
بالتزامن مع مسار المفاوضات.. إيران تحصّن أنفاقها النووية
وبينما يواصل المفاوضون الإيرانيون جولتهم بين موسكو وبكين، وتُرجأ جولة مفاوضات مرتقبة مع الولايات المتحدة ، تظهر صور الأقمار الاصطناعية مستجدات ميدانية لا تقل أهمية: أنفاق نووية محصنة، محفورة بعمق في قلب الجبال الإيرانية، يجري تعزيزها واستكمالها تحسبا لهجوم محتمل.
ووفق تقرير صدر عن معهد العلوم والأمن الدولي، فإن طهران زادت بشكل ملحوظ من تحصين بنيتها التحتية النووية عبر تطوير مجمعي أنفاق يُعتقد أنهما متصلان مباشرة بمنشآت التخصيب الرئيسة.
هذا النشاط يواكب تصعيدا غير معلن في النبرة الإيرانية، وسط تهديدات أميركية وإسرائيلية متكررة بإمكانية اللجوء إلى الخيار العسكري.
لكن ما الذي يدفع إيران إلى هذا المسار، رغم حديثها المتكرر عن "مفاوضات إيجابية"، وهل تتحرك طهران وفق رؤية دبلوماسية واقعية، أم أنها تمهّد لمرحلة جديدة من المواجهة المدروسة؟
تحصينات ما تحت الأرض... ورسائل فوق الطاولة
تكتيك الحفر والتخزين في باطن الأرض ليس جديدا في العقيدة الدفاعية الإيرانية، لكنه اليوم يشهد تصعيدا نوعيا، بحسب خبراء عسكريين.
فوفق التقرير المشار إليه أعلاه، فإن هذه الأنفاق ليست مجرد ملاجئ، بل منشآت متكاملة تحت الأرض، مصممة لاحتواء معدات الطرد المركزي ومواد التخصيب العالية.
ويرى موفق حرب، محلل الشؤون الأميركية في "سكاي نيوز عربية"، في هذا التحرك الإيراني محاولة واضحة لـ"تعزيز الردع في وجه التهديدات العسكرية المتصاعدة، لا سيما في ظل التباطؤ الروسي في تزويد إيران بأنظمة دفاع جوي متطورة".
وقال حرب في مقابلة ضمن برنامج "التاسعة"، إن إيران "تسعى لمنح العالم صورة مزدوجة: دبلوماسية نشطة، لكنها مدعومة باستعدادات ميدانية تحاكي سيناريو الحرب".
وأضاف: "روسيا والصين لن تدخلا في مواجهة عسكرية لصالح طهران، حتى وإن كانت الشراكة السياسية والاقتصادية قائمة. في النهاية، إيران وحدها في ساحة المعركة المحتملة، وهي تعرف ذلك جيدا".
مفاوضات بنكهة الضغط... وعقوبات على الطاولة
تأجيل الجولة القادمة من المحادثات بين واشنطن وطهران أعاد المشهد إلى ضبابيته المعتادة، لا سيما في ظل فرض الإدارة الأميركية عقوبات جديدة طالت قطاع الطاقة الإيراني.
المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، وصف الخطوة بأنها "دليل إضافي على انعدام حسن النية الأميركية"، فيما اعتبرت طهران أن واشنطن تواصل استخدام الاقتصاد كسلاح سياسي.
وفي هذا السياق، حذّر حرب من التسرّع في تفسير العقوبات باعتبارها مجرد ورقة ضغط، وقال: "إدارة ترامب لا تزال ترى في الاتفاق هدفا ممكنا، لكنها تضع شروطا واضحة، على رأسها وقف التخصيب بنسبة 60 بالمئة، ودعوة مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى الدخول الفوري إلى المنشآت. هذه مطالب يُفترض أن تقابل بخطوات بناء ثقة، وإلا فإن البديل هو التصعيد".
ويرى حرب أن الرئيس ترامب شخصيا لا يزال "الصديق الوحيد المتبقي لطهران في الإدارة الأميركية"، لكنه لن يقبل باتفاق يُنظر إليه داخليا على أنه "تنازل بلا ضمانات".
ويوضح حرب أن "البيت الأبيض ينتظر مبادرة إيرانية قبل نهاية الشهر الجاري، وإلا فإن كفة الضغوط ستترجح، وقد تذهب إلى مدى أبعد من العقوبات".
الزيارات الإيرانية إلى روسيا والصين، والتي شملت لقاءات مع كبار المسؤولين، لا تبدو كافية لطمأنة الداخل الإيراني، ولا لردع أي هجوم خارجي.
