
هل سيتأثر قطاع الطيران الإسرائيلي بصواريخ «أنصار الله»؟
منذ الصاروخ اليمني، الذي أصاب محيط مطار بن غوريون في 4 أيار/مايو بدأت شركات الطيران، بشكل واضح، في تقليص أو تعليق أو إيقاف رحلاتها إلى إسرائيل.
صنعاء ـ «القدس العربي»:في الرابع من أيار/مايو أعلنت حركة «أنصار الله» (الحوثيون) «فرض الحظر الجوي على العدو الإسرائيلي، من خلالِ تكرارِ استهدافِ المطاراتِ، وعلى رأسِها مطارُ اللد المسمى إسرائيلياً مطارُ بن غوريون، وذلك ردًا على تصعيده الأخير بقرار توسيع العمليات العدوانية على غزة»، كما ورد في بيان أعلنه المتحدث العسكري باسم الحركة، العميد يحيى سريع.
استهدفت الحركة، مطار بن غوريون بتاريخ الرابع من أيار/مايو؛ في عملية استطاع فيها الصاروخ فرط الصوتي اختراق منظومة الدفاع الجوي الإسرائيلية، والوصول إلى محيط المطار، تلت ذلك عملية استهدفت مطار رامون في منطقة أم الرشراش (إيلات) بصاروخ واحد في السابع من أيار/مايو، وتوالت العمليات، التي تم الإعلان، من خلالها، عن استهداف مطار بن غوريون؛ وبلغ عددها عقب البيان المشار إليه، عشر عمليات، حتى الجمعة الموافق 23 أيار/مايو؛ كانت الأولى بتاريخ التاسع من أيار/مايو، والثانية والثالثة في 13 أيار/مايو، والرابعة في 14 أيار/مايو، والخامسة في 15 أيار/مايو، والسادسة والسابعة في 18 أيار/مايو، والثامنة والتاسعة في 22 أيار/مايو، والعاشرة تم الإعلان عنها صباح الجمعة 23 أيار/مايو.
تزامن الاستهداف الأول في الرابع من أيار/مايو مع تحذير الحوثيين لشركات الطيران من مغبة الاستمرار في تسيير الرحلات إلى المطارات الإسرائيلية، مؤكدة أنّ جميع تلك المطارات باتت ضمن بنك أهدافهم.
إن مما لا شك فيه إن القتال في غزة قد أثر سلبًا بشكل مباشر على قطاع الطيران في إسرائيل؛ لكن منذ الصاروخ اليمني، الذي أصاب محيط بن غوريون في الرابع من أيار/مايو بدأت شركات الطيران، بشكل واضح، في تقليص أو تعليق أو إيقاف رحلاتها إلى إسرائيل. وتوكد وسائل إعلام إسرائيلية أن استمرار القتال في غزة، وتوالي الصواريخ من اليمن، قد يؤثر على تعافي قطاع الطيران الإسرائيلي خلال عام 2025.
يوم الجمعة؛ ذكرت هيئة البث الإسرائيلية، وفق قناة «الجزيرة»، أن الخطوط الجوية البريطانية مددت تعليق رحلاتها إلى إسرائيل إلى نهاية شهور تموز/يوليو المقبل.
ويقول موقع «آيس» العبري، إنه رغم التحسن الواضح في مشهد الطيران، فإن شركة «رايان إير»، شركة الطيران الأيرلندية منخفضة التكلفة الشهيرة، لم تستأنف عملياتها إلى إسرائيل بعد. وتستمر الشركة في تأجيل موعد عودتها، وفي الوقت نفسه قامت بإلغاء آلاف تذاكر الطيران. وأضاف: تعتبر شركة «رايان إير» واحدة من شركات الطيران الرائدة بالنسبة للجمهور الإسرائيلي بفضل أسعارها الجذابة ومجموعة واسعة من الوجهات. ولكن التأخير في العودة قد يؤدي إلى الإضرار بالثقة العامة – ويبدو أن بعض الإسرائيليين سيفكرون الآن مرتين قبل أن يطلبوا منها مرة أخرى.
