
يوسف القزاز : صوت فلسطين الذي لا ينطفئ ، بقلم : المهندس غسان جابر
يوسف القزاز : صوت فلسطين الذي لا ينطفئ ، بقلم : المهندس غسان جابر
في سجل الإعلام الفلسطيني، تتلألأ أسماء صنعت الفرق وسط الركام والرماد، وكان لها الصوت الأوضح في خضم العواصف السياسية والعسكرية. من بين هؤلاء يقف الإعلامي الفلسطيني يوسف القزاز، الرجل الذي شكل علامة فارقة في تاريخ الإعلام الوطني المقاوم، وصوتًا صادقًا عبر أثير الإذاعة، لم يهادن، ولم يساوم، بل بقي وفياً لفلسطين الكلمة، وفلسطين الحقيقة.
النشأة والبدايات
وُلد يوسف القزاز في بلدة دورا جنوب مدينة الخليل عام 1945، في زمن مضطرب شهد نكبة الشعب الفلسطيني. ومنذ شبابه، اختار أن يكون جزءًا من الحكاية لا راويًا من بعيد. انخرط في صفوف الثورة الفلسطينية مقاتلاً وناشطًا قبل أن يصبح إعلاميًا، حيث أدرك مبكرًا أن الكلمة قد توازي الرصاصة في ميدان المواجهة، وربما تتجاوزها حين تحمل الحقيقة وتُعبّئ الوجدان.
من 'صوت العاصفة' إلى 'صوت فلسطين'
بدأ القزاز مسيرته الإعلامية كمذيع في إذاعة 'صوت العاصفة' في القاهرة، الذراع الإعلامية لحركة 'فتح'، ثم واصل العمل بها عندما انتقلت إلى بيروت، حيث كانت تبث من قلب المعركة. وفي بيروت، كان أحد المؤسسين الأوائل لإذاعة 'صوت فلسطين'، التي كانت تبث من مواقع الفدائيين، وسط ظروف قصف وحصار، لتحمل صوت الأرض واللاجئين والكرامة المهدورة.
تميّز القزاز بأسلوبه الإذاعي الحيّ والميداني، إذ لم يكتفِ بتقديم الأخبار بل رافق الفدائيين في ساحات المواجهة، وجعل من الإذاعة منصةً للمقاومة، وصوتًا من قلب الحدث لا من خلفه.
مدير عام إذاعة 'صوت فلسطين': تحديث الرؤية
عُيّن يوسف القزاز لاحقًا مديرًا عامًا لإذاعة 'صوت فلسطين'، وهناك بدأ مرحلة جديدة من العمل المؤسسي والتطويري، حيث وضع خطة استراتيجية لتوسيع نطاق البث، شملت:
الانتقال إلى البث 24 ساعة بدلاً من 18، وتنسيق البث بين الضفة الغربية وقطاع غزة.
إطلاق برامج باللغة العبرية إلى جانب الإنجليزية والفرنسية، بهدف إيصال الرواية الفلسطينية إلى المجتمع الإسرائيلي والعالم.
تحديث البنية التقنية للإذاعة بدعم من دول شقيقة كالإمارات، التي قدمت مرسلات حديثة لتقوية بث 'صوت فلسطين' على موجات FM والأقمار الصناعية مثل 'هوت بيرد' و'تل ستار'.
توسيع المحتوى الوطني من خلال إدماج الأغاني الثورية التي كانت تؤديها الفرقة المركزية التابعة للفدائيين، والتي شارك في إنتاجها كبار الملحنين مثل مهدي سردانة وعبد العظيم محمد.
صوت الثورة والوجدان الوطني
حرص القزاز على أن تبقى الإذاعة تجسيدًا حيًا لهوية الشعب الفلسطيني ونضاله، فكانت افتتاحية 'صوت فلسطين' اليومية موسيقى مقتبسة من البولونيز لشوبان، اقترحها الرئيس الراحل ياسر عرفات، لما تحمله من رمزية نضالية عميقة. هذه اللمسات جعلت الإذاعة جزءًا من التشكيل الثقافي والوطني للجيل الفلسطيني الجديد.
تحديات الاعتقال والاحتلال
لم تكن مسيرة القزاز مفروشة بالورود؛ فقد اعتقلته قوات الاحتلال الإسرائيلي عدة مرات إداريًا وفعليًا، وخاض إضرابات عن الطعام احتجاجًا على الاعتقال، في وقت تعرضت فيه عائلته للتهديد والاعتداء. رغم ذلك، لم يتوقف عن العمل الإعلامي، بل حول الاعتقال إلى منصة جديدة للتحدي وإيصال رسالة الأسرى والمظلومين إلى العالم.
