logo
الحلّ المغشوش والسلام الدائم

الحلّ المغشوش والسلام الدائم

البيانمنذ 4 ساعات

دخلت الأزمة الإيرانية الإسرائيلية مرحلة خطيرة جداً وتحولت ردود الفعل المتبادلة إلى حرب مفتوحة بين الطرفين، وبدأت مؤشرات عديدة إلى إمكانية توسّع هذه الحرب لتشمل أطرافاً أخرى.
ومعلوم أن هذا النزاع ابتدأ بهجوم إسرائيلي على منشآت نووية وعسكرية إيرانية، إضافة إلى تصفية قيادات عسكرية بارزة.
ورغم الإدانة الإقليمية والدولية الواسعة للهجوم الإسرائيلي ضدّ إيران، إلا أن الدول الغربية الرئيسية وعلى رأسها فرنسا وألمانيا والولايات المتّحدة، ساندت العملية الإسرائيلية ونزّلتها في إطار حقّ دولة إسرائيل في الدفاع عن نفسها، وقدمت شتّى التبريرات لهذه «الحرب الاستباقية» التي هي في انتهاك واضح للقانون الدولي، والذي يبيح للدول اللجوء إلى القوّة، فقط في إطار ردّ الفعل على عدوان أو في إطار تطبيق قرارات الشرعية الدولية بتفويض من مجلس الأمن، وإسرائيل ليست في الوضع ولا تمتلك تفويضاً أممياً لدرء الخطر النووي الإيراني.
وبلغت عملية التصعيد الذروة مع تصريح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي عد فيه أن «حيازة» إيران السلاح النووي «مرفوض بالمطلق» داعياً بنفس المناسبة سكان طهران إلى «الإخلاء الفوري» للعاصمة الإيرانية، وأكد ترامب هذا التصريح لدى عودته من كندا.
وأثار تصريح الرئيس الأمريكي قلقاً واسعاً ومخاوف جدية من إمكانية دخول أمريكا في الحرب إلى جانب إسرائيل، بعد مرحلة من التردد الكبير في الانخراط المباشر في الحرب، واتباع سياسة عدم التدخل والاقتصار على «الدعم الدفاعي» لإسرائيل.
ويتضافر هذا التصريح لترامب، الذي قطع مشاركته في قمة مجموعة السبع، مع رفضه التوقيع على بيان المجموعة الذي يدعو طرفي النزاع إلى وقف الحرب، ليزداد اليقين بأن أمريكا تمهد للدخول المباشر في الحرب.
ويناقض هذا التطور اللافت بوضوح مواقف ترامب السابقة المطالبة بالحلّ الدبلوماسي للمسألة النووية الإيرانية، ما يدفع إلى القول إن هذه المواقف الجديدة تدخل في خانة الضغط والحرب النفسية لحمل إيران على القبول بالتفاوض حسب الشروط والأهداف الأمريكية، التي هي، التخلي عن البرنامج النووي، وتفكيك منظومة الصواريخ الباليستية.
ومع تطور الوضع ميدانياً، بدا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين ناتنياهو مدعوماً بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في سباق مع الزمن لتحقيق أهدافه في الحرب على إيران، وهي أهداف تتغيّر يومياً نحو ترفيع سقفها.
وأمكن لناتنياهو تحقيق بعضها ومن ذلك، أولاً، إجهاض مشروع اجتماع مؤتمر الأمم المتحدة لوضع خارطة طريق الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وثانياً، تحويل الأنظار عن الجرائم المرتكبة في غزة، وثالثاً، ضرب القدرات النووية والعسكرية لإيران وإضعافها بعد أن جرّدها من دعم «محور المقاومة»، ورابعاً، المزيد من إضعاف إيران بضرب أهداف اقتصادية حيوية، وخامساً، إجهاض مشروع ترامب بالتفاوض مع إيران.
ولأن «الشهية تأتي مع الأكل»، فإن غياب أية صعوبات في تحقيق بعض الأهداف وفي تخلص إسرائيل من أهم القادة العسكريين الإيرانيين ومن بعض المقربين من المرشد الإيراني الأعلى، رفع من سقف الأهداف السياسية لرئيس الوزراء الإسرائيلي وأصبح ينشد إسقاط النظام السياسي في إيران بإضعافه ما أمكن له ذلك، وتقويض تماسكه الداخلي.
وبقطع النظر عن تقييمنا للنظام الإيراني، الذي فوّت عديد الفرص لإقامة علاقات طيبة مع جيرانه، فإنه من العبث تصوّر أن إسقاط الأنظمة يكون بقصف الشعوب ومقدّراتها الحياتية والاقتصادية، وإن تجارب الغرب الليبرالي كانت فاشلة في هذا الخصوص، وأدت في غالبيتها إلى نتائج عكسية.
ولعله حان الوقت حتى تعي جميع الأطراف أن التصعيد الحربي، إذ يحلّ بعض المسائل وقتياً، فإنه يخلق على المدى المتوسط والبعيد الشروط الموضوعة لحروب أخرى قد لا تنتهي، وهو ما يدفع إلى القول إنه على إيران القبول بمفاوضات من أجل تحسين شروط عيشها مع جيرانها ومحيطها الإقليمي والدولي.
وإن إسرائيل، التي تخوض حروباً ومعارك من أجل تحقيق هيمنتها المطلقة وتأبيد احتلالها للأراضي الفلسطينية، تقترف أبشع الجرائم وأشدها من أجل ذلك، وهي إلى ذلك دولة تمتلك السلاح النووي في خرق واضح لاتفاقية منع الانتشار النووي، وتفعل كل ذلك، وهي مطمئنة إلى كونها محصنة ضدّ كل عقاب ومحاسبة، وهو أمر لن يساعد على تحقيق السلم والأمن والعدالة في المنطقة وفي العالم.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