ويقول تقرير لموقع «كالكاليست» العبري: يقترب موسم الصيف، لكن العديد من شركات الطيران تستمر في تأجيل عودتها إلى العمليات في إسرائيل، في ضوء القصف المستمر من اليمن والهجوم الصاروخي على مطار بن غوريون قبل أسبوعين، فضلاً عن توسع نطاق القتال في غزة. ومن ناحية أخرى، بدأت شركات أخرى بالعودة بالفعل.
وأشار إلى أن شركة «رايان إير» مددت إلغاء الرحلات الجوية من وإلى إسرائيل حتى 12 حزيران/يونيو المقبل. وقال الرئيس التنفيذي لشركة الطيران الأيرلندية منخفضة التكلفة، الثلاثاء، إن الشركة «تفقد صبرها» في ضوء الاضطرابات الأمنية في مطار بن غوريون، وأنها قد تفكر في نقل الطائرات إلى وجهات بديلة.
وقال التقرير: استأنفت شركة الخطوط الجوية اليونانية «إيجيان»، رحلاتها من وإلى إسرائيل الخميس. وأضاف: أعلنت مجموعة لوفتهانزا، التي تضم خطوط بروكسل الجوية، ويورو وينجز، والخطوط الجوية السويسرية، والخطوط الجوية النمساوية، الثلاثاء، أنها تمدد إلغاء الرحلات الجوية إلى إسرائيل حتى 8 حزيران/يونيو المقبل. وجاء ذلك بعد أن كان من المفترض أن تستأنف الرحلات الجوية من وإلى إسرائيل في 25 أيار/مايو، ولكن القرار جاء نتيجة توسيع نطاق القتال في غزة. وأشار إلى أن شركة لوفتهانزا ألغت العديد من الرحلات في تواريخ بعد 9 حزيران/يونيو – ومع ذلك، وفقًا لهم، هذا تغيير مؤقت وليس إلغاءً.
وتابع: فيما استأنفت شركة دلتا للطيران رحلاتها اليومية المباشرة إلى إسرائيل من مطار جون كينيدي في نيويورك في 20 أيار/مايو، تستأنف شركات أخرى عملياتها في إسرائيل، وهناك شركات مددت التوقف؛ كالخطوط الجوية البريطانية، التي أوقفت رحلاتها إلى إسرائيل حتى نهاية تموز/يوليو، و «إيزي جيت» – حتى 30 حزيران/يونيو؛ وأوقفت شركة طيران كندا رحلاتها حتى 8 أيلول/سبتمبر.
وتحدث تقرير لموقع «باسبورت نيوز» العبري، بتاريخ 22 أيار/مايو، عن الأرباح التي حققتها إحدى شركات قطاع الطيران في إسرائيل خلال الربع الأول من العام 2025؛ لكنه نقل تحذيرا عن شركة «مامان»، التي حققت صافي أرباح بنسبة 158 في المئة بعد تعليق الرحلات الجوية عقب إطلاق الحوثيين النار قد يؤثر على وتيرة التعافي في وقت لاحق من العام الجاري.
وأعلنت شركة مامان (محطات الشحن والمناولة) عن نتائجها المالية للربع الأول من عام 2025 بتحقيق صافي ربح بلغ 12.996 مليون شيكل، مقارنة بنحو 5 ملايين شيكل فقط في الربع الأول من عام 2024، بارتفاع حاد بلغ 158 في المئة. تذكر الشركة في تقريرها المالي أنه: «منذ بداية الحرب، انخفض نشاط الشركة في مجال خدمات الطيران بشكل ملحوظ، نتيجةً لانخفاض حجم النشاط في مطار بن غوريون، وانخفاض عدد شركات الطيران المتجهة من وإلى إسرائيل. ونتيجةً لذلك، انخفض نشاط المجموعة في مجال خدمات الطيران بشكل ملحوظ في الربع الأول من العام الماضي، وفي عام 2024 بشكل عام».