فبحسب حرب، فإن الدعم الروسي-الصيني يبقى "محدودا بحدود المصالح، دون التورط في أي صراع مباشر. أما في الملف النووي، فإن طهران تجد نفسها وحيدة في مواجهة الضغوط الأميركية، فموسكو لم تزودها بأنظمة إس 400، والصين تنظر إلى المنطقة كسوق لا كساحة صراع".
هذه النظرة الواقعية تقوّض رهان إيران على دور روسي-صيني ضامن في أي اتفاق جديد، وتجعل من الولايات المتحدة الطرف الحاسم في تحديد مستقبل الملف النووي الإيراني.
تعيش إيران اليوم على خيط رفيع بين الحرب والسلام، فهي تسوّق لدبلوماسية نشطة، لكنها تبني تحت الأرض ما لا تقوله فوقها.
وفي الوقت نفسه، تنتظر أن تقرأ واشنطن هذه الإشارات كدليل على الاستعداد لا التهديد، في حين قد تراها إدارة ترامب على أنها تعبير عن مراوغة استراتيجية.
وحول ذلك يقول حرب: "الازدواجية في الخطاب والسلوك قد تكون مفهومة في علم التفاوض، لكنها أيضا سلاح ذو حدين. على إيران أن تفهم أن الوقت ليس في صالحها، وأن أي مماطلة في تقديم تنازلات جوهرية قد تسرّع من لحظة الانفجار".
وفي ظل عدم وضوح مستقبل المفاوضات، يظل سؤال اللحظة: هل تنجح إيران في تحويل دفاعها الصلب إلى مكسب دبلوماسي، أم أن أنفاقها الجديدة ستُقرأ في واشنطن وتل أبيب كجرس إنذار مبكر لحرب وشيكة؟
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


سبوتنيك بالعربية
منذ 22 دقائق
- سبوتنيك بالعربية
خبير أمريكي: ترامب لديه طريقتان فقط لحل أزمة أوكرانيا
خبير أمريكي: ترامب لديه طريقتان فقط لحل أزمة أوكرانيا خبير أمريكي: ترامب لديه طريقتان فقط لحل أزمة أوكرانيا سبوتنيك عربي أكد الأستاذ بجامعة شيكاغو جون ميرشايمر، أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ليس لديه سوى خيارين لحل الصراع الأوكراني بعد محادثة مع الزعيم الروسي فلاديمير بوتين. 23.05.2025, سبوتنيك عربي 2025-05-23T05:04+0000 2025-05-23T05:04+0000 2025-05-23T05:12+0000 الولايات المتحدة الأمريكية العالم روسيا وقال على قناة " Judging Freedom": "أمامه (ترامب) طريقان. عليه إما قبول مطالب روسيا أو الانسحاب (من الحوار مع موسكو - المحرر)".وبحسب قوله، فإن ترامب سيتخلى عن محاولات دعم الأوكرانيين من أجل تجنب أن يصبح "جو بايدن رقم اثنين"، ومن المرجح أن ينسحب من عملية التفاوض، تاركا للأوروبيين التعامل مع الصراع بمفردهم.وفي وقت سابق، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، إن روسيا لن تنخدع بمن يقترحون أولا الاتفاق على وقف إطلاق النار في أوكرانيا ثم الانتقال إلى التسوية. وكما ذكر الوزير، فإن الغرب خدع موسكو بالفعل في عام 2014، عندما نفذ انقلابا في الجمهورية ما بعد السوفييتية، بعد اتفاق تسوية بين سلطات كييف والمعارضة. وبعد ذلك تم انتهاك اتفاقيات مينسك، واعترف الساسة الأوروبيون في وقت لاحق بأن هذه الاتفاقيات كانت مطلوبة فقط من أجل كسب الوقت لكييف.في عام 2022، وقعت روسيا وأوكرانيا بالأحرف الأولى على مبادئ التسوية التي اقترحتها كييف في المفاوضات في إسطنبول، لكن الغرب منع رئيس نظام كييف، زيلينسكي، من التوقيع على اتفاقية بناءً عليها.أجرى بوتين وترامب محادثة هاتفية، يوم الاثنين، شملت مناقشات بشأن حل الصراع في أوكرانيا. وبحسب الزعيم الروسي، فإن المحادثة استمرت أكثر من ساعتين. وأكد الرئيس أيضا أن موسكو مستعدة للعمل مع الجانب الأوكراني بشأن مذكرة بشأن معاهدة سلام مستقبلية محتملة. بدوره، أكد رئيس البيت الأبيض، بعد المحادثة، أنه لن يفرض عقوبات جديدة على روسيا، لأن هناك فرصة لحل الصراع في أوكرانيا.ترامب يصف استبعاد روسيا من مجموعة الثماني بـ"الخطأ" الولايات المتحدة الأمريكية سبوتنيك عربي +74956456601 MIA 'Rossiya Segodnya' 252 60 2025 سبوتنيك عربي +74956456601 MIA 'Rossiya Segodnya' 252 60 الأخبار ar_EG سبوتنيك عربي +74956456601 MIA 'Rossiya Segodnya' 252 60 1920 1080 true 1920 1440 true 1920 1920 true سبوتنيك عربي +74956456601 MIA 'Rossiya Segodnya' 252 60 سبوتنيك عربي الولايات المتحدة الأمريكية, العالم, روسيا


