سلاح عين الحلوة... الخرطوشة الأخيرة في مخزن التوتير
دخول الصحافيين إلى مخيم عين الحلوة الكائن في صيدا جنوبي لبنان ممنوع من استخبارات الجيش اللبناني، والسبب عدم إمكان تحمّل مسؤولية حمايتهم من الدولة.
إنتهى العيد وبدأت مع نهايته تشديدات أمنية على حواجز الجيش الستة المحيطة بمداخل المخيم، السيارات تخضع لفتح الصندوق الخلفي، والمستجدّ هو إجبار السائقين على فتح الصندوق الأمامي أيضًا، أمرٌ لم يكن سائدًا قبل إثارة موضوع سحب السلاح الفلسطيني من المخيمات وخارجها.
الحياة داخل المخيم طبيعية لكنها لا تخلو من الهدوء الحذِر نتيجة إجراءات احترازية قامت بها حركة فتح التابعة للسلطة الفلسطينية في الأحياء الخاضعة لسيطرتها وتحديدًا في الشارع "الفوقاني" العُلوي وحيّ الزيب في الشارع "التحتاني" السُفلي.
مصدر قيادي في تحالف الفصائل الإسلامية كشف لـ"المدن" أنَّ فتح سُئلت عن موضوع "التدشيم" داخل المخيّم فتلقّى الجواب بأنّه إجراء طبيعي، وهو جوابٌ لم تقتنع به الفصائل الإسلامية لأنَّ الإجراءات هذه تشبه تلك التي سبقت المعركة الأخيرة في المخيم إثرَ مقتل القيادي الفتحاوي العميد محمد حسن العرموشي المعروف ب"أبو أشرف" مع 4 من مرافقيه في حي "البساتين" في آب/أغسطس عام 2023 وقد اتُهِمت مجموعة "الشباب المسلم" باغتياله فيما اتهمت المجموعة مدير استخبارات "السلطة الفلسطينية" ماجد فرج، بالمسؤولية عن الاشتباكات في المخيم، بعد تدبير اغتيال العرموشي.
الفصائل الإسلامية ترفض التهميش
وتتخوف مصادر مقربة من "القوى الإسلامية" وهي تنتمي إلى فصيل إسلامي يُعدُّ الأكثر حضورًا وقوةً في المخيّم من استبعاد القوى الإسلامية من نقاش مسألة سحب السلاح الفلسطيني، وتؤكد أنَّ جميع الفصائل ترفض اقتراح تسليم السلاح المقدَّم من نجل رئيس السلطة الفلسطينية ياسر محمود عباس الذي قابل عددًا من المسؤولين الأمنيين في لبنان ورئيس الحكومة نواف سلام.
وتجدر الإشارة إلى أنَّ القوى الإسلامية ممثلة في القوة الأمنية المشتركة لحفظ الأمن في مخيم عين الحلوة، وهي موجودة ضمن هيئة العمل الفلسطيني المشترك التي تم توقيعها من رئيس مجلس النواب نبيه بري.
ويشير المصدر إلى أنَّ لهذه القوى الإسلامية باعًا طويلًا في التعاون مع الدولة اللبنانية وأجهزتها لما فيه مصلحة المخيمات وجوارها، ويذكّر المصدر بطلب وزير الداخلية مروان شربل من القوى الإسلامية التدخل من أجل فتح طريق الجنوب حين قطعها الشيخ أحمد الأسير وأنصاره في العام 2013، ويذكّر أيضًا بطلب النواب والأحزاب اللبنانية التدخل من قبل القوى الإسلامية في أحداث السابع من أيار/ مايو عام 2008 تفاديًا لانتقال التوترات إلى صيدا.