وأضاف: «خلال الفترة المشمولة بالتقرير، وبفضل توقيع اتفاق وقف إطلاق النار وعودة الرهائن، استأنفت العديد من شركات الطيران الأجنبية رحلاتها من وإلى إسرائيل، على الرغم من أن أحجام الرحلات لم تعد بعد إلى مستوياتها قبل الحرب. ونتيجة لذلك، كان هناك ارتفاع كبير بنحو 90 في المئة في إيرادات المجموعة في مجال خدمات الطيران، وتم تحقيق ربح تشغيلي بنحو 3 ملايين شيكل، مقارنة بخسارة تشغيلية بنحو 4.4 مليون شيكل في الربع المقابل من العام الماضي».
وقال: «وحتى تاريخ اعتماد التقرير، استؤنفت المعارك في غزة، ويستمر إطلاق النار المتقطع من قبل الحوثيين. في 4 أيار/مايو 2025 سقط صاروخ أطلقه الحوثيون على منطقة مطار بن غوريون. ونتيجة لذلك، أوقفت معظم شركات الطيران الأجنبية رحلاتها إلى إسرائيل حتى يتم إعادة تقييم الوضع. وقد يؤثر هذا الحدث سلباً على استمرار التعافي التدريجي وزيادة حجم الرحلات الجوية. وتقدر الشركة أن استمرار القتال في قطاعات مختلفة، وإطلاق النار الإضافي من قبل الحوثيين بعد تاريخ التقرير قد يوقف الانتعاش في هذا المجال من النشاط في وقت لاحق من عام 2025».

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


القدس العربي
منذ 11 ساعات
- القدس العربي
زعيم «أنصار الله» يتوعد بعمليات «أكثر تأثيراً على العدو الإسرائيلي»
صنعاء ـ «القدس العربي»: قال زعيم حركة «أنصار الله»، عبد الملك الحوثي، أمس الخميس، إن «العدوان الإسرائيلي على مطار صنعاء لن يوقف العمليات اليمنية المساندة للشعب الفلسطيني»، موضحًا أن «ظروف الحرب في بلدنا لا يمكن أن تخضع اليمن لا رسمياً ولا شعبياً عن أداء مهامه المقدسة»، مؤكدًا سعيهم «إلى التصعيد لنصرة الشعب الفلسطيني، والعمليات في المرحلة المقبلة ستكون أكثر فاعلية وتأثيراً على العدو الإسرائيلي». وذكر أن قواتهم «نفذت هذا الأسبوع عمليات عسكرية بـ 14صاروخًا فرط صوتي وباليستياً وطائرة مسيّرة إلى عمق فلسطين المحتلة». وقال في خطاب متلفز بثته قناة المسيرة التلفزيونية التابعة للحركة، إن عملياتهم هذا الأسبوع «استهدفت أهدافًا للعدو الإسرائيلي في يافا وحيفا وعسقلان وأم الرشراش في فلسطين المحتلة»، مؤكدًا أن «البحر الأحمر لا يزال مغلقاً، ولا تزال الملاحة ممنوعة على العدو الإسرائيلي». وأضاف: «لا توجد أي حركة للسفن المرتبطة بالعدو الإسرائيلي في مسرح العمليات في البحر الأحمر عبر باب المندب إلى خليج عدن والبحر العربي». واعتبر الحوثي أن العدوان الإسرائيلي هو نتيجة لفاعلية موقفهم، قائلًا: «لو كان موقفنا لا فاعلية له ولا تأثير لتجاهله العدو الإسرائيلي مع انشغاله ومحاولة أن يستفرد بالشعب الفلسطيني»، مضيفًا أن «العدو الإسرائيلي يرى ويعيش تحت وطأة وتأثير الموقف الفاعل لبلدنا، وهذه نعمة كبيرة». وقال عبد الملك الحوثي، الذي تسيطر حركته على معظم شمال ووسط وغرب اليمن: «فاعلية وتأثير الموقف اليمني المتكامل وتناميه من أهم الشواهد على فشل العدوان الأمريكي في تصعيده في جولته الثانية»، مضيفًا أن «فشل