نقد الواقع وتطوير الهيئة
لم يكن القزاز رجل مؤسسة تقليدي، بل صاحب رأي وموقف. انتقد تأخر قناة الجزيرة في دعم هيئة الإذاعة والتلفزيون الفلسطينية، ودعا إلى شراكة حقيقية في التدريب وتوفير الأجهزة والبرامج. كما أشاد بجهود الوزير نبيل شعث في إدخال الثقافة إلى الإعلام، مشيرًا إلى ضرورة إشراك المسرح والدراما في البرامج الوطنية.
الإرث الإعلامي
استمر يوسف القزاز في العطاء حتى سنوات عمره الأخيرة، قبل أن يرحل بعد صراع مع المرض، تاركًا خلفه إرثًا إعلاميًا يُعد من الأعمدة الأساسية التي بُني عليها الإعلام الفلسطيني المعاصر. لقد كان أحد القلائل الذين جعلوا من الإذاعة صوتًا للوطن والحرية، لا مجرد وسيلة اتصال.
نقول أن يوسف القزاز لم يكن مجرد إعلامي، بل مناضل بالكلمة، وفارس في معركة الوعي، وركن من أركان الإعلام الفلسطيني المقاوم. إرثه لا يُقاس فقط بعدد البرامج أو ساعات البث، بل بقدرته على ترسيخ البعد الوطني في وجدان المستمع الفلسطيني والعربي، في وقت كانت الكلمة فيه معركة.
في زمن يُساق فيه الإعلام إلى الترفيه والسطحية، يبقى صوت يوسف القزاز نداءً لضمير الإعلاميين: أن تكونوا مع الشعب، لا على الهامش.
م. غسان جابر (القيادي في حركة المبادرة الوطنية الفلسطينية)

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


شبكة أنباء شفا
منذ 4 أيام
- شبكة أنباء شفا
عباس زكي يشارك في الملتقى التونسي الفلسطيني في الذكرى 77 للنكبة
شفا – شارك عباس زكي عضو مركزية فتح في فعاليات ذكرى النكبة آل 77 بدعوه من عميد المحامين التونسيين حاتم مزيو و الملتقى التونسي الفلسطيني الذي افتتح فعالياته اليوم بالعاصمة تونس بحضور فلسطيني و تونسي و عربى في ذكرى أحياء النكبة. واستعرض زكي تاريخ القضية الفلسطينية منذ وعد بلفور و ما قبله و ما بعده وصولا الى عام النكبة و ما نتج عنها من مذابح و تدمير و تهجير لشعبنا مستذكرا مقولة مؤسس دولة الاحتلال بنجريون للعصابات الصهيونية انتصروا بالرعب أي ارتكبوا المجازر و ادخلوا الرعب في قلوب العرب لكي يهربوا و نسيطر على أراضيهم و ممتلكاتهم واستعرض الوضع السياسي الفلسطيني و استمرار حرب الإبادة الجماعية على شعبنا في قطاع غزه و الضفة و الجرائم التي يرتكبها الاحتلال بحق شعبنا الاعزل و اضاف زكي ان النكبة مستمرة منذ،77عاما الى يومنا هذا و ان النكبة لم تكن لفلسطين لوحدها إنما كانت للامتين العربية و الإسلامية و المسيحية و لازال شعبنا يعاني من آثار النكبة و رغم ما يعانيه شعبنا من حصار و تجويع و عدوان الا انه ثابت و صامد و متمسكا بحقوقه المشروعة بإقامة الدولة الفلسطينية و عاصمتها القدس الشريف و ان الاحتلال زائل لا محاله وتحدث عن إغلاق الاحتلال للأونروا و منعها من القيام بخدماتها تجاه اللاجئين معتبرا ذلك تحدي لمنظمة الأمم المتحدة التي اسست وكالة الغوث واستذكر زكي مجزرة حمام الشط و كيف امتزج الدم الفلسطيني بالدم التونسي بفعل قصف الطيران الاسرائيلي لمقر الشهيد ابو عمار واشاد زكي بتونس رئيسا و حكومة و شعبا مضيفا عندما ضاقت بنا الأرض وجدنا كرامتنا في تونس و كما قال درويش و متى نشفى من حب تونس.


