الصحيفة إلى أن الخطر الأكبر الذي تواجهه أوكرانيا لا يكمن في خسارة شرقها وجنوبها فحسب، بل في أن الجزء المتبقي منها قد لا يكون قادراً على مقاومة غزو روسي ثالث، بعد غزوّي 2014 و2022، مما يضطر كييف للرضوخ لإملاءات موسكو بشأن قيادتها وسياستها الداخلية والخارجية. ورأت الصحيفة أن مثل هذا السيناريو سيحوّل ما تبقى من أوكرانيا إلى "محمية روسية"، وهو ما قالت إنه "سيكون بمثابة استسلام لأمة تسعى لترسيخ ديمقراطيتها والاندماج مع أوروبا والغرب، وهذا ما يقاتل الأوكرانيون من أجل منعه، حتى أكثر من قتالهم للدفاع عن مدنهم وبلداتهم في الشرق". وأضافت الصحيفة أن "السبيل الوحيد أمام بوتين لفرض مثل هذا السيناريو هو تحقيق نصر ساحق في ساحة المعركة، ومع أن التقدّم الروسي على الأرض لا يزال محدوداً من حيث المساحة، فإن الهدف الرئيسي لموسكو يتمثل في استنزاف الجيش الأوكراني وإرادة البلاد في القتال". وبعد ثلاث سنوات ونصف من الحرب المستمرة، بات الجنود الأوكرانيون متعبين، وأعدادهم أقل، ويعانون تذمّراً داخلياً من قيادتهم العسكرية، ومع ذلك، يواصلون المقاومة. وأضاف التقرير أن طبيعة الحرب الحديثة، حيث تلعب الطائرات المسيّرة دوراً محورياً، تمنح الأفضلية للدفاع على الهجوم. صمود أوكراني ونهاية مفتوحة ونقلت الصحيفة عن مايكل كوفمان، خبير الشؤون العسكرية في "مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي" في واشنطن، قوله: "لا أتوقع انهيار الجيش الأوكراني، لكن مع مرور الوقت، إذا فشلت كييف في معالجة مشاكلها المتعلقة بحشد القوات وإدارتها، فقد لا تُهزم ميدانياً، لكنها ستُنهك بشكل متزايد". ويرى محللون، وفق الصحيفة، أن "تفوّق روسيا من حيث عدد السكان والجنود والموارد المالية يجعل مجهودها الحربي يبدو أكثر استدامة مقارنة بأوكرانيا. ومع ذلك، أشار كوفمان إلى أن "تاريخ هذه الحرب يُظهر أن كييف أثبتت قدرتها على التكيّف والصمود". واختتمت الصحيفة تقريرها قائلة إنه رغم التحديات كلها، لا تزال أوكرانيا حتى الآن قادرة على إطالة أمد مقاومتها، والإبقاء على نتائج الحرب مفتوحة.


الشرق الأوسط
منذ 2 ساعات
- الشرق الأوسط
ترمب وبوتين: التاريخ والاستراتيجية والمصالح
ثمةَ قناعة أنَّ ترمب يكنُّ الودَّ لبوتين ويجدُ له دائماً الأعذار، بدليل تكذيبه مخابراتِ بلده بأنَّ روسيا تدخَّلت في الانتخابات الرئاسية، وتصديقه بوتين، وتراجعه عن عقوبات كانَ سيفرضها بعد خمسين يوماً وتخفيضها لعشرة أيام، ثم مكافأة بوتين بقمة في ألاسكا، علاوة على كلمات الإطراء، والتعظيم، والأهم تهزّؤُه بزيلينسكي الشهير في البيت الأبيض. ويجهد ترمب لتخليد اسمه في التاريخ بتكراره دائماً استحقاقه جائزة نوبل للسلام، لكونه أوقفَ ست حروب في أفريقيا وآسيا، ولم يبقَ إلا أوكرانيا. ويرى المتتبع لسلوك ترمب قناعتَه المطلقة أنَّه صانعُ الصفقات، ولا مشكلة إلا وحلُّها عنده، وبالتالي يُسخِّر إمكانات أعظم دولة في العالم لحل النزاع الأوكراني دونما اعتبار لمصالح حلفائه وأمنهم، ولا يجرؤ أحد في إدارته على الاعتراض مخافة الطرد. بالمقابل يرفع بوتين، المهووس بالتاريخ وبعظمة روسيا وبرصيد كبيرٍ من العمل المخابراتي وخبرة واسعة في العلاقات الدولية، شعار المظلومية؛ لقناعته الجازمة أنَّ انهيار الاتحاد السوفياتي عام 1991 كان «أكبر كارثة جيوسياسية في القرن العشرين»؛ ولإصلاح الخلل بدأ بالشيشان فاحتلّه، وانتقل لجورجيا وضمَّ أجزاء منها، ثم وصل للعاصمة كييف قبل أن يبدأ التراجع تحت نيران المقاومة الأوكرانية وأسلحة حلف الناتو. بوتين، مهما تكن الصعاب، ماضٍ في