العدوان الأمريكي ضد بلدنا يعتبر نجاحاً كبيراً بتوفيق الله ونصراً عظيماً من الله لشعبنا العزيز». وتابع: «هناك إجماع في الغرب على فشل العدوان الأمريكي في الجولة الثانية من التصعيد ضد بلدنا اسناداً لإسرائيل»، معتبرًا أن «تصريح نائب الرئيس الأمريكي يدل على نصر عظيم لبلدنا في مواجهة العدوان الأمريكي». وأوضح أن «تصريح نائب الرئيس الأمريكي يؤكد أن على الولايات المتحدة أن تتقبل هذا الواقع بحيث لم يعد في إمكانهم أن يهيمنوا بمثل ما كانوا عليه سابقاً»، مضيفًا أن «الأمريكي أدرك أن تورطه يستنزفه ويعرضه للمخاطر وللفضائح في الهزائم العسكرية والفشل وغير ذلك». وأشار زعيم حركة «أنصار الله» إلى أن «الأمريكي وصل إلى قناعة أنه غير قادر على حسم المعركة لصالحه في اليمن، وإنما يتورط لزمن طويل يستنزفه ذلك». واستهدف العدوان الإسرائيلي، الأربعاء، مطار صنعاء الدولي للمرة الثانية منذ استئناف تصعيده على قطاع غزة، ودمر طائرة للخطوط الجوية اليمنية كانت الوحيدة العاملة في المطار. وكان في غاراته على المطار عينه في السادس من مايو/أيار قد استهدف تدمير ثلاث طائرات تابعة للخطوط الجوية اليمنية كانت رابضة هناك. وتشن حركة «أنصار الله» هجمات متكررة بالصواريخ والطائرات المسيّرة ضد أهداف متعددة في إسرائيل منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، وذلك «تضامنًا مع غزة» الذي يتعرض لعدوان إسرائيلي بدعم أمريكي منذ عشرين شهرًا. وردًا على تلك الهجمات، شنت إسرائيل عدة هجمات جوية على منشآت حيوية وبُنى تحتية للطاقة في مناطق خاضعة لسيطرة الحركة في اليمن، خلفت خسائر بشرية ومادية كبيرة. وأعلنت «أنصار الله» في الرابع من مايو، فرض حظر جوي على إسرائيل، فيما أعلنت في 20 من الشهر عينه فرض حصار بحري على ميناء حيفا الإسرائيلي. وفي الرابع من مايو، استطاع صاروخ فرط صوتي لـ«أنصار الله» الوصول إلى محيط مطار بن غوريون مخترقًا منظومة الدفاع الجوية الإسرائيلية.


القدس العربي
منذ يوم واحد
- القدس العربي
غروندبرغ: استهداف إسرائيل والحوثيون للمطارات 'أمر غير مقبول'
اليمن: قال المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، الأربعاء، إن استهداف البنية التحتية المدنية، بما في ذلك مطار صنعاء الدولي في اليمن ومطار بن غوريون في إسرائيل، أمر 'غير مقبول'. جاء ذلك في بيان للمبعوث الأممي عقب استهداف إسرائيل مطار صنعاء الدولي صباح اليوم. وقبل ساعات، أعلنت الخطوط الجوية اليمنية توقفا 'كاملا ومؤقتا' لرحلاتها من مطار صنعاء 'حتى إشعار آخر'، عقب قصف إحدى طائراتها، بينما ادّعت إسرائيل أن المطار يستخدم من قبل جماعة الحوثي 'لأغراض عدائية'، وفق تعبيرها. وتعليقا على الحادثة، قال غروندبرغ في بيان إن 'المواجهة العسكرية الجارية بين أنصار الله (الحوثيين) وإسرائيل تفاقم هشاشة الأوضاع في اليمن والمنطقة'. وشدد على أن 'استهداف البنية التحتية المدنية، بما في ذلك مطار صنعاء في اليمن ومطار بن غوريون في إسرائيل، أمرٌ غير مقبول'. وقال