سكاي نيوز عربية
منذ ساعة واحدة
- سكاي نيوز عربية
إيران تعتبر عقوبات أميركا الجديدة تقويضا لفرص الدبلوماسية
أعلنت وزارة الخارجية الأميركية ، الخميس، أنها فرضت عقوبات على قطاع البناء والتشييد في إيران ، بالإضافة إلى 10 مواد صناعية ذات تطبيقات عسكرية. وردا على ذلك قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي إن "العقوبات الأميركية الجديدة على طهران تلقي بمزيد من الشكوك على استعداد واشنطن للانخراط في الدبلوماسية". ووصف بقائي العقوبات بأنها "غير قانونية وعدائية ضد الشعب الإيراني". وأضاف: "إن هذا التصرف مستفز بقدر ما هو غير قانوني وغير إنساني. فالعقوبات متعددة الطبقات والإجراءات القسرية التي تفرضها الولايات المتحدة على إيران صُممت بعناية لحرمان كل مواطن إيراني من حقوقه الإنسانية الأساسية". واختتم بقائي تصريحاته قائلا إن "هذه العقوبات، التي أُعلنت عشية الجولة الخامسة من المحادثات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة، تُلقي بمزيد من الشكوك على جدية واشنطن واستعدادها الحقيقي للانخراط في الدبلوماسية". ويتوجه المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف إلى روما ، الجمعة، لعقد جولة جديدة من المحادثات مع وفد إيراني بشأن برنامج طهران النووي، وستكون هذه هي الجولة الخامسة من المحادثات. وفي الوقت نفسه، ناقش الرئيس الأميركي دونالد ترامب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المفاوضات مع إيران خلال اتصال هاتفي، الخميس، في أعقاب مقتل اثنين من موظفي السفارة الإسرائيلية في واشنطن. وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولاين ليفيت للصحفيين خلال تقديم تفاصيل مكالمة ترامب ونتنياهو إن الرئيس الأميركي يعتقد أن المفاوضات مع إيران "تسير في الاتجاه الصحيح".


البيان
منذ 3 ساعات
- البيان
كوريا الجنوبية تنفى إجراء محادثات مع أمريكا حول سحب قواتها
قالت وزارة الدفاع في سيئول اليوم الجمعة إنه لم تجرِ أي مناقشات مع وزارة الدفاع الأمريكية بشأن إمكانية خفض حجم القوات الأمريكية المتمركزة في كوريا الجنوبية. وجاءت هذه التصريحات ردًّا على تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية، أفاد بأن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تدرس سحب نحو 4,500 جندي من القوات الأمريكية في كوريا الجنوبية، التي يبلغ قوامها 28,500 جندي، ونقلهم إلى مواقع أخرى في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، بما في ذلك جزيرة غوام. وقالت الوزارة إن القوات الأمريكية في كوريا، التي تُعَدّ قوةً أساسيةً في التحالف بين كوريا الجنوبية والولايات المتحدة، قد ساهمت في تحقيق السلام والاستقرار في شبه الجزيرة الكورية والمنطقة، من خلال الحفاظ على موقف دفاعي مشترك ثابت مع الجيش الكوري الجنوبي، وردع غزو كوريا الشمالية واستفزازاتها. وأفادت: "سنواصل التعاون مع الجانب الأمريكي للتقدُّم في هذا الاتجاه". وقال متحدث باسم وزارة الدفاع لوكالة يونهاب للأنباء، إنه لا يوجد ما يمكن الإعلان عنه فيما يتعلق بأي خفض محتمل في قوات الولايات المتحدة في كوريا الجنوبية.