التحدي، ومثالُه المحتذى بطرس الأكبر باني إمبراطورية روسيا، وستالين مؤسس الاتحاد السوفياتي، ولا يرى نفسَه أقلَّ منهما رتبةً ولا عزماً. هذه الخلفية السابق ذكرها تُحدد أُطر تفكير ترمب وبوتين، ونظرتيهما للتاريخ، واستراتيجيتيهما: بوتين نذَرَ نفسه لتوسيع حدود روسيا، ولن يتوقف في حربه الأوكرانية إلا بمعاهدةٍ تُعيدها قسراً لحضن روسيا الأم؛ فخلال سِنِي حُكمه الطويلة بنى قوة عسكرية، وجدَّد أسلحة الدمار الشامل، ونفّذ استراتيجية «الجوار القريب» الهادفة إلى حماية قلب روسيا بدول تابعة تدور في فلكها. كما وضع روسيا مجدداً على خريطة العلاقات الدولية، فتدخّل في نزاعات أفريقيا والشرق الأوسط، ورمّم صداقاته مع دول أميركا الجنوبية المناوئة لأميركا. ولكونه يملك أسلحة نووية، ومُخاطِراً في قراراته، لم يجرؤ جورج بوش على نقل أسلحة لحكومة جورجيا، مخافة أن يُسقطها بوتين وتنشب حرب عالمية، وطلب الرئيس أوباما من الرئيس ميدفيديف آنذاك أن ينقل لبوتين أنه سيكون أكثر ليونةً معه عند انتخابه ثانية. والآن، يعيش بوتين عصره الذهبي مع ترمب القوي داخلياً، والكاره للرئيس زيلينسكي؛ لرفض الأخير مساعدته في توفير أدلة تُدين نجل منافسه الرئيس بايدن. وقد قال لزيلينسكي موبّخاً: «ليس لديك أوراق»، وعليك أن تعقد صفقة مع بوتين قبل أن تخسر دعمنا. ترمب يريد صفقة، ولو غير عادلة، لإغلاق ملف أوكرانيا، ونَيل جائزة نوبل، وسحب روسيا استراتيجياً من فلك الصين المهدِّدة لهيمنة أميركا؛ ويدرك أن اليمين الأميركي المتشدد يتماهى مع روسيا دينياً وحضارياً، ويعرف رغبة رجال الأعمال الأميركان بالاستثمار في روسيا الغنية بالموارد الطبيعية، وبالذات المعادن النادرة التي تحتاج إليها الصناعات الأميركية. فترمب عندما يفكر لا يرى إلا المصالح الآنيّة، ولا يعطي بتحالفاته أهمية للتاريخ، ويرى العالم بمنظار علاقات ثنائية لا مكانَ فيها للقيم الديمقراطية ونشرها، وشعاره: ماذا أكسب، وماذا أخسر. هذه النزعة يركز عليها بوتين ويُسخِّرها استراتيجياً لدقّ إسفين بين أوروبا وأميركا؛ لذلك ركز، في كلمته في أعقاب القمة في ألاسكا، على العلاقات التاريخية مع أميركا، والفرص الاستثمارية، واحترامه لترمب، وخوفه أن تُخرِّب أوروبا ما اتفقا عليه في القمة. ويدرك بوتين قوة رباط أميركا بأوروبا، لكنه لا ييأس، وبأقل الحالات يكسب الوقت، رغم معرفته كراهية ترمب للمماطلة؛ لهذا كالَ المديح لترمب وقدراته التفاوضية وصبره. حفَرَ بوتين، خلال سنوات حكمه، اسمه في تاريخ روسيا، بينما لا يزال ترمب يحلم بجائرة نوبل للسلام. الفارق بينهما أن ترمب يفكر بنفسه ويقدمها على سُمعة أميركا ومصالح حلفائها، بينما يهتم بوتين بدوره في تسطير تاريخ بلاده؛ ترمب تهمُّه الجائزة، وبوتين ارتقاء روسيا. ما يخشاه بوتين تقلّب ترمب، ومزاجيته، وإدراكه حنكة أوروبا وقدراتها. ويدرك ترمب أن أوروبا عَقبة أمام الجائزة، ويدرك بوتين أنها عقبة أمام كسْبه ترمب؛ لأن أوروبا ترى الانتصار الروسي بأوكرانيا خطراً كبيراً على أمنها، وعلى سُمعتها كاتحاد أوروبي؛ وما دامت قادرة على الرفض بدبلوماسية لبقة، وعلى بناء قدراتها العسكرية، سيبقى بوتين دبلوماسياً مرناً مع ترمب، ومنصتاً له، ليبقى التناوش مع أوروبا، ويتمكن من احتلال أراض أوسع في أوكرانيا. أظهرت قمة ألاسكا أن ترمب يحب بوتين، ويريد حلاً سريعاً لأزمة وكرانيا التي أخذت حيزاً كبيراً من اهتماماته، وعليها تتوقف سُمعته كصانعٍ للسلام، وأظهرت أنه لا تسوية دون أوروبا، وأن النقاش كله حول المصالح والمغانم؛ وأثبتت لمن يتعظ أن القوة والتحالفات ضمانة وليس القانون الدولي.