غروندبرغ إن 'الغارة التي طالت مطار صنعاء اليوم (الأربعاء)، وما نتج عنها من تدمير لطائرة مدنية يمنية، تحرم العديد من اليمنيين من وسيلة أساسية للسفر لأغراض علاجية أو تعليمية أو عائلية أو دينية، خاصة في وقت يستعد فيه الآلاف لأداء مناسك الحج'. ودعا المبعوث الأممي 'جميع الأطراف المعنية إلى التحلي بضبط النفس، والوفاء بالتزاماتها بموجب القانون الدولي بحماية المدنيين والبنية التحتية المدنية'. وشدد على 'ضرورة العودة إلى حوار يمني–يمني، بدعم من الأطراف الإقليمية، باعتباره السبيل الوحيد القابل للتطبيق نحو تحقيق الأمن والسلامة الدائمين في اليمن والمنطقة'. وفي السياق، قال مدير مطار صنعاء الدولي خالد الشايف، في منشور على منصة إكس: 'العدو الصهيوني استهدف آخر طائرة من طائرات الخطوط الجوية اليمنية العاملة في مطار صنعاء الدولي ودمّرها بشكل كامل'. بدورها، ذكرت قناة 'المسيرة' الفضائية التابعة للحوثيين، في خبر عاجل مقتضب، أن '4 غارات لطيران العدو الإسرائيلي استهدفت المدرج في مطار صنعاء وطائرة تابعة للخطوط الجوية اليمنية'. ويُعد هذا الهجوم الجوي الإسرائيلي العاشر على اليمن منذ بدء حرب الإبادة على قطاع غزة في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، والرابع منذ استئناف تلك الحرب على القطاع في 18 مارس/ آذار الماضي، عقب توقف دام نحو 60 يوما، وفق إعلام عبري. وتشمل الهجمات الإسرائيلية على اليمن مصانع للإسمنت ومحطات للكهرباء وموانئ بحرية ومطار صنعاء، وهي الأهداف التي يتكرر استهدافها لأكثر من مرة دون التوسع لأهداف جديدة. ومساء الثلاثاء، أعلنت جماعة الحوثي، أنها استهدفت إسرائيل بـ22 عملية عسكرية منذ بداية مايو/ أيار الجاري، معتبرة أنه الشهر 'الأكثر إيلاما' لتل أبيب، وفق ما ورد في فيديو غرافيك أعدّته قناة 'المسيرة'. وتتمسك جماعة الحوثي بمواصلة إطلاق الصواريخ على إسرائيل، ما دامت تواصل حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة. وأدت الهجمات الصاروخية من اليمن على إسرائيل إلى تعليق العديد من شركات الطيران الدولية رحلاتها إلى إسرائيل لفترات متفاوتة. وترتكب إسرائيل بدعم أمريكي مطلق منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، حرب إبادة جماعية بغزة خلفت نحو 177 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين. (وكالات)


العربي الجديد
منذ 2 أيام
- العربي الجديد
الصواريخ اليمنية... شوكة في خاصرة إسرائيل وتفوقها العسكري
هدأت جبهات المساندة العسكرية للشعب الفلسطيني في قطاع غزّة واحدةً تلو الأخرى، على أثر الضربات العسكرية، أو التسويات والحسابات المعقدة، التي أجراها كل طرف مما كان يعرف بجبهة الممانعة، وبقيت جبهة اليمن، التي تقودها حركة أنصار الله، المعروفة بـ"جماعة الحوثي"، وحدها في ميدان المواجهة، على الرغم من الضربات الشديدة، والأثمان الباهظة التي تكبدتها الجماعة، والشعب اليمني عامّةً. ظهرت هذه الجبهة البعيدة في بادئ الأمر جبهةً رمزيةً محدودة التأثير، حتّى