ويتساءل المصدر قائلًا: "إذا كانت الحكومة اللبنانية والدولة والجيش يدعوننا إلى الاجتماعات للنقاش والتعاون لحل المشكلات هل يستطيع فصيل فلسطيني خارج لبنان أن يستبعدنا ويناقش قضايانا من دون حضورنا"؟
الشباب المسلم
وفي دردشة مع الشيخ أسامة الشهابي المعروف ب"أبو الزهراء الزبيدي" كشف أنَّ الضغط الأول بدأ على الفلسطينيين من خلال تقليص وكالة غوث اللاجئين الفلسطينين (الأونروا) المساعدات المالية التي تخصصها ل 56 ألف لاجئ فلسطيني في المخيمات والتي كانت عبارة عن خمسين دولارًا تُمنح لهم كل ثلاثة أشهر، حتى تم إلغائها أخيراً بحجة عدم وجود المال.
ورأى أنَّ تصفية القضية الفلسطينية بدأت فعلًا من خلال مقترحات ستُقدّم للفصائل الفلسطينية الموجودة ومن هذه المقترحات:
ترحيل المطلوبين بتُهم الإرهاب إلى سوريا، والعفو العام عن المطلوبين بتُهم لا تشمل العنف والإرهاب وقتال الجيش، وبتوطين اللاجئين الآخرين في لبنان ومنحهم الحقوق المدنية والاجتماعية مثل حقّ التملّك والحصول على رخص البناء وحق العمل، بعدما كانت هذه الحقوق ممنوعة على اللاجئين الفلسطينين بذريعة مكافحة أسباب التوطين.
وأشار إلى أنَّ الأميركيين والإسرائيليين والفلسطينيين في سلطة محمود عباس يعلمون جيدًا أنَّ الفصائل الإسلامية والفلسطينية داخل مخيم عين الحلوة لا تملك السلاح الثقيل ، وأنَّ كل ما يقال عن وجود سلاح ثقيل في عين الحلوة هو خلاف الحقيقة.
وأكد أنه كان وإخوانه يطمحون إلى قتال جيش الاحتلال الإسرائيلي مشددًا على أنه واجب شرعي على كل مسلم قادر على حمل السلاح.
ولفت إلى أنه ومن معه قد جهزوا أنفسهم للقتال اليهود عندما ظنّوا أنَّ الجيش الإسرائيلي سيدخل منطقة الأولي، واصفًا قتال المحتلّ بالأمر الجميل لأنه وكل المجاهدين ليسوا بأفضل من أهل غزة الذين "يُزفون إلى الجنة كل يوم بالعشرات".
حركة فتح
ترجّح مصادر قيادية في مخيم عين الحلوة أنَّ معظم كوادر حركة فتح وضباطها يرفض تسليم السلاح الفلسطيني رغم انضواء الحركة تحت خيمة السلطة الفلسطينية السياسية والرسمية.
وتشير المصادر إلى أنَّ رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس حاول تجميد مخصصات الفتحاويين المالية لكنه لم يُوفَّق لسببين الأول هو المحافظة على من يمثّل السلطة داخل المخيّم حتى لو لم يكن منسجمًا مع طروحاتها، والثاني المحافظة على ماء الوجه أمام اللاجئين الفلسطينين الذين يحتاجون كلّ أنواع المساعدات بعد شحّ التقديمات من وكالة غوث اللاجئين "الأونروا".
وكشف مصدر أمني أنَّ زيارة محمود عبّاس الأخيرة كانت تتضمّن جدولة مؤتمر صحافي لكنَّ مراجع الدولة اللبنانية العليا حالت دون حصوله تفاديًا لأي توتر داخل مخيمات اللجوء الفلسطيني، وعزا المصدر التقارب بين الفتحاويين المنقسمين داخل المخيم بين قيادتي العميد محمود عيسى "أبو العبد اللينو" والعميد منير المقدح "أبو حسن" إلى التقارب السعودي الإماراتي وأولوية التكاتف بين المكونات الفلسطينية الفتحاوية بعدما حشرها ملف سحب السلاح الفلسطيني في خندق واحد.
إشادة بموقف عون
مستشار أحد قادة الفصائل الإسلامية رأى أنَّ الدولة اللبنانية بشخص رئيسها جوزاف عون تصرفت بمسؤولية تجاه مقاربة السلاح الفلسطيني مؤكدًا أنَّ معالجة هذا الموضوع تحتاج هدوءًا وروية بعيدينِ من الضجيج الإعلامي، وعزا سبب رفض الفصائل الإسلامية الظهور الإعلامي إلى عدم التصريح بأي موقف يُحسب عليها بدل أن يُحسب لها.