شبكة أنباء شفا
منذ 6 أيام
- شبكة أنباء شفا
محمود مسودة 'أبو عبيدة' ، مهندس التنظيم السري وأحد مؤسسي فتح الذين صنعوا انطلاقة الثورة الفلسطينية، بقلم : المهندس غسان جابر
محمود مسودة 'أبو عبيدة' ، مهندس التنظيم السري وأحد مؤسسي فتح الذين صنعوا انطلاقة الثورة الفلسطينية ، بقلم : المهندس غسان جابر في تاريخ الثورة الفلسطينية، تتوارى أحيانًا أسماء كان لها دور حاسم في رسم معالم العمل الوطني، لا حبًا في الغياب، بل لأن طبيعة عملهم اقتضت الصمت والمظلومية. ومن بين هؤلاء، يسطع اسم الحاج محمود رباح إسماعيل مسودة (أبو عبيدة)، أحد المؤسسين الأوائل لحركة 'فتح'، وأحد مهندسي انطلاقتها وتنظيمها السري، ورفيق درب قادة كبار كأبو عمار وأبو جهاد. ولد أبو عبيدة في مدينة الخليل، وفي ريعان شبابه، التحق بالحركة الوطنية الفلسطينية. كان من الخمسة الأوائل الذين أطلقوا فكرة تأسيس 'فتح'، وشارك بفعالية في بناء خلاياها الأولى في الخليج وبلاد الشام و أوروبا، وأسهم في تأسيس البنية التنظيمية السرية للحركة، خاصة في الكويت و لبنان. شغل منصب 'المساعد الثاني' في قيادة التنظيم السري، إلى جانب ياسر عرفات وأبو يوسف النجار، وكان مسؤولًا عن استقطاب الكوادر وتشكيل الخلايا وفق أسس أمنية صارمة. وبهذا العمل، وضع اللبنات الأولى لما أصبح لاحقًا الذراع العسكري لحركة فتح. الصورة المرفقة، المأخوذة من زيارة وفد من قيادات فتح إلى الصين، والتي يظهر فيها محمود مسودة (أبو عبيدة) إلى جانب أبو جهاد (خليل الوزير) و فاروق قدومي (أبو اللطف)، هي شهادة تاريخية بصرية على حجم حضوره السياسي والتنظيمي في تلك المرحلة. لم يكن مجرد مشارك في زيارة، بل كان يمثل العقل التنظيمي السري للحركة، ووجوده ضمن هذا الوفد يعكس عمق الثقة والاعتبار الذي حظي به داخل الصف القيادي الأول لفتح. في عام 1968، ساهم في قيادة معركة الكرامة التي أعادت للفلسطينيين ثقتهم بعد نكسة حزيران، وجعلت من الفدائيين رمزًا للصمود العربي. لكنه انسحب لاحقًا من الحركة بسبب خلافات داخلية، ليعود إليها بعد عام واحد، أي في 1969، بجهود وساطة داخلية. إلا أن هذه العودة سرعان ما قُطعت بشكل قاسٍ؛ فخلال زيارة لإحدى العواصم العربية في العام ذاته، تم اعتقاله وتعرض لتعذيب شديد أدى إلى إصابته بمرض عضال أجبره على الانسحاب من العمل الفدائي. أمضى سنواته الأخيرة في منزله في عمان، وتوفي هناك بتاريخ 29 تشرين الثاني/نوفمبر 2008. ومع رحيله، فقدت فلسطين واحدًا من أوائل رجالها المخلصين الذين خدموا الثورة في مراحلها الأصعب، وساهموا في بنائها من تحت الصفر. لقد بقيت سيرته حيّة في ذاكرة من عرفه، ومنهم من يقول: 'لو أرّخت فتح بإنصاف، لكان اسم محمود مسودة بين أبرز من تُذكر أسماؤهم في الصف الأول' ربما السبب في ذلك يعود لمهامه و انشطته البالغة السرية . وها نحن نعيد نشر صورته مع رفاقه، لا لنبكي الماضي، بل لنؤكد أن من صنعوا التاريخ بصمت، يستحقون أن يُذكَروا بصوتٍ عالٍ. م. غسان جابر – مهندس وسياسي فلسطيني – قيادي في حركة المبادرة الوطنية الفلسطينية – نائب رئيس لجنة تجار باب الزاوية و البلدة القديمة في الخليل.


معا الاخبارية
منذ 6 أيام
- معا الاخبارية
حماس تنفي أنباء عن اتفاق لإطلاق سراح أسرى مقابل وقف إطلاق النار
بيت لحم معا- نفى القيادي البارز في حركة حماس سامي أبو زهري، صحة الأنباء التي أفادت بأن الحركة وافقت على إطلاق سراح ما بين سبعة وتسعة رهائن مقابل وقف إطلاق النار والإفراج عن الأسرى الفلسطينيين. وقال أبو زهري لقناة الجزيرة: "الاحتلال يحاول تضليل المشهد بأخبار كاذبة، ولا صحة للشائعات حول موافقة الحركة على إطلاق سراح رهائن مقابل وقف إطلاق نار لمدة شهرين". وأضاف: "نحن مستعدون لإطلاق سراح كافة الأسرى دفعة واحدة، شريطة أن يلتزم الاحتلال بوقف إطلاق النار بضمانات دولية".