أنّ إسرائيل لم تكن مهتمةٌ بالرد المباشر عليها، وظلّت تؤجل ردها، مكتفيةً بما تقوم به القوات الأميركية المنتشرة في المياه الدولية القريبة، إلى أنْ أسفرت إحدى الهجمات اليمنية في يوليو/تموز 2024 عن مقتل إسرائيلي في تل أبيب جرّاء إصابةٍ مباشرةٍ بمُسيّرةٍ يمنيةٍ، حينها اضطرت الحكومة الإسرائيلية للرد، سعيًا لاستعادة صورة الردع، وتحت ضغط دعواتٍ داخليةٍ متعطشةٍ للانتقام. قبل ذلك تعرض اليمن، وعلى امتداد عام 2024، لسلسةٍ لم تنقطع من الهجمات الأميركية والبريطانية، التي طاولت أهدافًا عديدةً، في كلٍّ من صنعاء والحديدة وذمار وصعدة، وشمل القصف مطاراتٍ وموانئ، ومراكز حكوميةٍ، ومستودعات ومنشآتٍ مدنية وعسكرية متنوعة، لكن كلّ ذلك لم يفلح في ردع جماعة أنصار الله ؛ الخارجة لتوها من ضرباتٍ لا حصر لها خلال حرب عاصفة الحزم بقيادة السعودية، والتي امتدت بين مارس/آذار 2015 وإبريل/نيسان 2023. بل تحول اليمن، بعد كلّ هذه الضربات متعددة الجنسيات، إلى ما يشبه الشوكة في الخاصرة الإسرائيلية، ولا سيّما بعد اتّفاق الهدنة مع الولايات المتّحدة، التي كثفت غاراتها وضرباتها في عهد إدارة دونالد ترامب، إذ زاد عدد الضربات الأميركية لليمن خلال عهدي بايدن وترامب عن 1200 ضربةٍ بمختلف أنواع الأسلحة. تجاهل الدعاية الإسرائيلية وجود قضيةٍ للشعب الفلسطيني، كما تنكر كون الاحتلال سببًا للصراع المتواصل منذ أكثر من قرن فوجئت إسرائيل بالاتّفاق الذي أبرم من وراء ظهرها، الذي نصّ على تجنب الهجوم على الأهداف الأميركية، وطرق الملاحة، من دون شمول الأهداف الإسرائيلية؛ وذلك ما أكّدته الجماعة اليمنية عمليًا، لذا توعدت بالرد على "الحوثيين"، ومن يقف من ورائهم، أي إيران، وزادت إسرائيل من تهديداتها لتشمل ما سمته "البنى التحتية"، التي يستخدمها أنصار الله في هجماتهم، وهو مصطلحٌ يعني، وفق التجربتين الفلسطينية واللبنانية، كلّ المنشآت المدنية، من طرقٍ وجسورٍ ومصانع وموانئ ومطارات، حتّى المستشفيات والمدارس. لم تسفر الهجمات اليمنية، عشرات الصواريخ البالستية والفرط صوتية، ومئات الطائرات المسيّرة، حتّى الآن إلّا عن قتيلٍ إسرائيليٍ واحدٍ، وإصاباتٍ محدودةٍ، معظمها ناجم عن التدافع والهلع، إلّا أنّ آثارها المعنوية والسياسية والأمنية كبيرةٌ جدًا، فبعض الصواريخ، التي رصدت تضطر ملايين الإسرائيليين إلى التوجه إلى الملاجئ، ومع سرعة الصاروخ الفائقة، الذي يحلّق في طبقات الجو العليا بسرعةٍ تصل إلى ستة عشر ضعف سرعة الصوت، يكون من الصعب جدًا توقع مكان سقوطه، وبالتالي تتسع مساحات الإنذار والتحذير، لتشمل أكثر من نصف مساحة فلسطين في كلّ مرّةٍ، لذلك تصاب مرافقٌ عديدةٌ للحياة والاقتصاد بالشلل التام، ونتيجة ذلك ألغت نحو ثلاثين شركة طيران دولية رحلاتها إلى إسرائيل ودول المنطقة على أثر سقوط الصاروخ اليمني قرب مطار بن غوريون في مدينة اللد. وعلى الرغم من امتلاك إسرائيل لخمس منظومات دفاعٍ جويٍ، هي القبة الحديدية، ومقلاع داود، وهما للإطلاقات القريبة والمتوسطة، وحيتس 