ووضع ما يجري من نقاش للسلاح في إطار الضجة الإعلامية البعيدة من الواقع والهادفة إلى ممارسة ضغط لتوتير الأجواء داخل المخيم لافتًا إلى ضرورة الرهان على الحكمة التي تحلّى بها مسؤولو الفصائل طوال فترة الحرب السورية والتي نجحت في عدم تصدير أي عمل أمنيّ تخريبي من داخل المخيم إلى الأراضي اللبنانية حفاظًا على أمن اللاجئين أولًا وعلى العلاقة مع الدولة اللبنانية ثانيًا.
حزب الله والموقف من سلاح المخيمات
لم يصدر عن حزب الله أي موقف بشأن سحب السلاح الفلسطيني من المخيمات بسبب انشغال الحزب في مواجهة مطلب نزع سلاحه، لكنّ مصادر أمنية تؤكد أنَّ الحزب متضرر من سحب السلاح الفلسطيني، وقد بدا ذلك واضحًا في مواقف مسؤول الحزب الشيخ زيد ضاهر خلال المعارك التي جرت في صيف عام 2023. وأكدت المصادر أنَّ الحزب كان داعمًا للفصائل الإسلامية المقاتلة ومن ضمنها "الشباب المسلم" الخصم اللدود للحزب بسبب تعرّض مصالح الحزب الأمنية والسياسية للخطر فيما لو رجحت كفّة حركة فتح التابعة للسلطة الفلسطينية في تلك المعركة وفي كل معركة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صدى البلد
منذ 18 ساعات
- صدى البلد
رجل يكسب 100 ألف دولار من الإبلاغ عن المخالفات المرورية للسيارات
في مشهد لا يشبه أي مدينة أخرى، قررت نيويورك أن تجعل سكانها شركاء في حماية البيئة، بل وتدفع لهم مقابل ذلك. ومع وجود أكثر من 700 ألف مركبة تجوب شوارع المدينة يوميًا، وجدت الحكومة المحلية حلاً مبتكرًا لمراقبة الانبعاثات: الاستعانة بالمواطنين لرصد مخالفات "التباطؤ غير القانوني للمركبات". كيف يعمل قانون "التباطؤ"؟ قانون التباطؤ في نيويورك يستهدف الشاحنات والحافلات التي تتوقف لفترة أطول من ثلاث دقائق دون داعٍ مع تشغيل المحرك، مما يؤدي إلى تلوث الهواء. ما لم تكن المركبة تابعة للمدينة أو تقوم بتحميل أو إنزال ركاب أو بضائع، فإن توقفها الطويل يجعلها عرضة لغرامات مالية تبدأ من 350 دولارًا وتصل إلى 600 دولار. والمثير في الأمر، أن من يرصد هذه المخالفات يمكنه أن يحصل على 25% من قيمة الغرامة، بشرط أن يقدم دليلًا مرئيًا (فيديو) يُثبت المخالفة، ويُظهر توقيت التوقف وعدم وجود نشاط تحميل أو تفريغ. أحد أبرز الأسماء في هذا البرنامج هو رجل يطلق على نفسه اسم "ستريتر"، والذي أصبح شبه محترف في تتبع المخالفات. يقول إنه يركب دراجته لساعات طويلة يوميًا، فقط ليرصد شاحنات متوقفة محركها يعمل دون مبرر. والمفاجأة أنه يحقق أكثر من 100 ألف دولار سنويًا من خلال هذا النشاط وحده. هذه الطريقة الفريدة حولت قانونًا بيئيًا إلى فرصة دخل حقيقي لبعض سكان نيويورك. ومع انتشار الفيديوهات التي توضح كيفية التبليغ وتحقيق الأرباح، بات لدى العديد من المواطنين حافز مزدوج: المساهمة في تحسين جودة الهواء، وجني المال في نفس الوقت. وقد أنتجت شبكة "فايس نيوز" في وقت سابق تقريرًا بعنوان: "كيف تصبح ثريًا من خلال تغطية مخالفات السيارات في نيويورك؟"، سلط الضوء على مجموعة من المواطنين الذين استفادوا من هذا النظام بعد معاناتهم الشخصية مع التلوث الهوائي. بينما يرى البعض أن هذا النظام يمثل نموذجًا ناجحًا لـ"الاقتصاد الأخضر الشعبي"، يعتبره آخرون مبالغة في الخصخصة البيئية. لكن في النهاية، تظل النتيجة واحدة: انخفاض في الانبعاثات، وارتفاع في وعي السكان، ونظام يربط الحافز الشخصي بالصالح العام. في ظل التحديات البيئية المتزايدة، قد تكون نيويورك قد وضعت يدها على أداة ذكية ذات بعد اجتماعي واقتصادي، وربما تقتدي بها مدن أخرى قريبًا.