هل يُطفئها الاقتصاد؟
هل يُطفئها الاقتصاد؟

الإمارات اليوم

timeمنذ 38 دقائق

  • الإمارات اليوم

هل يُطفئها الاقتصاد؟

في أوقات الحروب تتحدث الآلة العسكرية ويعلو صوتها فوق صوت العقل والضمير الإنساني والنزعة الفطرية للعيش في سلام، وينسى المتحاربون أوقاتاً صعبة مماثلة عاشتها الشعوب على مر التاريخ، وأجبرت الفرقاء على الجلوس والتفاوض وسن القوانين والمواثيق الدولية التي تحترم حق الحياة وحقوق الدول وسيادتها المستقلة. ورغم ضراوة المعركة الدائرة حالياً في المنطقة وتداعياتها الجيوسياسية، فإن هناك رادعاً قوياً يمنع استمرار الوضع أو انزلاقه للأسوأ، ألا وهو المصالح الاقتصادية التي كانت ولاتزال القيد الأكبر على تقلبات المزاج السياسي والعسكري. الشرق الأوسط منطقة بالغة الأهمية للاقتصاد العالمي، والحرب الدائرة حالياً بين إيران وإسرائيل شكلت صدمة له، تتوزع آثارها بين قصيرة ومتوسطة إلى طويلة الأمد، سواء على مستوى ارتفاع أسعار النفط العالمية أو تسارع التضخم العالمي، خصوصاً في اقتصادات الدول المتقدمة، ما يعيق خطط خفض الفائدة من قبل البنوك المركزية مثل الاحتياطي الفيدرالي والبنك المركزي الأوروبي، فضلاً عن تقلبات أسواق الأسهم حول العالم وما يصاحبها من قلق المستثمرين وخروجهم برؤوس أموالهم نحو الملاذات الآمنة مثل الذهب والسندات. وتؤثر الحرب أيضاً على سلاسل الإمداد والتجارة العالمية بما يزيد تكاليف الشحن والتأمين ويعرض الأسواق في الدول كافة لمخاطر تأخر أو انقطاع الإمدادات، بما ينعكس سلباً على الصناعات بكل قطاعاتها. المحصلة النهائية لكل ذلك تباطؤ النمو الإقليمي والعالمي مع خطر تضخم مستمر وتعطل جزئي أو كلي في حركة التجارة العالمية، تؤثر على وصول السلع والخدمات إلى المستهلكين، الذين يشكلون قوة ضغط كبيرة على القرارات الحكومية والرسمية. الشعوب تتطلع إلى العيش الكريم الهادئ في أمان وسلام، والبيوت يشغل أولوياتها توافر احتياجاتها الأساسية من طاقة وماء وغذاء. واقتصاد العالم لم يتعافَ كلياً من آثار إغلاقات جائحة كورونا، ولن يحتمل مزيداً من الضغط بسبب الحروب والصراعات، لذا لا أتوقع أن تستمر الحرب طويلاً في المنطقة، إذ لا أبالغ إن قلت إنها قلب العالم ومخزن طاقته وميناؤه الأكبر جواً وبحراً وبراً. أضف إلى ذلك أن حجم الاستثمارات العالمية الموجودة في منطقة الشرق الأوسط تشكل رقماً صعباً في المعادلة القائمة حالياً، كما أن شركات السلاح المستفيد الأكبر في الحروب. تبقى المصالح الاقتصادية والانتصار للحياة الرادع الذي يطفئ نيرانها. amalalmenshawi @ لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه

فيديو لسقوط صاروخ إسرائيلي لدى محاولته اعتراض هجوم إيراني
فيديو لسقوط صاروخ إسرائيلي لدى محاولته اعتراض هجوم إيراني

سكاي نيوز عربية

timeمنذ ساعة واحدة

  • سكاي نيوز عربية

فيديو لسقوط صاروخ إسرائيلي لدى محاولته اعتراض هجوم إيراني

ولم يتم الكشف عن موقع سقوط الصاروخ الاعتراضي الإسرائيلي. كما تداولت صفحات على مواقع التواصل فيديو لسقوط صاروخ في وسط إسرائيل. وأعلن الجيش الإسرائيلي ، فجر الأربعاء، تصدي أنظمته الدفاعية لصواريخ إيرانية. وقال الجيش الإسرائيلي إن أنظمته الدفاعية تتصدى لصواريخ إيرانية في سماء تل أبيب. وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن إيران أطلقت 20 صاروخا على الأقل باتجاه وسط إسرائيل. وحسبما ذكرت هيئة البث الإسرائيلية فقد أفيد عن سقوط صواريخ أطلقتها إيران في موقعين وسط إسرائيل. من جانبها، أفادت هيئة الإسعاف الإسرائيلية بعدم تسجيل إصابات في الرشقة الصاروخية الإيرانية الأخيرة على إسرائيل. وأفادت صحيفة "يديعوت أحرونوت" بسماع دوي انفجارات عنيفة في منطقة القدس ، مشيرة إلى بلاغات أولية عن سقوط صاروخ شمال تل أبيب.

مخاوف من ابتعاد كوريا الجنوبية عن حلفائها مع تولي ميونغ الرئاسة
مخاوف من ابتعاد كوريا الجنوبية عن حلفائها مع تولي ميونغ الرئاسة