2 وحيتس 3 والمنظومة الأميركية ثاد، إلّا أنّ لكل واحدة من هذه المنظومات هامش خطأ، ناجمًا عن أخطاءٍ بشرية، أو خللٍ تكنولوجيٍ، ويتراوح بين 5-10 % بالنسبة لمنظومات حيتس (السهم) وثاد، وعليه فإن هامشًا كهذا كفيلٌ بحصول كوارث في حال الفشل. ملحق فلسطين التحديثات الحية أميركا وإيران... تحديات فلسطينية وتهديدات محتملة النتائج المعنوية لا تقلّ أهمّيةً عن المادية، أبرزها كسر الاستفراد الإسرائيلي بفلسطين وقطاع غزّة، وهو مجالٌ يتسع ويضيق بحسب تطورات الأحداث، مع ملاحظة أن الجانب العسكري بات يقتصر على جماعة الحوثيين، ثمّ إظهار مدى اتساع الرفض الشعبي العربي للسياسات الإسرائيلية، والتضامن مع الشعب الفلسطيني ، وهو مجالٌ باتت فعالياته محدودةً بسبب القيود الأمنية والبوليسية، وعجز القوى الشعبية العربية ومحدودية تأثيرها، كما أنّ استمرار هجمات الحوثيين، والفشل في منعها يثبتان أنّه مهما بلغت قدرات إسرائيل وتفوقها العسكري، فإنّ هذه القدرات لا تخلو من الثغرات، التي يستطيع العقل البشري اختراقها. أطلقت إسرائيل على أول عملياتها ضدّ اليمن، في يوليو/تموز 2024 اسم "الذراع الطويلة"، ما صار لاحقًا تعبيرًا عن استراتيجيةٍ شاملةٍ تعتمدها إسرائيل لإعادة رسم خريطة الشرق الأوسط، بحسب تصريحات بنيامين نتنياهو ، الذي لم يتوقف عن التباهي بالقوّة العسكرية الإسرائيلية، القادرة على الوصول لأيّ هدفٍ في هذه المنطقة الواسعة، مع الحديث عن أنّ إسرائيل تخوض حربًا على سبع جبهاتٍ في وقتٍ واحدٍ. وقد بالغت في تقدير قوّة خصومها لتدعم روايتها، التي تحاول تسويقها بأنّها تقود معركة أحرار العالم ضدّ محور الشر، الذي يشبه أخطبوطًا، رأسه في إيران وتمتد أذرعه في دول المنطقة. فوجئت إسرائيل بالاتّفاق الذي أبرم من وراء ظهرها، الذي نصّ على تجنب الهجوم على الأهداف الأميركية، وطرق الملاحة، من دون شمول الأهداف الإسرائيلية إذًا تتجاهل الدعاية الإسرائيلية وجود قضيةٍ للشعب الفلسطيني، كما تنكر كون الاحتلال سببًا للصراع المتواصل منذ أكثر من قرن، وهي تصور أعداءها جميعًا، بما في ذلك الحركة الوطنية للشعب الفلسطيني وفصائلها، بأنّهم وكلاء إيران، التي تحركهم خدمةً لمصالحها الإقليمية. ومع أنّ أطرافًا دوليةً وإقليميةً، ومنها أطرافٌ عربيةٌ كثيرةٌ، تعارض هذا التصنيف التعسفي بشموله فصائل المقاومة الفلسطينية وحزب الله وحركة أنصار الله، فالقوى التي توصف بأنّها أدواتٌ لإيران هي مكوناتٌ رئيسيةٌ في نسيج مجتمعاتها وأوطانها، ويمكنها إيصال مندوبيها إلى برلمانات بلادها حين تجري انتخاباتٌ، وبالنسبة لجماعة أنصار الله بالتحديد فهي تمثّل على الأرض حكومة أمرٍ واقعٍ، وتسيطر على العاصمة، ومعظم المدن الرئيسية والمنشآت الحيوية، هي إذًا تشكيلٌ سياسيٌ اجتماعيٌ تنظيميٌ دون الدولة، لكنه يسيطر على مقدرات الدولة. كما لا يمكن اتّهام داعمي القضية الفلسطينية بأنّهم يفعلون ذلك بناءً على تعليماتٍ إيرانيةٍ، فالقضية الفلسطينية كانت ولا تزال تحتل مكانةً مهمةً في وجدان الشعوب