ليبانون ديبايت
منذ يوم واحد
- ليبانون ديبايت
غدي فرنسيس تبكي: جهزوا أنفسكم لحرب طويلة انه اليوم الموعود.. هذا بديل الخامنئي وبالستي الحزب يتجهز!
"سبوت شوت" الصحافية غدي فرنسيس لـ"سبوت شوت": نحن نعيش بـ"اليوم الموعود" فهذه الحرب التي كنا نتحدث عنها منذ 50 سنة اتى وقتها وهذه الصواريخ في سماء فلسطين هذا هو عملها بالضبط! غدي فرنسيس لـ"سبوت شوت": في إسرائيل... هناك 20 الف شكوى قضائية من مستوطنين متضررين من الحرب التي شنها حزب الله عليهم وذلك لأن الكيان لم يقدم لهم التعويضات الكافية بعد الحرب ففي حين حزب الله يدفع 500$ هم يدفعون 130 دولارًا! غدي فرنسيس للإعلامي وليد عبود عبر "سبوت شوت": المليون لبناني الذين تحدثت عنهم "بشرفوا راسك" يا وليد عبود! كيف تسوّل لك نفسك ان تتكلم هكذا؟ كيف سأرد عنك الثأر من الناس المكلومة والتي فقدت ابنائها؟


IM Lebanon
منذ يوم واحد
- IM Lebanon
عن حرب إيران… والإصلاحات في لبنان
كتبت رنى سعرتي في 'نداء الوطن': أعدّ كبير الاقتصاديين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في معهد التمويل الدولي غربيس إيراديان تقريراً حول تداعيات الحرب الإسرائيلية الإيرانية على اقتصادات دول المنطقة ضمنها لبنان. وفي مقابلة مع 'نداء الوطن' أشار إلى أنه تم خفض توقعات النمو في لبنان نتيجة الحرب بسبب تأثيرها المباشر على القطاع السياحي وعمليات البناء والإعمار. – أعددت أخيراً دراسة في معهد التمويل الدولي حول تأثير الحرب بين إسرائيل وإيران على اقتصادات الشرق الأوسط في ظل سيناريوين. ما هي الافتراضات الرئيسية لكلا السيناريوين؟ – السيناريوان هما كما يلي: أ. في سيناريو الحرب المحدودة، ستظل الحرب محصورة في إسرائيل وإيران، وتستمر لعدة أسابيع أو أشهر دون أن تنجرّ إليها الولايات المتحدة الأميركية أو أي جهات فاعلة إقليمية أخرى. سيتكبّد كلّ من إسرائيل وإيران أضرارًا جسيمة. وفقًا لهذا السيناريو، يستمرّ تدفق إمدادات النفط عبر مضيق هرمز، الذي يحمل حوالى 20 % من النفط العالمي، من دون انقطاع. وضمن هذا السيناريو، ستتراوح أسعار النفط حول 70 دولارًا للبرميل. ب. في سيناريو الحرب الشاملة أو أسوأ السيناريوات، يتصاعد الصراع مع تدخل أميركي مباشر. قد تستهدف إيران أهدافًا أميركية في المنطقة وتمنع مرور ناقلات النفط عبر مضيق هرمز، مما سيخنق إمدادات النفط العالمية ويؤدي إلى ارتفاع حاد في أسعار النفط. ومع ذلك، فإن وجود الأسطول الخامس للبحرية الأميركية في المنطقة قد يُصعّب على إيران إغلاق المضيق تمامًا لفترة طويلة. في ظل هذا السيناريو، قد يستمر الصراع لعدة أشهر أو حتى نهاية عام 2025، وستتعطل إمدادات نفطية كبيرة من دول الخليج. يعتمد التأثير المحتمل لانقطاع إمدادات النفط والغاز الطبيعي على أسعار الطاقة على مدة الصراع وشدته. في هذا السيناريو، نتوقع أن يبلغ متوسط أسعار النفط حوالى 90 دولارًا للبرميل، مع ارتفاعها إلى ما يزيد عن 100 دولار للبرميل في الأشهر القليلة المقبلة. – ما هو تأثير الحرب على الاقتصاد اللبناني؟ – لحسن الحظ، قرر 'حزب الله' عدم المشاركة في الحرب. هذا، بالإضافة إلى التأثير المدمّر للحرب على إسرائيل وإيران، وإضعاف النظام الإسلامي في إيران، قد يساعد السلطات اللبنانية على التوصل إلى اتفاق مع 'حزب الله' خلال الأشهر القليلة المقبلة لتسليم أسلحته الثقيلة للجيش اللبناني. كما نتوقع إحراز مزيد من التقدم في تنفيذ الإصلاحات الحاسمة، بما في ذلك إعادة هيكلة النظام المصرفي ما من شأنه أن يمهّد الطريق للتوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي بشأن برنامج إصلاح شامل قبل نهاية عام 2025. ونتيجة لذلك، ستتوفر مساعدة مالية كافية من المجتمع الدولي على شكل قروض ميسّرة ومنح جزئية لإعادة إعمار لبنان. علاوة على ذلك، ستكون المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ودول خليجية أخرى على استعداد للاستثمار في لبنان في مشاريع البنية التحتية الكبرى. في المقابل، بدّدت الحرب بين إسرائيل وإيران بالفعل، الأمل في أي انتعاش في قطاعي السياحة والبناء لهذا العام، مما دفعنا إلى مراجعة توقعاتنا لنمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لعام 2025 من 2.4 % قبل الحرب إلى 1.4 % حاليًا وإلى 1,2 % في حال توسّع الحرب. مع الإشارة إلى أن ارتفاع أسعار النفط العالمية في الأشهر القليلة المقبلة إلى أكثر من 100 دولار للبرميل في أسوأ السيناريوات سيؤدي إلى عودة الضغوط التضخمية. مع ذلك، نتوقع انتعاشًا أقوى في العام 2026 مع نمو في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنحو 5 % وانخفاض في التضخم في حال التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي. – ماذا عن تأثير الحرب على الاقتصادين الإيراني والإسرائيلي؟ – في إيران، أضعف القصف الجوي المكثف، بما في ذلك الغارات الجوية على الجيش الإيراني والمواقع النووية ومنشآت النفط والغاز الطبيعي، النظام الإسلامي. إذا استمرت الحرب لمدة شهر على الأقل، فقد ينكمش الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في إيران بنسبة -3 % هذا العام في ظل سيناريو الحرب المحدودة. وقد يتجاوز التضخم 50 % بحلول نهاية عام 2025 بسبب الانخفاض الحاد في سعر الصرف الموازي، الذي يدور الآن حول مليون ريال إيراني للدولار الأميركي. حوالى 70 % من الاحتياطيات الرسمية (المقدرة بـ 95 مليار دولار في عام 2024) غير متاحة بسهولة للسلطات، حيث منعت العقوبات الأميركية إيران فعليًا من إعادة أرباح صادرات النفط والأصول الموجودة في الخارج. وفي أسوأ السيناريوات، مع التدخل الأميركي المباشر في الحرب لعدة أشهر، قد ينكمش الاقتصاد الإيراني بأكثر من -6 % مع أضرار جسيمة في البنية التحتية. أتوقع أن ينكمش الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في إسرائيل بنسبة -1.5 % في عام 2025 (وهو أول انكماش منذ عام 1960، باستثناء عام 2020 الذي شهد جائحة