الإمارات اليوم

timeمنذ ساعة واحدة

  • الإمارات اليوم

مخاوف من ابتعاد كوريا الجنوبية عن حلفائها مع تولي ميونغ الرئاسة

يُعرف الرئيس الكوري الجنوبي الجديد، لي جاي ميونغ، بتوجهاته اليسارية التي رافقته على مدى مسيرته السياسية، وهو ما انعكس على مواقفه الإيجابية تجاه كل من الصين وكوريا الشمالية، وموقفه المتحفظ تجاه الولايات المتحدة. وقد أثارت بعض تصريحاته السابقة جدلاً، من بينها وصفه للوجود العسكري الأميركي في كوريا الجنوبية، بأنه «احتلال»، إلى جانب إشارته إلى أن من حق الصين اتخاذ قراراتها بشأن تايوان. كما أُثيرت حول ميونغ شبهات تتعلق بتحويل مبلغ يُقدر بثمانية ملايين دولار إلى كوريا الشمالية أثناء توليه منصب حاكم مقاطعة جيونغي، وهي تهمة أُدين بها بالفعل نائبه في تلك الفترة. رغبة سياسية وعلى الرغم من ذلك، فإن ميونغ عبّر خلال حملته الانتخابية الأخيرة عن دعمه للتحالف مع الولايات المتحدة، وأشاد بالتعاون الأمني الثلاثي بين كوريا الجنوبية والولايات المتحدة واليابان، ما دفع بعض المراقبين الأميركيين إلى وصفه بأنه «براغماتي» ووسطي التوجه. لكن هذا التفاؤل قد يكون انعكاساً لرغبة سياسية أكثر منه قراءة دقيقة لمواقفه الحقيقية، حيث سبق أن طُرحت توقعات مشابهة حول زعماء سياسيين، على أنهم إصلاحيون قبل أن تُثبت التجربة عكس ذلك، ومن هذا المنظور يرى البعض أن خطاب ميونغ في الحملة الانتخابية قد لا يكون مؤشراً دقيقاً على سياساته الفعلية. الحزب الواحد ومن بين المؤشرات التي تثير القلق لدى بعض المراقبين تعيين ميونع، لكيم مين سوك رئيساً للوزراء، وهو شخصية ذات ماضٍ مثير للجدل، حيث كان من الطلاب الناشطين المتشددين في ثمانينات القرن الماضي، وشارك في احتجاجات مناهضة للولايات المتحدة أدت إلى سجنه. كما أنه رُفض منحه تأشيرة دخول أميركية في إحدى المرات بسبب مواقفه، ويقال إنه اتهم الولايات المتحدة بالمسؤولية عن جائحة «كورونا». يُشار إلى أن أن حزب الرئيس ميونغ، «الحزب الديمقراطي»، يسيطر على الأغلبية في الجمعية الوطنية (البرلمان)، وهو ما يمنحه قدرة واسعة على تنفيذ أجنداته السياسية، من ضمنها إصلاحات دستورية وقضائية قد تشمل تشكيل المحكمة العليا. ويدعو ميونغ إلى «إصلاح النظام الديمقراطي» وتوحيد الشعب، لكن منتقديه يرون في هذه الدعوات تمهيداً لترسيخ سلطة الحزب الواحد، وربما تكون تقارباً أوثق مع الصين وكوريا الشمالية وروسيا. ويخشى بعض المراقبين من أن هذا التحول قد يُفضي إلى تآكل التحالف التاريخي بين كوريا الجنوبية والولايات المتحدة، لاسيما إذا ساد في كوريا الجنوبية تيار سياسي يرى في واشنطن خصماً، ويفضل التعاون مع منافسيها الاستراتيجيين. واقع سياسي جديد ورغم هذه المخاوف أكد البيت الأبيض التزامه بالتحالف بين البلدين، واصفاً الانتخابات الأخيرة بأنها «حرة ونزيهة»، مع الإعراب عن قلقه من التدخل الصيني في العمليات الديمقراطية. في المقابل، أشار نشطاء كوريون جنوبيون إلى وجود مخالفات انتخابية، كما حدث في انتخابات سابقة، لكنهم لم يلقوا اهتماماً كافياً من الجهات الأميركية أو الصحافة الأجنبية، التي تعاملت مع هذه المزاعم على أنها نظريات لا أساس لها. في ظل هذا المشهد المعقد، قد تجد الولايات المتحدة نفسها أمام واقع سياسي جديد في كوريا الجنوبية، التي كانت تُعد أحد أبرز حلفائها في المنطقة، بينما تواجه تحديات متزايدة من الصين في شمال شرق آسيا. وإذا كانت واشنطن حريصة على الحفاظ على هذا التحالف، فقد يكون من الضروري إعادة النظر في استراتيجيتها لدعم التعددية السياسية والمؤسسات الديمقراطية في كوريا الجنوبية، مع السعي لضمان بقاء العلاقات على أسس راسخة ومستقرة. عن «آسيا تايمز» • الولايات المتحدة قد تجد نفسها أمام واقع سياسي جديد في كوريا الجنوبية التي كانت تُعد أحد أبرز حلفائها في شمال شرق آسيا. • منتقدو ميونغ يعتبرون دعوته إلى «إصلاح النظام الديمقراطي»، وتوحيد الشعب تمهيداً لترسيخ سلطة الحزب الواحد.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store