العربية، ولدى حركاتها السياسية، على اختلاف مشاربها الفكرية، ويمكن القول أن التضامن مع فلسطين، وإسناد شعبها، هو أحد وسائل اكتساب الشعبية والشرعية. في بداية انخراط الحوثيين في معركة الإسناد، تجاهلت إسرائيل الرد لأسبابٍ شتى، أهمًها الاعتماد على القوات الأميركية، وعدم تشتيت إمكانياتها، في ظلّ اشتعال الجبهتين الفلسطينية واللبنانية، واحتمالات اتساع المواجهة مع إيران، ثمّ إنّ الهجمات اليمنية ظلّت محدودة الأثر، باستثناء نجاحها في شل فعالية ميناء إيلات، إثر إغلاق مضيق باب المندب وطرق الملاحة. ولكن بعد حادثة المُسيّرة، وجدت إسرائيل نفسها ملزمةً بالرد على طريقتها المعروفة بـ"جباية الثمن"، القائمة على مبدأ الردع، من خلال رد الصاع بعشرات الأضعاف، وتكبيد العدو، وبيئته الاجتماعية، أقصى قدرٍ من الخسائر البشرية والاقتصادية، لذا شنت، بعد أقلّ من أسبوعٍ، هجومًا، هو الأطول في تاريخ عمليات سلاح الجو الإسرائيلي، شارك فيه نحو ثلاثين طائرةً على ميناء الحُديْدة، وحرصت الدعاية الإسرائيلية على تصوير العملية وكأنّها نموذجٌ تجريبيٌ (بروفا) لضرباتٍ مستقبليةٍ متوقعةٍ على إيران، وبالتالي كانت رسالة ضربة الحُديْدة الأولى الرئيسية موجهةً لإيران، ومفادها أنّ الطائرات الإسرائيلية تستطيع التحليق لمسافة ألفي كيلومتر ذهابًا ومثلها إيابًا، وبالتالي تستطيع الوصول إلى أيّ هدفٍ في الأراضي الإيرانية، وهو ادعاءٌ يصعب إثبات صحته، من دون إقحام الولايات المتّحدة في الهجوم. تقارير عربية التحديثات الحية أوروبا تلوّح بالعقوبات... موقف يربك إسرائيل تهاجم إسرائيل أهدافًا في سورية ولبنان، وحتّى في العراق وإيران، من دون أن تضطر طائراتها إلى دخول أجواء هذه الدول، مع امتلاك سلاح الجو صواريخ جوّ جوّ، يصل مداها إلى نحو 250 كم. كما يمكنها استخدام صواريخ أرض أرض بدرجةٍ عاليةٍ من الدقة، مثلما ادعت حين استهدفت عددًا من الأهداف الإيرانية الحساسة. أما استهداف اليمن وردع جماعة أنصار الله، فدونه جملةٌ من التعقيدات التي تجعل المهمة بالغة الصعوبة، فالهجوم يتطلب تحريك أسطول طائراتٍ يتراوح بين 20 إلى 30 طائرةً، ويشمل طائراتٍ قاذفةً، وأخرى مقاتلة للحماية، وقاذفات تزويدٍ بالوقود، وطائرات رادارٍ وتشويشٍ، إذ تتطلّب عملياتٌ كهذه تحضيرًا وحذرًا، ولا يمكن القيام بها متى شاءت الحكومة وقيادة الجيش. كما تكمن الصعوبة الفعلية في ما يسميه المحللون الإسرائيليون "العمى الاستخباري"، وغياب خريطة الأهداف، التي ينبغي استهدافها، هكذا تعود الضربات الإسرائيلية لتستهدف المرّة تلو الأخرى موانئ الحُديْدة، ورأس عيسى والصليف، وهي عينها الأهداف التي ضربتها الهدمات الأميركية، يضاف إليها بعض المنشآت المدنية، المصانع والمشاغل، أما المهمة الأكثر صعوبةً من كلّ ما سبق فهي ردع اليمن وأنصار الله، الذين لم تردعهم ألف ومئتا غارةٍ أميركيةٍ، وثماني سنواتٍ من الحرب، لكن تبدو إسرائيل عاجزةً تمامًا عن التفكير في حلولٍ واقعيةٍ وسياسيةٍ خارج نطاق القصف والاغتيال والنار والدمار .