كوفيد). حتى خلال حربي 1967 و1973، نما الاقتصاد الإسرائيلي وتجنب أي ركود، ولكن ليس هذه المرة. فقد تسببت الحرب في غزة، والآن الحرب مع إيران، في أضرار جسيمة للاقتصاد الإسرائيلي. وألحقت هجمات الصواريخ الباليستية الإيرانية على إسرائيل أضرارًا بالغة بالبنية التحتية الإسرائيلية، بما في ذلك طاقة تكرير الهيدروكربونات وغيرها من الصناعات الحيوية. وستؤدي العمليات العسكرية الموسعة إلى فشل إسرائيل في تحقيق هدفها المتعلق بالعجز المالي بهامش كبير. ونتوقع أن يبلغ العجز المالي لعام 2025 -8.5 % من الناتج المحلي الإجمالي (مقارنةً بهدف السلطات البالغ -5.5 %)، مما سيؤدي إلى ارتفاع الدين الحكومي إلى 75 % من الناتج المحلي الإجمالي (مقارنةً بـ 69 % في بداية الصراع)، وزيادة علاوة المخاطر للبلاد. ومع ذلك، تتمتع إسرائيل بأساس اقتصادي قوي وصحي (احتياطيات رسمية وفيرة من النقد الأجنبي، تبلغ نحو 215 مليار دولار، وفوائض مستمرة في الحساب الجاري على مدى العقدين الماضيين، وديون خارجية متواضعة، وقد أظهرت قدرتها على الصمود في وجه الصدمات الشديدة على مدى العقود الماضية). – ماذا عن تأثير الحرب على السعودية والإمارات ودول مجلس التعاون الخليجي الأخرى؟ – في سيناريو الحرب المحدودة الذي نقترحه، ستتعامل دول مجلس التعاون الخليجي الست (المملكة العربية السعودية، الإمارات العربية المتحدة، قطر، الكويت، عُمان، والبحرين) مع الصراع الحالي بشكل جيّد نسبيًا. نتوقع أن يرتفع النمو الإجمالي لدول مجلس التعاون الخليجي الست من 2،3 % في عام 2024 إلى 3،2 % في عام 2025، مع التراجع التدريجي لتخفيضات إنتاج النفط التي اتُخذت خلال العامين الماضيين في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. سيحافظ الاستهلاك والاستثمار الخاصان القويان على قوة النمو غير النفطي في دول مجلس التعاون الخليجي. مع ذلك، في أسوأ السيناريوات، ستكون عواقب توسيع نطاق الحرب على منطقة مجلس التعاون الخليجي وخيمة. قد تُغلق إيران حركة ناقلات النفط عبر مضيق هرمز. قد تُؤدي هذه الخطوة إلى توقف حوالى 20 % من إمدادات النفط العالمية، بما في ذلك صادرات المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والكويت. ستتضرر قطر بشدة، إذ تُصدّر أكثر من نصف غازها الطبيعي المسال عبر مضيق هرمز. وقد يؤدي انقطاع شحنات النفط والغاز الطبيعي المسال عبر مضيق هرمز لأكثر من بضعة أشهر، إلى جانب الانخفاض المتوقع في الاستثمار بسبب حالة عدم اليقين السياسي والصراع، إلى نمو إجمالي أقل من 1%. وأخيرًا، في هذا السيناريو، سيؤثر تفاقم الصراع بشدة على السياحة، لا سيما في الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عُمان والبحرين. وعلى الرغم من المخاطر، لا تزال نقاط الضعف المالية الكلية منخفضة، حيث تتمتع دول مجلس التعاون الخليجي بوفرة من الأصول الأجنبية العامة، وانخفاض الدين العام، وقوة الأوضاع المالية. وتتمتع البنوك برأسمال وسيولة جيّدين.